الرئيسية

في هذا العدد

العدد (17) صيف 2024

إنّ مراقبة عادلة لواقع المعلّم العربيّ تنحو بنا إلى أن نترجم الـ Well Being بكلمة عافية، وهي الأدقّ في وصف سعي المعلّم العربيّ في يومه: هو ينشد العافية في علاقته مع الإدارة المدرسيّة؛ ومع القوانين الناظمة لمهنته؛ وفي ضمان تقاعده وأمانه الوظيفيّ؛ وفي احترام وكالته ورأيه ومشاركته في خطط العمليّة المنوط به تنفيذها؛ وفي معاناته في صفوف مكتظّة، وخالية من الوسائل التكنولوجيّة؛ وفي علاقته مع المتعلّمين والأهل في مجتمعات باتت تسودها النظرة المادّيّة واحترام ذوي الرفاه الملموس والمنظور؛ وفي قدرته على التعبير عن رأيه... سنقبل بالعافية مأوى يحمي المعلّمين، إلى أن يصير عندنا رفاهية التفكير برفاه المعلّم! بعد نشر الدعوة إلى المشاركة في الملفّ، توقّعنا ألّا نقرأ الكثير من المقالات من المعلّمين؛ فمعلّمون لا يشعرون برفاه قدرتهم على التعبير عن أنفسهم ومشاكلهم وما يواجهون، لن يقدروا على الكتابة في موضوع شائك مثل هذا. وهذا أمر طبيعيّ في مجتمعات عربيّة بعضها قد لا يأبه لرفاه الإنسان للأسف، ولا يمنحه القدرة على التعبير عن نفسه بحرّيّة، أو حقّه في تأسيس نقابات مهنيّة تعمل على ضبط القوانين وتعديلها، لن تستطيع أن تستثني فئة المعلّمين من هذه الحالة. 

ملفّ العدد القادم

ملفّ العدد الثامن عشر: التعليم التحرّريّ.. بدائل واستراتيجيّات

فيما تستمر المقتلة بحقّ غزّة وأهلها، والجرائم المتتالية بحقّ الفلسطينيين في الضفة الغربية، يشهد العالم على جرائم غير مسبوقة في حجمها ووضوحها وقسوتها، في حرب همجيّة على الطفولة والإنسانيّة والأجساد والبيوت والأرض. وتطال كلّ معالم البنى المعرفيّة والتاريخيّة تاريخا وحاضرا. وصحيح أنّ هذا العنف عاد بالزمن إلى القرون الوسطى في الحصار والوحشيّة، إلّا أنّ منطقتنا العربيّة، بوصفها جزءًا من العالم الذي يقع في دائرة الاستغلال، لم تخلُ من العنف والمآسي، من ليبيا إلى سوريا واليمن ولبنان، إلى مأساة السودان المنسيّة في الإعلام. كما لا ننسى أنّ المجتمعات التي لم تتعرّض مباشرة إلى العنف المباشر وقعت تحت ضغوط وأعباء اقتصاديّة ومجتمعيّة تعود إلى أسباب مختلفة.   وفي كلّ هذه الأمكنة، وجد التربويّون أنفسهم بلا معين، يبحثون عن أمان شخصيّ لهم ولعائلاتهم، يلتقطون الأنفاس، ثمّ يمارسون التعليم بمَن وما تيسّر مستحدثين أساليب مبدعة تتجاوب مع هذا الواقع: فمعلّمة تتهجّر أكثر من مرّة، لا تستسلم، تجمع الأطفال وتبدأ من جديد؛ ومعلّم لم يجد في المنهاج ما يرتقي بتفكير متعلّميه النقديّ، فأدخل نشاطات وعدّل في المطلوبات، بما يضمن أن متعلّميه يفهمون واقعهم ويقدرون على تحليله؛ ومدرسة تتّخذ قرارًا بفتح أبوابها على محيطها، وتعمل بأشكال من المجاورة والتعليم الشعبيّ...   ممارسة التعليم في الظروف المختلفة التي وجد المعلّمون أنفسهم فيها، هي موضوع الملفّ وهدفه؛ حيث نرى أنّ هذه الممارسات تعيد إنتاج مفهوم التعليم التحرّري وتطوّره، وتشكّله بديلًا من البدائل التي ما تزال خيارات فرديّة، أكان على صعيد بعض المؤسّسات، أو على صعيد معلّمات ومعلّمين لم ترضهم الموادّ أو المناهج أو الاستراتيجيّات الجاهزة المفروضة عليهم. من هنا نتطلّع إلى قراءة أشكال التعليم المختلفة والبديلة التي مارسها التربويّون العرب في ظلّ أوضاع فرضت عليهم الاتّساق مع محيطهم، والاتّكال على ما بين أيديهم لاستنباط طرائق واستراتيجيّات، والنحو باتّجاه فرض قيم تعبّر عن الرغبة في الحياة وموقف الصمود وسط توقّع الانسحاق.   في هذا العدد،والذي تشارك في تحريره عضوتا الهيئة الاستشاريّة في منهجيّات، د. جمانة الوائلي ود. نضال الحاج سليمان، نستلهم الأمل من تضحيات أهلنا وزملائنا المعلمين والطلاب في غزة وجنوب لبنان واليمن والسودان، بل في معظم الدول العربيّة، ونستحضر سرديّاتنا ومصطلحاتنا التاريخيّة والمحلّيّة والتوجّهات التعليميّة التحرّريّة. يعالج الملفّ عدّة مواضيع، منها: - أساليب واستراتيجيّات مستجدّة، طرق ومنهجيّات التعليم التحرريّ والمقاوم: أصول وطرق التدريس العملانيّة والفنّيّة (التقنية) التي تلائم التعليم النقديّ في مختلف أنواع المدارس، بما فيها اللغات والفنون والإنسانيّات والعلوم؛ ما الاستراتيجيّات التعليميّة التي أوجدتُها في مسيرتي التعليميّة لأغطّي النقص الحاصل عن التعليم في ظروف غير معتادة؟ ما الموادّ التي استخدمتها في تعليم مستجدّ خارج جدران المدرسة؟ ما النشاطات النقديّة من خارج المنهج التي نفّذتها مع طلّابي؟ ما العلاقة التي نشأت بيني وطلابي مع المحيط المفتوح الذي ندرس فيه؟ - منظومة القيم والأفكار: المناهج ودورها في المقاومة والتحرّر والوعي النقديّ والمعرفة النقديّة التحرّريّة أو العكس؛ دور المناهج في طمس السرديّة وبناء حالة تعلّم وظيفيّة آليّة أو عنصريّة تفوّقيّة؛ المنهج التحرريّ في إعداد المعلّمين وقادّة المدارس من خلال برامج التنمية المهنيّة أو جماعات التعلّم المهنيّ أو ممارسات مهنيّة أخرى غير تقليديّة؛ ما القيم التي يجب أن تتضمّنها المناهج التعليميّة في مجتمعات تتعرّض للهيمنة؟ هل يمكن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في تعليم تحرّريّ بديل...؟ - قصص المعلّمين والمتعلّمين وتساؤلاتهم في ظلّ تعليم بديل...   للإسهام والكتابة في هذا العدد، نستقبل مقالاتكم عبر البريد الإلكتروني: [email protected] في موعد أقصاه 5 أيلول/ سبتمبر 2024.

أخبار تربويّة

8672 طالبًا فلسطينيًا استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيليّ على غزّة

قالت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينيّة، إنّ 8672 طالبًا استشهدوا، و14583 أصيبوا بجروح، منذ بدء العدوان الإسرائيليّ في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر على قطاع غزّة والضفّة الغربيّة. وأوضحت الوزارة في بيان لها أمس، أنّ عدد الطلبة الذين استشهدوا في قطاع غزّة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 8572، والذين أصيبوا إلى 14089، فيما استشهد في الضفّة 100 طالب، وأصيب 494 آخرون، إضافة إلى اعتقال 349. وأشارت إلى أنّ 497 معلّمًا وإداريًّا استشهدوا، وأصيب 3402 بجروح في قطاع غزّة والضفّة، واعتقل أكثر من 109 في الضفّة. ولفتت إلى أنّ 353 مدرسة حكوميّة وجامعة ومباني تابعة للجامعات و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، تعرّضت إلى القصف والتخريب في قطاع غزّة، ما أدّى إلى تعرض 139 منها لأضرار بالغة، و93 للتدمير بالكامل. كما تعرّضت 57 مدرسة في الضفّة إلى لاقتحام والتخريب، وتمّ استخدام 133 مدرسة حكوميّة كمراكز للإيواء في قطاع غزّة. وأكّدت التربية أنّ 620 ألف طالب في قطاع غزّة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسيّة، ويواجهون ظروفًا صحّيّة صعبة.

أونروا: الاحتلال الإسرائيليّ استهدف 69% من مدارس إيواء نازحين في غزّة

أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا)، أمس الأحد، أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ قصف 69% من المدارس التي تؤوي نازحين في قطاع غزّة، ما ألحق بها أضرارًا مباشرة. وأورد بيان نشرته على منصة إكس، أنّ "69% من المباني المدرسيّة التي كانت الأسر النازحة تبحث عن مأوى فيها، تعرّضت إلى قصف إسرائيليّ أو أضرار مباشرة". وأضافت: "يجب أن يتوقّف هذا التجاهل الصارخ للقانون الإنسانيّ. نحتاج إلى وقف إطلاق النار الآن". قالت أونروا عبر "إكس" يوم الجمعة الماضي: "تحتاج أكثر من 76% من مدارس غزّة إلى إعادة إعمار أو تأهيل كبير كي تستأنف العمل، بحسب ما تفيد مجموعة التعليم العالميّة". وتعتبر "مجموعة التعليم" آليّة تنسيق مشتركة بين منظّمات تعمل في مجال الاستجابة الإنسانيّة بقطاع التعليم في حالات النزوح الداخليّ. وأنشأتها "اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات"، وتقودها منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وشبكة "حماية الطفولة". ودمّرت الحرب الإسرائيليّة 110 مدارس وجامعات بشكل كلّيّ، و321 مدرسة وجامعة بشكل جزئيّ، وأودت بحياة أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، وفق المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة. واضطر مئات آلاف النازحين داخل غزّة إلى اتخاذ مدارس مأوى لهم في ظل ضراوة القصف الإسرائيليّ، مُعتقدين بأنّ مراكز التعليم بمنأى عن الخطر، لكنّ الجيش الإسرائيليّ استهدف هذه المدارس متجاهلًا التحذيرات الدوليّة. ووفقًا لأحدث تقرير أصدرته المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، أصبح 1.5% من سكّان العالم بأسره الآن في عداد النازحين قسرًا- أي واحدًا من بين كل 69 شخصًا- ويقارب ذلك ضعف ما كان عليه عدد النازحين قسرًا قبل عقد من الزمن، أي واحدًا من كل 125 شخصًا.

فلسطين: امتحانات الثانويّة العامّة تنطلق في الضفّة الغربيّة دون غزّة

بدأ نحو 50 ألف طالب وطالبة، أمس السبت، اختبارات الثانويّة العامّة "التوجيهي" بمحافظات الضفّة الغربيّة والمدارس الفلسطينيّة في الخارج، بينما حرمت الحرب الإسرائيليّة المدمّرة طلّاب قطاع غزّة، البالغ عددهم 39 ألفًا، من أداء الاختبارات. كما يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 37 طالبًا من طلّاب الثانويّة العامّة من الضّفة الغربيّة في سجونه.   طلّاب الثانويّة العامّة رهن الاعتقال وقال نادي الأسير الفلسطينيّ إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تواصل اعتقال 37 طالبًا من طلبة الثانويّة العامّة من الضّفة في سجونه، وذلك بحسب معطيات وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينيّة، هذا عدا عن مئات حالات الاعتقال والاحتجاز بين صفوف الطلبة من المدارس والجامعات، منذ بدء حرب الإبادة المستمرّة بحقّ الشعب الفلسطينيّ. ولفت نادي الأسير، في بيان له، إلى أنّ حالات الاعتقال تشمل من اعتُقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أفرج عنه لاحقًا، مشيرًا إلى أنّ هذا المعطى لا يشمل طلّاب غزّة الذين تعرضوا للاعتقال، ومنهم ما يزال معتقلًا، وهم رهن الإخفاء القسريّ في سجون الاحتلال ومعسكراته. ويتعرّض الطلبة في سجون الاحتلال "إلى جانب الحرمان من التّعليم، واقتلاعهم من بين أحضان عائلاتهم، ومحاولة سلبهم مستقبلهم، فإنّه يفرض عليهم منذ بدء حرب الإبادة الجماعيّة كلّ الإجراءات الانتقاميّة الممنهجة، ومنها عمليات التّعذيب، والتّنكيل، والاعتداءات بكل أشكالها، كما كل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الذين يواجهون جرائم -غير مسبوقة- بمستواها".   حرمان 39 ألف طالب في غزّة من امتحانات الثانويّة العامّة من جانبه، قال الناطق باسم وزارة التربية الفلسطينيّة، صادق الخضور، إنّ امتحانات الثانويّة العامّة تُجرى هذا العام في ظروف غاية في التعقيد، لافتًا إلى أنّ "450 طالبًا كان من المفترض أن يتقدّموا للثانويّة العامّة قتلهم الجيش الإسرائيليّ، بينهم 430 طالبًا في قطاع غزّة، و20 في الضفّة الغربيّة"، مشيرًا لـ"الأناضول" إلى أنّ 50 ألف طالب في الضفّة الغربيّة تقدّموا لامتحانات الثانويّة العامّة، بينما حرم 39 ألف طالب في قطاع غزّة من الامتحانات جراء العدوان الإسرائيليّ.   1100 طالب فلسطينيّ يؤدّون امتحانات الثانويّة في مصر وفي مصر، أدّى قرابة 1100 طالب فلسطيني قادم من قطاع غزّة امتحان الثانويّة العامّة أمس السبت، للمرّة الأولى، بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة. وأشار سفير دولة فلسطين بالقاهرة، دياب اللوح، خلال جولة تفقديّة على لجان الامتحانات، إلى أنّ "إقامة الامتحانات لهذا العدد من أبنائنا وفي ظروف كهذه يجسّد انتصارًا لإرادة الشعب الفلسطينيّ رغم المحن وخسائر القطاع التعليميّ البشريّة والبنيويّة، ويعد رسالة حول تشبّث شعبنا بمستقبل أبنائه وحرصه على بناء غدٍ مشرق"، مشيرًا إلى أنّ حرمان 39 ألف طالب ثانويّة عامّة من أبناء قطاع غزّة "يمثّل خسارة من نتائج هذه الحرب، والذي ستعمل كلّ أطر دولة فلسطين ومؤسّساتها لإيجاد حلول لتعويض هذه الخسائر والمحافظة على حقوقهم وفرصهم في استكمال مسيرتهم التعليميّة".   طلّاب الثانويّة العامّة في غزة بلا اختبارات بدوره، قال رئيس الحكومة الفلسطينيّة، محمّد مصطفى، في كلمة له خلال تفقّد امتحانات الثانويّة العامّة في محافظة الخليل: "أطلقنا امتحانات الثانويّة العامّة لهذا العام من مدينة الخليل لأهمّيّتها، وهي رسالة بأن التعليم هو سلاحنا الأول في مواجهة الاحتلال وتحقيق الاستقلال، تمسكنا بالتعليم هو حبل النجاة الذي من خلاله نستطيع أن نتحدّى كل الصعاب"، مضيفًا "يحرم الاحتلال 39 ألف طالب من تقديم امتحانات الثانويّة العامّة نتيجة استمرار العدوان على قطاع غزّة، ووزارة التربية والتعليم تبذل كل الجهود من أجل تعويضهم خلال الفترة القادمة". ومع انطلاق شرارة الحرب الإسرائيليّة المدمّرة على غزّة في 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، جرى تعليق الدراسة في مدارس القطاع وجامعاته؛ حفاظًا على حياة الطلبة في ظلّ القصف الإسرائيليّ العنيف والمكثّف، إذ دمرت الحرب الإسرائيليّة حتى 17 حزيران/ يونيو الجاري 110 مدارس وجامعات تدميرًا كلّيًّا، و321 مدرسة وجامعة جزئيًّا، في حين أودت بحياة أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة، وفق المكتب الإعلاميّ الحكوميّ في غزّة. وتُعدّ السنة النهائيّة للمرحلة الثانويّة مفصليّة في حياة الطالب، إذ يتحدّد بناءً عليها مستقبله الجامعيّ وتخصّصه، لذلك يهتمّ بها الأهالي والطلّاب كثيرًا ويتجهزون لها جيّدًا.  

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

المعلّمات والمعلّمون السوريّون اللاجئون في لبنان: بين ضغوط اللجوء وعوامل الرفاه في العمل
لم يكن محمود معلّم اللغة العربيّة واللاجئ في لبنان منذ سنة 2015، يتصوّر أن تكون مهنته عبئًا عليه، وهو الذي اختارها حب تابع القراءة
من البقاء إلى ازدهار المجتمع التربويّ: بناء الرفاه التنظيميّ في بيئة عمل غير عادلة
تعدّ بيئة العمل غير العادلة أحد المشكلات التي يواجهها عديدٍ من معلّمي الوطن العربيّ، ويتأثّر واقعها بعِدّة عوامل، منه تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

وجهة نظر: مشكلات تدريس اللغة العربيّة
اللغة العربيّة وآدابها ليست مادّةً أو تخصّصًا واحدًا، بل هي الموادّ كلّها والتخصّصات جميعها، حيث تتكوّن بنيويّتها من تابع القراءة
مناهج العلوم الإنسانيّة: تعليم أم "من سيربح المليون؟" 
ورد درسا "مواقف مشرقة من حياة الخلفاء الراشدين" اللذان يتحدّثان عن حياتهم وفضلهم وإنجازاتهم، في كتاب التربية الإسلامي تابع القراءة

الندوة القادمة

دعوة إلى ندوة: الإبادة التعليميّة

تدعوكم منهجيّات إلى ندوتها الشهريّة لشهر تمّوز/ يوليو 2024، بعنوان: "الإبادة التعليميّة" وذلك يوم الأربعاء الموافق 31-7-2024، في تمام السّاعة السادسة مساءً بتوقيت القدس. تُدير الندوة: د. جُمانة الوائلي. ويُشارك فيها كلّ من: د. ريام كفري- أبو لبن؛ أ. ميسون أبو موسى؛ أ. أحمد عاشور؛ أ. مالك الريماوي؛ أ. رفعت صبّاح.  محاور الندوة: المحور الأول: الإبادة التعليميّة في فلسطين. المحور الثاني: غزّة والتعليم في مواجهة الإبادة. المحور الثالث: هل سنعود بعد الحرب إلى ما قبلها؟ يُمكنكم التسجيل لحضور الندوة عبر الرابط هُنا.  

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: الرفاه المدرسيّ وعافية المعلّم

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر حزيران/ يونيو 2024، بعنوان "الرفاه المدرسيّ وعافية المعلّم". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. المعلّم الإنسان: كيف يحافظ المعلّم على عافيته في ظلّ الظروف الصعبة، أكان الأمر مرتبطًا بواقع عمل غير عادل، أو بتأثّر المعلّم بواقع اجتماعيّ ضاغط يريد التعبير عنه (التأثر بمأساة غزّة مثالًا)؟ ما الخطوات التي يستطيع المعلّم فيها أن يستعيد عافيته ويرمّم روحه للاستمرار؟ هل من تجارب شخصيّة في هذا؟ 2. الأوضاع القانونيّة للمعلّمين: الحقوق والأجور والتقاعد؛ خطوات الارتقاء والتدرّج؛ أنواع الرقابة المفروضة؛ حرّيّة التعبير والتغيير؛ الحماية الوظيفيّة... 3. وكالة المعلّمين: حرّيّة المعلّم بين القانون ومزاج الإدارات؛ المعلّم والمنهاج: من يسود؟ وما الضوابط؟؛ اختيار مادّة التدريس والنصوص الأدبيّة وعلاقتها بالسائد الاجتماعيّ؛ التطوير المهنيّ للمعلّمين: آفاق وعقبات... استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: د. جنان شيّا، باحثة وأستاذة جامعيّة، لبنان؛ أ. زهرة الشيكلي، معلّمة فيزياء، سلطنة عُمان؛ أ. سوزان أبو هلال، مرشدة تربويّة، فلسطين؛ أ. مهدي بن شعبان، مدير عامّ أكاديميّة قطر، الجزائر؛ أ. فهمي رشيد كرامي، قانوني وخبير إقليميّ في حقوق الطفل، لبنان. أدار الندوة أ. محمود عمرة، المدير العامّ لمدارس الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، وعضو الهيئة التأسيسيّة لمجلّة منهجيّات، وافتتح الندوة بتقديم منهجيّات وهي مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة بمتابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: المعلّم الإنسان كيف يُمكن للمعلّم أن يسيطر على الضغوطات المحيطة بهِ بطريقة تجعله يستمرّ في عمليّة التعليم بشكلٍ فعّال؟ داخلت أ. أبو هلال حول خصوصيّة هذا العام الدراسيّ في فلسطين، إذ أثّرت حرب غزّة في المعلّم والطالب بشكلٍ مستمرّ من شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر، في ظلّ استشهاد أكثر من 264 معلّمة ومعلّم، وأكثر من 5000 طالبة وطالب في غزّة، و50 طالبة وطالب في الضفّة الغربيّة. وأشارت أ. أبو هلال إلى أنّ التحدّيات أمام المعلّم الفلسطينيّ كبيرة، خصوصًا الحواجز بين المدن والمناطق الفلسطينيّة، وتعرّض المعلّمين، في طريقهم إلى المدارس، إلى التفتيش المستمرّ والتحقيق، إلى جانب تأخّر صرف رواتب المعلّمين، ناهيك عن صرف 50% منها بعد التأخّر. وأضافت أنّ التعليم المدمج، بين الوجاهيّ والإلكترونيّ، والذي اعتُمِدَ في مدارس الضفّة الغربيّة منذ تشرين الأوّل، عادَ بالمعلّم إلى تحدّيات ظهرت خلال جائحة كورونا، من فقدان أدوات التكنولوجيا، وانقطاع الطالب عن التعلّم. وداخلت أ. أبو هلال أنّ المعلّم الفلسطينيّ مع هذه الظروف الصعبة، والتحدّيات الكبيرة، وفي فرق من زملائه المعلّمين استطاع تقديم دعم نفسيّ عاطفيّ لبعضهم، خصوصًا بعد تجارب عصيبة مرّ فيها البعض على الحواجز التي حدّت من حرّيّة حركتهم. وقالت إنّ أحد أهمّ دوافع المعلّم خلال هذه المرحلة، كان إحساسه بالمسؤوليّة تِجاه الطلبة، والذي دفعه إلى الاستمرار بالعطاء. وفي الوقت نفسه، صمود الأهل في قطاع غزّة، وصور بعض الطلبة الذين يبحثون عن كتبهم، وإصرار المعلّمين هناك على استكمال التعليم مع ظروف النزوح والفقدان والحصار، شكّل ذلك كلّه حافزًا للصمود والعطاء أيضًا.   وتحدّثت عن عملها الإرشاديّ مع المعلّمين، إذ قدّمت استراتيجيّات مختلفة للمعلّم ركّزت على مجموعة عوامل لتفريغ الضغوط والتخفيف منها، بالشراكة مع مؤسّسات نفّذت مشاريع مختلفة، منها التركيز على العلاقات الاجتماعيّة، والعلاقة مع الذّات، والتأمّل من أجل تفريغ القلق، والتركيز على نظام الاستجابة إلى الضغوطات عند المعلّم، من أجل مساعدته على الاستمرار في أداء رسالته.   عن تجربة شخصيّة حاولتِ فيها مواجهة الضغوطات بطريقة تجعلها لا تؤثّر في سير تجربة التعليم، شاركينا هذه التجربة أ. الشيكلي. استهلّت أ. الشيكلي حديثها بالإشارة إلى الظروف الصعبة الناتجة داخل البيئة المدرسيّة، وقسّمت هذه الظروف إلى قسمين: الأوّل: ظروف بسبب ضغوطات في العمل بسبب كثرة المهام الموكلة إلى المعلّم. والثّاني: سوء التفاهم في البيئة المدرسيّة، إمّا مع الزملاء أو الإدارة أو طالب أو وليّ أمر. وأشارت إلى أنّ حلّ المُشكلة الأولى كان ببساطة تحويل العمل من فرديّ إلى جماعيّ؛ بمعنى تكوين فرق عمل داخل المدرسة، ربما لكلّ مرحلة، تعمل بالتوازي من أجل تخفيف المهام الملقاة على كاهل المعلّم الفرد. أمّا عن حلّ المشكلة الثاني، الناتجة عن سوء فهم، فقسّمت الحلّ إلى قسمين وفقًا للمشكلة: 1. إن كان سوء التفاهم مع الزملاء في مرحلة أوّليّة، فعلى المعلّم هُنا التأمّل في الأمر وفي الشخصيّات التي يتعامل معها، ونصحت بقراءة كتاب "الابتزاز العاطفيّ" للدكتورة سوزان فورورد، كونه ساعدها بشكلٍ شخصيّ في التعافي. 2. إن كان سوء التفاهم متقدّمًا، هناك خطوات ثلاثة للحلّ: - الابتعاد وتقليل الاحتكاك مع الأشخاص الذين حدث معهم سوء الفهم. - التأمّل والتفكّر في الموقف والرجوع إلى مصادر مختلفة لتوسيع الفهم. - الانخراط بدراسة أو إجراء بحوث من أجل التفريغ العاطفيّ للذكريات والمشكلة. وقدّمت أ. الشيكلي نصيحةً للمعلّمات والمعلّمين "مهما كان نوع الظرف الصعب الذي تمرّون فيه، امنحوا أنفسكم راحةً، سواء مع الأسرة أو مع الزملاء خارج المدرسة أو المؤسّسة". وسلّطت د. شيّا الضوء على دور الإدارة المدرسيّة المهمّ في عمليّة تعزيز رفاه المعلّم، وهذا ما تؤكّده الأدبيّات التربويّة. وذكرت مجموعة استراتيجيّات منها، 1. تعزيز ثقافة الرعاية، إذ تخلق مناخًا عاطفيًّا إيجابيًّا في المدرسة، بحيث يشعر كلّ معلّم وكلّ إداريّ في المدرسة بالتقدير والدعم، الأمر الذي يتعزّز بسياسة الباب المفتوح، فيقوم المعلّم بمشاركة أيّ مشكلة مع الإدارة، ويشعر، بالتالي، بالدعم والاحتفاء والاحتفال بالنجاحات والتعاضد عند الصعوبات. 2. تحقيق التوازن بين العمل والحياة، خصوصًا وأنّ أعباء العمل المفرطة من المُمكن أن تؤدّي إلى إرهاق وفقدان الرفاه، وما يوصل إلى هذا النوع من الإرهاق لدى المعلّم هو أسلوب الـ ((Micromanagement؛ الإدارة التي تراقب كلّ التفصيلات، والتي تحدّ المعلّم من اتّخاذ القرار. ومن هُنا، من الضروريّ تمكين المعلّم من اتّخاذ القرار وتوفير الموارد اللازمة لهم لإدارة صفوفهم بكفاءة، وتقديم المساعدة من أجل رسم حدود بين العمل وحياتهم اليوميّة، وتعزيز ترتيبات العمل المرنة. أمّا أ. كرامي فتحدّث عن أهمّيّة إدخال أسلوب الوساطة والتحاور إلى الحرم المدرسيّ؛ تحفيز الحوار الفعّال وتحفيز إيجاد هذا التواصل الفعّال بين عناصر العمليّة التعليميّة يساعد في الرفاه، كونه يخلق وسيلة فعّالة يُمكن توظيفها في حال حدوث سوء تفاهم، وفي الوقت نفسه، يخلق أدبيّات تمسي وسائلَ وقائيّة لتجنّب الكثير من التباين أو الاختلاف في وجهات النظر.   المحور الثاني: الأوضاع القانونيّة للمعلّمين قارب أ. كرامي هذا المحور بنظرة إلى ماهيّة المواكبة القانونيّة التي يجب أن توجد لتؤمّن الرفاه للمعلّم، وتؤمّن الإنتاجيّة المأمولة من عمل المعلّم. وأشار إلى أهمّيّة أن يكون التشريع أو القانون ابن البيئة التي يصدر فيها، والتشريع والقانون يجب أن يوضع لمواكبة الحاجات الاجتماعيّة والسعي إلى الرقيّ الاجتماعيّ. ومن هذه الثوابت، ننظر إلى مهمّة المعلّم، فنجد أنّ مهمّة المعلّم هي رسالة، وعندما ننظر إلى القوانين، نُدرك أنّ على هذه القوانين حماية هذه الرسالة، وهذه أوّل أرضيّة مُشتركة على التشريعات الانطلاق منها. والمعلّم الذي يحمل هذه الرسالة إنسان، وأضعف الإيمان أن تؤمَّن له حقوق الإنسان، سواء ما نصّت عليه المواثيق الدوليّة، أو ما نصّت عليه الحقوق المتعارف عليها. ولأنّ المدرسة جزء من المجتمع والدولة بامتداد تشريعيّ قانونيّ، فإنّ المعلّم، كعنصر في هذه المدرسة، يتأثّر بالحالة التشريعيّة، بما هو أبعد من حقوقه المباشرة كالأجور والتقاعد وساعات العمل والإجازات، إنّما بالواقع والسياسات التشريعيّة للمجتمع والدولة. ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع السياسات للدولة، رسالة هذا المعلّم وحمايته ورفاهه. وبالتالي، فإنّ المشكلة لا تكمن فقط بالتشريع نفسه، إنّما بتحدّيات كبيرة لها علاقة بتطبيق التشريع والاجتهاد في تفسيره، والحرص على حمايته، خصوصًا أنّ معظم البلاد العربيّة تعيش أزمات مختلفة. وهُنا، علينا التساؤل، هل الدولة تُعطي أولويّة لحماية المعلّم؟ وهذا ما علينا الانتباه له خلال الحديث عن التشريعات. وذكر أ. كرامي أنّ خلال الحديث عن رفاه المعلّم، بطبيعة الحال، علينا أن نتطرّق إلى الحديث عن حماية المعلّم، وحقوقه، والدخل، وساعات العمل، والتقاعد، وإجازاته وحقّه في الإجازة، وإجازاته المرضيّة، وعن تأمين هذا الجوّ المريح لهُ، خصوصًا أنّ على التشريع التنبّه للظروف الخاصّة التي يمرّ فيها المعلّم وتسبّب لهُ ضغوطات مختلفة، وتؤمَّن لهُ هذه المساحة من الإجازات من أجل السماح بتخفيف الضغوط عليه. وأكّد أ. كرامي على ضرورة توفير نظام محاسبة مواكِب لدى التشريعات، يمكن أن يلجأ إليه المعلّم، فلا تخضع دعاوي المعلّمين أو نزاعاتهم إلى عجلة القضاء البطيئة والتي ينتج عنها هلاك هذه القضايا ونتائجها. وبالتالي، على الدولة التنبّه لحماية هذه القوانين، ناهيك عن حماية العمل النقابيّ، والتعبير عن الرأي، وهي أمور يجب أن تكون واضحة وصريحة في التشريعات، بالإضافة إلى التطوير المهنيّ للمعلّم وإتاحة المجال له لتطوير عمله. وضمن المحور ذاته، أضاف أ. بن شعبان أهمّيّة وعي المعلّم بهذه التشريعات، وبحقوقه كمعلّم. فمن المهمّ عند تقدّم المعلّم لعمل في مدرسة ما، عليه أن يسأل ويستوضح حول هذه الأمور، وعليها أن تكون واضحة بالنسبة إليه قبل الالتحاق بالمدرسة، لئلّا يتفاجأ هذا المعلّم بقوانين أو تشريعات معيّنة لم يعلم عنها سابقًا. وأشار أ. بن شعبان إلى ضرورة وضع تعريف للرفاهيّة، بدلًا من تعريفها بالضدّ، أي بعدم وجودها. ومن خلال العمل وصلنا إلى محاورَ أربعة تُلمّ بتعريف الرفاهيّة: 1. الحالة النفسيّة للمعلّم. 2. الحالة الجسديّة للمعلّم. 3. إحساس المعلّم بفعاليّة دوره. 4. إحساس الانتماء إلى مجتمع المدرسة وبيئتها. وبالتالي، أيّ سياسة تنقص محورًا من المحاور، لن تكون ملمّة بالرفاهيّة كمفهوم وتطبيق. ولاحظنا سياسات في بلدان أوروبّيّة تركّز تركيزًا كبيرًا على الحياة الشخصيّة والحياة المهنيّة للمعلّم، وتدرج أهمّيّة كبيرة لإجازات المعلّم خلال عمليّة التخطيط للعام الدراسيّ، ما يسمح للمعلّم بأن يرتاح وأن يعود إلى مكان عمله بفعاليّة. ورأينا كيف أنّ فنلندا واليابان، وفّرتا دعمًا ببرامج استشاريّة للمعلّمين مع علماء نفس. وأيضًا من الضروريّ الانتباه إلى موضوع المرونة في الدوام، خصوصًا بعد كورونا، إذ أدركت المؤسّسات أن الدوام يُمكن أن يكون مرنًا من دون أن يؤثّر في النتائج. وذكر أ. بن شعبان تجربة سنغافورة، كتجربة مميّزة في وضع السياسات، إذ قرّروا استخدام منهجيّة بحث تقوم على تجميع بيانات بطريقة مستمرّة، وحلّ المشكلات التي تظهر بطريقةٍ مرنة؛ أيّ لا حلول جاهزة مُسبقًا، إنّما قبول لفكرة مرونة التعامل مع المشاكل، وهذه استراتيجيّة طُبّقت على مستوى الدولة. أمّا د. شيّا فأضافت نقاط أُخرى إلى سياسات رفاه المعلّم وعافيته، مثل زيادة الاستثمار بموارد الصحّة الفكريّة كبرامج التأمّل الواعي، وهذا ما طُبّق في المملكة المتّحدة، فبات المعلّمين أنفسهم يُمارسون التأمّل الواعي، ويشجّعون طلبتهم على مُمارسته في الوقت ذاته. نقطة ثانية هي التطوير الوظيفيّ والتقدير، فدول مثل كندا، عملت على سياسة تعزّز مجتمعات التعلّم المهنيّة، والتي تُشجّع على التعاون بين المعلّمين. ونقطة ثالثة هي التقدير الوطنيّ، ففي كندا، تُنظّم جائزة المعلّم الوطنيّ، لتشجيع المُمارسين في المجال التربويّ، وأيضًا لتشجيع الإقبال على مهنة التعليم.   المحور الثالث: وكالة المعلّمين. ما أهمّيّة حرّيّة المعلّم لرفاهه؟ وما دور الإدارات في تعزيز هذه الحرّيّة وتمكين المعلّم؟ ناقشت د. شيّا أهمّيّة ربط الحديث عن رفاه المعلّم بالحديث عن وكالة المعلّم. ووكالة المعلّم هي استقلاليّته، وقدرته على أخذ القرارات التي تؤثّر في ممارساته وتعليم الطلّاب، وبالتالي يحصل على حرّيّة ودعم من أجل أخذ اختيارات مستنيرة ضمن إطار مُحدّد. وذكرت مجموعة مهامّ ضمن هذا السياق، وهي: 1. تصميم المناهج، فمع ثبات المنهج، نعرف أهمّيّة أن يكون المنهج مرنًا، ليتناسب مع مختلف الطلبة بواقع معيّن، ومن هُنا، من الضروري أن يكون المعلّم كفوؤًا وعنده القدرة على تصميم المنهج بما يتناسب والظروف المحيطة به، بطبيعة الحال، ضمن استراتيجيّات تقييم واضحة. 2. إدارة الصفّ، ضرورة تحديد القوانين مع الطلبة، ذهابًا لخلق بيئة تعليميّة إيجابيّة، وفتح قنوات تواصل مع الأهل. 3. مُناصرة السياسات، حيث لا يقتصر دور المعلّم في العمليّة التعليميّة فقط وفقًا للأدبيّات، ومن هُنا، عليه مناصرة السياسات التي تساعده على تطبيق مهامه بطريقةٍ فعّالة.   كيف تعزّز وكالة المعلّم رفاهيّته؟ أضافت د. شيّا أنّ وكالة المعلّم تعزّز من تحفيزه ورضاه الوظيفيّ، خصوصًا عند إحساسه بتطبيق رؤيته بفعاليّة مع الطلبة. وكذلك تقلّل من التوتّر والإرهاق، انطلاقًا من إحساسه بالتحكّم بمجريّات العمل، وقدرته على أخذ قرار من دون أن تطبّق عليه سياسات إداريّة تنتهج الـ ((Micromanagement. وفي الوقت نفسه، تعزّز نموّه المهنيّ، ما يرتبط بشكلٍ واضح بتعزيز رفاهه. وفي الواقع، حتّى يتمتّع المعلّم بهذه الوكالة، عليه أن يؤمن بقدرتهِ كفرد فعّال قادر على إحداث فرق، ولديه القدرة على إحداث تغيير اجتماعيّ، ويتمتّع بمهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات والتواصل والتشبيك والتعاون، وعنده قدر من الثقة بالنفس، ومُدرك لأهمّيّة التأمّل في المُمارسات المختلفة من أجل تقييم الأداء. وتطرّقت د. شيّا إلى التحدّيات، وهي ليست من القيادة المدرسيّة، إنّما أيضًا من النظام التربويّ والذي يفرض اختبارات موحّدة ومناهج صارمة، تخفّف مرونة المعلّم، وتحدّ قدرته على التغيير. ومن التحدّيات: 1. نقص الدعم الإداريّ، وهو ما سيحدّ قدرته على التعرّض إلى تجارب وتدريبات مُختلفة في التطوير المهنيّ تُمكّنه من الابتكار في المُمارسات والمرونة والمواكبة. 2. الاحتراق الوظيفيّ، عدم القدرة على التطوّر، وعدم تحقيق التوازن بين العائلة والعمل، قد تؤدّي بالمعلّم إلى الاحتراق الوظيفيّ. وهُنا داخل أ. عمرة حول الواقع العربيّ في سياق التعليم، وفرض مناهج من خلال كتب مدرسيّة تحتوي على تفاصيل دقيقة، ولا تفتح مجالًا أمام مرونة المعلّم ووكالته، وبالتالي الأثر في رفاه المعلّم يصبح سلبيًّا. وهذا يدلّ على عدم الثقة بالمعلّم، وفتح المساحات أمامه للإبداع والانطلاق في التعليم. تحدّث أ. بن شعبان عن الخارطة التربويّة المحدودة والمفصّلة والتي تعتمد على امتثال المعلّم لقرارات من أعلى، تمثّل وصفة معكوسة لرفاه المعلّم. وأضافَ أنّ موضوع وكالة المعلّم يشمل أيضًا أخذ المعلّم لزمام الأمور في موضوع رفاهيّته، وبالتالي التفكير برفاهه من حيث بيئة العمل وتعديلات مختلفة فيها. وشارك أ. بن شعبان تجربته كمدير مدرسة، وفشل تجربته الأولى، في الرفاهيّة، وكان سبب هذا الفشل هو تفكيره في ظروف واستراتيجيّات لتحسين ظروف عمل المعلّم، كمحاولة تقليل ساعات عمل الدوام، وفرح المعلّمون بهذه المبادرة، إلّا أن الشكوى من ظروفهم استمرّت. وكذلك كان عندما اهتمّت الإدارة بالتأمّل والممارسات الإيجابيّة للمعلّمين، وكذلك استمرّت الشكوى. اختلفت التجربة عندما شكّلنا لجنة من المعلّمين لتمثيلهم وتمثيل صوتهم، وكانت اللجنة على دراية بظروف الإدارة بعلاقتها مع الوزارة مثلًا، وهنا بدأت النتائج الإيجابيّة بالظهور، لأنّ الوكالة هُنا أنتجت الرفاهيّة، وعزّزت الثقة بين الإدارة والمعلّم.   وأشار أ. كرامي إلى نقطتين أساسيّتين: 1. التجربة في فلسطين بشكلٍ عامّ، وغزّة بشكلٍ خاصّ، جعلتنا نعودُ إلى حقوق الإنسان قبل حقوق المعلّم، وهو ما ينبّهنا في خضمّ تأمين رفاه الطفل أو المعلّم، للحقوق الأساسيّة كي تبقى مقدّسة ولا تُمسّ، وألّا تكون عرضة للانتهاكات. 2. على مداخلات وكالة المعلّم ورفاهه أن تُترجم في التشريعات، ويجب أن تُترجم في تعديل القوانين التي تخضع لها المدارس الرسميّة لتشكّل غطاءً للمعلّم الذي يريد أن يُمارس وكالته بطريقةٍ مُثلى، خصوصًا في سياقات ترى أنّ وكالة المعلّم هي خروج عن أدبيّات المدرسة وسياساتها، وتُلقي المعلّم في سلّم المحاسبة واللوائح والقوانين. وهُنا من الضرورة الإشارة إلى أهمّيّة التعديل التشريعيّ، وحماية المناصرة، ويجب توفير الحماية للمعلّم من أجل إيصال صوته بشكلٍ ديمقراطيّ. كما أشار إلى أنّ التغيير الحقيقيّ هو التغيير الذي يأتي من القاعدة، وإضافةً إلى سماع صوت المعلّم، علينا الاستماع إلى صوت الطالب، وهو شريك المعلّم في تحقيق الرفاه.   أسئلة الجمهور - إن كان الضغط على المعلّم ناتج عن مرض أحد أفراد العائلة، فكيف يُمكن للمعلّم مواجهة هذا النوع من الضغط بطريقةٍ لا تؤثّر في عمله داخل الصفّ؟ أجاب أ. كرامي أنّه من منحى تشريعيّ، القانون، على الأقلّ اللبنانيّ، لا يلحظ هذا النوع من الإجازات والتي يُقصد بها الرعاية. أمّا د. شيّا فاقترحت طلب المساعدة من المدير، والحديث عن هذا الظرف، ومن المهم أن تُقدّم الإدارة دعمها، وأيضًا يُمكن الحديث مع الزملاء لتعزيز التعاون. وأجابت أ. الشيكلي أنّه في سياق مدرستها في سلطنة عُمان، الحديث مع الزميلات والزملاء، ومن ثمّ رئيسة القسم التي تقوم بتخفيف نصابها، وتوزيع ذلك على الزميلات. وأشار أ. بن شعبان إلى ضرورة الاستثمار بالعلاقات في المؤسّسة، من أجل تحقيق التعاون بينهم في ظلّ تفهّم من الإدارة. وأضافت أ. أبو هلال أنّ مصادر الدعم تشكّل أساسًا في هذا السياق، من أصدقاء وزملاء، وكذلك التدريبات الخاصّة بالرعاية الذاتيّة، من خلال أهمّيّة الحفاظ على بعض العادات الصحّيّة، وممارسات بعض النشاطات الرياضيّة، والتي ستسهم في تجاوز الأمر بطريقةٍ قويمة، من دون أثر سلبيّ. وأيضًا هُنا من الضرورة التعبير عن مشاعره، من أجل التخفيف من الضغوطات، والمحافظة على التأمّل والوجود في الطبيعة، هي أيضًا أمور من شأنها تخفيف الضغط.   - في ظلّ أوضاع اقتصاديّة صعبة في العالم العربيّ، كيف يُمكننا مواجهة ضغط كهذا؟ وكيف يُمكننا الحفاظ على صحّتنا النفسيّة والذهنيّة وقدرتنا على العطاء في مهنتنا بشكلٍ مميّز؟ أجاب أ. كرامي أنّ على أيّ دولة أداء دور خلال الأزمة الاقتصاديّة التي تمرّ فيها، من دون أن تتنازل عن دورها. في لبنان مثلًا، الأزمة تتفاقم لأنّ الدولة تتقاعس عن أداء دورها. تجربة إيجابيّة أودّ ذكرها هي التكافل والتضامن بين المدارس الخاصّة، لإعادة دعم المعلّم خلال مسيرته. أمّا د. شيّا فقالت إنّ الوضع المادّيّ صعب التجاوز، وفي حال غطّى الراتب احتياجات المعلّم الأساسيّة، يُمكن لوكالة المعلّم هُنا دفعه بإحساس إيجابيّ إلى استكمال أداء رسالته. أمّا أ. بن شعبان فأشار إلى أهمّيّة التطوير النفسيّ والمهنيّ لدى المعلّم، فالمعلّم الذي يمتلك الخبرة والتجربة، له القدرة على فتح منافذ دخل جديدة أمامه، كمدرّب واستشاريّ، وهذا لا يظهر بوضوح للمعلّم الذي لا يفكّر بأبعد من يومه. ودعا أ. بن شعبان المعلّمين إلى إعطاء الدورات، كلٌّ في تخصّصه، لأنّ الحاجة أيضًا موجودة لهذه الخبرات.   - هل حقوق المعلّم متوفّرة في دول العالم العربيّ، كما في الغرب؟ قال أ. كرامي إنّ الاهتمام في التعليم متفاوت، ودعم المعلّم أيضًا متفاوت، ولكن ما أودّ قوله هو في النهاية التعليم رسالة، وهو أساس بناء الأوطان، وإن كانت دولنا لم تصل بعد إلى فهم أهمّيّة التعليم، فهذا دليل على أنّها بحاجة إلى مزيد من التطوير والتوعية، وتحسين أسلوبنا في التفكّر في طريقة التعاطي مع المعلّم، وأهمّيّة دوره في المجتمع، وهذا يحتاج إلى عمليّة تجديد شاملة من القاعدة إلى القمّة، انطلاقًا من واقعنا.   في الخِتام شكر أ. عمرة المشاركات والمشاركين على الإسهامات في هذه الندوة، وأكّد على أنّ الموضوع متباين بين الدول وبين المجتمعات، وهو ما يعتمد على سياقات مختلفة، ولكن في النهاية رفاه المعلّم هو أمرٌ أساسيّ وله تأثير كبير في تعلّم الطالب، ونموّ المدرسة، والعمليّة التربويّة بشكلٍ عامّ، ولهُ أثره، كذلك، في الصحّة النفسيّة والجسديّة والذهنيّة للمعلّم ذاته.    

ندوة: التعليم في فلسطين من وجهة نظر المعلّمين.. ثقافة المواجهة والأمل

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيّار/ مايو 2024، بعنوان: "التعليم في فلسطين من وجهة نظر المعلّمين: ثقافة المواجهة والأمل". وهي الندوة الثانية ضمن سلسلة ندوات تعقدها منهجيّات تحت عنوان: "علّمتنا غزّة"، وركّزت هذه الندوة على ثلاثة محاور، وهي: 1. دور المعلّم في مواجهة الاستعمار الاستيطانيّ. 2. الوعي المجتمعيّ والأهليّ ودوره في دعم المعلّمين. 3. تجارب تعليميّة في زمن الإبادة. استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، وهم: د. جميلة محمود شنان أستاذة علم الاجتماع التربويّ والاختصاصيّة بدور التعلّم في التحرّر؛ ود. مريم محمد صالح حثناوي من فلسطين، المشرفة التربويّة في وزارة التربية والتعليم ونائب رئيس مؤسّسة مجتمعات محليّة؛ ود. محمد الرزّي، أكاديميّ وتربويّ من غزّة، أستاذ محاضر في قسم دراسات الطفولة في جامعة بريستول بريطانيا، وعمل سابقًا في مبادرات الدعم التعليميّ، ومشروع سينما الطفل في غزّة. أدارت الندوة د. نضال الحاج سليمان، الباحثة الأكاديمية في علم الاجتماع التربويّ، وبدأت الندوة بالترحيب بالزملاء المشاركين من قطاع غزّة عبر المداخلات المسجلة، وهم: د. محمد عوض شبير، أكاديميّ مختصّ بالإدارة التربويّة، ومشرف في جامعة الأقصى؛ وميسون أبو موسى، مختصّة بتدريس العلوم الحياتيّة. وأسماء مصطفى، معلّمة لغة إنجليزيّة وباحثة تربويّة. في البداية، عرّفت د. الحاج سليمان بمنهجيّات، المجلة التربويّة الإلكترونيّة الدوريّة ذات الطبيعة التفاعليّة، وبمنصّتها التربويّة التي تتفاعل فيها الأفكار، والمعارف، والتجارب، والمبادرات التربويّة الخلاقة، وتسهم في الارتقاء في التعليم في العالم العربيّ من خلال حوار نقدي يشجع على التساؤل، والخيال، والابتكار. تعمل منهجيّات على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا للأفراد والمؤسّسات. وأشارت د. نضال إلى حلول ذكرى النكبة المستمرّة منذ سنة 1948م، والاستعمار الاستيطانيّ في فلسطين، والأحداث الأخيرة في غزّة، والتي تستهدف البلاد والأرواح والتاريخ، والتعليم بكلّ مظاهره وأركانه. مركّزة على ما نواجهه من معركة الوعي والحرية، وعلى أنّ الفكرة والكلمة والمناصرة أدوات في معركة التحرّر. وأنّنا كمجتمع تربويّ عربيّ أمام فرصة لنستقي دروسًا من زملائنا المعلّمين في فلسطين، ونساندهم، ونعبر من خلال تجاربهم إلى ضفّة التعليم النقدي والتحرّر الإنسانيّ الكامل.   المحور الأول: دور المعلّم في مواجهة الاستعمار الاستيطانيّ بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من المعلّمة ميسون أبو موسى في فلسطين، تحدثت فيها على دور المعلّم الفلسطينيّ في ظلّ الإبادة الحاليّة، وأشارت إلى صعوبة الأمر في بداية الحرب في ظلّ اتّساع النزوح والهجرة، وارتفاع أعداد الشهداء؛ ففي بداية الأمر وقف المعلّم مكتوف اليدين عالقًا بين الحرب والقصف من جهة، واستخدام المدارس كمراكز للإيواء، واستعمال الأدوات المدرسيّة وقودًا للطهو. لكن هذا لم يمنع بعض المعلّمين من القيام بمبادرات فرديّة بجمع بعض الطلاب في مخيّمات اللجوء، وتدريسهم بعض المفاهيم الأساسيّة كقواعد اللغة العربيّة، والإنجليزيّة، وتسميع آيات القرآن الكريم، وتفسير بعض الأحاديث النبوية، واستخدام الفنّ كنوع من التفريغ الانفعاليّ للأطفال. من غير أن ننسى عن دور المؤسسات الخاصة التي قدّمت مساعدات. كما أشارت إلى دورها كمعلّمة باستغلال أوقات فراغها في تصميم أوراق العمل، في ظلّ الظروف الصعبة كانقطاع الكهرباء، وصعوبة شحن الحاسب النقّال. وإلى تصوّر إستراتيجيّات تعلّم معيّنة، ومحاولة تنفيذها وهميًّا في خيالها لبعض الدروس قدر الإمكان.   كيف يتمكن المعلّم الفلسطينيّ من إنتاج أدوات الصمود وبناء الأمل والإصرار في ظل الاحتلال وحرب الإبادة؟ أجاب د. محمد على هذا السؤال بوجود عدّة أدوات تمثّل الصمود الفلسطينيّ في موضوع التعليم، وهناك شواهد من التاريخ وما يحدث في قطاع غزّة، ومنها الإصرار على البقاء والحياة، والإصرار على التعليم، والمحافظة على السرديّة الوطنيّة، والانخراط في التعليم الرسميّ وغير الرسميّ، مستشهدًا بما قالته أ. ميسون حول المبادرات الفرديّة للمعلّمين. وأشار إلى محاولات المعلّمين الحفاظ على رسالتهم التعليميّة، وإلى ما يتعرّض إليه المعلّمون من ضغوطات سياسيّة مباشرة وغير مباشرة، وإلى أن المضيّقات الحياتيّة التي على كواهلهم لا تمنعهم من الحفاظ على رسالتهم في القيام بمهنة التعليم.   ما أهمّيّة استهداف الاحتلال كلّ أركان التعليم في غزّة؟ أجابت د. جميلة على هذا السؤال باستعراض تاريخ الاستعمار، وقدّمت أمثلة من تجارب الولايات المتّحدة، والاستعمار الصهيونيّ، والاحتلال العسكريّ في الضفة. وتابعت بأنّ الاستعمار يبدأ دائمًا بالمدارس، باعتبارها المؤسّسة الوحيدة الرسميّة التي تعمل كمنبر للثقافة، حيث السيطرة على المدارس تمثّل السيطرة على الفكر. وأضافت أنه لا توجد وسيلة لمواجهة الاحتلال غير التعليم، بمفاهيمه الموسّعة وليس المدرسة كمؤسّسة، كتعليم وتعلّم، ومعرفة البشر. واستشهدت بما قالته أ. ميسون عن اختيار قواعد اللغة العربيّة، والإنجليزيّة، وتسميع آيات القرآن الكريم، وتفسير بعض الأحاديث النبوية موادّ تعليميّة في ظلّ ظروف طارئة، لأن المعلّم هو من يقرر ما هو أساسيّ للتعليم، ما يتيح له السرد والتعبير عن الإرث الثقافيّ، وعن القضيّة الفلسطينيّة، وما يمرّون به من مصاعب.   ما الدور المجتمعي للمعلّم والمعلّمة الفلسطينيّين خارج إطار التعليم النظاميّ الرسميّ؟ أجابت د. مريم عن هذا السؤال بأنّ المعلّم الفلسطينيّ جزء لا يتجزّأ من الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة، فقد قاد حركات أدبيّة وثقافيّة من شعراء وكتّاب، وحمل راية التوعية والتثقيف في قضايا المواطنة والحقوق في ظلّ غياب الدولة. وأضافت أنّ المعلّم يقوم بعدّة أدوار فعليّة إلى جانب دوره التدريسيّ؛ ممّا أضاف عليه مزيدًا من الأعباء. وقدّمت أمثلة من الواقع لأدوار المعلّم، ومنها: تقديم الدعم المعنويّ والحماية للطلّاب داخل قاعات المدارس أثناء الامتحانات الثانويّة، إلى جانب التعليم الشعبيّ كتقديم التفريغ النفسيّ للأطفال واللعب معهم في المراكز الموجودة داخل الحارات. ذلك فضلًا عن دور المعلّم في إثارة الوعي الوطنيّ والمجتمعيّ في ظلّ حرب الإبادة، وتعزيزه الهويّة الفلسطينيّة والانتماء إلى الوطن والتعريف بتاريخ فلسطين وثقافتها. وبعد أحداث السابع من أكتوبر، قدّم المعلّم الدعم والأنشطة الإنسانيّة والإغاثيّة وأشرف على دور الإيواء، وعزّز القيم الإنسانيّة والتعايش. فالمعلّم هو الشريك الإنسانيّ في بناء المجتمع، ودوره مهمّ ومحوريّ في تحقيق الأمل، على رغم ما يعيشه من تحدّيات وحروب.   المحور الثاني: الوعي المجتمعيّ والأهليّ ودوره في دعم المعلّمين بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من د. محمد عوض شبير من غزّة، تحدّث فيها على أهمّيّة التدخّلات التي تحدث في مراكز الإيواء، واستعادة التعافي التعليميّ من خلال تقديم جرعات تعليميّة تربويّة في الموادّ والمهارات الأساسيّة، من المؤسّسات الرسميّة، وغير الرسميّة، والمتطوّعين، والخرّيجين. وأشار إلى تأثير هذه التدخّلات بأحداثها حراكًا داخل مراكز النزوح، واستجابة عالية من الأطفال والأهالي لحرصهم الكبير على التعليم، وتعويض ما فات على مدار سنة تعليميّة كاملة.   كيف يتشكّل الوعي النقديّ الوطنيّ والاجتماعيّ لدى المعلّم كي يتمكّن من القيام بهذا الدور المهمّ، وكيف ينعكس هذا الوعي على الطلاب؟ أجابت د. جميلة عن هذا السؤال بتشكّل الوعي لدى المعلّم في أوضاع مثل وضع الاحتلال، عندما تصبح المدرسة إحدى ساحات المعارك التي تدور فيها محاولات الاحتلال، والدفاع عنها، وأشارت إلى أنّ المدرّس يتأثّر بهذا الهجوم جسديًّا وماديًّا؛ فالهجوم يكون على المؤسّسة التعليميّة والسيرورة التعليميّة، وقدّمت أمثلة، مثل: الامتناع عن استيراد الكتب، ومنع المعلّمين من حضور المؤتمرات، وقصف الجامعات. كما طرحت سؤالًا مهمًّا: ما الذي يتعلّمه الطفل الفلسطينيّ عن دوره في الحياة؟ وقالت إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلّب ضرورة مناقشة المعلّمين المناهج التي يجب أن يتعلّمها الأطفال؛ إذ إنّ المناهج الحاليّة مموّلة ومفروضة من قِبل الاحتلال. وأكدّت على ممارسة الاحتلال الضغوط السياسيّة، وعلى التعسّر في تقديم تمويل ماليّ للمؤسّسات الفلسطينيّة التي ترفض هذه التدخّلات المفروضة. وأشارت إلى أنّ المناهج الحاليّة تمنع الطلاب من فهم ما يحدث حولهم في فلسطين، وتحديدًا في غزّة، أو تخيّل مستقبلهم. فالاستعمار يجرّد المفهوم التربويّ من بُعديّه السياسيّ والإنسانيّ، ويقلّل حجم المساحات التربويّة "التحرريّة" فتنحصر في بعض الممارسات، ضمن منظار مجتمعيّ عريض ينطبق على المستعمِر ولا يصلح لأهل فلسطين.   ما دور المعلّمين في هذا السياق، وما الذي يحتاج إليه المعلّمون للقيام بهذا الدور، وما دور المجتمع العربيّ والعالميّ والمناصرين للحقّ الفلسطينيّ؟ أجاب د. محمد عن هذا السؤال بأنّ دور المعلّم مركزيّ، وينبع ذلك من مركزيّة التعليم ودوره في المجتمع الفلسطينيّ، وتحديدًا في مراكز اللاجئين. فالتعليم هو القيمة التي يحملها الإنسان، وإن ضاقت به سُبل العيش. وعليه، يولي المجتمع الفلسطينيّ قيمة مهمّة للتعليم، ويظهر ذلك في معدّل تسجيل الفلسطينيّين في المدارس، والجامعات. وهذا ينعكس إيجابيًّا على صورة المعلّم في المجتمع الفلسطينيّ. وأضاف بأنّ المعلّم ذو قيمة في المجتمع الفلسطينيّ نظرًا إلى دوره التعليمي، وهو يحافظ على الرفاه النفسيّ والاجتماعيّ للطلّاب، كما يساعد في قيادة عمليّات توزيع المعونات وإدارة مراكز اللجوء، وتوفير الحاجات الأساسيّة، وينبع ذلك من سلطته الأخلاقيّة على رغم محاولات التهميش وسيطرة الاحتلال على طريقة تفكير المعلّم. ويتّفق د. محمّد مع ما قالته د. جميلة حول التمويل والأجندة المفروضة على المعلّمين، سواء أكانت من منظّمة الأونروا أو المؤسّسة الرسميّة والتعليم الحكوميّ، وعلى أنّ تلك الأجندة قائمة على حقوق الطفل والإنسان من دون أن ندرك أو نفهم ما الذي تعنيه حقوق الإنسان والطفل في السياق الفلسطينيّ؛ فالحرب والإبادة الحاليّة تهدم الإيمان بمنظومة الحقوق ومعناها الحقيقيّ.  وفي الأخير أشار إلى أهمّيّة دور المعلّم في العودة إلى الحالة الطبيعيّة – وهي نسبيّة – في ظلّ الحرب القاسية التي يعيشها الفلسطينيّون. ثمّ عُرضت مداخلة من المعلّمة أسماء مصطفى من غزّة، تحدّثت على ما يتعرّض إليه الأطفال الفلسطينيّون من سلب لأبسط حقوقهم، وهو تلقّي التعليم والتعلّم داخل المدارس التي أصبحت مراكز إيواء، ونصفها الأخر مدمّر جزئيًّا أو بالكامل. وحكت تجربتها في نزوحها الأوّل إلى وسط قطاع غزّة، والثاني إلى شرق رفح، وإقامتها في المكتبة المدرسيّة المليئة بالكتب والقصص؛ حيث قامت بتقسيم الكتب حسب الفئة العمريّة والدراسيّة للطلّاب، وبدأت بتنفيذ أولى جلساتها التعليميّة مع الأطفال بالحكاية. وعلى رغم تغيّر مكان نزوحها الرابع، إلّا أنّ ذلك لم يمنعها من الاستمرار، فقد اشترت الكتب والقصص، وقدّمت أنشطة تصحبها مناقشات عن الدروس المستفادة، ونظّمت أنشطة تلعيب فرديّة وجماعيّة، وأنشطة رسم وتلوين، ومسابقات ثقافيّة، وأناشيد تراثيّة. كان هدفها الأوّل والأساسيّ تعليم الطفل قيمة حياتيّة، وتعزيز سلوكيّات معيّنة، ومحاولة التخفيف عنهم وسط ما يحدث من قصف ودمار.   من يدعم المعلّم في فلسطين؟ من يعطيه القوة المعنويّة للصمود؟ أجابت د. مريم عن هذا السؤال بأنّه لا بدّ للمعلّم من أن يبدأ بنفسه، فقد شكّل الصفوف بنفسه. واستشهدت بمبادرة المعلّمة أسماء كتوفير وسائل تعليميّة خلقت استراتيجيّات ملائمة تواكب الوضع الراهن، ومناسبة للفئة العمريّة للطلّاب. وأشارت إلى الجهود الرسميّة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي المتمثّلة في التدريب، والمساعدة، والتطوّر المهنيّ والدعم. ودور مؤسّسات المجتمع المدنيّ في تنظيم الورش ودعم مبادرات المعلّمين، وتنظيم الفاعليّات، والتدريب وتعزيز مواردهم. فضلًا عن دور المجتمع المحليّ وأولياء الأمور، وتواصلهم مع المعلّمين، وتشجيعهم ورفع معنويّاتهم، ومساعدة المعلّمين والطلّاب على مساءلة المسؤولين عن التعليم في ظلّ الظروف الحاليّة.   المحور الثالث: تجارب تعليميّة في زمن الإبادة. بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من د. محمد عوض شبير من غزّة، يقدّم فيها رسالة إلى الطلّاب الفلسطينيّين بضرورة تماسكهم في هذه الأجواء الصعبة، وما يعيشونه من معاناة، وأن المعلّمين سيكونون أوفياء لحقّ الطلّاب في التعليم؛ فالتعليم حقّ لكلّ طفل وللأجيال القادمة. وقدّم تحيّة لأولياء الأمور الحريصين على أن يتلقّى أطفالهم التعليم، والمعارف، والمهارات، والمعلومات، ويحاربون على رغم المعاناة من أجل الحصول على حقّهم في التعليم، بإحضارهم إلى مراكز النزوح والإيواء لتلقّي التعلّم. كما قدّم رسالة إلى كلّ المعلّمين حول العالم، بأنّنا شركاء ونحمل رسالة التعليم، وهي رسالة إنسانيّة من الدرجة الأولى، وعليهم أن يكونوا صوت المعلّمين والأطفال في فلسطين، كيّ يوقظوا ضمير العالم، لأنّ هناك شعبًا يتعرّض إلى الإبادة من قِبل آلة الحرب المسعورة التي لا ترحم أحدًا، والتي أبادت التعليم. وأنهى مداخلته بتمنيّاته لكلّ أطفال العالم العيش في أمان وسلام. ثم عُرضت مداخلة من المعلّمة أسماء مصطفى من غزّة، أعربت فيها عن رغبتها في تقديم كلّ ما في وسعها لمساعدة الطفل الفلسطينيّ، وعن إيمانها بالطفل الفلسطينيّ ومستقبله. وأنّها تؤمن بدورها كمعلّمة في ظلّ الحرب بتقديم إسعاف أوليّ لقطاع التعليم. وتمنّت انتهاء هذه الأزمة عن قريب، وعودة التعليم إلى أفضل حال. علّقت د. جميلة على هذه المداخلات قائلة: لا يقتصر دور المعلّم الفلسطينيّ على تعليم "موادّ" منهجيّة فحسب؛ بل هو يعلم الحياة لأطفال فلسطين. ولا بد لكلّ المعلّمين حول العالم من تقدير دور المعلّم الفلسطينيّ، وما يقوم به من محاولات دعم الأطفال في فلسطين، وتخفيف معاناتهم. وأشارت إلى أنّ هذا الإيمان الإنسانيّ للمعلّم الفلسطينيّ له دور مهمّ وأساسي، تمكن من خلاله إعادة أحياء ثقافة التربية التي تؤدّي إلى خلق شعب حرّ. أضاف د. محمد بأنّه من المهم إلقاء الضوء على التعليم المقاوم التحرّريّ، وهو الذي يهدف إلى التخلّص من الاحتلال وسلطته المباشرة وغير المباشرة، وأدواته. وتابع بأهميّته في التعليم الفلسطينيّ، فقد مرّ هذا الشعب بالكثير منذ الاحتلال، فلا بدّ للتعليم من أن يكون وسيلة خلّاقة للنظر إلى مستقبل ما بعد الاحتلال. فالنظرة التحرّريّة للمعلّمين في فلسطين تتطلّع إلى المستقبل، وتتمثّل في معاني الأمل، والصمود، والحقوق فجميعها ذات صلّة وثيقة تتعدّى وجود الاحتلال. وتابع بأنّ هناك طرائق للتعليم المقاوم التحرّريّ في السياق الفلسطينيّ، ومنها: قدرة المعلّمين على جمع الشتات الفلسطينيّ. وعلى رغم بناء أنظمة تعليمية بالتوازي، في كافة أماكن التواجد الفلسطينيّ، والتي تذهب إلى توجّهات مختلفة، إلّا أنّها في الأخير متمركزة حول الحقّ الفلسطينيّ، والحقّ في العودة، والحقّ في تقرير المصير. وأكّد ختامًا على ضرورة التعليم الشعبيّ. في سياقٍ متّصل، أشارت د. مريم إلى مبادرة قامت بها جمعيّة مجتمعات محلّيّة في تشرين الثاني / نوفمبر من العام المنصرم، في مدينة جنين الفلسطينيّة، أثناء احتلال المدارس: فقد عقدت لقاءات وتدخّلات لمساعدة الإدارات المدرسيّة والمعلّمين على مواجهة الأزمات وحالات الخطر (ظواهر طبيعيّة أو ناتجة عن الإنسان، أو اجتياحات مدن من قِبل الاحتلال). كما أنّ مركز إبداع المعلّم قدّم العديد من مبادرات الدعم النفسيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ في غزّة. وختمت كلامها بأنّ الجميع يحاول أن يقدّم كلّ المساعدات الممكنة.   أسئلة الجمهور حول مثال تجربة المربيّ الجزائريّ عبد الحميد بن باديس، وأهمّيّة الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة في العالم، علّقت د. جميلة بأنّ هناك بعض الجامعات داخل فلسطين قدّمت مبادرات تعليم إلكترونيّة، وتبحث عن متطوّعين للتدريس. وأشارت إلى أنّ هذه المبادرات تُعدّ فرّصة لتواصل طلّاب غزّة الجامعيّين مع العالم من حولهم، وتنادي بالمشاركة في هذا التواصل وضرورة التطوّع. وحول مستقبل التعليم في غزّة مع تمويله من جهات غربيّة أو منظّمات حكوميّة، وكيف سيتحقّق التعلّم التحرّريّ في ظلّ ذلك؟ أجاب د. محمد بأنّ التعليم الفلسطينيّ في ظلّ اتّفاقيّة أوسلو كانت مناهجه مرتبطة بإرادة المموّل، كما أنّ هذه المناهج لم يتمّ تحديثها مطلقًا، وعزا ذلك إلى ارتباط التعليم بأكمله بالمموّل الدوليّ، فضلًا عن غياب السيادة الفلسطينيّة، ووجود حالة من الفساد. ويمكن مستقبلًا التفكير في روافد عربيّة أو إقليميّة أو فلسطينيّة، سواء من رجال أعمال أو خيرييّن، وذلك سيمثّل استقلالًا وطنيًا.   واختُتِمت الندوة برسالة من الأستاذة أسماء مصطفى لطلبتها. 

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

هل هناك معلّم بلا تخطيط؟
التخطيط من الأشياء التي نحتاج إليها في حياتنا، فهو المسؤول عن تنظيمها بالشكل الأمثل، وهو ما يمهّد الطريق الذي يمكن أن نسلكه، حتّى نصل إلى... تابع القراءة
اكتساب المعرفة: رحلة بين التفكير والتحصيل
تُعدّ المعرفة جانبًا أساسيًّا من الوجود الإنسانيّ، إذ هي الأساس الذي يبني عليه الفرد فهمه العالم، وبها يستطيع التغلّب على تعقيدات الحياة،... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

منيرة عبد الرحمن- معلّمة تكنولوجيا وإعلام آليّ ومدرّبة- الجزائر

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ يكون التعليم 30% نظريًّا، و70% تطبيقيًّا يعتمد البحث وإدارة مشاريع فرديّة أو جماعيّة، لاكتساب الكثير من المعارف. فيكون هناك نقاش بين الطلّاب؛ ممّا يعزِّز الانفتاح العقليّ.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ إلى حدّ بعيد؛ فإذا كانت المناهج تعتمد الاثنين في آن واحد، أي إذا كانت المناهج التربويّة تحتوي على مهارات اجتماعيّة تُكتـسَـب بالتعليم، فسيستفيد الطالب من كليهما.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ مواكبة العصر بما فيه من تطوّرات علميّة وتكنولوجيّة، ولا سيّما الذكاء الاصطناعيّ الذي يخدم بدوره الطالب بشكل فعّال ومفيد، والثناء على المكتسبات العميقة والقديمة كلّها، والتي لا نستطيع الاستغناء عنها، والتي طالما خدمت الطالب مسبقًا - طالب اليوم معلّم الغد - قبل ظهور الذكاء الاصطناعيّ (AI).   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ عندما يكون هدفه الوحيد تطوير المنهاج التعليميّ ومساعدة المعلّمين على تطوير مهاراتهم وقدراتهم، لأداء أفضل وبلوغ الأهداف التربويّة المنشودة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ يعمل المعلّمون والإداريّون وأولياء الأمور على الأساليب الناجعة على مدى السنوات الدراسيّة، لتفادي الكثير من الاصطدامات التي تكون في الصفّ. علينا إدراج العمل الجماعيّ لخلق روح التعاون والتآزر والحدّ من الخلافات، فضلًا عن تعزيز العمل التنافسيّ لوضع الطالب في حالة دائمة من البحث والتفكير، وجعله يتقبّل التفوّق والتميّز عن غيره. كما يتقبّل، من ناحية أخرى، عدم تفوّقه، فهو يبحث ليتميّز. كما يجب أن يكون الصفّ نشطًا وحيويًّا لا يجد الطالب فيه وقتًا للنزاع مع صديقه، بالإضافة إلى ضرورة معرفة الحقوق والواجبات في الصفّ، بوضع ميثاق الصفّ، ومن يخالف يُجازى ومن يبادر بالعمل الجيّد يُكافَأ.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ لا يعدّ استخدام الأدوات التكنولوجيّة إيجابيًّا دائمًا. كما أنّنا لا نستطيع الاستغناء عنها كليًّا، فهي تعزِّز المعارف والمكتسبات بطريقة سريعة ويسيرة؛ ممّا يخلق جوًّا مريحًا في اكتساب المعلومات. لكن سرعان ما تنشأ الاعتماديّة الزائدة، فيصبح المعلّم والطالب يعتمدان بالدرجة الأولى على الوسائل التكنولوجيّة دون غيرها من الطرق البيداغوجيّة. فإذا قلَّت أو انعدمت، فالبديل يكون صعبًا. لذلك، لاستعمالها حدود لا تتعدّى حدود القلم والورقة، فلكلٍّ دوره في اكتساب المعارف واستغلالها؛ فلا إفراط ولا تفريط.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ في نظري، نعم، تدخّل الأهل مصدر داعم في تعلّم أبنائهم، لكن إذا كان في نطاق منظّم، أي لا يتعدّى الأهل الحدود المدروسة في المرافقة الدراسيّة لأولادهم، بحيث يتركون مسافة التعلّم و اكتساب المهارات لأبنائهم. فالمراقبة والإرشاد والمساعدة تكون عند الحاجة، بتوفير المكان والزمان والحاجيّات التي تساند الطالب وتساعده على التميّز وإخراج أفضل ما فيه. فالبيئة الداعمة ثمارها طازجة وناضجة.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا أجد أنّه من المستحسن التخلّي عن الكتاب المدرسيّ تخلّيًا كاملًا أبدًا، لأنّه أحد أهمّ الوسائل الرئيسة في التدريس. فهو يُعرَف بالمعلّم الصامت، إذ يرجع إليه الطالب في كلّ مرّة، للمراجعة أو حلّ تمارين، وحتّى في بعض الأحيان للمطالعة، ككتب الأدب العربيّ. فالكتاب المدرسيّ صديق الطالب الوفيّ الذي يحتوي على المادّة العلميّة التي يحتاج إليها في كلّ مادّة.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ يحتاج التدريس ذاكرة فتية تحتاج بدورها إلى مواد كيميائيّة- هرمونات تفرز عند النوم الجيّد- طوال اليوم، لتقدِّم أفضل ما لديها من قدرات على اكتساب المعلومات، وتنقص هذه الهرمونات تدريجيًّا خلال ساعات اليوم. لذلك، من الأفضل أن يكون التدريس في الفترة الصباحيّة، حيث تكون الهرمونات في أعلى قيمتها، ويجب أن تتراوح مدّة التدريس من خمس إلى ستّ ساعات فقط في اليوم، هذا من الجانب الصحّيّ والعلميّ. أمّا من الجانب التربويّ، فيكون في أعلى قيمته وأحسن مردوديّته لأنّ الطالب يتمتّع بنشاطه وقدرته على الاستيعاب. وأمّا الجانب الشخصيّ، فيتسنّى للطالب الوقت لممارسة حياته الاجتماعيّة.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. إذا لم تكن رواية، فهي مقولة شهيرة لآدم سميث: "دعه يعمل؛ دعه يمرّ". والسبب الذي جعلني أختار هذا القول ما وصلنا إليه من تفضيل تحصيل الدرجات على التحصيل العلميّ. أمّا الرواية فاخترت "البحث عن الزمن المفقود" لمارسل بروست، إذ تتلاقى أحداثها مع حال المعلّم الذي يبحث دائمًا عن شعاع، أو نبرة صوت يحسّن بها أداءه، وذلك بالملاحظة والتدقيق والتأمّل المستمرّ.

خديجة يعقوبي- معلّمة- المغرب/ قطر

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ في ظلّ التغيّرات المتسارعة التي يعيشها عالمنا اليوم، والأحداث الكثيرة والمتتالية؛ يكون شكل التعليم الذي أتوخّاه مرتكِزًا إلى ما يلي: - ربط التعلّم بالواقع والتركيز على المهارات الحياتيّة التي يحتاج إليها الطلّاب، بهدف الاستعداد لمواجهة الواقع الحياتيّ عامّة، والعمليّ خاصّة. - التعلّم القائم على المشاريع، والذي من شأنه أن يدرِّب الطلّاب على تطبيق المهارات الضروريّة وربطها بالمفاهيم الأساسيّة. - استخدام التقنيات المتقدِّمة، حيث ستدعم تعلّم الطلّاب دعمًا فعّالًا، وتتيح لهم، في الآن نفسه، فرصة استخدام أحدث الأجهزة والتقنيّات التعليميّة لتطوير تعلّمهم وجعله أمتع وأشوق. - تعزيز التفاعل والمشاركة الصفّيّة التي تشجِّع الطلبة وتبثّ فيهم روح الحماس داخل الصفّ. - الدعم الشخصيّ، ويشمل وجود معلّمين متفهّمين وداعمين ومشجِّعين، بالإضافة إلى خدمات الإرشاد النفسيّ والأكاديميّ.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يعدّ التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة قضيّة مهمّة في مجال التعليم. كما يشكِّل التحدّي الأوّل أمام المعلّمين في عصرنا الحاليّ، حيث يتطلّب التوفيق بينهما إحداث نوع من التكامل والتناغم في عمليّة التعليم؛ ويشمل ذلك عمليّة التخطيط وتصميم البرامج التعليميّة المناسبة على مستوى الاستراتيجيّات التعليميّة، وتطوير عمليّة التقييم، وتدريب المعلّمين على مواكبة المستجدّات في مجال التعليم... وغيرها من الطرق التي من شأنها تحقيق التكامل بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والعلميّة، بناءً على البرامج الحديثة.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ في ظلّ ما يشهده العصر من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؛ أصبح دورنا نحن- المعلّمين- أن نكون مطّلعين على التطوّر التكنولوجيّ الهائل الذي نعيشه وطلابنا، بالإضافة إلى أنّ دورنا يظلّ أساسيًّا وضروريًّا في تطوير المهارات الحيّة مثل التفكير الناقد، وحلّ المشكلات، والتعاون، والاتّصال، فضلًا عن تعزيز الجانب الأخلاقيّ والقيميّ. وكذلك التوجيه والإرشاد، ولا سيّما في ما يخصّ استخدام التكنولوجيا بطرق مناسبة ومسؤولة. وكلّها مهمّات يعجز الذكاء الاصطناعيّ عن تأديتها.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسات التعليميّة حينما يتمكّن المشرفون التربويّون من تحديد احتياجات المعلّمين بدقّة؛ بمعنى أن تكون عمليّة الإشراف التربويّ تعاونيّة بين أطراف العمليّة التعليميّة كافّة، وشاملة جميع الجوانب الخاصّة بالبيئة التعليميّة، وإنسانيّة كذلك، تعترف بقيمة الأفراد ودورهم في العمليّة. وأخيرًا أن تكون مستمرّة ودائمة على امتداد السنة الدراسيّة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ من وجهة نظري، تختلف الأساليب الناجعة لحلّ النزاعات بين الطلاب حسب طبيعة النزاعات ودرجة حدّتها. فهناك نزاعات قد تُحلّ بالتوجيه والإرشاد من المعلّم، أو بالنقاش بين الأطراف المتنازعة كنوع من التأمّل في الحادثة أو الموقف. وهناك حوادث قد تحتاج إلى تدخّل أطراف أخرى داخل المجتمع المدرسيّ، ولا سيّما بعد تكرّر الحادثة أكثر من مرّة، كالاختصاصيّة الاجتماعيّة أو مسؤول السلوك، وأحيانًا أولياء الأمور.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ استخدام التكنولوجيا أصبح ضروريًّا ولا يمكن الاستغناء عنه، غير أنّ الأمر يحتاج طبعًا إلى ضوابط، وتبنّي مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الحدود اللازمة للاستخدام، مثل أن تكون هناك مراقبة دائمة، وكذلك تحديد الأمان والخصوصيّة، والاستخدام المفرط وغير المعقلن للتكنولوجيا. لذلك، فاستخدام التكنولوجيا يظلّ إيجابيًّا طالما يتمّ وفق ضوابط محدّدة وواضحة.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ عادةً ما يكون الأهل مصدر دعم لتعلّم أبنائهم، غير أنّ هذا لا يحدث دائمًا. فإذا كانت متابعة الأهل إيجابيّة ومعزِّزة لجهد الطفل مهما كانت النتائج فهذا أمر إيجابيّ؛ أمّا إذا كان التدخّل عامل ضغط نفسيّ تكون فيه العلامة هي الهاجس الأوّل والأخير، فالأمر يأخذ منحى سلبيًّا، وينعكس أحيانًا على الطالب انعكاسًا سلبيًّا. لذلك، تدخّل الأهل يكون مناسبًا حسب حاجة الطفل وحالته، فإن كان الطفل، مثلًا، يواجه تحدّيات تعلّميّة فقد يكون تدخّل الأهل ومتابعتهم ضروريّة لتجاوز تلك التحدّيات، شريطة أن يكون التدخّل مبنيًّا على تشخيص مناسب لنوعيّة التحدّيات التي يوجهها الطفل، وأن يكون مقرونًا بقدرة الأهل على تقديم الدعم المناسب.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا أتّفق مع هذا الطرح، فالحاجة إلى الكتاب تظلّ ملحّة مهما تطوّرت وسائل التعليم الحديثة، فالدمج بين التكنولوجيا وقراءة الكتب أمر ضروريّ في الوقت الحاليّ، وهناك تجارب في هذا المجال، فالسويد، مثلًا، قرّرت العودة إلى الاعتماد على الكتب بعد انقطاع. وبالتالي، فالدمج بين الطريقتين التقليديّة واستخدام الوسائط التكنولوجيّة يظلّ الطريقة الأسلم لخلق توازن على مستوى المصادر وطرق التدريس.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ تتوقّف مدّة الدوام المدرسيّ على المراحل الدراسيّة، وكذلك النظام التعليميّ المتَّبع. لكنّ معدّل 20 إلى 30 ساعة أسبوعيًّا يعدّ كافيًا من وجهة نظري. وذلك بناء على تجارب عالميّة رائدة في مجال التعليم، كتجربة دولة فنلندا.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. ربّما أختار رواية "مئة عام من العزلة" لكاتبها غابرييل غارسيا ماركيز، وذلك لعمق معانيها ورسائلها التي تبحث في أعماق رحلة الحياة ومساراتها المتناقضة، حيث تبحث الرواية في العزلة والوحدة والعلاقات الإنسانيّة المعقّدة. وهذه الموضوعات يجب أن تكون محطّ اهتمام الطلبة، والرسائل المتضمّنة فيها قد تكون مهمّة لتوجيه الطلّاب لفهم أعمق لذواتهم والعالم من حولهم، كما من شأنها أن تعزِّز فهمهم العلاقات الإنسانيّة وأثرها في تجربتهم في التعليم عامّةً ونموّهم الشخصيّ خاصّةً.

فداء عمران فاتوني- معلّمة لغة عربيّة ودراما- فلسطين

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ أحبّ التعليم القائم على الاكتشاف والبحث، والذي يعطي مساحة للمتعلّم في المشاركة في العمليّة التعليميّة. وأحبّ استخدام الأفلام والرحلات التعليميّة والنقاشات ولقاء شخصيّات معيّنة، بهدف الحصول على المعلومة.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ من المفترض أن تكون البرامج التعليميّة قائمة في بنائها على تعليم المهارات الاجتماعيّة، أن تكون كلاهما مكملة للأُخرى، لبناء طالب متكامل، قادر على استخدام المعرفة ضمن مهارات اجتماعيّة، وهذا أهمّ سبب من أسباب النجاح؛ التكامل المعرفيّ والاجتماعيّ.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ الذكاء الاصطناعيّ بات سلاحًا ذا حدّين، في جميع مجالات الحياة. أنا كمعلّمة استخدم التكنولوجيا مع طلّابي كوسيلة للتأثير فيهم اجتماعيًّا وسلوكيًّا، وأن أكون قدوة لهم. ومن خلال حساباتي على مواقع مختلفة ومتابعة طلّابي لي، بدأ عدد منهم محاكاتي في الكتابة والتصوير، ومشاركة يوميّات لطيفة تحملُ محتوى وهدفًا، على عكس ما كانوا عليه في السابق، هناك من بات منهم مهتمًّا بنوعيّة الأفلام والمسلسلات التي أشاهدها وأتحدّث عليها على صفحاتي. أعتقد أنّنا بحاجة إلى معلّمين ومؤثّرين خارج حدود المدرسة، لأنّ من السهل الوصول إلى المعلومات، ولكنّ طلّابنا بحاجة حقيقيّة إلى مستمع جيّد، ومحاور متفهّم، وقدوة سليمة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ عندما يكون المشرف لديه خبرة وتجربة، وعندما يكون الهدف من الإشراف التعاون لتصحيح جانب معيّن، أو المساعدة في بناء فكرة أو خطوة مختلفة. الإشراف التربويّ في مدارسنا قائم على وضع علامات للمعلّم، بناءً على أعمال كتابيّة يقوم بها الكثير من المعلّمين خوفًا من تقييم المدير أو المشرف التربويّ، وهي أعمال لا تُسمن ولا تغني من جوع. لا يوجد دور واضح وفعّال للإشراف التربويّ؛ هو مجرّد مسمّى استُحدث في التربية، وفي كثير من الأحيان يكون المشرف التربويّ معلّمًا سابقًا لا يملك من الخبرة والثقافة ما يؤهّله ليكون موجّهًا وميسّرًا لمعلّمين آخرين.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تعودُ وفقًا لنوع النزاع وشكله، وأطراف النزاع. أنا أستخدم أسلوب العقاب في حال كانت ردود أفعال الطلّاب غير مهذّبة، خصوصًا خلال التعامل معي أثناء مشاركتي في حلّ النزاع. ولكن في الغالب أتّبع أسلوب الحوار والنقاش، وأراعي الخلفيّة الدينيّة والثقافيّة لكلّ طالب. وأعتقد أنّه من الجيّد حلّ النزاع من دون تدخّل أيّ طرف آخر إن استطاع المعلّم، ولكن أحيانًا نكون بحاجة إلى تدخّل المرشد، أو معلّم يمتلك قبولًا عند الطلاب، وفي النهاية من الممكن أن يتدخّل المدير.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ التكنولوجيا باتت شرًّا لا مهربَ منه، فلا أستطيع كمعلّمة لطلّاب حياتهم قائمة على التكنولوجيا، تجاهل دورها أو عدم استخدامها بين الحين والآخر. والحقيقة أنّني أستخدمها في عرض قصائد أو أفلام معيّنة، وأحيانًا في عرض صور لفكرة يناقشها الدرس.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ الأولاد في المدارس في كثير من الأحيان هم مرآة أهلهم، وتدخّل الأهل، في الغالب، يكون في منتصف الرحلة، أي عندما يكون المعلّم والمدرسة حاولوا مساعدة الطالب، أكاديميًّا أو سلوكيًّا. وفي كثير من الأحيان، لتدخّل الأهل أثر جيّد، وأحيانًا أُخرى يكون عديم الفائدة، لأنّ هناك من يعتقد، وخصوصًا في المدارس الخاصّة، أنّ مقابل هذا المبلغ الكبير الذي أدفعه للمدرسة، على المدرسة حلّ جميع المشاكل، وعلى المعلّم أن يكون ساحرًا وخارقًا في التعامل مع الطالب مهما كان حجم المشكلة أو نوعها.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا أعتقد، بل على العكس، نحنُ بحاجة إلى إعادة توجيه هذا الجيل إلى اقتناء الكتب، والحديث بطريقة مليئة بالدراما عن المكتبات والكتب وعلاقة الكتاب السليمة من ناحية صحّيّة ونفسيّة مع الإنسان، لأن بديل الكتاب هو "الآيباد" أو الهاتف المحمول، وكم لهذه الأجهزة من تأثير سلبيّ في صحّة الطلّاب الجسديّة والنفسيّة.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ خمس ساعات. لأنّ وضع الطالب مقيّدًا بين أربعة جدران، ضمن قائمة من القوانين، وفي مساحة مكانيّة صغيرة (الطاولة والكرسيّ) لحوالي ثماني ساعات، هو أوّل سبب لنفوره من المدرسة، وعدم قدرته على استقبال المعلومات. الطالب بحاجة إلى الحرّيّة الجسديّة والفكريّة ليحلّق عاليًا.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. رواية "كائن لا تحتمل خفّته"، للكاتب ميلان كونديرا. شعرت في الرواية أنّ الكاتب يطرح الكثير من الأسئلة، ولا يعطينا إجابات تؤكّد على أيّ شيء، بل يبحث عن أسئلة ويطرحها. وأنا في التعليم لا أعطي أجوبة، بل أقدّم أسئلة، وفي كثير من الأحيان أكتفي بسماع الإجابات من دون تصحيحها.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

كيف تبسِّط الدروس التاريخيّة لطفلك؟

يُعدّ نقل المعرفة التاريخيّة للأطفال مسعى قيِّمًا يعزِّز فهم العالم ونسيج الأحداث الغنيّ بها. لكنّ التحدّي يكمن في تقديم الدروس التاريخيّة المعقّدة بطريقة تجذب انتباه الطفل، وتجعل الماضي ينبض بالحياة بالنسبة إليه. في هذا المقال، نعرّف بعض الاستراتيجيّات الفعّالة لتبسيط الدروس التاريخيّة للأطفال، ممّا يجعل التعلّم تجربة ممتعة ومفيدة.   كيف يمكن تعليم الدروس التاريخيّة للأطفال بطرق مبسّطة؟  هناك العديد من الاستراتيجيّات التي يمكن للآباء والمعلّمين ومقدّمي الرعاية استخدامها لتبسيط الدروس التاريخيّة، وتنمية اهتمام حقيقيّ بالأحداث التي تتكشّف في العصور الماضية. إليك أهمّها:   سرد القصص  يحبّ الأطفال القصص والتاريخ مليء بالقصص الرائعة التي يتوق طفلك إلى معرفتها. ولكن، بدلاً من سردها بالتواريخ والأسماء، انسِج الحقائق التاريخيّة في حكايات جذّابة. أنشئ شخصيّات وسيناريوهات تعيد الحياة إلى التاريخ، فيمكنك مثلًا سرد قصص عن مغامرات المستكشفين، أو شجاعة الشخصيّات التاريخيّة، أو التحدّيات التي واجهتها الحضارات المختلفة، حيث تصوير التاريخ في إطار قصصيّ يجعله صعب النسيان. الوسائل البصريّة تعدّ المساعدات البصريّة أدوات قويّة لتبسيط المفاهيم التاريخيّة، كدمج الصور والخرائط والرسوم البيانيّة لتوضيح الأحداث والجداول الزمنيّة. فكِّر في أن تشاهد معه الأفلام الوثائقيّة أو مقاطع الفيديو المتحرِّكة أو الأفلام التاريخيّة المناسبة عمره. لا يعزِّز التمثيل البصريّ الفهم فحسب، بل يثير الفضول أيضًا. شجِّع طفلك على رسم أو صياغة مشاهد من التاريخ، وتحويل التعلّم إلى مسعى إبداعيّ. توظيف التفكير النقديّ شجِّع طفلك على استكشاف التاريخ بعقليّة نقديّة، بطرح أسئلة محفّزة للتفكير، مثل "لماذا؟" و"كيف؟"، والتي تساعده على اكتشاف الأحداث التاريخيّة وفهم الدوافع وراءها. توفِّر مناقشة رغبات الحكّام في السيطرة والسعي وراء الثروة عبر التاريخ رؤى حول معرفة السلوك البشريّ. يطوِّر الأطفال مهارات تحليليّة تمتدّ إلى ما هو أبعد من دراسة الماضي، بطرح الأسئلة التي تحفِّز التفكير في العوامل المؤثّرة في القرارات التاريخيّة. الأنشطة العمليّة  لا يتعلّق التاريخ بالحقائق فحسب، بل بالتجارب أيضًا. إشراك الأطفال في الأنشطة العمليّة التي تحاكي الأحداث التاريخيّة، سواء أكان ذلك بناء أنموذج لحضارة قديمة، أم المشاركة في إعادة تمثيل تاريخيّ، أم طهي طبق طعام يعود إلى حقبة تاريخيّة محدّدة، تسهِّل هذه الأنشطة فهم طفلك التاريخ، لأنّ المشاركة العمليّة تعزِّز فهمًا وتقديرًا أعمق للماضي.  زيارة المواقع التاريخيّة  يوفِّر السير على خطى الذين عاشوا في عصور مختلفة تجربة تعليميّة فريدة وغامرة. لذلك، اصطحب طفلك لزيارة المواقع التاريخيّة كلّما أمكن، حيث توفِّر المتاحف والمعالم التاريخيّة ومعارض التاريخ الحيّ بيئة غنيّة بالحواس تعزِّز فهم الطفل الأحداث التاريخيّة، وتخلق الرحلات الميدانيّة ذكريات دائمة، ويمكن أن تثير اهتمام طفلك بالتاريخ مدى حياته.  ربط الدروس التاريخيّة باهتماماته اربط الدروس التاريخيّة باهتمامات طفلك. إذا كان طفلك يحبّ الحيوانات، فاستكشف الفترات التاريخيّة التي أدّت فيها حيوانات معيّنة أدوارًا مهمّة. أمّا إذا كان طفلك يحبّ الفنّ، فتعمّق في الحركات الفنّيّة في العصور المختلفة. فإنّك تجعل تعلّم التاريخ أكثر سهولة ومتعة بالنسبة إليه، بمواءمة المحتوى التاريخيّ مع اهتماماته. تشجيع طرح الأسئلة  عزِّز فضول طفلك بتشجيعه على طرح الأسئلة. كن صبورًا في الإجابة عن استفساراته، وإذا كنت لا تعرف الإجابة، فحاول اكتشافها معه، وتذكّر استخدام لغة مناسبة لعمر طفلك، وتجنّب إغراقه بالتفاصيل المفرطة. بذلك، تبني لدى طفلك اهتمامًا وفضولًا أكبر تجاه تعلّم التاريخ والتفكير النقديّ المتعلّق بالماضي.  خلق حوار تاريخيّ إشراك طفلك في المناقشات حول التاريخ يعزِّز افتتانه بها بطريقة غير مباشرة. شارك حبّك الأحداث التاريخيّة، واستمع إلى أفكار طفلك، ثمّ ناقش معه أوجه التشابه والاختلاف بين الماضي والحاضر، حيث يعزِّز تشجيع الحوار الفهم العميق، ويساعد الأطفال على رؤية التاريخ موضوعًا حيًّا ومتطوِّرًا. الألغاز التاريخيّة يعدّ اللعب طريقة رائعة لجعل تعلّم التاريخ ممتعًا للأطفال. استفد من الألعاب التاريخيّة الورقيّة أو الألغاز أو الألعاب التفاعليّة في الإنترنت المصمّمة لتعليم المفاهيم التاريخيّة. فغالبًا ما تشمل هذه الألعاب تحدّيات واختبارات وعناصر حلّ المشكلات، ممّا يحوِّل عمليّة تعلّم القصص التاريخيّة إلى تجربة ممتعة وتفاعليّة، باستيعاب طفلك المعلومات التاريخيّة أثناء الاستمتاع بوقته.  إنشاء جدول زمنيّ معًا  يعدّ إنشاء جدول زمنيّ وسيلة مساعدة بصريّة فعّالة، تساعد الأطفال على فهم الترتيب الزمنيّ للأحداث التاريخيّة. أنشئ مع طفلك جدولًا زمنيًّا على قطعة كبيرة من الورق أو منصّة رقميّة، واستخدم علامات أو ملصقات أو صور ملوّنة لتمثيل فترات وأحداث تاريخيّة مختلفة. لا يعزِّز هذا النشاط العمليّ تسلسل الأحداث فحسب، بل يوفِّر مرجعًا مرئيًا لطفلك لإعادة النظر فيه وتعزيز فهمه بمرور الوقت أيضًا.   * * * ينطوي تبسيط الدروس التاريخيّة للأطفال على الإبداع والمشاركة وإطلاق العنان للخيال، باستخدام رواية القصص، والمساعدات البصريّة، والأنشطة العمليّة، وزيارة المواقع التاريخيّة، والاتّصال باهتماماتهم، وتشجيع طرح الأسئلة، وتعزيز الحوار، وبالتالي يمكنك جعل الموضوعات التاريخيّة أكثر إثارة. وعليه، لا تنقل هذه الاستراتيجيّات المعرفة القيّمة فحسب، بل تغرس في طفلك حبًّا أبديًّا للتعلّم عن النسيج المذهل لتاريخنا البشريّ المشترك أيضًا.   المراجع https://www.safariltd.com/blogs/toys-that-teach/fun-ways-for-kids-to-learn-about-history  https://thesecretlifeofhomeschoolers.com/8-great-ways-to-make-history-exciting/       

تجارب علميّة للأطفال: كيف تثري معرفة طفلك الفضوليّ؟

الأطفال كائنات فضوليّة تتوق دائمًا إلى استكشاف العالم من حولها. لذلك، لا يعزِّز تشجيع هذا الفضول الفطريّ بالتجارب العلميّة حبّ التعلّم فحسب، بل يساعد في تطوير المهارات المعرفيّة ومهارات حلّ المشكلات المهمّة أيضًا. في هذا المقال، نتطرّق إلى أهمّيّة التجارب العلميّة للأطفال ونقدِّم مجموعة من التجارب المثيرة والتعليميّة التي يمكنك إجراؤها مع طفلك بسهولة في المنزل.   أهمّيّة التجارب العلميّة للأطفال في السنوات التكوينيّة لتعليم الطفل، تلعب التجارب العلميّة دورًا محوريًّا في تشكيل فهمهم العالم وتنمية شغفهم بالعلم، حيث يوفِّر التجريب العمليّ وسيلة فريدة للأطفال، للتفاعل بنشاط مع المبادئ العلميّة، إلى جانب الكتب المدرسيّة والمعرفة النظرية. إليك أهمّيّة التجارب العلميّة للأطفال:      الخبرة العمليّة توفِّر التجارب العلميّة منهجًا عمليًّا للتعلّم، ممّا يسمح للأطفال بلمس الأشياء والشعور بها والتلاعب بها. تساعد هذه التجربة الحسّيّة على ترسيخ المفاهيم المجرّدة وتعزيز فهمهم المبادئ العلميّة.  التفكير النقديّ وحلّ المشكلات  يتعلّم الأطفال التفكير النقديّ وحلّ المشكلات، بالانخراط في التجارب، حيث يطوّرون القدرة على الملاحظة والافتراض والتجربة واستخلاص النتائج، وهي مهارات ذات قيمة في العلوم وجميع جوانب الحياة.  إثراء فضول الطفل  تعمل التجارب العلميّة على تغذية فضول الطفل، وتشجّعه على طرح الأسئلة والبحث عن الإجابات. يضع هذا الاكتشاف المدفوع بالفضول أساس حبّ التعلّم والاكتشاف مدى الحياة.  التعلّم المبكر لبرنامج STEM يمكن لتعريف الأطفال بالعلوم في سنّ مبكرة أن يثير الاهتمام في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات. كما يمكن أن يؤثِّر كثيرًا في خياراتهم المهنيّة المستقبليّة، ولا سيّما في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على المهارات المتعلّقة بهذه المجالات الأربعة.  أمثلة على تجارب علميّة للأطفال  دعونا نتعمّق في عالم العلوم ونستكشف مجموعة مختارة من التجارب العلميّة الجذّابة والمصمّمة للأطفال الفضوليّين خاصّة: التفاعلات الكيميائيّة الملوَّنة  أنشئ عرضًا مذهلًا بصريًّا للسوائل المتغيّرة اللون، بمزج الماء وصودا الخبز والخل، مع إضافة بضع قطرات من ألوان الطعام لزيادة إثارة المشهد العلميّ. لا توضح هذه التجربة التفاعلات الكيميائيّة فحسب، بل تقدِّم مفهوم الرقم الهيدروجينيّ أيضًا. البركان اليدويّ ابنِ بركانًا باستخدام الطين أو العجين ومحاكاة ثوران البركان، بالجمع بين صودا الخبز والخل. لا تُعلِّم هذه التجربة الكلاسيكيّة الأطفال عن النشاط البركانيّ فحسب، بل توفِّر فرصة لمناقشة العلم الذي يقف وراءه أيضًا. تجربة البيضة العائمة  استكشف مفهوم الكثافة، بوضع بيضة في سوائل مختلفة، مثل الماء والمياه المالحة وماء السكر. لاحظ كيف يتغيّر طفو البيضة بتغيّر أحوالها، ممّا يوفِّر نظرة ثاقبة لمبادئ الفيزياء.  صاروخ البالون  اشرح أسس الفيزياء باستخدام صاروخ بالون بسيط. اربط شريطًا بين جدارين ومرِّره عبر أنبوب، وألصق بالونًا بالأنبوب، ثمّ انفخ البالون وأحكمه بيدك، ثمّ أفلته. سيدفع البالونَ اندفاعُ الهواء منه إلى الأمام، وسيدفع الأنبوبَ كذلك. توضِّح هذه التجربة قانون نيوتن الثالث للحركة: "لكلّ فعل ردّ فعل مُساوٍ له في القوّة ومعاكس له في الاتّجاه".  زراعة البذور  يمكنك تعزيز فهم علم الأحياء بتأدية تجربة زراعة البذور مع طفلك، ومراقبة عمليّة الإنبات، حيث تسمح هذه التجربة للأطفال بمشاهدة دورة حياة النباتات، وتعليمهم أهمّيّة الماء وضوء الشمس والتربة للنباتات.  التحليل اللونيّ   احصل على الحلوى الكرويّة الملوّنة، وزّعها على أطراف صحن وأضف الماء الساخن إليها، ستذوب الطبقة الخارجيّة للحلوى، والتي غالبًا ما تكون مصنوعة من السكّر الملوّن. شاهد مع طفلك لون الحلوى، وهو يبدأ بالزحف ببطء نحو منتصف الطبق، ممّا يحدِث تأثير قوس قزح مذهل. الفراشة الكهربائيّة  شكِّل فراشة من قطعة من الورق، ثمّ اربطها بماصّة الشرب، ثمّ ثبّتها على حافّة الطاولة. افرك بالونًا بقطعة من الصوف لتوليد كهرباء ساكنة، ثمّ امسك البالون المشحون بالقرب من فراشة الورق. شاهد بدهشة كيف تبدأ الفراشة بالرفرفة من دون أيّ اتّصال جسديّ. تُعرِّف هذه التجربة الأطفال بمفهوم الكهرباء الساكنة ومبادئ الشحنات الإيجابيّة والسلبيّة، مع تعزيز الشعور بالدهشة والإثارة.   * * * يعدّ إشراك الأطفال في التجارب العلميّة طريقة رائعة لإثراء معارفهم وتحفيز فضولهم. لا تجعل هذه الأنشطة عمليّة التعلّم ممتعة فحسب، بل تضع أساس تقدير العلوم مدى الحياة أيضًا. لدينا نحن، الآباء والمعلّمين، القدرة على تشكيل المستقبل بتعزيز حبّ الاكتشاف في العقول الشابّة اليوم. لذا، شمِّر عن سواعدك، واجمع بعض المواد البسيطة، وانطلق في رحلة استكشاف علميّ مع طفلك الفضوليّ.     المراجع https://www.weareteachers.com/easy-science-experiments/   https://www.sciencefun.org/kidszone/experiments/top-science-experiments-for-kids/  

التوحّد وتعلّم اللغة: كيف يتعلّم طفلك المصاب بالتوحّد اللغة؟

يبدأ جميع الأطفال بتطوير اللغة منذ يوم ولادتهم بالتفاعل مع محيطهم، والاستماع إلى الأحاديث واللعب مع الآخرين، إلّا أنّ الأطفال المصابين بالتوحّد يحتاجون إلى الدعم لتطوير مهاراتهم اللغويّة. ويعود سبب تأخّرهم في تعلّم اللغة إلى التركيز على التفاصيل والمشتتّات التي تحيطهم، لأنّهم يلتفتون إلى أدقّ التفاصيل.   هل يعوق التوحّد تعلّم اللغة؟ قد يواجه بعض أطفال التوحّد مشكلات في المعالجة السمعيّة التي تفسّر بها أدمغتهم الكلمات التي يسمعونها. وقد يواجه آخرون صعوبة في المهارات الحركيّة اللازمة، لتكوين الكلمات، مثل تنسيق حركات الفم واللسان المستخدمة في التحدّث.   متى يتكلّم الطفل المتوحّد؟  قد يبدأ بعض الأطفال المصابين بالتوحّد في التحدّث بين 12-16 شهرًا، وبعضهم يبدأ بين عمر سنتين وثلاث سنوات، وقد يأخذ الطفل وقتًا أطول من ذلك، بما يستدعي اللجوء إلى مختصّ.     كيف تساعد طفلك المصاب بالتوحّد على تعلّم اللغة؟   لتطوير اللغة، يحتاج الطفل المصاب بالتوحّد إلى فرص منتظمة وتحفيزيّة، لممارسة المهارات اللغويّة. إليك أهمّ وسائل تعليم طفل المتوحّد الكلام:   إدخال اللغة في أنشطته اليوميّة يمكنك إنشاء فرص محفّزة طفلك لاستخدام اللغة ضمن أنشطته اليوميّة. على سبيل المثال، يمكنك وطفلك تصفّح كتاب مصوّر من اختياره، ومحاولة التحدّث معه عمّا يراه في الكتاب، وطرح بعض الأسئلة عليه، وإمهال طفلك الفرصة حتّى يتمكّن من الإجابة ومشاركتك ما يفكِّر أو يشعر به تجاه ما يراه. تعليمه اللغة باللعب  اللعب طريقة مفضّلة للتعلّم لدى جميع الأطفال المصابين بالتوحّد وغير المصابين، بما في ذلك كيفيّة تعلّمهم اللغة. فيمكنك خلق فرص لطفلك لتطوير لغته، بممارسة الألعاب مع طفلك، أو جعل اللعب جزءًا من أنشطتك اليوميّة. على سبيل المثال، بإمكانك أن تقوم بحلّ أحجية الصور المقطوعة مع طفلك، وتبادل القطع الصغيرة وتغيير أماكنها الصحيحة لتشكيل صورة متكاملة، والنقاش حولها، والحديث عن موضوعات أخرى، إلى جانب اللعب. استخدام الإيماءات مع طفلك يمكنك أن توضِّح لطفلك المصاب بالتوحّد كيفيّة الطلب أو الاستجابة باستخدام بالإيماءات. تساعد الإيماءات طفلك على صياغة الكلام ما يناسب مستواه. مثال ذلك، إذا أتاك طفلك بعلبة طعام يحاول فتحها، اسأله: "هل تحتاج المساعدة؟"، سيفهم حينها أنّ "المساعدة" كلمة تدلّ على موقفه الحاليّ، وسيربطها بمواقف مستقبليّة مشابهة. استخدام الجمل القصيرة  من الأفضل استخدام العبارات التي تحتوي على كلمة أو كلمتين أو ثلاث كلمات، والتي يستخدمها طفلك حاليًا في كلامه. على سبيل المثال، إذا لم يكن طفلك قد أتقن الحديث بعد، يمكنك تكوين عبارات من كلمة أو كلمتين. أمّا إذا كان يتحدّث بجمل مكوّنة من كلمتين أو ثلاثة، كرّر ما يقوله، ولكن أضف بضع كلمات أخرى لتعلِّم طفلك كيفيّة بناء جمل أكثر.  التفاعل بإيجابيّة عند محاولة طفلك استخدام اللغة  يمكنك تشجيع طفلك على الاستمرار في استخدام اللغة، بالاستجابة الإيجابيّة، عند محاولته الحديث. تتضمّن الاستجابات الإيجابيّة التبسّم، أو بناء المحادثة بسؤال أو عبارة جديدة تثبت فهمك واستحسانك لما يقوله. الاستعانة بالوسائل التكنولوجيّة  لا تُسهِّل التقنيّات الجديدة والدعم البصريّ تعليم طفلك المصاب بالتوحّد التحدّث فحسب، بل تزيد متعة تعلّمه اللغة وفهمها. هناك العديد من التطبيقات والألعاب التي تجعل التعلّم ممتعًا وسهلًا، حيث صُمِّمَت للأطفال المصابين بالتوحّد.  اقرأ أيضًا: ألعاب تعليميّة للأطفال المصابين بالتوحّد   منحه المساحة التي يحتاجها  يُعدّ تحفيز جانب التعلّم الذاتيّ من أفضل طرق تعليم اللغة للطفل المصاب بالتوحّد. من المهمّ أن يحلّل طفلك الموقف ويفهمه جيّدًا، ولا يحدث ذلك إلّا بمنحه مساحته الشخصيّة. لا تدع الارتباك يسيطر عليك في حال تأخّر طفلك في التعلّم، بل تحلَّ بالصبر ودعه يتعلّم بالسرعة التي تناسبه، من دون إجباره على التحدّث ومشاركتك ما يفكّر به، فهو حتمًا سيعود إليك عندما يشعر أنّه مستعد.  تعزيز تواصله الاجتماعيّ   يُقال إنّ الطفل المصاب بالتوحّد يتعلّم ويتكيّف مع محيطه. وبالتالي، فأهمّ شيء يجب فعله هو عدم السماح له بالشعور بأنّه لا يستطيع القيام بأشياء مثل الأطفال العاديّين. اصحبه إلى الحدائق وزد من تفاعله الاجتماعيّ، حيث يعزّز انخراطُه في التفاعلات الاجتماعيّة أو مشاهدتها فضولَه تجاهها، وبالتالي مجاراتها.  استغلال اهتماماته لجذب انتباهه  يجذب التركيز على اهتمامات طفلك المصاب بالتوحّد انتباهه لحديثك. فيمكنك إعطاؤه لعبته المفضّلة ليلعب بها، وبمجرّد أن يعتاد اللعب بها، عليك إبقاء اللعبة على مسافة منه. وعندما يطلب طفلك اللعبة بالإيماءات، أعطها له في البداية، ولكن مع مرور الأيّام، حاول أن تظهر له عدم فهمك لما يحاول قوله. عندها، سيضطر إلى التعبير بالكلمات عمّا يريد.   * * * أفضل ما يمكنك القيام به لطفلك المصاب بالتوحّد الاستمرار بدعمه في كلّ الظروف، ومنحه الأمان بوجودك معه دائمًا. وتذكّر أنّه لا يوجد عائق يقف بين اضطراب التوحّد وتعلّم اللغة. لذلك، لا تضع نفسك تحت الضغط بسبب تأخّر طفلك في تطوير لغته، لأنّ ارتباكك قد ينعكس عليه أيضًا. حافظ على أجواء منزلك بحيث تكون إيجابيّة ومريحة وصحّيّة للتعلّم والنموّ، وراقب ازدهار طفلك بمرور الوقت.    المراجع https://www.momsbelief.com/blog/10-tips-to-teach-an-autistic-child-to-talk   https://sparkforautism.org/discover_article/speech-elusive/#:~:text=Some%20children%20may%20have%20problems,tongue%20movements%20used%20to%20talk.   https://www.kennedykrieger.org/stories/interactive-autism-network-ian/speech_onset_study#:~:text=The%20study%20brings%20hope%20to,do%20get%20language%2C%22%20Dr.