الرئيسية

في هذا العدد

العدد (15) شتاء 2024

ملفّ العدد الخامس عشر من منهجيّات، "تمكين المعلّم أوّلًا: بحث في عناصره، رؤًى في عقباته"، موضوع شديد الأهمّيّة، نعتبره بابًا يُفتَح لملفّات تستكمل البحث والتعليق حول شأنٍ أساسٍ من شؤون تطوير التعليم في العالم العربيّ: فماذا يعني تمكين المعلّم؟ وهل هو سابق على بدء الممارسة التعليميّة، بما يعني مسؤوليّة الجامعات والمعاهد، أم هو عمليّة مستمرّة؟ ومن يتولّى مسؤوليّاتها من حيث الوقت المطلوب للتمكين المستمرّ، ومن حيث التكاليف؟ هذه الأسئلة تقابلها على الوجه الآخر أسئلة أكثر تعقيدًا، من مثل: هل حضور ورشات عمل ودورات تدريبيّة متناثرة وبما تيسّر، هو الشكل الأفضل لهذا التمكين؟ كيف يمكن للمعلّم تطوير أدائه ذاتيًّا في ظلّ وجود سياسات جامدة وقوانين متحجّرة قد تئد أيّ محاولة للتغير والتجريب عند المعلّم الفرد؟ وإبّان العمل على الملفّ والتعامل مع هذه الأسئلة، ومحاولة ترتيبها في حزمات يشكّل كلّ منها ملفًّا قائمًا بذاته، بدأت صور الأحداث في قطاع غزّة ترِد بعنفها المذهل ووحشيّتها. وفي حدود إمكانيّاتنا واختصاصنا، بادرنا إلى اتّخاذ موقف من المجزرة؛ فأطلقنا مدوّنة غزّة وشعارها "أيّ شيء إلّا الصمت"، حيث تابعنا مع من استطعنا إليهم سبيلًا من معلّمات غزّة ومعلّميها، يوميّاتهم، ونشرناها، وترجمناها، وتعاونّا مع "صوت بودكاست" في نشرها بصيغة صوتيّة، وما زلنا. ونعمل الآن على ملفّ يتعامل مع مفاعيل هذه الجريمة لعدد الربيع، سننشر تفاصيله قريبًا.

ملفّ العدد القادم

دعوة للكتابة في الأعداد القادمة

للمساهمة والكتابة في أعداد المجلّة القادمة، نستقبل مقالاتكم حول المواضيع التربويّة المختلفة عبر البريد الإلكترونيّ:  [email protected] تعالج مواضيع المقالات العامّة التربويّة في المجلّة قضايا التعليم والإدارة المدرسيّة وتطوير المعلّمين. وقد يكون موضوع المقال منطلقًا من تفكُّر ذاتيّ؛ تأمُّل في تجربة ما أو مراجعة لها أو مُشاركة لتجارب وأفكار مُختلفة، أو قد يكون نتاجًا لورشة أو ندوة أو مؤتمر، وربّما يكون مراجعة لكتاب أو مقالة استطاع الكاتب أن يختبر مقتضياتها في الصفّ، وأن يُدخل عليه ما يتناسب ووضع الصفّ والمدرسة بشكل عامّ، وأن يلمس بيده وروحه ما أدّت إليه في مسار المتعلّمين. المعارف، على أهمّيّتها، موجودة وباتت متاحة بلغات مختلفة، لكن تجربتكم الشخصيّة في تحويل المعرفة إلى ممارسة يوميّة أو استراتيجيّة ناجحة تلائم الواقع، هي الشعلة التي نرغب في نقلها إلى المُمارسين التربويّين في الحقل التعليميّ. للاطلاع على سياسات النشر في المجلّة سياسات منهجيات | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)، وفريق منهجيّات سيكون داعمًا وموجودًا للتواصلِ والمتابعة والمجاورة.  

أخبار تربويّة

دار الكتاب التربويّ تُطلق عددًا من أحدث إصداراتها

أطلقت دار الكتاب التربويّ عددًا من أحدث إصداراتها لعام 2024، وهي إصدارات تربويّة أربعة مُترجمة إلى العربيّة، لفائدة التربويّين العرب من المعارف التربويّة التي تُنتج حول العالم. جاء الإصدار الأوّل بعنوان "التعلّم العالي الأداء: كيف نجعل مدارسنا عالية المستوى" وهو من تأليف ديبرا آير، وتقدّم فيه نموذجًا واضحًا لكيفيّة تحقيق مستويات عالية الأداء الأكاديميّ لجميع الطلبة والمدارس، استنادًا إلى ما هو معروف عن كيفيّة وصول الناس إلى الأداء الإدراكيّ المتقدّم. وحمل الإصدار الثاني عنوان "المتعلّم من خلال الاستقصاء، من تأليف كاث موردوخ، والتي استندت في كتابته إلى الأبحاث الرصينة حول أهمّيّة وكيفيّة تعلّم الطلبة من خلال الاستقصاء. بينما جاء الإصدار الثالث بعنوان "العقول العظيمة وكيفيّة ننمّيها"، تأليف ويندي برلينز وَديبورة أير، وهو دليل للوالدين يبيّن لهم كيف يستطيعون أن ينشئوا عقول أطفالهم الصغار والمراهقين، وكيف يوجّهونهم للنجاح في المدرسة وفي الحياة معًا. أمّا الإصدار الرابع "دليل نموذج جامعة الدول العربيّة"، تأليف فيليب داجاتي وهولي جوردان، فيوفّر نظرةً شاملة معمّقة لبرنامج نموذج جامعة الدول العربيّة للطلبة الذين يُمارسون البرنامج لأوّل مرّة، وكذلك للطلبة الذين يشتركون فيه مُجدّدًا.

مرصد ونجوم الأمل تُصدران ورقة حقائق حول واقع المدارس في ظلّ الحرب على غزّة

أطلق مرصد السياسات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، بالشّراكة مع جمعيّة نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة، ورقة حقائق حملت عنوان "واقع المدارس المواءمة في ظلّ حرب الإبادة الجماعيّة على قطاع غزّة". وتأتي الورقة لرصد الحملات الواسعة من التدمير الممنهج للقطاع التعليميّ في غزّة، والتي تستهدف البنية التعليميّة من مدارس وجامعات ومؤسّسات ثقافيّة ومكتبات وغيرها. وجاء في بيان الإطلاق "يعمل الاحتلال على تدمير كافّة مقومات الحياة في القطاع، تحقيقًا لأهدافه الاستعماريّة في تدمير مقومات الوجود الفلسطينيّ، والتي يلعب التعليم جانبًا محوريًّا في تعزيزها". للوصول إلى الورقة، اضغط على الرابط هُنا.

جامعة النجاح الوطنيّة تطلق مبادرة لتمكين طلبة غزّة من استكمال تعليمهم الجامعيّ

أعلنت جامعة النجاح الوطنيّة- نابلس، وبالشراكة مع اتحاد الجامعات المتوسّطيّة  (UNIMED)وصندوق دعم الطالب الفلسطينيّ (PSSF)، عن إطلاق مبادرة لتمكين طلبة غزّة من استكمال تعليمهم الجامعيّ إلكترونيًّا، كطلبة زائرين لفترة محدودة، دون أن يتحمّل الطالب أو جامعته تكاليف ماليّة. وتأتي هذه المبادرة في ظلّ الدمار غير المسبوق الذي يتعرّض إليه القطاع، والذي طال مناحي الحياة جميعها، وفي قلبها المشهد التعليميّ المدمّر، إذ هُدّمت أو تضرّرت قرابة 70% من المؤسّسات التعليميّة في القطاع. وإدراكًا من جامعة النجاح الوطنيّة لضرورة استكمال التعليم، وضمان عدم إضاعة حقّ الطلبة، فإنّها تعكف من خلال شراكة وثيقة مع اتحاد الجامعات المتوسّطيّة (UNIMED) ومؤسّسة صندوق المنح للطلبة الفلسطينيّين (PSSF)، وبتنسيق مع الجامعات الفلسطينيّة في قطاع غزّة، على تأسيس نظام تعليميّ إلكترونيّ مبتكر مخصّص للطلبة الجامعيّين في القطاع، سيجري المباشرة بتنفيذه فور توفّر الظروف الملائمة، والتي تتيح التحاق الطلبة في مساقاتهم الجامعيّة عن بُعد. وتؤكّد المبادرة على أنّه لن تكون هناك أيّة تكاليف ماليّة على الطلبة، فالخطوة هي استجابة إنسانيّة حثيثة لمعاناة طلبة غزّة، وتقديم الدعم اللازم لهم للتخفيف من أعباء الحرب وآثارها المدمّرة على مسيرتهم التعليميّة، وخلق مسارات وحلول تصب في هذا الاتجاه الذي تكفله المواثيق الدوليّة كافّة، لا سيّما أنّ الشعب الفلسطينيّ أثبت على مدار عقود طويلة، أنّ التعليم رسالة مقدّسة، وشعلة صوب إقامة الدولة الفلسطينيّة. وتقوم المبادرة على الاستعانة بالرقمنة ومنصّات التعلّم الافتراضيّة والموارد المفتوحة/ المشتركة، والدعم التقنيّ والتعليميّ، إذ شكلّت المبادرة لجنة من أفضل الخبراء في التعليم عن بعد لوضع الخطط اللّازمة للعمل على دعم الطلبة بشكل مباشر فور تهيئة الظروف الملائمة لذلك، لضمان عدم حدوث أي فاقد تعليميّ بسبب الحرب، لحين تعافي جامعات القطاع وقدرتها على استئناف المسيرة التعليميّة لطلبتها. ودعت جامعة النجاح وشركاؤها، الجامعات المحلّيّة والإقليميّة والدوليّة المهتمّة للانضمام إلى المبادرة لتقديم الدعم التعليميّ اللازم.   وطالت الحرب مناحي الحياة كافّة في قطاع غزة، حيث حُرم نحو 608 آلاف طالب من حقّهم في التعليم المدرسيّ، وأكثر من 90 ألف طالب جامعيّ، وفقد آلاف الطلبة أساتذتهم وزملاءهم ومعلّميهم، إذ استشهد 17 مدرّسًا جامعيًّا يحملون لقب بروفيسور، و59 مدرّسًا يحملون درجة الدكتوراه. واستشهد 18 طالبًا من حملة درجة الماجستير، ما أدّى إلى تدمير العمود الفقريّ الأكاديميّ لجامعات غزّة، ويقدّر صندوق النقد الدوليّ أنّ خسائر قطاع التعليم في غزّة تزيد عن 720 مليون دولار. لذلك، فإنّ جامعة النجاح ترى أن هذه المبادرة لإنقاذ قطاع التعليم في غزّة تحمل بعدًا تضامنيًّا وطنيًّا وإنسانيًّا نابعًا من إدراكها بأنّ التعليم حقّ لا يمكن الاستغناء عنه، حتى في أحلك الظروف وأقساها. وقالت الجامعة: "في هذه اللحظة الوطنيّة، نجدد العهد والولاء لفلسطين وشعبها، ونؤكّد أنّ التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة التحدّيات، وأنّ العلم والتعليم هما الطريق نحو بناء مستقبل أفضل لكلّ الأجيال".

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

ترجمة الأقوال إلى أفعال: التجربة السنغافوريّة في التعليم
عند التأمّل في حال الدولة السنغافوريّة، نجدها دولة مساحتها صغيرة، ومواردها ضعيفة، إن لم نقل معدومة، وتتكوّن من أعراق وأديان مختلفة، فهي د... تابع القراءة
دعم المعلّم في حالات الطوارئ
تُعرَّف حالات الطوارئ التي تؤثِّر في التعليم بأنّها الحالات التي تُدمِّر ظروف الحياة الطبيعيّة والمرافق العامَّة ومرافق الأطفال التعليميّ... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

لنطلق العنان لقدرات الطلبة
يحتاج جيل اليوم، في هذا العالم المنفتِح، إلى أن يكون وعيه بما يدور حوله عميقًا، ومهاراته في الحوار المنطقيّ والنقاش البنّاء قويّةً، وقدرت... تابع القراءة
التعلّم الذاتيّ: من قدرات فرديّة إلى قيادة تحويليّة
مع بداية انتشار وباء كورونا والقيود التي فرضها على الأنشطة الاجتماعيّة، والتي طالت القطاع التعليميّ بشدّة، كان لا بدّ من التفكير مليًّا ب... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق؟

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر آذار/ مارس 2024، بعنوان "كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق؟". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مفهوم الحقوق بشكلٍ عامّ، ونشأتها وعلاقتها بالقانون الدوليّ. 2. مناقشة عجز القانون الدوليّ ومفاهيم الحقوق وفشلها في سياق الحرب على غزّة، خصوصًا الحقّ في الحياة الكريمة والغذاء والحماية والتعليم. 3. كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق في غزّة وحول العالم؟ 4. ما تعريف هذه المفاهيم اليوم في ضوء ما حدث ويحدث في غزّة؟ وكيف نفهم مفهوم الحقّ في التعليم في غزّة؟ 5. كيف نسير إلى تطبيق هذه المفاهيم الجديدة، خصوصًا الحقّ في التعليم في ضوء ما يحدث في غزّة؟ 6. ما دور المعلّمين والأكاديميّين والحقوقيّين والمنظّمات في هذا الفهم والتطبيق؟ 7. كيف نصدّر هذا الفهم الجديد للعالم؟ وما دورنا جميعًا؟   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين: هُمّ: د. سائدة عفّونة، مساعدة رئيس جامعة النجاح الوطنيّة للرقمنة والتعلّم الإلكترونيّ، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات؛ أ. أيمن قويدر؛ مستشار في التعليم وقت الطوارئ؛ أ. رائدة الشعيبي، رئيسة مجلس إدارة مركز إبداع المعلّم، ومعلّمة مرحلة ثانويّة ومُشرفة تربويّة؛ د. مؤيّد حطّاب، أستاذ مشارك في كلّيّة القانون في جامعة النجاح الوطنيّة، ومستشار قانوني غير متفرّغ في شركة آردن للمحاماة في لندن، المملكة المتّحدة. أدارت الندوة د. جُمانة الوائلي، باحثة ما بعد الدكتوراه، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات. وقدّمت الندوة بأنّها صُمّمت لتُعالج سؤالًا يدور في أذهان معظمنا يومًا بعد يوم، ونحن نشهد ما يجري من فظائع في غزّة الحبيبة وفي فلسطين عمومًا: ما حقوق الإنسان؟ وهل تغير هذا المفهوم اليوم؟ وهل ما زلنا قادرين على أن ننادي بهذه المفاهيم في ظل ما نراه من إجرام مغلّف بالصمت والتواطؤ؟ وأكملت د. الوائلي "ولأنّنا في منهجيات نعنى بكلّ ما يخصّ التعليم، فإنّنا ندرك أنّه لا يمكن فصل حال التعليم عن السياقات السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والقانونيّة الأوسع؛ إذ إنّ التداعيات المستقبليّة لكيفيّة إعادة سير التعليم في غزّة ستكون مختلفة تمامًا عن أيّ تجارب سابقة تخصّ استمراريّة التعليم في حالات الطوارئ، وذلك نظرًا إلى حجم الفظائع، والدمار الكامل، والخسارة الشاملة التي تعانيها غزّة. هذه ليست الحرب الأولى التي تشهدها غزّة، وهذا بدوره يعني أنّ جميع التدخلات التعليميّة، والنهج المستخدم من قِبل الجهات الفاعلة الدوليّة لم تعد ذات جدوى. ولا يمكننا ببساطة نسخ الأطر النظريّة والمفاهيميّة التي كنا نستخدمها، أو إعادة استخدامها أو تكييفها". وتطرّقت إلى أنّ "الافتقار إلى الاستجابة المعنويّة من جانب المجتمع الدوليّ، من حكومات وهيئات قانونيّة، قد شكّل تجربة غير مسبوقة؛ بل قد نجرؤ على القول إنّها تجربة مؤلمة من الإهمال، والتخلّي والتي تتطلب استجابة جذريّة، إذ لا يمكننا استخدام ما يمكن أن يُنظر إليه الآن (من قِبل أهل غزّة وفلسطين) على أنّه نظرية لا تؤدّي الهدف المرجوّ. وهنا نسأل: هل نحن بحاجة إلى إعادة تعريف مفهوم الحقوق عمومًا، بما يتناسب مع ما نراه من تحييد وصمت كاملين، عن مبادئ حقوق الإنسان والعدالة؟"   ما حقوق الإنسان وحقوق الطفل قبل هذه الحرب؟ بدأ د. حطّاب مداخلته بأنّ حقوق الإنسان ليست وليدة لحظة ما، وليست وليدة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، إنّما هي مسألة وفكرة. وأكمل أنّ الحقوق امتيازاتٌ تُمنح للإنسان بصفته إنسانًا، وهذه الحقوق والامتيازات تعزّزت عبر التاريخ، ومقابل كلّ حقّ هُنالك واجب. وبالتالي، عند الحديث عن أيّ حقّ للإنسان، نتحدّث عن حقوق تعكس التزامات على الدول أو الحكومات. وأضاف د. حطّاب أنّ الحقوق فكرة تشمل كرامة الإنسان، وتتعلّق بذاته وكينونته: الحقّ في الحياة؛ الحقّ في التعليم؛ الحقّ في الملكيّة؛ الحقّ في الخصوصيّة؛ الحقّ في التعبير عن الرأي؛ الحقّ في المساواة، وغيرها. وهُنا، نتحدّث عن منظومة كاملة تراعي كينونة الإنسان، وتراعي حقّه في أن يكون قادرًا على الحياة بشكلٍ كريم. وأشار د. حطّاب إلى أنّ فكرة الحقوق، والتي نشأت قديمًا مع اليونان، مستمرّة التطوّر. وقدّم مثالًا هو الحرب العالميّة الثانية، والتي قامت بعدها الجمعيّة العامّة بإعلان وثيقة حقوق الإنسان، والتي وقّعت عليها معظم دول العالم، كما اتّفقت على أن تكفل للإنسان الحقوق الأساسيّة، والتي لا يمكن أن يعيش الإنسان من دونها بكرامة وإنسانيّة. وركّزت هذه الوثيقة على أنّ الحقّ في التعليم لا بدّ أن يكون مُصانًا حتّى في مناطق النزاع. والحقّ في التعليم حقّ مكفول للإنسان من دون أن يتعلّق بمرحلة معيّنة، بما في ذلك المرحلة الجامعيّة. وأمّا في مناطق النزاع، فعلى الدول والعالم أن تكفل الحقّ في التعليم للشعب تحت النزاع.   هل كانت هذه الحقوق موجودة قبل هذه الحرب في فلسطين؟ تحدّثت د. عفّونة عن تغيير غزّة مفهومَ الحقوق، والإنسان بشكلٍ عامّ. إذ بات أطفال غزّة يتساءلون "هل نحنُ بشر؟" وهذا السؤال يعكس تساؤلًا أعمق: هل وُضعت حقوق الإنسان لمجموعة خاصّة من الناس، أم هي عامّة لجميع البشر؟ ومن الواضح أنّ هذه الحقوق، وفقًا لما يحصل في غزّة الآن، ليست للجميع. وأكملت د. عفّونة أنّ حقوق الإنسان لم يتمّ المساس بها فقط في غزّة، بل إهدارها وانتهاكها، وليسَ فقط من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، إنّما من سنة 1948، وهذا انعكس في أنّ نسبة كبيرة جدًّا من الفلسطينيّين قد عانوا فقدان حقّ من الحقوق على الأقلّ، بطريقة أو بأخرى، وهو ما جرّدهم من الإيمان بتطبيق هذه الحقوق، وباتت موضع تساؤل وشكّ عندهم. وفي بحثٍ قامت به د. عفّونة، بمناسبة اليوم العالميّ للطفل، مع أطفال فلسطينيّين، كان السؤال "ماذا يعني لك اليوم العالميّ للطفل؟" أجاب الأطفال: "يعني أنّنا قد نموت بعد قليل، أو في هذا اليوم". وكانت الإجابات بمجملها أنّه لا يعني شيئًا، خصوصًا في زمن الموت والمجاعة. وأشارت إلى أنّه من الضروريّ نقاش الحقّ في الحياة وفي الأمان أساسًا وبدءًا، لنقاش الحقوق.   كيف ترى تغيّر غياب الحقوق قبل الحرب الجائرة على أهلنا في غزّة وبعدها؟ أجاب أ. قويدر بأنّ الإنسان الفلسطينيّ بحاجة إلى التمتّع بحقوقه، مثل أيّ إنسان في العالم. ولكنّ السؤال هُنا، وانطلاقًا من أنّ كلّ الحقوق عالميّة، ما العوائق التي تحول دون تطبيق هذه الحقوق في مناطق مُختلفة من العالم، وخصوصًا غزّة؟ هذا السؤال وغيره، يمثّل قصورًا وعجزًا تامّين في المحاسبة، ويكشف كيف يتمّ استخدام سياسة الجنائيّة الدوليّة بشكلٍ يعطّل المحاسبة على هذه الجرائم، وهذا ليسَ فقط من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، بل عبر الزمن. وأشار إلى حراك عالميّ يجري الآن يطالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم، وهذا أمر مهمّ أن ننادي به، لمواجهة هذه الانتهاكات.   كيف ترى غياب هذه الحقوق، خصوصًا حقّ التعليم؟ وهل يُمكننا الحديث عن الحقّ في التعليم في ظلّ غياب الحقّ في الحياة والأمان؟ استهلّت أ. الشعيبي مداخلتها بالإشارة إلى اتفاقيّة جنيف الرابعة، المادّة 50، والتي تقضي بتسهيل عمليّة التعليم في الحروب، معنى ذلك أنّ الإنسان موجود ليتعلّم، وبالتالي الحرب على غزّة قضت على الإنسان، فكيف نكفل الحقّ في التعليم وصاحب الحقّ ما عادَ موجودًا. وهُنا، أشارت إلى أنّ التعليم في غزّة وكلّ فلسطين يواجه أزمة غير مسبوقة، وهذا اعتداء ممنهج ضدّ كافّة الحقوق المكفولة من قِبل المؤسّسات الدوليّة، والتي لا تطبّق بالمُطلق في فلسطين. وأكّدت أ. الشعيبي أنّ الشعب الفلسطينيّ خارج الأطر القانونيّة والإنسانيّة المتّفق عليها عالميًّا، حيث تنتهك في فلسطين كلّ المنظومة الإنسانيّة الأخلاقيّة القيميّة، وبالتالي تنتهك المنظومة التعليميّة، وانتهاك الأخيرة نتيجة للانتهاكات السابقة؛ طالما الإنسان ينتهك فما بالك بالتعليم؟ والحقيقة أنّنا في فلسطين نعيش أزمة تعليميّة، خصوصًا في خضمّ إبادة جماعيّة تستهدف الإنسان أساسًا، ومن ثمّ المؤسّسات والمباني. أمّا في الضفّة الغربيّة، فأيضًا المعلّم يعاني تحدّيات صعبة جدًّا، على غرار الحركة المحدودة والمخاطرة بفعل الحواجز العسكريّة، وانقطاع الرواتب لفترات طويلة، والاقتحامات اليوميّة لجيش الاحتلال، وتعرّض الكوادر التعليميّة للاعتقال. وفي غزّة يُضاف إلى ذلك الكثير، مثل فقدان البيت والمدرسة، والعطش والجوع وفقدان الدواء. وعلينا أن ننتبه من كلّ المُنتهزين لفرصة الحرب، ومحاولاتهم لتعديل المناهج لتصبح مناهج تُلغي القيم الوطنيّة والإنسانيّة. أشارت د. عفّونة إلى أنّ الحقّ في التعليم قد انُتهك. وتحدّثت عن قصّة نزوح الأمّ التي اختارت أن تحمل حقيبة ابنتها المدرسيّة بدلًا من حقيبة نزوح. هذه القصّة ترسم نموذجًا للصمود والبقاء، ومن الضروري الانتباه إلى مثل هذه القصص، والتي تُعيد بناء المعاني، وتكسر الإحساس بالعجز. ونرى اليوم في غزّة كيف يخلقون وسائل جديدة للتعلّم، ومبادرات مختلفة لإيجاد مساحات لبثّ الحياة والأمل.   ماذا عن صمت القانون الدوليّ؟ تحدّث د. حطّاب حول السخط على القانون الدوليّ وحقوق الإنسان، وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى أنّ القانون الدوليّ أفضل أداة لدينا، وكذلك حقوق الإنسان، التي نضجت وتبلورت عبر الزمن. وأنّ التعاطف الدوليّ اليوم مع غزّة متأثّر بمفهوم حقوق الإنسان، وهو سيتبلور أكثر بعد الحرب. وأشار إلى أنّ تحرّك العالم اليوم، وخصوصًا جنوب إفريقيا، يرجع إلى القانون الدوليّ، وتوظيفه. وبدورنا علينا أن ننقل هذه الحقوق نقلة نوعيّة لخدمة الإنسان، خصوصًا أنّنا أمام فرصة لتحقيق تغيُّر عالميّ في الحقوق. أمّا أ. قويدر فأكّد على فكرة أنّه لا يوجد لدينا منظومة أُخرى القانون الدوليّ وحقوق الإنسان يُمكننا الاتكال عليها. وأشار إلى ضرورة التركيز على السياسات والممارسات لتحقيق هذه الحقوق، بدلًا من الهجوم عليها، وهي التي تعتبر أداة تربطني مع المُجتمع الإنسانيّ العالميّ، والذي ينتفض اليوم مع غزّة. وتحدّث أ. قويدر عن كيفيّة إسقاط غزّة القناع العالميّ: في السياسات والممارسات التي أدّت إلى أنّ الحقوق تنتهك بشكلٍ يوميّ؛ وفي أنّ المجتمع الدوليّ يفتقد إلى الاتّساق في تطبيق هذه الحقوق؛ وخصوصًا في أنّ النظام التعليميّ في غزّة دُمّر بطريقة مُمنهجة وغير مسبوقة، فقُتل الطالب وأهله ومعلّمه والأستاذ الجامعيّ الذي يؤهّل المعلّم؛ وفي تدمير البُنية التحتيّة التربويّة، لتجهيل هذا الشعب الذي ما زال واقفًا على قدميه منذ 75 سنة إلى اليوم. وقد رأينا تدمير أكثر من 370 مدرسة، واستشهاد أكثر من 4300 طالب، وأكثر من 200 معلّم، وأكثر من 94 أستاذ جامعيّ، وتدميرًا كبيرًا لمواقع التراث والمكتبات والأرشيف والمراكز التربويّة، وهو ما اقُترح على تسميتهِ من قِبل باحثين بال (Educide: The Genocide of Education)، وهو واحد ضمن مصطلحات عديدة نُحتت من واقع غزّة المؤلم، الواقع المرير الذي بات يُعلّم الطلبة كيف يبنون خيمة، أو كيف يخبزون، نتيجةً للظرف. أمّا عن المعلّمين، فهم يعملون ليلَ نهار على أنشطة تفريغ مع الطلبة، خصوصًا وأنّ المدارس كلّها تحوّلت إلى مراكز إيواء. ومن المثير للاهتمام فِعلًا في وسط هذه المقتلة، أنّ الأهل يشاركون غرفهم، ويعطون مساحة للمتطوّع للقيام بأنشطة تفريغيّة، ثمّ في الليل تُصبح تلك الغرف مساحة لإيواء سبع عائلات. وهنالك خطّة كبيرة للعمل، ولكنّ الأولويّة الآن هي إيقاف هذه الحرب، ومن ثمّ إعادة تعريف التعليم كمعضلة كبيرة ستتطلّب كثيرًا من الإمكانيّات للتعامل معها.   أصبح التعليم متعدّد الوجوه، فهل تغيّر مفهوم التعليم عند المعلّم؟ هُنا أشارت أ. الشعيبي عن ضرورة إعادة قيم العدالة والتسامح، بعد ضرب المنظومة القيميّة عندهم. وترتيب المنظومات لن يتمّ من خلال مناهج وكتب كانت موجودة سابقًا. سيحتاج الطلبة إلى دعم كبير في التعليم، ضمن مرونة تعليميّة تبتعد عن المنهج الرسميّ. لذا، علينا إعادة التفكير في المنهج التعليميّ المقدّم للطلبة. وهُنا، يتجلّى البحث عن بدائل من التعليم الرسميّ. ومن المهمّ جدًّا أن تبقى فكرة التعليم موجودة في ذهنيّة الطالب، من خلال التعلّم الذاتيّ. وذكرت أ. الشعيبي المعلّمة أسماء مصطفى، والتي بادرت إلى تعليم الطلّاب، ليبقى الطلبة على تواصل مع فكرة التعليم. كما ذكرت أنّ هُناك مراكز عديدة تعمل على تقديم دعم نفسيّ اجتماعيّ للطلبة، وأشارت إلى ضرورة تقديم هذا الدعم للمعلّم أيضًا، حتّى يتمكّن من تقديمها ومن مساعدة الطلبة. ومن هُنا، علينا مجموعة من المهام الكبيرة، بما يمثّل تحديًا كبيرًا أمام التربويّات والتربويّين والمؤسّسات الفلسطينيّة، لإعادة بناء غزّة، بكلّ مركّباتها، في وسط الأمل المُستمدّ من العاملين في غزّة، إذ يعملون مع الأطفال في النهار، ويُقصفون في الليل. وهذا يعطي لمحة أمل عن القادم، والذي نحتاج بجميع مركّباتنا، ومن دون تساوق، إلى العمل بجدٍّ وجهد لتعزيز مستقبل أطفالنا في غزّة.   ما شكل الدعم المجتمعيّ الذي يحتاج إليه المعلّم للاستمرار في مهامه، في ظلّ هذه التحدّيات القاهرة؟ أشارت د. عفّونة إلى ضرورة تحديد ما الأهمّ اليوم، في ظلّ فقدان 600 ألف طالبٍ حقّهم في التعليم المدرسيّ، وأكثر من 90 ألف طالبٍ في التعليم الجامعيّ، فالمهمّ تعليم الطفل التعبير عن حقّه: حقّه في التعبير عن ألمه؛ في التعبير عن مشاعره؛ في التعبير عن خوفه. وعلينا الانتباه إلى أنّ المدارس في غزّة قد تحوّلت إلى مراكز إيواء، وعاش فيها الطفل والأب والأمّ والمعلّم تحت سقف واحد. بالتالي، هُنالك نظرة مُختلفة عند الطالب إلى المدرسة، ونظرته إلى المعلّم، إذ عاشوا الخوف والصمود والبحث عن الماء والمأكل والغطاء. لذا، فالفترة القادمة بحاجة إلى منظومة تعليميّة جديدة، ليسَ فقط من حيث المكان، إنّما من حيث المفاهيم والفكر والتصوّرات والمُمارسات. أمّا أ. الشعيبي، فتحدّثت عن أهمّيّة بناء مبادئ الحرّيّة والكرامة الإنسانيّة. وعلينا بناء هذه المبادئ في التعليم من أجل الحرّيّة استلهامًا من باولو فريري، مع ضرورة العمل على التعلّم التحويلي، والاستغناء عن مناهج تلقينيّة، بل نحنُ بحاجة إلى العمل بعمق على مشاعر الأطفال، ومشاكلهم النفسيّة، وهذا دور أساس للمعلّم بمساعدة مؤسّسات شريكة قادرة على الدعم. إلى جانب ضرورة إعادة إيمان الطفل بالمدرسة، خصوصًا في ظلّ تدمير المدارس، وجعل ما تبقّى منها مراكز إيواء. وأشارت إلى القصف المُمنهج لمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وبالتالي العمل على حذف مسألة اللجوء. إذًا، نحنُ بحاجة إلى إعادة بناء مناهج إنسانيّة تُعيد الثقة بالنفس، والكرامة الإنسانيّة، وأن نكون كمعلّمين آذانًا صاغية لطلبتنا، ومحترمين فكرهم، وعاملين على صياغة نظريّة تعلّميّة مُجتمعيّة تكون مقبولة، لا مستوردة ولا مفروضة. أضاف أ. قويدر أنّنا كمجتمع فلسطينيّ لدينا التزام قويّ تجاه التعليم، وإنتاج المعرفة. وسنعمل على إعادة نظام التعليم في غزّة. وبما تمرّ به غزّة، ستكون هناك ندرة في المصادر، لاحقًا لاستشهاد الأكاديميّين والمعلّمين، والتدمير الواسع للمؤسّسات والأرشيفات، وستأخذ عمليّة الإعمار وقتًا طويلًا جدًّا. ولكنّ شكل التعليم ما بعد الإبادة، سيركّز على النهج النفسيّ الاجتماعيّ، والتعلّم العاطفيّ، ومعالجة الصدمات التي مرّ ويمرّ فيها الطفل الغزّيّ. وأكّد أنّ تركيز جهود المناصرة مطلوب، ضمن أيّ مشروع، سواء في غزّة أو الضفّة الغربيّة أو القدس، لذا، فالتعامل مع الشبكات التعليميّة مهمّ جدًّا، للبناء ولإيصال أصوات المعلّمين والمتعلّمين في فلسطين. أشار د. حطّاب إلى الأثر المهمّ لتدمير المدارس والجامعات، والذي يندرج تحت مأسسة الإبادة الجماعيّة، إذ أثبت أنّ التعليم الفلسطينيّ مُستهدف، وهذا كفيل بتدمير أجيال. ومن الواضح أنّ الدول تقوم على نظم العدالة والتعليم، والاحتلال يدمّر بشكلٍ منهجيّ هذين المركّبين في غزّة. ومن هُنا تطرّق إلى تحديين أساسيّين أمامنا: الأوّل وطنيّ محلّيّ: عن تنظيم الذات. والثاني عالميّ: كيف يُمكننا التخلّص من الاحتلال؟ وأضاف أنّ المُبادرات التعليميّة بحاجة إلى دعم من هذين الجانبين، خصوصًا وأنّ مسألة القضيّة الفلسطينيّة باتت أوضح اليوم في العالم منه عمّا قبل 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر.   ما دورنا؟ وما المبادرة التي قمتِ بها؟ تحدّثت د. عفّونة عن أهمّيّة التعليم الشعبيّ، والذي ما زال قائمًا بأثرٍ كبير. وفي هذا السياق، "أذكر مبادرة قمنا بها في جامعة النجاح، وهي إطلاق مبادرة لتوفير التعليم بشكلٍ إلكترونيّ للطلّاب في غزّة، وقد التحق أكثر من 20 ألف طالبٍ في أسابيع، وهذا يعكس رغبة ودافعيّة الطلبة في التعلّم. وأودّ أن أوجّه الدعوة إلى المشاركة في المبادرة، فالمجال مفتوح للجميع لبذل الجهود وفاءً لطلبتنا في غزّة". أضافت أ. الشعيبي أنّ وزارة التربية الفلسطينيّة قد ألحقت مجموعة من طلّاب غزّة، مرحلة الثانويّة العامّة، مع صفوف في الضفّة الغربيّة عبر تطبيق (Teams). وهذه مبادرة من مبادرات كثيرة تجري الآن لإدماج طلبة غزّة في الصفوف عبر التطبيق.   ما دور المجتمع المدنيّ والمجتمعات الدوليّة؟ أشار أ. قويدر إلى أنّ الحقوق لم تتغيّر. ولكن، أظهرت الإبادة الجماعيّة في غزّة ضرورة المحاسبة، وضرورة إجراء إصلاح جذري لمنظومة المحاسبة، ودور المجتمع أساسيّ ضمن هذا السياق. وأضاف أنّنا بحاجة إلى البناء على حالة التعاطف العالميّة من أجل حماية الحقّ في التعليم. وداخل د. حطّاب بالتغيُّر على الصعيد الدوليّ، والذي يحدث بشكلٍ بطيء، إلّا أنّه يحدث. وقارن القضيّة الفلسطينيّة بالقضيّة الجنوب إفريقيّة لتوضيح القصد، بالتغيُّر في سلوك الحكومات والدول، وفكرهم. والتغيُّر ضمن السياق الفلسطينيّ، أصبح عالميًّا في هذه اللحظة، ومُحرجًا للعديد من الدول التي تدّعي أنّها راعية لحقوق الإنسان. وتحدّثت أ. الشعيبي على أنّه بعد 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر، تراجعت بعض المنظّمات عن دعم المؤسّسات الفلسطينيّة، لكنّها سرعان ما عادت إلى الدعم بعد تغيُّر الرواية ووضوحها. وأشارت إلى وجوب أن تتكاتف الجهود ضمن رواية قويّة لتعزيز المناصرة العالميّة لدعم المجتمع الفلسطينيّ. وأشارت د. عفّونة، إلى أنّ أصحاب الحقّ قد رسموا منظومة جديدة لحقوق الإنسان، عندما صعدت أرواحهم إلى السماء، ليسَ فقط لتظلّل فلسطين، إنّما الفضاء العالميّ. وعليه، علينا أن نبني لتوثيق الرواية الفلسطينيّة، لتكون مرجعًا للصمود ومرجعًا لحقوق الإنسان. واختتمت د. الوائلي، بأنّ غزّة ستبلور حقوق الإنسان، كما لم يحدث من قبل.

ندوة: المرأة والفتاة في العلوم والتكنولوجيا

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر شباط/ فبراير 2024، بعنوان "المرأة والفتاة في العلوم والتكنولوجيا". وركّزت على محاور أربعة رئيسة، هي: 1. واقع المرأة في العلوم والتكنولوجيا: نسب وإحصائيات. وواقع المرأة في سوق العمل مع نظرة تحليليّة.  2. المقاربات الثقافيّة والخطاب الاجتماعيّ، والعلاقة بين مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا وأدوارها المختلفة، ونظرة المرأة لنفسها، وواقعها في سوق العمل. 3. أهمّيّة مشاركة المرأة في العلوم، والعلاقة بأهداف التنمية المستدامة. 4. طرق تحسين مشاركة المرأة في العلوم في الوطن العربيّ وسوق العمل.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثات، هُنّ: د. ريام كفري أبو لبن، مستشارة تربويّة، فلسطين؛ د. سمر زيتون، أستاذة جامعيّة ومستشارة تربويّة، لبنان؛ د. رندة الزرنوفي، باحثة ومهندسة بيانات، المغرب؛ د. رنا دجاني، أستاذة جامعيّة في علم الأحياء الجزيئيّ، وهي ضمن قائمة أكثر 100 امرأة عربيّة تأثيرًا، الأردن؛ الطالبة ربى بداد، طالبة في الصفّ الحادي عشر في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، قطر. أدارت الندوة د. سائدة عفّونة، مساعد رئيس الجامعة للرقمنة والتعلّم الإلكترونيّ، وعضو الهيئة الاستشاريّة في مجلّة منهجيّات. وأشارت إلى أنّ هذه الندوة تناقش قضيّة جوهريّة مهمّة، هي مُشاركة المرأة والفتاة في ميدان العلوم والتكنولوجيا، من حيث الواقع والتحدّيات والانعكاسات على سوق العمل. كما أكّدت على أنّ اليوم الدوليّ للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، والذي يوافق 11 شباط/ فبراير من كلّ عامّ، يُعتبر فُرصةً لتعزيز التكافؤ الكامل والمتساوي للنساء والفتيات من حيث المشاركة في ميدان العلوم، متطرّقة إلى الدور الحاسم للفتيات والنساء في هذا المجال، وأثرهنّ في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في بلادهنّ.   واقع مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا عالميًّا: نسب وإحصائيات قدّمت د. الزرنوفي عرضًا عن مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا، وقد بدأت بعرض الحقائق والإحصائيّات، والتي تمثّل بمعطيات مختلفة، منها: أنّ ثلث النساء في العالم هُنّ باحثات (2018)، وقد حقّقن التوازن (عدديًّا) في علوم الحياة، في بلدان عديدة. ومع ذلك، فإنهنّ يُمثّلن: - 40% من الخرّيجات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات. - 28% أيْ رُبع الخرّيجات في الهندسة. - 40% من الخرّيجات في علوم الحاسوب. - فقط 22% من المتخصّصين العاملين في مجال الذكاء الاصطناعيّ هُمّ نساء. وعن مشاركة المرأة في مجال الدراسة (STEM): تصل نسبة الخرّيجيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات، إلى 57%. بينما تصل في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إلى 32%. وعن مشاركة المرأة في مجال البحث العلميّ (STEM): فلا ترابط واضح بين مستوى غنى أيّ بلد، ونجاحه في تحقيق المساواة بين المرأة والرجل. وذكرت د. الزرنوفي أنّ دول آسيا الوسطى، وأمريكا الجنوبيّة تُشكّل مثالًا على الجُملة السابقة. وأمّا عن دول العالم العربيّ، تتقدّم تونس بنسبة 56%، والكويت بنسبة 53%. وبشكلٍ عامّ، تصل نسبة الباحثات في العالم العربيّ إلى 42.6%. وأمّا عن واقع مشاركة المرأة في مجال العمل (STEM): فتشكّل العاملات في المجال ما نسبته 40%. كما ذكرت د. الزرنوفي إحصائيتين هُما: نسبة عالية من النساء اللواتي يدخلن سوق مجالات (STEM)، يغادرن العمل في هذا المجال؛ ونسبة وجود النساء في مناصب عالية في العمل نسبة قليلة. وعلّقت د. كفري أبو لبن أنّ الإحصائيّات مُشجّعة، ولكنّها قارنت مع السياق الفلسطينيّ، إذ لا تتعدّى نسبة النساء العاملات 19% من سوق العمل، وذلك يعود إلى أسباب مختلفة، منها نسبة البطالة المرتفعة. كما ذكرت أنّ الفتيات متفوّقات في التعليم، سواء المدرسيّ أم الجامعيّ، ولكن هناك ضغوطات اجتماعيّة تحول بين الفتاة واستكمال دراستها، كما أنّ هُناك تحديًّا أساسيًّا هو سوق العمل الذي تصدم به الخرّيجة. وداخلت د. دجاني أنّ الإحصائيّات مهمّة نعم، ولكنّ علينا دراستها من بُعد اجتماعيّ، لتحليلها وتفكيكها وفهمها، لئلّا نقع في تقليد أعمى للغرب. باعتقادي، تشكّل الطالبات في العالم العربيّ من حيث دراسة العلوم، نموذجًا إيجابيًّا. ولكنّ المُشكلة تكمن في سوق العمل. ومن هُنا، دعت إلى أهمّيّة الحرص على دراسة هذه الإحصائيّات جيّدًا بأبعادها الإنسانيّة، ومن ثم تصميم حلول محلّيّة مُناسبة لها.   في حصص العلوم بشكلٍ عامّ، ما الفرق بين الذكور والإناث؟ شاركت الطالبة ربى، إذ قالت إنّ الإحصائيّات مبشّرة، ولكن على المجتمع أن يستمرّ بالعمل وتشجيع الطالبات ليصبحن عالمات. كما شاركت إحصائيّات بسيطة من صفوف الفيزياء، مثلًا، والتي بات فيها العدد الأكبر هو من الفتيات. وأكّدت على التشاركيّة كأداة في الفهم والتحليل، وكأداة لاحقًا للازدهار والتطوّر.   واقع المرأة في سوق العمل مع نظرة تحليليّة: بين الدور الإنجابيّ والإنتاجيّ داخلت هُنا د. زيتون عن مركزيّة دور المرأة الإنجابيّ، فهي التي تبني المُجتمع. وأمّا عن الإحصائيّات، وتحديدًا فكرة دراسة العلوم، وعدم الانخراط بسوق العمل في المجال ذاته، فشاركت أنّ بعض الدول لا تؤمّن مجالات عمل أو دراسة في تخصّصات عمليّة معيّنة، وبالتالي تضطرّ المرأة إلى الذهاب إلى مجال آخر. كما تحدّثت عن بدائيّة المصانع والصناعات في العالم العربيّ، ودعت في الوقت ذاته، إلى انخراط المرأة في مجالات مختلفة لمساعدة نساء أُخريات في سياقات الحياة المُختلفة. وأشارت د. زيتون إلى طبيعة المرأة الراعية لمن حولها، والمتعاونة، والمتعاطفة، وهو ما يُمكّنها من تبوّء مناصب عُليا، إذ بتوظيف هذه المهارات والمشاعر يُمكنها حلّ المشكلات، ولكنّ المُشكلة هي نظرة المرأة إلى ذاتها، وهي تحدّها عن المُضيّ قُدمًا وتحقيق الإنجازات.   المقاربات الثقافيّة والخطاب الاجتماعيّ، والعلاقة بين مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا وأدوارها المختلفة، ونظرة المرأة إلى نفسها، وواقعها في سوق العمل. داخلت هُنا د. كفري أبو لبن، بأنّ نظرة المرأة إلى نفسها هي تحدٍّ عالميّ موجود عند كلّ النساء، وهي نظرة تعكس المجتمع الذي يؤكّد على أهمّيّة دور المرأة ربّةَ بيت كأولويّة. وذكرت مثالًا صغيرًا من شركة (LEGO)، والتي قامت بتخصيص اللونين الأبيض والزهريّ للبنات، مع أنّ اللعبة تقوم على بناء مُجسّمات من ألوان عديدة مُختلفة. أضافت د. دجاني أنّه عند العمل في مجال العلوم، فالتحدّيات واحدة أمام الإناث والذكور؛ مصادر الدعم أو حرّيّة التفكير أو منظومة المؤسّسة الجامعيّة... إلخ. وتحدّثت عن أهمّيّة تصميم حلول، وربما تصديرها إلى العالم، كون المُشكلة مُشتركة، لنتخيّل إطارًا جديدًا للعالم، يأخذ من الأطفال والمُجتمع مركزًا وأولويّة، ينظر هذا الإطار إلى أوقات العمل كمنطق مرن ديناميّ، يتغيّر بتغيّر ظروف الأمّ عند قرار الإنجاب، والأم والأب في رعاية الطفل، خصوصًا في أوّل خمس سنوات. تطبيق هذا الإطار التخيّليّ للمنظومة، سيمثّل حلًّا للمُجتمع، ليصبح قائمًا على القيم لا على المادّيّات. كما سيمثّل قاعدةً للمرأة والرجل لاتّباع شغفهم، وتقسيم حياتهم. كما اقترحت أنّ على النساء بناء نظام تناصح ودعم، في مواجهة الأنظمة، والتي قد تفرض قوانين وسياسات لا تتماشى مع ظروفهنّ. أمّا د. الزرنوفي فأكّدت على ضرورة بناء نموذج عمل مرن لتشجيع النساء في مجالات العمل، فالمتطلّبات من النساء كثيرة، وهنّ بحاجة إلى هذه المرونة لئلّا يقف الروتين الإداريّ أو الإنتاجيّة في طريقهنّ نحو الإنجاز واتباع شغفهنّ. وداخلت د. كفري أبو لبن بتعليق حول تعليم العلوم في المدارس، مع إشارتها إلى أنّ هُناك تعليم جميل في بعض المدارس، إلّا أنّ الأمر يحتاج إلى نهضة تبدأ من إعادة التفكير بغرفة الصفّ، والتي ستُنتج جيلًا يُغيّر من النظرة إلى المرأة في مجال العلوم.   هل تعتقدين أن آليّة تدريس موادّ العلوم تُسهم بتشجيع الإناث للالتحاق بمجالي العلوم والتكنولوجيا؟ شاركت الطالبة ربى أنّ آليّات تدريس العلوم وأساليبه في المدارس قد تبدأ بطريقة تقليديّة، لفهم النظريّات وأخذ ملاحظات حولها، ولكنّها سرعان ما تتحوّل إلى تجارب مُمتعة في المختبرات. كما أشارت إلى منهج البحث العلميّ، كأسلوب تدريس مُمتع في تشجيع الطالبات والطلّاب في البحث عن المعلومة، ومتعة الوصول إليها.   ما أهمّيّة مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا، والعلاقة بأهداف التنمية المستدامة؟ تحدّثت د. دجاني حول ضرورة اختيار مواضيع بحثيّة تُفيد مُجتمعنا، وهي مرتبطة بأهداف التنمية المُستدامة، وتحلّ مشاكلنا المحلّيّة، وهو ما سيبني تواصلًا بين المُجتمع وبين الأكاديميا. هُنا، نظرة المُجتمع إلى الأكاديميا تختلف، لتصبح أنّ الطالبات والطلبة مصدرَ إلهامٍ وحلّ لمشكلاتنا، كما نُنمّي شعور المواطنة والانتماء عند طلبتنا، فنتخلّص من الاعتماديّة كذلك. وأشارت إلى أنّ أهمّيّة هذه الأبحاث المحلّيّة، تكمن في أنها إلى جانب خلقها حلولًا، تُصبح مراجع للمُجتمعات، وهذا إسهام في المعرفة الإنسانيّة. كما أشارت إلى أهمّيّة أن نتخصّص بالفكر والفلسفة إلى جانب العلوم والتكنولوجيا، ولا تنهض المُجتمعات من دون فكر وتفكير نقديّ، حتّى نقاوم الاستعمار والتحدّيات والاستعمار الجديد. ورأينا نموذجًا جميلًا هو جنوب إفريقيا، والذي استطاعت بفضل علمائها المتخصّصين في القانون، رفع قضيّة أمام محكمة الجنايات الدوليّة، ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وإبادته الجماعيّة لأهلنا في غزّة. أضافت د. زيتون أنّ المرأة عادةً ما تكون رائدة في تغيير الثقافة، وهذه أفكار مهمّة وعلينا تسليط الضوء عليها في الأبحاث، بدلًا من أن ندرس قضايا غربيّة غريبة عنّا.   ما تجربتك وزميلاتك حول اختيار الموادّ؟ هُنا، أشارت الطالبة ربى إلى أنّها والكثير من زميلاتها وزملائها، اختاروا المساقات العلميّة، لمتعة المنهاج المتّبع في تعليمها، وأيضًا لأهداف الدراسة الجامعيّة، فهي مُحدّد أساس في اختيار الموادّ.   طرق تحسين مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا ذكرت د. كفري أبو لبن طرقًا عديدة لتحسين مشاركة المرأة، منها أهمّيّة توعية الفتيات عن التخصّصات العلميّة المُختلفة، بالإضافة إلى ضرورة التشبيك بين النساء، من أجل أن ترى الفتيات نماذج مُختلفة مُلهمة. وأيضًا أشارت إلى أهمّيّة توفير الفُرص للفتيات، وخلق برامج تعمل على توفير الفرص للفتيات، مثل حاضنات للعلوم، أو برامج تُشجّع المبادرات، مبنيّة على سياق محلّيّ. وأكّدت على التوعية بشكلٍ عامّ بأهمّيّة العلوم والفكر، وفلسفة العلوم، وفلسفة التدريس، ومهارات التفكير، إذ نُقدّم المعلومات العلميّة للطلّاب على أنّها جاهزة، من دون قصّتها، والتجارب المُختلفة حولها. ودعت د. دجاني النساء جميعًا إلى كتابة قصصهنّ، ومُشاركتها، فهي قصص مُلهمة. وهذه أيضًا مُهمّة للشباب، إذ نتناقل القصص السلبيّة عن الرجال، بينما هنالك العديد منهم ساعدوا ودعموا النساء من حولهم، والتركيز على هذه الجوانب الإيجابيّة، يمتدّ أثره في المجتمع. ووجّهت د. الزرنوفي رسالةً إلى كلّ الفتيات، حتى لو لم تجدي نموذجًا مُلهمًا حولك، كوني أنت هذا النموذج، ولا تفكّري بطريقة تقليديّة، وعيشي حُلمك، خصوصًا في هذا العصر، والذي اسمّيه عصر المعرفة الذهبيّ، فوظّفي كلّ هذه المصادر وانطلقي نحو الإنجازات.   أسئلة الجمهور - هل ظروف العمل الحاليّة تتطلّب من المرأة أن تتسلّح بسلاح الخشونة واللامبالاة للاستمرار في العمل؟ أجابت د. دجاني بلا، بل عليها أن تتمثّل بشخصيّتها، وأن تكون لديها ثقة بنفسها، وهذه هي طريق الإبداع. ومن المهمّ المُشاركة، مشاركة من حولك بالتحدّيات والأفكار، ليساندوكِ للوصول إلى الحلّ. - هل لدى إحداكنّ مبادرة لإشراك عدد كبير من اليافعين في البحث العلميّ؟ أجابت د. دجاني أنّ التعاون بين الجامعة والمدرسة قد يُمثّلُ حلًّا جيّدًا، لإشراك عدد كبير من اليافعين في البحث. - هل لدى إحداكنّ مبادرة مجتمعيّة لمساعدة الجيل الجديد من النساء على النجاح؟ تحدّثت د. زيتون عن وجودها في الجامعة، وخلال دورها في التدريس، تسعى إلى مساعدة جميع النساء والمحيطين على إنجاز مهمّات بحثيّة، وإشراكهم في تجارب بحثيّة مُختلفة. - كيف توفّق المرأة الباحثة بين تحدّيات المُجتمع من عادات وتقاليد وسلطة الأهل وبين آفاق البحث العلميّ؟ داخلت د. ريام بأنّه لا يوجد جواب محدّد لهذا السؤال. فالسياقات المُختلفة تخلق ظروفًا، وهي تفرض أن نجد حلًّا مُناسبًا. وشخصيًّا لم أجد بعد المعادلة المُناسبة للتوفيق بين كلّ المركّبات، وما أقوم بهِ هو التقدّم يوميًّا بإنجازات صغيرة، والتطلّع إلى المستقبل. وأضافت بضرورة العمل على وعي الأطفال لأنّ نجاح المرأة غير مرتبط بنجاح الرجل، ونجاحها لا يعني فشله، هذه الصورة النمطيّة هي ما نحتاج إلى العمل عليها وتغييرها. أضافت د. دجاني أنّ التربية أيضًا مهمّة ضمن هذا السياق، وعلينا أن نكون واضحين وصادقين مع أنفسنا خلال هذه العمليّة، من حيث التساوي والتشارك في المهام المنزليّة بين الولد والبنت، مثلًا، ومسؤوليّاتهما. - من قدوتك؟ أجابت الطالبة ربى، بأنّه ليس لديها قدوة مُحدّدة، ولكنّها تجد الإلهام والقدوة في كلّ من يتحدّى ويكسر حواجز المجتمع لأجل العلم وتحقيق ما يطمح إليه في الحياة.   - ما دور الأستاذ الجامعيّ في مساعدة المرأة الباحثة في العقبات التي تواجهها؟ أجابت د. دجاني بأن نفهم أخلاقيّات العمل، والمواظبة، وبين أن لكلّ إنسان ظروفًا وتحدّيات. بالإضافة إلى عامل مهم هو كسر الخوف، وضرورة التعبير عن صوتها أو صوته. وأشارت إلى ضرورة الانتباه إلى سياسات المنح البحثيّة، والمرونة في الوقت للمرأة، وهكذا نبني جيلًا سويًّا، وبالتالي مُجتمعًا سويًّا. كما أشارت إلى ضرورة الثقة بالنفس.   كلمة أخيرة تحدّثت د. زيتون عن أهمّيّة تشجيع المرأة إلى المغامرة، وإلى الخروج من منطقة الراحة. وأيضًا عن أهمّيّة الانتباه إلى تكييف معايير العمل من خلال التشبيك، والنصح بين المؤسّسات والخبرات المُختلفة. وتحدّثت د. كفري أبو لبن على تأكيد وجود تحدّيات كبيرة، تبدأ من غرفة الصفّ وتنتقل إلى الجامعات، وقد آن الأوان للتفكير بكلّ هذه التحدّيات، ولا ننكر أنّ المرأة معرّضة إلى العنف أكثر من الرجل، وإلى التمييز أكثر من الرجل، ولا تستطيع الوصول إلى الفرص مثل الرجل، بشكلٍ عامّ، وهذه حقيقة عالميّة. وعلينا أن نُعيد التفكير بالتحدّيات المُجتمعيّة التي تقف أمامنا، وبعدها نستطيع أن نتحدّث عن تمكين المرأة، سواء في العلوم والتكنولوجيا، أو غيرها من المجالات. وتحدّثت د. الزرنوفي عن أهمّيّة التوازن للنجاح، وتحديد الأولويّات، والتركيز على الأهداف، ومن ثمّ بعد إنجازها، أركّز على أهداف أُخرى. وأقول دائمًا إنّ كلمة المستحيل غير موجودة، فقط علينا أن نؤمن بأهدافنا. وأمّا د. دجاني، فتحدّثت على أنّ كلّ امرأة مميّزة، ولديها شيء رائع. وعليكنّ أن تفكّرن بالتغيير بجزئيّات صغيرة، ومن ثمّ الوصول إلى تحقيق الأهداف. وأيضًا علينا أن نتحلّى بالأمل والتفاؤل، وأنتنّ رائعات. ودعت الطالبة ربى جميع الفتيات إلى كسر الحواجز والعقبات، وتحقيق كلّ ما يطمحن إليه. واختتمت د. عفّونة الندوة، بالشّكر نيابةً عن أسرة منهجيّات لكلّ المتحدّثات، والحضور، حيث نتطلّع إلى اللقاء. وقالت: "بالإرادة والإصرار، والشغف والمحبّة، نستطيع تحقيق التغيير المنشود في العالم العربيّ".    

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

إضاءات في ترقية التفكير
يُعدّ القرن الحادي والعشرين عصر التفوّق العقليّ للإنسان، إذ تكوّن نتيجة مكتشفاته التي تحدّت بُعدَي الزمان والمكان. تحدّى العقل البشريّ ال... تابع القراءة
في الخيمة التعليميّة
ما يزال التعليم في قطاع غزّة متوقّف بالكامل جرّاء الحرب على غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، وما يزال الطفل الفلسطينيّ يُحرم... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

فاطمة حرقوص- معلّمة- لبنان

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ شكل التعليم الأحبّ إليّ هو التعليم الحديث الذي يكون عبر إدخال الذكاء الاصطناعيّ، والذي يغيّر شكل الدراسة. وتتحوّل به المدارس من أماكن للتلقين، إلى أماكن لتعليم المهارات الأساسيّة للطلّاب، وكشف إبداعهم، وتطوير مهاراتهم.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ المهارات الاجتماعيّة تمكّن الإنسان من التفاعل والتواصل مع الآخرين، أمّا المعارف العلميّة فهي المعرفة التي تكون على أساس الملاحظة، والفرضيّات العلميّة، والتحقّق منها عن طريق جمع البيانات والتجربة. يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة، من خلال البرامج التعلّميّة الحديثة، ومن خلال دمج المعلّم للمهارات الاجتماعيّة والمعارف العلميّة، كالتعاون في جمع البيانات والمعلومات لموضوع علميّ ما. كما يمكن استخدام منصّات التعلّم عبر الإنترنت لتشجيع المتعلّمين على التواصل مع بعضهم البعض.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ إنّ ما يشهده عصرنا من ثورة في الذكاء الاصطناعيّ يشكّل تحدّيًا أمام دور المعلّم، إذ يتمتّع هذا الذكاء بالقدرة على إعطاء كافّة المعلومات والإرشادات والتوجيهات بأدقّ التفاصيل، لكن لا يمكنه التفاعل كما يفعل الطالب والمعلم. إنّ أهمّيّة دوري تكمن في مدى فهمي طلّابي، ومساعدتهم، وتطوير مهاراتهم، وشرح الأفكار بالتفصيل، وبطريقة مبسّطة وغير معقّدة. وتنظيم أنشطة جماعيّة لترسيخ المهارات الاجتماعيّة، وبالأخص مهارة التعاون.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة من خلال تحسين الأداء، وتطوير المهارات، وتحقيق أهداف التعلّم، وتعزيز التواصل، وتحسين قدرة المتعلّم، وتعزيز مهاراته، وكشف إبداعه، وأيضًا ابتكار وسائل تعليميّة جديدة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ الأساليب الناجحة لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ هي سماع كلّ طرف، ومعرفة سبب المشكلة، للوصول إلى حلول مرضية. الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة هي الإدارة التي تتمثّل بالناظر والمدير. كما يمكن أن تصل أحيانًا إلى مشاركة الأهل للتثقيف والتوجيه والإرشاد.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ إذا استخدمت بشكل صحيح، مع مراعاة الوقت والطريقة والأهداف التعليميّة، إذ تساعد على التفاعل، والمشاركة، والنقاش، والاستكشاف بين الطلّاب. ولكنّ مع الانتباه إلى أنّ استخدامها بشكل كبير يؤدّي إلى انقطاع التركيز، وتشتّت الانتباه.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ بالطبع، للأهل الدور الأكبر في الدعم الدائم لتعلّم ابنهم، من خلال متابعته، وتقديم الدعم اللازم، والتوجيه المستمرّ والإرشادات، والإشراف الدائم. في الوقت ذاته، لا يُستحبّ تدخّل الأهل دائمًا، إذ يلغي ذلك استقلاليّة الطفل أو يضعفها، وبالتالي تقلّ ثقته بنفسه.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لم يئن الأوان بعد للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؛ فهو أداة مهمّة في التعلّم، لاحتوائه على معلومات كثيرة وشاملة للمساعدة على الفهم بشكل صحيح للطلّاب.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ يجب أن تكون مدّة الدوام الدراسيّ معقولة، مثل أن تتراوح بين خمس ساعات وسبع في اليوم؛ لتحقيق راحة الطلّاب وسعادتهم، وتحقيق أهداف التعلّم.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. رواية "school story". هي قصّة مدرسيّة تتكلّم عن الصداقة، والنزاهة والإخلاص بين التلاميذ، وتستمدّ بنيتها من حبكة تدور حول الفعاليّات الرياضيّة، والمتنمّرين، والأسرار، والتنافس، والشجاعة. اخترت هذا العنوان بسبب تشجيعي الدائم والمستمرّ لطلّابي على الصدق والأمانة، وأيضًا على تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتطوير ذواتهم، وتوعية البعض منهم على أضرار التنمّر وعواقبه على الصحّة النفسيّة والجسديّة وحتى التعلّميّة.  

ندى عايش- معلّمة فنون بصريّة- مصر

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ لو كنت طالبة اليوم، سأفضّل تجربة تعليميّة تساعد على الإبداع والابتكار؛ أن يتيح لي الدرس المساحة الكافية للتعبير عن نفسي بطريقتي وأسلوبي الخاصّ، باستخدام الأنشطة التفاعليّة، والأنشطة العمليّة، والأساليب الفنّيّة المتنوّعة. سأحبّ الحصص التي تشجّع على التفكير خارج الصندوق، حيث يُمكنني التعبير عن أفكاري ورؤيتي الفنّيّة بحرّيّة.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يمكن للطلّاب العمل ضمن مجموعات على مشروع فنّيّ كبير، يحتاج إلى التخطيط التعاونيّ، ومشاركة الأفكار والآراء، وتقسيم المهامّ فيما بينهم. عن طريق هذه العمليّة، يتعلّم الطلّاب كيفيّة التواصل بطريقة فعّالة وإبداعيّة معًا لحلّ المشكلات وتحقيق الأهداف. كما يحدث في معرض السنوات الابتدائيّة، إذ يعمل الطلّاب ضمن مجموعاتهم، بعد اختيارهم لمواضيع المعرض، على تقاسم أفكارهم مع بعضهم البعض، وهذا يعزّز المهارات الاجتماعيّة، مثل الاحترام المتبادل، والتفاعل الإيجابيّ من خلال العمل الجماعيّ.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ على الرغم من التقدّم التكنولوجيّ، إلّا أنّ الإبداع الشخصيّ ما زالت له الأهمّيّة الأكبر في عالم الفنون البصريّة. دوري كمعلّمة يركّز على تعزيز هذا الجانب الإنسانيّ والإبداعي لدى الطالب، عن طريق مساعدته كي يصل إلى مرحلة التعبير عن نفسه من خلال الفنّ، بشتّى الطرق والأساليب الفنّيّة. ومن هذه الأساليب، الانخراط في مجموعة متنوّعة من الأشكال والوسائط الفنّيّة، وتطويع الألوان، المساحات، الخطوط، والخامات، وغيرها لابتكار أعمال فنّيّة بأسلوبه الخاصّ، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة لهم بالتعرّف إلى أنواع الفنون المتنوّعة، مثل النحت؛ الخزف؛ التصوير؛ الطباعة؛ الكولاج (فنّ التجميع)؛ فنّ إعادة التدوير؛ فنّ الوسائط المتعدّدة، وغيرها من أنواع فنون عدّة، ومدارس فنّيّة بأساليب مختلفة، مثل المدرسة الواقعيّة؛ السرياليّة؛ التجريديّة؛ التكعيبيّة، وغيرها. دائمًا ما أشجّع طلّابي على التجربة، والخروج خارج الصندوق، وإيجاد حلّ للمشكلات، واستخدام خامات مختلفة متنوّعة، ما يساعدهم على تطوير مهارات الفنّان الفريدة، والرؤية الشخصيّة التي تميّزهم.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يمكن للإشراف التربوي دعم المعلّمين في تطوير مهاراتهم الفنّيّة والإبداعيّة، وتعزيز العمل الجماعيّ بين الطلّاب في إطار مشاريع فنّيّة كبيرة. يسهم تعليم الفنون بهذه الطريقة في زيادة حبّ المعرفة، وتنمية قدرات الطالب الفنّيّة ومهاراته، وحثّه على الابتكار والإبداع. كما ينمّي هذا النشاط الفنّيّ خيال الطالب، ويساعده في التعبير عن نفسه بأسلوبه الخاصّ، واحترام الاختلاف والرأي الآخر، وزيادة ثقته بنفسه، حيث يصل إلى معرفة قدراته. من الطلبة من يبدأ العام بجملة (لا أعرف كيف)، وينتهي بابتكار عمل فنّيّ باستخدام فنّ المعجون الورقيّ بطريقته الخاصّة المبدعة، ما يعزّز التعلّم مدى الحياة من خلال الفنون. ومنهم من يختار الفنون البصريّة بالتحديد للتعبير عن موضوع ما لمادّة أخرى.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تشجيع الطلّاب على التأمّل والتفكير في المشكلة من وجهة نظره، والتأمّل في ممارساته، ومحاولة الوصول إلى حلّ المشكلات، أو العمل بشكل تعاونيّ لإيجاد حلول. خلال حصص الفنون البصريّة، نعمل على ابتكار مشاريع فنّيّة جماعيّة تعاونيّة، تعزّز التفاهم والتعاون بين الطلّاب، وتساعدهم على التفاعل بشكل أفضل.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟  تتيح الأدوات التكنولوجيّة التفاعل الفعّال، والتشارك بين الطلّاب، سواء كان ذلك من خلال العروض التقديميّة، أو البرمجيّات التي تتيح التعاون الفنّيّ عن بُعد. وعلى الرغم من أنّ الاعتماد الكبير على التكنولوجيا، قد يؤدّي إلى تقليل الخيارات الإبداعيّة التقليديّة، والتعبير اليدويّ الذي يمكن أن تكون له قيمته الفنّيّة المميّزة.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ تدخّل الأهل يمكن أن يعزّز الاهتمام والدعم النفسي للطالب نحو مجال الفنون، وقد يكون له تأثير إيجابيّ في تحفيزهم على المشاركة والتعلّم، ويمكن للأهل توفير الفرص والموارد الفنّيّة لأطفالهم، مثل الدورات، أو الزيارات إلى المعارض الفنّيّة، ما سيسهم في توسيع آفاقهم الفنّيّة.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟  من وجهة نظري، إن الحلّ الأفضل يكون في المساواة بين استخدام الكتاب المدرسيّ كمصدر للمعرفة الأساسيّة، مثل تاريخ الفنّ على مرّ العصور، وبين استخدام أساليب تعليميّة متنوّعة ومبتكرة؛ لتنمّي الفكر الإبداعيّ، والتفكير النقديّ، وتساعد الطالب في التعبير عن نفسه فنّيًّا بطريقته الخاصّة المميّزة. أعتقد أنّه قرار يحدّد حسب احتياجات الطالب، ومرحلته العمريّة، وأهداف التعلّم المحدّدة.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ من منظوري كمعلّمة فنون بصريّة، أرى أنّ مدّة الدوام المدرسيّ تعتمد على الفئة العمريّة للطالب، وعلى احتياجاته التعليميّة، تبعًا للمحتوى العلميّ المقرّر تدريسه.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. سوف أستعين هنا بمقولة للفنّانة جورجيا أوكيف "اكتشفتُ أنّني أستطيعُ التعبيرَ بألوانٍ وأشكالٍ عن أشياءَ لمْ أستطعْ التعبيرَ عنها بغيرِها، أشياءَ لمْ أجدْ لها كلماتٍ تُعبّرُ عنها". دائمًا ما أجد الفنون البصريّة لغةً وشكلًا من أشكال التواصل الذي أستخدمه طريقةً لمشاركة أفكاري مع الآخرين، لمشاركتهم ما أشعر به، أو أفكّر فيه، لإيصال رسائل إلى العالم حولي، أو التعبير عن مشاعري بطريقتي الخاصّة، والسماح لهم برؤية كيف أشعر تجاه شيء ما، أو ما أفكّر فيه بشأن شيء ما. من الممكن أن يساعد الفنّ الطالب على تحويل التجارب الإنسانيّة الصعبة إلى أعمال فنّيّة ملهمة، تعبّر عن الشجاعة والتفاؤل. وقد تمكّنت من أن أربط ذلك بتجربتي في التعليم، إذ استخدمت الفنّ وسيلةً لابتكار أعمال فنّيّة تعبّر عن موضوع الهجرة مع طلّابي في الصفّ الثالث، حيث يمكن للفنّ أن يكون وسيلة للتعبير عن المشاعر العميقة. بالنسبة إليّ كمعلّمة فنون بصريّة، دائمًا أحثّ طلّابي على استخدام الفنّ وسيلةً للتواصل والتعبير عنهم بطرق متعدّدة ومتنوّعة.    

عبد الرحمن سيّور- معلّم فيزياء ورياضيّات- لبنان

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ في تدريبات التطوير المهنيّ المستمرّة التي أحضرها اليوم كمعلّم، أجد أنّ نشاطات كسر الجليد البسيطة كافية لشدّ انتباهي، كما أنّ أيّ ورشة يجب أن تتخلّلها نشاطات عمل جماعيّ، ونشاطات تطبيقيّة حتّى لا أشعر بالملل. كطالب عانيت صعوبة في التركيز، لذلك أرى أنّ بيئة تعليميّة تفاعليّة غير تقليديّة ستكون مناسبة لأبقى منتبهًا بشكل أساسيّ. أرى نفسي في بيئة تعليمية آمنة، تعمل بشكل أساسيّ على تطوير مهاراتي، كمهارة التواصل، حلّ المشكلات، القيادة، والتفكير النقديّ. يبقى التعليم النشط أفضل أشكال التعليم.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ برأيي، إنّ محاولة التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة، وتعليم المعارف العلميّة، تعتمد بشكل أساسيّ على السياق الذي يعمل فيه المعلّم. وما أقصده بالسياق ليس فقط الصفّ، إنّما نظام المدرسة وأنظمة الدولة. أيّ تغيير نوعيّ في جودة التعليم، يعتمد على مدى مرونة هذه الأنظمة وتطوّرها. بالطبع يستطيع المعلّم أن يقوم بتطوير المهارات الاجتماعيّة من خلال النشاطات التعليميّة، لكن أعتقد أنه من الصعب العمل على تطوير هذه المهارات بفاعليّة ضمن بيئة تعطي الأولويّة لتغطية مقرّرات كبيرة بجداول زمنيّة مقيّدة. سيجد المعلّم نفسه مضطرًّا إلى إنهاء كلّ الدروس حسب ما تفرضه الأنظمة على حساب النشاطات اللاصفّيّة، والتي تعتبر الحاضن الأساسيّ للمهارات الاجتماعيّة.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ كلّ يوم تزداد قناعتي بأهمّيّة دور المعلّم في تطوير الجانب الاجتماعيّ والنفسيّ عند الطلّاب. إنّ دور المعلّم يتجاوز بكثير تغطية أهداف تعليميّة، ليتركّز دوره في بناء روابط قويّة مع الطلّاب، وليسهم في خلق بيئة صفّيّة آمنة، تساعد الطلّاب على التعافي النفسيّ، خصوصًا عند الأزمات الصعبة التي يشهدها عالمنا الحاليّ. إنّ ثورة الذكاء الاصطناعيّ برأيي حتّى الآن، ساعدت المعلّم على إنجاز عمله بفاعليّة أكبر، وتدعم وجوده أكثر. ولا أرى أنّ الذكاء الاصطناعيّ قد يستبدل دور المعلّم.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ إنّ أهمّيّة الإشراف التربويّ الكبيرة تجعل من الأسهل الإجابة عن "متى يكون الإشراف التربويّ غير مفيد؟" إذ للإشراف التربويّ دور سلبيّ في حال كان المشرف التربويّ شخصًا غير تربويّ، أو تقليديًّا، أو سلطويًّا. وعلى المشرف التربويّ أن يكون مطّلعًا على أحدث طرق التدريس، وما تتوّصل إليه الأبحاث في مجال علم التعلّم، فضلًا عن ضرورة أن يمتلك مهارات قياديّة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ العمل على حلّ النزاع يجب أن يبدأ من بداية العام الدراسيّ، أيّ قبل أن يحدث النزاع أصلًا، من خلال العمل على خلق بيئة آمنة، والاتّفاق على قواعد صفّيّة واضحة، بالإضافة إلى تقييم وضع الطلّاب وحاجاتهم المختلفة. ومن الضروريّ عدم تجاهل النزاعات الصغيرة، وحلّها قبل أن تتفاقم، من خلال التواصل الإيجابيّ مع الطلّاب على انفراد. وفي بعض الحالات، تفرض طبيعة النزاع التواصل مع الناظر والأهل والمرشد الاجتماعيّ.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ لاستخدام التكنولوجيا نتائج مذهلة في العمليّة التربويّة، لكن بالطبع على المعلّم أن يعي بشكل تفصيليّ طريقة استخدام أيّ أداة. ولا شكّ في أنّه من الضروريّ تقييم عمليّة التعليم وتقويمها بشكل يوميّ، وعلى أساسها يحدّد المعلّم جدوى الأدوات والأساليب التي يوظّفها.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ في المجمل، للأهل دور أساسيّ في دعم أبنائهم في مسيرتهم التعليميّة، ومعرفة ما يواجهونه من تحدّيات، وربّما كيفيّة التعامل معها. لذلك، من الضروريّ أن يتعاون الأهل والمعلّمون على إنجاح العمليّة التعليميّة.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ أعتقد أنّ غالبيّة الأساتذة ستفضّل أن يكون الجواب "لا"، لما للكتاب من قيمة لدينا، ولصعوبة تقبّل التغيّرات الكبيرة بسرعة. لكن، أعتقد أنّ الكتاب المدرسيّ بشكله المطبوع سيصبح خلال سنوات قليلة، شيئا من التراث. ليس فقط بسبب التطوّر التكنولوجيّ، لكن بسبب أنّ كتابًا موحّدًا لصفّ كامل، أو لدولة كاملة، لا يراعي بنظري ضرورة التعلّم المتمايز.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ ربّما 7 ساعات بشكل أقصى، تتخلّلها استراحة طويلة، بالإضافة إلى نشاطات ومشاريع يشارك فيها الطالب خلال الدوام.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. لا أقرأ الروايات كثيرًا، أفضّل الكتب التي تتناول مواضيع مختصّة. لكن يمكنني الإجابة بـ "الأخوة كارامازوف" لدوستويفسكي. قد يبدو جوابًا غريبًا. لكن بالنسبة إليّ التعليم تجربة دافئة، تطغى عليها العاطفة، والشغف، والبحث عن أجوبة. غوصي في تجربة التعليم كان بدافع الحصول على معنى لا على وظيفة. تكمن أوجه التشابه بين الرواية والمدرسة في جدليّة القديم والجديد، والشغف، والعطف، والمعرفة، والتفاوت الاجتماعيّ، والبؤس، وتعقيدات الطبيعة البشريّة. ولا أعتقد أنّ هناك بيئة نشطة بتفاعلاتها الإنسانيّة المختلفة كالمدرسة. أيضًا، المدرسة بالنسبة إليّ مرآة، تعكس طبيعة المؤسّسات الأكبر في المجتمع. إنّ طبيعة المدرسة على المستوى المؤسّساتيّ تلزمني التفكير بأسئلة كثيرة عن السلطة، والتغيير، والقيادة.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

أهمّيّة مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال وطرق تنميتها

لطفلك طريقته الفريدة والمميّزة في التواصل مع أفراد محيطه، نظرًا إلى اختلاف أنماط التواصل اللغويّ عند الأطفال. لذلك، يكمن دورك مع طفلك هنا في تعزيز مهاراته في التواصل مع الآخرين بكفاءة، حيث يكون قادرًا على بناء علاقات اجتماعيّة ناجحة، لأنّ دائرة العلاقات مفتاح مهمّ في بناء الشخصيّة وتطوّرها. فكلّما حظي الطفل بمهارات اجتماعيّة أعلى، كان قادرًا على التفاعل مع محيطه واكتساب الخبرات التي يحتاج إليها في تلك المرحلة اكتسابًا أسرع. يشرح هذا المقال شرحًا مفصّلًا كيفيّة تطبيق مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال في رحلة حياتهم والطرق الناجحة لتحقيق ذلك.     ما أهمّيّة مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال؟  مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال هي السبيل الأوّل لتحقيق الأهداف، واغتنام الفرص في مختلف مراحل حياتهم، لأنّها تُكسِبهم ذكاءً اجتماعيًّا يضمن لهم آفاقًا أوسع من التطوّر الشخصيّ والمهنيّ. كما أنّ تواصل الآباء الجيّد مع أطفالهم من أهمّ مصادر الدعم النفسيّ في حياتهم. إليك أهمّ فوائد التواصل الفعّال مع الأطفال:    فرص تعليميّة أفضل    تمكِّن المهارات الاجتماعيّة التي يكتسبها الطفل والديه من التواصل معه، لتحقيق مستويات تعليميّة أعلى مستقبلًا، لأنّ مهارات الطفل الاجتماعيّة تساعده على التفاعل المستمرّ مع معلّميه وزملائه، وتكسبه الشجاعة الكافية لمشاركته في الأنشطة التعليميّة وغيرها. يكتسب الطفل ذو المهارات الاجتماعيّة المرتفعة قدرًا كبيرًا من الثقة بالنفس والمبادرة بالتفاعل، ممّا يرجِّح ارتفاع مستواه الدراسيّ وتأقلمه مع نظام المدرسة بسهولة، فضلًا عن إكسابه الطموح للوصول إلى مكانة دراسيّة أعلى.  حياة اجتماعيّة ناجحة   ترسِّخ مهارات التواصل الفعّال لدى الأطفال قدرة كبيرة على بناء الصداقات، وتوسيع شبكة العلاقات. الأمر الذي يساعدهم على بناء حياة اجتماعيّة صحيّة وإيجابية. فيكون الأطفال الذين يحظون بهذا النمط المنفتح مؤهّلين ومستعدّين لخوض تجارب أكثر عمقًا وتأثيرًا. يكتسب الطفل، بفضل هذه التجارب، خبرة اجتماعيّة واسعة ومهارات عمليّة تكوّن شخصيّته وتطوّر ذكاءه العاطفيّ والاجتماعيّ، بما يساعده على الحفاظ على علاقاته الاجتماعيّة وبناء أسلوب حياة تفاعليّ ومحفِّز.   صحّة نفسيّة متّزنة   يُعدّ التواصل الفعّال مع الأطفال عاملًا مؤثِّرًا للغاية في الحفاظ على صحّة الطفل النفسيّة، فعندما توجد لغة حوار منفتحة بين الطفل وأسرته ومحيطه، يتمكّن الطفل من التعبير عن مشكلاته واحتياجاته بحرّيّة، ممّا يساعد الوالدين على تقديم الدعم له تقديمًا صحيحًا، والتعبير عن حبّهم له وفق ما يحتاج إليه. كما يعاني الأطفال الذين يميلون إلى العزلة أزمات نفسيّة أكثر من أقرانهم ذوي الحياة الاجتماعيّة الصحّيّة، لأنّ القدرة على التعبير عن النفس من دون حواجز، من أهمّ العوامل الإيجابيّة لتعزيز الصحّة النفسيّة، وتفريغ الطاقة السلبيّة والمشاعر الحزينة من حين إلى آخر.  حياة مهنيّة ناجحة   مهارة بناء العلاقات والتواصل الناجح مع الآخرين أساس الحياة العمليّة أو المهنيّة الناجحة، وكثيرًا ما تفشل المسيرة المهنيّة للعديد من الموهوبين في مجالات معيّنة، بسبب الافتقار إلى الذكاء الاجتماعيّ ومهارات التواصل وحلّ المشكلات. فالعديد من الفرص التي تمثّل نقلة كاملة لمسيرة الأشخاص الناجحين المهنيّة، كانت نتيجة شبكة علاقاتهم القويّة، بعكس الذين لا ينجحون في التسويق لأنفسهم من خلال العلاقات، إذ قد لا يحصلون على الفرص التي يستحقّونها بسبب عدم قدرتهم على التعبير عن أنفسهم وخبراتهم.     كيف أربّي طفلًا متفاعلًا؟  تطوير مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال عمليّة مستمرّة تتطلّب الصبر والممارسة والرعاية. يمكنك أن تمكّن طفلك من تطوير مهارات اتّصال قويّة تخدمه طوال حياته، بخلق بيئة يشعر فيها بأنّه مسموع ومفهوم. عندما تشرع في هذه الرحلة، تذكّر أنّ تعزيز التواصل المفتوح لا يتعلّق بالحديث فقط، بل ببناء علاقات دائمة ومبنيّة على الثقة والتفاهم.   المشاركة    يجب على الوالدين، إن أرادوا تنمية الحسّ التفاعليّ عند الأطفال، مشاركتهم مواهبهم واهتماماتهم والأنشطة المفضّلة لديهم، وتخصيص الوقت لذلك دائمًا. يخلق ذلك بين الوالدين والأطفال لغة تواصل محبّبة لديهم، والتي من شأنها إذابة الجليد بينهم ووالديهم، وخلق الحافز لديهم لتحقيق أهدافهم بدافعيّة.  الحوار   لغة الحوار المتحرّرة من القيود والأحكام المسبقة سرّ نجاح التواصل الفعّال مع الأطفال، لأنّ القابليّة والمرونة التي يبديها الوالدان للأبناء للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، تدفعهم إلى اعتبار والديهم المصدر الأوّل للدعم والثقة، وتشعِر الوالدين بالأمان لشعورهم أنّ أبناءهم سيتوجّهون إليهم عند حدوث أيّ مشكلة لهم، أو مرورهم بفترة صعبة.   الصداقة    الصداقة وقود الحياة الاجتماعيّة والتوازن النفسيّ، وهي مرحلة مهمّة جدًّا لتنمية مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال. إذ تكمن التجربة الأولى للطفل في التواصل مع الآخر خارج نطاق البيت في الصداقة، لأنّها التجربة المستقلّة الأولى التي يعبِّر فيها الطفل عن نفسه، بعيدًا عن الأسرة، وتُعدّ أوّل اختياراته المعبِّرة عن ملامح شخصيّته، بعيدًا عن رؤية أسرته.   التجارب الجديدة   تأسيسُ نظام حياة مشجِّع على خوض التجارب الجديدة وعدم الخوف من المجهول وسيلةٌ إيجابيّة لتنمية مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال، لأنّ هذه التجارب هي المعلّم الحقيقيّ للطفل وصانعة رصيده من الخبرات التي تشكِّل رؤيته واختياراته المستقبليّة، ومدى قدرته على اتّخاذ القرارات المستقلّة، عندما يحين وقت ذلك. يتمسّك الطفل المنطوي، أو الذي يعاني مشكلات التواصل مع الآخر، بالنمط التقليديّ النابع من رؤية عائلته، ولا يميل إلى المخاطرة والمبادرة بالتصرّف خارج الصندوق.  الاستعانة بالمتخصّص   عندما يواجه طفلك مشكلة في التواصل مع الآخر، تزيد عن الحدّ الطبيعيّ، وشعرتَ بحاجته إلى دعم ذي مستوى أعلى من الدعم الأسريّ والاجتماعيّ، لا تتردّد في الاستعانة بمتخّصص تربويّ لمساعدته على تقوية نقاط ضعفه الاجتماعيّة ومعالجة الجذور النفسيّة للأزمة، ليتمكّن من متابعة حياته الاجتماعيّة بصورة طبيعيّة.     * * *  يتطلّب تطوير مهارات التواصل الفعّال مع الأطفال الصبر والرغبة في التواصل معهم. يمكنك، بالاستماع الفعّال واستخدام اللغة المناسبة لعمر طفلك وتعزيز التعاطف بينكما، خلق بيئة يشعر فيها طفلك بالتقدير الذي يمكّنه من تطوير ذكاء اجتماعيّ عالٍ. لا تفيد هذه المهارات في نموّ الطفل فحسب، بل تضع له أيضًا الأساس لإنشاء علاقات صحّيّة وقدرات اتّصال قويّة طوال حياته. لذلك، تذّكر أنّ التواصل الفعّال مع طفلك واستثمار الوقت والجهد في صقل مهاراته الاجتماعيّة يمكن أن يؤدّي إلى اتّصالات هادفة ودائمة مع طفلك.     أقرأ أيضًا: تعديل سلوك الطفل الخجول بطرق تربويّة حديثة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيف أربّي طفلي على احترام الآخرين؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع  https://www.healthychildren.org/English/family-life/family-dynamics/communication-discipline/Pages/Improving-Family-Communications.aspx    https://www.verywellfamily.com/seven-social-skills-for-kids-4589865        

عشرة أنشطة تعليميّة يمكنك مشاركتها مع طفلك في البيت

في مشهد التعليم دائم التطوّر، أصبح دور الوالدين في تشكيل رحلة تعلّم أطفالهما أهمّ من أيّ وقت مضى. فخارج الفصل الدراسيّ، يعدّ المنزل أرضًا غنيّة لتعزيز الفضول وإشعال المعرفة. وباعتبارك أحد الوالدين، لديك القدرة على تحويل الأنشطة اليوميّة إلى مغامرات تعليميّة، ممّا يجعل التعلّم جزءًا لا يتجزّأ من حياة طفلك. في هذا المقال، نكتشف عشرة أنشطة تعليميّة جذّابة يمكنك دمجها في روتين منزلك اليوميّ، وتحويل لحظات الترفيه إلى فرص للنموّ والاكتشاف. من عوالم الأدب إلى عجائب العلوم، لا تحفِّز هذه الأنشطة العقول الشابّة فحسب، بل تعزِّز العلاقة بينك وطفلك أيضًا. ومن هنا، دعنا نبدأ رحلة الاستكشاف والتعلّم داخل جدران منزلك المريحة.   أفضل أنشطة تعليميّة يمكنك مشاركتها مع طفلك في البيت صُمِّمت بعض الأنشطة التعليميّة المتنوّعة التي يمكن مشاركتها مع طفلك في المنزل، ليس لإشباع خياله وحسب، بل لتعزيز حبّه التعلّم خارج حدود الفصل الدراسيّ التقليديّ أيضًا. إليك أفضل الأنشطة التعليميّة التي يمكنك مشاركتها مع طفلك في البيت:     تخصيص وقت للقراءة شجِّع طفلك على حبّ الكتب، وعلى قراءتها. اختر الكتب المناسبة لعمره وتناوب على القراءة معه بصوت عالٍ، وتناقش معه حول القصّة والشخصيّات، واستمع إلى توقّعاته حول نهاية القصّة. فذلك يعزِّز تفكيره الناقد، فضلًا عن تعزيزه مهاراته اللغويّة.   التمرّن على الكتابة  مهارة الكتابة مهارة أبديّة تدوم مع طفلك طوال حياته، إذا طوّرها بكفاءة في مراحلها المختلفة. لذلك، يمكنك اتّباع بعض التقنيّات المبتكرة لتعليمه مهارة الكتابة. فإذا كان طفلك مبتدئًا مثلًا، يُعدّ تمرين ربط النقاط لتشكيل الأحرف الهجائيّة تمرينًا فعّالًا، لا يُسهِّل على الطفل كتابة الحرف وحسب، بل يساعده على حفظ أشكال الحروف على اختلافها أيضًا. وعلى سبيل التغيير، أضف بعض المتعة لتعلّم الأحرف، بعيدًا عن الأقلام والورق، بعقد نشاط كتابة الأحرف باستخدام معجون اللعب أو كريم الحلاقة. ولا تنسَ مساعدته على تعلّم الأصوات والنطق الصحيح لكلّ حرف.    تجربة علميّة ممتعة في المنزل  هناك العديد من الأنشطة العلميّة البسيطة التي لا تتطلّب الكثير من الجهد، ولكنّها مليئة بكنوز من المعرفة الممتعة التي سوف تذهلك أنت وطفلك في مرحلة ما قبل المدرسة. كما يمكن لطفلك استخدام هذه التجارب للقيام بمشاريع علميّة سهلة وممتعة عند دخوله المدرسة.  اقرأ: تجارب علميّة للأطفال: كيف تثري معرفة طفلك الفضوليّ؟    زراعة حديقة  تتجاوز معاني البستنة مجرّد وضع بذرة في التربة ومشاهدتها وهي تنمو، لتشمل دروسًا حول العلوم والتغذية والصبر. فلا يمكنك إدراك حجم المعرفة التي تمنحها البستنة لطفلك. لذلك، استغلّ هذا النشاط الممتع وخصِّص دفتر ملاحظات لنوع النباتات التي زرعها، مع مراحل تطوّر النبات والعناية الخاصّة بكلّ منها. قد يتعلّم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة عن تنمية النباتات بالبستنة، كونها طريقة بسيطة لتثقيفهم حول التغذية وتحفيزهم على استهلاك الخضار أو النباتات التي أنتجوها.     استكشاف الثقافات في جميع أنحاء العالم  ضع الكتاب جانبًا وعلّم طفلك الثقافات المختلفة بطريقة تجعل فهمها أمرًا ممتعًا، وذلك بالتوسّع لفهم عادات الآخرين وأساليب حياتهم، وبتطبيق أنشطة تحفّز خيال طفلك. على سبيل المثال، من الأنشطة الممتعة لتعليم طفلك عن الثقافات المختلفة في العالم اختيار ثقافة ما، وإنشاء لوحة فنّيّة تتضمّن الصور والأغاني والرسومات، وغيرها من العناصر المرتبطة بتلك الثقافة.    الأنشطة الفنّيّة والإبداعيّة   أطلق العنان لإبداع طفلك بالمشاريع الفنّيّة. وفِّر له مجموعة متنوّعة من اللوازم الفنّيّة وشجّعه على التعبير عن نفسه بالرسم أو الصناعة اليدويّة، أو غيرها من الفنون التي يميل إليها. فذلك لا يعزِّز مهاراته في التحكّم بيديه فحسب، بل يسمح له بالتعبير عن ذاته تعبيرًا أفضل وأكثر إبداعًا أيضًا.    استكشاف الطبيعة  خذ طفلك من وقتٍ إلى آخر في رحلة قصيرة حول المنزل، أو أبعد قليلًا، للتعرّف عن قرب إلى الطبيعة التي تحيط به، من نباتات وطيور وحشرات وكائنات حيّة أخرى، وتحدّث إليه وأثري معرفته حول الظواهر الطبيعيّة، مثل مراحل تكوّن العسل ونموّ النباتات وتحوّل الشرنقة إلى فراشة زاهية الألوان وغيرها. اجمعا أوراق الشجر أو الحجارة الصغيرة من كلّ رحلة، حتّى تنطبع الرحلة في ذاكرته. تعزِّز هذه التجربة العمليّة تقديره للبيئة، وتحثّه على اتّباع الممارسات التي من شأنها الحفاظ على بيئته.  اقرأ أيضًا: كيفيّة رفع الوعي البيئيّ لدى الطفل؟    تعلُّم اللغات الأجنبيّة يُعدّ تعلّم اللغات من أكثر المهارات متعة للكبار والصغار، إلّا أنّ تعلّمها عند الصغار أسهل وأسرع بكثير، فقد أثبتت الدراسات أنّ الطفل من عمر سنة إلى أربع سنوات يستطيع أن يطوِّر أكثر من لغة بطلاقة تامّة. عرِّف طفلك إلى اللغات المختلفة وسهّل فهمه لها باستخدام تطبيقات تعلّم اللغات المختلفة، أو شجّعه على مشاهدة الرسوم المتحرّكة، أو الأفلام التي تُعرَض بلغات مختلفة. فتعلّم اللغات الأجنبيّة لا يعزِّز فهمه اللغويّ وحسب، بل يوسِّع وعيه الثقافيّ أيضًا.     التاريخ وفق سرد القصص اسرد التاريخ لطفلك بطريقة ممتعة تزرع فيه شغف تخيّل صور حضارات لم يعشها على أرض الواقع، بسرد الأحداث أو الشخصيّات التاريخيّة له بطريقة جذّابة، واستخدام الوسائل البصريّة، مثل الصور ومقاطع الفيديو لجعل القصص أكثر حيويّة ولا تُنسى، ممّا يثير الاهتمام بالماضي.  اقرأ أيضًا: الدروس التاريخيّة للأطفال: كيف تبسّطها لطفلك؟    التطبيقات والمواقع التعليميّة  التكنولوجيا كنز تعليميّ عظيم إذا ما استُخدِمت في مصلحة الطفل ومعرفته، حيث يمكنك الإفادة من التطبيقات والمنصّات الإلكترونيّة لجعل التعلّم مهمّة ممتعة لطفلك. وهناك العديد من التطبيقات والمواقع التعليميّة التي تلبّي مختلف الموضوعات التعليميّة والفئات العمريّة للأطفال.   * * * وعليه، لا تؤدّي مشاركتك طفلك في الأنشطة التعليميّة في المنزل إلى تقوية الرابطة بينك وبينه فحسب، بل تضع أساس حبّ التعلّم مدى الحياة أيضًا. فيمكنك إنشاء بيئة محفِّزة وداعمة تغذِّي تطوّر طفلك الفكريّ والعاطفيّ والإبداعيّ، بدمج هذه الأنشطة المتنوِّعة. تذكَّر أنّ المفتاح يكمن في تحويل كلّ لحظة إلى فرصة للنموّ والاستكشاف.    المراجع https://blog.brookespublishing.com/24-at-home-learning-activities-to-share-with-parents-of-young-children/   https://www.21kschool.com/in/blog/10-fun-educational-activities-to-do-at-home/    

ثمان نصائح فعّالة لتحفيز أطفالك على تعلّم اللغة العربيّة

مع إدراك الوالدين والمعلّمين إدراكًا متزايدًا أهمّيّة إتقان اللغات المتعدّدة في مجتمع عالميّ ومترابط، أصبح تحفيز الأطفال على اكتساب لغة معقّدة مثل اللغة العربيّة مهمّة محوريّة. فأصبح تطوير نهج استراتيجيّ وموجَّه نحو التعليم أمرًا ضروريًّا لضمان المشاركة المستدامة والنجاح في اكتساب اللغة العربيّة. وإذا كنت تودّ تعليم العربيّة لطفلك غير المتحدّث بها، أو تحسينها لطفلك المتحدّث بها، فهناك وسائل عديدة تمكّنك من مساعدته على ذلك. في ما يلي ثمان نصائح تفصيليّة ومهنيّة لتحفيز الأطفال على تعلّم اللغة العربيّة.   بمَ تتفرّد اللغة العربيّة؟  للغة العربيّة، من بين لغات العالم، ميزات فريدة، تجعلها نظامًا لغويًّا رائعًا ومتميّزًا. ويمكن أن يوفِّر فهم هذه الخصائص رؤى قيّمة حول تحدّيات تعلّم العربيّة ومكافآته. إليك أبرزها:   المفردات الواسعة   تتمّيز اللغة العربيّة بمفرداتها الواسعة، مع العديد من الكلمات التي تعبِّر عن معاني دقيقة. علاوة على ذلك، هناك أنواع مختلفة من اللغة العربيّة، بما في ذلك اللهجات القديمة والفصحى الحديثة والعديد من اللهجات الإقليميّة، ويخدم كلّ اختلاف أغراضًا محدّدة، بدءًا من التواصل الكتابيّ الرسميّ، وصولًا إلى التفاعلات المنطوقة اليوميّة، ممّا يضيف طبقات من التعقيد إلى اكتساب اللغة.    المرونة والتطوّر  على مرّ التاريخ، أظهرت اللغة العربيّة المرونة والقدرة على التكيّف، فقد تطوّرت مع الحفاظ على ارتباط قويّ بجذورها. وتتجلّى هذه المرونة في استخدامها المستمرّ، لغةً للعلم والأدب، جنبًا إلى جنب مع التواصل اليوميّ ضمن مساحة جغرافيّة وثقافيّة واسعة.    طريقة الكتابة  يُكتَب النصّ العربيّ من اليمين إلى اليسار، وهو خروج نصّيّ عن الشائع في العديد من اللغات التي تُكتب من اليسار إلى اليمين. كما تضيف طبيعة أحرف العربيّة المتّصلة جانبًا بصريًّا فريدًا من نوعه، بالإضافة إلى الخط العربيّ الفنّيّ والخاصّ باللغة، والذي يزيد من جماليّة النص وأناقته.    الضمائر والتمايز بين الجنسين  في اللغة العربيّة صيغة مزدوجة للأسماء والضمائر، ممّا يسمح للمتحدّثين بالتمييز بين المفرد والمثنّى والجمع. بالإضافة إلى ذلك، يؤدّي الجنس (الجندر) دورًا حاسمًا، حيث تُخصَّص الأسماء والضمائر إمّا للمذكّر أو المؤنّث. من هنا، يشكِّل هذا التمايز بين الجنسين سمة نحويّة تتطلّب الاهتمام بالتفاصيل في التواصل.    كيف يمكن تحفيز أطفالك على تعلّم اللغة العربيّة؟  إليك أهمّ الاستراتيجيّات التي يمكنك اتّباعها لتحفيز أطفالك على تعلّم اللغة العربيّة:    تشجيع تفاعل طفلك بين أقرانه  للتعلّم ضمن مجموعات فوائد تعليميّة ومعرفيّة كثيرة لدى الأطفال، ولا سيّما في تعلّم اللغة. يمكنك تشجيع طفلك على التفاعل مع أقرانه الذين يتعلّمون اللغة العربيّة أيضًا، ويمكن أن يكون ذلك في نوادي اللغة أو منتديات الإنترنت، أو بأنشطة لغويّة مع أصدقائهم المقرّبين. الأمر الذي يسهِّل عمليّة تعلّم العربيّة ويجعلها ممتعة أكثر.   دمج الأنشطة الثقافيّة عرِّف طفلك إلى جمال الثقافة العربيّة وتاريخ استخدامها في الفنّ والأدب والعلم والحضارات المختلفة. فلا تؤدّي المشاركة في الأنشطة الثقافيّة إلى تعميق تقديرهم اللغة فحسب، بل تجعل تجربة التعلّم أكثر شموليّة ومتعة أيضًا.    دمج التكنولوجيا  هناك العديد من التطبيقات وبرامج تعلّم اللغة التي تقدِّم تمارين تفاعليّة مع تقييمات متخصّصة. اختر أنسبها وتأكّد من مدى توافقها مع أهداف طفلك لتعلّم العربيّة. بالإضافة إلى ذلك، عزِّز مشاركة طفلك النشطة في التعلّم الحديث، بدلًا من الاستهلاك السلبيّ للتكنولوجيا.    الاستفادة من المواد التعليميّة القائمة على الأبحاث  استثمر في الموارد التعليميّة، بما في ذلك التي تتضمّن بناء المفردات، وتمارين القواعد، والسياق الثقافيّ. واستخدم الكتب المدرسيّة المعروفة، وبرامج تعلّم اللغة، والمنصّات الرقميّة التي تقدّم مناهج شاملة.    وضع أهداف وتنفيذ تقييمات  ضع أهدافًا واضحة وقابلة للتحقيق لإتقان طفلك اللغة العربيّة، وقيّمها بانتظام باستخدام مقاييس موضوعيّة، مثل اختبارات الكفاءة اللغويّة الموحَّدة أو التقييمات الخاصّة بالمهمّات المنزليّة، حيث توفِّر التقييمات المبنية على الأهداف شعورًا بالإنجاز والتوجيه، ممّا يحفِّز طفلك على السعي من أجل التحسين المستمرّ.   إنشاء روتين تعلّم منظَّم  خصِّص وقتًا لدراسة مهارات اللغة العربيّة وفق جدول تعليميّ متّسق ومنظَّم، وتأكّد من مناسبة الروتين عمر الطفل، ومدى انتباهه، والتزاماته الأكاديميّة الأخرى. فالاتّساق الزمنيّ يعزِّز الانضباط في تعلّم اللغة.    خلق بيئة محفِّزة لتعلّم اللغة العربيّة  أحط طفلك باللغة العربيّة قدر الإمكان، كتسمية الأدوات المنزليّة بمعانيها العربيّة المعروفة، أو تشغيل الموسيقى العربيّة، أو مشاهدة البرامج والعروض العربيّة معه، شريطة أن تكون مناسبة لعمره. وبكلام عام، اجعل اللغة العربيّة جزءًا طبيعيًّا ومتكاملًا من حياة طفلك اليوميّة.    تعزيز المطالعة  من المفيد تعزيز المطالعة بالعربيّة عند طفلك، بل مشاركته في هذا النشاط، حيث تقرأ معه القصص، وربّما المقالات، وتناقشه فيها بما يسمح له باكتشاف قرب القصص العربيّة وأفكارها من حياته اليوميّة واهتماماته.    * * * تذَّكر أنّ تعلّم اللغة ليس مجرّد مهارة، بل بوّابة لفهم العالم بمجالاته المتنوّعة. فتحفيز طفلك على تعلّم لغة جديدة، مثل اللغة العربيّة، يتطلّب مزيجًا من الإبداع والتشجيع وسط بيئة تدعم هذا المسعى. فبجعل تجربة التعلّم أكثر صلة باللغة، ودمج الموارد المتاحة، وتشجيع التفاعل بين طفلك وأقرانه، ودمج الأنشطة الثقافيّة، يمكنك إشعال حماس طفلك للغة والثقافة العربيّة.