والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

متى تبدأ تربية الطفل؟

رحلة الأبوّة والأمومة واحدة من أعمق رحلات الحياة وأصعبها. ومع هذا، فإنّ العديد من الناس يفاجؤون عندما يعلمون أنّ تربية الطفل تبدأ قبل وقت طويل من صرخاته الأولى. في حين أنّ معظم الناس يربطون تربية الطفل بتغيير الحفّاضات، وقصص ما قبل النوم، وتعليم آداب السلوك، إلّا أنّ الأساس لتربية فرد سليم ومتكامل يبدأ قبل ذلك بكثير.     مراحل تربية الطفل  التربية ما قبل الحمل  بالنسبة إلى العديد من الناس، تبدأ فكرة الأبوّة والأمومة بالقرار الواعي بإنجاب طفل. غالبًا ما يؤدّي هذا القرار وحده إلى سلسلة من التغييرات في حياة كلا الزوجين. غالبًا ما يفكّر الأزواج الذين يخطّطون لإنجاب طفل في صحّتهم البدنيّة، ورفاهتهم العاطفيّة، واستقرارهم الماليّ، وغيرها من العوامل التي يمكن أن تشكّل قدرتهم على رعاية الطفل.  تظهر الدراسات أنّ صحّة الوالدين ونمط حياتهما قبل الحمل يمكن أن يؤثّرا في نموّ الطفل. على سبيل المثال، تؤدّي التغذية الأموميّة، ومستويات التوتّر، وتجنّب الموادّ الضارّة مثل التبغ والكحول، دورًا في تحديد جودة صحّة الطفل في المستقبل. وعلى نحوٍ مماثل، يُشجَّع الآباء المحتملون على الحفاظ على نمط حياة صحّيّ، إذ تؤثّر صحّة الأب في جودة الحيوانات المنويّة، وبالتالي في المخطّط الجينيّ للطفل.  وبعيدًا عن الجاهزيّة البدنيّة، فالاستعداد العقليّ والعاطفيّ أمر بالغ الأهمّيّة، إذ إنّ الطريقة التي يفكّر فيها الأفراد في تربية الأبناء - سواء نظروا إليها باعتبارها تحدّيًا أو واجبًا، أو حتّى أمرًا مخيفًا - يمكن أن تؤثّر بشكل كبير في كيفيّة إدارتهم دورهم المستقبليّ وتعاملهم معه، باعتبارهم مقدّمي رعاية.     تربية الجنين  منذ اللحظة التي يعرف فيها الزوجان أنّهما ينتظران مولودًا، ستّتخذ التربية شكلًا ملموسًا أكثر أثناء هذه المرحلة، إذ سيعتبر رحم الأمّ "البيئة الأولى" للطفل، وهي البيئة التي تؤثّر بشكل عميق في النموّ المبكّر. فأثناء مرحلة الحمل، لا يقتصر دور الأمّ على توفير الغذاء للطفل فحسب، بل سيوفّر له أيضًا جوًّا عاطفيًّا يمكن أن يشكّل تجاربه الأولى، ويعكس إلى حدٍّ ما حالته في أيّامه الأولى بعد الولادة. وقد أثبتت الأبحاث في مجال برمجة الجنين أنّ الإجهاد أثناء الحمل يمكن أن يؤثّر في نموّ دماغ الطفل، ومرونته العاطفيّة في المستقبل.  كما أنّ أهمّيّة الروابط التي يبدأ الوالدان في تكوينها مع أطفالهما الذين لم يولدوا بعد، توازي بالفعل أهمّيّة جودة بيئته الأولى. فتحدُّث الوالدين مع أطفالهما المنتظرين، أو غناء التراتيل، أو قراءة القصص أثناء الحمل، من شأنه أن يشكّل الرابط العاطفيّ بين الأب والأمّ وطفلهما. صحيح أنّ الطفل قد لا يفهم الكلمات، لكنّه يستجيب للأصوات والإيقاعات والاهتزازات، لذلك تعتبر هذه المرحلة حسّاسة في حياة الطفل، إذ تضع هذه التفاعلات الأساس للرابطة العاطفيّة التي ستستمرّ في النموّ بعد الولادة.  بالإضافة إلى ذلك، فإنّ مرحلة الحمل فرصة رائعة للوالدين للتعلّم، وإعداد نفسيهما للمسؤوليّات المقبلة، إذ تسهم الكتب المتعلّقة بنموّ الطفل، ودروس تربية الأبناء، والمحادثات مع الأهل ذوي الخبرة في خلق رؤية واضحة لتربية الطفل.    التربية في الأشهر الأولى من عمر الطفل  تكتسب تربية الطفل أبعادًا جديدة خلال المرحلة العمريّة التي يطلق عليها العديد من الخبراء "الفصل الرابع"؛ وهي الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة، إذ يكون الطفل ما يزال يتكيّف مع الحياة خارج الرحم. كما يعتبر الخبراء هذه المرحلة بمثابة امتداد للحمل، إذ يعتمد الأطفال على الاتّصال الجسديّ الوثيق، والتغذية، والراحة والشعور بالأمان.  وبالتوازي مع تلبية الاحتياجات الجسديّة، يبدأ الوالدان أيضًا في تشكيل العالم العاطفيّ لأطفالهما؛ إذ تساعد الاستجابة للبكاء، وتعزيز التواصل بالعين، والمشاركة في اللمس الحنون والمهدّئ، في بناء أساس من الثقة. وعلى الرغم من أنّ الأطفال يولدون بمهارات تواصل محدودة، لكنّ استجابات والديهم تعلّمهم أنّ احتياجاتهم مهمّة، وأنّ العالم مكان آمن.    تربية الطفل أثناء مرحلة الصراع على الاستقلاليّة   في اللحظة التي ينظر إليك فيها طفلك الصغير، وتظهر على وجهه البريء علامات الصرامة، ويردّ بـ "لا" على طلب منك، فاعلم أنّك أصبحت الآن في مرحلة الصراع على الاستقلاليّة. ستلاحظ أنّ طفلك قد تغيّر فجأة، وها هو يحقّق الآن ما كان يتدرّب عليه في المراحل السابقة، وهو أن يتعلّم التعبير عن أفكاره وآرائه الخاصّة. في هذه المرحلة من التربية، هناك الكثير من الأمور المطلوبة من الوالدين، وأهمّها أن يتعلّما فهم تطوّر المهارات المعرفيّة لدى طفلهما، وحاجته إلى تأكيد ذاته. كما سيتعلّمان كيفيّة تجنّب معارك العناد، والعمل مع طفلهما لإدارة الرغبات المتضاربة بينهم.  بعد هذه المرحلة، ستدخل التربية في حالة من الانتقالات المستمرّة، بين الإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأبناء أثناء استكشافهم للحياة من حولهم، والرغبة في الاستقلاليّة، وما بعدها من التوجيه والإرشاد إلى أن يكبروا.  ولكن، إن كنت تتساءل كيف تبدو مراحل تربية الأطفال، وكيف تتعامل مع طفلك في كلّ منها، فهذا المقال بعنوان "أصعب مرحلة في تربية الأطفال" سيساعدك في فهم طفلك، والتغلّب على المصاعب التي قد تواجهك أثناء التربية.    التفاعل بين الطبيعة الجينيّة والتنشئة  عند التفكير في سؤال متى فعليًّا تبدأ تربية الطفل، فمن الضروريّ أن ندرك التفاعل بين طبيعة الطفل جينيًّا وتنشئته. تتشكّل بعض جوانب شخصيّة الطفل ومواهبه، وحتّى نقاط ضعفه وقوّته، عن طريق الجينات المكتسبة من والديه. ومع ذلك، فإنّ هذه السمات، والطريقة التي يُعبّر بها عنها - وكيف تؤثّر في التطوّر العامّ للطفل - تتأثّر بشكل عميق بالبيئة المحيطة به.  على سبيل المثال، قد يرث الطفل استعدادًا للقلق، لكنّ البيئة الداعمة يمكن أن تعلّمه استراتيجيّات التأقلم وتهدئة النفس. وعلى العكس من ذلك، قد يكافح الطفل الموهوب بطبيعته، ويجد صعوبة في الوصول إلى إمكاناته وتوظيف موهبته، إذا كان يفتقر إلى التشجيع أو الدعم. وبالتالي، فإنّ تربية الأطفال لا تتعلّق بالتحكّم في من يصبح عليه الطفل، بل تتعلّق أكثر بتهيئة الظروف التي تسمح له بالتطوّر والنموّ بشكل صحّيّ.    ***  لنعد إلى السؤال مرّةً أخرى: متى تبدأ تربية الأطفال؟ الإجابة بسيطة وعميقة في الوقت ذاته: تبدأ التربية في اللحظة التي يبدأ فيها الوالدان بالاهتمام بإنجاب طفل. وقد يتجلّى هذا الاهتمام في التخطيط قبل الحمل، أو الأفكار والتحضيرات أثناء الحمل، أو اللحظات الرقيقة من التواصل مع الطفل في أيّامه الأولى. إنّ بذور الأبوّة والأمومة تُزرع قبل وقت طويل من نطق الطفل كلماته الأولى، أو مشيه خطواته الأولى.   كما أنّ تربية الأطفال رحلة طويلة تمتدّ بامتداد الحياة، وتبدأ باختيارات تبدو صغيرة وعاديّة، مثل تناول فيتامين ما قبل الولادة، وحضور دورة تدريبيّة في تربية الأطفال، وتتطوّر مدى الحياة بالتوجيه والدعم والحبّ.   المراجع    https://trbeyah.com/r/%D9%85%D8%AA%D9%89-%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://nurturednoggins.com/stages-of-parenting/  https://www.tuw.edu/school-news/what-is-child-rearing/ 

هل يمكن تعليم الطفل أكثر من لغة؟

نظرًا إلى ارتباط اللغة بشكل كبير بعوامل النجاح المهنيّ والأكاديميّ، أصبح الآباء أكثر تشديدًا على تعليم الطفل لغات متعدّدة منذ سنّ مبكّرة. ومع ذلك، تدعم العديد من الأبحاث فكرة أنّ الأطفال لا يستطيعون تعلّم أكثر من لغة فحسب، بل يجب عليهم ذلك. في الواقع، إنّ فوائد التنشئة ثنائيّة اللغة أو متعدّدة اللغات، تتجاوز مجرّد الكفاءة اللغويّة، فهي تشكّل القدرات المعرفيّة للطفل، وفهمه الثقافيّ، وفرصه المستقبليّة.    قدرة دماغ الطفل على تعلّم أكثر من لغة  لفهم سبب قدرة الأطفال على تعلّم لغات متعدّدة، من المهمّ أوّلًا تحليل آليّة عمل دماغهم. من الولادة حتّى سنّ السابعة تقريبًا، يكون دماغ الطفل في أكثر حالاته مرونة، ما يعني أنّه يتمتّع بقدرة عالية على استيعاب المعلومات الجديدة، والتكيّف معها واستخدامها. غالبًا ما يُشار إلى هذه الفترة باسم "المرحلة الحرجة" في ما يتعلّق بتعلّم اللغة، ففيها يعمل الدماغ بشكل استثنائيّ للتمييز بين الأصوات، والهياكل، وقواعد اللغات المختلفة، ويقوم بتخزينها.  يمكن تشبيه هذه القدرة الفطريّة بالإسفنجة، فهي تسمح للأطفال بتشرّب لغات متعدّدة بأقلّ جهد. على سبيل المثال، يمكن للأطفال في البداية التمييز بين الأصوات اللغويّة لجميع لغات العالم، وبحلول شهرهم العاشر، تبدأ هذه القدرة في التراجع، فتنحصر في الأصوات المحدّدة للغات التي يتعرّضون إليها بانتظام. إذا سمع الطفل أكثر من لغة، سيطوّر دماغه مسارات لكلتا اللغتَين، ما يضمن قدرته على التنقّل بين القواعد والأصوات المميّزة لكلّ لغة بسهولة.     مفاهيم خاطئة حول تعلّم لغات متعدّدة  على الرغم من الأدلّة العلميّة، لا تزال هناك خرافات تحيط بتعلّم لغات متعدّدة. من بين المفاهيم الخاطئة الشائعة، أنّ تعلّم لغات متعدّدة من شأنه أن يربك دماغ الطفل، ما يؤدّي إلى تأخّره في الكلام أو التطوّر المعرفيّ. في الواقع، على الرغم من أنّ الأطفال ثنائيّي اللغة قد يخلطون بين اللغات أحيانًا (ظاهرة تعرف بالتبديل بين اللغات)، إلّا أنّ هذا ليس علامة على تشوّش الدماغ، بل هو طريقة طبيعيّة ومتطوّرة للتعامل مع معرفتهم اللغويّة. مع مرور الوقت، يتعلّمون فصل اللغات حسب السياق والمتحدّث، ما يظهر مرونة معرفيّة عالية.  من المفاهيم الخاطئة الأخرى أنّ الأطفال يحتاجون إلى إتقان لغة واحدة قبل تعلّم لغة أخرى، لكنّ هذا الافتراض لا أساس له من الصحّة. أظهرت الدراسات أنّ الأطفال ثنائيّي اللغة يحقّقون الإنجازات ذاتها التي يحقّقها أقرانهم أحاديّو اللغة، وغالبًا بالوتيرة نفسها أيضًا. وفي بعض الحالات، يتفوّقون حتّى على أقرانهم في المهامّ التي تتطلّب حلّ المشكلات، والقيام بمهامّ متعدّدة، بسبب الفوائد المعرفيّة التي تأتي مع إدارة أنظمة لغويّة متعدّدة.    الفائدة الثقافيّة والاجتماعيّة لتعليم الطفل أكثر من لغة  إلى جانب الفوائد المعرفيّة والأكاديميّة التي سيحصل عليها الطفل، فإنّه سيرى أيضًا كيف أنّ تعلّم أكثر من لغة والتحدّث بها، سيوفّر له مزايا ثقافيّة واجتماعيّة عميقة. يعود ذلك إلى ارتباط اللغة ارتباطًا وثيقًا بالثقافة، فباللغة يكتسب الطفل القدرة على الوصول إلى تقاليد وتاريخ وطرق تفكير متنوّعة، تعود إلى أصل اللغة التي يتحدّث بها. وغالبًا ما يطوّر الأطفال ثنائيّو اللغة شعورًا أكبر بالتعاطف والوعي الثقافيّ، لأنّهم يتعرّضون إلى آراء ووجهات نظر عالميّة مختلفة، ما يجعلهم أكثر تفهّمًا للاختلاف.  كما أنّ القدرة على التواصل بلغات متعدّدة توسّع الفرص الاجتماعيّة، فيمكن للطفل ثنائيّ اللغة تكوين علاقات مع مجموعة أوسع من الناس، وتعزيز العلاقات عبر المجموعات والنوادي الثقافيّة واللغويّة.    أفضل الممارسات لتربية طفل متعدّد اللغات  يتطلّب تعليم الطفل أكثر من لغة اتّساقًا وصبرًا وفهمًا لأفضل الممارسات. في الآتي بعض الاستراتيجيّات الفعّالة:  شخص واحد، لغة واحدة (OPOL)  في هذه الطريقة، يتحدّث كلّ والد لغة مختلفة مع الطفل. على سبيل المثال، قد يتحدّث أحد الوالدين الإنجليزيّة، بينما يتحدّث الآخر بالإسبانيّة. يساعد هذا النهج الطفل على ربط كلّ لغة بشخص معيّن، ما يقلّل التشوّش المحتمل.  اللغة الأمّ مقابل اللغة المتبنّاة   يجب التمييز بين اللغة الأمّ واللغة المتبنّاة، إذ يحدث خلط بين المفهومَين في الممارسة الفعليّة. فاللغة الأمّ هي اللغة التي ينشأ عليها الطفل، وتُعدّ الخيار الطبيعيّ للأسرة، باعتبارها اللغة السائدة في المجتمع، ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالانتماء الدينيّ والقيميّ والثقافيّ للبلد. أمّا اللغة المتبنّاة، فهي اللغة التي يكتسبها الطفل في سياقات مختلفة، مثل استخدام الأسرة في المنزل لغة أخرى غير اللغة الأمّ، أو تعليمه في الحضانة والمدرسة بلغة أجنبيّة، أو اختلاطه بأطفال أجانب في بيئات متعدّدة، مثل الأندية والمجتمعات المختلطة.  في بعض الأسر العربيّة، قد تحلّ اللغة المتبنّاة محلّ اللغة الأمّ، خصوصًا إذا كانت الإنجليزيّة أو غيرها لغة التواصل الرئيسة في المنزل، أو في المؤسّسة التعليميّة التي يرتادها الأطفال. في هذه الحالة، لا يقتصر تأثير اللغة المتبنّاة على الجانب اللغويّ فقط، بل يمتدّ ليحمل معه هويّة ثقافيّة وقيمًا، تختلف عن تلك التي تتبنّاها مجتمعات الأطفال الأصليّة. ومن اللافت أنّ بعض الأسر العربيّة التي تعيش في دول غربيّة، تحرص على التحدّث مع أطفالها باللغة العربيّة في المنزل، على رغم أنّ لغة المجتمع مختلفة، فتتمكّن بذلك من تحقيق التوازن بين إتقان الطفل لغة المجتمع، وبين الحفاظ على ارتباطه بجذوره الثقافيّة. وفي المقابل، هناك أسر عربيّة اندمجت تمامًا في ثقافة المجتمع الذي تعيش فيه، وتخلّت عن اللغة العربيّة، فأصبحت اللغة الأجنبيّة، مثل الإنجليزيّة، هي اللغة الأمّ بالنسبة إلى أطفالها.  لكلّ أسرة حريّة اختيار ما يناسب طفلها، لكن من الضروريّ إدراك أنّ الأولويّة المطلقة يجب أن تكون لتعليم الطفل لغة بلده الأمّ، باعتبارها الأساس الذي تُبنى عليه هويّته وشخصيّته وارتباطه الثقافيّ والمجتمعيّ، فهي الركيزة التي يجب أن تتمحور حولها تنشئته، سواء تعلّمها وحدها، أم إلى جانب لغات أخرى. بذلك، سيكبر الطفل وهو يمتلك قدرة على التفاعل مع البيئات متعدّدة الثقافات، وكفاءة في التواصل بمختلف اللغات المتبنّاة، لكن تحت مظلّة هويّته العربيّة وإتقانه الكامل للغته الأمّ.  الاستمراريّة  الممارسة المستمرّة للغتَين أمر ضروريّ. قد يكون طفلك خجولًا بشأن استخدام كلتا اللغتَين أو إحداهما، لذا، كلّ ما عليك فعله هو دعمه وتشجيعه، بابتكار مواقف يحتاج فيها إلى استخدام اللغتَين يوميًّا.  تنويع أساليب ممارسة اللغة  من المرجّح أن يتفاعل الأطفال مع اللغات أكثر عندما يشعرون أنّها ممتعة. لذا، يمكن أن يؤدّي غناء الأغاني، أو مشاهدة الرسوم المتحرّكة، أو ممارسة الألعاب ثنائيّة اللغة، إلى جعل تعلّم اللغة تجربة جميلة ومحبّبة.  هبة تدوم لطفلك مدى الحياة   نعلم أنّ الأمر ليس بهذه السهولة، وأنّه يتطلّب وقتًا وجهدًا لتعليم الطفل أكثر من لغة. لكن عليك أن تنظر إلى الأمر على أنّه هبة تدوم مع طفلك مدى الحياة. ثنائيّة اللغة، أو التعدّد اللغويّ يثري عقل طفلك، ويوسّع آفاقه، ويزوّده بالأدوات اللازمة للتنقّل في عالم متنوّع، بشكل أكثر مرونة وسهولة. لا تقلق، ستتفاجأ بقدرة طفلك الكبيرة على الالتزام والاستمراريّة، لا سيّما إذا تعلّق الأمر بتعلّم لغة جديدة.  ومع زيادة أهمّيّة وسائل التواصل الاجتماعيّ والمجتمع الرقميّ المتطوّر، أصبح التواصل المفتاح للمكانة الاجتماعيّة والمهنيّة. لذا، فإنّ توفير القدرة على التحدّث بأكثر من لغة للطفل، يعدّ استثمارًا في مستقبله.    المراجع https://www.asha.org/public/speech/development/learning-more-than-one-language/#:~:text=Children%20can%20learn%20to%20use,one%20language%20better%20than%20others.  https://www.communicationcommunity.com/can-i-teach-my-child-two-languages-yes/   

ما تأثير غياب الأب في الطفل؟

لطالما كان يُنظر إلى الآباء باعتبارهم أكثر من مجرّد شخصيّاتٍ أبويّةٍ، فهم مرشدون، وحماةٌ، وقدوةٌ، بل وأصدقاء يساعدون في تشكيل شعور الطفل بذاته ومكانته في العالم. ولكن ماذا يحدث عندما يُفقد هذا الوجود الحيويّ؟ في جميع أنحاء العالم، يكبر ملايين الأطفال من دون آبائهم بسبب ظروفٍ مختلفةٍ، من الطلاق والوفاة، إلى السجن والسفر. وفي حين أنّ تجربة كلّ طفلٍ فريدةٌ من نوعها، فإنّ غياب الأب غالبًا ما يترك بصماتٍ ملحوظةً على التطور العاطفيّ والاجتماعيّ والإدراكيّ للطفل. يتيح لنا استكشاف هذه التأثيرات فهمًا أفضل لكيفيّة دعم الأطفال الذين يواجهون هذا التحدّي، وضمان حصولهم على الأدوات اللازمة للنجاح، على الرغم من غياب شخصيّة الأب.    دور الأب في تنشئة الطفل  للآباء أدوارٌ فريدةٌ ومتكاملةٌ في تربية الأبناء. تُظهر الدراسات أنّ الآباء يميلون إلى المشاركة في أنماطٍ مختلفةٍ من التفاعل مع الأبناء، مقارنةً بالأمّهات. على سبيل المثال، غالبًا ما يكون الآباء أكثر مرحًا جسديًّا، ويشجّعون على المخاطرة والمغامرة، ويدفعون الأطفال إلى استكشاف ما هو أبعد من مناطق راحتهم. يمكن أن تساعد هذه الديناميكيّة الأطفال على بناء الثقة والمرونة والاستقلال.  بالإضافة إلى تفاعلاتهم المباشرة، يسهم الآباء أيضًا في استقرار الأسرة، بتقديم الدعم الماليّ، ونمذجة العلاقات الصحّيّة، وغرس الشعور بالأمان. يعني وجود الآباء وجود التقدير والأمان والدعم الذي يجب أن يشعر به كلّ طفلٍ، لينشأ بطريقةٍ صحّيّةٍ، ولكنّ غيابه يعني أنّ الطفل سيعاني فجواتٍ في نموّه العاطفيّ والاجتماعيّ والنفسيّ.    تأثير غياب الأب في الطفل  قد يؤثّر غياب الأب في الأطفال بعدّة طرقٍ، من الصراعات العاطفيّة إلى القضايا السلوكيّة طويلة الأمد. في حين أنّ تجربة كلّ طفلٍ فريدةٌ من نوعها، وتتأثّر بعوامل مختلفةٍ، مثل دعم الأمّ، والظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة، إلّا أنّ هناك أنماطًا معيّنةً، تظهر لدى مختلف الأطفال الذين عاشوا تجربة غياب الأب.    التأثير العاطفيّ والنفسيّ  غالبًا ما يترك غياب الأب فجوةً في نمذجة سلوك الذكور وهويّتهم. فقد يكافح الذكور تحديدًا في تكوين شعورٍ واضحٍ بالذات، وبدورهم ذكورًا وسط أسرهم الصغيرة، في السياقات التي ترتبط فيها الرجولة بالأدوار التقليديّة، مثل توفير احتياجات الأسرة، أو حماية الأحبّاء. ومن دون وجود نموذجٍ ذكوريٍّ يتعلّمون منه، فقد يلجؤون إلى مجموعة أقرانٍ أو غيرها من التأثيرات، بغاية التأكّد من دورهم، وهو ما قد يؤدّي إلى سلوكيّاتٍ غير صحّيّةٍ في كثيرٍ من الأحيان. في بعض الحالات، قد يتضمّن هذا تعاطي المخدّرات، أو الانضمام إلى مجموعات الجانحين، أو اللجوء إلى العنف، لتأكيد الهيمنة، خصوصًا على الأمّ والأخوات في المنزل.  بالنسبة إلى الفتيات، يمكن أن يؤثّر غياب الأب في احترامهنّ لذواتهنّ، وإدراكهنّ لطبيعة العلاقات مع الرجال. في مجتمعاتنا، حيث يُتوقّع من الآباء أن يكونوا مصدر الأمان والحماية للإناث، قد يؤدّي غيابهم إلى جعل الفتيات أكثر عرضةً للاستغلال أو العلاقات غير الصحّيّة، إذ قد يسعين إلى الشعور بدور الذكر في حمايتهنّ، لكنهنّ سيبحثن عنه في مكانٍ آخر خارج المنزل. قد يتجلّى هذا بشكلٍ خاصٍّ في البيئات التي يتمّ فيها تطبيع الزواج المبكّر، أو الاعتماد على الشخصيّات الذكوريّة، ما قد يؤدّي إلى أنماطٍ ضارّةٍ في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.    الأداء الأكاديميّ  يرتبط غياب الأب بانخفاض التحصيل الأكاديميّ لدى الأطفال ارتباطًا شبه مباشر. فقد وجدت دراسةٌ أجرتها سارة إي. ماكلاناهان وجاري سانديفر، والتي تمّ تفصيلها في كتابهما Growing Up with a Single Parent، أنّ الأطفال الذين ليس لديهم أبٌ في المنزل، أكثر عرضةً إلى الحصول على درجاتٍ أقلّ، ومعدّلاتٍ أعلى في احتماليّة ترك الدراسة، وانخفاض احتماليّة الالتحاق بالجامعة.  يمكن أن يعود هذا إلى عدّة عوامل، منها انخفاض الموارد الماليّة، والافتقار إلى نموذجٍ يحتذى به من الذكور، وزيادة الضغوط في الأسر التي يعولها أحد الوالدين. فغالبًا ما يقدّم الآباء إرشاداتٍ وبنيةً فريدةً من نوعها، والتي يمكن أن تؤثّر بشكلٍ إيجابيٍّ في مواقف الأطفال تجاه التعليم والانضباط.    القضايا السلوكيّة  تعدّ المشاكل السلوكيّة نتيجةً شائعةً أخرى لغياب الأب. أظهرت الدراسات أنّ الأطفال من المنازل التي ليس فيها أبٌ، أكثر عرضةً لإظهار العدائيّة والانحراف وتعاطي المخدّرات. على سبيل المثال، وجد تقريرٌ صدر سنة 2011 عن وزارة الصحّة والخدمات الإنسانيّة الأمريكيّة، أنّ الأولاد الذين ليس لديهم أبٌ، أكثر عرضةً للانخراط في سلوكٍ إجراميٍّ في المراهقة.  يؤثّر غياب الأب أيضًا في الفتيات، ولكن بطرقٍ مختلفةٍ، إذ ينعكس هذا الغياب على تكوينهنّ النفسيّ وسلوكهنّ الاجتماعيّ. فالفتيات اللواتي يكبرن من دون الأب، قد يعانين حرمانًا عاطفيًّا يدفعهنّ إلى البحث عن تعويضٍ غير واعٍ لهذا الفراغ، ما قد يؤدّي إلى تدنّي تقديرهنّ لذواتهنّ، وقد ينعكس على إنجازهنّ الدراسيّ أو المهنيّ. كما قد يظهر أثر الغياب في سلوكيّاتٍ عدائيّةٍ تجاه الجنس الأخر، أو الشعور بعدم الأمان العاطفيّ، نتيجة افتقارهنّ إلى التوجيه الأبويّ، والدعم الذي يعزّز شعورهنّ بالاستقرار النفسيّ.    التطوّر الاجتماعيّ  غالبًا ما يمثّل الآباء قدوةً في التعامل مع الآخرين، إذ يمكن لوجودهم أن يعلّم الأطفال التواصل بشكلٍ فعّالٍ، وحلّ النزاعات بطرقٍ سلميّةٍ، وبناء علاقاتٍ صحّيّة. غياب شخصيّة الأب يجعل الأطفال يكافحون لتطوير هذه المهارات، خصوصًا الذكور منهم الذين سيفتقدون القدوة الذكوريّة، ما يؤدّي بهم إلى صعوباتٍ في تكوين الصداقات والعلاقات، والحفاظ عليها في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.     الصراعات الماليّة  في كثيرٍ من الحالات، يؤدّي غياب الأب إلى عدم الاستقرار الماليّ، لا سيّما في الأسر التي كان فيها الأب هو المعيل الوحيد، إذ قد يكون لدى الأمّ وصولٌ محدودٌ إلى وظائف ذات رواتب جيّدةٍ، أو أنظمة دعمٍ اجتماعيّ. يمكن أن تؤدّي هذه الصعوبات الماليّة إلى تعطيل أو تأخّر تعليم الطفل، وتقييد وصوله إلى الموارد التي يحتاج إليها لنموّه. كما قد تؤدّي إلى الشعور بالاستبعاد من الأقران القادمين من منازل أكثر استقرارًا. في بعض الحالات، يمكن أن تؤدّي الوصمة المرتبطة بغياب الآباء - سواء بسبب الطلاق أو الهجر أو الوفاة - إلى عزل الأطفال اجتماعيًّا بشكلٍ أكبر، ما يجعلهم يشعرون أنّهم "مختلفون" أو "غير مكتملين" مقارنةً بأقرانهم.    التخفيف من آثار غياب الأب  قد يسبّب وجود الأطفال من دون آباء مجموعةً من المشكلات للأمّ. وعلى الرغم من هذا، فالعديد من الأطفال في الأسر التي ليس فيها أبٌ، يكبرون ليعيشوا حياةً سعيدةً وناجحةً، وذلك بفضل مرونة الطفل، ودعم الأسرة والمجتمع والأنظمة الاجتماعيّة. في الآتي بعض الاستراتيجيّات للمساعدة في التخفيف من آثار غياب الأب:  دورٌ أموميٌّ قويّ  غالبًا ما تتولّى الأمّهات مسؤوليّاتٍ إضافيّةً في الأسر التي ليس فيها أبٌ، فتقدّم الدعم العاطفيّ والعمليّ. وعلى الرغم من أنّ هذا قد يكون مرهقًا، إلّا أنّ وجود الأمّ بحبّها وحنانها، يمكن أن يساعد الأطفال في تطوير شعورٍ آمنٍ بالارتباط والقيمة الذاتيّة.    نماذج الذكور الإيجابيّة  في غياب الأب، يمكن لشخصيّاتٍ ذكوريّةٍ أخرى - مثل الأعمام والأخوال والأجداد والمعلّمين وأصدقاء العائلة - التدخّل لملء الفجوة ولو قليلًا. يمكن أن توفّر نماذج الذكور الإيجابيّة التوجيه والدعم والشعور بالاستقرار، وهذا يساعد الأطفال في التغلّب على التحدّيات، وتطوير سلوكيّاتٍ اجتماعيّةٍ صحّيّة.    المحافظة على الروتين والقواعد في المنزل  يعّد اتّباع روتينٍ منتظمٍ من أفضل الطرق والأساليب لبناء الشعور بالانضباط لدى الأطفال، وجعل الحياة اليوميّة أسهل. فهو يوفّر النظام الذي يتوقّعه الطفل ويحتاج إليه، لتعزيز شعور الأمان داخل المنزل وخارجه. كما يعلّم الأطفال منذ سنٍّ مبكّرةٍ اتّباع القواعد. لذا، من المهمّ أن يكون جميع أفراد الأسرة على درايةٍ بالقواعد التي تضعها الأمّ أو مقدّم الرعاية، وأن يلتزموا بتطبيقها حتّى في غياب الأمّ، وذلك لتوفير جوٍّ من التناسق والانسجام في التعليمات والقواعد، خصوصًا في الأسر الممتدّة.    ***  لا شكّ أنّ غياب الأب يشكّل حياة الطفل بطرقٍ معقّدةٍ، ويؤثّر في رفاهيّته العاطفيّة، ونجاحه الأكاديميّ، وتطوّره الاجتماعيّ. ومع ذلك، من المهمّ بالقدر نفسه إدراك أنّ الأطفال يتمتّعون بالمرونة والقدرة على النجاح، مع وجود العوامل والدعم المناسب. ففي حين يفرض غياب الأب تحدّياتٍ جمّةً، إلّا أنّه يمكن التخفيف من حدّتها بالوجود القويّ والفعّال لدور الأمّ، والقدوة الإيجابيّة، والاستشارة عند الحاجة إلى ذلك.    المراجع https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8    https://www.sehatok.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D8%A4%D8%AB%D8%B1-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%AA%D8%9F#:~:text=%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%B7%D8%A8%D9%82%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A8%D8%B4%D9%83%D9%84%20%D8%AE%D8%A7%D8%B5%20%D8%B9%D9%84%D9%89,%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%B5%20%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9%20%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%20%D9%81%D9%8A    https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1_%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1    https://en.wikipedia.org/wiki/Father_absence#:~:text=Research%20has%20shown%20that%20children,health%2C%20and%20their%20well%20being. 

متى تتكوّن شخصيّة الطفل؟

لعلّ الشخصيّة واحدة من أكثر الجوانب إثارة للاهتمام في علم النفس البشريّ، وذلك لتأثيرها في تفكيرنا وشعورنا وسلوكنا، وتشكّل علاقاتنا ومساراتنا المهنيّة، وحتّى كيفيّة إدراكنا للعالم. ولكن متى بالضبط تتشكّل شخصيّة الإنسان؟ أثار هذا السؤال فضول علماء النفس والمعلّمين والآباء لعقود من الزمن. إنّ فهم متى وكيف تتشكّل شخصيّة الطفل لا يمنحنا نظرة ثاقبة حول التطوّر البشريّ فحسب، بل يقدّم أيضًا أدوات عمليّة لتعزيز النموّ العاطفيّ والاجتماعيّ الصحّيّ لدى الأطفال.    ما الشخصيّة؟  قبل الخوض في الرحلة الزمنيّة لتكوين الشخصيّة، من المهمّ معرفة ماهيّة الشخصيّة. تشير الشخصيّة في علم النفس إلى المجموعة الفريدة من الأفكار والعواطف والسلوكيّات التي تميّز الفرد باستمرار، والتي غالبًا ما يتمّ وصفها بسمات مثل الانفتاح على الخبرة والتجارب؛ وتوصف كالتالي (مبدِع، فضوليّ مقابل متجانس، حذِر)، ويقظة الضمير والوعي؛ وهو أن يكون للشخص دور فعّال في المواقف الحياتيّة المختلفة، وتوصف كالتالي (فعّال، منظّم مقابل غير منضبط، وغير مبالٍ)، والانبساطيّة التي تعود للصفات الاجتماعيّة للشخص الذي يسعى خلف الأشياء المثيرة، وتوصف كالتالي (غير متحفّظ، مفعم بالطاقة مقابل منعزل، متحفّظ)، والطيبة والطبع اللطيف، والتي تتجلّى في الخصائص السلوكيّة الفرديّة، وتوصف كالتالي (ودود، شغوف مقابل متحَدٍ، منفصل)، وأخيرًا العصابيّة، والتي توصف كالتالي (حسّاس، قلق مقابل مطمئنّ، واثق) - والمعروفة باسم سمات الشخصيّة الخمس. يمكن لهذه السمات التنبّؤ بجوانب مختلفة من السلوك والتفاعل، وتتضمّن الاستقرار العاطفيّ، والتواصل الاجتماعيّ، وأخلاقيّات العمل.    العوامل المؤثّرة في شخصيّة الطفل  تشير الأبحاث إلى أنّ الشخصيّة تتأثّر بكلّ من الاستعدادات الوراثيّة والعوامل البيئيّة، كما تشير إلى أنّ حوالي 40-60% من سمات شخصيّتنا قد تكون وراثيّة، أي إنّها تتأثّر بتركيبتنا الجينيّة. أمّا الباقي فيتشكّل بالتجارب البيئيّة، مثل التنشئة والثقافة والتفاعلات الاجتماعيّة.  لنستعرض أهمّ العوامل التي تؤثّر في شخصيّة الطفل:  تأثير الوالدين  من أهمّ العوامل التي تؤثّر في شخصيّة الطفل ما يصدر عن والديه؛ فهما الأكثر تفاعلًا معه والتصاقًا به. ويظهر تأثيرهما بطريقة تعاملهما معه، والأجواء الأسريّة التي يوفّرانها، وتصرّفاتهما وطريقة تعاملهما مع الآخرين، إذ يتعلّم الطفل منهما مباشرة، ويكتسب كثيرًا من سلوكيّاته من علاقته معهما.  بيئة المنزل  يعدّ وجود الاستقرار في المنزل الذي ينشأ فيه الطفل أساسًا لتنشئة طفل ذي صحّة عقليّة سليمة، ومن أشكاله الاستقرار النفسيّ والاستقرار المادّيّ.  البيئة المدرسيّة  تؤثّر البيئة المدرسيّة أيضًا في شخصيّة الطفل، باعتبار أنّه يقضي في المدرسة معظم وقته مختلطًا مع أقرانه ومعلّميه. ولهذا، من المهمّ أن يحرص الوالدان على التحاق طفلهما بمدرسة تدمج في مقرّراتها بين المناهج الصفّيّة واللاصفّيّة، لضمان نموّ شخصيّته بشكل سليم.  الثقافة  تؤدّي ثقافة الأسرة دورًا محوريًّا في تكوين شخصيّة الطفل وتشكيل نظرته إلى العالم، إذ تُنقل إليه القيم والممارسات الاجتماعيّة السائدة في بيئته بالتربية اليوميّة والتقاليد التي يعيشها داخل المنزل. فعندما ينشأ الطفل في بيئة تضمّ ثقافات متعدّدة، فإنّه يتعرّض إلى مزيج من المؤثّرات. فالثقافة المحيطة تقدّم له القيم والمعايير المجتمعيّة العامّة، بينما تغرس ثقافة العائلة المبادئ والعادات التي تعكس هويّة الأسرة. مع مرور الوقت، يتداخل هذا التأثير المتبادل، ليشكّل مجموعة من الأفكار والمعتقدات والسلوكيّات التي تميّز شخصيّة الطفل.  أساليب التربية  شخصيّة الطفل نتاج الأساليب التربويّة التي يطبّقها عليه والداه؛ فإذا كانت هذه الأساليب تتضمّن ممارسات سلبيّة، مثل الإفراط في الحماية مثلًا، فقد يكتسب الطفل سلوكيّات سلبيّة، مثل الأنانيّة أو عدم تحمّل المسؤوليّة، والأمر نفسه ينطبق على أساليب التربية الإيجابيّة، والتي تكسب الطفل سلوكيّات إيجابيّة، مثل الصدق والانضباط.    متى تتكوّن شخصيّة الطفل؟  إنّ تكوين الشخصيّة ليس حدثًا منفردًا يحدث بشكل مفاجئ، بل عمليّة تدريجيّة تتكشّف وتتغيّر بمرور الوقت. يتّفق علماء النفس عمومًا على أنّ أساس الشخصيّة يبدأ في الظهور في مرحلة الطفولة، لكنّه يستمرّ في التطوّر حتّى مرحلة البلوغ. دعونا نقسم هذا إلى مراحل رئيسة:  الطفولة (من الولادة إلى عمر السنتين)  تعدّ أوّل سنتين من حياة الطفل من أكثر المراحل أهمّيّة لتطوّر شخصيّته. فأثناء هذا الوقت، يبدأ الطفل في التعبير عن مزاجه، وهو مقدّمة للشخصيّة التي سيكوّنها مع الوقت. يشير المزاج إلى أنماط السلوك الفطريّة للطفل وردود فعله العاطفيّة، مثل كونه سهل الانقياد، أو صعب الإرضاء، أو شديد الحساسيّة، أو سريع الانفعال. في حين أنّ المزاج ليس هو نفسه الشخصيّة، إلّا إنّه يؤسّس للبِنات الأساسيّة لسمات الشخصيّة اللاحقة.  تُعدّ نظريّة "مراحل النموّ النفسيّ الاجتماعيّ" لإريك إريكسون من النظريّات المؤثّرة في علم النفس التنمويّ. وفي مرحلتها الأولى، "الثقة مقابل عدم الثقة"، التي تحدث في الطفولة المبكّرة، يرى إريكسون أنّ تلبية الوالدين لاحتياجات الطفل الأساسيّة بشكل منتظم تُنمّي لديه شعورًا بالثقة، ما يشكّل الأساس لشخصيّة صحّيّة. وتُعدّ الأمّ بطلة هذه المرحلة، كونها المصدر المباشر للطعام والراحة. أمّا في حال فشل الوالدين في توفير بيئة آمنة وتلبية تلك الاحتياجات، فقد ينشأ لدى الطفل شعور بعدم الثقة، ما قد يتطوّر لاحقًا إلى إحساس بالخيبة والشكّ والعزلة وانعدام الأمان.  مرحلة الطفولة المبكّرة (من 2 إلى 6 سنوات)  بحلول الوقت الذي يصل فيه الطفل إلى مرحلة الطفولة المبكّرة، تصبح سمات شخصيّته أكثر وضوحًا. تتميّز هذه الفترة بظهور الاستقلال والوعي الذاتيّ والتفاعل الاجتماعيّ. يبدأ الأطفال في هذه المرحلة في تأكيد استقلاليّتهم - أحيانًا بنوبات الغضب والتحدّي - ولكنّ هذا جزء طبيعيّ من نموّهم. إذ يعتقد علماء النفس أنّ التفاعلات المبكّرة مع الوالدين والعائلة في هذه المرحلة، تؤدّي دورًا مهمًّا في تشكيل الشخصيّة.  عنوان هذه المرحلة وفقًا لنظريّة مراحل النموّ النفسيّ الاجتماعيّ: "الاستقلاليّة مقابل الشكّ". إذا شجّع الوالدان الطفل على سلوك الاكتفاء الذاتيّ، سيجعله هذا يطوّر شعورًا بالاستقلاليّة، وهو الإحساس بالقدرة على التعامل مع مشاكل عديدة بنفسه. ولكن إذا طلب الوالدان من الطفل أن يتقدّم بسرعة كبيرة في هذا الجانب في وقت قصير، أو رفضا تركه يؤدّي مهامه التي يقدر عليها، أو تهكّما على محاولاته الأولى بالاكتفاء الذاتيّ، قد يطوّر الأطفال شعورًا بالخزي والشكّ في قدرتهم على معالجة المشاكل.  مرحلة الطفولة الوسطى (من 6 إلى 12 سنة)  في مرحلة الطفولة الوسطى، تصبح شخصيّات الأطفال أكثر استقرارًا وصقلًا، فيبدؤون في مقارنة أنفسهم بالآخرين، وينمو شعورهم بالهويّة والإنجاز. لذلك يتجلّى عنوان هذه المرحلة بسؤال: "هل يمكن أن أنجز في عالم الناس والأشياء من حولي؟" وتصبح بيئات المدرسة والعلاقات مع الأقران مؤثّرة بشكل كبير في هذا الوقت. على سبيل المثال، قد يطوّر الطفل الذي يتلقّى الثناء والتشجيع على جهوده في المدرسة شعورًا بالكفاءة والثقة. من ناحية أخرى، قد يؤدّي النقد أو الرفض إلى الشعور بعدم الكفاءة. لذلك، فإنّ الأزمة أو السمة النفسيّة التي يواجهها الطفل في هذه المرحلة هي الجدّ مقابل الدونيّة.  تمثّل هذه المرحلة أيضًا تطوّر التفكير الأخلاقيّ والتعاطف، وهما جزء لا يتجزّأ من الشخصيّة. يمكن أن تؤثّر قدرة الطفل على فهم وجهات نظر الآخرين وتنظيم عواطفهم في علاقاته الاجتماعيّة وشخصيّته بشكل عامّ.    مرحلة المراهقة (من 13 إلى 19 سنة)  المراهقة فترة تحوّليّة تترسّخ أثناءها سمات الشخصيّة، وهي المرحلة التي تتمحور حول سؤال: "من أنا، ومن يمكن أن أكون؟" تتميّز هذه المرحلة بالتغيّرات الجسديّة والعاطفيّة والإدراكيّة السريعة، فضلًا عن البحث عن الهويّة. ووفقًا لإريكسون، فالأزمة النفسيّة التي يواجهها الطفل في هذه المرحلة المهمّة من حياته تتمثّل في "الهويّة مقابل التشوّش في فهم الدور في الحياة"، والتي على ضوئها تتطوّر شخصيّة الطفل. يجرّب المراهقون أدوارًا ومعتقدات وقيمًا مختلفة لتكوين شعور متماسك بالذات.    ***  تكوين الشخصيّة عمليّة ديناميكيّة ومعقّدة، تبدأ في الطفولة وتستمرّ طوال الحياة. وفي حين أنّ الاستعدادات الوراثيّة تضع الأساس للشخصيّة، إلّا أنّ العوامل البيئيّة وتجارب الحياة تؤدّيان دورًا حاسمًا في تشكيل الشخصيّة التي سنصبحها.     المراجع https://dunedinstudy.otago.ac.nz/studies#:~:text=Sub%2DStudies%20of%20the%20Dunedin%20Study&text=The%20aim%20is%20to%20identify,by%20the%20Study%20members%20themselves.  https://trbeyah.com/r/%D9%85%D8%AA%D9%89-%D8%AA%D8%A8%D9%86%D9%89-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84#:~:text=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D8%AA%D8%A8%D9%86%D9%89%20%D9%81%D9%8A%D9%87%20%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84,-%D9%85%D9%86%20%D8%A3%D9%87%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA&text=%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84%20%D9%87%D8%B0%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA%20%D8%A3%D9%8A%D8%B6%D9%8B%D8%A7%D8%8C%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A,%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81%D8%8C%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B2%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D8%8C%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3.  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%88_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A  https://www.cliffsnotes.com/study-guides/psychology/development-psychology/psychosocial-development-age-26/personality-development-age-26 

ما العمر المناسب لترك الطفل بمفرده في الغرفة؟

يمثّل تحديد السنّ المناسب ليبدأ الطفل النوم بمفرده في غرفة مستقلّة تحدّيًا كبيرًا للآباء، إذ تعتمد قدرة الأطفال على قضاء الوقت بمفردهم على مجموعة من العوامل، منها مستوى نضجهم، ومدى أمان البيئة في الغرفة التي يبقون فيها. وفي حين أنّ بعض الاستقلال يشكّل جزءًا صحّيًّا من نموّ الطفولة، إلّا أنّ ترك الطفل من دون إشراف في وقت مبكّر جدًّا، قد تكون له عواقب وخيمة على سلامته.  سيناقش هذا المقال الاعتبارات اللازمة لاتّخاذ القرار بشأن متى يكون من الآمن ترك الطفل بمفرده في غرفته، والعواقب المحتملة للوقت المبكّر من دون إشراف.    ماذا يعني أن يكون الطفل" وحيدًا في غرفة"؟  أوّلًا، من المهمّ تحديد ما نعنيه بـ "وحيد في غرفة". هذا لا يعني بالضرورة ترك الطفل في المنزل بمفرده، بل ترك الطفل بمفرده في غرفة داخل المنزل من دون مراقبة، بينما يكون أحد الوالدين قريبًا. قد يعني هذا ترك طفل صغير يلعب بمفرده في غرفة نومه، بينما أنت في المطبخ، أو تركه ينام على سريره بمفرده في غرفة نومه.  يعتمد العمر الذي يصبح فيه هذا مناسبًا، على عوامل متعدّدة، مثل عمر الطفل، والنضج العاطفيّ، وتدابير السلامة المعمول بها.    إرشادات العمر المناسب لترك الطفل بمفرده في الغرفة  في حين لا يوجد عمر متّفق عليه عالميًّا لترك الطفل من دون إشراف، إلّا أنّ علماء النفس التنمويّ وخبراء طبّ الأطفال يقدّمون بعض الإرشادات العامّة، بناءً على الفئة العمريّة وقدرات الطفل.  الرضّع والأطفال الصغار (0-3 سنوات)  النصيحة: لا ينبغي ترك الرضّع والأطفال الصغار بمفردهم في الغرفة أبدًا، حتّى لفترات قصيرة، إلّا إذا توافرت بيئة آمنة خالية قدر المستطاع من الأشياء التي تشكّل خطرًا عليهم، مثل الأواني الزجاجيّة، أو أيّ أداة حادّة الزوايا، فالأطفال في هذه المرحلة يفتقرون إلى القدرة على الحفاظ على أنفسهم سالمين. كما يجب توفير أسرّة مؤمّنة بحيث لا يسقط منها الطفل، إلى جانب مراعاة أن تكون الغرفة قريبة من مسمع الوالدين، أو استخدام جهاز مراقبة الطفل الصوتيّ، ليتمكّن الوالدان من سماع طفلهم عند بكائه أو ندائه لهم.   السبب: في هذه المرحلة، يعتمد الأطفال كلّيًّا على الوالدين، أو على من يرعاهم، لتلبية احتياجاتهم الأساسيّة. لذلك قد يؤذون أنفسهم عن طريق الخطأ، أو يختنقون بأشياء صغيرة، أو قد يعانون حالة ضيق عند تركهم بمفردهم.   الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة (3-5 سنوات) النصيحة: يجوز ترك الطفل في سنّ ما قبل المدرسة بمفرده في غرفة خلال النهار لفترات وجيزة، ولكن فقط في بيئة آمنة ومحميّة، مع تفقّده بشكل متكرّر خلال هذه الفترة. كما من المناسب أيضًا البدء بتشجيع الأطفال في هذا السنّ على النوم بمفردهم في غرفتهم الخاصّة، في حال كان ما يزال الطفل ينام مع أبويه في الغرفة نفسها.   السبب: يبدأ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة في تطوير شعور الاستقلال، ولكنّهم ما زالوا يفتقرون إلى الحكمة في التعرّف إلى المخاطر المحتملة أو تجنّبها. قد يحاولون تسلّق الأثاث، أو الوصول إلى أشياء غير آمنة، أو الخروج من الغرفة. من جهة أخرى، سيساعدهم النوم في مساحتهم الخاصّة في تعزيز الثقة والاستقلال.     الأطفال في سنّ المدرسة (6-10 سنوات)  النصيحة: في هذه المرحلة، يمكن ترك الأطفال بمفردهم في غرفة لفترات أطول، بشرط أن تكون البيئة آمنة، وأن تكون قد علّمتهم قواعد السلامة.  السبب: الأطفال في سنّ المدرسة أكثر قدرة على فهم الحدود واتّباع التعليمات. ومع ذلك، لا يزالون بحاجة إلى الإشراف على الأنشطة التي تنطوي على مخاطر محتملة، مثل الطهو أو استخدام الأجهزة الكهربائيّة.    الأطفال في سنّ ما قبل المراهقة والمراهقون (11 سنة فأكثر)  النصيحة: يمكن للأطفال الأكبر سنًّا عادةً التعامل بشكل جيّد مع تركهم بمفردهم في غرفة لفترات طويلة، ولا سيّما إذا أظهروا المسؤوليّة. ومع ذلك، فإنّه لا يزال من الضروريّ مراعاة المدّة والظروف.  الأسباب: عادةً ما يتمتّع الأطفال في سنّ ما قبل المراهقة والمراهقون بالقدرة المعرفيّة على إدارة أنفسهم بأمان. ومع ذلك، فإنّ العزلة المفرطة في غرفهم يمكن أن تؤدّي إلى مخاوف اجتماعيّة أو عاطفيّة تجب مراقبتها.    عوامل تجب مراعاتها لترك الطفل بمفرده  بعيدًا عن العمر، هناك عدّة عوامل تحدّد متى يكون من المناسب ترك الطفل بمفرده في الغرفة، وتشمل:  - مستوى النضج: قد يكون بعض الأطفال أكثر مسؤوليّة وحذرًا من غيرهم من العمر نفسه. على الأهل تقييم قدرة أطفالهم على اتّباع التعليمات، والتعامل مع المواقف غير المتوقّعة.  - سلامة البيئة: يجب التأكّد من خلوّ الغرفة من مخاطر الاختناق، أو الأشياء الحادّة، أو الموادّ الخطرة (مثل موادّ التنظيف أو الأدوية)، قبل ترك الأطفال الصغار فيها بمفردهم.   - طول المدّة: قد يكون ترك الأطفال الصغار فترات قصيرة من الوقت بمفردهم مناسبًا، بينما يمكن للأطفال الأكبر سنًّا التعامل مع فترات أطول.  - الوصول إلى المساعدة: على الأهل التأكّد من أنّ الأطفال يعرفون كيفيّة الوصول إليهم، أو إلى شخص بالغ موثوق به آخر في حالات الطوارئ.  - الحالة العاطفيّة للطفل: قد يعاني بعض الأطفال قلق الانفصال أو الخوف عند تركهم بمفردهم، ما قد يؤثّر في سلامتهم العاطفيّة.    عواقب ترك الطفل بمفرده في وقت مبكّر جدًّا  ترك الطفل بمفرده في غرفة يتطلّب مراعاة عوامل التطوّر الفرديّ، إذ يمكن أن ترافقه فوائد تربويّة إذا تمّ ذلك بشكل تدريجيّ ومناسب، ولكنّه قد يسبّب عواقب سلبيّة أيضًا، إذا جاء في وقت غير مناسب، أو لم يرافقه إعداد كافٍ. في ما يأتي بعض العواقب السلبيّة التي قد تنتج عن ترك الطفل بمفرده في وقت لم يكن الطفل جاهزًا فيه:  المخاطر الجسديّة  - الأطفال الصغار فضوليّون بطبيعتهم، وقد يستكشفون بيئتهم بطرق غير آمنة، مثل تسلّق الأثاث، أو ابتلاع الأشياء الصغيرة، أو اللعب بالمنافذ الكهربائيّة.  - وفقًا لمجلّة جراحة الأطفال، فإنّ الإصابات العرضيّة أحدُ الأسباب الرئيسة لزيارات الطوارئ بين الأطفال دون سنّ الخامسة. غالبًا ما تحدث هذه الإصابات عندما يكون الأطفال غير خاضعين للإشراف، وهذا يؤكّد على أهمّيّة التخطيط المسبق لتأمين سلامة الطفل في بيئة آمنة، خالية من مخاطر الإصابات المباشرة المحتملة.    التأثيرات العاطفيّة والنفسيّة  - ترك الطفل بمفرده لفترات قصيرة ومناسبة لعمره قد يساعده على تطوير الشعور بالاستقلاليّة والثقة بالنفس. ومع ذلك، فإنّ الفترات الطويلة، أو الغياب الكامل للتفاعل مع الوالدين، قد يؤدّي إلى شعور الطفل بالخوف أو القلق.  - وجدت دراسة أجريت سنة 2019، ونشرت في مجلّة Developmental Science، أنّ توفير دعم عاطفيّ أثناء مراحل ترك الطفل بمفرده بشكل تدريجيّ، يساعده على بناء روابط آمنة مع والديه، ويقلّل من فرص ظهور مشكلات سلوكيّة في المستقبل. كما أنّه يعلّم الطفل الاعتماد على نفسه لتهدئة مشاعره، ويساعده في بناء مرونة عاطفيّة.    التأثير في المهارات الاجتماعيّة  بالنسبة إلى الأطفال الأكبر سنًّا، خصوصًا الأطفال ما قبل سنّ المراهقة والمراهقون، فإنّ منحهم وقتًا بمفردهم ضمن الحدود المناسبة يساعدهم على تنمية استقلاليّتهم وتنظيم وقتهم. ومع ذلك، تنبغي مراقبة الوقت الذي يقضونه في العزلة، لمنع الاعتماد الزائد على التكنولوجيا أو الشعور بالوحدة.    العمر المناسب لنوم الطفل في غرفة منفصلة  يختلف العمر المناسب للطفل للنوم في غرفة منفصلة حسب المعايير الثقافيّة، وتفضيلات الأسرة، واستعداد الطفل التنمويّ. ومع ذلك، يشير العديد من الخبراء إلى أنّ معظم الأطفال يكونون مستعدّين للانتقال إلى غرفهم الخاصّة بين سنّ 2 و4 سنوات، إذ يبدؤون في هذا الوقت بتطوير شعور الاستقلاليّة. فبعد سنّ العام الواحد، تقلّ الحاجة إلى مشاركة الغرفة، ويبدأ نوم الطفل وطعامه بالانتظام شيئًا فشيئًا، لذلك يمكن للوالدين مساعدة الأطفال تدريجيًّا على الانتقال إلى مساحتهم الخاصّة في هذا العمر. حتّى يكون انتقال الطفل إلى غرفته ناجحًا، من المهمّ إنشاء روتين ثابت لوقت النوم، يتضمّن أنشطة تهدف إلى تهدئة الطفل؛ مثل قراءة قصّة، أو احتضانه ومعانقته، لمساعدته على الشعور بالأمان قبل النوم. ولزيادة طمأنينة الطفل، تمكن زيادة بعض العناصر، مثل وضع لعبته المفضّلة بجانبه، أو توفير إضاءة ليليّة.  أمّا إذا كان الطفل يعبّر عن الخوف أو القلق بشأن النوم بمفرده، فقد يكون من المفيد تأخير الانتقال، أو استخدام خطوات تدريجيّة، مثل بقاء أحد الوالدين في الغرفة حتّى يطمئنّ الطفل وينام.    ***  لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع بشأن العمر المناسب لترك الطفل بمفرده في الغرفة. يعدّ العمر والنضج وسلامة البيئة عوامل حاسمة في تحديد الوقت المناسب. ففي حين يشكّل الاستقلال جزءًا مهمًّا من نموّ الطفل، فإنّ تركه من دون إشراف في وقت مبكّر جدًّا، قد يؤدّي إلى مخاطر تتعلّق بالسلامة والتحدّيات العاطفيّة والمخاوف السلوكيّة.    المراجع https://www.mumsnet.com/talk/_chat/4138765-What-age-could-you-leave-your-child-unsupervised-in-a-different-room-for-15-minutes  https://www.parents.com/baby/development/intellectual/the-value-of-solo-play/#:~:text=At%206%20months%2C%20a%20child,should%20last%20around%2030%20minutes.  https://huckleberrycare.com/blog/when-and-how-to-transition-your-baby-to-their-own-room 

ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟

تربية الأطفال رحلة مليئة بالحبّ والضحك، ولكنّها بالطبع لا تخلو من الصعوبات، بدءًا من ليالي السهر مع المولود الجديد، إلى مواجهة تقلّبات المراهقة العاطفيّة. كلّ مرحلة من مراحل الأبوّة والأمومة تأتي بتجاربها الخاصّة ونجاحاتها المتفرّدة. ولكن، يبقى السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الأهل منذ اللحظة التي يعرفون فيها أنّهم سيرزقون بمولود، ألا وهو: ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  الإجابة عن هذا السؤال ليست بسيطة كما تبدو، فغالبًا ما يظنّ الأهل أنّ المراهقة أصعب مرحلة. لكنّ هذا الأمر متفاوت أيضًا، إذ يجد بعض الأهل أنّ مراحل معيّنة أصعب من غيرها، حسب عوامل مثل طبع الطفل، وديناميكيّة الأسرة، والظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة. ومع ذلك، يتّفق الكثير من الأهل وخبراء تنمية الطفل على أنّ هناك مراحل معيّنة تفرض تحدّيات خاصّة. في هذه المقالة، سنستعرض بعضًا من هذه المراحل، موضّحين لماذا تُعتبر صعبة، مع تقديم بعض النصائح لمساعدة الآباء والأمّهات في تجاوز كلّ منها.    مرحلة الطفولة المبكّرة: مرحلة الإرهاق الجسديّ  تعتبر الأشهر الأولى من حياة الطفل من الأكثر إرهاقًا للوالدين جسديًّا؛ ففي هذه المرحلة يحتاج الأطفال إلى اهتمام ورعاية مستمرّين، فهم يستيقظون عدّة مرّات في الليل، ويحتاجون إلى التغذية كلّ بضع ساعات، ولا يستطيعون التعبير بوضوح عن احتياجاتهم، ما يجعل الأمور تعتمد على التخمين أحيانًا، وكثيرًا ما ستنتهي محاولات فهم الطفل إلى الشعور بالإحباط.  بالإضافة إلى الإرهاق الجسديّ، تصطحب هذه المرحلة معها العديد من الصعوبات العاطفيّة. فالانتقال إلى دور الوالديّة قد يثير مشاعر معقّدة، مثل الفرح الممزوج بالقلق، والرضا المقرون بالشكّ الذاتيّ؛ إذ يشعر الكثير من الأهل بمسؤوليّة كبيرة، ويخشون عدم قدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم. وتزداد صعوبة هذه المرحلة بالنسبة للأهل الذين لا يتمتّعون بدعم كافٍ، سواء من شريك، أو من عائلتهم الكبيرة، أو من مجتمع داعم.  ومع ذلك، وعلى رغم صعوبة هذه المرحلة جسديًّا، فإنّه يُنظر إليها عادةً على أنّها مرحلة بسيطة من حيث فهم احتياجات الطفل، إذ تكون التحدّيات في هذه المرحلة لوجستيّة وجسديّة في الغالب؛ فالأطفال الرضّع يحتاجون إلى النوم والغذاء والحبّ، وليس لديهم بعدُ التعقيد العاطفيّ الذي يؤدّي إلى مشكلات سلوكيّة أو نفسيّة.    مرحلة الطفولة: مرحلة الصراع على الاستقلال  بمجرّد أن يصل الأطفال إلى مرحلة الطفولة – تقريبًا بين عمر سنة وثلاث سنوات – تبدأ شخصيّاتهم في الظهور، مع اكتشافهم الشعور بالاستقلاليّة. فمن جهة، تتميّز هذه المرحلة بلحظات اكتشاف وتطوّر رائعة، لكن من جهة أخرى، تغلب عليها نوبات الغضب والتصرّفات التي قد تبدو غير منطقيّة. ففي هذا العمر، يبدأ الأطفال بفهم مشاعرهم واستكشاف حدودهم، ما يؤدّي إلى صراعات على السلطة تتعلّق بكلّ شيء، من مواعيد النوم إلى أوقات الطعام.  يواجه الأطفال الصغار تحدّيًا في التعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم بالكلمات، ما يؤدّي إلى الشعور بالإحباط من كلا الجانبين. بالنسبة إلى الأهل، تصبح الأمور أشبه بعمليّة توازن دقيقة، إذ يحاولون الموازنة بين فرض الحدود وتشجيع استقلاليّة الطفل. ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المرحلة تتطلّب صبرًا واستمراريّة، إذ يميل الأطفال إلى التمرّد على القواعد، واختبار الحدود باستمرار.  تبرز صعوبة هذه المرحلة بشكل خاصّ لدى الأهل الذين اعتادوا على المزيد من السيطرة على حياتهم اليوميّة، لكنّ أساس تجاوزها بطريقة سليمة هو إدراك أنّ سلوكيّات الأطفال أثناءها مؤشّرات طبيعيّة على تطوّرهم، إذ يحتاجون إلى مساحة للاستكشاف، والوقوع في الأخطاء، وتحدّي القواعد من حين إلى آخر، فكلّ هذه الأمور مهمّة لنموّهم.    الطفولة المبكّرة: مرحلة "لماذا؟"  في سنّ 4 إلى 6 سنوات، يدخل الأطفال في مرحلة فضول كبير، ويبدؤون بطرح أسئلة لا حصر لها، تبدأ غالبًا بكلمة "لماذا؟". تُعتبر الطفولة المبكّرة مرحلة تطوّر سريع على الصعيدين المعرفيّ والاجتماعيّ، إذ يبدأ الأطفال في التساؤل عن العالم من حولهم. وعلى الرغم من أنّ فضولهم محبّب، إلّا أنّه قد يكون مرهقًا للأهل الذين يجدون أنفسهم مضطرّين إلى الإجابة عن كلّ سؤال تارةً، وتجنّب الأسئلة المحرجة تارةً أخرى.  في هذه المرحلة، يبدأ الأطفال بتكوين صداقات، وتطوير حسّ التعاطف، وتعلّم أساسيّات التعاون وحلّ النزاعات. يصبح الأطفال في هذه المرحلة أكثر اهتمامًا بالديناميكيّات الاجتماعيّة، وقد يواجهون أولى تجارب الرفض أو التنمّر، ما قد تكون مشاهدته مؤلمة للأهل. كما يبدأ الأطفال في هذه المرحلة فهم القواعد والأخلاق، ما يعني أنّها مرحلة حسّاسة للأهل، وتفرض عليهم الاستمراريّة في توجيه أطفالهم وتعليمهم.  يواجه الأهل في هذه المرحلة تحدّيًا في تحقيق التوازن بين التأديب والحريّة، إذ يرغبون في أن يستكشف أطفالهم ويتعلّموا الأشياء من حولهم، ويختبروا قدرتهم على التعامل مع مختلف المواقف الحياتيّة، ولكن عليهم أيضًا فرض الحدود وتعليمهم المسؤوليّة. يكمن التحدّي في دعم فضول الطفل واستقلاليّته، من دون أن يفقدهم ذلك شعورهم الطبيعيّ بالدهشة والحبّ للاكتشاف.    الطفولة المتوسّطة: مرحلة قلق الأقران  بين سنّ 6 و12 سنة، يدخل الأطفال ما يُعتبر غالبًا مرحلة "الهدوء قبل العاصفة"، أي مرحلة المراهقة. لكنّ الهدوء أثناءها لا يعني أنّها ستكون سهلة تمامًا. مع دخول الأطفال إلى المدرسة، يصبحون أكثر تأثّرًا بأقرانهم، وتصبح الحاجة إلى القبول الاجتماعيّ جزءًا مهمًّا من حياتهم؛ فتتعمّق الصداقات، ويبدأ الأطفال في تطوير هويّتهم الخاصّة خارج نطاق الأسرة.  في هذه المرحلة، قد يواجه الأهل قلقًا بشأن تأثير الأقران، والثقة بالنفس، والأداء الأكاديميّ لأطفالهم. قد يصارع الأطفال للاندماج في مجتمعهم الصغير في المدرسة، أو يواجهون التنمّر، أو يمرّون بضغط للتفوّق في المدرسة أو الأنشطة اللاصفّيّة. كما تبدأ المقارنات بين الذات والآخرين، ما قد يؤثّر في ثقتهم بأنفسهم.  يواجه الأهل مهمّة صعبة في تقديم التوجيه من دون فرض سيطرة مفرطة. يحتاج الأطفال إلى مساحة لاتّخاذ قراراتهم الخاصّة، حتّى لو كانت تلك القرارات تؤدّي أحيانًا إلى خيبات أمل صغيرة. التحدّي في هذه المرحلة يكمن في دعمهم وتشجيعهم بينما يتعلّمون كيفيّة التنقّل بين تعقيدات الصداقات والمنافسة واكتشاف الذات.    المراهقة: مرحلة الاستقلال  اسأل معظم الأهل، وستجد أنّ الكثير منهم يعتبرون المراهقة، من سنّ 13 إلى 18 سنة، المرحلة الأكثر تحدّيًا في تربية الأطفال. تتميّز هذه المرحلة بتغيّرات سريعة على المستوى الجسديّ والعاطفيّ والمعرفيّ. يسعى المراهقون للاستقلال، وغالبًا ما يتمرّدون على السلطة الأبويّة أثناء محاولتهم تأسيس هويّتهم الخاصّة. قد تكون النزاعات التي تنشأ في هذه المرحلة قويّة ومشحونة عاطفيًّا.  تأتي المراهقة مع مجموعة من التحدّيات الجديدة، بما في ذلك الضغط الأكاديميّ، وصراعات الصحّة النفسيّة، وتأثير الأقران، وفي بعض الحالات التجارب التي قد تكون خطرة. يشعر الأهل في هذه المرحلة أنّ القرارات التي يتّخذها أبناؤهم قد تؤثّر بشكل كبير في مستقبلهم، ما يجعل الصراع على الحريّة وحدود السلطة أكثر تعقيدًا من المراحل السابقة.    مرحلة البلوغ الناشئ: مرحلة التخلّي والاعتماد على الذات  لا تنتهي تحدّيات الأبوّة والأمومة عند بلوغ الطفل سنّ الثامنة عشرة. في الواقع ستندهش من هذا، ولكن قد تكون مرحلة الانتقال إلى البلوغ – من عمر 18 إلى 25 سنة – من أصعب المراحل. في هذه المرحلة، يستمرّ الأبناء في اكتشاف أنفسهم، ويبحثون عن مكانهم في الحياة، وبالنسبة إلى الكثير من الأهل، يُعدّ التخلّي عن دورهم باعتبارهم أصحاب السلطة إلى دور داعم أكثر التحدّيات صعوبة.    إذًا، ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  في النهاية، تعتمد الإجابة عن هذا السؤال على الوالدين والطفل وظروفهم الفريدة. قد يجد بعض الأهل أنّ المتطلّبات الجسديّة للطفولة هي الأكثر إرهاقًا، بينما يعاني آخرون التعقيدات العاطفيّة لمرحلة المراهقة. كلّ مرحلة ترتبط بها مجموعة خاصّة من التجارب، وما قد يكون سهلًا بالنسبة إلى عائلة، قد يكون صعبًا للغاية بالنسبة إلى أخرى.   وإن كنت تتساءل عن أيّهما أصعب: تربية الولد أم البنت، فإنّه من الصعب تحديد ذلك، لأنّ التحدّيات التي يواجهها الأهل تختلف باختلاف شخصيّة الطفل، والمرحلة العمريّة، وظروف الأسرة. لكن تقليديًّا، يعتقد البعض أنّ تربية الأولاد قد تكون أصعب في مرحلة الطفولة، بسبب نشاطهم الزائد وتحدّيهم للقواعد، بينما تعتبر تربية البنات أكثر تعقيدًا في مرحلة المراهقة، إذ تنشأ قضايا الثقة بالنفس والضغوط الاجتماعيّة. ومع ذلك، فإنّ كلًّا من الأولاد والبنات يواجه صعوبات فريدة تتطلّب اهتمامًا وتفهّمًا من الأهل، وبالتالي فإنّ الصعوبة تعتمد على كيفيّة تفاعل الأهل مع احتياجات طفلهم الفرديّة، بغضّ النظر عن جنسه.    ***  تُعدّ الأمومة والأبوّة رحلة متطوّرة، وكلّ مرحلة من مراحلها تجلب نوعًا مختلفًا من المصاعب والمكافآت، لكن تذكّر أنّ الأساس هو تقبّل التحدّيات واعتبارها فرصًا للنموّ - لكلّ من الوالدين والطفل. وفي حين أنّه لا توجد مرحلة "سهلة"، فإنّ الحبّ والتعلّم والمرونة المكتسبة على طول الطريق تجعل الرحلة تستحقّ العناء.    المراجع   https://blog.takalm.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/#:~:text=%D8%A3%D8%B5%D8%B9%D8%A8%20%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84%20%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84,-%E2%80%8F%D8%AA%D9%88%D8%AC%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D8%AF&text=%D9%88%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%AF%20%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1,%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D8%AA%D9%84%D9%83%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9.  https://mcaresforkids.com/parenting-hardest-stages/#:~:text=The%20parenting%20hardest%20stages%20are,stage%20of%20their%20child's%20development.  https://madamenoire.com/1137107/the-hardest-stages-of-parenting-ranked/

ما تأثير غياب الأمّ عن الطفل؟

يُعتبر وجود الأمّ في حياة الطفل أمرًا لا غنى عنه لتطوّره العاطفيّ والنفسيّ الصحّيّ والسليم. فعندما تغيب الأمّ لفترة طويلة أو بشكل دائم، سواء كان ذلك بسبب ظروف العمل أو المرض أو الطلاق أو الوفاة أو غيرها، يمكن أن يترك هذا الغياب تأثيرات عميقة على الطفل. وتختلف طرق تأثّر الطفل بغياب الأمّ بناءً على عوامل، مثل عمر الطفل، وطبيعة الغياب وسببه، ووجود مقدّمي رعاية آخرين يوفّرون له الدعم. وعلى رغم أنّ الأطفال يمتلكون القدرة على التكيّف، إلّا أنّ غياب الأمّ قد يلقي بظلاله على جوانب مختلفة من حياتهم، بدءًا من أنماط التعلّق العاطفيّ، وصولًا إلى تقديرهم لذواتهم وعلاقاتهم الاجتماعيّة.   ويجدر الذكر أنّ غياب الأمّ أو الأب له تأثيرات عميقة في الأطفال، إذ يتسبّب اختفاء دور أيّ منهما في ترك فراغ خاصّ، يؤثّر في النموّ العاطفيّ والاجتماعيّ للطفل بطرق مختلفة. ومع أنّ غياب الأب يحمل تحدّيات وتأثيرات فريدة، سنركّز في هذا المقال على أثر غياب الأمّ تحديدًا، وسنعود إلى مناقشة تأثير غياب الأب بالتفصيل في مقال منفصل.  نستعرض هنا بعض الآثار الشائعة لغياب الأمّ على الأطفال، بالإضافة إلى بعض الحلول الممكنة لتخفيف هذه التحدّيات، وتعزيز المرونة لديهم.    آثار غياب الأمّ عن الطفل  التعلّق والأمان العاطفيّ  يُعدّ ارتباط الطفل بأمّه أولى العلاقات الأساسيّة التي يشكّلها الطفل في حياته؛ هذا الارتباط أو "التعلّق" يُعتبر جوهريًّا، ومصدرًا لشعوره بالأمان العاطفيّ. وفقًا لنظريّة التعلق، فإنّ التعلّق الآمن يتطوّر عندما يكون مُقدّم الرعاية متاحًا ومتجاوبًا باستمرار مع احتياجات الطفل، ما يوفّر للطفل الشعور بالأمان والثقة. ولكن عندما تغيب الأمّ، لا سيّما في السنوات الأولى من نموّ الطفل، فقد يضطرب هذا المسار التعلّقيّ، ويتطوّر بطريقة غير صحّيّة.  حينها قد يعاني الطفل القلق، وانعدام الأمان، والخوف من الهجر بسبب عدم وجود الأمّ بشكل دائم، وربّما يصبح أكثر "تشبّثًا" بمقدّمي الرعاية الآخرين، أو يُظهر اعتمادًا زائدًا على الآخرين لتلبية احتياجاته العاطفيّة. ومن ناحية أخرى، قد يطوّر بعض الأطفال أسلوبًا "تجنّبيًّا" في التعلّق، فيبتعدون عن بناء العلاقات العميقة وذات المعنى لتجنّب ألم الفقدان المحتمل. ومع ذلك، فالحلّ لمعالجة هذا التأثير يكمن في تواجد مقدّمي رعاية آخرين يتميّزون بالموثوقيّة والتواجد المستمرّ، ما يعمل على تعزيز الشعور بالأمان، ويوفّر للأطفال الدعم العاطفيّ، ويسمح لهم بتطوير تعلّق آمن، مع ملاحظة أنّ هذا قد يتطلّب مزيدًا من الجهد. ومن أمثلة مقدّمي الرعاية المناسبين في هذه الحالة: الآباء والأجداد والجدّات والأعمام والعمّات وأصدقاء العائلة.    التأثير في تقدير الذات والهويّة  تؤدّي الأمّ دورًا رئيسيًّا في تعزيز شعور الطفل بقيمته الذاتيّة وهويّته؛ إذ يساعد تشجيعها وتوجيهها الطفل في بناء ثقته بنفسه، وفهم مشاعره، ومواءمة سلوكه. ولكن عندما تغيب الأمّ، يعاني الأطفال مشاعر النقص أو الرفض، خصوصًا إذا شعروا أنّ غيابها شكل من أشكال الهجر. قد يكون هذا الشعور أكثر عمقًا إذا لم يفهم الطفل أسباب غياب الأمّ، أو إذا كان الغياب مفاجئًا وغير مبرّر.  أمّا في مرحلة المراهقة، فيمكن أن يؤدّي غياب الأمّ إلى حدوث اضطرابات في الهويّة، فالواقع أنّ المراهقين في الأصل يواجهون أسئلة تتعلّق بهويّتهم، ومن دون توجيه الأمّ، سيشعرون بالفراغ والضياع عندما يتعلّق الأمر بتحديد قيمهم ومعتقداتهم وإحساسهم بذواتهم. وقد يسعى بعض المراهقين للحصول على التقدير من مصادر خارجيّة، بينما قد يصبح البعض الآخر أكثر اعتمادًا على أنفسهم في محاولة للتكيّف.  بشكل عامّ يجب توفير التواصل المفتوح، فالأطفال يحتاجون إلى تفسيرات صادقة ومناسبة لأعمارهم حول أسباب غياب الأمّ، والتي يمكن أن تساعد في منع مشاعر الرفض أو الهجران، ومعالجة مشاعرهم بطريقة إيجابيّة وصحّيّة.  كما يمكن تحسين الشعور بالذات لدى الأطفال بالمشاركة في الأنشطة التي تركّز على نقاط القوّة، أي تشجيع الأطفال على ممارسة هواياتهم واهتماماتهم التي تعينهم على تعزيز شعورهم بالإنجاز ورفع قيمتهم الذاتيّة، ما يوازن أيّ مشكلات تتعلّق بتقدير الذات قد تنشأ عن غياب الأمّ.    المشكلات الأكاديميّة والسلوكيّة  تقول القاعدة إنّ الأطفال الذين يعانون غياب الأمّ أكثر عرضة لمواجهة تحدّيات في البيئة الأكاديميّة. وقد أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين يفتقدون إلى حضور الأمّ الدائم يُظهرون صعوبات في التركيز، وانخفاضًا في الأداء الأكاديميّ، وقلّة الدافعيّة إلى التعلّم. وقد يعانون أيضًا مشكلات سلوكيّة، مثل العدوانيّة أو التمرّد أو الانطواء، لا سيّما إذا كان الطفل يكافح لمعالجة مشاعر معقّدة، مثل الغضب أو الحزن أو الاضطراب.  قد تنجم هذه التغيّرات السلوكيّة عن صراع داخليّ يعيشه الطفل أثناء محاولته فهم غياب أمّه. وإذا شعر الطفل أنّ الغياب شكل من أشكال الهجر أو الإهمال، فقد يتجلّى ذلك من خلال تصرّفات عدوانيّة، إمّا نداءً للمساعدة، أو وسيلة للتعبير عن غضب مكبوت. وهنا يأتي دور الدعم العاطفيّ وتأكيد المشاعر، بتشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، حتّى لو كانت هذه المشاعر تتضمّن الحزن أو الغضب أو الحيرة. كما أنّ الاستماع من دون إطلاق أحكام يمكن أن يساعد الأطفال في الشعور بأنّ هناك من يفهمهم، وأنّهم ليسوا بمفردهم.    العلاقات الاجتماعيّة والتفاعل مع الأقران  يمكن أن يؤثّر غياب الأمّ أيضًا في علاقات الطفل الاجتماعيّة، إذ يتعلّم الأطفال في مرحلة الطفولة المبكّرة كيفيّة تكوين العلاقات بالملاحظة والتفاعل مع مقدّمي الرعاية الأساسيّين، وفي مقدّمتهم الأمّ. وعندما تغيب هذه القدوة، يجد الطفل صعوبة في تكوين صداقات صحّيّة، ويعاني مشاكل في الثقة بالآخرين. لذلك، إمّا إنّه سيعتمد بشكل زائد على صداقاته للحصول على الدعم العاطفيّ، أو يبتعد عن التفاعلات الاجتماعيّة تمامًا.  في بعض الحالات، قد يشعر الطفل "بالاختلاف" عن أقرانه، لا سيّما إذا كان الأطفال الآخرون يمتلكون حضورًا قويًّا للأمّ في حياتهم. هذا الشعور بالعزلة يمكن أن يحدّ من تطوير المهارات الاجتماعيّة، ويزيد من مشاعر الوحدة، وبالتالي يمكن أن تصبح العلاقات مع الأقران مصدرًا للتوازن العاطفيّ، فالأصدقاء الداعمون يمكن أن يساعدوا الطفل في الشعور بالانتماء والتقدير، حتّى إذا كان يفتقد وجود الأمّ في حياته.  ولكن هذا لا يحلّ مشكلة غياب القدوة، والتي يمكن تعويضها بتوفير قدوة إيجابيّة نسائيّة، من بين النساء اللواتي يمكن أن يقدّمن التوجيه والدعم، والمساعدة في سدّ الفراغ الذي يتركه غياب الأمّ. فيمكن للقريبات والمعلّمات والمدرّبات وصديقات العائلة أن يؤدّين دورًا في توفير الإرشاد العاطفيّ، ومساعدة الطفل في تشكيل هويّته.    التأثيرات العاطفيّة طويلة الأمد  تختلف التأثيرات طويلة الأمد لغياب الأمّ بشكل كبير من طفل إلى آخر، وفقًا لظروفهم الشخصيّة. بالنسبة إلى البعض، قد يترجم ردّ الفعل على هذا الغياب في صورة بناء قدرة للتعامل مع العواطف والتمتّع بالاستقلاليّة مدى الحياة، لا سيّما إذا كان لديهم أشخاص داعمون في حياتهم. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أنّ بعض الأطفال الذين يعانون غياب الأمّ، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والصعوبة في بناء العلاقات في مراحل لاحقة من حياتهم.  إذًا، قد يعاني الأبناء في مرحلة البلوغ مشاكل في الثقة بالشريك العاطفيّ، أو يخافون من الهجر، أو حتّى قد يشعرون بانعدام الأمان بشأن قيمتهم الذاتيّة. يمكن أن يساعد الدعم العلاجيّ، بما يشمل العلاج النفسيّ والتأمّل الذاتيّ، في معالجة هذه القضايا، إذ يوفّر المعالجون والأطبّاء استراتيجيّات للتكيّف والتعامل مع صدمات الطفولة العاطفيّة، وتعزيز الذكاء العاطفيّ، ومساعدة الأطفال في فهم تجاربهم بشكل بنّاء، ما يسمح لهم في بناء علاقات صحّيّة، ويمنحهم شعورًا أقوى بالذات. لذا، يمكن أن يعتبر بعض البالغين غياب الأمّ في طفولتهم مصدرًا للقوّة، بعد أن تعلّموا كيف يتعاملون مع الحياة بقدر أكبر من الاستقلاليّة.     ***  يمكن أن يكون غياب الأمّ، سواء كان مؤقّتًا أو دائمًا، تجربة صعبة للطفل تؤثّر في تطوّره العاطفيّ، ومهاراته الاجتماعيّة، وأدائه الأكاديميّ، وحتّى شعوره بالهويّة. ومع ذلك، يتمتّع الأطفال بقدرة مذهلة على تكييف مشاعرهم، ومع توفّر الدعم الصحيح يمكنهم النموّ ليصبحوا بالغين قادرين على التحكّم بعواطفهم بشكل جيّد.    المراجع   https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D9%85%D9%87#:~:text=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%88%D9%83%D9%8A%D8%A9%3A%20%D8%A5%D9%86%D9%91%20%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF,%D8%AA%D8%B2%D8%AC%20%D8%A8%D9%87%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9.  https://english.elpais.com/lifestyle/2023-11-28/the-absent-parent-syndrome-and-its-impact-on-child-development.html 

كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك

واحدة من أكثر الجمل التي نسمعها في ما يخصّ الأطفال أنّهم مثل الإسفنجة، يمتصّون كلّ ما يرونه ويسمعونه ويختبرونه، خصوصًا في السنين الأولى من عمرهم. وبصفتنا آباء وأمّهات وموجّهين، فإنّنا نعتبر قدوة أولى وأكثر تأثيرًا في أطفالنا. إنّ الطريقة التي نتحدّث ونتصرّف ونتعامل بها مع التحدّيات، تشكّل قيمهم وسلوكيّاتهم ونظرتهم للعالم.  لكن، أن تكون قدوة جيّدة لطفلك لا يعني أن تكون مثاليًّا، بل يعني السعي لتقديم مثال إيجابيّ بأفعالك وكلماتك وخياراتك. يتعلّم الأطفال أكثر بكثير ممّا تفعله أمامهم، مقارنة بما تقوله لهم. وإذا أردنا أن يكبر أطفالنا ليصبحوا أفرادًا طيّبين ومسؤولين ومرنين، فيجب أن نظهر هذه الصفات بأنفسنا، فالطفل مرآة أبويه.  يستكشف هذا المقال أهمّيّة أن تكون قدوة جيّدة، ويقدّم طرقًا عمليّة للقيادة بالقدوة، بطريقة تؤثّر بشكل إيجابيّ في نموّ طفلك وتطوّره.  لماذا من المهمّ أن تكون قدوة جيّدة؟  تُظهر الدراسات أنّ الأطفال يقلّدون سلوكيّات من حولهم، وخصوصًا آباءهم. ووفقًا لبحث نُشر في علم النفس التنمويّ، يبدأ الأطفال في سنّ ١٤ شهرًا في تقليد سلوك البالغين، سواء كان ذلك في كيفيّة تفاعلهم مع الآخرين، أو حلّ المشكلات، أو حتّى ردّ فعلهم تجاه التوتّر.  هذا يعني أنّه إذا رأى الطفل اللطف والصدق والمثابرة والاحترام الذي يُظهره والداه باستمرار، فمن المرجّح أن يتبنّى هذه السلوكيّات. وعلى العكس من ذلك، إذا شهد الغضب أو الخداع أو العادات غير الصحّيّة، فسيصبح انعكاسًا لوالديه في ممارستها.  من هنا تظهر أهمّيّة الانتباه إلى أفعالنا في مساعدة تشكيل شخصيّة سليمة لأطفالنا، وبناء ثقتهم ورفاهيّتهم بشكل عامّ.    كيف تصبح قدوة حسنة لطفلك؟  مارس ما تنصح به  يلاحظ الأطفال بسرعة وجود فجوة بين ما نقوله وما نفعله. إذا أخبرت طفلك بأهمّيّة الصدق، ولكنّه رأى أنّك تكذب للتهرّب من التزام ما، فسوف يتعلّم أنّ عدم الصدق أمر مقبول في مواقف معيّنة.  لكي تكون قدوة فعّالة:  - التزم بالوعود. إذا قلت لطفلك: "سألعب معك بعد العمل"، فتأكّد أنّك فعلًا ستقوم بذلك وتلعب معه.   - اعترف بالأخطاء. إذا فقدت أعصابك أو ارتكبت خطأ، فاعترف بذلك. قل: "ما كان ينبغي لي أن أرفع صوتي. أنا آسف".   - عش وفقًا للقيم التي تُعلّمها. إذا شجّعت اللطف والكرم، فأظهر هذه السمات في حياتك اليوميّة.   عندما يرى الأطفال الاتّساق بين أقوالنا وأفعالنا، يتعلّمون أنّ النزاهة والمسؤوليّة أمران مهمّان، وستصبحان من خصالهم مع مرور الوقت.   أظهر الاحترام واللطف  يتعلّم الأطفال كيفيّة التعامل مع الآخرين بملاحظة كيفيّة تفاعلنا مع الأشخاص من حولنا؛ سواء كانوا أفراد  الأسرة أو المعلّمين أو الغرباء أو عمّال الخدمة.   لتعليم الاحترام واللطف:  - تحدّث بأدب مع الآخرين، بما في ذلك طفلك. بدلًا من الصراخ، استخدم لغة هادئة ومحترمة.    - أظهر التعاطف والرحمة. إذا رأى طفلك أنّك تساعد جارًا، أو تُظهر الصبر تجاه شخص يعاني، فسوف يستوعب هذه السلوكيّات ويخزّنها في دماغه.  - تجنّب التحدّث بشكل سلبيّ عن الآخرين، وخصوصًا أمام طفلك. إذا سمع ثرثرة أو علامات على غيبة ونميمة، فقد يتبنّى السلوك نفسه.     إدارة التوتّر والعواطف بطريقة صحّيّة  الحياة مليئة بالتوتّر، وكيفيّة تعاملنا معها تعلّم الأطفال كيفيّة التعامل مع تحدّياتهم الخاصّة. إذا رأونا نتفاعل بالغضب أو الإحباط أو التجنّب في المواقف الصعبة، فقد يطوّرون استجابات مماثلة.  بدلاً من ذلك، قدّم نموذجًا للتنظيم العاطفيّ الصحّيّ:  - خذ أنفاسًا عميقة، وتمهّل قليلًا قبل الردّ في المواقف الصعبة. أظهر لطفلك أنّ المشاعر طبيعيّة، ولكن يمكننا التحكّم في كيفيّة التعبير عنها.  - تحدّث عن مشاعرك بطريقة بنّاءة. إنّ قول "لقد مررت بيوم صعب في العمل، ولكنّني سأذهب في تمشية لتهدئتي قليلًا"، يعلّمهم أنّه من الجيّد الاعتراف بالعواطف، وإيجاد طرق إيجابيّة للتعامل معها.  - اعتذر عند الضرورة. إذا كنت قد تصرّفت بشكل سيّئ في موقف ما أمامهم، فاعترف بذلك. هذا يعلّم الأطفال أنّ ارتكاب الأخطاء أمر طبيعيّ، ولكنّ تحمّل المسؤوليّة أمر مهمّ أيضًا.  هذه الطريقة في التعامل مع المواقف العاطفيّة بنضج، تزوّد الأطفال بالأدوات التي يحتاجون إليها للتعامل مع عواطفهم بطريقة صحّيّة.    تعزيز أخلاقيّات العمل القويّة والمثابرة  يحتاج الأطفال إلى رؤية أنّ الجهد والصبر والمثابرة تؤدّي إلى النجاح. إذا لاحظوا أنّك تعمل بجدّ، وتلتزم بأهدافك، وتتعامل مع النكسات بمرونة، فمن المرجّح أن يطوّروا أخلاقيّات عمل قويّة.  طرق تطبيق المثابرة:  - شارك تحدّياتك وجهودك: إذا كنت تعمل على مشروع أو تتعلّم مهارة جديدة، فتحدّث إلى طفلك عن الجهد المبذول.  - شجّع حلّ المشكلات: بدلًا من الاستسلام عندما تصبح الأمور صعبة، كن قدوة في التعامل مع الموقف الذي يتلخّص في "دعنا نكتشف ذلك".  - ركّز على مدح الجهد لا النتائج: وبدلًا من الاحتفال بالإنجازات فقط، اعترف بالعمل الجادّ الذي أدّى إلى النجاح.  إنّ الأطفال الذين يرون المثابرة في العمل، أكثر عرضة لتطوير عقليّة تحتضن التحدّيات بدلًا من تجنّبها.    إعطاء الأولويّة للصحّة والرفاهيّة  تتشكّل مواقف الأطفال تجاه الطعام والتمارين الرياضيّة والعناية الذاتيّة إلى حدّ كبير بما يرونه في المنزل. إذا أردنا منهم تطوير عادات صحّيّة، فيجب أن نظهرها بأنفسنا.  - تناولوا الأطعمة المغذّية معًا؛ وأظهر لهم أنّ الاستمتاع بالوجبات الصحّيّة جزء طبيعيّ من الحياة.  - حافظ على نشاطك، سواء كان ذلك بالذهاب في نزهة أو ممارسة الرياضة أو الرقص. يكفي أن تدعهم يرون أنّ النشاط البدنيّ ممتع ومفيد.  - حدّ من وقت الشاشة، وأعطِ الأولويّة للأنشطة ذات المغزى. بدلًا من إمضاء الوقت في تصفّح مواقع التواصل الاجتماعيّ بلا تفكير على هاتفك، شارك مع أطفالك القراءة أو الهوايات أو المحادثات.  عندما يرى الأطفال أنّ الصحّة تشكّل أولويّة في منزلهم، فمن المرجّح أن يطوّروا عادات صحّيّة مدى الحياة تدعم رفاهيّتهم البدنيّة.    إظهار المسؤوليّة والمساءلة  يتعلّم الأطفال المسؤوليّة بمراقبة كيفيّة تعاملنا مع الالتزامات والتعهّدات والأخطاء.  لتعليم المسؤوليّة:  - أكمل المهامّ في الوقت المحدّد، سواء كانت أعمالًا منزليّة أو مسؤوليّات عمل. أظهر أنّه يجب احترام الالتزامات.  - تحمّل مسؤوليّة الأخطاء. إذا نسيت شيئًا أو اتّخذت قرارًا خاطئًا، قُل: "كان يجب أن أتعامل مع ذلك بشكل مختلف. سأفعل أفضل في المرّة القادمة".  - شجّع المساءلة في الحياة اليوميّة. عندما يحدث خطأ ما، بدلًا من إلقاء اللوم على الآخرين، أظهر حلّ المشكلات والمسؤوليّة الشخصيّة.  يساعد هذا النهج الأطفال في تطوير الشعور بالواجب، والمساءلة تجاه أفعالهم.    تشجيع التعلّم والفضول  الأطفال الذين يرون والديهم يقدّرون التعليم والفضول، أكثر عرضة لتطوير حبّ التعلّم.  طرق لتشجيع عقليّة التعلّم:  - اقرأ بانتظام: دع طفلك يراك تستمتع بالكتب، وتستكشف معلومات جديدة.  - اطرح الأسئلة مع طفلك، واستكشفا الإجابات معًا: إذا طرح طفلك سؤالًا لا تعرف إجابته، فابحث معه عنها.  - جرّب أشياء جديدة: أظهر لهم أنّ التعلّم لا يتوقّف بعد المدرسة؛ إنّه رحلة تستمرّ مدى الحياة.    ***  كونك قدوة جيّدة لأطفالك لا يعني أن تكون مثاليًّا، بل يتعلّق بأن تكون متعمّدًا في أفعالك وكلماتك ومواقفك. إنّ الطريقة التي تتعامل بها مع التحدّيات، وتعامل بها الآخرين، وتسير بها في الحياة، تعلّم أطفالك أكثر ممّا يمكن أن تعلّمه أيّ محاضرة على الإطلاق.  وتذكّر أنّه في النهاية قد لا يستمع الأطفال دائمًا إلى ما تقوله، لكنّهم يراقبون دائمًا ما تفعله. كن الشخص الذي تريد أن يصبحوا عليه، وستترك أثرًا إيجابيًّا دائمًا في حياتهم.    المراجع https://mawdoo3.com/%D9%83%D9%8A%D9%81_%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86_%D9%82%D8%AF%D9%88%D8%A9_%D8%AD%D8%B3%D9%86%D8%A9_%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%83  https://sharjah24.ae/ar/Articles/2024/10/16/NJ623  https://www.gov.wales/parenting-give-it-time/guidance-and-advice/parenting-tips/tips-for-guiding-childrens-behaviour/take-time-to-model-the-behaviour-you-want-to-see 

تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الأطفال

يُعدّ التفكير النقديّ من أهمّ المهارات التي يمكن أن يمتلكها الإنسان؛ فهو يُمكِّن الأشخاص من تحليل المعلومات، واتّخاذ قرارات سليمة، وحلّ المشكلات المعقّدة. أمّا بالنسبة إلى الأطفال، فإنّ تطوير مهارات التفكير النقديّ في سنّ مبكّرة يمكن أن يُؤسّس لنجاحهم وتعلّمهم طوال حياتهم. لكن كيف يمكننا، بصفتنا آباء ومعلّمين، أن نساعد الأطفال في أن ينظروا إلى الأحداث من حولهم بطريقة نقديّة؟ كيف نساعدهم في أن يصبحوا مفكّرين ناقدين منطقيّين ومتفتّحين على مختلف الاحتمالات؟  دعونا نستعرض بعض الاستراتيجيّات العمليّة لتعزيز التفكير النقديّ لدى الأطفال، من الصغار وحتّى المراهقين.  ما التفكير الناقد؟  التفكير الناقد يعني القدرة على التفكير بعمق وموضوعيّة حول موضوع ما، وتحليل وجهات النظر المختلفة، واستخلاص استنتاجات منطقيّة. وهو أكثر من مجرّد حفظ الحقائق وعرضها؛ فهو يتعلّق بفهم السبب وراء صحّة شيء ما، وكيفيّة تطبيق هذا الفهم في سياقات مختلفة. الطفل الذي يتمتّع بمهارات تفكير نقديّ قويّة لا يقبل المعلومات كما هي؛ بل يسأل عنها، ويبحث عن الأدلّة، ويأخذ في الاعتبار وجهات النظر الأخرى.  في عصر يتعرّض فيه الأطفال إلى كمّ هائل من المعلومات (والمعلومات المضلّلة)، يُعدّ التفكير النقديّ أكثر أهمّيّة من أيّ وقت مضى. إنّ تعليم أطفالنا التفكير النقديّ بمثابة منحهم الأدوات اللازمة لمواجهة تحدّيات الحياة بثقة واستقلاليّة.  ما مهارات التفكير الناقد؟  - التصوّر: تكوين أفكار ونماذج ذهنيّة تمثّل المفاهيم المعقّدة بدقّة.  - التحليل: تقسيم المعلومات إلى مكوّنات وعلاقات لكشف الأنماط والمبادئ والمعاني العميقة.  - التقييم: تقييم مصداقيّة المعلومات أو الأدلّة ودقّتها وجودتها ومدى ملاءمتها، باستخدام المعايير المنطقيّة للحكم على صحّة أو أهمّيّة المعلومات.  - السبب: تطبيق التفكير المنطقيّ لاستنتاج الحقائق أو الأدلّة.  - التركيب: الجمع بين أفكار أو نتائج أو معلومات مختلفة لتشكيل فكر متماسك أو منظور جديد.  - حلّ المشكلات: تحديد حلول للقضايا باستخدام التحليل المنطقيّ والتفكير الإبداعيّ.  - الانفتاح على إمكانيّات أخرى: الاستعداد للنظر في حلول أو أفكار أو وجهات نظر بديلة تتجاوز النطاق الأوّليّ.    استراتيجيّة التفكير الناقد للأطفال  شجّع الفضول وطرح الأسئلة  الخطوة الأولى في تطوير التفكير النقديّ لدى الأطفال تشجيع الفضول. الأطفال بطبيعتهم فضوليّون، وغالبًا ما يسألون "لماذا؟" و"كيف؟" حول كلّ شيء يقابلهم. رغم أنّه قد يكون مريحًا أكثر الإجابة بعبارات مثل "هكذا هو الأمر" أو "لأنّني قلت ذلك"، إلّا أنّ تخصيص الوقت للتفاعل مع أسئلتهم يمكن أن يفتح الباب أمام التفكير النقديّ.  الإجابة بتفكير: بدلًا من إعطاء إجابات سريعة، حاول الردّ بأسئلة أخرى. على سبيل المثال، إذا سأل الطفل لماذا السماء زرقاء، يمكنك الردّ بسؤال: "ما رأيك؟ لماذا قد تكون السماء زرقاء؟" هذا الأسلوب يشجّعه على التفكير بعمق واستكشاف التفسيرات الممكنة.  "لا أعرف": لا بأس إن كان جوابك "لا أعرف"، الاعتراف بعدم معرفتك بشيء ما يُعدّ درسًا قويًّا للأطفال، فهو يُعلّمهم أنّ عدم المعرفة شيء طبيعيّ، وأنّ البحث عن الإجابات عمليّة مستمرّة. يمكنك القول: "لست متأكّدًا، دعنا نكتشف معًا!" وبهذا تعلّمهم كيفيّة البحث عن المعرفة بنشاط. علّم الأطفال كيفيّة تحليل المعلومات  في عصرنا الرقميّ، يتعرّض الأطفال إلى كمّية كبيرة من المعلومات من سنّ صغيرة. تعليمهم كيفيّة التمييز بين المصادر الموثوقة وغير الموثوقة جزء أساسيّ من التفكير النقديّ.  قدّم لهم مفهوم محو الأمّيّة الإعلاميّة: تحدّث مع الأطفال حول كيفيّة تقييم مصادر المعلومات. علّمهم طرح أسئلة مثل "من كتب هذا؟" و"ما هدفه؟" و"هل هناك دليل يدعم هذا الادّعاء؟" ومع تقدّمهم في العمر، قدّم لهم مفاهيم مثل التحيّز والدعاية والتحقّق من الحقائق.  التمييز بين الحقائق والآراء: طريقة جيّدة لممارسة هذا التمييز تتمثّل في المناقشات اليوميّة. على سبيل المثال، إذا قال الطفل "البروكلي مقزّز"، يمكنك توجيهه بالقول "هذه وجهة نظر وليست حقيقة. قد يكون هناك أشخاص يحبّون البروكلي. لماذا تظنّ أن بعض الأشخاص يحبّونه والبعض الآخر لا يحبّونه؟"  شجّع حلّ المشكلات واتّخاذ القرارات  يُعدّ حلّ المشكلات جزءًا أساسيًّا من التفكير النقديّ. لذلك، منح الأطفال فرصة حلّ المشكلات بأنفسهم أو اتّخاذ القرارات يشجّعهم على التفكير النقديّ حول النتائج والحلول الممكنة.  استخدام التحدّيات اليوميّة باعتبارها فرصًا تعليميّة: إذا واجه طفلك مشكلة، قاوم الرغبة في حلّها له مباشرة؛ وبدلًا من ذلك، وجّهه إلى حلّها. على سبيل المثال، إذا كان يواجه صعوبة في بناء برج من المكعّبات، اسأله: "ما الذي تعتقد أنّه يجعل البرج يسقط؟ ماذا يمكنك أن تجرّب بعد ذلك؟"  السماح للأطفال باتّخاذ خيارات: منح الأطفال خيارات، حتّى لو كانت صغيرة، يساعدهم في ممارسة التفكير في الخيارات وتقدير العواقب. على سبيل المثال، دعهم يقرّرون ماذا يرتدون (بما يتناسب مع الطقس بالطبع)، أو أيّ كتاب يقرؤون قبل النوم. وعندما يتّخذون خيارًا، اسألهم لماذا اختاروا هذا الخيار لتشجيعهم على التأمّل.  كُن نموذجًا لمهارات التفكير النقديّ  يتعلّم الأطفال بمراقبة البالغين، لذلك يُعدّ أحد أفضل الطرق لتعليم التفكير النقديّ أن تكون نموذجًا لهذا التفكير بنفسك.  فكّر بصوت عالٍ: اعرض تفكيرك بصوت عالٍ أثناء اتّخاذك قرارًا ما، فهذا سيجعلهم يفهمون كيف توصّلت إلى هذا القرار بالتحديد. على سبيل المثال، إذا كنت تفكّر ماذا ستطبخ للعشاء، يمكنك القول: "أفكّر ماذا لدينا في الثلّاجة، وأيّ المكوّنات ستكون أكثر صحّيّة. أفكّر أيضًا في ما قد نحبّ تناوله". هذا يسمح للأطفال رؤية كيف يفكّر البالغون في الخيارات، ويأخذون في الاعتبار القيود والظروف، ويتّخذون القرارات تبعًا لذلك.  مناقشة السيناريوهات الحياتيّة: تحدّث مع طفلك عن المواقف التي يكون فيها التفكير النقديّ مهمًّا. على سبيل المثال، إذا كنتم تشاهدون فيلمًا معًا، توقّف أحيانًا لمناقشة اختيارات الشخصيّات: "لماذا تعتقد أنّها اتّخذت هذا القرار؟ ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانها؟"  قدّم ألعابًا وأنشطة تحفّز التفكير النقديّ  هناك العديد من الألعاب والأنشطة التي تجمع بين المتعة وتنمية مهارات التفكير النقديّ:  - الألعاب اللوحيّة: الألعاب التقليديّة مثل الشطرنج وكلاودو والبازل وسكربل، تشجّع على التفكير الاستراتيجيّ والتخطيط والتكيّف. هذه الألعاب تعلّم الأطفال كيفيّة التفكير في الخطوات القادمة، والنظر في الخيارات، وتوقّع تصرّفات الآخرين.  - الألغاز والألعاب الذهنيّة: الألغاز، سواء كانت جداريّة أو لغويّة، تُعزّز الصبر ومهارات حلّ المشكلات والتعرّف إلى الأنماط. الألغاز مثل الحزازير تُشجّع الأطفال على التفكير بطرق غير تقليديّة.  - ألعاب البناء والتركيب: ألعاب مثل الليغو و"ماجنا تايلز" و"كينيكس" تشجّع على الإبداع والتفكير المكانيّ. عند بناء الهياكل، يتعلّم الأطفال عن الاستقرار والتوازن وأهمّيّة التخطيط.  شجّع القراءة ومناقشة القصص  القراءة لا تساعد فقط في تحسين مهارات اللغة؛ بل هي وسيلة قويّة لتطوير التفكير النقديّ. تقدّم القصص إلى الأطفال شخصيّات وظروفًا وحالات مختلفة يمكنهم تحليلها ومناقشتها.  طرح أسئلة مفتوحة: عند قراءة قصّة معًا، اسأل أسئلة ليس لها إجابة بسيطة بنعم أو لا. على سبيل المثال: "لماذا تعتقد أنّ الشخصيّة فعلت ذلك؟" أو "ماذا كنت ستفعل لو كنت في مكانها؟" الأسئلة المفتوحة تشجّع الأطفال على التفكير بعمق في القصّة.  استكشاف وجهات نظر متعدّدة: شجّع الأطفال على النظر في وجهات نظر الشخصيّات المختلفة. اسألهم عن شعور كلّ شخصيّة في موقف معيّن ولماذا. هذا لا يطوّر التعاطف فحسب، بل يساعدهم أيضًا في فهم أنّ المواقف قد تكون معقّدة وتحتوي على عدّة جوانب.  تعزيز عقليّة النموّ  يزدهر التفكير النقديّ في بيئة يشعر فيها الأطفال بالراحة في الاستكشاف وارتكاب الأخطاء والمحاولة مرّة أخرى. عندما يؤمن الأطفال بأنّ قدراتهم يمكن أن تتحسّن بالجهد، يكونون أكثر استعدادًا لمواجهة التحدّيات والإصرار في مواجهة الصعوبات.  مدح الجهد وليس النتائج فقط: بدلًا من مجرّد مدح الأطفال عند النجاح، اثنِ على جهدهم ومثابرتهم. على سبيل المثال، قل: "أنا فخور بمحاولتك مرارًا لحلّ هذا اللغز"، بدلًا من مجرّد "قمت بعمل جيّد".  تشجيع التأمّل في الأخطاء: ساعد الأطفال على رؤية الأخطاء باعتبارها فرصًا للتعلّم. إذا واجهوا فشلًا، اسأل: "ماذا تعتقد أنّك قد تحاول في المرّة القادمة؟" هذا يساعد الأطفال في تحليل أفعالهم والنظر في أساليب بديلة.  ***  إنّ تنمية التفكير الناقد لدى الأطفال عمليّة تدريجيّة مستمرّة تتطلّب الصبر والتشجيع. وإن قمت باتّباع الاستراتيجيّات المذكورة في المقال، من تعزيز الفضول، وتقليد سلوكيّات التفكير النقديّ وتوظيفها، والمشاركة في المناقشات المدروسة، وتوفير الفرص لحلّ المشكلات، يمكنك المساعدة في نموّ أطفالك ليصبحوا مفكّرين ومستقلّين ومجهّزين جيّدًا للتعامل مع تعقيدات العالم من حولهم.  في النهاية، إنّ تعليم الأطفال التفكير النقديّ أحد أكثر الهدايا قيمة التي يمكننا تقديمها لهم. فهو لا يمكّنهم من النجاح أكاديميًّا فحسب، بل ويمكّنهم أيضًا من التعامل مع تحدّيات الحياة بثقة وفضول ومرونة.    المراجع https://skillshouse.net/2023/10/06/%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81/  https://www.brighthorizons.com/resources/article/developing-critical-thinking-skills-in-children  https://www.parentingforbrain.com/critical-thinking-for-kids/  https://obstan.org/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/ 

تنمية المهارات الحسّيّة لدى الطفل

منذ اللحظة الأولى التي يدخل فيها الطفل إلى هذا العالم، تصبح حواسّه الخمس - البصر والسمع واللمس والشمّ والتذوّق - بمثابة مساعده الشخصيّ وأدواته الأساسيّة التي تساعده في فهم بيئته والتفاعل معها. ستشكّل هذه الحواسّ في ما بعد الأساس للنموّ المعرفيّ والتطوّر الحركيّ والتفاعل الاجتماعيّ والتنظيم العاطفيّ. ومع صعوبة تنمية المهارات الحسّيّة لدى الأطفال، فالخبر السارّ أنّ رعاية هذه المهارات لا تتطلّب أدوات باهظة الثمن أو أنشطة معقّدة؛ بل كلّ ما تتطلّبه هو الإبداع والجاهزيّة والاستعداد لمراقبة فضول الطفل الطبيعيّ والاستجابة له.  في هذا المقال، سنناقش أهمّيّة التطوّر الحسّيّ لدى الطفل، والطرق العمليّة لدعمه في المنزل أو الفصل المدرسيّ، ونصائح للتعرّف إلى متى قد تكون هناك حاجة إلى دعم إضافيّ من مختصّين.  ما المهارات الحسّيّة؟  المهارات الحسّيّة تعني قدرة الطفل على استقبال المعلومات وتحليلها وتفسيرها والاستجابة لها عن طريق حواسّه. ترتبط المهارات الحسّيّة بالحواسّ الجسديّة، وأكثرها شيوعًا الحواسّ الخمس؛ البصر والسمع واللمس والتذوّق والشمّ، لكنّ الحواسّ الجسديّة تشمل أيضًا الجهاز الدهليزيّ؛ وهو جزء من الجهاز السمعيّ المسؤول عن الحركة والتوازن، بالإضافة إلى الحسّ العميق؛ وهو الإدراك اللاشعوريّ للحركة وللتوجّه الحيّزيّ الناشئ عن المحفّزات داخل الجسم. تعمل هذه المهارات معًا لمساعدة الأطفال في فهم بيئتهم ومكانهم داخلها. على سبيل المثال، تسمح المهارات البصريّة للأطفال بمعالجة الألوان والأشكال، في حين تساعدهم المهارات السمعيّة في التعرّف إلى الأصوات والاستجابة لها، وتمكّنهم المهارات اللمسيّة من إدراك القوام ودرجات الحرارة باللمس. في الوقت نفسه، تضمن الحواسّ الدهليزيّة والحسّ العميق قدرة الطفل على تحريك جسده بكفاءة، والحفاظ على التوازن، والتنقّل في المساحات المادّيّة بثقة. تؤدّي المهارات الحسّيّة دورًا حاسمًا في نموّ الطفولة المبكّرة، وتشكّل الأساس للتعلّم وتنسيق الحركة والتفاعل الاجتماعيّ والتنظيم العاطفيّ.   لماذا المهارات الحسّيّة مهمّة؟  تساعد المهارات الحسّيّة التي ذكرناها سابقًا الأطفال في الشعور بمساحتهم الجسديّة، والقدرة على التحكّم بتحرّكاتهم وتنسيقها.  كما تدعم المهارات الحسّيّة القويّة المهارات التالية:  • التطوّر المعرفيّ: تساعد التجارب الحسّيّة الأطفال في التعرّف إلى السبب والنتيجة، واستنتاج الروابط، وبناء مهارات حلّ المشكلات. على سبيل المثال، فالشعور بملمس الرمل أثناء سكبه من حاوية إلى أخرى، يجعل الطفل يستنتج مفاهيم مثل الحجم والوزن والملمس.  • المهارات الحركيّة: ترتبط المهارات الحركيّة الدقيقة (مثل التقاط الأشياء الصغيرة) والمهارات الحركيّة الإجماليّة (مثل الجري والقفز)، ارتباطًا وثيقًا بالمدخلات الحسّيّة. يعتمد الطفل الذي يتعلّم ركل الكرة على مهارات التفكير العميق المرتبط بالحواسّ، لقياس موضع الكرة والقوّة اللازمة لتحريكها.  • المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة: يمكن أن تساعد التجارب الحسّيّة الأطفال في تنظيم عواطفهم والتواصل مع الآخرين. على سبيل المثال، يوفّر العناق الدافئ مدخلات لمسيّة تمدّ الطفل بمشاعر الأمان والحبّ.  • اللغة والتواصل: يمكن للبيئات المحيطة بالطفل والغنيّة بالحواسّ أن تثير الفضول والمحادثة. يوفّر وصف رائحة البسكويت المخبوز أو لون الأوراق في الخريف، فرصًا لتوسيع مفردات الطفل وفهمه.  عندما يتمّ تجاهل التطوّر الحسّيّ أو تأخيره، قد يواجه الأطفال تحدّيات في مجالات مثل التركيز أو التنسيق أو التنظيم العاطفيّ. وهذا يؤكّد على أهمّيّة خلق بيئة حسّيّة غنيّة تشجّع على الاستكشاف والنموّ.  استراتيجيّات تنمية المهارات الحسّيّة لدى الطفل  وكما ذكرنا في بداية المقال، إنّ استراتيجيّات تنمية المهارات الحسّيّة لدى الطفل ليست معقّدة ولا تتطلّب ميزانيّة كبيرة، بالتالي، إليك بعض الأنشطة الممتعة منخفضة التكلفة، لتحفيز كلّ من الحواسّ المسؤولة عن المهارات الحسّيّة:  البصر (التحفيز البصريّ):  - الرضّع والأطفال الصغار: استخدم صورًا عالية التباين، أي يسهل تمييز ألوانها (مثل أنماط بالأبيض والأسود) لجذب انتباههم. تعدّ كتب الصور ذات الألوان والأشكال الواضحة والمحدّدة أداة ممتازة تساعد في تحفيز حاسّة البصر عند الأطفال.  - أطفال في مرحلة ما قبل المدرسة: شجّع التتبّع البصريّ، باللعب بالكرة خفيفة الوزن أو استخدام الإضاءة المنزليّة، لتلاعب ابنك ألعاب الظلّ على الحائط.  - الأطفال الأكبر سنًّا: حفّز الإبداع والمعالجة البصريّة بتقديم الألغاز أو الأحجيات أو الفرص للرسم والتلوين.  السمع (التحفيز السمعيّ):  الأطفال الرضّع: تحدّث بنبرة مهدّئة، أو غنِّ لطفلك تراتيل هادئة، أو حتّى يمكنك أن تجذب تركيزه عن طريق خشخيشات الأطفال التي تصدر أصواتًا لطيفة.  الأطفال الصغار: قدّم إليهم الآلات الموسيقيّة، مثل الطبول أو الدفوف أو آلة الماراكاس لتعزيز الاستكشاف السمعيّ.  الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة وما بعد ذلك: العب "ألعاب الاستماع"، مثل التعرّف إلى أصوات الحيوانات المختلفة أو أنماط التصفيق التي يمكنهم تقليدها. كما إنّ الاستماع إلى القصص أو الكتب الصوتيّة يشحذ المهارات السمعيّة.  اللمس (التحفيز اللمسيّ):  - الأطفال الرضّع: يمكن للبطّانيّات الناعمة والألعاب ذات الملمس الناعم والتدليك اللطيف على بشرتهم، أن يوفّر إحساسًا بالراحة وربط بعض المشاعر بالملمس.  - الأطفال الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة: تسمح الصناديق الحسّيّة المليئة بموادّ مثل الأرزّ أو الرمل أو حبّات الماء للأطفال باستكشاف الملمس. يمكنك أيضًا تشجيع اللعب في الهواء الطلق بالطين أو على العشب أو بالماء، للحصول على تجارب لمسيّة طبيعيّة.  - الأطفال الأكبر سنًّا: توفّر المشاريع الفنّيّة باستخدام الطين أو الوحل أو دهانات الأصابع أو السلايم أو معجون الصلصال، فرصًا عمليّة لبناء المهارات الحركيّة الدقيقة والإبداع.  التذوّق (التحفيز التذوّقيّ):  - الأطفال الصغار: قدّم مجموعة متنوّعة من الأطعمة الآمنة والمناسبة لعمر الطفل، على أن تكون ذات مذاق وملمس مختلفين. وشجّعهم كذلك على وصف طعم ما يأكلونه: هل هو حلو؟ حامض؟ مقرمش؟  - الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة والأطفال الأكبر سنًّا: اجعل الطبخ نشاطًا عائليًّا. دع الأطفال يساعدون في تحضير الوجبات، وتذوّق المكوّنات الجديدة، والتحدّث عن النكهات التي يختبرونها.  الشمّ (التحفيز الشمّيّ):  - الأطفال الرضّع الصغار: استخدم مع طفلك أشياء معطّرة، مثل الزهور أو المستحضرات الآمنة للأطفال أثناء اللعب أو روتين وقت النوم. على سبيل المثال؛ إن استخدمت رائحة عطريّة طبيعيّة معيّنة أثناء وقت النوم، سيربط طفلك مع الوقت بين هذه الرائحة وبين النوم، فستجده تلقائيًّا يستعدّ للنوم كلّما اشتمَّها.  - أطفال مرحلة ما قبل المدرسة والأطفال الأكبر سنًّا: اصنع مع طفلك شمعًا مستخدمًا الروائح التي تأتي من مصادر طبيعيّة، مثل أعواد القرفة أو قشور البرتقال أو اللافندر، لتشجيع الفضول بشأن الروائح ومزجها. أو مثلًا اخبزوا البسكويت لتعليم كيفيّة تأثير الرائحة في التذوّق.  الحواس الدهليزيّة والحسّيّة العميقة:  - الأطفال الرضّع: تساعد حركات التأرجح الخفيفة، مثل تلك الموجودة في أرجوحة الطفل أو هزّ الطفل بشكل لطيف أثناء وقت النوم على البطن، في تطوير التوازن.  - الأطفال الصغار والأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة: تعزّز الأنشطة مثل التسلّق أو القفز أو ركوب الدراجات ثلاثيّة العجلات، شعورهم بالتوازن والوعي الجسديّ.  - الأطفال الأكبر سنًّا: تعدّ الرياضة أو الرقص أو اليوغا أو حتّى الأنشطة البسيطة، طرقًا ممتازة لتحدّي هذه الحواس.  متى تطلب دعم المختصّين  على الرغم من أنّ المهارات لكلّ طفل تتطوّر وفقًا لسرعته الخاصّة، إلّا أنّه قد يواجه بعض الأطفال تحدّيات في معالجة المدخلات الحسّيّة، خصوصًا في سنواتهم الأولى. على سبيل المثال، قد يشعرون بالتوتّر من ملمس بعض الأشياء أو الأصوات، وفي حالات أخرى، قد ترتبط صعوبات المعالجة الحسّيّة بحالات مثل اضطراب طيف التوحّد (ASD) أو اضطراب المعالجة الحسّيّة (SPD).  إذا لاحظت علامات مثل الانهيارات العصبيّة المتكرّرة الناجمة عن المدخلات الحسّيّة، أو تأخّر المهارات الحركيّة، أو صعوبة الانخراط في الأنشطة الحسّيّة، ففكّر في استشارة طبيب أطفال أو معالج مهنيّ. يمكن أن يحدث التدخّل المبكّر فرقًا كبيرًا في مساعدة الأطفال على التعامل مع احتياجاتهم الحسّيّة.  ***  إنّ رحلة تعلّم المهارات الحسّيّة وتطويرها طويلة، لكنّها ممتعة ومهمّة. فإذا استطاع الآباء والمعلّمون إشراك الأطفال في تجارب غنيّة بالحواس وتوفير البيئة المناسبة، سيساعدون أطفالهم في بناء المهارات التي يحتاجون إليها لمواجهة العالم بثقة.    المراجع https://mybrightwheel.com/blog/sensory-development  https://abilitypath.org/ap-resources/how-your-childs-sensory-system-develops/  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%8A%D9%82  https://www.annajah.net/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-article-34177 

كيف نتعامل مع الطفل سريع الملل؟

في عصر الأجهزة اللوحيّة والتلفزيون وكثرة المحتوى المعروض، قد يبدو من المستغرب أن يشعر الأطفال بالملل. وعلى الرغم من كلّ الأدوات وخيارات الترفيه المتاحة أمامهم، فإنّ واحدة من أكثر الجمل التي يسمعها الآباء من أبنائهم: "لقد مللت!" ولأنّ الأطفال يشعرون بالملل بشكل متكرّر، يجد الآباء أنفسهم في كلّ مرّة في حيرة من أمرهم بشأن كيفيّة إبقاء أطفالهم مشغولين وسعداء ومندمجين في فعل ما، بطريقة مثمرة.  من الجدير ذكره أنّ الملل لا يعدّ مشكلة أو شيئًا سيّئًا في حدّ ذاته. في الواقع، يزعم خبراء نموّ الطفل أنّ الملل يمكن أن يكون مفيدًا، بل يعدّ جزءًا مهمًّا من نموّه - فهو يشجّع الإبداع وحلّ المشكلات واللعب الموجّه ذاتيًّا. وفقًا لعلماء نفس الأطفال، يمكن أن يعمل الملل "محفّزًا" للإبداع، وأن يساعد الأطفال في تطوير شعور بالدافع الذاتيّ. لذا، في حين قد يكون الأمر غير مريح لكلّ من الأطفال والآباء في حينه، فإنّ السماح للطفل بالجلوس مع ملله قليلًا يمكن أن يكون تجربة صحّيّة ومنتجة.  كيف تستجيب عندما يتجوّل طفلك في المنزل ويشكو من شعوره بالملل، من دون أن تسمح له باستخدام الشاشة مباشرة؟ دعنا نستكشف بعض الطرق العمليّة والإبداعيّة الممتعة لإشراك الأطفال وتعليمهم الاعتماد على الذات، لكي يتسنّى لك الاستمتاع ببعض اللحظات الهادئة لنفسك.    ما أسباب الملل عند الأطفال؟  لا يقتصر شعور الأطفال بالملل على أنّهم لا يجدون شيئًا مسلّيًا يفعلونه، بل له أسباب عديدة. في الآتي بعض العوامل الشائعة التي تسهم في الشعور بالملل:  - حالة التنبّه المستمرّة: يجعل استخدام الشاشات الطفل متنبّهًا أو نشطًا بشكل مفرط، لذلك عندما تُترك لهم لحظة من الهدوء أو الوقت بعيدًا عن الشاشات، يشعرون مباشرة بالانزعاج، ما يدفعهم إلى تفسير الافتقار إلى ما يلفت انتباههم على أنّه ملل.  - مهارات حلّ المشكلات المحدودة: بالنسبة إلى الأطفال الصغار، تأتي بعض العوامل المسبّبة للملل من كونهم لم يتعلّموا بعد إيجاد حلول لأبسط مشكلاتهم؛ فهم يعتمدون على آبائهم تمامًا لملء وقتهم، من دون أن يدركوا أنّ لديهم القدرة على خلق الترفيه بمفردهم.  - عدم وجود اهتمامات خاصّة: في بعض الأحيان، قد لا يجد الأطفال هوايات أو اهتمامات تجذبهم. لذلك عندما يكون لديهم وقت فراغ يشعرون بالضياع والضجر، لأنّهم غير متأكّدين ممّا يجب عليهم فعله أو ممارسته.  - البحث عن الاهتمام: في بعض الأحيان تكون عبارة "أنا أشعر بالملل" إشارة إلى "أريد انتباهك". قد يقول الأطفال إنّهم يشعرون بالملل وسيلة لتشجيع الآباء على مشاركتهم نشاطًا أو بعض الوقت.    كيفيّة التخلّص من الملل عند الأطفال  استغلال الملل باعتباره فرصة تعليميّة  الخطوة الأولى في التعامل مع الطفل المتململ تغيير عقليّتك تجاه الملل. بمعنى: بدلًا من النظر إلى الملل باعتباره مشكلة تحتاج إلى حلّ، حاول النظر إليه باعتباره فرصة. يمكن أن يكون الملل حافزًا للإبداع، وفرصة تسمح للأطفال باستكشاف اهتماماتهم الخاصّة، والتوصّل إلى أفكار إبداعيّة بأنفسهم. شجّع طفلك على النظر إلى الملل باعتباره لوحة فارغة. اطرح أسئلة مثل: "ماذا تريد أن تبتكر؟" أو "كيف يمكنك جعل هذا اليوم أكثر إثارة؟" تعليم الأطفال أنّهم مسؤولون عن ترفيههم مهارة حياتيّة مهمّة، ستفيدهم مع نموّهم.    اصنع "صندوق الملل" مع أفكار للأنشطة الممتعة  أحد الحلول العمليّة التي يفضّلها العديد من الآباء "صندوق الملل"؛ وهو طريقة بسيطة ولكن فعّالة، يمكنك أنت وطفلك صنعها معًا. ابحث عن وعاء (أو صندوق)، وزيّنه بأشكال مبهجة، واملأه بقصاصات من الورق بحيث تحتوي كلّ ورقة على نشاط ممتع ومناسب لعمر طفلك. إليك بعض الأفكار:  - الأنشطة الفنّيّة: "ارسم قصّة قصيرة"، أو "ارسم صورة لمنزل أحلامك"، أو "ابتكر شكلًا من ورق الألمنيوم".  - الأنشطة الخارجيّة: "اصطد مجموعة منوّعة من الحشرات من حديقة المنزل"، أو "اجمع الصخور والأوراق المميّزة من أرجاء الحيّ".  - الأنشطة التعليميّة: "اكتب رسالة إلى صديق أو أحد أفراد الأسرة"، أو "ابحث عن 5 حقائق ممتعة حول حيوان تحبّه"، أو "تعلّم كيفيّة قول مرحبًا بخمس لغات".    شجّع اللعب الخياليّ  اللعب الخياليّ أحد أقوى الطرق التي يمكن للأطفال تسلية أنفسهم بواسطتها. يتمتّع الأطفال بموهبة طبيعيّة في سرد ​​القصص واللعب التظاهريّ، لكنّهم يحتاجون أحيانًا إلى دفعة صغيرة للبدء. في الآتي بعض الأفكار لإثارة خيالهم:  - مغامرة شخص مسافر عبر الزمن: اطلب من طفلك أن يتخيّل أنّه يسافر إلى فترة زمنيّة مختلفة. يمكن أن يكون مصريًّا قديمًا، أو فارسًا من العصور الوسطى، أو رائد فضاء في المستقبل البعيد. اطلب منه أن يصنع زيًّا من العناصر الموجودة في المنزل، ويخترع قصّة حول ما يحدث في رحلته.  - لعب دور المطعم أو المتجر: يحبّ الأطفال التظاهر بإدارة أعمالهم الخاصّة. يمكنهم فتح "مطعم" في غرفة المعيشة، مع قائمة طعام وهميّ، أو إنشاء "متجر" بألعابهم. يمكن أن يبقيهم لعب دور العميل أو الخادم أو صاحب المتجر مستمتعين لساعات.  - يوم الأبطال الخارقين: دعهم يخلقون شخصيّة خارقة، مع اسم وقوى خارقة وزيّ. يمكنهم ابتكار مهامّ وإنقاذ ألعابهم من أخطار وهميّة وإنقاذ العالم - كلّ ذلك داخل حدود منزلك الآمنة.   أشركهم في المهامّ المنزليّة  غالبًا ما يستمتع الأطفال بالمساعدة في المهامّ المنزليّة - خصوصًا عندما يكونون أصغر سنًّا، إذ يمكن أن تكون المهامّ التي تبدو عاديّة للبالغين نشاطًا ممتعًا للأطفال. كما أنّ إشراكهم في الأنشطة المنزليّة فرصة لتمنحهم شعورًا بالمسؤوليّة، مع إبقائهم مشغولين في الوقت ذاته. ولتجعل الأمر أكثر متعة، ضمّن بعض هذه الأفكار:  - مساعدو المطبخ: دع طفلك يساعد في مهامّ الطهو أو الخبز البسيطة، مثل خلط العجين أو قياس المكوّنات أو تزيين البسكويت. هذا يمكنه أن يبقيهم منشغلين وفخورين. بالإضافة إلى ذلك، يعدّ الطبخ معًا طريقة رائعة لتعليمهم مهارات الرياضيّات الأساسيّة، مثل الكسور والقياسات.  - متعة البستنة: إذا كانت لديك حديقة أو مكان مخصّص لزرع بعض النباتات، دَع طفلك يساعدك في سقيها، أو إزالة الأعشاب الضارّة، أو حتّى زراعة بذوره الخاصّة. يمكن أن تصبح مشاهدة النباتات وهي تنمو بمرور الوقت مشروعًا مستمرًّا يستثمر فيه، ما يعلّم طفلك الصبر والعناية بالكائنات الحيّة.  - مسابقات التنظيف: حوّل التنظيف إلى لعبة عن طريق التحدّيات، مثل معرفة من يمكنه ترتيب مساحته بشكل أسرع، واضبط المؤقّت لمزيد من المتعة. أو أعطهم "مهامًّا" مثل العثور على جميع العناصر المفقودة في الغرفة وجمعها. مع القليل من الخيال، يمكن أن تبدو حتّى الأعمال المنزليّة مغامرة.    شجّع القراءة ورواية القصص  القراءة من أكثر الأنشطة المفيدة التي يمكن للطفل أن يمارسها، والملل يوفّر الفرصة المثاليّة للتعمّق في قراءة كتاب. فإذا كان طفلك صغيرًا جدًّا بحيث لا يستطيع القراءة بمفرده، خصّص وقتًا للقراءة معًا، واختر له الكتب التي تتوافق مع اهتماماته، سواء كانت مغامرات أو خيال أو فكاهة. أمّا إذا كان كبيرًا بما يكفي للقراءة بمفرده، فدعه يختار كتابًا، واتّفق معه مثلًا أن يقرأ فصلين ويخبرك عن الكتاب.   ***  في النهاية، تذكّر أنّك لست مضطرًّا إلى أن تلعب دور المقدّم الترفيهيّ في كلّ مرّة يصرخ فيها طفلك قائلًا "أنا أشعر بالملل". في بعض الأحيان، يكون أفضل ما يمكنك فعله هو توفير الأدوات والأفكار والمساحة، ثمّ ترك طفلك يتولّى الأمر من هناك لتسلية نفسه. إذا اتّبعت الخطوات المذكورة في المقال، ستحوّل الملل من كونه مشكلة إلى كونه أحد أكثر اللحظات إبداعًا وإثراءً في حياة طفلك.    المراجع https://www.1000hoursoutside.com/blog/the-very-best-way-to-deal-with-childhood-boredom  https://www.bbc.co.uk/tiny-happy-people/articles/zdbbsk7  https://www.todaysparent.com/family/little-kid-boredom-busters/ 

تمارين وأدوات فعّالة لتقوية الذاكرة

الذاكرة مهارة معرفيّة أساسيّة، لها دور حاسم في التعلّم الشامل وتطوّر الأطفال. تساعد الذاكرة القويّة في تفوّق الأطفال أكاديميًّا، وبناء مهارات الحياة الأساسيّة، والاحتفاظ بالمعلومات التي تسهم في نموّهم. ومع ذلك، قد يواجه بعض الأطفال تحدّيات في الاحتفاظ بالذاكرة، والتي يمكن أن تؤثّر في قدرتهم على التعلّم وأداء المهامّ اليوميّة. إنّ فهم الأسباب وراء ضعف الذاكرة لدى الأطفال، وتنفيذ التمارين والأدوات الفعّالة لتقوية الذاكرة، يمكن أن يعزّز قدراتهم المعرفيّة بشكل كبير.  إنّ الحاجة إلى ذاكرة نشطة لدى الأطفال في سنّ المدرسة أكبر كثيرًا من حاجة البالغين. فباعتبارنا بالغين، نكون قد اكتسبنا بالفعل قدرًا كبيرًا من المعرفة والمهارات التي نحتاج إليها لأداء وظائفنا اليوميّة. وعلى رغم أنّ قاعدة المعرفة في بعض المجالات مثل التكنولوجيا تتغيّر بسرعة، فإنّ المعلومات الجديدة تكون عمومًا محدّدة للغاية وتعتمد على المعرفة الموجودة أصلًا. ومن ناحية أخرى، يتعرّض أطفال المدارس باستمرار إلى كمّ كبير من المعرفة الجديدة في مجالات موضوعيّة متعدّدة قد يهتمّون أو لا يهتمّون بها. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقّع منهم أن يتعلّموا ويُختبروا في هذه المعرفة على أساس أسبوعيّ. وبالتالي، فإنّ الذاكرة الفعّالة والنشطة تشكّل أهمّيّة بالغة للنجاح في المدرسة.  يعاني العديد من الأطفال في سنّ المدرسة مشاكل في الذاكرة؛ فالأطفال الذين يعانون من عجز في تسجيل المعلومات في الذاكرة قصيرة المدى، غالبًا ما يجدون صعوبة في تذكّر التعليمات أو التوجيهات التي أُعطيت إليهم للتوّ، وما قيل للتوّ أثناء المحادثات والمحاضرات والمناقشات الصفّيّة. والطلّاب الذين يعانون صعوبة في الذاكرة العاملة غالبًا ما ينسون ما يفعلونه أثناء القيام به.  على سبيل المثال، قد يفهمون التوجيهات المكوّنة من ثلاث خطوات، لكنّهم ينسون الخطوتين الثانية والثالثة أثناء تنفيذ الخطوة الأولى. إذا كانوا يحاولون حلّ مسألة رياضيّة تتكوّن من عدّة خطوات، فقد ينسون الخطوات أثناء محاولتهم حلّ المسألة. وعندما يقرؤون فقرة، قد ينسون ما كان في بداية الفقرة بحلول الوقت الذي يصلون فيه إلى نهاية الفقرة. سيبدو هؤلاء الطلّاب وكأنّهم يواجهون صعوبة في فهم القراءة. في الواقع، هذا صحيح؛ لكنّ مشكلة الفهم ترجع إلى فشل نظام الذاكرة وليس نظام اللغة.  تستكشف هذه المقالة استراتيجيّات وأدوات فعّالة لتقوية الذاكرة لدى الأطفال وتعزيزها، بالإضافة إلى مناقشة بعض الأسباب المحتملة لضعف الذاكرة.    الأسباب الشائعة لضعف الذاكرة لدى الأطفال  قبل الخوض في التمارين والأدوات الفعّالة لتقوية الذاكرة، من الضروريّ فهم العوامل التي قد تسهم في ضعف الذاكرة لدى الأطفال. تشمل بعض الأسباب الشائعة:  - قلّة النوم: للنوم دور حيويّ في تعزيز الذاكرة. يمكن أن يؤدّي النوم المضطرب أو عدم النوم لساعات كافية يوميًّا إلى تعطيل قدرة الدماغ على معالجة المعلومات وتخزينها، ما يؤدّي إلى صعوبات في الاحتفاظ بالذاكرة.  - سوء التغذية: يُعدّ النظام الغذائيّ المتوازن الغنيّ بالعناصر الغذائيّة الأساسيّة، مثل أحماض أوميغا 3 الدهنيّة والفيتامينات والمعادن، أمرًا بالغ الأهمّيّة لصحّة الدماغ، فنقص التغذية السليمة قد يضعف الوظائف الإدراكيّة بما فيها الذاكرة.  - الإجهاد والقلق: يمكن أن يؤثّر الإجهاد المفرط أو القلق سلبًا في قدرة الطفل على التركيز والاحتفاظ بالمعلومات، فالصحّة العاطفيّة والنفسيّة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأداء الذاكرة وفعّاليّتها.  - عدم الانتباه والتشتّت: قد يجد الأطفال الذين يعانون صعوبات في الانتباه، أو ممّن يتشتّت انتباههم سريعًا صعوبة في تمييز المعلومات وتذكّرها. كما يمكن أن تعيق عوامل التشتيت البيئيّة والرقميّة عمليّات الذاكرة.  - اضطرابات التعلّم: يمكن أن تؤثّر حالات مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط وعسر القراءة في الذاكرة والتعلّم، فهذه الاضطرابات تصعّب على الأطفال معالجة المعلومات وتذكّرها بشكل فعّال.   - قلّة النشاط البدنيّ: ثبت أنّ ممارسة الرياضة البدنيّة المنتظمة تعزّز الوظائف الإدراكيّة، بما في ذلك الذاكرة؛ لذا فقد تسهم أنماط الحياة الخالية من أيّ نشاطات بدنيّة أو أيّ نوع من أنواع الرياضات في إضعاف مهارات الذاكرة.     تمارين وأدوات فعّالة لتقوية الذاكرة  لمساعدة الأطفال في تطوير ذاكرة قويّة، يمكن للآباء والمعلّمين دمج مجموعة متنوّعة من التمارين والأدوات التي تشرك جوانب مختلفة من الذاكرة. في الآتي بعض الطرق العمليّة التي يمكن أخذها في الاعتبار:  ألعاب الذاكرة والألغاز  تُعدّ ألعاب الذاكرة مثل مطابقة البطاقات والألغاز وألعاب الطاولة، أدوات ممتازة لتعزيز الذاكرة لدى الأطفال. تتحدّى هذه الأنشطة الدماغ لتذكّر الأنماط والتسلسلات والتفاصيل المرئيّة، ما قد يحسّن الذاكرة قصيرة المدى وطويلة المدى. مثال على ألعاب الذاكرة: لعبة بطاقات التركيز، والتي تتضمّن مطابقة أزواج البطاقات المقلوبة. يحاول الأطفال في هذه اللعبة تذكّر موضع كلّ بطاقة للعثور على الأزواج المتشابهة، وهذا يعزّز الذاكرة البصريّة والانتباه إلى التفاصيل.  تقنيّات رسم الخرائط الذهنيّة والتصوّر، تُعدّ الخرائط الذهنيّة أداة قويّة تشجّع الأطفال على تنظيم المعلومات بصريًّا. بإنشاء الخرائط الذهنيّة، يمكن للأطفال ربط المفاهيم ذات الصلة، ما يسهّل عليهم تذكّر المعلومات لاحقًا.  كيفيّة استخدام الخرائط الذهنيّة: ابدأ بفكرة أو موضوع مركزيّ، ثمّ تفرّع منه إلى مفاهيم ذات صلة باستخدام الصور والألوان والكلمات الرئيسة. يساعد هذا التمثيل المرئيّ الأطفال في فهم المعلومات المعقّدة وتذكّرها بشكل أفضل.  تساعد تقنيّات التصوّر أيضًا في تنشيط الذاكرة، بتشجيع الأطفال على إنشاء صور ذهنيّة لما يحتاجون إلى تذكّره. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يحاول حفظ قصّة، فيمكنه تخيّل المشاهد كما لو كان يشاهد فيلمًا في ذهنه.  أدوات التذكّر  أدوات التذكّر أحد أفضل الأدوات الفعّالة لتقوية الذاكرة، والتي تستخدم الأنماط أو الاختصارات أو القوافي أو الارتباطات للمساعدة في تذكّر المعلومات؛ وهي مفيدة بشكل خاصّ لحفظ القوائم أو التسلسلات أو المعلومات المعقّدة.  أمثلة على أدوات التذكّر:  - الاختصارات: مثل استخدام الاختصار "ROYGBIV" لتذكّر ألوان قوس قزح (الأحمر والبرتقاليّ والأصفر والأخضر والأزرق والنيليّ والبنفسجيّ).  -  القوافي: إنشاء قافية أو أغنية بنمط معيّن، لتذكّر ترتيب الكواكب أو أيّام الأسبوع.  تجعل هذه التقنيّات التعلّم أكثر جاذبيّة، ويمكن أن تحسّن بشكل كبير من عمليّة الاحتفاظ بالمعلومات.  تقسيم المعلومات  تتضمّن هذه الطريقة تقسيم قطع كبيرة من المعلومات إلى وحدات أصغر وأكثر سلاسة في تعامل الطفل معها. هذه الطريقة فعّالة بشكل خاصّ لحفظ الأرقام أو القوائم أو الخطوات في عمليّة ما.  كيفيّة التدرب على التقسيم: على سبيل المثال، بدلًا من محاولة تذكّر سلسلة طويلة من الأرقام، يمكن للأطفال تجميعها في أجزاء أصغر، مثل تذكّر رقم هاتف على هيئة ثلاث مجموعات من الأرقام (123-456-7890) بدلًا من سلسلة واحدة مكوّنة من عشرة أرقام.  التكرار والتعلّم المتباعد  يسمح التكرار للأطفال بمراجعة المعلومات عدّة مرّات، وهذا يعزّز تنشيط الذاكرة. أمّا التعلّم المتباعد فهو الذي يتضمّن مراجعة الموادّ على مدار فترات زمنيّة معيّنة، وهو بدوره أيضًا يساعد في تعزيز الذاكرة، بخاصّة الذاكرة طويلة المدى.  كيفيّة تنفيذ التعلّم المتباعد: شجّع الأطفال على مراجعة موادّ دراستهم مباشرة بعد تعلّمها لأوّل مرّة، ثمّ بعد يوم، وأسبوع، وشهر. هذا النهج يقوّي الروابط العصبيّة المتعلّقة بالموادّ التي تمّ تعلّمها.  التمارين البدنيّة وفترات الراحة للدماغ  تعمل التمارين المنتظمة على زيادة تدفّق الدم إلى الدماغ؛ ما يعزّز الوظائف الإدراكيّة، بما في ذلك الذاكرة. كما يُنصح بالقيام ببعض الأنشطة البدنيّة، مثل القفز أو تمارين التمدّد أو المشي السريع أثناء جلسات الدراسة؛ فإراحة الدماغ بين الحين والآخر أثناء الدراسة يساعد في تنشيط الدماغ وتحسين التركيز والاحتفاظ بالذاكرة.  عادات نمط الحياة الصحّيّة  يعدّ تعزيز نمط الحياة الصحّيّ أمرًا بالغ الأهمّيّة لوظيفة الدماغ المثلى. وهذا يشمل:  - النظام الغذائيّ المتوازن: الأطعمة الغنيّة بمضادّات الأكسدة والدهون الصحّيّة والعناصر الغذائيّة الأساسيّة تدعم صحّة الدماغ. أدرج أطعمة مثل الأسماك والمكسّرات والتوت والخضروات الورقيّة في النظام الغذائيّ لطفلك.  - النوم الكافي: إنّ ضمان حصول الأطفال على قسط كافٍ من النوم (9-11 ساعة للأطفال في سنّ المدرسة) عامل مهمّ لتقوية الذاكرة.  - اليقظة والاسترخاء: يمكن للأنشطة مثل التنفّس العميق أو التأمّل أو اليوغا أن تقلّل من التوتّر، وتحسّن التركيز والذاكرة.      ***  تقوية الذاكرة عند الأطفال عمليّة متعدّدة الأوجه، تتضمّن إشراك مهاراتهم المعرفيّة باستخدام الألعاب والتمارين واختيار أنماط حياة صحّيّة. كما إنّ فهم الأسباب الكامنة وراء ضعف الذاكرة يمكن أن يساعد في تصميم التدخّلات التي تعالج احتياجات كلّ طفل على وجه التحديد، وباتّباع هذه التمارين والأدوات الفعّالة، يمكن للآباء والمعلّمين خلق بيئة داعمة تغذّي التطوّر المعرفيّ، وتمكّن الأطفال من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. لا تتعلّق الذاكرة بالاحتفاظ بالمعلومات فقط؛ بل هي مهارة يمكن تطويرها وصقلها بالنهج الصحيح لتعزيز رحلة التعلّم لدى الطفل.    المراجع https://www.readingrockets.org/topics/brain-and-learning/articles/10-strategies-enhance-students-memory  https://www.oxfordlearning.com/11-ways-to-improve-memory-for-kids/  https://www.webteb.com/articles/%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9_13323  https://www.understood.org/en/articles/8-working-memory-boosters