الرئيسية

في هذا العدد

العدد (21) صيف 2025

الكتاب المدرسيّ... ضرورة مشروطة، حين طرحنا ملفّ العدد الحادي والعشرين: "مصادر التعلّم المدرسيّ: أما زال الكتاب المدرسيّ أساسًا؟" كنّا نطمح فيه إلى أن تقدّم التربويّات والتربويّون العرب نماذج تخطّيهم الكتاب المدرسيّ، وذلك في معرض نقل متعلّميهم من مرحلة التعليم إلى التعلّم. انهالت علينا مشاركات زملائنا، تبحث في الكتاب المدرسيّ أداةً للتعلّم، وتطرح نماذج تطعيمه بمصادر أخرى، ولا سيّما المصادر الرقميّة الجديدة التي تشي بانقلاب في سيرورة التعليم.  من ناحية أخرى، ناقشت بعض المقالات الكتابَ المدرسيّ مفهومًا، ووظيفةً تتخطّى الدور التعليميّ المباشر. ويمكن التعبير عن هذا التوجّه بالآتي: تسقط الأنظمة السياسيّة للدول لأسباب مختلفة، فيكون هنالك نظام بائد ونظام حاليّ. وتُلصق بالأوّل الويلات، ويعِد الثاني بالخيرات. لكن ما يهمّنا، هو أنّ المشترك بين كلّ نظام "حاليّ" - ومع أولى خطوات استتباب وضعه وفرض سلطته - أنّ المجال الأوّل الذي يتحرّك فيه هو تغيير الكتب المدرسيّة! حتّى ليُخال للمراقب أنّ الكتب المدرسيّة كانت من عمدان النظام، ووجب نسفها لتأكيد سقوطه بلا رجعة.

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 22: إدارة الصفّ اليوم.. ممارسات ومشكلات ومفاهيم

حين كان الأب يأتي بولده إلى المدرسة القديمة، ويقول للأستاذ "اللحم لك والعظم لي"، كان المنظور إلى "قداسة" المعلّم والمدرسة، وحكمًا العلم، بسيطًا وراسخًا. كان الأهل واثقين أنّهم يضعون أبناءهم عند أناس ثقاة، يتّفقون معهم في الرؤية والقيم والسلوك. اليوم كلّ شيء بات أكثر تعقيدًا، ومفهوم "ضبط الصفّ" لم يعد متّفقًا عليه، ناهيك عن كون اللفظ بذاته ليس ذي ثبات: أهو ضبط الصفّ، أم تيسيره، أم إدارته تعاونيًّا، أم إدارة فوضته المنظّمة؟ من ناحية أخرى، مفهوم "ضبط الصفّ" لا يقوم على عاتق المعلّم ذاته، كون الأمر مرتبط بتبدّلات اجتماعيّة وقيميّة وفي مفاهيم الوالديّة. هذه الأمور تنعكس في الصفّ بشكل كامل، وتعكس التغيّرات الاجتماعيّة الحاصلة، بوجوهها الإيجابيّة من جهة، وبمفاهيم الاغتراب المجتمعيّ الحاصلة في مجتمعات لا تبدو قادرة على إنتاج مفاهيم وقيم محليّة مناسبة لبيئاتها. تطرح منهجيّات ملفّ العدد الثاني والعشرين: "إدارة الصفّ اليوم: ممارسات ومشكلات ومفاهيم" لعلمها أنّ الموضوع ليس بتلك البساطة، ولأنّ الكثير من المعلّمين عندهم ما يقولونه على هذا الصعيد: حكايات رائعة للنشر، أو معاناة مكبوتة تحت سلطة المفاهيم التربويّة الحديثة، أو مجموعة تساؤلات مشروعة لفهم واقع ينقلب أكثر من كونه يتغيّر. ندعوكم إلى المشاركة في هذا الملفّ في واحد أو أكثر من المحاور الآتية: - مفهوم ضبط الصفّ: ماذا يعني ضبط الصفّ اليوم؟ هل الصفّ الهادئ هو المطلوب؟ من المسؤول عن ضبط إيقاع الصفّ؟ ما مفهوم الإدارات المدرسيّة لضبط الصفّ؟ والأهل؟ ما دور التطوير المهنيّ في ذلك، وما أشكاله؟ - ممارسات وتجارب في أنواع الصفوف بحسب التوجّهات التعليميّة: عرض تجارب التربويّين في ضبط إيقاع الصفّ بحسب الاستراتيجيّات والأنشطة الصفّيّة، وكيف تمكّن المعلّم من تحقيق الأداء الأفضل في هذا الإيقاع. ما المشكلات التي واجهت هذه المحاولات، وهل كانت لها حلول؟ ما الفرق بين الصفّ النشيط والصفّ الفوضويّ؟ مفهوم ضبط الصفّ بين المراحل التعليميّة المختلفة، وبين أحجام الصفوف. كيف تجري إدارة الصفّ مع وجود طلّاب يعانون صعوبات تعلّميّة؟ أثر التحوّلات الرقميّة التعليميّة في إدارة الصفوف... - ماذا يريد المتعلّمون في الصفّ: ما انعكاسات المفاهيم التربويّة المختلفة عند الأهل على أداء الابن في الصفّ؟ هل الأولاد غير المنضبطين في البيت سينضبطون في الصفّ؟ ارتباط مفهوم الانضباط بمفاهيم المسؤوليّة والحريّة الشخصيّة في اتّخاذ القرار المفيد. كيف يرى المتعلّمون البيئة الصفّيّة، وكيف نتوصّل إلى فهم رؤيتهم؟ - الانعكاس الاجتماعي في الصفوف: كيف يرتبط أداء سير الصفوف المدرسيّة بسير الحياة الاجتماعيّة؟ ما أدوار البيئات الاجتماعيّة المختلفة في تيسير الصفوف (الأوضاع الاقتصاديّة- الريف والمدن- مدارس مختلطة أم لا...) سنستقبل مشاركاتكم في واحد من هذه المحاور، أو ربّما غيرها ممّا غاب عنّا في الموضوع، حتّى تاريخ 20 آب/ أغسطس 2025. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]

أخبار تربويّة

المركز العربيّ الأوروبيّ يؤكّد أنّ تدمير التعليم في غزّة جريمة حرب موثّقة

أصدر المركز العربيّ الأوروبيّ لحقوق الإنسان والقانون الدوليّ في مملكة النرويج تقريرًا حقوقيًّا خطيرًا تحت عنوان "الإبادة المعرفيّة والتعليميّة في قطاع غزّة"، يكشف فيه عن أبعاد المأساة التعليميّة والكارثة الإنسانيّة التي يعيشها القطاع نتيجة العدوان الإسرائيليّ المستمر. التقرير، الذي يُعدّ من أعمق التوثيقات الحقوقيّة الحديثة، أكّد أنّ ما يتعرض له قطاع التعليم في غزّة يُشكّل إبادة ممنهجة تستهدف محو البنية المعرفيّة والثقافيّة الفلسطينيّة، من خلال تدمير المدارس والجامعات ومراكز التعليم، وتهجير واغتيال المعلمين والطلّاب، إضافة إلى تقييد سبل الحصول على التعليم والمواد الدراسيّة. ووفقًا للتقرير، فإن أكثر من 95% من المنشآت التعليميّة في القطاع تعرضت لأضرار متفاوتة، كما تم تدمير أو إغلاق 88.5% من المدارس بشكل كامل أو جزئيّ. وأشار إلى أنّ نحو 600,000 طالب فلسطينيّ حُرموا من التعليم خلال العام الدراسيّ 2023/2024، في حين يحتاج القطاع إلى إعادة تأهيل ما لا يقل عن 30,000 معلّم ومعلّمة. كما كشف التقرير أنّ حجم الانتهاكات يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة بموجب القانون الدوليّ، مستندًا إلى اتفاقيات جنيف والإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، والمواثيق الأمميّة التي تجرّم استهداف المؤسّسات التعليميّة أو حرمان الشعوب من حقها في التعليم.   المصدر (المركز العربيّ الأوروبيّ).

إطلاق كِتاب التعليم في زمن الحرب في جامعة كامبريدج بشراكةٍ بين منهجيّات والدراسات اللبنانيّة

كامبريدج، بريطانيا: أطلقت مجلّة منهجيّات بالتعاون مع مركز الدراسات اللبنانيّة كتابًا جديدًا بعنوان "التعليم في زمن الحرب: فِعلُ حياة"، وذلك أمس الخميس، ضمن فعاليّات مؤتمر "سياسات المعرفة والسلطة والنضال من أجل مستقبل أكاديميّ"، الذي استضافته جامعة كامبريدج. وعُقدت جلسة الإطلاق بمشاركة تربويّات وتربويّين من غزّة، ممن ساهموا في توثيق تجاربهم في التعليم خلال العدوان الإسرائيليّ، من خلال نصوص وشهادات نُشرت تباعًا في مدوّنة غزّة التابعة لمجلّة منهجيّات، تحت شعار "أيّ شيء إلّا الصمت"، ثم جُمعت هذه النصوص مع ترجمات مختارة من ملفّ العدد السادس عشر من المجلة في هذا الكتاب. وسلّطت الجلسة الضوء على الجهد المبذول لتحويل هذه الشهادات من "أدبيّات رماديّة" إلى أدبيّات سائدة، تُدرج في المسارات الأكاديميّة والبحثيّة، بما يُعزّز الاعتراف بدور المعلّمات والمعلّمين في إنتاج المعرفة التربويّة، حتى في أقسى ظروف الحرب والاحتلال. وشارك في الجلسة كلّ من الأستاذة سامية بشارة، المديرة التنفيذيّة لترشيد وعضوة الهيئة التأسيسيّة لمنهجيّات، والدكتورة مها شعيب، مديرة مركز الدراسات اللبنانيّة في كامبريدج، بالإضافة إلى الأساتذة منار الزريعي وأسماء مصطفى ومحمّد شبير، وهم تربويّون وكتّاب من غزّة شاركوا عبر الإنترنت. وأدارت الجلسة الدكتورة رباب تمش. وقالت أ. بشارة في مداخلتها: "لقد بدأت هذه الرّحلة مع عددٍ خاصٍّ من مجلّة منهجيّات، خصّص كاملًا لاستكشاف الكيفيّة التي يستمرّ بها التعلّم في ظلّ الحروب والنّزوح وحالات اللّايقين العميقة. ألهم هذا العدد حواراتٍ وتأمّلاتٍ، وسلّط الضّوء على التزامنا الجماعيّ بفهم الدّور الجوهريّ للتعليم في أزمنة الحرب. واليوم، تتوّج هذه الرّحلة بهذا الكتاب، تكريمًا دائمًا لتلك الجهود، وللحكايات التي يجب ألّا تنسى". وأضافت: "هذا العمل ما كان ليتحقّق لولا الدعم الهائل، والثقة، والتفاني من شركائنا. إلى كلٍّ منكم، نقول: شكرًا. إنّ إيمانكم بأهمّيّة هذا المشروع، وتعاونكم المثابر، والتزامكم الذي لا يلين، هو ما جعل هذا الحلم حقيقة. لقد خلقنا سويًّا شيئًا نأمل أن يلهم، ويعمّق الوعي، ويحرّك الفعل لسنواتٍ قادمة". واختتمت المداخلة بقولها إنّ: "التعليم في زمن الحرب: فعل حياة ليس مجرّد كتاب، إنّه إعلان أنّ التعليم ليس ترفًا، بل شريان حياة. لا يتوقّف عندما ينهار العالم من حولنا. بل يستمرّ، لأنّ الأمل يستمرّ. من خلال هذه الصفحات، نكرّم المعلّمات والمعلّمين، والطّلّاب، والمجتمعات التي أظهرت لنا المعنى الحقيقيّ للشّجاعة، والصّمود، والإنسانيّة". وأمّا د. شعيب فأوضحت في مداخلتها: "يجمع أصوات المعلّمين والمعلّمات في فلسطين المُحتلّة، في غزّة المحاصرة والمُستهدفة بالإبادة، في الضفّة الغربيّة الواقعة تحت الاحتلال، وفي لبنان الذي يتعرّض إلى هجمات متواصلة. هؤلاء المُعلّمون الذين علّموا وواسَوا وقاوموا أمام وجهٍ من أوجه الاحتلال الأكثر وحشيّة في عصرنا. كلماتهم، الصادقة القاطعة، تخترق الخطاب الملوّن المُعقّم لحقل "التعليم في أوقات الأزمات والنزاع". وهو حقلٌ لطالما جرت مناقشته في أروقة أكاديميّة مغلقة، وغرف اجتماعات معقّمة في منظّمات دوليّة، بعيدة عن أصوات الانفجارات ورائحة الدم. يسعى هذا الكتاب لمساءلة "الأرثوذكسيّات" المُهيمنة في الحقل الأكاديميّ، والتي تبنّى معظمها، منطق الهيئات المانحة المُهيمِن ومؤسّساتها التي أنشأت هذا الحقل وتُواصل الاستفادة منه، من دون مساءلة الجذور الأنطولوجيّة والإبستيمولوجيّة التي تكرّس هذا التسلّط". وأضافت: "ما الذي يصير إليه التعليم، حين تتحوّل المدارس إلى مقابر جماعيّة، وحين لا يبقى من الصفوف الدراسيّة سوى شظايا بين الركام؟ عندما يُرغم المعلّمون على أن يكونوا أكثر من مجرّد ميسّرين للتعلّم: حماةً من اليأس، ومهندسين للأمل في عالمٍ يسعى لمحوهم؟ هذا الكتاب شهادة، ورفضٌ للصمت".   وقدّمت أ. مصطفى مداخلة حول تدوينتها "في مدرسة الحرب على غزّة"، وهي شهادة مؤثّرة تصف كيف تحوّلت الحرب إلى مدرسة قسرية يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطينيّ، تجربة تعليميّة لا تُعلَّم في الكتب أو الصفوف. بعد السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، توقّفت الدراسة التقليديّة، وبدأت مرحلة تعلّم جديدة قوامها الألم والخبرة والنجاة. ترصد التدوينة كيف تعلّم أهل غزة، كبارًا وصغارًا، مهارات الحياة من تحت القصف، في مراكز الإيواء، ومن مشاهد الدمار والفقد. فالأطفال باتوا خبراء في التحليل السياسي، والناس صاروا يتقنون التخطيط البديل للحياة، ويجيدون التحمّل والتكيّف مع أقسى الظروف. تعلّموا الصبر، التأدّب في حضرة الموت، وفضيلة مواساة الآخرين، في وقت يفتك القصف فيه بكل مقومات الحياة. وأمّا أ. الزريعي فداخلت حول تدوينتها "كيف يبلغوننا أنّهم بخير هذه المرّة؟"، وهي شهادة شخصيّة، تستعرض فيها الفارق المؤلم بين العدوان الحالي على القطاع والحروب السابقة، لا سيّما في غياب القدرة على التواصل مع الأهل والطلّاب بسبب الانقطاع الكامل للكهرباء والاتّصالات. في حروب سابقة، وعلى الرغم من القصف والخطر، استطاع المعلّمون تنظيم أنشطة نفسيّة واجتماعيّة لمساعدة الطلّاب على تجاوز الصدمة، مثل مبادرة "أبلغني أنّك بخير"، وتنشيط البرلمان الطلّابي، ومشاركة نصائح ودعم نفسي عبر الإنترنت. وقد تفاعل معها الطلّاب برسائل ورسومات ومقترحات عبّرت عن حاجاتهم ومخاوفهم. أمّا في العدوان الأخير، فالكاتبة تشهد على عجز غير مسبوق؛ فلا اتصال ولا وسيلة للاطمئنان على سلامة من تحبّ، ما يزيد من وطأة الشعور بالفقد والعجز. ومع ذلك، تستدعي الكاتبة من ذاكرتها تلك اللحظات التي استطاعت فيها، برفقة زميلاتها، أن تزرع معنى للوجود وللتعليم في قلب الحرب، مؤكّدة أن تلك التجارب كانت مصدرًا للأمل والصمود، في وقتٍ كان العالم فيه غائبًا. وداخل أ. شبير حول مقاله "مصطلحات جديدة تقتحم قاموس الطلبة الفلسطينيّين في ظلّ العدوان الإسرائيليّ"، والذي يوضّح فيهِ كيف شكّلت المفاهيم والمصطلحات التي خلّفتها الحرب الأخيرة على غزّة تعلّمًا جديدًا للطلبة الفلسطينيّين خارج السياق المدرسيّ، وبات من الضروريّ عليهم التعاطي معها وتوظيفها عمليًّا في السياقات الحياتيّة، مدركين أهمّيّة توظيفها في ممارساتهم اليوميّة. فهي حالة تعلّم جديدة قادتهم إلى حالة من الفعل والحراك اليوميّ مع هذه المصطلحات، لتشكّل حالة من الفاعليّة الإيجابيّة لاستثمار المحنة في زمن الحرب. وبمعنى آخر، حدَّ توقّف العمليّة التعليميّة في غزّة من تلقّي الطلّاب المعلومات والمعارف بإطارها الرسميّ، إلّا أنّ ممارسات الحرب بصورها المختلفة أحدثت تعلّمًا جديدًا بصورة غير نظاميّة، لكنّه تعلّم من الحياة وللحياة في زمن الحرب. وتجدر الإشارة إلى أنّ الكتاب يمثّل ثمرة تعاون بين مركز الدراسات اللبنانيّة ومجلّة منهجيّات. ويهدف إلى إبراز أصوات المعلّمين الذين يُعلّمون الأطفال في ظلّ حرب إبادة متوحّشة. وقد أَعدّت منهجيّات هذه المجموعة من المقالات باللغة العربيّة، ضمن ملفّ عددها السادس عشر بعنوان "التعليم في زمن الحرب". كما يتضمّن الكِتاب مجموعة تدوينات من "مدوّنة غزّة"، وهي، كذلك، منصّة أطلقتها منهجيّات مع بدايات الحرب على غزّة على موقعها الإلكترونيّ، لتجمع شهادات مؤثّرة وتأمّلات نقديّة من تربويّين يواجهون واقع الحرب والتهجير في فلسطين ولبنان. وحظي المشروع بدعم من بروكول لبنان، وجامعة كوليدج لندن (UCL)، ومركز البحث من أجل الوصول العادل إلى التعليم في كامبريدج (REAL Center). الكتاب كاملًا من هُنا.

منهجيّات ومركز الدراسات اللبنانيّة: إطلاق كِتاب التعليم في زمن الحرب الخميس المُقبل

تُطلق منهجيّات ومركز الدراسات اللبنانيّة كِتاب "التعليم في زمن الحرب: فِعلُ حياة"، الخميس المُقبل، السّاعة 16:45-18:15 بتوقيت القدس، ضمن فعّاليّات مؤتمر "سياسات المعرفة والسلطة والنضال من أجل مستقبل أكاديميّ". والكتاب هو ثمرة تعاون بين منهجيّات ومركز الدراسات اللبنانيّة. قام على فكرة ترجمة مقالات ملفّ ومحاورة عدد منهجيّات السادس عشر، بعنوان التعليم في زمن الحرب، وبعض نصوص مدوّنة غزّة، المنشورة على موقع منهجيّات والتي أطلقت مع بداية العدوان الإسرائيليّ على غزّة، لتُعلن شعار "أيُّ شيء إلّا الصّمت"، وتنشر مُباشرةً النصوص التي تصل من المعلّمات والمعلّمين هناك، والإنصات إلى أصواتهم، إذ يواصلون التدريس تحت الحصار، وسط القصف والاحتلال، والإبادة الجماعيّة. ويمثّل المشروع محاولة لتحويل هذه الأدبيّات من أدبيّات رماديّة (Gray literature) إلى أدبيّات سائدة (Mainstream)، بما يخدم الاعتراف الأوسع، كما الدمج في سياقات رسميّة ومعترف بها. تُشارك في الجلسة التي تعقد في جامعة كامبريدج: سامية بشارة، المديرة التنفيذيّة لترشيد، وعضوة الهيئة التأسيسيّة في مجلّة منهجيّات؛ الدكتورة مها شعيب، مديرة مركز الدراسات اللبنانيّة/ جامعة كامبريدج. مُستضيفين من غزّة حضوريًّا: الأستاذة منار الزريعي، كاتبة وتربويّة، مُشاركة في مدوّنة غزّة مع منهجيّات. وعبر الإنترنت: الأستاذة أسماء مصطفى، تربويّة ومعلّمة مؤثّرة، مُشاركة في العدد ومدوّنة غزّة، والأستاذ محمّد شبير، تربويّ وكاتب، مُشارك في العدد ومدوّنة غزّة. وتُدير الجلسة: د. رباب تمش. وأُنجز المشروع بدعمٍ من بروكول لبنان، وجماعة كوليدج لندن (UCL)، ومركز البحث من أجل الوصول العادل إلى التعليم في كامبريدج (REAL Center). للتسجيل في المؤتمر لحضور الجلسات: الرابط هُنا.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

تعلّم بوجهٍ واحد، ومناهج لا ترى الجميع
يفرض اختزال التعلّم في الكتاب المدرسيّ رؤية ضيّقة إلى المعرفة، ويخلّف أثمانًا تربويّة وثقافيّة عميقة تتسرّب إلى بنية الصفّ، وعلاقات التعل... تابع القراءة
تمثّلات الكتاب المدرسيّ عند متعلّمين في التعليم الثانويّ: قبول ونفور وتوصيات
أشار 28 متعلّمًا إلى شعورهم بالضغط النفسيّ بسبب حجم الكتب وتعدّد الموادّ. قال أحد المتعلّمين في سلك البكالوريا: "في غالب الأحيان، أستغني ... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

الوحدة المتداخلة: خطوة نحو تعليم مبتكر
في ظلّ عالم يتّسم بالتغيّر المتسارع، والتداخل المستمرّ بين المعارف والعلوم، لم تعد المعرفة محصورة في أطر التخصّصات المنفصلة. ولا يكفي أن ... تابع القراءة
اللغة العربيّة مسؤوليّة الجميع: كلّ معلّمٍ معلّمُ لغة
لا يأتي نجاح اكتساب اللغات بطريقة فائقة من تعلّمها، وإنّما من التعلّم بها. وأعتقد واثقًا أنّ كلمة السرّ في تغيير واقع اللغة العربيّة وتدر... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: تعزيز صوت الطالب من منظور الإدارة.. من المشاركة الرمزيّة إلى التفعيل الحقيقيّ للقيادة الطلّابيّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر حزيران/ يونيو 2025 بعنوان: "تعزيز صوت الطالب من منظور الإدارة: من المشاركة الرمزيّة إلى التفعيل الحقيقيّ للقيادة الطلّابيّة".  وركّزت على محاور مختلفة، هي: المحور الأوّل: إعادة التفكير في مفهوم صوت الطالب من منظور الإدارة: الأسس النظريّة وسوء الفهم الشائع. المحور الثاني: ممارسات من الميدان: تجارب مدرسيّة في تفعيل صوت الطالب. المحور الثالث: نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: الأستاذ بول سعيد، نائب المدير في مدرسة البيان ثنائيّة اللغة في الكويت؛ الأستاذة رولا عبدالحميد، المديرة الأكاديميّة  ‏في مدرسة البيان، الأردن؛ الأستاذ ربيع المرّ، المدير الأكاديمي في المدرسة الأهليّة، لبنان؛ الأستاذة دلال مشرقي، المدرّبة الأكاديميّة في قسم رياض الأطفال في مدارس الظهران الأهليّة، السعوديّة. وأدار الندوة الأستاذ فهمي رشيد كرامي، محام وشريك مؤسّس في مكتب رشيد فهمي كرامي للمحاماة والاستشارات القانونيّة في طرابلس، لبنان. استهلّ الأستاذ كرامي بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: إعادة التفكير في مفهوم صوت الطالب من منظور الإدارة: الأسس النظريّة وسوء الفهم الشائع افتتح الأستاذ كرامي الجلسة مؤكّدًا أنّ الحديث عن "صوت الطالب" حديث عن حقّ إنسانيّ أصيل، لا منّة تُمنح فيه ولا تفضيل يُعطى، مشدّدًا على ضرورة إعادة النظر في دور الطالب، ليس متلقًّا للمعرفة وحسب، بل فاعلًا مشاركًا في صياغة المحتوى التربويّ وأساليب تقديمه. وأشار إلى أنّ هذه الندوة تأتي ضمن جهود أوسع لفهم كيفيّة ترجمة هذا المفهوم إلى سياسات وممارسات داخل المؤسّسات التعليميّة. وفي هذا السياق، طرح الأستاذ كرامي سؤالًا جوهريًّا: كيف تنظر الإدارة التربويّة إلى صوت الطالب؟ وهل هو مجرّد تعبير أم أداة فاعلة في التغيير؟   في ردّه، أوضح الأستاذ بول سعيد أنّ التحوّلات الاجتماعيّة والتكنولوجيّة ألقت بظلالها على طبيعة الأدوار في العمليّة التعليميّة، مؤكّدًا أنّ التعلّم لم يعُد يقتصر على التلقين، بل أصبح تجربة حياتيّة تتطلّب شراكة حقيقيّة مع الطالب. وأضاف أنّ الاعتراف برأي الطالب وإسهامه في قرارات تتعلّق بالمنهج والتقييم والأنشطة، يعزّز من انخراطه ويطوّر قدراته القياديّة، مستشهدًا بمقولة الباحثة ليندا لامبرد: "الطالب القائد هو من وجد صوته.، منوّهًا إلى أنّ بناء ثقافة مدرسيّة تستند إلى صوت الطالب يتطلّب تخطيطًا وتدريبًا، وممارسات واعية تبدأ بالإصغاء الحقيقيّ، وبإشراك الطلّاب في صنع القرارات، بما لا يُضعف دور المعلّم، بل يُعزّز الشراكة التربويّة، معقّبًا بأنّ الطالب القائد هو ذاك الذي وفّرت له المدرسة المساحة ليُسمع صوته، ويشارك من دون خضوع أو تقييد، بل بوصفه شريكًا في التغيير. وفي سياق الحديث عن العدالة التربويّة ودور الطالب شريكًا فعليًّا في قيادة التغيير، وجّه الأستاذ كرامي سؤالًا إلى الأستاذ ربيع المرّ حول رؤيته إلى علاقة صوت الطالب بكلّ من العدالة التربويّة والقيادة التشاركيّة. قدّم الأستاذ ربيع المرّ مداخلة حول ارتباط صوت الطالب بمفاهيم العدالة التربويّة والقيادة التشاركيّة، مشيرًا إلى أهمّيّة دمج الطلّاب بوصفهم أطرافًا فاعلة في قرارات الإدارة المدرسيّة، بل وفي الأبحاث التربويّة نفسها؛ لا بوصفهم مبحوثين فقط، بل مشاركين في جمع البيانات وتحليلها ونشر نتائجها. وأضاف أنّ إشراك الطلبة في عمليّات التقييم، وحتّى التوظيف، يمثّل تحوّلًا جذريًّا في رؤية المدرسة إلى الطالب. وأوضح أنّ تحقيق صوت الطالب لا يمكن أن يكون هامشيًّا أو رمزيًّا، بل يجب أن يتحوّل إلى جزء جوهريّ من بنية العمل داخل المدرسة. وأكّد أنّ إشراك الطالب في قرارات إدارة المدرسة هو أحد أهمّ المؤشّرات على تحقق هذا الصوت. فصوت الطالب لا يُفعّل بإضافة أنشطة فقط، بل من خلال دمجه في هيكليّة اتّخاذ القرار على مستويات متعدّدة. ومن منظور البحث التربويّ، دعا الأستاذ ربيع إلى إعادة تعريف الطالب باحثًا شريكًا، لا عنصرًا يُدرس أو يُقاس فقط. أي أن يُشرك الطلبة في جمع البيانات وتحليلها ونشرها، ليكونوا جزءًا من عمليّات التقييم والتحسين المؤسّسيّ، ما يعزّز من قدراتهم النقديّة ويُنمّي لديهم الشعور بالمسؤوليّة. وأضاف أنّ صوت الطالب يجب أن يُفعّل على المستويين العموديّ والأفقيّ؛ فعلى المستوى العموديّ، يمكن للطلاب المشاركة حتّى في قرارات محوريّة، مثل تقييم المعلّمين المرشّحين للتوظيف، وإبداء رأيهم بشأنهم. وعلى المستوى الأفقيّ، تتمثّل المشاركة في التوسّع المدرسيّ، وتطوير السياسات، وتنويع أساليب التعليم. واختتم بالقول إنّ صوت الطالب لا يمكن فصله عن مفاهيم التعلّم التشاركيّ، والتعليم الحواريّ، والتعليم التحرّريّ، مؤكّدًا أنّ هذه النظريّات التربويّة، على اختلاف تطبيقاتها بحسب السياق، تفقد جوهرها إن لم تتأسّس على إشراك الطالب في صلب التجربة التعليميّة. وأوضح أنّ صوت الطالب ليس شعارًا، بل ممارسة قائمة على مفاهيم التعلّم الحواريّ، والتعليم التشاركيّ، وتنمية الوعي النقديّ، بما يتلاءم مع خصوصيّة كلّ مدرسة ورؤيتها.   وفي استكمال النقاش، وجّه الأستاذ كرامي سؤالًا إلى الأستاذة دلال مشرقي حول المفاهيم النظريّة التي يستندون إليها في دعم صوت الطالب، مستعرضًا أيضًا تجربتها في برنامج البكالوريا الدوليّة. استهلّت الأستاذة مشرقي مداخلتها باقتباس ملهم للدكتور غازي القصيبيّ: "إذا أردت أن تبني مجتمعًا واعيًا، فابدأ بالطالب، علّمه كيف يقول رأيه بثقة وكيف يحترم رأي غيره." وأكّدت أنّ هذا هو جوهر ندوة اليوم: فتح المجال أمام صوت الطالب ليُسمع ويُحترم ويُفعّل. وتحدّثت عن التجربة التربويّة في مدارس الظهران - السعودية، والتي تتبنّى برنامج البكالوريا الدوليّة (PYP)، حيث تُبنى الممارسات التربويّة على رؤية تُعزّز من تمكين الطالب ليكون مفكّرًا ومتعلمًا مدى الحياة، ثنائيّ اللغة، ومؤثّرًا محليًّا وعالميًّا. وأوضحت أنّ أحد المفاهيم المركزيّة التي يقوم عليها البرنامج هو مفهوم "القوى المحرّكة"، والتي تتكوّن من ثلاث ركائز مترابطة: الصوت، والاختيار، والملكيّة، حيث يُدرّب الطالب على التعبير عن رأيه، واتّخاذ قراراته، وتحمّل مسؤوليّة تعلّمه، ما يُكسبه إحساسًا بالملكيّة تجاه إنجازاته، ويُطوّر هويّته الشخصيّة. وأضافت أنّ هذه المقاربة تسهم في تطوير مهارات التفكير النقديّ والإبداع والاستقلاليّة. كما تمنح الطلّاب فرصًا واقعيّة لتجربة أثر قراراتهم، والتعلّم من خلال التفاعل والملاحظة والمشاركة. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ الهدف هو بناء طالب مبادر، مفكّر، متواصل بفاعليّة.   في سياق مكمّل، طرح الأستاذ فهمي سؤالًا على الأستاذة رولا عبد الحميد، حول مدى قرب مدارسنا وتجاربنا اليوميّة من هذا المفهوم. أشارت الأستاذة رولا إلى أنّ فكرة الطالب القياديّ تتأثر بثقافة المدرسة، والبيئة المحيطة، والأسرة. وأكّدت أنّ تطبيق هذا المفهوم يختلف من مدرسة إلى أخرى. ففي حين يُمارَس في بعض المدارس بشكل فعليّ، يظهر في مدارس أخرى بصورة شكليّة، بحسب عمق قناعة المدرسة وثقافتها بأهمّيّة دور الطالب في القيادة والمشاركة. وأشارت إلى أنّ بناء هذا الدور ليس لحظة عابرة، بل هو سلوك تربويّ يتطلّب سنوات من التأسيس، ما يستوجب وضع برامج واضحة وممنهجة للمهارات القياديّة، تبدأ منذ السنوات الأولى. وأضافت أنّ التباين في تطبيق المفهوم يرتبط بنوع المدرسة (حكوميّة أو خاصّة أو دوليّة)، إذ تختلف الرؤية والأهداف من مؤسّسة إلى أخرى. وقدّمت مدرسة البيان في الأردن مثالًا، حيث تتقاطع سمات الطالب مع البرنامج المنهجيّ في إطار متكامل، يُعزّز شخصيّة الطالب ضمن ثقافة مدرسيّة واضحة ومبنيّة على معايير القيادة. كما أشارت إلى أنّ بعض مدارس البكالوريا الدوليّة، تدمج سمات الطالب داخل ملفّه الأكاديميّ، ما يخلق تجربة تربويّة شاملة ترتكز على الطالب، وتُراعي ثقافته وسياقه. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ تحقيق نموذج الطالب القياديّ يتطلب تكامل الرؤية بين الإدارة والمعلّمين والأهل، لضمان تطبيق حقيقيّ وفاعل لهذا النموذج في عالمنا العربيّ، على رغم التحدّيات.   المحور الثاني: ممارسات من الميدان: تجارب مدرسيّة في تفعيل صوت الطالب. وفي انتقال نوعيّ من الطرح النظريّ إلى التطبيق العمليّ، ناقشت الندوة سؤالًا محوريًا مع الأستاذة دلال مشرقي حول تجربة مدارس الظهران الأهليّة في تعزيز صوت الطالب من مختلف الزوايا. قدّمت الأستاذة مشرقي عرضًا لتجارب ملموسة من المدرسة، موضحة أنّ تعزيز صوت الطالب منذ السنوات المبكّرة يبدأ بأنشطة مثل المكتبات الصفّيّة، حيث يُشارك الطلّاب في ترتيب الكتب وتصنيفها وفقًا للفئات العمريّة والمستويات القرائيّة، بإشراف المعلّمين. كما يُؤخذ رأي الطلبة في نوعيّة القصص التي يُرغب في إضافتها إلى المكتبة، بما يمنحهم إحساسًا بالملكيّة تجاه العمليّة التعليميّ. ومن المبادرات البارزة التي أشارت إليها، استضافة الكاتبة كارولين حمادة في لقاء افتراضيّ مع الطلّاب، قرأت فيه قصصًا بأسلوب تفاعليّ، ثمّ أُضيفت كتبها إلى المكتبات الصفّيّة، ما عمّق العلاقة بين الطالب والكتّاب، وأشعرهم بأنّهم شركاء في إثراء المحتوى. كما تحدّثت عن معرض البكالوريا الدوليّة الذي يُمثّل مشروع تخرّج طلبة الصفّ الخامس، ويقوم فيه الطلبة باختيار مواضيعهم، وتصميم مشاريعهم، وتحمّل المسؤوليّة الكاملة عنها حتّى الإنجاز النهائيّ. كذلك يُتيح لهم البرنامج اختيار مواضيع الكتابة الفرديّة، والتي تُنشر في مكتبة المدرسة، ما يمنحهم منبرًا حقيقيًّا لإبراز صوتهم وتفرّدهم. وأشارت أيضًا إلى احتفاليّة "وحدة القصص"، حيث يقوم الطلبة بتحليل الشخصيّات القصصيّة وتأمّل تأثيرها في حياتهم، ثمّ يعيدون تمثيل القصص أو سردها بأساليب مبتكرة تعبّر عن رؤيتهم، ما يعزّز الخيال النقديّ والتعبير الذاتيّ. كما يُعمَل على تنمية التفكير النقديّ واتّخاذ القرار من خلال مشاريع صفّيّة تطرح مشكلات واقعيّة يُطلب من الطلبة البحث فيها، واقتراح حلول لها. ومن أدوات التقييم اللافتة التي تستخدمها المدرسة، السماح للطلبة بالمشاركة في وضع معايير التقييم، مثل: "ما صفات المتحدّث الجيّد؟" حيث يُنتج الطلّاب مجموعة من المعايير التي تُستخدم لاحقًا لتقييم أنفسهم بأنفسهم. وختمت الأستاذة مشرقي مداخلتها بالإشارة إلى أنّ المدرسة تُشجّع الطلبة على اختيار عمل يشعرون بالفخر به، ليقوموا بعرضه أمام زملائهم، ما يُعزّز الثقة بالنفس واتّخاذ القرار.   وفي مداخلة مكمّلة، أجاب الأستاذ ربيع المرّ عن سؤال حول أدوات تفعيل صوت الطالب داخل الصف، مشدّدًا على أهمّيّة خلق فرص دائمة ومنظّمة تمكّن الطلاب من طرح الأسئلة حول جذور المشكلات داخل بيئتهم المدرسيّة، والمشاركة في تطوير السياسات والممارسات التربويّة. وأشار إلى أنّ جائحة كورونا شكّلت نقطة تحوّل، إذ بدأت المدارس في التساؤل عمّا إذا كانت مناهجها لا تزال تحاكي الواقع. وأوضح أن المعلّمين تعلّموا الكثير من خلال سماع صوت الطلاب. وعرض تجربة بحثيّة أجراها خلال رسالة الدكتوراه، بمشاركة 21 طالبًا، حيث استخدمت أساليب البحث التشاركيّ بين المعلّمين والطلبة. توصّل البحث إلى نتائج مهمّة حول المجالات التي يجب أن تبدأ فيها المدارس التغيير، وأصبح الطلاب جزءًا من وضع خطة تنفيذ حقيقيّة وتقييمها. وأكّد أنّ الطلبة لم يُعامَلوا بوصفهم مشاركين رمزيّين، بل أطرافًا متساوية في اتّخاذ القرار، وهو ما تطلّب التحرّر من الفرضيّة السائدة بأن "المعلّم دائمًا الأعلم بمصلحة الطالب"، وفسح المجال لتعدّد الرؤى.   تقدّم الأستاذ كرامي بالشكر للمشاركين، مؤكدًا أنّ ما طُرح من مبادرات يُجسّد كيف يُمكن لصوت الطالب أن يكون حجر الزاوية في العمليّة التعليميّة، وسأل عن أثر هذه التجارب في بناء شخصيّة الطالب. أجاب الأستاذ بول سعيد بسرد ثلاث تجارب محوريّة في مدرسة البيان ثنائيّة اللغة في الكويت: أولًا: مراجعة سياسات الحضور والانضباط، حيث أُشرك الطلاب في مجموعات تركيز لمراجعة الممارسات القائمة واقتراح بدائل. لم تكن المشاركة رمزيّة، بل حقيقيّة، حيث ظهر حرص الطلاب على مصلحة المدرسة، ما عزّز الثقة المتبادلة. ثانيًا: مبادرة "المدرّبون الصغار" في المرحلة الابتدائيّة، التي جاءت استجابةً لشكوى الطلّاب من الملل والتنمّر في الاستراحة، تولّى فيها طلّاب مهمّة تنظيم الأنشطة والألعاب، واختاروا بأنفسهم ما يناسبهم، ما أسهم في تحويل وقت الفرصة إلى مساحة إيجابيّة للتفاعل وبناء الروابط. ثالثًا: رحلة مجتمعيّة إلى تنزانيا نظّمها عدد من الطلّاب، حيث قاموا بالتنسيق مع جمعيّات، وكتبوا المقترح، وجمعوا التبرّعات، ونفّذوا الرحلة بنجاح لخدمة أطفال إحدى القبائل في تنزانيا. لم تكن مجرّد تجربة خارجيّة، بل نموذجًا حقيقيًّا للقيادة الذاتيّة والمسؤوليّة المجتمعيّة. وأوضح الأستاذ بول أنّ المساحة المتاحة للطالب، مهما كانت مختلفة في حجمها وشكلها، تظلّ العامل المشترك لنجاح هذه المبادرات. والثقة بالطالب هي العنصر الجوهريّ الذي يُحدث الفرق. في تعقيبٍ لاحق، شاركت الأستاذة رولا عبد الحميد تجارب مؤثّرة من مدرسة البيان في الأردن، أبرزها: - دور قسم الإرشاد التربويّ في بناء ثقة الطالب، في جلسات حوارية تشاركيّة مع الطلبة وأهاليهم. - مجلس الطلبة الذي يُنظَّم عبر الترشيح والانتخاب وفرز الأصوات، ما يزرع بذور الديمقراطيّة، ويُشعر الطالب بالمسؤوليّة. - تجربة رائدة في إعادة صياغة دليل الانضباط الطلابيّ بعد مشاورات مع الطلبة من مختلف المراحل التعليميّة، إضافة إلى مشاركة أولياء الأمور والمعلّمين، ليصبح هذا الدليل وثيقة حيّة تُناقَش سنويًّا، وتعكس مشاركة الطلّاب بفعّاليّة. - برنامج المهارات الحياتيّة والمناظرة، الذي يُدرّب الطلبة على الإلقاء، والتفكير النقديّ، والمناقشة العلميّة. وأشارت إلى أنّ هذه المهارات تظهر جليًّا في مشاركات الطلّاب في مؤتمرات علميّة وإنسانيّة وفق اهتماماتهم. كما استعرضت تجربة "نموذج الأمم المتحدّة (MUN)" الذي نظّمه بالكامل أربعة طلّاب، بحضور أكثر من 160 طالبًا و13 مدرسة، برعاية مؤسّسات رسميّة، ما شكّل نموذجًا يُحتذى به في القيادة الطلّابيّة. وذكرت مبادرة "أحتفي بتعلّم ابني" التي فتحت فيها المدرسة أبوابها أمام الأهالي ليشاهدوا أداء أبنائهم في تقديم دروس علميّة، ما عزّز فخر الطلبة بأنفسهم، وأظهر قدراتهم التعبيريّة، وهو نشاط سيُعمّم سنويًّا في ضوء نتائجه المبهرة. واختتمت حديثها بالتأكيد على أنّ تعزيز دور الطالب القياديّ غيّر بشكل جوهريّ، سلوك بعض الطلاب الذين كانوا يُصنّفون سابقًا بالمشاغبين أو المهمّشين، إذ أصبحوا فاعلين داخل لجان الانضباط، يحثّون زملاءهم على احترام القوانين، نتيجة شعورهم بالانتماء الحقيقيّ للمدرسة.   المحور الثالث: نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة. في ختام الندوة، انتقل النقاش إلى عنوان "نحو هياكل مستدامة لتعزيز صوت الطالب: إعادة توزيع السلطة وبناء شراكات فاعلة". وتركّز الحديث على التحدّيات التي تواجه المدارس في تطبيق هذا المفهوم وتفعيله على المدى البعيد. استهل الأستاذ ربيع المرّ هذا المحور بالإشارة إلى أنّ الاعتراف بوجود فجوات في المنظومة التعليميّة، هو أوّل خطوة نحو التطوير الحقيقيّ. وأكّد أنّ إشراك الطالب لا يعني التنازل عن دور الإدارة، بل هو توسيع لدائرة التأثير، وخلق بيئة تعليميّة مشتركة. وطرح تجربة قيّمة تمثّلت في دعوة طلّاب من مختلف المراحل إلى المشاركة في مشروع بحثيّ استمرّ خمسة أشهر، تناول تقييم المدرسة واقتراح سبل تطويرها. اجتمع فيه الطلاب أسبوعيًّا مع مديري المدرسة والإدارييّن، وناقشوا السياسات التعليميّة بشكل مباشر، ما عزّز الشعور بالمسؤوليّة، والقدرة على التأثير في القرار التربويّ. وفي ما يتعلّق بتحدّيات إشراك الأهل، أوضحت الأستاذة دلال مشرقي أنّ أحد المحاور الأساسيّة لتفعيل صوت الطالب، يكمن في تأهيل المعلّمين أوّلًا عبر تدريب مستمرّ، وتطوير خطط التدريس لتكون أكثر مرونة وتكاملًا مع واقع الطالب. وأضافت أنّ المدرسة تعتمد على أدوات مثل الاستبيانات، اللقاءات الفرديّة، والأنشطة المجتمعيّة لتعزيز التواصل مع الأهالي، وربطهم بخطط المدرسة وأهدافها.   من جانبها، أكّدت الأستاذة رولا عبد الحميد أنّ جزءًا كبيرًا من التحدّيات، يكمن في إعادة تعريف النجاح التربويّ، ليشمل المهارات والسلوكيّات القياديّة، وليس فقط النتائج الأكاديميّة. وشدّدت على أهمّيّة شفافيّة المدرسة مع الأهالي في توضيح لماذا يُركَّز على مهارات الحوار والنقاش والمناظرة؟ ولماذا أصبح تقييم الطالب يتجاوز العلامة النهائيّة ليشمل أداءه في الحياة المدرسيّة؟ بدوره، أضاف الأستاذ بول سعيد أنّ النجاح في ترسيخ صوت الطالب يعتمد على بناء شراكات خارج المدرسة أيضًا، مؤكّدًا ضرورة التعاون بين المدارس والجهات الحكوميّة، والقطاع الخاص، والمؤسّسات الأهليّة. وأشار إلى مبادرات تعاونت فيها المدرسة مع مؤسّسة الكويت للتقدّم العلميّ، والهيئة العامّة للبيئة، وشركات خاصّة، حيث قُدّمت تدريبات ميدانيّة للطلبة، ومنافسات تعليميّة مرتبطة بالمنهاج الأكاديميّ، بما يعزّز التعلّم العمليّ، ويمنح الطالب صوتًا حقيقيًّا في بيئته الأوسع. وشدّد في ختام مداخلته على أنّ الأولويّة يجب أن تكون دائمًا للتعليم المرتبط بالحياة الواقعيّة، وأنّ كلّ ذلك يبدأ من تمكين المعلّم ودعمه بالوقت والوسائل لتفعيل هذه الرؤية داخل الصفّ.   واختتم الأستاذ كرامي الندوة بالتأكيد على أنّ صوت الطالب ليس تهديدًا للنظام التعليميّ، بل هو أحد دعائمه. وأنّ تحقيقه لا يعني سحب السلطة من الإدارة، بل إعادة تنظيمها بشكل أكثر إنصافًا وتشاركيّة. واعتبر أنّ الاندماج الحقيقيّ بين الطالب والمعلّم هو ما يُنتج بيئة تعليميّة آمنة ومنتجة ومستدامة، تعود بالنفع على الطالب والأسرة والمجتمع ككلّ.

ندوة: تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًّا

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيار/ مايو 2025 بعنوان "تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًّا".  وركّزت على المحاور الآتية: المحور الأوّل: التعليم المفاهيميّ في تعليم الرياضيّات والعلوم. المحور الثاني: ربط العلوم والرياضيّات بالحياة العمليّة. المحور الثالث: الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات.  المحور الرابع: العلوم والرياضيّات في عالم متغيّر.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: الدكتور سهيل حسين صالحة، أستاذ في جامعة النجاح الوطنيّة، فلسطين؛ الأستاذة لمى شوقي دبّوس، مُعلّمة كيمياء لمرحلة الدبلوم وعلوم للمرحلة الثانويّة، قطر – لبنان؛ الأستاذة جنى صبّوح الحاج سليمان، مديرة مدرسة مدينة السلطان قابوس الخاصة، سلطنة عمان – لبنان. أدارت الندوة المستشارة التربويّة في مؤسّسة النيزك، الدكتورة د. ريام كفري - أبو لبن، من فلسطين. استهلّت الدكتورة ريام الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: في معنى تعليم الرياضيّات والعلوم وظيفيًّا افتتحت الجلسة الدكتورة ريام بالتأكيد على أنّ أحد أهم أهداف تعليم العلوم والرياضيّات هو أن يكون تعليمًا وظيفيًا، يثري المتعلّم ويُعدّه للحياة الواقعية. وطرحت في هذا السياق سؤالًا محوريًا: ما معنى تعليم العلوم والرياضيّات وظيفيًا؟ أوضح الدكتور سهيل صالحة أنّ التعليم الوظيفيّ يعني الربط بين المفاهيم العلميّة والحسابيّة والحياة اليوميّة، بهدف تنمية مهارات التفكير الناقد والإبداعيّ، والقدرة على حلّ المشكلات، الأمر الذي ينعكس إيجابيًّا على كفاءة المتعلّم في المواقف الحياتيّة، الحاضرة والمستقبلية. من جانبها، شدّدت الأستاذة جنى سليمان على أنّ هذا النوع من التعليم ينقل الطالب من مجرد تلقّي المعرفة النظريّة إلى التفاعل مع واقع الحياة، ليصبح مستكشفًا نشطًا للمعرفة بدلًا من متلقٍّ سلبيّ. وأكّدت أنّ جعل الطالب محور ال عمليّة  التعليميّة يتطلّب بالضرورة تعليم العلوم والرياضيّات بأساليب  عمليّة ووظيفيّة . وقدّمت الأستاذة لمى دبّوس رؤية متكاملة حول المفهوم، موضّحة أنّ التعليم الوظيفيّ للعلوم والرياضيّات يرتكز على الفهم العميق للأفكار الكبرى التي تنضوي تحتها المهارات. وأضافت أنّ هذا النوع من التعليم يعزّز التفكير النقديّ، والذي يُعدّ من الأهداف الأساسيّة المرجوّة. وأشارت إلى أنّ طرح الأسئلة العميقة أحد أبرز الاستراتيجيّات لتحقيق هذا الهدف، حيث يسهم في ربط المفاهيم ببعضها البعض، وربطها بسياقات واقعيّة. وضربت مثالًا توضيحيًّا: بدلًا من سؤال الطالب: ما مصادر الطاقة؟ يمكن سؤاله: كيف نستخدم مصادر الطاقة بطريقة مستدامة؟ هذا النوع من الأسئلة، بحسب أ. لمى، يحرّك التفكير، ويقود المتعلّم نحو تطبيق معرفته في مواقف حياتيّة حقيقيّة. وفي السياق ذاته، قدّم الدكتور سهيل صالحة عرضًا معمّقًا سلّط فيه الضوء على أهمّيّة التركيز على الفهم العميق مرتكزًا أساسًا في التعليم الوظيفيّ للعلوم والرياضيّات، موضّحًا أنّ هناك مفاهيم أساسيّة مثل الكتلة والوزن والقوّة والنمط والعلاقات والاقترانات، تشكّل الأساس المعرفيّ الذي تُبنى عليه الخبرات التعليميّة في هذين المجالين. وأشار د. سهيل إلى أن التعلّم المبنيّ على المفاهيم لا يقتصر على معرفة "ماذا"، بل يمتدّ إلى فهم "لماذا" و"كيف"، ما يُمكّن المتعلّم من تطبيق المعرفة في سياقات متنوّعة وجديدة. واستشهد بمفهوم "التناسب" كمثال حيّ، حيث يمكن توظيف الطهو في مجالات مثل الفيزياء أو الاقتصاد، ما يُبرز قيمة نقل المعرفة من سياق إلى آخر. وأكدّ كذلك أنّ هذا النهج يُراعي الفروق الفرديّة وأنماط التعلّم المختلفة، ويُتيح تنوّعًا في طرق التعليم، ما يجعل المحتوى أقرب وأسهل للفهم عند جميع المتعلّمين. وأشار إلى أنّ المفاهيم الكبرى تنمّي لدى الطالب رؤية شموليّة للعلوم والرياضيّات باعتبارها أنظمة مترابطة، لا مواضيع منفصلة، ما يزيد من عمق الفهم ويُعزّز الاستعداد للتعلّم المستقبليّ. واختتم د. سهيل مداخلته بالتأكيد على أنّ التعليم المفاهيميّ بوّابة حقيقيّة لنقل أثر التعليم، وتحقيق نواتج تعلّم ممتدّة وفعّالة.   المحور الثاني: ربط العلوم والرياضيّات بالحياة العمليّة  في انتقال نوعي من الطرح النظريّ إلى الجانب العمليّ، ناقشت المشاركون سؤالًا محوريًّا: كيف يمكن تعليم العلوم والرياضيّات في المرحلة الابتدائيّة بشكل فعّال ومرتبط بحياة الأطفال؟ أجابت الأستاذة جنى سليمان بأنّ المرحلة الابتدائيّة تُعدّ مرحلة شديدة الحساسيّة في تكوين شخصيّة الطالب، ما يتطلّب مقاربات تعليميّة تتجاوز التلقين إلى الفهم والاستكشاف. وأوضحت أنّ تعليم العلوم في هذه المرحلة يجب أن يبدأ بربط المفاهيم بالمواقف الحياتيّة اليوميّة، وبالاعتماد على الاستكشاف والاستقصاء، وطرح المشكلات على الطلّاب لإيجاد الحلول بأنفسهم، الأمر الذي يعزّز دور الطالب بوصفه محورًا للعمليّة  التعليميّة، ويجعل المعلم موجّهًا لا ملقّنًا. كما أكّدت أهمّيّة استخدام الحواس في التعلّم، وإضفاء الطابع الممتع على الدروس من خلال الألعاب والحركة والتجارب المسلّية، بهدف خلق بيئة تعلّم محفّزة. وركّزت على ضرورة فهم المفاهيم بدلًا من حفظها، وأن تكون الحصّة مزيجًا من التعليم والمتعة. أما في ما يخصّ الرياضيّات، فشدّدت على ضرورة أن يفهم الطالب سبب استخدام العمليّات الحسابيّة في الحياة قبل حفظ آليّاتها، مثل استخدام الضرب في البيع والبناء أو العدّ. كما دعت إلى الابتعاد عن أسئلة التذكير التقليديّة، والاعتماد على أسئلة تفكير عليا تحفّز النقد والتحليل، حتى إن لم يُجِب الطلّاب عنها مباشرة، فمجرد التفكير بها يُثري عقولهم. عقّبت الدكتورة ريام بأنّ من أهمّ الاستراتيجيّات التي تُنمّي مهارات التفكير العليا، استراتيجيّة الاستقصاء الاستنتاجيّ، حيث لا يُطلب من الطالب تطبيق القانون، بل اكتشافه من خلال التجربة. وبيّنت أنّ هذه المقاربة تقلب التسلسل التقليديّ، فتبدأ من التحليل وصولًا إلى الفهم والتذكّر، ما يعكس فهمًا عميقًا للمفاهيم. وفي السياق، شدّد الدكتور صالحة على أهمّيّة وجود سياسة تعليميّة واضحة من قبل صانعي القرار، تضمن تطبيق التعليم الوظيفيّ في الرياضيّات والعلوم على مستوى المناهج وتدريب المعلّمين، لضمان تحقيق تعلّم حقيقيّ ومستدام لدى الطلبة. أما في ما يخصّ المرحلتين المتوسّطة والثانويّة، فطرحت د. ريام سؤالًا على الأستاذة لمى دبّوس حول المبادئ الأساسيّة لتعليم العلوم والرياضيّات في هذه المراحل، وكيف يمكن ربط المفاهيم بالحياة اليوميّة، مع مراعاة خصوصيّة هذه المرحلة العمريّة. أكدت أ. لمى أنّ الشغف والحب والعطاء هي المحرّكات الأساسيّة التي تدفع المعلّم إلى الاستمرار والعطاء الحقيقيّ داخل الصفّ، مشيرة إلى أنّ قائمة المبادئ التي يجب أن يقوم عليها التعليم تبدأ من الابتعاد عن التلقين، والاتّجاه نحو الأساليب التطبيقيّة، مع ربط المعلومات بالسياقات الواقعيّة، سواء المحلّيّة أو العالميّة، لتعزيز شعور الطالب بالانتماء والدافعيّة نحو التعلّم. أوضحت كذلك أنّ كثيرًا من الطلّاب يطرحون تساؤلات، مثل: "لماذا نتعلّم هذا؟ وأين سنستخدمه؟"، ومتى استطاع الطالب أن يجيب عن هذه الأسئلة وأن يدرك قيمة ما يتعلّمه، يصبح أكثر ارتباطًا بالمعلومة وحرصًا على الاستفادة منها. أضافت أ. لمى أنّ من المبادئ المهمّة في تعليم العلوم في هذه المرحلة، اعتماد الطالب على المنهج العلميّ في التفكير والاستقصاء. وقدّمت مثالًا على ذلك طلبة الدبلوم الذين يُكلّفون بإعداد تحقيق علميّ من 3000 كلمة يعتمد على أفكارهم وتفسيراتهم الخاصّة، ويقومون بتحليله واستخلاص نتائجه، وهو ما يعكس بناءً سليمًا لمهاراتهم البحثيّة منذ المراحل الدراسيّة المبكّرة. من جانبها، عقّبت د. ريام على ما طُرح، مشيرة إلى أنّ الطالب في هذه المرحلة يحتاج إلى وقت أطول وجهد خارج الصفّ، حتّى يكون فعلًا محور العمليّة  التعليميّة، ولا سيّما أنّ المرحلة الثانويّة ترتكز على الاختبارات النهائيّة. وتساءلت: كيف يمكن تحقيق التوازن بين متطلّبات الاختبارات، وخلق فرص تعلّم أصيلة تتمحور حول الطالب؟ أجابت أ. لمى باستعراض أبرز التحدّيات التي تواجه معلّمي المرحلة الثانويّة، مثل ازدحام المناهج وضيق الوقت، وضغط الامتحانات الرسميّة، ما يُضطَّر المعلم إلى التركيز على التدريب على نمط الأسئلة بدلاً من التعلّم الإبداعيّ. كما أشارت إلى تفاوت قدرات الطلّاب داخل الصفّ، وهو ما يجعل من الصعب تصميم تجربة تعليميّة تصلح للجميع ضمن الوقت المتاح. واقترحت مجموعة من الحلول، من بينها مواءمة التعليم الاستقصائيّ مع أهداف المنهج والاختبار، واستخدام التقييمات التكوينيّة والتدريب الذكيّ لتقليل عنصر المفاجأة في الامتحانات. كما شدّدت على أهمّيّة التخطيط العكسيّ، أي تدريب الطالب منذ مراحل مبكرة على مهارات التحليل، واستخدام المصادر، والتوثيق، ما يخفّف الضغط لاحقًا، ويوفّر الوقت والجهد على الطرفين، المعلّم والطالب. هنا، أكّدت د. ريام أنّ طرح هذه التحدّيات والحلول لامس واقع الميدان التربويّ، وأسهم في تسليط الضوء على أهمّيّة خلق فرص تعليميّة حقيقيّة تُثري الطالب وتمنحه تجربة تعلّم ذات معنى.   وفي سياق الحديث عن المناهج التعليميّة الحديثة، انتقل النقاش إلى أحد الاتّجاهات المعاصرة في التعليم، وهو دمج أكثر من مجال علميّ بطريقة تطبيقيّة وتفاعليّة ضمن إطار STEM وSTEAM، حيث سألت د. ريام: هل يُعدّ هذا الدمج نموذجًا واقعيًّا قابلًا للتطبيق، أم إنّه لا يزال في إطار الحلم؟ وهل يناسب السياق العربيّ، أم إنّه محصور في البيئة الغربيّة فقط؟ جاءت إجابة الأستاذة جنى مؤكّدة على أنّ هذا الدمج ليس حلمًا، بل هو واقع ضروريّ وحتميّ، لكنّ تطبيقه بنجاح يتطلّب أوّلًا الإجابة عن عدد من التساؤلات الجوهريّة، مثل: هل المدرسة مهيّأة لتبنّي نظام STEM؟ وهل النظام التعليميّ والمعلّمين مستعدّون لاستيعابه وتطبيقه؟ وعرضت تجربة مدرسة السلطان قابوس الخاصّة في سلطنة عمان، كونها أوّل مدرسة في السلطنة تمتلك مختبر STEM، وجميع معلّميها حاصلين على اعتمادات متخصّصة في هذا المجال، ما يتيح بيئة تعليميّة مؤهّلة لهذا النوع من التعلّم. من جانبها، أضافت أ. لمى أنّ نظام STEAM يمثّل نهجًا حيويًّا وتكامليًّا، حيث يدمج بين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيّات. لكنّه في الوقت نفسه، يحتاج إلى تدريب متخصّص، وإمكانات مادّيّة، وميزانيّات داعمة. وعلى رغم هذه التحدّيات، إلّا أنّ نتائجه التربويّة دائمًا ما تكون مبهرة في صقل مهارات الطلبة، وتعزيز تفكيرهم النقديّ والإبداعيّ.   أما د. سهيل، فدعا إلى إدماج هذا التوجّه داخل البنية التعليميّة الرسميّة، واقترح أن يكون هناك كتاب مخصّص لمنهج  STEM، يدمج بين الموادّ المختلفة بشكل منظّم ومنهجيّ، حتّى لا يبقى هذا التوجّه معزولًا عن النظام التعليميّ العامّ، بل يُصبح جزءًا أصيلًا من المناهج، ويسهم في إعادة إحياء العلاقة بين العلوم والرياضيّات والتكنولوجيا في إطار تربويّ متكامل. وفي هذا السياق، علّقت د. ريام على أنّ الفصل بين التخصّصات لم يكن جزءًا من التاريخ المعرفيّ الإنسانيّ، بل هو ناتج عن الثورة الصناعيّة الأولى، حيث بدأت التخصّصات تنفصل تدريجيًّا. وأوضحت أنّ المعرفة في جذورها كانت تكامليّة: فالفيلسوف كان طبيبًا، والفنان كان عالمًا. وكان العلم والفنّ يسيران جنبًا إلى جنب. وهذا ما يدفعنا اليوم إلى السعي لاستعادة هذا النهج التكامليّ في التعليم، ولا سيّما في مجالات العلوم والرياضيّات.   المحور الثالث: الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات مع الثورة الصناعيّة الرابعة التي أدخلت الذكاء الاصطناعيّ وسهّلت الوصول إلى المعلومة، جاء المحور الثالث من الندوة ليسلّط الضوء على هذه التقنيّة الحديثة، إذ طرحت د. ريام سؤالًا مهمًّا: كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعيّ في تعليم العلوم والرياضيّات، وهل من أمثلة على ذلك؟ أجابت أ. لمى بأن الذكاء الاصطناعيّ لا يُعدّ بديلًا من المعلّم، بل هو أداة تعزّز دوره وتوسّع من إمكاناته، بشرط استخدامه بوعي وذكاء. فقد حسّن الذكاء الاصطناعيّ من جودة المعلومة والاستكشاف، وصار يمكن للمعلم إدخال البيانات ليقوم الذكاء الاصطناعيّ بتحليلها وإيجاد المخرجات. فعلى سبيل المثال، في مادّة العلوم، يُمكن استخدامه لتفسير الظواهر المعقّدة بطريقة بصريّة، كشرح الروابط الكيميائيّة والذرّات، باستخدام تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ والواقع الافتراضيّ (VR). كما يسهم في طرح أسئلة تراعي الفروقات الفرديّة بين الطلبة ومستوياتهم الدراسيّة المختلفة. وجّهت د. ريام سؤالًا آخر لأ. جنى: هل استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المرحلة الابتدائيّة مهمّ، أم ينبغي تأجيله إلى المراحل اللاحقة؟ أجابت أ. جنى بأنّ استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المراحل المبكّرة أمر مهمّ، بشرط أن يتمّ بشكل مدروس وموجّه، من دون عزل الطالب عن بيئته. وأكّدت على أهمّيّة أن يكون المعلّم على دراية كاملة بالمحتوى الذي يقدّمه من خلال الذكاء الاصطناعيّ، وأن يُحسن اختيار الأدوات المناسبة. وأشارت إلى أنّ الأطفال بطبيعتهم يتفاعلون بشكل بارع مع التكنولوجيا، كما إنّهم يستخدمون الذكاء الاصطناعيّ بالفعل في منازلهم، لذلك لا ينبغي فصلهم عنه في بيئة التعلّم. والذكاء الاصطناعيّ يمكن أن يكون بديلًا آمنًا من التجارب الكيميائيّة الخطرة داخل المختبرات، وقد يُنتج مخرجات يصعب على المدارس تنفيذها أو الوصول إليها بسبب نقص الموادّ أو الموارد في بعض الأحيان. وفي ختام المحور، وجّهت د. ريام سؤالًا للدكتور سهيل: هل يمكن للذكاء الاصطناعيّ أن يستبدل الأنشطة الحسّيّة في العلوم والرياضيّات؟ أشار د. سهيل في إجابته إلى وجود تخوّف من أن يتمّ إدخال الذكاء الاصطناعيّ في العمليّة التعليميّة بشكلٍ متأخّرٍ، ما قد يؤدّي إلى فجوة بين الواقع التكنولوجيّ والمحتوى التعليميّ في المناهج الدراسيّة، حيث تصبح غير قادرة على مواكبة هذا التغيير السريع. وسلّط الضوء على أنّ هناك فرصة واعدة في دمج مفهوم "هندسة الأوامر" ضمن مناهج العلوم والرياضيّات والتكنولوجيا، موضّحًا أنّ هذا المفهوم امتداد لما كان يُعرف سابقًا بتصميم الخوارزميّات عند تطبيق التكنولوجيا في التعليم، حيث أصبح يُشار إليه في عصر الذكاء الاصطناعيّ بـ"هندسة الأوامر"، وهو تطبيق فيزيائيّ يعتمد على نماذج رياضيّة دقيقة، ويمكن استغلاله لتعزيز مهارات الطلبة العلميّة والتحليليّة. وأكّد ختام مداخلته على أهمّيّة تعليم الذكاء الاصطناعيّ للأطفال منذ المراحل المبكرة، معتبرًا أنّ هذا التوجّه ضروري لتجنّب الوقوع في فجوة معرفيّة مستقبليّة، ولتمكين الأجيال القادمة من التفاعل بفعّاليّة مع التحوّلات الرقميّة المتسارعة.   المحور الرابع: العلوم والرياضيّات في عالم متغيّر طرحت د. ريام سؤالًا افتتاحيًّا: ما دور تعليم العلوم والرياضيّات في ظلّ الكوارث التي تحدث، تحديدًا في غزّة في ظلّ الإبادة؟ شدّد الدكتور سهيل على أنّ التعليم يمثّل بارقة الأمل في أحلك الظروف. فهو ليس وسيلة للمعرفة وحسب، بل أداة للابتكار تحت الضغط، وللاستقلاليّة، والتماسك النفسيّ والاجتماعيّ. وأوضح أنّ التعليم هو ما يوفّر للأطفال والشباب والنساء حماية من الاستغلال والضياع، وهو من يصنع بيئة آمنة تُمكّن من المشاركة والتطور، وبناء الجيل القادر على إعادة الإعمار. وأضاف: إذا كان التعليم هو الحياة، فإنّ العلوم والرياضيّات هما أدوات هذه الحياة"، مشيرًا إلى أنّهما الوسيلتان لفهم الواقع، والتخطيط ضمن موارد شحيحة، واتّخاذ قرارات مصيريّة: كيف نوزّع الغذاء؟ كيف نحمي أنفسنا من الأمراض والفيروسات؟ كيف نولّد الكهرباء؟ كيف نبني الملاجئ والخيام؟ وكلّها تساؤلات لا تمكن الإجابة عنها من دون أسس علميّة ورياضيّة. كما أشار إلى الدور الكبير للمؤسّسات المحلّيّة والدوليّة في الحفاظ على العمليّة  التعليميّة في غزّة والضفّة الغربيّة، مؤكّدًا على أهمّيّة تعزيز "عقليّة النمو"  والتي تُؤمن بعدم الاستسلام، وبقوّة الإرادة، والقدرة على حلّ المشكلات، وهي جوهر تعليم العلوم والرياضيّات في الأوقات الاستثنائيّة. من جهتها، اختتمت د. ريام حديثها بأنّ الإصرار الشعبيّ في غزّة على تعلّم العلوم والرياضيّات هو ما يُبقي الأفراد والمؤسّسات قادرين على العمل على رغم التحدّيات. وأضافت أنّنا أمام مسؤوليّة جماعيّة تحتّم علينا الاستمرار وعدم الاستسلام. وأكّدت على ضرورة التكامل بين المدارس الحكوميّة والخاصّة ووزارة التعليم، لتحقيق مخرجات تعليميّة تصبّ في مصلحة الطالب. وشدّدت في الختام على أنّ الخيال يسبق كلّ نظريّات العلوم والرياضيّات، مستشهدة بكلمات ألبرت آينشتاين: "الخيال أهمّ من المعرفة، فالمعرفة محدودة، أمّا الخيال فيحيط بالعالم".

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

صيف القراءة الممتع: كيف تجعل العطلة فرصة ذهبيّة لتنمية مهارات ابنك؟
مع بدء العطلة الصيفيّة، تتغير الأمور في بيوت عدّة، حيث لا وجود للواجبات المدرسيّة، واللعب يأخذ حيّزًا أكبر. لكن هذه الفترة التي تبدو خالي... تابع القراءة
في زمن الشاشة: هل فقد الكتاب المدرسيّ مكانته؟
كنت في الصفّ الخامس الابتدائيّ، عندما اشترى لي والدي كتابًا صغيرًا عنوانه "قاموس الجيب" يحتوي على كلّ ما أحتاج إليه آنذاك من مفردات وتصري... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

ميرنا بشر - معلّمة - لبنان

 ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ هناك العديد من الاستراتيجيّات التي تساعد على تفاعل الطلبة في الصفّ وتجاوبهم، أهمّها: استخدام تقنيّات جديدة في التعليم، أي الابتعاد عن الأنظمة التقليديّة كالتلقين والحفظ. والعمل على القيام بنشاطات ترتبط بموضوع الدرس، تساعد الطلبة على الفهم بطريقة أسرع من دون ملل، إذ يمكن للطالب المشاركة والحوار، ما يعزّز شخصيّة الطالب وقدرته على فهم المطلوب. كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ ساعدت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في تسهيل التعليم وتبسيطه بقدر كبير، إلّا أنّ الأهمّ يكمن بقدرة المعلّم على التغلّب على فكرة الاعتماد بشكل جذريّ على التكنولوجيا؛ فالذي يملك العقل هو الإنسان، وهو القادر على تغيير مجريات العديد من الأمور التي تحدث في الحياة. فالمعلّم هو الذي يُبرز أفكاره وطرقه، وهو الذي يكتشف طرق جديدة تبسّط على الطلبة الفهم، ويستفيد من التكنولوجيا. لكنّ الحدث الأكبر والأهمّ يعود الى المدرّس وشخصيّته وتعامله، وهذه الفكرة الرئيسة في التعليم. في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ المعلّم رسالة، فهو بفكره وطريقته ينقل معلومات قد تساعد العديد من الطلبة في حياتهم، إلا أنّ هناك خطأ قد نقع فيه أحيانًا، وهو اللين الشديد مع الطلبة. ففي الكثير من الأحيان قد تفقد السيطرة على ضبطهم لأنّهم تعوّدوا على لينك معهم. من المهمّ معرفة كيفيّة ضبط هذه التصرّفات، والعمل على تخفيف هذه الليونة، والتوجّه إلى الصرامة في أوقات معيّنة، مع الانتباه إلى عدم خدش أيّ طالب أو تجريحه، والتصرّف بكلّ وعي وهدوء، مع الحفاظ على شخصيّة المعلّم مفروضة في الصفّ. افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ ألفتُ النظر إلى  أهمّيّة الابتعاد، إلى حدّ ما، عن الأنظمة التقليديّة في التعليم.  كما أرى أنّه من المهمّ العمل على تقوية شخصيّة المعلّم لتكون أكثر حيويّة ونشاطًا مع الطالب، ليستفيد من المعلومات التي يكتسبها بطرق مسليّة، ويكون قادرًا على التفاعل أكثر مع معلّمه. وعلينا ألّا ننسى أنّ على المعلّم أن يكون مرتاحًا في داخله ليعطي أكثر للطلّاب؛ فعلى إدارات المدارس أو الوزارات تعزيز دور المعلّم، وتأمين احتياجاته ليكون قادرًا على إعطاء دروسه على أكمل وجه، والتفاعل مع طلّابه. هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، يجب أن يكون هناك حوار بين المعلّمين والمعلّمات للاستفادة من خبرات بعضهم البعض، ونقل الأفكار الإيجابيّة والمفيدة في التعليم وطُرقه. إذ يمكن أن يساعد العديد من المعلّمين والمعلّمات بعضهم في تغيير أساليبهم لمساعدة الطلّاب على الفهم بطرق أسهل. إنّ الاطّلاع على تجارب المعلمّين ونقلها، حتمًا سيساعد في التغيير إلى الأفضل. من المفترض أن تكون هناك دعوات بين المعلّمات والمعلّمين بين الفترة والأخرى، تساعدهم على نقل تجاربهم بين بعضهم البعض، وتقديم حلول للمشاكل الشائعة التي قد تواجههم. كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ من المهمّ أن نعرض لأولياء الأمور حركة أطفالهم واندفاعهم في الصفّ، ومشاركتهم إذا كانت تصرّفاته إيجابيّة أو سلبيّة، فالأهل هم الداعم الأوّل لأولادهم. فعند عرض تقييم الطلّاب لأولياء أمورهم، قد يعمل العديد من الأهل على تشجيع أطفالهم على القيام بالمزيد من النجاحات، ومكافئتهم على تفوّقهم. حتّى لو كان الوضع سلبيًّا، يعمل الأهل على مساعدة طفلهم في المنزل للتقدّم أكثر في دراسته. ومع مساعدة المعلّم في الصفّ يندفع الطالب أكثر للمشاركة مع أصدقائه في الحصّة. كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ جميع الأشخاص، ومهما كانت أعمالهم، يستحقّون قسطًا من الراحة، يتغلّبون من خلاله على أفكارهم السلبيّة ومشاكلهم والضغوطات التي يمرّون فيها. لذا، دائمًا أحثّ من حولي على الجلوس مع أنفسهم أوّلًا، لينشروا الإيجابيّة ويبتعدوا عن الأفكار السلبيّة في حالات التعب التي يمكن أن تأثّر فيهم وفي محيطهم. لذلك، معرفة كيفيّة التغلّب على المشاكل وعدم نشرها للجميع، أمر شديد الأهميّة في حياة كلّ إنسان، كل واحد منّا يحتاج إلى القليل من الوقت مع نفسه ليرتّب أموره، ثمّ يعود كالفارس الشجاع في مجاله. ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ القيام بجدول للأعمال المطلوبة من الإنسان يساعده كثيرًا  في حياته. فالعمل على تنظيم وقتك بوضع الأولويّات والأمور المهمّة في جدول أمامك، ثمّ القيام بها واحدًا تلو الآخر، مع أخذ استراحة لنفسك ثمّ العمل من جديد، تساعد في تنظيم الوقت والقيام بكلّ الأعمال المطلوبة. اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. التعليم رسالة جميلة جدًّا تعطّر الحياة وتزيدها ألوانًا جميلة وزاهية. علّمني دخولي في هذه المهنة الكثير. من قال إنّ المعلّم هو الوحيد الذي يعطي الدروس؟ هناك العديد من الطلبة قد يعلمونك دروسًا جميلة، تستفيد منها بشكل شخصيّ، فالنجاح والامتياز يكمنان داخل كلّ إنسان. فيمكن أيضًا للصغير أن يعطي دروسًا للكبير، ويتعلّم من شخصيّته. العطاء المستمرّ للطلبة أيضًا من إيجابيّات هذه المسيرة التعليميّة، حيث ترى أنّك تركت أثرًا جميلًا في حياة العديد من الطلّاب. والأمر السلبيّ في هذه المهنة، يكمن في أن تكون في بيئة عمل تصعّب عليك عملك وتقيّدك، هنا تشعر بأنّك تعلّم الحرّيّة لكنّك مسجون. ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ نعلم أنّ الأطفال في هذا الوقت يستعملون الهاتف المحمول كثيرًا، ويشاهدون العديد من "الترندات" التي تضجّ السوشال ميديا بها. فالعديد من الطلّاب أثناء تسميعهم لدروسهم المطلوبة، يخلقون جوًّا من الضحك والمزاح، ويسمّعون "الترندات" الحاليّة، فيكون الموقف طريفًا ومضحكًا في الصفّ.

حمدو الحسين - معلّم - سوريا

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ التعلّم النشط مثل التعلّم القائم على المشروعات أو التعلّم التعاونيّ. على سبيل المثال، يمكن تقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة وتكليفهم بمشروع يتطلب البحث والتعاون والإبداع لحلّ مشكلة أو تقديم عرض. هذه الاستراتيجيّة تجعل الطلّاب أكثر تفاعلًا، إذ يشعرون بأنّهم جزء من العمليّة التعليميّة، بدلًا من مجرد متلقّين للمعلومات.  زاد التعلّم النشط الحماس والمشاركة داخل الصفّ. كما تحسّنت مهارات الطلاب في التفكير النقديّ وحلّ المشكلات، وأصبح لديهم دافع أكبر للتعلّم لأنّهم يرون العلاقة بين ما يدرسونه والحياة الواقعيّة. كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟  استخدام التكنولوجيا أداةً مُساعدة لتعزيز التفاعل وليس استبداله، حيث أستفيد من التطبيقات التعليميّة لتعزيز الفهم، من دون أن تحلّ محل النقاشات الصفّيّة والتفاعل المباشر، وأقوم بدمج الأدوات الرقميّة مثل Google Classroom، Kahoot، Quizizz، و Nearpod. ولتحفيز مشاركة الطلّاب، أخصّص وقتًا في الحصّة للنقاشات المباشرة والتواصل الشخصيّ، حتّى لو كنت أستخدم أدوات رقميّة في الشرح، والأهمّ في الموضوع هو إعطاء الأولويّة للعلاقات الإنسانيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟  التركيز المفرط على إنهاء المنهج الدراسيّ على حساب استيعاب الطلّاب.  وقد قمت بعد ذلك بتبني نهج أكثر مرونة حيث أعطيت الأولويّة لجودة التعلّم بدلًا من سرعة تغطية المنهاج. كنت أعتمد على الأسلوب التقليديّ أي "أسلوب التلقين والمحاضرة" أكثر من التركيز على تفاعل الطلّاب وإعطائهم الفرصة للتعلّم. ثمَّ بدأت لاحقًا بإشراك الطلّاب أكثر من خلال النقاشات وطرح الأسئلة المفتوحة، وصرت أشجعهم  على التعبير عن أفكارهم بحرّيّة. وفي هذا السياق أيضًا كنت أتحدّث أكثر من الطلّاب، لكن في ما بعد جعلت صوت الطالب هو الأعلى في الفصل.  افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟  سيكون التركيز في المقام الأوّل على استراتيجيّات التعلّم النشط، ومن ثمّ بناء علاقة إيجابيّة مع الطلّاب وتعزيز الدافعيّة، أضف إلى ذلك تصميم أنشطة تحفيزيّة تلائم أنماط التعلّم المختلفة.  هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ لا شك أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمين والمعلّمات مهمّان، فمن خلالهما يتبادلون الخبرات، ويدعمون بعضهم بعضًا، ويكتسبون مهارات متنوّعة، ويعززون التطوير المهنيّ بالدورات التدريبيّة والموارد التعليميّة الحديثة. ولتحقيق التشابك بين المعلّمين على نطاق واسع يمكن إنشاء منصّة إلكترونيّة (تطبيق أو موقع) تجمع المعلّمين العرب. يمكنهم فيها مشاركة الخبرات، وعرض المشاكل التي يواجهونها، واقتراح الحلول، والمشاركة في دورات تدريبيّة وورش عمل.  كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ عبر التواصل الفعّال معهم، ومحاولة إشراكهم في العمليّة التعليميّة من خلال الأنشطة المنزليّة، ودعوتهم بشكل مستمر إلى المشاركة في الأنشطة المدرسيّة.  كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ تنظيم الوقت بشكل يتيح للإنسان فرصة لنفسه ولعائلته. وممارسة بعض الأنشطة التي تجدّد الطاقة مثل المشي والجلوس مع الأصدقاء أو قراءة كتاب. أضف إلى ذلك أخذ قسط كافٍ من النوم.  ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ - العمل بمبدأ الأولويّات الأهمّ فالمهمّ، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا لإنجاز الأعمال بسرعة.  - التخطيط الأسبوعيّ والتخطيط اليوميّ.  - أستخدم نموذجًا جاهزًا لتحضير الدروس، بحيث أعدّل عليه بدلًا من إعداد خطّة جديدة كلّ مرّة.  - أستفيد من أوراق عمل جاهزة وأعدّلها وفق احتياجات الطلّاب.  - أعتمد على نموذج موحّد لتقارير الطلّاب، ما يسهّل إعدادها بسرعة. اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. مهنة التعليم جعلتني شخصًا أكثر قدرة على التواصل الفعّال مع الآخرين، سواء في بيئة العمل أو في حياتي اليوميّة. وتعلّمت فن الإقناع، وإدارة الذات، والقدرة على تبسيط المعلومات. أضف إلى ذلك مهارة العمل مع الفريق. وأهم أثر أراه هو الصبر. ولا أذكر أثرًا سلبيًّا.  ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ هناك أشياء كثيرة تحدث، لكن ما يخطر على بالي الآن هو: في أحد الأيام كنت أقرأ أسماء الطلّاب وجاء اسم أسد، ثم تبعه اسم فهد، ثم غزال. فقال أحد الطلّاب كلّها أسماء حيوانات وضحك، فقلت له ما اسمك؟ وحين أجابني كانت المفاجأة، فقلت له مبتسمًا: اسمك الأول اسم طير، والثاني اسم حيوان، وتعلّق على أسماء الآخرين؟! فضحك الطلّاب جميعًا. 

طارق عيتاني - معلّم تاريخ - لبنان/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ استراتيجيّة "أرى، أفكّر، أتعجّب". تفاعل معها الطلّاب بشكل لافت، حيث عبّروا عمّا يحدث في العالم من قضايا مستجدّة، وتفكّروا في المسبّبات والنتائج.    كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ كالذي يمسك العصا من الوسط. لا شكّ أنّنا دخلنا عصر التكنولوجيا من أوسع أبوابه، والجيل الحاليّ بارع في استخدامه لها. لذلك لا مفرّ من استخدامها. لكن، يبقى العامل الأساس في التعليم هو روح المعلّم وليس الآلة، وفهم المعلّم لنفسيّة الطالب واحتياجاته.    في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية الرحلة التعليميّة، لا تكون الصورة عن استراتيجيّات التعليم وطرقه مكتملة عند المعلّم. لذا يعمل جاهدًا على البحث عن طرق تتناسب مع كلّ مرحلة تعليميّة. وهنا يكون التساؤل: هل ما تمّ اختياره يتناسب مع الطلّاب ومتطلّباتهم؟ هل أدّيت المهمّة بشكل مُرضٍ؟ لا بدّ من الوقوع في أخطاء تتعلّم من خلالها لتصبح معلّمًا متمرّسًا، إذ يأتي الأمر بالتجربة.      افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ تطوير أساليب التعليم (بحثيّة – تواصل – اجتماعيّة - إدارة الذات - تفكير نقديّ)، ما يعزّز عند المعلّم طرق التعليم، ويُغني شخصيّة الطالب، ويهيّئه كي يكون باحثًا مطّلعًا في مجتمعه يعرف ما يريد ويبحث عمّا يريد. بالإضافة الى اختيار مجموعة من تقنيّات التعليم والاستراتيجيّات كي يصبح التعليم أكثر تفاعلًا بين الطلّاب والمعلّم.    هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ طبعًا هذا الأمر مهمّ للغاية فالحوار بين المعلّمين يؤدّي الى تبادل الخبرات وعرض المشكلات التي تواجههم، ما يفيد المعلّم. كما تباحث طرق التعليم المتّبعة في المدارس المختلفة، يؤدّي الى إظهار مواطن القوّة والضعف، ما يسهّل العمل على تدارك المشاكل التي يمكن أن تأتي مستقبلًا.    كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ يؤدّي أولياء الأمور دورًا أساسيًّا في العمليّة التعليميّة، فبهم تكتمل، ويتحقّق النجاح للطالب. قد نواجه مشكلة مع أولياء الأمور تتجلّى بأنّهم لا يدركون مدى دورهم في التعليم، ويؤمنون بأنّ المدرسة هي الوحيدة المسؤولة عن هذه العمليّة. لذا على المدارس أن تعمل على إجراء ورش عمل وندوات تشرك بها أولياء الأمور في العمليّة التعلّميّة.    كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ التعليم بالنسّبة إليّ ليس مجرد مهّنة، بل هو رسالة سامية وأمانة عظيمة تؤثّر في حياة الأفراد والمجتمعات. أؤمن بأنّ هذه المهّنة لا تتيح للمعلّم إغناء عقول الطلّاب بالمعلومات فحسب. بل تسهم أيضًا في تشكيل شخصيّاتهم وغرس القيم والمبادئ التي تعينهم في مواجهة الحياة. أنظر دائمًا إلى التعليم كفرصة لبناء جيل واعٍ ومثقّف، يسهم في تطوير مجتمعه.  من الجانب الإيجابيّ، أجد في التعليم امتدادًا للقيم التي أؤمن بها. إنّ الوقوف أمام الطلّاب والتفاعل معهم يوميًّا يعزّز لدي شعورًا عميقًا بالمسؤوليّة، مع الإيمان بأنّ كلّ كلمة أو تصرّف قد يكون له أثر دائم في حياتهم. وأستمدّ طاقتي من حبّ الطلّاب للمعرفة، وفضولهم الذي يدفعني إلى البحث والاجتهاد في تقديم الأفضل.  كما إنّ شعوري بالإسهام في تحسين حياة الآخرين، أعظم مكافأة يمكن الحصول عليها. إذ يُذكّرني بأهمّيّة مواصلة الجهد، معتبرًا أنّ الجزاء الحقيقيّ لهذه الرسالة يأتي من الله في الدنيا والآخرة. وكون الرسول عليه الصلاة والسلام قد أتى معلّمًا للناس، يمنحني شرفًا عظيمًا وشعورًا بأنّني أعمل في مهنة ترتبط بأسمى القيم. هذا الإحساس يساعدني في مواجهة أيّ صعوبة بروح إيجابيّة، مع يقيني بأنّ الأثر الإيجابيّ الذي أتركه في حياة الطلّاب هو امتداد لهذه الرسالة النبيلة.    ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ 1. تحديد الأولويّات: عبر استخدام مبدأ "الأهمّ أوّلاً"، حيث أرتّب المهام بناءً على أهمّيّتها وتأثيرها. ثمّ أركّز على المهام العاجلة والمهمّة قبل الانشغال بالمهام الأقلّ ضرورة.  2. وضع خطّة يوميّة/ أسبوعيّة: إنشاء جدول زمنيّ واضح يتضمّن جميع المهام التي تحتاج إلى إنجازها، وتحديد وقت لكلّ نشاط بناءً على مدى تعقيده وضرورته.  3. تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة: فإذا كانت المهمّة كبيرة، أعمل على تقسيمها إلى أجزاء أصغر يمكن إنجازها بسهولة، ما يقلّل من الضغط ويسمح بالتقدّم التدريجيّ.    اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. جعلتني مثقّفًا أشرق في كلّ مكان أتواجد فيه. مكنتني من التعرّف إلى أنماط التفكير عند الأشخاص، ما سهّل عليّ التعامل مع البشر. أمّا الأمر السلبي فهو الضغوط النفسيّة والمهنيّة، إذ تتطلّب مهّنة التعليم الكثير من الجهد البدنيّ والعاطفيّ، ولا سيّما عند التعامل مع تحدّيات مثل كثرة الأعمال الإداريّة أو صعوبة التعامل مع بعض المواقف الصفّيّة، ما قد يؤثّر في التوازن بين الحياة المهنيّة والشخصيّة.    ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ عندما يصبح طالبك زميلًا لك في مهّنة التعليم، وتجلس معه على الطاولة ذاتها، تخطّط كيف يمكن رفع كفاءة التعليم ومستوى الطلّاب. يا لها من تجربة مؤثّرة ومليئة بالمعاني الجميلة، أن يتحوّل الطالب إلى زميل! هو شهادة حيّة على التأثير العميق الذي يتركه المعلّم في نفوس طلّابه. ربما تكون واحدة من أطرف اللحظات وأجملها التي حصلت معي في مسيرتي التعليميّة، حيث يذكّرك ذلك الطالب بمواقف مضحكة أو ذكريات من أيّام دراسته، ما يضيف جوًّا من المرح والمودّة في العمل.  ما يجعل هذه الحادثة مميّزة أنها تُبرز دائرة التعليم التي تكتمل عندما يصبح الطالب نفسه جزءًا من الرسالة التعليميّة. الجلوس جنبًا إلى جنب مع ذلك الطالب الذي أصبح الآن زميل مهّنة. والتخطيط معه لمبادرات من أجل تحسين كفاءة التعليم ومستوى الطلّاب، هو إنجاز له أثر بالغ. فهو يُظهر أنّ التعليم لا يقتصر فقط على إيصال المعرفة، بل يمتدّ إلى إلهام الطلّاب ليصبحوا قادة ومشاركين في المستقبل. 

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

هل يحتاج الطفل إلى مكمّلات غذائيّة

بصفتنا آباء وأمّهات، فإنّ ضمان حصول أطفالنا على العناصر الغذائيّة المناسبة لنموّهم وتطوّرهم دائمًا أولويّة قصوى. منذ اللحظة الأولى التي يضع فيها الوالدان طفلهما بين أذرعهم، يبدأ شعورهم بالمسؤوليّة تجاهه والرغبة في حمايته بالنموّ، لا سيّما في ما يتعلّق بصحّته.   يوفّر النظام الغذائيّ المتوازن الغنيّ بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات والدهون الصحّيّة، معظم الفيتامينات والمعادن الأساسيّة التي يحتاج إليها الأطفال. ومع ذلك، مع تناول الطعام الانتقائيّ وحساسيّة الطعام والقيود الغذائيّة وأنماط الحياة المزدحمة، يتساءل العديد من الأهل: هل يحتاج طفلي إلى مكمّلات غذائيّة؟  تعتمد الإجابة على عوامل مختلفة، بما في ذلك جودة النظام الغذائيّ والعمر والحالات الطبّيّة والاحتياجات الغذائيّة الفرديّة. وبينما قد يستفيد بعض الأطفال من المكمّلات الغذائيّة، إلّا أنّه قد يحصل آخرون على جميع العناصر الغذائيّة الضروريّة من الطعام.   في هذا المقال، سوف نستكشف متى تكون المكمّلات الغذائيّة ضروريّة، وأيّها مفيد. كما سنناقش أفضل الطرق لضمان حصول طفلك على العناصر الغذائيّة التي يحتاج إليها للنموّ والصحّة المثلى.    متى يحتاج الأطفال إلى المكمّلات الغذائيّة؟  في حين يمكن لمعظم الأطفال الحصول على العناصر الغذائيّة الأساسيّة من الطعام، فقد تتطلّب بعض الحالات، المكمّلات الغذائيّة. في ما يأتي، الحالات التي قد تكون فيها المكمّلات الغذائيّة ضروريّة:  الأطفال الذين يصعب إرضاؤهم في تناول الطعام  يمرّ العديد من الأطفال الصغار في مراحل من الأكل الانتقائيّ، وهذا قد يؤدّي إلى نقص العناصر الغذائيّة. إذا رفض الطفل باستمرار الخضار أو منتجات الألبان أو الأطعمة الغنيّة بالبروتين، فقد يفتقر إلى الفيتامينات والمعادن الأساسيّة، مثل فيتامين د أو الحديد أو الكالسيوم.  الأطفال الذين يعانون من حساسيّة الطعام أو عدم تحمّله  قد يواجه الأطفال الذين يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، أو حساسيّة الألبان، أو عدم تحمّل الغلوتين، أو غير ذلك من القيود الغذائيّة، صعوبة في الحصول على ما يكفي من الكالسيوم أو فيتامين د أو فيتامينات ب من الطعام. في مثل هذه الحالات، يمكن أن تساعد المكمّلات الغذائيّة في سدّ الفجوات الغذائيّة التي حصلت بسبب هذه الاضطرابات.  الأنظمة الغذائيّة النباتيّة الصرفة*  قد تكون الأنظمة الغذائيّة القائمة على النباتات صحّيّة للأطفال، ولكنّها قد تفتقر إلى بعض العناصر الغذائيّة، مثل فيتامين ب 12 والحديد والزنك وأحماض أوميجا 3 الدهنيّة، والتي توجد بشكل أساسيّ في المنتجات الحيوانيّة. يجب على الأهل التفكير في الأطعمة المدعّمة أو المكمّلات الغذائيّة لتلبية هذه الاحتياجات.   * النظام الغذائيّ النباتيّ الصرف: هو الذي يقوم على عدم تناول اللحوم والدواجن والأسماك، وكلّ مشتقّات الحيوانات، بما فيها البيض ومنتجات الحليب والجيلاتين.    الحالات الطبّيّة أو ضعف الامتصاص  قد يعاني الأطفال المصابون باضطرابات الجهاز الهضميّ، مثل مرض الاضطرابات الهضميّة أو مرض كرون أو التليّف الكيسيّ، من صعوبة في امتصاص العناصر الغذائيّة، ما يجعل المكمّلات ضروريّة. بالإضافة إلى ذلك، قد يحتاج الأطفال الذين يتناولون بعض الأدوية (مثل مضادّات الاختلاج) إلى فيتامينات إضافيّة.  قلّة التعرّض إلى أشعّة الشمس (نقص فيتامين د)  فيتامين د ضروريّ لصحّة العظام ووظيفة المناعة، ويأتي في المقام الأوّل من التعرّض إلى أشعّة الشمس. قد يحتاج الأطفال الذين يعيشون في مناطق ذات ضوء شمس محدود، أو يقضون معظم وقتهم في الداخل، أو لديهم بشرة داكنة (ما يقلّل من تخليق فيتامين د) إلى مكمّلات فيتامين د.  الأطفال الخُدّج أو منخفضو الوزن عند الولادة  قد يحتاج الأطفال الخُدّج إلى الحديد والكالسيوم وفيتامين د الإضافيّ، لأنّهم يفتقدون نقل العناصر الغذائيّة أثناء الأسابيع الأخيرة من الحمل. غالبًا ما يوصي أطبّاء الأطفال بالمكمّلات الغذائيّة في مثل هذه الحالات.    ما المكمّلات الغذائيّة الآمنة والمفيدة للأطفال؟  إذا أُوصي للوالدين بتقديم المكمّلات الغذائيّة لطفلهما، فمن المهمّ اختيار خيارات آمنة ومناسبة. في الآتي بعض المكمّلات الغذائيّة الأكثر شيوعًا الموصى بها للأطفال:  الفيتامينات المتعدّدة Multi Vitamins  يمكن أن تساعد الفيتامينات المتعدّدة اليوميّة في تعويض النقص لبعض الفيتامينات لدى الأطفال الذين يتّبعون نظامًا غذائيًّا محدودًا. ومع ذلك، من الضروريّ اختيار الفيتامينات المتعدّدة المصمّمة للأطفال، مع جرعات مناسبة من الفيتامينات والمعادن الأساسيّة.  فيتامين د  توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال (AAP) بأن يحصل جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و18 عامًا على 600 وحدة دوليّة (وحدات دوليّة) من فيتامين د يوميًّا. إذا لم يحصل الطفل على ما يكفي من فيتامين د من الأطعمة المدعّمة أو أشعّة الشمس، فينصح بضرورة تناول المكمّلات الغذائيّة لفيتامين د.  الحديد  الحديد ضروريّ لنموّ الدماغ ومنع فقر الدم، إذ توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال بتقديم مكمّلات الحديد للأطفال الرضّع الذين تزيد أعمارهم عن 4 أشهر، والذين يرضعون رضاعة طبيعيّة حصريّة. قد يحتاج الأطفال الصغار والأطفال الأكبر سنًّا الذين يعانون من سوء التغذية أو فقر الدم إلى مكمّلات الحديد أيضًا.  أحماض أوميجا 3 الدهنيّة (DHA وEPA)  تدعم أحماض أوميجا 3 نموّ الدماغ والتركيز وصحّة القلب. قد يستفيد الأطفال الذين لا يتناولون الأسماك الدهنيّة (مثل السلمون أو التونة) من زيت السمك أو مكمّلات أوميجا 3 النباتيّة.  البروبيوتيك  تعزّز البروبيوتيك صحّة الأمعاء، وقد تساعد الأطفال الذين يعانون مشاكل في الجهاز الهضميّ، أو الاستخدام المتكرّر للمضادّات الحيويّة. يتواجد البروبيوتيك في الزبادي والأطعمة المخمّرة، ولكنّ المكمّلات الغذائيّة للبروبيوتيك متوفّرة أيضًا.  محاذير استخدام المكمّلات الغذائيّة لطفلك  إذا أوصى طبيب الأطفال بمكمّل غذائيّ، فمن المهمّ اختيار المكمّل الغذائيّ المناسب. وفي ما يأتي بعض العوامل الرئيسة التي تجب مراعاتها:  - اختيار المكمّلات الغذائيّة المناسبة للعمر: اختر دائمًا المكمّلات الغذائيّة التي تناسب الفئة العمريّة لطفلك، للتأكّد من حصوله على الجرعة الصحيحة.  - تجنّب الإضافات الصناعيّة: تأتي العديد من الفيتامينات المخصّصة للأطفال في أشكال حلوى قابلة للمضغ، ولكن بعضها يحتوي على كمّيّات عالية من السكّر والألوان الصناعيّة والإضافات غير الضروريّة. ابحث عن العلامات التجاريّة الطبيعيّة عالية الجودة.  - تحقّق من الاختبارات التي تجريها جهات خارجيّة معتمدة: تخضع العلامات التجاريّة المشهورة للمكمّلات الغذائيّة لاختبارات من جهات خارجيّة، للتأكّد من نقائها وجودتها. ابحث عن شهادات من منظّمات مثل USP (دستور الأدوية الأمريكيّ) أو NSF International.  - تجنّب الجرعات الزائدة: الأكثر ليس دائمًا أفضل. يمكن أن تكون بعض الفيتامينات (مثل الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون A وD وE وK) ضارّة بكمّيّات زائدة. التزم بالقيم اليوميّة الموصى بها، وتجنّب الجرعات الزائدة.    كيف تضمن حصول طفلك على ما يكفي من العناصر الغذائيّة عن طريق الطعام  بدلًا من الاعتماد على المكمّلات الغذائيّة، يمكن للوالدين التركيز على إنشاء نظام غذائيّ غنيّ بالعناصر الغذائيّة لطفلهما. وإليك الطريقة:  - قدّم طبقًا ملوّنًا: توفّر الفواكه والخضروات ذات الألوان المختلفة مجموعة متنوّعة من الفيتامينات ومضادّات الأكسدة. قطّعها بطريقة لافتة لنظر الطفل، تجعله يرغب أكثر بتذوّقها وتناولها.  - دمج الأطعمة الكاملة: قدّم الحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان (أو البدائل) والدهون الصحّيّة.  - حدّ من الأطعمة المصنّعة: غالبًا ما تفتقر الوجبات الخفيفة المصنّعة والوجبات السريعة إلى العناصر الغذائيّة الأساسيّة، وتحتوي على إضافات غير صحّيّة.  - شجّع الترطيب: الماء ضروريّ للهضم والصحّة العامّة، لذا شجّع طفلك على شرب الكثير منه.    ***  بالنسبة إلى معظم الأطفال، يوفّر النظام الغذائيّ المتوازن جميع العناصر الغذائيّة الأساسيّة التي يحتاجون إليها للنموّ والتطوّر الصحّيّ. ومع ذلك، فإنّ بعض الحالات للأطفال، مثل الطعام الانتقائيّ والاضطرابات الغذائيّة مختلفة الأسباب، تتطلّب تناول الطفل مكمّلات غذائيّة لتساعده في التمتّع بصحّة جيّدة.   لكن من المهمّ أن تدرك قبل إعطاء طفلك أيّ مكمّل غذائيّ، أنّه تجب استشارة طبيب الأطفال لتحديد ما إذا كان ذلك ضروريًّا. لا ينبغي للمكمّلات الغذائيّة أن تحلّ محلّ النظام الغذائيّ الصحّيّ أبدًا، بل تعمل نسخة احتياطيّة عندما يكون المدخول الغذائيّ غير كافٍ.    المراجع https://www.eatright.org/health/essential-nutrients/supplements/does-my-child-need-a-supplement  https://www.nhs.uk/conditions/baby/weaning-and-feeding/vitamins-for-children/  https://health.clevelandclinic.org/multivitamin-for-kids  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%83%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B0%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-2224 

معاقبة الأطفال: كيف أعاقب طفلي؟

هل ينمّي العقاب المسؤوليّة الذاتيّة لدى أطفالنا؟   تأديب الأطفال أحد أصعب جوانب تربية الأبناء، لأنّه يُعنى في تعليم الطفل تحمّل المسؤوليّة والتحكّم في الذات. فمن الطبيعيّ أن يرغب الوالدان في تصحيح سلوك طفلهم بسرعة عندما يسيء التصرّف. ومع ذلك، فإنّ العقاب يمكن أن يؤدّي إلى عواقب غير مقصودة، مثل الاستياء أو الخوف أو توتّر العلاقة بين الوالدين والطفل، إذا لم يتمّ التعامل معه بعناية. فقد يفقد بعض الآباء أعصابهم، ويعاقبون الأطفال بطرق غير صحيحة تأتي بنتائج عكسيّة، بل وسلبيّة على الأطفال إلى الحدّ الذي قد تطال معه احترام الطفل لذاته وثقته بنفسه. يتعلّق التأديب الفعّال بالتعليم، وليس فقط بالعقاب، وينبغي أن يوجّه الأطفال نحو فهم الفرق بين الصواب والخطأ، مع تعزيز ضبط النفس والمساءلة والاحترام.  في هذا المقال، سوف نستكشف كيف يمكن للوالدين استخدام العقاب بشكل بنّاء، وأيّ المواقف تستحقّ التأديب، ولماذا لا تستحقّ بعض السلوكيّات العقاب بالضرورة، بل تتطلّب اتّباع نهج مغاير.    متى تجب معاقبة الطفل؟  لا تتطلّب كلّ السلوكيّات السيّئة العقاب؛ فقد تتطلّب بعض المواقف التصحيح أو التوجيه فقط، بدلًا من اللجوء إلى العقاب الحادّ. في الآتي أنواع السلوكيّات التي قد تستحقّ العقاب:  العصيان المتعمّد  عندما يتجاهل الطفل القواعد عمدًا، أو يتحدّى التعليمات المباشرة، فمن المناسب فرض العقاب في هذه الحالة. على سبيل المثال، إذا طلبت من طفلك التوقّف عن رمي الألعاب واستمرّ في ذلك عمدًا، فإنّ العواقب الصارمة مثل أخذ اللعبة بعيدًا تكون مبرّرة.  الأفعال غير الآمنة أو الضارّة  السلوكيّات التي تعرّض الطفل أو الآخرين إلى الخطر، مثل الضرب أو العضّ أو الجري في الشارع أو تسلّق الهياكل غير الآمنة، خصوصًا إذا كانت متعمّدة وبعد توجيه متكرّر، تتطلّب تصحيحًا فوريًّا، إذ تجب معالجة هذه الأفعال لمنع الضرر وتعليم السلامة.  الكذب  الكذب أو السرقة أو إخفاء الحقيقة يمكن أن تزعزع الثقة، وتؤدّي إلى عواقب طويلة الأجل إذا لم تُعالج. يجب أن تركّز عقوبة الكذب على إصلاح الثقة وفهم أهمّيّة الصدق.  عدم الاحترام أو السلوك المؤذي  إذا كان الطفل فظًّا أو غير محترم أو مؤذٍ للآخرين عمدًا، مثل استخدامه الشتائم أو السخرية من شخص ما، فمن المهمّ معالجة السلوك، وتعليم الطفل معنى التعاطف.  سوء السلوك المتكرّر  عندما يكرّر الطفل باستمرار السلوك غير المقبول نفسه، على الرغم من التحذيرات أو التذكير المتكرّر، فإنّ العقوبة المناسبة يمكن أن تعزّز أهمّيّة اتّباع القواعد.    ما المواقف التي لا تنبغي معاقبة الطفل عليها؟  في حين أنّ العقاب ضروريّ في بعض الأحيان، فإنّ بعض السلوكيّات لا تستحقّ العقاب، ومن الأفضل معالجتها بأساليب أخرى من التأديب، مثل:  السلوكيّات المرافقة للعمر  هل قام طفلك بكسر كوب من الزجاج لأنّه لم يلاحظه بسبب اندفاعه؟ هذا هو المقصود، فغالبًا ما يُظهر الأطفال الصغار سلوكيّات، مثل نوبات الغضب أو النسيان أو التهوّر، لأنّهم ما زالوا يتعلّمون ضبط النفس والانفعال. هذه التصرّفات طبيعيّة من الناحية التنمويّة، وتجب مواجهتها بالصبر والتوجيه بدلًا من العقاب.  الأخطاء أو الحوادث  غالبًا ما تكون الحوادث مثل انسكاب الحليب أو كسر لعبة أو نسيان الواجبات المنزليّة غير مقصودة. يمكن أن تجعل معاقبة الأخطاء الأطفالَ خائفين من تجربة أشياء جديدة، أو الصدق بشأن الحوادث. بدلًا من العقاب، ركّز على مساعدتهم في حلّ المشكلة، مثل تنظيف ما سُكب على الأرض معًا، مع توضيح ما حصل ولماذا حصل، فهذا سيجعل الطفل أكثر إدراكًا للأشياء من حوله.  الانفجارات العاطفيّة  قد يبكي الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، أو يصرخون أو يتصرّفون بشكل غير لائق عندما تطغى عليهم المشاعر. بدلًا من معاقبة تعبيراتهم العاطفيّة، ساعدهم في تسمية مشاعرهم ومعالجتها. على سبيل المثال، قل: "أرى أنّك منزعج. دعنا نتحدّث عمّا يزعجك".  الاستكشاف والفضول  الفضول جزء طبيعيّ من الطفولة، ويؤدّي أحيانًا إلى سلوكيّات مثل تفكيك الألعاب، أو تجربة أشياء لا ينبغي لمسها. بدلًا من معاقبة الفضول، قم بإعادة توجيهه نحو أنشطة أكثر أمانًا وملاءمة.  الطرق الفعّالة لمعاقبة الأطفال  الهدف من العقاب هو تعليم الأطفال درسًا وتقويم سلوكهم، لذا يجب أن يكون العقاب بنّاءً، ويساعد الأطفال في التعلّم من أخطائهم، بدلًا من زرع الخوف أو المشاعر السلبيّة في أنفسهم. لذا، نستعرض بعض الاستراتيجيّات للانضباط الفعّال والإيجابيّ:  استخدام العقوبات المنطقيّة  ترتبط العقوبات المنطقيّة بشكل مباشر بسوء السلوك، ما يساعد الأطفال على ربط أفعالهم بالنتائج. فعلى سبيل المثال:  - إذا رفض الطفل تنظيم ألعابه أو تركها مبعثرة في غرفته، فيكون العقاب المنطقيّ حرمانه من هذه الألعاب لمدّة يوم كامل.  - إذا كسر الطفل لعبة شقيقه أو شقيقته، فيكون العقاب المنطقيّ أن يساعد في إصلاحها، فيدخّر من مصروفه لشراء لعبة بديلة.  يتميّز هذا النهج من العقاب بتعليم الطفل مبدأ المسؤوليّة، من دون أن يجعله يشعر بالظلم.  الحفاظ على الهدوء وعدم التمييز  يكون الانضباط أكثر فعّاليّة عندما يتمّ تطبيقه بهدوء؛ فالصراخ على الطفل أو تفريغ شحنة الغضب فيه يضيّع الرسالة التربويّة، ويتسبّب في خوفه أو محاولته الدفاع عن نفسه، حتّى لو كان يشعر بخطئه. يكمن الحلّ في تطبيق القواعد نفسها مهما اختلفت المواقف، حتّى يستطيع طفلك توقّع عواقب أفعاله بوضوح، وإدراك أنّه يستحقّ العقاب عندما يخالف القواعد.  استخدم الوقت التأديبيّ المستقطع بالشكل المناسب  يمكن أن يكون الوقت المستقطع وسيلة فعّالة لمنح الأطفال مساحة للهدوء والتفكير في سلوكهم، ولكن يجب الحرص على تناسب الوقت المستقطع مع عمر الطفل (على سبيل المثال يمكن إضافة دقيقة واحدة في مقابل كلّ سنة من عمر الطفل)، واستخدامه أسلوبًا تعليميًّا وليس عقابًا في حدّ ذاته، ويجب أن يتبعه التحدّث إلى الطفل حول ما قام به، وكيف يتصرّف بشكل أفضل في المرّة القادمة ليكون طفلًا مطيعًا، وليس لتجنّب العقاب نفسه.  التركيز على تهذيب الطفل وليس إشعاره بالذنب  يجب تجنّب العقاب الذي يهين الطفل أو يشعره بالخجل، مثل توجيه الشتائم أو النقد الشديد أو توبيخه أمام الناس؛ فهذه التصرّفات تدمّر تقديره لذاته. وبدلًا من ذلك عليك التركيز على مساعدة طفلك في فهم سبب خطأ سلوكه وكيفيّة تعديله.  تعزيز السلوك الإيجابيّ  من المهمّ الموازنة بين العقاب والتعزيز الإيجابيّ، فمثلًا، يجب عقاب الطفل عندما يخطئ، ويجب أيضًا مدحه ومكافأته عندما يحسن السلوك؛ سيساعده هذا في معرفة السلوكيّات المرغوبة التي تحظى بالتقدير، ويحفّزه على تكرارها للتمتّع بالمكافأة.  عرض الخيارات وإشراك الطفل في حلّ المشكلات  قد تقتضي بعض المواقف إشراك الطفل في حلّ المشكلة؛ على سبيل المثال، إذا اعترض على قصر وقت استخدام الحاسوب أو الهاتف الذكيّ خلال اليوم، فاعرض عليه سبب تخصيص وقت لاستخدام الشاشات، واطلب منه أن يختار بنفسه الحلّ المناسب لضمان عدم التأثير في نومه وتركيزه في المذاكرة. يعمل هذا النهج على تعزيز التفكير النقديّ والتعاون، وتقليل تحدّي الطفل للوالدين.    بدائل العقاب  في بعض المواقف لا يعدّ العقاب هو الحلّ الأفضل، وهناك العديد من البدائل التي تحقّق نتائج أفضل في التعامل مع سوء السلوك، مثل:  - تحويل الانتباه: بالنسبة إلى الأطفال الصغار، يمكن توجيه انتباههم إلى سلوك أكثر ملاءمة.  - العواقب الطبيعيّة: وتتلخّص في السماح للأطفال بتجربة النتائج الطبيعيّة لأفعالهم؛ على سبيل المثال، إذا أهملوا فروضهم المدرسيّة أو تكاسلوا في التحصيل الدراسيّ، حينها قد يحصلون على درجات متدنيّة أو يرسبون في اختباراتهم.  - تقديم القدوة: يمكن للآباء والأمهات أن يقوموا بالسلوك الذي يريدون أن يقوم به أطفالهم، مثلًا إذا كنت تريد أن يتحدّث طفلك باحترام، فتحدّث إليه باحترام، أو دعه يراك تحدّث الآخرين باحترام.  - حوار حلّ المشكلات: ساعد طفلك في التفكير في سلوكه بطرح أسئلة عليه، مثل: ماذا يمكنك أن تفعل بشكل مختلف في المرة القادمة؟    ***  العقاب جزء أساسيّ وضروريّ في تربية الأطفال، ولكن يجب أن يكون مدروسًا وعادلًا وبنّاءً على الدوام. بالتركيز على تعليم الطفل درسًا بدلًا من مجرّد عقابه، يمكن للآباء والأمّهات مساعدة أطفالهم في تطوير مهارات حياتيّة مهمّة، مثل المسؤوليّة والتعاطف والانضباط الذاتيّ.  لكنّ العقاب ليس صالحًا لكلّ الحالات، فبعض السلوكيّات يمكن التعامل معها بشكل أفضل بالصبر، أو تحويل الانتباه، أو العواقب الطبيعيّة، أو الحوار، أو غيرها. ففي نهاية المطاف، يتلخّص الانضباط الفعّال في مساعدة الأطفال في التعلّم من أخطائهم، مع الشعور بالأمان بالحصول على الحبّ والدعم من الأب والأمّ، واللذَين يمكنهما أن يربّيا أطفالًا يتمتّعون بالثقة بالنفس، والمرونة العاطفيّة، والاحترام لذواتهم والآخرين، باستخدام العقاب الذكيّ، وتجاوزه عندما يقتضي الأمر.     المراجع   https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/discipline-and-children  https://www.healthychildren.org/English/family-life/family-dynamics/communication-discipline/Pages/Disciplining-Your-Child.aspx  https://www.unicef.org/parenting/ar/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%A4%D8%AF%D9%91%D8%A8-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%A9/%D8%B1%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 

ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟

تربية الأطفال رحلة مليئة بالحبّ والضحك، ولكنّها بالطبع لا تخلو من الصعوبات، بدءًا من ليالي السهر مع المولود الجديد، إلى مواجهة تقلّبات المراهقة العاطفيّة. كلّ مرحلة من مراحل الأبوّة والأمومة تأتي بتجاربها الخاصّة ونجاحاتها المتفرّدة. ولكن، يبقى السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الأهل منذ اللحظة التي يعرفون فيها أنّهم سيرزقون بمولود، ألا وهو: ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  الإجابة عن هذا السؤال ليست بسيطة كما تبدو، فغالبًا ما يظنّ الأهل أنّ المراهقة أصعب مرحلة. لكنّ هذا الأمر متفاوت أيضًا، إذ يجد بعض الأهل أنّ مراحل معيّنة أصعب من غيرها، حسب عوامل مثل طبع الطفل، وديناميكيّة الأسرة، والظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة. ومع ذلك، يتّفق الكثير من الأهل وخبراء تنمية الطفل على أنّ هناك مراحل معيّنة تفرض تحدّيات خاصّة. في هذه المقالة، سنستعرض بعضًا من هذه المراحل، موضّحين لماذا تُعتبر صعبة، مع تقديم بعض النصائح لمساعدة الآباء والأمّهات في تجاوز كلّ منها.    مرحلة الطفولة المبكّرة: مرحلة الإرهاق الجسديّ  تعتبر الأشهر الأولى من حياة الطفل من الأكثر إرهاقًا للوالدين جسديًّا؛ ففي هذه المرحلة يحتاج الأطفال إلى اهتمام ورعاية مستمرّين، فهم يستيقظون عدّة مرّات في الليل، ويحتاجون إلى التغذية كلّ بضع ساعات، ولا يستطيعون التعبير بوضوح عن احتياجاتهم، ما يجعل الأمور تعتمد على التخمين أحيانًا، وكثيرًا ما ستنتهي محاولات فهم الطفل إلى الشعور بالإحباط.  بالإضافة إلى الإرهاق الجسديّ، تصطحب هذه المرحلة معها العديد من الصعوبات العاطفيّة. فالانتقال إلى دور الوالديّة قد يثير مشاعر معقّدة، مثل الفرح الممزوج بالقلق، والرضا المقرون بالشكّ الذاتيّ؛ إذ يشعر الكثير من الأهل بمسؤوليّة كبيرة، ويخشون عدم قدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم. وتزداد صعوبة هذه المرحلة بالنسبة للأهل الذين لا يتمتّعون بدعم كافٍ، سواء من شريك، أو من عائلتهم الكبيرة، أو من مجتمع داعم.  ومع ذلك، وعلى رغم صعوبة هذه المرحلة جسديًّا، فإنّه يُنظر إليها عادةً على أنّها مرحلة بسيطة من حيث فهم احتياجات الطفل، إذ تكون التحدّيات في هذه المرحلة لوجستيّة وجسديّة في الغالب؛ فالأطفال الرضّع يحتاجون إلى النوم والغذاء والحبّ، وليس لديهم بعدُ التعقيد العاطفيّ الذي يؤدّي إلى مشكلات سلوكيّة أو نفسيّة.    مرحلة الطفولة: مرحلة الصراع على الاستقلال  بمجرّد أن يصل الأطفال إلى مرحلة الطفولة – تقريبًا بين عمر سنة وثلاث سنوات – تبدأ شخصيّاتهم في الظهور، مع اكتشافهم الشعور بالاستقلاليّة. فمن جهة، تتميّز هذه المرحلة بلحظات اكتشاف وتطوّر رائعة، لكن من جهة أخرى، تغلب عليها نوبات الغضب والتصرّفات التي قد تبدو غير منطقيّة. ففي هذا العمر، يبدأ الأطفال بفهم مشاعرهم واستكشاف حدودهم، ما يؤدّي إلى صراعات على السلطة تتعلّق بكلّ شيء، من مواعيد النوم إلى أوقات الطعام.  يواجه الأطفال الصغار تحدّيًا في التعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم بالكلمات، ما يؤدّي إلى الشعور بالإحباط من كلا الجانبين. بالنسبة إلى الأهل، تصبح الأمور أشبه بعمليّة توازن دقيقة، إذ يحاولون الموازنة بين فرض الحدود وتشجيع استقلاليّة الطفل. ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المرحلة تتطلّب صبرًا واستمراريّة، إذ يميل الأطفال إلى التمرّد على القواعد، واختبار الحدود باستمرار.  تبرز صعوبة هذه المرحلة بشكل خاصّ لدى الأهل الذين اعتادوا على المزيد من السيطرة على حياتهم اليوميّة، لكنّ أساس تجاوزها بطريقة سليمة هو إدراك أنّ سلوكيّات الأطفال أثناءها مؤشّرات طبيعيّة على تطوّرهم، إذ يحتاجون إلى مساحة للاستكشاف، والوقوع في الأخطاء، وتحدّي القواعد من حين إلى آخر، فكلّ هذه الأمور مهمّة لنموّهم.    الطفولة المبكّرة: مرحلة "لماذا؟"  في سنّ 4 إلى 6 سنوات، يدخل الأطفال في مرحلة فضول كبير، ويبدؤون بطرح أسئلة لا حصر لها، تبدأ غالبًا بكلمة "لماذا؟". تُعتبر الطفولة المبكّرة مرحلة تطوّر سريع على الصعيدين المعرفيّ والاجتماعيّ، إذ يبدأ الأطفال في التساؤل عن العالم من حولهم. وعلى الرغم من أنّ فضولهم محبّب، إلّا أنّه قد يكون مرهقًا للأهل الذين يجدون أنفسهم مضطرّين إلى الإجابة عن كلّ سؤال تارةً، وتجنّب الأسئلة المحرجة تارةً أخرى.  في هذه المرحلة، يبدأ الأطفال بتكوين صداقات، وتطوير حسّ التعاطف، وتعلّم أساسيّات التعاون وحلّ النزاعات. يصبح الأطفال في هذه المرحلة أكثر اهتمامًا بالديناميكيّات الاجتماعيّة، وقد يواجهون أولى تجارب الرفض أو التنمّر، ما قد تكون مشاهدته مؤلمة للأهل. كما يبدأ الأطفال في هذه المرحلة فهم القواعد والأخلاق، ما يعني أنّها مرحلة حسّاسة للأهل، وتفرض عليهم الاستمراريّة في توجيه أطفالهم وتعليمهم.  يواجه الأهل في هذه المرحلة تحدّيًا في تحقيق التوازن بين التأديب والحريّة، إذ يرغبون في أن يستكشف أطفالهم ويتعلّموا الأشياء من حولهم، ويختبروا قدرتهم على التعامل مع مختلف المواقف الحياتيّة، ولكن عليهم أيضًا فرض الحدود وتعليمهم المسؤوليّة. يكمن التحدّي في دعم فضول الطفل واستقلاليّته، من دون أن يفقدهم ذلك شعورهم الطبيعيّ بالدهشة والحبّ للاكتشاف.    الطفولة المتوسّطة: مرحلة قلق الأقران  بين سنّ 6 و12 سنة، يدخل الأطفال ما يُعتبر غالبًا مرحلة "الهدوء قبل العاصفة"، أي مرحلة المراهقة. لكنّ الهدوء أثناءها لا يعني أنّها ستكون سهلة تمامًا. مع دخول الأطفال إلى المدرسة، يصبحون أكثر تأثّرًا بأقرانهم، وتصبح الحاجة إلى القبول الاجتماعيّ جزءًا مهمًّا من حياتهم؛ فتتعمّق الصداقات، ويبدأ الأطفال في تطوير هويّتهم الخاصّة خارج نطاق الأسرة.  في هذه المرحلة، قد يواجه الأهل قلقًا بشأن تأثير الأقران، والثقة بالنفس، والأداء الأكاديميّ لأطفالهم. قد يصارع الأطفال للاندماج في مجتمعهم الصغير في المدرسة، أو يواجهون التنمّر، أو يمرّون بضغط للتفوّق في المدرسة أو الأنشطة اللاصفّيّة. كما تبدأ المقارنات بين الذات والآخرين، ما قد يؤثّر في ثقتهم بأنفسهم.  يواجه الأهل مهمّة صعبة في تقديم التوجيه من دون فرض سيطرة مفرطة. يحتاج الأطفال إلى مساحة لاتّخاذ قراراتهم الخاصّة، حتّى لو كانت تلك القرارات تؤدّي أحيانًا إلى خيبات أمل صغيرة. التحدّي في هذه المرحلة يكمن في دعمهم وتشجيعهم بينما يتعلّمون كيفيّة التنقّل بين تعقيدات الصداقات والمنافسة واكتشاف الذات.    المراهقة: مرحلة الاستقلال  اسأل معظم الأهل، وستجد أنّ الكثير منهم يعتبرون المراهقة، من سنّ 13 إلى 18 سنة، المرحلة الأكثر تحدّيًا في تربية الأطفال. تتميّز هذه المرحلة بتغيّرات سريعة على المستوى الجسديّ والعاطفيّ والمعرفيّ. يسعى المراهقون للاستقلال، وغالبًا ما يتمرّدون على السلطة الأبويّة أثناء محاولتهم تأسيس هويّتهم الخاصّة. قد تكون النزاعات التي تنشأ في هذه المرحلة قويّة ومشحونة عاطفيًّا.  تأتي المراهقة مع مجموعة من التحدّيات الجديدة، بما في ذلك الضغط الأكاديميّ، وصراعات الصحّة النفسيّة، وتأثير الأقران، وفي بعض الحالات التجارب التي قد تكون خطرة. يشعر الأهل في هذه المرحلة أنّ القرارات التي يتّخذها أبناؤهم قد تؤثّر بشكل كبير في مستقبلهم، ما يجعل الصراع على الحريّة وحدود السلطة أكثر تعقيدًا من المراحل السابقة.    مرحلة البلوغ الناشئ: مرحلة التخلّي والاعتماد على الذات  لا تنتهي تحدّيات الأبوّة والأمومة عند بلوغ الطفل سنّ الثامنة عشرة. في الواقع ستندهش من هذا، ولكن قد تكون مرحلة الانتقال إلى البلوغ – من عمر 18 إلى 25 سنة – من أصعب المراحل. في هذه المرحلة، يستمرّ الأبناء في اكتشاف أنفسهم، ويبحثون عن مكانهم في الحياة، وبالنسبة إلى الكثير من الأهل، يُعدّ التخلّي عن دورهم باعتبارهم أصحاب السلطة إلى دور داعم أكثر التحدّيات صعوبة.    إذًا، ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  في النهاية، تعتمد الإجابة عن هذا السؤال على الوالدين والطفل وظروفهم الفريدة. قد يجد بعض الأهل أنّ المتطلّبات الجسديّة للطفولة هي الأكثر إرهاقًا، بينما يعاني آخرون التعقيدات العاطفيّة لمرحلة المراهقة. كلّ مرحلة ترتبط بها مجموعة خاصّة من التجارب، وما قد يكون سهلًا بالنسبة إلى عائلة، قد يكون صعبًا للغاية بالنسبة إلى أخرى.   وإن كنت تتساءل عن أيّهما أصعب: تربية الولد أم البنت، فإنّه من الصعب تحديد ذلك، لأنّ التحدّيات التي يواجهها الأهل تختلف باختلاف شخصيّة الطفل، والمرحلة العمريّة، وظروف الأسرة. لكن تقليديًّا، يعتقد البعض أنّ تربية الأولاد قد تكون أصعب في مرحلة الطفولة، بسبب نشاطهم الزائد وتحدّيهم للقواعد، بينما تعتبر تربية البنات أكثر تعقيدًا في مرحلة المراهقة، إذ تنشأ قضايا الثقة بالنفس والضغوط الاجتماعيّة. ومع ذلك، فإنّ كلًّا من الأولاد والبنات يواجه صعوبات فريدة تتطلّب اهتمامًا وتفهّمًا من الأهل، وبالتالي فإنّ الصعوبة تعتمد على كيفيّة تفاعل الأهل مع احتياجات طفلهم الفرديّة، بغضّ النظر عن جنسه.    ***  تُعدّ الأمومة والأبوّة رحلة متطوّرة، وكلّ مرحلة من مراحلها تجلب نوعًا مختلفًا من المصاعب والمكافآت، لكن تذكّر أنّ الأساس هو تقبّل التحدّيات واعتبارها فرصًا للنموّ - لكلّ من الوالدين والطفل. وفي حين أنّه لا توجد مرحلة "سهلة"، فإنّ الحبّ والتعلّم والمرونة المكتسبة على طول الطريق تجعل الرحلة تستحقّ العناء.    المراجع   https://blog.takalm.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/#:~:text=%D8%A3%D8%B5%D8%B9%D8%A8%20%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84%20%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84,-%E2%80%8F%D8%AA%D9%88%D8%AC%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D8%AF&text=%D9%88%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%AF%20%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1,%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D8%AA%D9%84%D9%83%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9.  https://mcaresforkids.com/parenting-hardest-stages/#:~:text=The%20parenting%20hardest%20stages%20are,stage%20of%20their%20child's%20development.  https://madamenoire.com/1137107/the-hardest-stages-of-parenting-ranked/

Putting It All Together

مجموعة تدريبات رياضيّاتيّة حول العمليّات الحسابيّة المبسّطة. للوصول إلى التدريبات الرجاء الضغط على الرابط هنا.

Solid Shapes All Around Us

مجموعة دروس عن تعلّم الأشكال الهندسيّة واستخدامها في بناء أشكال أخرى. للوصول إلى الدروس الرجاء الضغط على الرابط هنا.