الرئيسية

في هذا العدد

العدد (19) شتاء 2025

كان تصوّرنا عند طرح الموضوع، أنّ مقالات الملفّ ستكتظّ بالتجارب التنفيذيّة اليوميّة حول استعمال الذكاء الاصطناعيّ في التعليم، انعكاسًا لاكتظاظ الدورات والورش والمؤتمرات حول الموضوع. لكن، في المحصّلة، انصبّت معظم المقالات حول أسئلة - شديدة المشروعيّة – عن استعمال هذه التكنولوجيا في التعليم، ولا سيّما في العالم العربيّ، والقدرة البنيويّة على ذلك. ربّما تنطلق هذه الأسئلة المشروعة من كوننا مستهلكين لمنتج هطل علينا كمثل معظم المنجزات والتحقّقات العلميّة، والنظريّات التربويّة. لذا بادرنا إلى البحث عن إجابات أسئلة الـ"كيف" وأهملنا أسئلة الـ"لماذا". وهذا طبعُ المستهلكين الذين تخلّوا عن حصانة الانتقاء، وانجرّوا نحو ما يُقدّم إليهم بوصفه وصفة النبوغ وترياق النجاح. لكنّ بعض الأسئلة تتجاوز ثنائيّة الإنتاج والاستهلاك، ليخوض في لبّ الموضوع: هل الذكاء الاصطناعيّ إرهاص تطوّرنا الفكريّ، أم انزياح عن الذكاء البشريّ؟ السؤال يخوض في أساس فهمنا الذكاء البشريّ، وتعقيد تكوينه، ودمجه "الذكاء النفعيّ" بالقيم والمفاهيم والعواطف، في مقابل ذكاء اصطناعيّ لا يرى في 1 + 1 إلّا اثنين. هل فعلًا استنفدنا ذكاءنا البشريّ لنحتاج إلى ذكاء اصطناعيّ، أم أنّ الموضوع مرتبط بشركات تبغي الربح على حساب قيم وحسابات أخرى؟

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 20: شراكة المدرسة مع الأهل.. أشكال ومُمارسات وأهداف

العلاقة بين المدرسة والأهل/ المحيط المجتمعيّ موضوع شديد الأهمّيّة، لا يأخذ مداه في البحث والتفكير. الشكل الأوّليّ لهذه العلاقة ينبع من قرار الأهل اختيار المدرسة لأبنائهم، وقبول المدرسة هذا الخيار. بعد ذاك، تصير العلاقة تنفيذيّة/ عمليّة: المدرسة تبلغ الأهل بتطوّر أداء ابنهم الأكاديميّ (ورقة العلامات أو ما يشبهها)، وقد تستدعيهم لطارئ مسلكيّ أو أكاديميّ. والأهل يتواصلون مع المدرسة لشكوى أو ملاحظة تتعلّق بفصل أو معلّم أو أمر مسلكيّ يخصّ ابنهم. هذا الشكل من العلاقة يقزّم دور المدرسة والأهل؛ فمؤسّسة التعليم يجدر بها ألّا تكون جدرانًا خرسانيّة صلبة تمنع ما في داخلها عن الخارج، وهي لا تستجلب العلم والمعرفة من مصادر سرّيّة وعلى الأهل أن يثقوا بها من غير نقاش، ولا سيّما حين تكون مصادر "المعرفة" هذه ترجمات لتجارب مجتمعات بعيدة تختلف عنّا في الظروف والمناخ ونمط الأكل ومفاهيم القيم. وعلى العكس من ذلك، تزدهر المؤسّسات التربويّة كلّما تعانقت جذورها مع مجتمعها ومحيطها، وانكشفت عليه، وتفاعلت معه. والطريق الأوّليّ الأبسط إلى ذلك هو العلاقة التفاعليّة مع الأهل.   يطرح الملفّ مفهوم هذه العلاقة من الطرفين، الأهل/ المحيط المدنيّ/ المجتمع من جهة، والمدرسة قيادة وتوجّهات وسياسات داخليّة، ومعلّمين وإداريّين، والتي تعكس هذا القرار بالانفتاح على المحيط. من هنا نشير إلى بعض القضايا التي يمكن للملفّ متابعتها: 1. ماذا يمكن أن يكون دور الأهل في إعادة التوازن بين المدرسة كمؤسّسة مستقلّة أو "تجاريّة" ودورها كصرح تربويّ قد يمضي فيه الأطفال سنوات طويلة تصبغ نموّهم النفسيّ والعاطفيّ؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الدور...؟ 2. هل النجاح في الامتحانات الرسميّة أو الدوليّة دليلٌ وحيد على نجاح المؤسّسة؟ ما الذي يطلبه الأهل أكثر؟ كيف يمكن للأهل أن يكونوا جزءًا من آليّة صياغة رؤية المؤسّسة وأهدافها؟ وهل من دور للمتعلّمين في هذه العلاقة...؟ 3. العلاقة بين المدرسة ومحيطها، التفاعل والتأثّر والتأثير. الفرق بين علاقة المدرسة بمحيطها بين مدارس الأرياف محدودة العدد، ومدارس المدن التي طلّابها ليسوا بالضرورة من الجوار المباشر... 4. أشكال الشراكة مع الأهل مثل هيئات الأهل وأدوارها: نماذج عمليّة وتجارب ناجحة. وما الشروط الأساسيّة لنجاح هذه الأدوار...؟ 5. القوانين والتشريعات التي تحكم العلاقة بين الطرفين: هل تطبّق؟ هل تمتلك رؤية شاملة لدور الأهل؟ هل من فروقات في هذه القوانين بين المدارس الخاصّة والرسميّة/ العامّة؟ وإلام يؤدّي هذا...؟   يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 20 شباط/ فبراير 2025. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]  

أخبار تربويّة

منهجيّات تعقد دورتها التدريبيّة الثامنة في مجال كتابة المقال المهنيّ

عقدت مجلّة منهجيّات دورتها التدريبيّة الثامنة في مجال كتابة المقال المهنيّ لمعلّمات ومعلّمين من أنحاء مختلفة من العالم العربيّ، بالتعاون مع شبكة تمام المهنيّة، حيث خُصّصت الدورة لأعضاء الشبكة. هدف برنامج الدورة التدريبيّة في كتابة المقال المهنيّ إلى مساعدة المشاركين في التأمّل في تجاربهم التعليميّة، وتطوير قدراتهم على كتابتها، ومشاركتها مع الآخرين، بما يدعم هذه التجارب ويطوّرها ويغنيها. وتعرّف المشاركون إلى المقال مهنيّ، وأقسامه، وتدرّبوا على تفكيك عناصر هذه الأقسام، وكتبوا فيها. وتُتابع الدورة بتواصل فرديّ بين المشاركين والمدرّبين، لإنجاز مقالات تعبّر عن تأمّلاتهم وتجاربهم، حيث ستُنشر في الأعداد المستقبليّة من مجلّة منهجيّات. امتدت الدورة على ثلاث جلسات تدريبيّة في الفترة ما بين 6 و13/ شباط/ فبراير 2025. وتناولت الدورة المحاور الآتية: - التعريف بالمقال المهنيّ. - مهارات كتابة المقال المتخصّص ونماذجه. - تحرير المقالات وتدقيقها. - نقاش لأفكار المشاركين بغرض تطويرها. - التطوير النظريّ للأفكار والتجارب الأوليّة. وأثبت المعلّمون والمعلّمات جديّتهم وتفاعلهم مع محاور الدورة التدريبيّة المختلفة، واتّفقوا على المتابعة مع المدرّبين لإنجاز أوّل مقالاتهم. وفي وقت لاحق، يستمرّ النقاش والتواصل حول أفكار جديدة للكتابة، والتحوّل إلى شركاء دائمين لمجلّة منهجيّات. تنظّم منهجيّات دورتين تدريبيّتين على كتابة المقال المهنيّ سنويًّا، سعيًا لتعزيز صوت المعلّمين العرب، وإفساحًا في المجال لمشاركتهم خبراتهم ومعارفهم مع بعضهم البعض، وذلك جزء من رسالتها في تطوير التعليم في العالم العربيّ على الأصعدة كافّة. وستعلن المجلّة لاحقًا عن دورتها التدريبيّة الثانية لهذه السنة.

مدارس الخرطوم... استئناف التعليم وسط تباينات شعبيّة

بدأت الدراسة في جميع مدارس ولاية الخرطوم السودانيّة يوم 11 شباط/ فبراير، بعد أنّ أقرّت لجنة أمن الولاية في اجتماع عُقد نهاية الأسبوع الماضي، برئاسة والي الولاية، أحمد عثمان علي، توصيّة من المدير العام لوزارة التربيّة والتعليم، باستئناف الدراسة بشكل كامل، وأمرت الجهات المعنيّة، باتخاذ كل التدابير الأمنية لتأمين سلامة التلاميذ. واتّخذت حكومة الولاية القرار بعد دراسة تقول مديريّة التربيّة والتعليم إنّها أجرتها، واتّضح من خلال نتائجها ضرورة عودة التلاميذ إلى مدارسهم لضمان حفظ مستقبلهم بعد شهور طويلة من انقطاع الآلاف منهم عن الدراسة. وكانت الخرطوم أوّل ولاية اندلعت فيها المعارك بين الجيش السودانيّ وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من إبريل/نيسان 2023، وتسببت تلك المعارك في مقتل آلاف المدنيين، وتشريد الملايين، وتدمير البنى التحتيّة، وتوقفت الدراسة في جميع المراحل التعليميّة، واضطر تلاميذ السنوات النهائيّة في المراحل المختلفة إلى الجلوس للامتحانات في الولايات الآمنة مثل ولايات نهر النيل والشماليّة والبحر الأحمر وكسلا، بينما ترك بعضهم الدراسة نهائيًّا خلال العامين الماضيين، واتّجه بعضهم إلى سوق العمل في المهن الهامشيّة لمساعدة أسرهم على توفير القوت والمتطلبات خلال أشهر النزوح القاسيّة. وقَدّرت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، بعد أشهر من اندلاع الحرب، عدد التلاميذ المتوقفين عن الدراسة بنحو 19 مليون طفل، لكنّ هذا العدد تناقص عقب تمكن ولايات عديدة من استئناف الدراسة خلال العام الماضي، وتنظيم امتحانات المرحلتين الابتدائيّة والمتوسطة، ونجاح الحكومة الاتحاديّة في عقد امتحانات الشهادة الثانويّة في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي. بيد أنّ قرار استئناف الدراسة بولاية الخرطوم قوبل بتباين في الآراء والمواقف، فالبعض يؤيد الفكرة كليًّا، ويرى أنها خطوة مصيريّة لملايين الأطفال الذين انقطعوا عن الدراسة، بينما يرى فريق آخر أنّ القرار ينطوي على خطر كبير على حياة الأطفال والمعلّمين، لكون الوضع الأمنيّ في الولاية غير محسوم، وبعض المناطق لا تزال تشهد قصفًا مدفعيًّا، كما هو الحال في شمال أم درمان، التي استهدفت فيها قوات الدعم الأسواق والمرافق العامّة بما في ذلك المدارس.   المصدر (العربي الجديد)

د. ريما كرامي عضو الهيئة الاستشاريّة في منهجيّات وزيرةً للتعليم في لبنان

أعلن رئيس الحكومة اللبنانيّة المكلّف، نواف سلام تعيين د. ريما كرامي وزيرةً للتربيّة والتعليم ضمن التشكيل الوزاريّ الجديد للحكومة اللبنانيّة. ويأتي تعيين كرامي في هذا المنصب الحساس في وقت يسعى فيه لبنان لإعادة بناء قطاع التعليم الذي تأثّر بشدة جرّاء الأزمات المتلاحقة، آخرها العدوان الإسرائيليّ الذي تسبب في تحويل عدد من المدارس والمعاهد إلى مراكز لإيواء النازحين، مع فرار عشرات آلاف العائلات من منازلهم. ود. ريما كرامي أحد أعضاء الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات، أستاذة مشاركة في الإدارة والسياسة التربويّة في دائرة التربية في الجامعة الأميركيّة في بيروت حيث تشرف على برنامج الإدارة والقيادة التربويّة. مديرة وباحثة رئيسة في مشروع "تمام"، التطوير المستند إلى المدرسة. حاصلة على بكالوريوس في العلوم ودبلوم لتدريس العلوم للمراحل الثانويّة، ثم ماجستير الآداب في تعليم العلوم من الجامعة الأمريكيّة في بيروت، ثم دكتوراه في التربيّة من جامعة ولاية بورتلاند مع تخصّص في الإدارة والإشراف التربويّ للمراحل K-12 ومع التركيز التخصّصيّ في إدارة المدرسة، والتغيير التنظيميّ والسياسة التعليميّة.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

المتعلّم بين الذكاءين
عندما جلست لأكتب هذا المقال، أردت أن أبدأ بمثالٍ واقعيٍّ حول تأثير الذكاء الاصطناعيّ في قدرات الإنسان التحليليّة والإبداعيّة. سرعان ما وج... تابع القراءة
الذكاء الاصطناعيّ والتعليم: سباقٌ غير متكافئٍ، أم ضياع الأولويّات؟
في هذا المقال الذي يعكس وجهة نظرٍ شخصيّةً، أسلّط الضوء على التحديّات التي قد تواجه التعليم في عالمنا العربيّ، في ظلّ الثورة التقنيّة. هذا... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

المعلّم داعمًا للمرونة: بناء مهارات التكيّف في عصر الذكاء الاصطناعيّ
يأتي هذا المقال ليجيب عن سؤالٍ محوريٍّ: كيف تحدّد أهمّيّة دورك معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة في الذكاء الاصطناعيّ؟ استنادًا إلى رؤ... تابع القراءة
كيف يمكن للمعلّمين المساعدة في تشكيل الاستخدامات التعليميّة للذكاء الاصطناعيّ في مدارسهم
للمبتدئين  ابدأ باستكشاف استخدام الذكاء الاصطناعيّ باستخدام ChatGPT، أو Gemini الخاصّ بجوجل. أضِف بعض التعليمات، وأعطي روبوت المحادثة دور... تابع القراءة

الندوة القادمة

دعوة إلى ندوة: الشراكة مع الأهل.. استكشاف مفاهيم وتجارب وتحدّيات وفرص

تدعوكم منهجيّات إلى حضور ندوتها لشهر شباط/ فبراير 2025 بالتعاون مع شبكة تمام المهنيّة، بعنوان "الشراكة مع الأهل: استكشاف مفاهيم وتجارب وتحدّيات وفرص". وذلك يوم الأربعاء، الموافق 26-2-2025، في تمام الساعة الخامسة مساءً بتوقيت القدس. محاور النّدوة - مفهوم الشراكة مع الأهل. - تجارب ميدانيّة. - تحدّيات وفرص بناء الشراكة مع الأهل. يُمكنكم التسجيل لحضور الندوة عبر الرابط هُنا.

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: تقييم أداء المعلّم.. المعايير والأهداف والممارسات

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر كانون الثاني/ يناير 2025، بعنوان "تقييم أداء المعلّم: المعايير والأهداف والممارسات". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ 2. وجهات نظر وممارسات في التقييم 3. كي يكون هذا التقييم ناجحًا... استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: أ. ياسمين حسن نائبة مدير للتعليم الخاص، ومدرّبة التخطيط الإستراتيجيّ، مصر؛ أ. منى مجذوب، قائدة ومستشارة تربويّة في منظّمة البكالوريا الدوليّة، لبنان/ قطر؛ أ.رينيه مزاهرة مشرفة أكاديميّة في المدرسة المعمدانيّة/ المرحلة الابتدائيّة، الأردن؛ أ. إياد رفيدي، مدير المدرسة الإنجيليّة الأسقفيّة العربيّة، فلسطين. أدار الندوة أ.يسري الأمير رئيس تحرير مجلّة منهجيات ومستشار تربويّ في تعليم اللغة العربيّة. استهلّ أ.الأمير الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ قدّم أ. يسري الأمير تقييم أداء المعلّم، في بداية الحوار على أنه أداة لتحسين الأداء وفسحة لتطوير، إلا أنّ تنفيذ التقييم على الأرض يصطدم أحيانًا كثيرة بعقبات تزيحه عن هدفه الأسمى وتحوله أداة ضغط وتهديد للمعلّم، ومن هذا السياق طرح أ. الأمير سؤاله الأوّل:   هل يجب الخوض في تقييم أداء المعلّم؟ ما الهدف من تقييم أداء المعلّم؟ أكدّت أ. رينيه مزاهرة على أهمّيّة عمليّة تقييم أداء المعلّم باعتبارها عمليّة تنمويّة جادّة، تركّز على تطوير أداء المعلّم الأكاديميّ، وبها يمكن ضبط جودة مخرجات المدرسة بشكل كامل. والهدف من تقييم أداء المعلّم هو البحث في امتلاكه الأدوات اللازمة للقيام بعمليّة التعليم على أكمل وجه، ودراسة عمليّة التطوير المهنيّ اللازم له، لأنّ جودة أداء المعلّم، تنعكس بطبيعة الحال على المتعلّمين. ولفتت أ. منى مجذوب إلى أنّ التقييم ممارسة يوميّة نستخدمها جميعًا، وهي أداة لتحسين كلّ مناحي الحياة. وهذا ينطبق على مكان العمل في المجتمع المدرسيّ، فلا شكّ في عدم قدرتنا على الاستغناء عن تقييم أداء المعلّم لأنّ التقييم هو الوسيلة لتطوير العمليّة التعليميّة وتحسينها. وذكرت أ. مجذوب أنّه عند تأسيس صرح تربويّ، نقوم بإعداد الرؤية والرسالة والمبادئ الأساسيّة لهذا الصرح. والركيزة الأساسيّة التي تترجم كلّ تلك المبادئ إلى ممارسات تعلّمية في الصفوف الدراسيّة هي المعلّم، وهو صاحب القدرة على ضمان تعلّم الطلّاب وتحسينهم أكاديميًّا. وارتكزت أ. مجذوب في كلامها على دراسة للباحث النيوزلنديّ جون هيتي، يعتبرها الكثير من الخبراء من أهمّ الدراسات في مجال التعليم في القرن الحاليّ. جمع هيتي في دراسته بيانات حول العوامل التي تؤثّر في تحصيل الطلّاب. ومن النتائج الرئيسة للدراسة أن ّالمعلّمين بكلّ ممارساتهم، هم الأكثر تأثيرًا، وليس حجم المدرسة أو الظروف الاقتصاديّة أو دعم الأهل. فإذا كان هدفنا رفع مستوى التلميذ العلميّ والأكاديميّ، علينا بشكل أساسيّ تحسين مستوى أداء المعلّم، وذلك باستعمال التقييم، لأنّه يحدّد مدى قدرة المعلّم على توظيف خبراته، والتعليم بشكل فعّال، وخلق بيئة صفيّة داعمة ومحفّزة، وبناء علاقات إيجابيّة مع الطلّاب والزملاء والأهل، ما يعزّز الثقة عند المعلّم وينعكس إيجابيًّا على تحصيل الطلّاب.   هل الهدف من التقييم واحد مع كلّ معلّم، أم يختلف بحسب الخبرة، وفترة وجود المعلّم في المؤسّسة؟ أكدّ أ. إياد رفيدي أنّ معايير تقييم المعلّم القديم والمعلّم الجديد هي ذاتها، لكنّ التوقّعات تكون أعلى من المعلّم القديم؛ على سبيل المثال في مجال الإدارة الصفّيّة، المعلّم صاحب خبرة العشر سنوات قدرته على إدارة الصفّ أكبر بكثير من المعلّم المستجدّ. كذلك الحال في معرفة المعلّم بموضوع تخصّصه، فهي تتطوّر أثناء تدرسيه، إضافة إلى تطوّر نظرته إلى الأهل والبيئة المدرسيّة على مرّ السنين. وأشار أ. رفيدي إلى أنّه عند تقييم المعلّم صاحب الخبرة يتمّ طرح تساؤلات حول تطويره الذاتيّ، هل يحسّن من أدائه ويبحث عن مصادر تحسّن من نوعيّة العمليّة التربويّة؟ وهل يستخدم التكنولوجيا الحديثة؟ وغيرها من الأسئلة المرتبطة بسنين عمله الطويلة والتطوّر المهنيّ الذي يجب أن يرافقها.   ما معايير تقييم المعلّمين؟ هل للمعلّم دور في وضع هذه المعايير؟ عرفّت أ. ياسمين حسن تقيم أداء المعلّم بأنّه مجموعة من المؤشّرات والمعايير التي تهدف إلى تقييم الكفاءة المهنيّة للمعلّم وأدائه، سواء داخل الغرفة الصفّيّة أو خارجها. وهذه المعايير مجموعة من المحاور، هي: - المهارات التدريسيّة للمعلّم: سواء من خلال التخطيط للدرس أو التصميم للأنشطة التعليميّة، بالإضافة إلى تنفيذه بعض الاستراتيجيّات المناسبة للمحتوى العلميّ الذي يقدّمه، ولإمكانيّات المتعلّمين. - الكفاءة الأكاديميّة: وتعني مدى معرفته بالمادة الدراسيّة التي تُدرّس داخل الصفّ، بالإضافة إلى تحديثه للمعلومات والمناهج التي تتماشى مع التطوّرات العلميّة من حوله. - قدرته على التواصل والتفاعل مع الطلّاب وأولياء الأمور: ليتمكّن من بناء علاقات إيجابيّة معهم واستخدام مهارات الاستماع والإقناع لإدارة النقاشات الصفّيّة. - إدارة الصفّ: أنّ تكون لدى المعلّم القدرة الكافية على ضبط النظام داخل الصفّ، وخلق بيئة تعليميّة تشجّع على التعلّم الفعّال.  - التنمية المهنيّة: وتتحقّق بمشاركة المعلّم في الدورات التدريبيّة وورش العمل التي تحسّن من أدائه، بالإضافة إلى اطّلاعه المستمرّ على أفضل الممارسات التربويّة التي يمكن تطبيقها داخل الصفّ. - تقييم الطلّاب: باستخدام المعلّم أدوات تقييم متنوّعة، يتمكّن من خلالها من قياس مدى تعلّم الطلّاب مستعملًا أساليبه التدريسيّة، وبتقديمه التغذيّة الراجعة البنّاءة لتحسين تحصيلهم الأكاديميّ. - القيم الأخلاقيّة والتربويّة: عن طريق التزام المعلّم بأخلاقيّات المهنة، واحترام التنوّع الثقافيّ والاجتماعيّ، وتعزيز قيم التعاون والمسؤوليّة بين الطلّاب. - إمكانيّة استخدام أساليب الإبداع والابتكار: وذلك باستخدام التقنيّات الحديثة، والتطوير على أساليب التدريس، بالإضافة إلى تقديمه أفكارًا ومبادرات تسهم في تحسين العمليّة التعليميّة. هذه المعايير متوفّرة في المراجع التربويّة، والنظريّات والأدبيّات، ويمكن الاطّلاع عليها. لكنّ الأهمّ من ذلك، تطبيقها بصورة واقعيّة ومدروسة. في بعض الأحيان، يمكن أنّ يُعرّض التطبيق غير المدروس المعلّم إلى بعض التحدّيات، مثل: - أن يكون التقييم غير شامل لكلّ المعايير، مثل الاعتماد فقط على النتائج الأكاديميّة للطلّاب، وتجاهل المهارات الشخصيّة للمعلّم. - التحيّز الشخصيّ، والاعتماد على العلاقات الشخصيّة في التقييم. - تعرّض المعلّم إلى ضغط العمل نتيجة للتقييم المكثفّ والمتكرر، ما يشعره بالإحباط والقلق، الأمر الذي يؤدّي إلى تراجع أدائه. - استخدام أدوات تقييم تقليديّة، ما يفقد عمليّة التقييم الناحية الموضوعيّة والحياديّة. ولفتت أ. مزاهرة إلى وجوب أن يكون للمعلّم دور في وضع معايير التقييم، من خلال خطّة استراتيجيّة داخل المدرسة، تشاركها الإدارة مع المعلّمين منذ بداية السنة الدراسيّة، على أنّ يكون التقييم جزءًا من هذه الخطّة. وشاركت أ. مزاهرة تجربتها في المدرسة المعمدانيّة، حيث يشارك قسم الموارد البشريّة في المدرسة معايير التقييم كافّةً مع المعلّمين منذ بداية السنة الدراسيّة، لتكون لديه القدرة على مراجعة هذه المعايير. وإذا كان له رأي في تعديلها أو تغييرها، يُدرَس هذا الرأي. وأكّدت أنّ معايير تقييم أداء المعلّم مستمرّة ومتغيّرة؛ فمع دخول التكنولوجيا، ظهر تطوّر مستمرّ في التعليم، ما يقودنا إلى إضافة بعض المعايير الجديدة أو تغيير القديم منها. لفتت أ. مزاهرة إلى أنّ مشاركة المعلّم هذه المعايير منذ بداية السنة الدراسيّة، تجعله يسأل نفسه التساؤلات التي يطرحها هذا التقييم؛ فبالإضافة إلى المعايير التي ذكرَتها أ. ياسمين، نركّز على مراعاة المعلّم للحاجات الفرديّة للطلّاب، فنحن لا نعمل فقط على تنمية المهارات التعليميّة، بل أيضًا المهارات الحياتيّة عند المتعلّمين. وأشارت أ. مزاهرة إلى ضرورة توفير المداس تدريبات للمعلّمين لرفع كفاءتهم المهنيّة، وذلك بزيارات صفّيّة من قبل الإدارة ورؤساء الأقسام يسجّلون فيها احتياجات المعلّمين لتنمية مهاراتهم المهنيّة. إضافة إلى ذلك، يمكن للمعلّم الشغوف الحصول على تدريبات من منصّات متنوّعة تُعنى بالشأن التربويّ.  وأكدّ أ. رفيدي ضرورة اطّلاع المعلّم على معايير تقييمه في المدرسة، وأن يكون متّفقًا معها؛ إذ قد تغفل بعض الإدارات عن معايير هامّة في عمليّة التقييم، والتي يبذل فيها المعلّم مجهودًا كبيرًا، وعن مشاركته المعايير قبل بدء عمليّة التقييم، والتي قد تتيح له الفرصة للتعبير عن وجهة نظره.   ما أثر التقييم الخارجيّ وممارساته، والذي تقوم به هيئات التعليم الرسميّة من خارج المدرسة؟ أجابت أ. مجذوب أنّ التقييم الخارجيّ الذي تنظّمه هيئات التعليم الرسميّة، عنصر أساسيّ لتحسين جودة التعليم، لأنّه جزء من استراتيجيّة وطنيّة لضمان تكافؤ الفرص، ولضمان التعلّم الفعّال للجميع. وليس هدف التقييم الخارجيّ تربويًّا فقط، بل تكون له أهداف مجتمعيّة ووطنيّة بعيدة المدى. التقييم الخارجيّ يضمن حصول الطلّاب في جميع المدارس، وبكافة اختلافاتها، على تعليم بمستوى متقدّم يحقّق تكافؤ الفرص والمساواة للجميع. هنُا أشارت أ. مجذوب إلى ضرورة التقييم الخارجيّ من الهيئات الرسميّة، لأنّه يساعد على وضع خطط تطويريّة بالاستناد على البيانات التي يتمّ الحصول عليها بهذا التقييم، لتحسين النظام التعليميّ في الدولة بشكل عامّ. وقد أشار العديد من الدراسات في منظّمة التعاون والتنمية الدوليّة والبنك الدوليّ، إلى أنّ التقييمات الخارجيّة تساعد على تحديد نقاط القوّة لدى المدارس، والمجالات التي تحتاج إلى تطوير، ما يدفع الإدارات إلى اعتماد ممارسات أفضل، بسبب تعزيز الشفافيّة والمساءلة. لكن يجب بناء التقييم الخارجيّ على معايير واضحة، مع أخذ سياقات المدارس المختلفة وأوضاعها بعين الاعتبار، وألّا يكون التقييم بهدف المساءلة فقط، بل من أجل إصلاح الأنظمة وتطويرها. وتحدّثت أ. مجذوب عن شقّ آخر من التقييم الخارجيّ، وهو التقييم من جهات دوليّة، التي تعطي الاعتماد للمدارس. وقدّمت منظّمة البكالوريا الدوليّة مثالًا على هذه المؤسّسات، حيث تقوم هذه المنظّمات كلّ خمس سنوات بزيارة المدارس المعتمدة من قِبلها، من أجل مساعدة المدرسة على تقييم نفسها ذاتيًّا، والاحتفال بنقاط القوّة التي تحقّقت، ومساعدتها في وضع خطط وبرامج تطويريّة للسنوات الخمس القادمة. وأكدّ أ. الأمير على أنّ التقييم، حتّى لو كان خارجيًّا، يجب أن تكون له معايير واضحة، وأن يكون أسلوب المشرف أو المقيّم قريبًا من المعلّم ومحترمًا له، وألّا تكون هناك رهبة للتقييم، أو أن يتمّ في حصّة واحدة فقط، لأنّ ذلك لن يكون موضوعيًّا.    المحور الثاني: وجهات نظر وممارسات في التقييم من يقوم بعمليّة تقييم أداء المعلّم؟ تحدّث أ. رفيدي في إجابته عن قيام الجهة صاحبة السلطة في أغلب الأوقات بعمليّة التقييم، إمّا الإدارة مباشرةً، أو من خلال أشخاص منتدبين عنها، أو سلطة أعلى من المدرسة مثل مديريّات التربية التي تشرف على سير المناهج المدرسيّة. وأكّد أ. رفيدي أنّ التقييم يجب ألّا ينحصر في أصحاب السُلطة، فنحن بحاجة إلى أخذ وجهة نظر الطلّاب والأهل والزملاء فيه. ونوّهت أ. مزاهرة إلى أنّ هناك أطراف كثيرة تمارس تقييم أداء المعلّم، بدايةً من تقييم المعلّم لنفسه، بتأمّل ممارساته داخل الغرفة الصفّيّة من أجل الاستثمار في نقاط قوّته، والعمل على تحسين نقاط الضعف لديه، باللجوء إلى التدريبات والمصادر المتنوّعة. كما ذكرت أبرز الأطراف الجوهريّة في عمليّة التقييم، وهم إدارة المدرسة ورؤساء الأقسام من خلال الزيارات الصفّيّة خلال الفصل الدراسيّ، على ألّا يكون هدف الزيارات المراقبة، بل المساعدة في تطوير أداء المعلّمين. وبالاستناد إلى تجربة أ. مزاهرة، تقوم الإدارة باجتماعات متكرّرة مع رؤساء الأقسام، للخروج بتوصيات تُنقل إلى قسم التطوير المهنيّ المختصّ بتوفير تدريبات للمعلّمين. ولم تغفل أ. مزاهرة عن أهمّيّة شهادات الأهل والطلّاب في عمليّة التقييم، لكنّهم ليسوا الطرف الجوهريّ فيها.   ما دور كلّ من الإدارة أو المنتدَب/ المنتدبين منها، والأهل والمتعلّمين، والمعلّمين أنفسهم؟ أشارت أ. حسن إلى مجموعة من الأدوار التي يقوم بها المقيّمون في هذه العمليّة، بحسب كلّ طرف للتقييم، بالآتي: - الإدارة: يقوم دور الإدارة على الإشراف العام، حيث تبدأ بوضع معايير التقييم، وتحاول تطبيقه بصورة عادلة ومنهجيّة. إضافة إلى التنسيق والتوجيه، حيث تعيّن مندوبين مُدربين على معايير التقييم التي حدّدتها. ومن خلالهم نتحصّل على تغذية راجعة بملاحظات بنّاءة على أداء المعلّم، وتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين، بالإضافة إلى دعم التنمية المهنيّة للمعلّم عن طريق بناء خطط لتدريب المعلّمين. - الأهل والمتعلّم: أدوارهم متقاربة، ولا سيّما أنّ أولياء الأمور يتأثّرون بوجهات نظر أولادهم، وتحصيلهم الدراسيّ. ويمكن للطالب التعبير عن وجهة نظره في المعلّم من خلال استبيانات تسمح بالاطّلاع على أساليب التدريس التي ينفّذها المعلّم، كما تظهر مدى تفاعل الطلّاب داخل الصفّ، ما يعكس جودة أداء المعلّم. وجدير بالذكر أنّ تقييم الطلّاب للمعلّمين قد يكون غير موضوعيّ بسبب تأثرهم بالعواطف أحيانًا، أو بمواقف شخصيّة تعرضوا إليها مع المعلّم.  - تقييم المعلّم لنفسه: يمكن للمعلّم أن يحلّل أداءه الذاتيّ، وتحسين نقاط الضعف والاستثمار في نقاط القوّة خلال فترة معيّنة، ووضع خطط للحصول على التدريبات التي يحتاج إليها، فهو على دراية باحتياجاته كمعلّم. ويمكن أنّ يحسّن من أدائه بالتغذيّة الراجعة التي يحصل عليها، سواء من الطلّاب أو الإدارة أو أولياء الأمور. إضافة إلى تقديمه اقتراحات للتحسين.   هل التقييم مرحلة واحدة أم خطوات؟ هل كلّ هذه الخطوات أساسيّة؟ أكدت أ. منى مجذوب ضرورة بناء خطوات متتالية هدفها توفير صورة شاملة ودقيقة عن أداء المعلّم، ليكون التقييم عادلًا. وكلّ خطوة لها دور في نجاح عمليّة التقييم، وهذه الخطوات: 1. التخطيط للتقييم: وهو عمليّة تشاركيّة مستمرّة، لأنّ لكلّ معلّم طريقته الخاصّة وخبرته وتحدّياته التي يواجهها. ويجب العمل مع المعلّم منذ بداية السنة لوضع الخطّة والمعايير، لتحديد أهدافه الشخصيّة والمهنيّة التي يرغب بتحقيقها، بما يتناسب مع قدراته ومستواه المهنيّ. 2. إرشاد المعلّم: قبل البدء بالزيارات الصفّيّة، تُنظّم اجتماعات فرديّة مع كلّ معلّم، للتأكّد من فهم المعلّم معايير التقييم، وقبل كلّ زيارة صفيّة يُعلَم بالهدف منها والمعايير التي سيتمّ تقييمها في هذه الزيارة. 3. الزيارات الصفّيّة: ليس بالضرورة أنّ يكون المقيّم في الزيارة مدير المدرسة، بل ممكن أن يكون مشرف القسم أو زميلًا. 4. الاستفسار التقديريّ والتفسيريّ: نطرح على المعلّم أسئلة حول نقاط القوّة في حصّته، ويهدف هذا الاستفسار إلى تحديد مجال نموّه، حتّى لا تكون هناك أوامر مفروضة على المعلّم بطريقة فوقيّة. وعلى المقيّم أيضًا جمع بيانات تفصيليّة، حتّى تكون ملاحظاته مبنيّة على مؤشّرات علميّة تظهر في إدارة المعلّم للصفّ، وتفاعل الطلبة وتحصيلهم العلميّ.    كيف نجعل عمليّة التقييم هذه أبسط وأسهل وأكثر فاعليّة؟ أكدّ أ. رفيدي ضرورة التركيز على نقاط القوّة لدى المعلّمين، لأنّ الإنسان بشكل عامّ من حقّه الحصول على تقدير لإنجازاته واجتهاده، سواء من الإدارة أو الطلّاب. لذلك التشجيع ركيزة أساسيّة في عمليّة التقييم من أجل الاستفادة منه أداةً للتحسين. كما أشار أ. رفيدي إلى اختيار المسمّيات بشكل لطيف وإنسانيّ، كأن لا نقول نقاط ضعف، بل نقاط تحتاج إلى تحسين.   المحور الثالث: كي يكون هذا التقييم ناجحًا... ما آثار عمليّة تقييم سيّئة في المعلّمين وأدائهم؟ نوهت أ. مزاهرة بضرورة ألّا يكون هناك أثر سلبيّ لعمليّة التقييم في المعلّم؛ إذ يجب على المدرسة ممثّلة بالإدارة ورؤساء الأقسام والمعلّمين، العمل بروح فريق واحدة، هدفه تحسين جودة التعليم المقدّمة إلى الطالب. وحتّى لا يكون هناك تأثير سلبيّ في المعلّم أثناء تقييم أدائه، يجب أن يكون هناك تشجيع للمعلّم الذي لديه نقاط قوّة. والمعلّم الذي لديه بعض النقاط التي بحاجة إلى التحسين، يجب أنّ يكون معه مرشد يساعده ويدعمه مهنيًّا. وأكدّت أ. مجذوب على أنّ التقييم السيّئ للمعلّمين يعطّل جميع أهداف التقييم، لأنّه لا يساعد في تطوّر المعلّم، والذي يعتبر العنصر الأكثر تأثيرًا في التحصيل العلميّ للطلّاب، بل على العكس، يقلّل من عزيمة المعلّم ويزيد من توتّره وإحباطه، ويشعره بالخوف من الرقابة. وعندما يظلّ المعلّم في موقف الدفاع عن نفسه، سيرفض التغذية الراجعة، ويتجنّب التفاعل مع الزملاء والإدارة، ما يؤدّي إلى خسارة الكثير من المبادرات التطويريّة، وتحسين أسلوب التعلّم. ونوّهت أ. حسن إلى أنّ التقييم السيّئ للمعلّم يجعله متجنّبًا المخاطرة أو التجديد في التدريس، فيلتزم بالأساليب التقليديّة حتّى يتجنّب الانتقادات. ويؤدّي أيضًا إلى ضعف علاقة المعلّم مع الإدارة والزملاء والطلّاب، ما يولّد صراعات داخل بيئة العمل، وصولًا إلى الهجرة المهنيّة، حيث يترك المعلّم عمله بسبب عدم القدرة على الاستمرار في بيئة يُمارس فيها التقييم السيّئ باستمرار.   ما مخاوف المعلّمين من عمليّة تقييم أدائهم؟ ذكرت أ. ياسمين وجود عدد من المخاوف التي يشعر بها المعلّمون من عمليّة التقييم، وهي: - الخوف من التحيّز: قد يعتمد التقييم على الانطباع الشخصيّ، أو المصالح الشخصيّة. - القلق من العواقب السلبيّة للتقييم: قد يتحوّل التقييم إلى وسيلة عقابيّة، أو وسيلة إرهاب تتسبّب في تقليل الراتب، أو نقله من مكان إلى آخر، أو فقدان ترقيّة. - الضغط النفسيّ بسبب التقييم المستمرّ أو المفاجئ. - الشعور بعدم التقدير. أكّدت أ. مزاهرة على ضرورة تطبيق سياسة الباب المفتوح بين المعلّم والإدارة منذ بداية العام الدراسيّ، يشارك فيها المعلّم مخاوفه والمشاكل التي تواجهه داخل الغرفة الصفيّة، أو أي شيء يؤثر في مسار العمليّة التعليميّة، من أجل التوصّل إلى حلول، والحصول على تقييم عادل في ختام السنة الدراسيّة   كيف نضمن موضوعيّة التقييم؟ شدّدت أ. مجذوب على ضرورة تبنّي المؤسّسات منهجيّات خاصّة للتقييم، وهناك العديد من المنهجيّات العالميّة المدروسة في هذا الخصوص. وعلى المدرسة اختيار المنهجيّة التي تناسب ظروفها والسياقات التي تعمل فيها. إنّ الالتزام بهذه المنهجيّات يضمن الموضوعيّة والعدالة في التقييم. ولضمان الموضوعيّة أيضًا، يمكن توزيع استبيانات على الطلّاب أو الأهل.  كما تجدر الإشارة إلى ضرورة وجود أكثر من شخص في عمليّة التقييم الواحدة، فكل شخص مرتبط بالمجتمع المدرسيّ، له صوت في تحسين عمليّة التعليم. واتّفق أ. رفيدي مع أ. مجذوب على ضرورة عدم الاعتماد على الإدارة في عمليّة التقييم، لأنّ المدير وحده لا يكفي، وبطبيعة الحال هو يأخذ التغذية الراجعة من الطلّاب والزملاء. ولضمان موضوعيّة التقييم، يجب أن تكون اللجنة المنتدبة من الإدارة لجنةً مؤهّلة لأداء هذه المهمّة.   في حال إشراك الأهل والمتعلّمين، كيف نضمن التزامهم بمعايير محدّدة؟ نوهت أ. حسن بضرورة التزام الأهل بمعايير محدّدة لعمليّة التقييم، لتحقيق الموضوعيّة والعدالة فيه، وذلك مرورًا بعدد من الخطوات، وهي: 1. التوعية بالمعايير والأهداف الخاصّة بعمليّة التقييم للأهل والمتعلّمين، من خلال توفير المدرسة جلسات تعريفيّة توضح ذلك، لمحاولة ضبط عمليّة الانحياز، أو أنّ يكون التقييم غير موضوعيّ. 2. أن تُصمّم أدوات واضحة وموجّهة، مثل استخدام الاستبيانات المدروسة. 3. توفير أمثلة عمليّة لنماذج استُخدِمت عمليّة التقييم فيها، مع شرح كيفيّة تطبيقها، ما يمكّن الأهل والمتعلّمين من فهم كيفيّة تقييمهم الأداء بناءً على المعايير المحدّدة للتقييم. 4. تشجيعهم على استخدام عبارات موضوعيّة ومحدّدة، وتجنّب استخدام العبارات العامّة والتحيّز. 5. استخدام نظام رقابيّ، من خلال استخدام آليّات مراجعة داخليّة لمقارنة الملاحظات التي جُمعت من الأهل والمتعلّمين، مع أداء المعلّم في المدرسة. 6. التشجيع على الحوار المستمرّ. اعتبرت أ. مزاهرة أنّ الأهل ليسوا طرفًا رئيسًا في تقييم أداء المعلّم، إذ تعطي شهاداتهم مجرّد تلميحات عن أدائه. أمّا الأطراف الرئيسة فهي الإدارة ورؤساء الأقسام والمعلّم نفسه. بينما أكّد أ. رفيدي على أنّ دور الأهل في عمليّة التقييم يتلّخص في توفيرهم التغذية الراجعة عن شعور الطالب، وتأثير المعلّم فيه.   كيف نقيّم عمل هيئة تقييم أداء المعلّمين؟ تحدثت أ. مجذوب عن أهمّيّة قياس تأثير هذا التقييم في التطوير والتحصيل الأكاديميّ للمتعلّم. من هنا، تمكن معرفة إذا ما كان تقييم هذه الهيئة ناجحًا أم لا. وقياس هذا التأثير يعدّ المؤشّر لالتزام هيئة التقييم بالمعايير والخطوات المحدّدة مسبقًا، وفق منهجيّة متّفق عليها.  وأضافت أ. مجذوب أنّ رضا المعلّمين والطلاب وأولياء الأمور، أداة ناجحة لتقييم هيئة التقييم، ويمكن قياس ذلك باستبيانات دوريّة مدروسة وموضوعيّة، ويمكن تقييم نتائجها. وذكرت أ. مزاهرة أنّه يمكن تقييم أداء هيئة المقيّمين بملاحظة تغيير في أساليب التدريس عند المعلّم، وبحصوله على الدورات والتدريبات، وبتطوّر أدائه المهنيّ، وملاحظة تطوّر في سلوكه داخل الغرفة الصفّيّة. كما تجب ملاحظة التشاركيّة بين الأطراف، وتواجد المقيّم لدعم المعلّم بشكل دائم، واستماعه لملاحظاته واحتياجاته. كما أكدّ أ.رفيدي أنّ المهمّ في عمليّة التقييم هو النتيجة الجيّدة على المعلّم والطلّاب، بغضّ النظر عن التزام المقيّمين بخطوات التقييم بحذافيرها. ونوّهت أ. حسن بضرورة وجود لجنة تقييم هيئة التقييم، لتراجع أعمالها بشكل دوريّ، واستخدام أنظمة إلكترونيّة تحلّل هذه التقييمات لضمان الدقّة وتقليل التحيّز.   أسئلة الجمهور من يحدّد إذا كانت عمليّة التقييم سيّئة؟ أشار أ.الأمير إلى أنّ عمليّة التقييم تكون سيّئة عندما يكون التقييم غير قائم على مناهج علميّة، واطّلاع مستمرّ على أداء المعلّم، أو قائمًا على انطباعات وعلاقات شخصيّة. هل يمكن تقييم أداء المعلّم بشكل موضوعيّ في صفوف متهالكة وظروف غير مناسبة للعمليّة التعليميّة؟ أجابت أ. مجذوب أنّ تقييم المعلّم ليس هدفه النقد، بل الهدف الأوّل هو مساعدته، فالتقييم هُنا لمساعدته في البيئة التي يواجهه فيها الكثير من التحديّات، وتوجيه الدعم له. ما مدى تأثير الراتب المتنبّي في أداء المعلّم؟ أكدّ أ. رفيدي على ضرورة التقييم، بالذات في المدارس المتهالكة ذات الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة الصعبة، من أجل تحسين العمليّة التعليميّة في هذه البيئات. أمّا بالنسبة إلى الدخل، فيجب أنّ تكون رسالة التعليم واحدة بغضّ النظر عن الدخل. إذا كان أداء المعلّم هو المحدّد لتقييمه، لماذا يختلف التقييم باختلاف المشرِف؟ أرجعت أ. حسن اختلاف التقييم باختلاف المشرف، إلى شكل العلاقة بينه وبين المعلّم، وستؤثّر أيّ خلافات بينهما على التقييم، فالطبيعة البشريّة لا تُطبّق التقييم بشكل موضوعيّ دائمًا. ونصحت أيّ معلّم بأن يقدّم العمل المطلوب منه، وأن يبدعه إذا تمكّن من ذلك، بغضّ النظر عن التقييم. كيف نستفيد من أداء المعلّم الذي وصل إلى درجة الاحتراق الوظيفيّ؟ أكدّت أ. مزاهرة على أنّ وجود فريق متعاون يستمع إلى المعلّم، ويتناقش معه في مشاكله وظروفه داخل الغرفة الصفّيّة، يمنعه من الوصول إلى الاحتراق الوظيفيّ. هل المناهج التعليميّة تؤثر في أداء المعلّمين، وبالتالي في تقييمهم؟ أشارت أ. حسن إلى التأثير السلبي لتغيير المناهج باستمرار، خصوصًا مع عدم وجود الدورات التدريبيّة الكافية أو الخطط الممنهجة، ليتأقلم المعلّم مع هذه المناهج الجديدة، ما يجعل المعلّم أمام مشكلة في تطبيق المنهاج الجديد في المدّة الدراسيّة المحددة.   في خِتام الندوة، قدّم أ. الأمير تلخيصًا للندوة التي سلّطت الضوء على تقييم أداء المعلّم، بجوانبها المُختلفة. وشكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لتحسين عمليّة تقييم أداء المعلّم.  

ندوة: مصادر التعليم المتنوّعة.. تعزيز الكتاب المدرسيّ أم استبداله

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، بعنوان "مصادر التعليم المتنوّعة: تعزيز الكتاب المدرسيّ أم استبداله". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. أثر الاعتماد بشكل كامل على الكتاب المدرسيّ في التعليم 2. لماذا نستخدم مصادر إضافية؟ ما تلك المصادر؟ 3. دور الإدارات المدرسيّة في تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة. استضافت الندوة مجموعة من المتّحدّثين، هم: أ. ألين كرم، معلّمة لغة إنجليزية ودراسات اجتماعيّة في مدرسة الأهليّة، لبنان؛ أ. غادة معلوف مستشارة تربويّة في المدرسة العربيّة الدوليّة، لبنان/ قطر؛ أ. شيرين الجبالي، مديرة ومشرفة تربويّة لقسم التربية والتعليم في بلدة الطيّبة، فلسطين؛ أ. خالد عبده، معلّم لغة عربيّة في مرحلة السنوات المتوسّطة في مدرسة الأهليّة والمطران، الأردن. أدار الندوة أ. محمود عمرة، الحاصل على شهادة الماجستير في الفيزياء من جامعة "لايبزغ" بألمانيا وشهادة الماجستير في التربية من جامعة بيرزيت، وعضو الهيئة التأسيسيّة في منهجيّات. استهلّ أ. عمرة الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر االإساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأول: أثر الاعتماد بشكل كامل على الكتاب المدرسيّ في التعليم. بدأ أ. عمرة كلامه بالحديث عن اعتماد الجهات التربويّة في العالم العربيّ على الكتاب المدرسيّ بشكل أساسيّ، وأرجع ذلك إلى الأنظمة المركزيّة. مشيرًا إلى وجود حجج قويّة عند من يرى الإيجابيّات والسلبيّات في الاعتماد على الكتاب المدرسيّ. ومن هنا انطلقت أ.غادة معلوف في حديثها على شكل الكتاب المدرسيّ وتأثير استعماله في العمليّة التعليميّة، وعرّفته بأنّه نصّ ثابت، أي رسالة ثابتة لا بديل منها. تعتمد هذه الرسالة على وجهة نظر معدّي الكتاب، باعتبار وجهة النظر هذه حقيقة مطلقة لا يوجد سواها.   ما سلبيّات الاعتماد على الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ تحدثت أ. معلوف عن الصرامة أثناء الاعتماد على الكتاب المدرسيّ، وهذا النوع من التدريس لا يجعل الطالب منفتحًا على تجارب مختلفة، لأنّه يرتكز على طريقة تعلّم محدودة، تعتمد على مادّة واحدة فقط لا على دمج موادّ مختلفة. فعندما نعتمد على كتاب واحد لكل مادّة، يجزّئ ذلك التعليم، ويحدّ من التفكير العابر للموادّ والربط بينها. واستعمال الكتاب وحده يحرم الطالب من التمييز الحسّيّ والعاطفيّ، وقد أثبتت الدراسات أنّ عمليّة التعلّم لا يمكن أن تكتمل من دون هذين العنصرين. يمنع الكتاب المدرسيّ الطالب من الابتكار، فهو يطلب من المتعلّم الالتزام بنصّ واحد ومهام محدّدة، من غير السماح له بالتفكير النقديّ من أجل الوصول إلى تفكير خاصّ به بعد الاطّلاع على وجهات نظر مختلفة. وعن التعليم العميق قالت أ. معلوف إنّه لا يمكن تنفيذه إلّا من خلال خلق علاقة بين التعلّم وحياة التلميذ. وإذا كان الكتاب مستوردًا من دول أجنبيّة فهذه مشكلة، لأنّ هذا الكتاب لا يعرف تفاصيل البيئة التي يعشيها الطالب، ما يجعل الكتاب منفصلًا عن الحياة اليوميّة. من ناحية أخرى، يتعارض الكتاب الموحّد مع وضع كلّ متعلّم على حدة، فهو يتوقّع مستوى محدّدًا من كلّ المتعلّمين، من غير مراعاة الاختلافات بين المتعلّمين على مستوى الشخصيّة والاحتياجات. وتطرّقت أ.معلوف إلى أثر التكنولوجيا في التعليم وإلى حصول الطالب على معرفة كبيرة خارج إطار الكتاب والمدرسة، ومن خلال وسائل التكنولوجيا المختلفة. وعندما نجبر الطالب والمعلّم عل الالتزام بالكتاب فقط، فنحن نضيّق عليهما، ونمنع المتعلّم من المخاطرة الإيجابيّة. من ناحيتها عبرّت أ. شيرين الجبالي عن تخوّفها من الكتاب المدرسيّ الذي قد يحوّل العلاقة بين المعلّم والطالب إلى علاقة مقهور وقاهر؛ إذ يغيب التفاعل بينهما، وهو واحد من أهمّ العوامل لنجاح عمليّة التعليم، وذلك بدوره يحرم الطالب من الوصول إلى عمليّة التعلّم الذاتيّ والاستقلاليّة، ويحرمه من التواصل مع الأقران لاستكمال عمليّة التعلّم التعاونيّ، ولا ينمّي الجانب الاجتماعيّ عند الطالب. كما يحدّ من استخدامه المهارات الذهنيّة، فلا تتوفّر عنده آليّات للتشبيك بين المعلومات والممارسات اليوميّة في حياته. ولأنّ مناهج الكتب عادةً تكون موحّدة لجميع الطلبة وجميع المدارس، فقلّما نجد فيها مراعاة للفروقات الفرديّة والاجتماعيّة، وبناءً على ذلك سيكون الطالب بحاجة إلى طرق خارجيّة مساعدة لاكتمال العمليّة التعليميّة، فالكتاب ليس المصدر الأساسيّ للمعلومة، بل أحد مراجعها.   المحور الثاني: لماذا نستخدم مصادر إضافيّة؟ وما تلك المصادر؟ أشار أ. خالد عبده إلى عدّة أهداف تدفع إلى تعزيز الكتاب المدرسيّ بمصادر متنوعة، وهي: - مراعاة الفروق الفرديّة والمستويات الأكاديميّة المختلفة - توسيع آفاق ومدارك المتعلّمين وتحفيز خيالهم. - ربط التعلّم بالحياة الواقعيّة. من جانبها استذكرت أ. ألين كرم بدايات مشوارها في مهنة التعليم، مؤكّدة على اعتمادها في ذلك الوقت على الكتاب في تنظيم الحصص الدراسيّة، وبصفتها معلّمة للغة الإنجليزيّة، حدّد الكتاب لها النصوص والأسئلة والأنشطة، وحتّى الأوقات المخصّصة لكل مهمّة. لكنّ هذا الاعتماد رسم حدودًا كثيرة للمعلّم والطالب، وتحوّل دور المعلم إلى ناقل للمعلومة فقط، مع تجاهل دوره في تحفيز المتعلّم على طرح الأسئلة والتفكير الناقد والإبداع. وشاركت تجربتها في تدريس اللغة الإنجليزيّة والدراسات الاجتماعيّة ودمجهما معًا، حيث طلبت من متعلّمي الصفّ السادس ابتكار البلد المثاليّ لهم، وذلك من خلال الاعتماد على روايتين باللغة الإنجليزيّة تتحدّثان عن اليوتوبيا والديستوبيا -المدينة الفاضلة وعكسها. وشجّعت أ.كرم طلبتها على المناقشة والقراءة في الغرفة الصفّيّة، ثمّ الخروج بمشروع نهائيّ هو البلد المثاليّ الخاصّ بكلّ طالب، بعدما تعلّموا في الدراسات الاجتماعيّة معظم الأنظمة الاقتصاديّة المعروفة، واطّلعوا على خرائط دول العالم. جعل هذا المشروع المتعلّمين خلّاقين، حيث عبّروا عن أنفسهم بطرائقهم الخاصّة مع تقبّل الرأي الآخر. ولفتت أ. كرم إلى أنّ مثل هذا النشاط ينمّي عند الطلبة مهارات مختلفة، من بينها القدرة على التعبير، والتفكير النقديّ، وتقبّل الرأي الآخر بل التعلّم منه. ومثل هذه المهارات تساعد الطالب في مختلف مناحي حياته، وتساعده على بناء مستقبل أفضل له.   ما المصادر الأخرى التي يمكن اعتمادها لتعزيز الكتاب المدرسيّ؟ شارك أ. خالده عبده تجربته الخاصّة في استخدام مصادر متنوّعة لعمليّة التعلّم لتعزيز الكتاب المدرسيّ، وتراعي التجربة أنماط التعلّم المختلفة السمعيّة والبصريّة والحركيّة، وهذه المصادر قائمة على ثلاثة محاور رئيسة: 1. تعزيز المحتوى الموجود داخل الكتاب المدرسيّ، وأسقط أ. عبده المثال على درس يتحدّث على الرواية، حيث دعم الكتاب المدرسيّ بالآتي: - نصوص مرئيّة وسمعيّة تراعي أنماط التعلّم (من منصّة يوتيوب). - استراتيجيّات صفّيّة تعزّز العمل الجماعيّ والتفكير النقديّ. مثل استراتيجيّة فين للتفرقة بين القصّة القصيرة والرواية. - أوراق عمل ومهام إضافيّة (ورقيّة أو رقميّة) تراعي اختلاف مستويات الطلبة. 2. تعزيز الكتاب المدرسيّ بمثال تطبيقي؛ ولهذا شارك أ. عبده متعلّميه لدرس الرواية، نموذج رواية تتحدّث على طفل ضرير ينتقل إلى معهد خاصّ للدراسة، وعزّز هذا المثال التطبيقيّ بأنشطة منهجيّة، مثل: - عرض أمثلة تطبيقيّة ونماذج للمعلومات المذكورة في الروايّة، حيث كانت تتحدّث على لغة برايل للمكفوفين، وأحضر نماذج كتب مكتوبة بلغة برايل. واستخدم الفيديوهات وأوراق العمل والنصوص السمعيّة في الأنشطة المنهجيّة. - استراتيجيّات صفّيّة تعزّز العمل الجماعيّ والتفكير النقديّ. مثل: استراتيجيّة تقشير الفاكهة لتعزيز الفهم العميق للرواية والوصول إلى لبّ الحدث. 3. تعزيز المثال التطبيقيّ بأنشطة لا منهجيّة، مثل الزيارات الميدانيّة والاندماج في مشاريع خدمة المجتمع، وذكر أ. عبده عددًا من الأنشطة لتعزيز المثال التطبيقيّ، ومنها: - لقاءات مع أشخاص مكفوفين والتعرّف إلى قصص نجاحهم، والتحدّيات التي واجهوها. - زيارة (المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة) للتعرف إلى أبرز احتياجاتهم وطرق تيسير حياتهم، والتحدّيات التي تواجه المكفوفين، والتوعيّة بسبل مساعدتهم والطريقة الأمثل في التعامل معهم. هنا أكّدت أ. معلوف على أنّ استخدام وسائل تعلّم من الحياة تجعل هذا التعلّم أعمق. وذكرت على سبيل المثال استعمال الجريدة وفاتورة السوبر ماركت ووصفة الطبيب في العيادة، فكلّما استعملنا هذه الوسائل ساعد ذلك عمليّة التعليم.  وتطرّقت إلى التكنولوجيا وأهمّيّتها وسيلةً مساعدة. كما لفتت إلى ضرورة الاستفادة من الكتب غير المنهجيّة. ووَضّحت أ. شيرين الجبالي عددًا من أساليب التدريس التي يمكن دمجها مع الكتاب المدرسيّ، والتي تحاكي فئات الطلبة المختلفة، منها: - الصفّ المعكوس: أن يُحَضّر الطالب الدرس في المنزل، ويجمع عنه المعلومات، ثمّ يعرضه على زملائه في الصفّ. - التعلم التعاونيّ: من خلال تقسيم الطلبة إلى مجموعات مختلفة، وكلّ مجموعة تأخذ مهمة مختلفة في الموضوع ذاته. - التعلّم خارج الصفّ: ولا سيّما في المواضيع العلميّة كونها شديدة الارتباط بحياتنا اليوميّة، ويمكن تنفيذ أنشطة خاصّة بهذه المواضيع في الحدائق والشوارع وغيرها. - إدماج التكنولوجيا: داخل الفصل الدراسيّ وخارجه. - التعلّم بالبحث والاستقصاء. - إدماج الفنون وتداخلها في كلّ المواضيع التعليميّة، سواء اللغات أو العلوم أو غيرها، ولا سيّما الفنون الحسيّة والحركيّة، مثل إدماج الدراما بتمثيل دروس مادّة اللغة العربيّة.   المحور الثالث: دور الإدارات المدرسيّة في تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة.    افتتح أ. محمود عمرة المحور بتصوّره مديرًا لمدرسة حكوميّة فيها عدد كبير من الطلبة، وهو يؤمن بضرورة استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة. لكنّ هناك عددًا من التحدّيات التي سيواجهها مع الأساتذة في مثل هذه المدرسة، من بينها مستويات المعلّمين المختلفة، وضرورة وصول المعلومات للطلبة بطريقة تضمن اجتيازهم الامتحانات الرسميّة المعتمدة على الكتاب المدرسيّ. وانطلاقًا من هذا المثال طرح أوّل أسئلة المحور:   كيف يمكن تشجيع استخدام المصادر التعليميّة المتنوّعة مع وجود تحدّيات مختلفة؟  في إجابتها، أكّدت أ. معلوف على ضرورة النظر إلى مصادر العمليّة التعليميّة باعتبار الكتاب المدرسيّ مرجعًا للمادّة الأساسيّة، مع ضرورة التركيز على أهمّيّة المعلّم نفسه وخبراته ومعرفته. وأشارت إلى ضرورة تعاون المعلّمين معًا من أجل تبادل الأفكار والخبرات لتخطيط جماعيّ غنيّ. ثم نوّهت بضرورة الاستفادة من الموارد الحياتيّة التي تساعد في العمليّة التعليميّة، من دون تكاليف باهظة. وفي السياق ذاته شدّدت أ. كرم على ضرورة إعطاء المعلّمين المساحة للتجربة والاختبار، مع وجود هدف واضح للمخرجات التعليميّة. وتجربة المعلّمين هذه في التخطيط والتفكير تنتقل بالضرورة إلى الطلبة، ليكون معلّموهم نموذجًا لهم في الإبداع والعمل الجماعيّ.   ما ردود فعل الأهالي عندما يقوم المعلّم باستخدام مصادر أخرى؟ وهل استخدام المصادر المتنوّعة يشكل عبئًا إضافيًّا على المعلّمين؟ داخل أ. عبده حول ردود فعل الأهالي، ووصفها بأنّها كانت إيجابيّة في أغلبها، والشاهد على ذلك أنّ الطلبة بمختلف مستوياتهم، كانوا يفهمون المعلومة بواحدة من المصادر المختلفة على الأقلّ. أمّا من ناحية المجهود الإضافيّ على المعلم، وضَّح أ. عبده أنّ كثيرًا من المعلمين في أيّامنا هذه أصبحوا يؤمنون بأنّ التعلّيم بات يرتكز على الطلبة أكثر من المعلّم. وأكّد على ضرورة الاستثمار بالمعلّم من خلال الورش التعليميّة والدورات التدريبيّة القادرة على خلق تغيير في عقليّة المعلّمين وطريقة تفكيرهم نحو طرق التدريس.   كيف يمكن أن تشجّع الإدارات المدرسيّة المعلّمين على استخدام المصادر المتنوّعة؟ داخلت أ. الجبالي حول ضرورة العودة إلى صنّاع المناهج في هذا الموضوع، قبل الإدارات المدرسيّة. فهؤلاء الصنّاع ينتمون بالتأكيد إلى أيديولوجيّات وسياسات محدّدة، يرغبون في إدراجها ضمن هذه المناهج. وهذه السياسات تنعكس على مخرجات التعليم بطبيعة الحال. ويجب أن يتبنّى صنّاع القرار اتّجاهات معيّنة، مثل تطوير المناهج وتخطيط البرامج التربويّة والاهتمام بالعاملين في قطاع التعلّيم والعمل على نماء المعلّم ذاتيًا ومهنيًا. وهؤلاء العاملين في القطاع التربويّ، يشملون أيضًا القادة التربويّين، من مديري مدارس ومشرفين. وأضافت أنّ الجدير بالذكر هنا، ضرورة التفات أصحاب القرار إلى تقديم الدعم الكافي لفئات الطلبة المختلفة والمتنوّعة، ومراعاة التمايز بينهم، وتوفير الموارد اللازمة. والقصد بالموارد هنا، تلك التي تسّهم في تحسين البيئة التعليميّة الصفّيّة والمجتمعيّة، وتوفير الموازنات الكافية لتدعيم المدارس بالبرامج اللامنهجيّة التي تساعد في تفعيل الطلّاب حركيًّا واجتماعيًّا. وأشارت أ. جبالي إلى أنّ تمكين كلّ عنصر في هذه المنظومة المتكاملة، يساعد في تجذير الرؤية لتصبح نمط حياة مدرسيّ كامل ومتكامل. من هنا، يجب أن يكون تصميم المناهج على يد صنّاع القرار بروح الرؤية التكامليّة للمنظومة، وأن تدور محاور هذه المناهج حول الأنشطة التفاعليّة بين الطلّاب أنفسهم، وبين الطلّاب ومعلّميهم والمجتمع، وهنا، يكون المعلّم مرشدًا وموجهًا ووسيطًا للمعلومة، وليس مجرّد ملّقن لها. ويكون الطالب فاعلًا، ونشطًا ومتعلّمًا ذاتيًّا ومستقلًّا. وذكرت أ. الجبالي أمثلة على مجموعة من الدول التي لا تعتمد على الكتب المدرسيّة، وإنّما تصمّم مناهج بمحتوى ومضامين تراعي الفئات العمريّة، وخصوصًا في المراحل الأساسيّة، لكنها تهتمّ بتدريب المعلّمين وتأهيلهم على كيفيّة تمرير هذه المناهج. ومن هذه الدول نيوزلندا التي تعتمد مصادر متنوّعة للمعلومات، ويُمكَّن الطلاب فيها من البحث عن هذه المصادر واستقصاء المعلومات بالاعتماد على أساليب تعليم غير نمطيّة، بحيث تسهّل على الطالب تشبيك المعلومات في حياته اليوميّة، وكذلك الحال في بريطانيا. أمّا في فنلندا، فلا يمسك الطالب القلم قبل عامه التاسع، قبل ذلك يُحضَّر عاطفيًّا واجتماعيًّا بأنشطة حركيّة داخل المدرسة وخارجها. وفي سان دييغو، هناك مدارس لا تستخدم الكتب أبدًا، وتعتمد منهاجًا خاصًّا يتمحور حول العدل الاجتماعيّ وتكافؤ الفرص لكلّ طالب. ويُدرّب العاملون في هذه المدارس على كيفيّة تصميم مضامين هذه المناهج وتمريرها للطلبة، بتدريب من الإدارات التربويّة التي تعتمد على هذه الرؤية، والتي تُصمّم برامج تعتمد أسس النماء الذاتيّ والمهنيّ للعاملين في الميادين التربويّة، بحيث يُمكَّنون من الابتكار والخروج عن النمطيّة، وهذا يقع على عاتق أصحاب القرار. عندما يكون أصحاب القرار هم القاهرين والمعلّمون المقهورين، حتمًا الكتاب سيكون آلة للقهر، فيصير الرهان على المعلّمين والمعلمات، وعلى ابتكارهم وإبداعهم الذاتيّ مع طلّابهم.   أسئلة الجمهور - إلى أي مدى يمكن للذكاء الاصطناعيّ إلغاء الكتب المدرسيّة؟ أجابت أ. معلوف عن هذا السؤال بالتفرقة بدايةً بين الدول التي تستعمل الكتاب المدرسيّ، والمدارس الخاصّة التي تستعمل الكتاب المدرسيّ. فمن ناحية الدول، استعمال الكتب وتوزيعها أسهل بكثير من ناحية التكاليف والتخطيط من استخدام الذكاء الاصطناعيّ. وإذا أردنا استخدام الذكاء الاصطناعيّ، يجب التأكّد من أنّ التكنولوجيا تصل إلى كلّ التلاميذ؛ فعلى سبيل المثال، في وقت جائحة كوفيد 19، لاحظنا أنّ العديد من التلاميذ والمناطق يفتقرون إلى وجودها. وحتّى الذين تتوفّر عندهم التكنولوجيا، لا يتمتعون بالضرورة بالتفكير النقديّ والإبداع لاستعمالها بشكل سليم، فمن دون تفكير نقديّ، لا يختلف الذكاء الاصطناعيّ عن الكتاب. يجب التفكير بالذكاء الاصطناعيّ بكونه مصدرًا يمكن استعماله. وأيّ مصدر نستخدمه، يجب أن نمتلك التفكير النقديّ عند استعماله. وفي الموضوع، أشار أ. عبده إلى أنّ الثابت الوحيد في هذا الكون هو التغيير، ولا بدّ من إيجاد طرق مختلفة خارج الصندوق للقدرة على الاستمرار. وفي ما يتعلّق بالذكاء الاصطناعيّ، لا يمكن أن يحلّ مكان الكتاب، وهو سيكون جزءًا من الأدوات المساعدة. وإذا كان المعلم يركّز على المهارات وليس على المحتوى، هنا نصنع الفرق. من ناحيتها، اتّفقت أ.  كرم مع أ. عبده في ما يخصّ مسؤوليّة المعلّم في التركيز على المهارات التي يمكن أن تعلّم بكافة الطرق، لا أن يركّز فقط على إيجادها في الكتاب المدرسيّ، مع وجود حالة تعلّم دائم بين المعلّم والمتعلّمين، حتى تُطوّر عمليّة التعلّم. وقبل ختام الندوة أشارت أ. الجبالي إلى ضرورة تطوير الكتاب وتخطيطه وتصميمه بطرائق مختلفة، تُقدّم إلى الطالب استراتيجيّات تعلّم مختلفة تساعده على توسيع مداركه، مع الاستعانة بكلّ مصدر يمكن أن يعطي المعلومة. والرهان هنا على العاملين في الميادين التربويّة بالحفاظ على الإبداع والابتكار.  من جهتها، أكّدت أ. معلوف على أنّ المعلّم هو من يقرّر الطريقة التي يستخدم بها الأستاذ الكتاب، فهو من يمتلك القدرة على مساعدة التلميذ في التفكير، ومن واجبه التفكير في الجانبين الحسيّ والعاطفيّ، وتقديم التفكير النقديّ والابتكاريّ، واستعمال استنتاجات تساعد على التفكير، إلى جانب استعمال الكتاب.   في خِتام الندوة، شكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لتطوير مصادر التعلّم المختلفة.

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

تلوّث البيئة التربويّة: أشكال ومظاهر
عجبًا لأمر الإنسان، بدأ منذ القرن الماضي يدرك خطورة تلوّث مياه البحار والمحيطات بالمخلّفات الصناعيّة والكيميائيّة والبتروليّة، فعقد مؤتمر... تابع القراءة
الطلبة الفلسطينيّون والأسئلة الحائرة
في زمن حالك يتّسم بعدم اليقين وانعدام الأمن، يطرح الطلبة الفلسطينيّون الناجون من الإبادة، أسئلتهم المتنوّعة والمعقّدة والمحيّرة حتّى هذه ... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

شيماء محمّد الددا- معلّمة- فلسطين

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ التعلّم التعاونيّ من أكثر الاستراتيجيّات فعّاليّة في الغرفة الصفّيّة. يتمثّل ذلك في تقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة للعمل معًا على نشاط أو مشروع معيّن، حيث يكون لكلّ طالب دور محدّد يُسهم في نجاح الفريق. على سبيل المثال، استخدمتُ استراتيجيّة "جيغسو" (Jigsaw)؛ قسّمتُ الدرس إلى أجزاء، وطلبت من كلّ مجموعة دراسة جزء معيّن، ثم تقديمه لباقي الصف بطريقة تفاعليّة، ما أشعر الطلّاب بالمسؤوليّة تجاه التعلّم، وأسهم في تعزيز التفاعل بينهم. تجاوب الطلبة: أبدى الطلّاب حماسًا كبيرًا، خصوصًا أنّهم شعروا بأنّهم أصحاب دور أساسيّ في العمليّة التعليميّة. ولاحظتُ تحسّنًا في التعاون بين الزملاء، وتبادل الأفكار بشكلٍ إيجابيّ. أصبحت المعلومات أكثر رسوخًا لديهم، لأنّهم كانوا يتعلّمون من زملائهم بطريقة غير تقليديّة.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ يكون ذلك باستخدام التكنولوجيا أداةً مكمّلة لا بديلة، مثل استخدام التطبيقات والمنصّات التعليميّة لتقديم المفاهيم الأساسيّة، بينما يُخصّص الوقت في الصفّ للنقاشات والتفاعل الإنسانيّ. وأيضًا تصميم أنشطة تجمع بين التكنولوجيا والتفاعل الإنسانيّ، مثل استخدام أدوات على غرار الواقع الافتراضيّ أو الألعاب التعليميّة، لتعزيز التعاون بين الطلّاب في مجموعات صغيرة، ما يُعزّز التواصل والتفاعل بينهم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ الإفراط في استخدام أسلوب المحاضرة الخطأ: الاعتماد على الشرح المباشر طريقةً أساسيّةً للتدريس. وهو ما يؤدّي إلى شعور الطلّاب بالملل، وعدم تفاعلهم مع الدرس. التصحيح: استخدمتُ استراتيجيّات متنوّعة، مثل التعلّم التعاونيّ، وحلّ المشكلات، والأنشطة التفاعليّة.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ 1. تنمية الذكاء العاطفيّ للمعلّم. 2. استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ في التعليم. 3. إدارة الصفّ وضبط البيئة التعليميّة. 4. مبادئ التعلّم بالحُبّ.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، التشبيك والحوار بين المعلّمين في العالم العربيّ مهمّان جدًّا في خضمّ الأزمات التي يمرّ فيها التعليم، مثل نقص الموارد، والتحدّيات الاقتصاديّة، والصعوبات التكنولوجيّة، والتغيّرات الثقافيّة والاجتماعيّة. ويعتبر تبادل الخبرات والتعاون بين المعلّمين فرصة قويّة لتطوير استراتيجيّات تعليميّة مبتكرة، ومواجهة التحدّيات بشكل جماعيّ، وتقديم الدعم المتبادل. مبادرة لتحقيق التشبيك بين المعلّمين: "شبكة المعلّمين العرب" هي مبادرة تهدف إلى إنشاء منصّة رقميّة، أو منتدى يتيح للمعلّمين في العالم العربيّ التواصل والتعاون. تتضمّن هذه المبادرة ما يلي: 1. منصّة إلكترونيّة: لتبادل الأفكار والممارسات التعليميّة، ونشر المقالات والدراسات، والبحث عن حلول مبتكرة للتحدّيات التربويّة. 2. ورش عمل ودورات تدريبيّة عبر الإنترنت: تنظيم ورش عمل ودورات تعليميّة جماعيّة بقيادة معلّمين وخبراء في مجالات مختلفة. 3. لقاءات دوريّة: عقد لقاءات افتراضيّة أو حضور مؤتمرات دوريّة تجمع المعلّمين من مختلف البلدان العربيّة، لمناقشة القضايا التعليميّة. 4. مجموعة دعم معلّمين: إنشاء مجموعات دعم مهنيّة على وسائل التواصل الاجتماعيّ، مثل فيسبوك أو واتساب، لتسهيل التواصل اليوميّ. 5. مشاريع مشتركة: إطلاق مشاريع تعليميّة مشتركة، مثل تطوير مناهج تعليميّة، أو إعداد محتوى تعليميّ تعاونيّ يمكن استخدامه في الفصول الدراسيّة.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أستعمل الخطوات الآتية: 1. التواصل الفعّال والمستمرّ، بحيث لا يقتصر التواصل مع أولياء الأمور عند حدوث مشكلة فقط، بل إبلاغهم بالتقدّم الأكاديميّ لأبنائهم بانتظام، وتعزيزهم باستمرار. 2. بناء علاقة من الثقة والاحترام. 3. إشراكهم في العمليّة التعليميّة. 4. تعزيز الشعور بالمسؤوليّة المشتركة.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أوّلًا: تخصيص ساعة بعد صلاة الفجر مباشرة للمشي على شاطئ البحر من شأنها أن تعطيني طاقة إيجابيّة لباقي اليوم. ثانيًا: الحفاظ على نمط حياة صحّيّ بدءًا بالتغذية الصحّيّة وممارسة الرياضة. ثالثًا: التواصل الاجتماعيّ والدعم من العائلة والأصدقاء. وأخذ فترات للرفاه النفسيّ نهاية كلّ أسبوع برفقة الأصدقاء. رابعًا: الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ من خلال تبنّي استراتيجيّات تنظيم الوقت، مثل تحديد الأولويّات، وتقسيم المهام، واستخدام أدوات إدارة الوقت، يمكننني التعامل بفعاليّة مع الأعباء المتزايدة، وتقليل التوتّر الناتج عن ضغوط العمل. كما يساعد تنظيم الوقت الجيّد على تحقيق التوازن بين الحياة العمليّة والشخصيّة، ما يُعزّز الإنتاجيّة والراحة النفسيّة.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. الأثر الإيجابيّ الإلهام والتأثير الإيجابيّ: مهنة التعليم توفّر فرصة لمساعدة الآخرين على التعلّم والنموّ. هذا الإحساس بالإسهام في تطوير مهارات وقدرات الطلّاب، يعزّز شعور الرضا الشخصيّ والفخر بعملي. الشعور بأنّني أستطيع أن أكون مصدر إلهام لطلّاب يحقّقون النجاح، يمكن أن يكون له تأثير كبير في معنوياتي. الأثر السلبيّ التحدّيات في التوازن بين العمل والحياة الشخصيّة: مهنة التعليم قد تتطلّب الكثير من الوقت والجهد، ما يجعل من الصعب أحيانًا تخصيص وقت كافٍ للأنشطة الشخصيّة أو العائليّة. قد يؤدّي ذلك إلى الشعور بالضغط والإرهاق، وتأثير ذلك في جودة الحياة الشخصيّة.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ في أحد المواقف الصفّيّة كنت قد شرحت للطلّاب عن قوّة الشخصيّة، والتأثير في الآخرين، وتجنّب الخوف. وبعد فترة قصيرة بينما كنت أشرح دخل الفصلَ فأرٌ، فإذ بي أصرخ بجنون وأقفز فوق الطاولة، ما أدّى إلى ضحك الطلّاب عليّ ووصفوني بالجبانة.  

نادية ضيف الله العقايلة- معلّمة لغة عربيّة- الإمارات العربيّة المتّحدة

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ التعلّم القائم على الاستقصاء" أحد الاستراتيجيّات الأكثر فعّاليّة، والتي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة. كنت أضع الطلاب في موقع الباحثين، ما شجّعهم على التفكير النقديّ والاستقلاليّة في التعلّم. أما عن كيف قمت بها، فكنتُ أبدأ الدرس بسؤال مثير للاهتمام ومرتبط بالمادّة. - طرح سؤال استقصائيّ جذّاب، إطلاق مرحلة البحث: أعطيتهم الموارد (كتب، مقالات، فيديوهات)، وسمحتُ لهم بالبحث، مع توفير الدعم والتوجيه عند الحاجة. - مناقشة النتائج: طلبت منهم عرض نتائجهم بشكل إبداعيّ، كالعروض التقديميّة أو الملصقات. وشجّعنا النقاش المفتوح بينهم. - الربط بالتطبيق العمليّ: عملتُ على ربط ما تعلّموه بحياتهم اليوميّة. أمّا عن تجاوب الطلبة، فلاحظت: - زيادة الحماس: كانت هناك مشاركة حماسيّة من الطلّاب، إذ شعروا أنّهم أصحاب القرار في عمليّة التعلّم. تعميق الفهم: تعمّق فهمهم لأنّهم اكتشفوا المعلومات بأنفسهم، ولم تُفرض عليهم. - تعزيز الثقة بالنفس: الطلّاب الذين كانوا عادةً أقلّ تفاعلًا بدؤوا بالمشاركة، لأنّ الطريقة شجّعت النقاش بدلًا من الإجابات المباشرة. - روح الفريق: لاحظت أنّ العمل الجماعيّ والتعاون زادا من الترابط بين الطلّاب. أكثر ما أدهشني هو كيف بدأ الطلّاب بطرح أسئلة جديدة تتفرّع من الدرس الأساسيّ، ما دَلّ على فضولهم العلميّ المتزايد.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ يمكن تحقيق التوازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم، من خلال عدّة استراتيجيّات، منها: 1. التكامل وليس الاستبدال: أي استخدام التكنولوجيا أداةً مساعدةً للمعلّمين، لا بديلًا عنهم. 2.  تصميم تعليم مدمج: الجمع بين التعلّم الرقميّ والتفاعل وجهًا لوجه. 3. استخدام التكنولوجيا في المهام الروتينيّة، مثل التصحيح الآليّ للاختبارات، مع إبقاء التوجيه والدعم الشخصيّ للمعلّمين في الأمور الأكثر تعقيدًا. خلاصة القول: الحلّ الأمثل ليس في المفاضلة بين التكنولوجيا والإنسانيّة، بل في دمجهما لتحقيق تعليم غنّيّ وشامل، يلبّي احتياجات العصر مع الحفاظ على العلاقات الإنسانيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية المسار المهنيّ في التعليم، من الطبيعيّ أن يقع المعلّمون في أخطاء بسبب حماسهم، أو قلّة خبرتهم. وأنا شخصيًّا، لاحظت لاحقًا أنّ إحدى الممارسات التي تحتاج إلى تعديل كانت "التحدّث كثيرًا أثناء الشرح". اعتقدتُ أنّ تقديم أكبر قدر ممكن من المعلومات في وقت قصير سيُعزّز تعلّم الطلّاب. ما الذي اكتشفته؟ لاحظت أنّ بعض الطلّاب كانوا يفقدون التركيز، بينما كان الآخرون يكتفون بتلقّي المعلومات من دون المشاركة أو طرح الأسئلة. ماذا فعلت لتصحيح هذا الخطأ؟ طبّقتُ بعض الاستراتيجيّات، مثل استراتيجيّة التعلّم النشط. بدأت بإشراك الطلّاب في الدرس من خلال طرح أسئلة مفتوحة، والطلب إليهم العمل في مجموعات صغيرة لحلّ المشكلات. وقلّلت وقت التحدّث المباشر، وخصّصت فترات قصيرة لتبادل الأفكار والنقاش. كما اعتمدت مبدأ الاستماع أكثر؛ بدل التركيز على "ما أريد قوله"، ركّزتُ على "ما يحتاج الطلّاب إلى معرفته"، وأعطيتهم مساحةً ليعبّروا عن آرائهم وتحدّياتهم. كذلك قمت بتنويع أساليب الشرح، واستخدمت أدوات بصريّة، مثل الخرائط الذهنيّة، والعروض التوضيحيّة. وقدّمت الأنشطة العمليّة، والتطبيقات الواقعيّة لتعزيز الفهم. فكانت النتيجة تحسّنًا كبيرًا في تفاعل الطلّاب وحماسهم. وأصبح الطلّاب أكثر انخراطًا في التعلّم، وبات لديهم شعور بأنّهم جزء من العمليّة التعليميّة، وليسوا مجرّد متلقّين للمعارف. يمكنني مشاركتكم بعض الأفكار، والتي أعتبرها دروسًا مستفادة، أو ممارسات تحتاج إلى تعديل بناءً على تجربتي في التعليم، ومنها: الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا، فقد كنت أعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا لإدارة الدروس. وعدّلت أسلوبي بدمج التكنولوجيا أداةً مساعدةً، مع الحفاظ على الأنشطة التفاعليّة التي تعتمد على التفاعل وجهًا لوجه.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ إعداد ورشة عمل للمعلّمين يتطلّب اختيار موضوعات شاملة، تُركّز على تحسين الأداء التعليميّ، وتعزيز التفاعل مع الطلّاب. وفي ما يأتي مجموعة من الموضوعات المهمّة باعتقادي: 1. استخدام التكنولوجيا في التعليم، مثل: استراتيجيّات دمج أدوات التعليم الرقميّة في الدروس. وكيفيّة استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتخصيص التعليم بناءً على احتياجات الطلّاب. 2. استراتيجيّات تطوير مهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات، وطرق تشجيع الطلّاب على التعبير عن آرائهم، وإبداء أفكار جديدة.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ أمرٌ بالغ الأهمّيّة، خصوصًا في ظلّ الأزمات التي يواجهها التعليم، مثل نقص الموارد، وضغط العمل، والانتشار الواسع للتكنولوجيا. هذه الشبكات ستوفّر بيئة لتبادل الأفكار، وتعزيز الحلول المبتكرة، ومواجهة التحدّيات المشتركة بشكل جماعيّ. ولها فوائد عديدة منها: 1. تبادل المعرفة والخبرات: يعزّز من فرص تبادل الأفكار، والممارسات التعليميّة الناجحة. 2. تعزيز الابتكار: يُمكن أن يؤدّي التواصل إلى ابتكار أدوات وأساليب تدريس جديدة تتناسب والواقع العربيّ. مبادرة مقترحة "شبكة المعلّم العربيّ" إنشاء منصّة تربويّة شاملة لتعزيز التواصل والتعاون بين المعلّمين في العالم العربيّ، بهدف تبادل الخبرات، ومواجهة التحدّيات المشتركة، ورفع جودة التعليم.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ التعامل مع أولياء الأمور، وتشجيعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم أمر مهم، لتحسين تجربة الطالب الأكاديميّة والاجتماعيّة. ولتحقيق هذا الهدف، يمكن التركيز على الخطوات الآتية: 1. بناء علاقة قائمة على التواصل والثقة، من خلال التواصل المستمرّ، من خلال إنشاء قنوات اتّصال مفتوحة، مثل البريد الإلكترونيّ، أو الرسائل النصّيّة، أو تطبيقات مخصّصة. 2. إرسال تقارير دوريّة توضّح أداء الطالب بشكل إيجابيّ ومتوازن، إضافة الى اللقاءات الشخصيّة، وتنظيم ورش عمل، أو جلسات توعية.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ للحفاظ على عافيتي وصحّتي النفسيّة وسط التحدّيات المستمرّة، أتّبع مجموعة من الممارسات التي تقلّل التوتر، وتعزّز التوازن الشخصيّ والمهنيّ، من أبرزها: 1. ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل: التنفّس العميق والتأمّل، والرياضة المنتظمة، ومحاولة الابتعاد عن الشاشات، وتخصيص وقت خالٍ من الأجهزة الإلكترونيّة، لتخفيف الضغط النفسيّ. 2. تعزيز التفكير الإيجابيّ، والاحتفاء بالنجاحات الصغيرة، إضافة إلى التركيز على الإنجازات اليوميّة، مهما كانت بسيطة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ نواجه نحن المعلّمون تحدّيات متعدّدة، تتطلّب تنظيمًا دقيقًا للوقت. لتحقيق التوازن بين الأعباء المتزايدة من تحضير الدروس، وتصحيح الواجبات، والتواصل مع أولياء الأمور، وغيرها من المهام، أتّبعُ استراتيجيّات محدّدة لتنظيم الوقت بشكل فعّال: 1. تحديد الأولويّات وتقسيم المهام حسب الأولويّة: أبدأ بالمهام الأكثر أهمّيّة، أو التي لها مواعيد نهائيّة قريبة، مثل تصحيح الامتحانات، أو تحضير الموادّ الدراسيّة. 2. استخدام التقنيّات الحديثة سهّل كثيرًا عمليّة تنظيم الأعباء، بما في ذلك استخدام الأدوات الرقميّة، مثل برامج إدارة الوقت كتقاويم جوجل، أو تطبيقات المهام لتنظيم الأنشطة اليوميّة وجدولتها. كما استفدتُ من منصّات التعليم الإلكترونيّة لإرسال الواجبات، وتوزيع الموادّ الدراسيّة، ما يُقلّل الوقت الذي أقضيه في ترتيب الأوراق يدويًّا. 3. التخطيط المسبق والمرن يسهم في التخفيف من الأعباء، كما إعداد خطّة أسبوعيّة: أخصّص وقتًا في بداية كلّ أسبوع لتنظيم المهام الأساسيّة، مثل تحضير الدروس، وتصحيح الواجبات، والتواصل مع أولياء الأمور. 4. التخطيط اليوميّ، أخصّص وقتًا كلّ مساء لتحديد المهام التي يجب إنجازها في اليوم التالي، ما يساعدني على تقليل الضغط أثناء اليوم الدراسيّ.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. لمهنة التعليم تأثيرات إيجابيّة عميقة في الحياة الشخصيّة. أحد الآثار الإيجابيّة الواضحة هو الشعور بالإنجاز، والإسهام في المجتمع، إضافةً الى التعلّم المُستمرّ، فالتعليم يجعلني دائمًا في حالة من التعلّم المستمرّ. سواء من خلال التفاعل مع الطلّاب، أو من خلال البحث عن أساليب تدريس جديدة. توفّر لي مهنة التعليم فرصًا يوميّة لتطوير نفسي. وأجمل ما في التدريس إحساسك بالقدرة على التأثير، مهنة التعليم تمنحني فرصة التأثير في حياة الآخرين بشكل إيجابيّ، ما يعزّز شعوري بالهدف والتقدير الشخصيّ. وعلى الرغم من الفوائد العديدة لمهنة التعليم، هناك بعض التأثيرات السلبيّة التي تواجهني، ومنها: الإرهاق النفسيّ والجسديّ والذهنيّ والأعباء المتزايدة، مثل تصحيح الواجبات، وتحضير الدروس، والتفاعل مع الطلاب بشكل مستمرّ. في بعض الأحيان، أجد نفسي مرهقةً للغاية، ما يحدّ من قدرتي على قضاء وقت كافٍ مع عائلتي، أو ممارسة هواياتي.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ الحوادث الطريفة تضيف روحًا مرحة إلى العمليّة التعليميّة، وتخلق ذكريات جميلة تبقى عالقة في أذهان المعلّمة والطالبات. هذه اللحظات تجعل التعليم تجربة أكثر إنسانيّة ومتعة، ولكن عندما يطلب منا تذكّر أطرفها نقف عاجزين عن مشاركة ذكرياتنا، وتتبخّر معظمها، أو ربّما تحفظ في أدراج سرّيّة لا نودّ البوح بها. الحقيقة، لا يحضرني الآن غير الموقف التالي. في إحدى الحصص طلبتُ من طالبة قراءة فقرة من قصّة، وبدلًا من قراءة النصّ المكتوب، بدأت الطالبة بإضافة كلمات من تأليفها. استغربتُ كثيرًا، فالطالبة من الطالبات المتميّزات بالقراءة الجهريّة، والالتزام بالمعايير. توقّفت وقلت بابتسامة: "هل النصّ يقرأ من الكتاب أم من مخيّلتك؟" ضحكت وقالت: "أستاذة، كنت أحاول تحسينه فقط". فضحكت بقيّة الطالبات على اعتبار أنّ زميلتهنّ تسخر من أسلوب الكاتب. عندها توقّفت وناقشنا كيف يمكن للطالبات التعبير عن أنفسهنّ، ولكن مع الالتزام بالنصوص الأدبيّة، واحترام إبداعات الآخرين، وعدم التغيير في النصّ الأصليّ، طالما لم يطلب منهنّ ذلك.

سحر معين درويش- معلّمة مرحلة أساسيّة ومقدّمة خدمات دعم نفسيّ اجتماعيّ- فلسطين

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ أكثر الاستراتيجيّات التي وجدت أنّها تؤثر بعمق في الطلّاب، استراتيجيّة "قصص الحياة". أبدأ الحصّة بقصّة قصيرة تتناول تجربة شخصيّة، أو مواقف عاشها أشخاص في أوقات صعبة، تشبه ما يمرّون فيه. تجد هذه القصص تفاعلًا كبيرًا من الطلّاب، فهي ليست مجرّد كلمات، بل تجسيد لما قد يواجهونه، ما يمنحهم شعورًا بالمشاركة والفهم. استطعت بذلك أن أرى عيونهم تتألّق، وكأنّهم قد وجدوا في هذه القصص نافذة صغيرة تمنحهم أملًا ودافعًا إلى التعلّم على الرغم من الظروف.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ أحاول أن أستفيد من التكنولوجيا أداةً لتقريب المسافات وتوسيع مدارك الطلبة، لكنّني أضع في أولويّتي التفاعل المباشر. فأفتح في جلسة التعليم الإلكترونيّ نافذة للدردشة، إذ أستمع فيها إلى مشاعرهم وتجاربهم اليوميّة. أحرص على أن يشعروا بوجودي ليس فقط معلّمةً، بل إنسانةً متواجدة لأجلهم. التوازن بين الجهتين هو أن تُعلّمهم أدوات العصر، ولكن تجعل إنسانيّتك جسرًا لهم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ اكتشفت في بداياتي أنّني أُفرط في الشرح، فأحاول إيصال كلّ شيء دفعة واحدة، ما كان يُثقل عقول الطلّاب الصغار. تعلّمت، مع مرور الوقت، أن أبسّط الأمور لهم على مراحل؛ فالتعليم ليس سباقًا، بل رحلة متأنّية في كلّ محطّة منها، ويستحقّ الطلّاب فرصة لاستيعاب ما يجري من حولهم. بدأت بتوزيع الدروس على خطوات صغيرة وبنّاءة، وأصبح طلّابي أكثر فهمًا وتفاعلًا.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ أعتقد أن تطوير مهارات التواصل الوجدانيّ يجب أن تكون على رأس الأولويّات. كما يجب التطرّق إلى موضوعات، مثل إدارة الصفّ في ظلّ الأزمات، وخلق بيئة تعلّم مرنة. ورشة تعزّز مفهوم الصمود النفسيّ للمعلّمين أنفسهم، وتؤهّلهم للتعامل مع الطلّاب أفرادًا يمتلكون قصصًا وتحدّيات خاصّة تستحقّ الاحترام.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ نعم، أراه أساسيًّا؛ فالترابط بين المعلّمين يعزّز الخبرات ويوحّد الرؤى. أقترح إنشاء منصّة تواصل خاصّة تجمع المعلّمين من مختلف البلاد العربيّة، يتبادلون فيها التجارب والنصائح. ويلقون الضوء على حلول قد تساعد في مواجهة التحدّيات المشتركة، فتكون بمثابة مساحة أمان لهم.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أخصّص وقتًا دوريًّا للتواصل مع أولياء الأمور، أحكي لهم ما يجري في الحصص، وأشاركهم بعض قصص أبنائهم الجميلة. أدعوهم إلى الانضمام إلى أنشطة تعليميّة خفيفة. أجدُ أنّ هذا النهج يشجّعهم على التقرّب من أبنائهم، والاطّلاع على مسارهم التعليميّ، ما يشكّل حلقة دعم مهمّة للطفل.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أجدُ متنفّسًا في الكتابة، أستمدُّ القوّة من قلمي. أكتب عن تجاربي الصغيرة واليوميّة، وأفرّغ من خلالها ضغوطات العمل. أستعين بلحظات التأمّل مع نفسي، وأجعل من القراءة نافذة أطلّ بها على عوالم أخرى، لتذكّرني أنّ هناك أملًا يشرق من قلب كلّ أزمة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أستخدم ما أسمّيه "قاعدة الأولويّات الثلاث": في كلّ يوم أحدّد ثلاثة أهداف رئيسة فقط، وأضع كلّ جهدي في إتمامها. أوزّع المهامّ بحيث تكون أولويّاتي اليوميّة واضحة. وأتجنّب إرهاق نفسي بمحاولة تحقيق كلّ شيء دفعة واحدة. تقسيم المهام يعينني على الاستمرار بإيقاع متوازن من دون إنهاك.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. التعليم جعلني أرى الحياة من زاوية أوسع، أقدّر مشاعر الأطفال وأحلامهم التي تحفّزني على التطوير. لكن في المقابل، جعلني هذا العمل أحيانًا أتجاهل احتياجاتي الشخصيّة، إذ غالبًا ما أضع طلّابي في المقدّمة، متناسيةً أنّ لي نصيبًا أيضًا من الرعاية والاهتمام.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ إحدى أطرف الحوادث التي حصلت معي، كانت عندما كنت أعلّم طلّاب الصفّ الأوّل، عن الجمع بطريقة مبسّطة. كنت أشرح لهم كيفيّة جمع الأرقام باستخدام أصابعهم، فلاحظت طفلًا يرفع أصابعه بشكل عشوائيّ، ويعدُّ بصوت عالٍ، فقلت له: "حسنًا، كم صار معك الآن؟" نظر إلى يديه بتركيز وقال: "معي خمسة في هذه اليدّ، وأربعة في هذه اليدّ، لكن إذا قلبت يدي هكذا يصير العدد أكثر!" وضحك جميع الطلّاب، ولم أتمالك نفسي من الضحك. هذه الحادثة جعلتني أقدّر براعتهم الفطريّة في إيجاد حلول طريفة وخارجة عن المألوف.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

الصدمة النفسيّة عند الطفل: أعراضها وطرق تجنّبها

من الطبيعي أن تُذكر مصطلحات مثل التعلّم والمرح والاستكشاف، للتعبير عن "مرحلة الطفولة"، لكنّ الأمر قد يبدو مختلفًا بعض الشيء بالنسبة إلى العديد من الأطفال، إذ يمكن أن تشوب بعض التجارب المبكّرة أحداث صادمة، تترك ندوبًا نفسيّة دائمة، تشكّل ما يُعرف بصدمات الطفولة. تؤثّر صدمة الطفولة، الناتجة عن الإساءة، أو الإهمال، أو التنمّر، أو الخسارة، أو التعرّض للعنف، في صحّة الطفل العقليّة وسلوكه وعلاقاته، وغالبًا ما تنتقل هذه التأثيرات إلى مرحلة البلوغ.   يعدّ فهم مقدّمي الرعاية والمعلّمين ومجتمع الطفل للصدمة النفسيّة لدى الأطفال أمرًا مهمًّا، لمعرفة كيفيّة التخفيف من آثارها، وتعزيز العقول الشابّة المرنة والصحّيّة.  في هذه المقالة، سنستكشف أعراض الصدمة النفسيّة لدى الأطفال، والعوامل التي تجعلهم عرضة لها، والاستراتيجيّات الفعّالة للمساعدة في تجنّبها، أو التقليل من أثرها.      ما الصدمة النفسيّة عند الأطفال  الصدمة النفسيّة استجابة عاطفيّة لحدث أو تجربة تفوق قدرة الشخص على التأقلم أو الاستيعاب. يُشار إلى الصدمة في مرحلة الطفولة على أنّها حدث يمرّ به الطفل يثير لديه مشاعر الخوف، وعادةً ما يكون حدثًا عنيفًا أو خطيرًا، وتُسمّى أيضًا تجارب الطفولة السلبيّة، أو ACEs. لسوء الحظّ، تعدّ الصدمة النفسيّة أمرًا شائعًا جدًّا، إذ تشير التقديرات إلى أنّ نحو 46٪ من الأطفال يعانون الصدمة في مرحلة ما من حياتهم.  وعلى الرغم من أنّ الأطفال يتمتّعون بالمرونة والقدرة على التكيّف، إلّا أنّهم ليسوا مصنوعين من الحجر. فكثيرًا ما نسمع البعض يقول عن حادثة ما جملًا مثل: "كانوا صغارًا جدًّا عندما حدث ذلك، ولن يتذكّروه عندما يكبرون"، إلّا أنّ هذا الأمر غير صحيح تمامًا.   تقول المعالجة النفسيّة يولاندا رينتيريا، الاختصاصيّة في الصدمات النفسيّة: "مع نموّ أدمغة الأطفال، يتعلّمون مدى أمان العالم أو عدم أمانه، من تجاربهم. وسيتوجّب على الطفل تطوير طريقة لحماية نفسه من الأشياء التي يعتبرها غير آمنة؛ وبالتالي فالطرق التي يحمي بها الطفل نفسه تشكّل شخصيّته البالغة".  لهذا السبب، من المهمّ أن ندرك متى قد يحتاج الطفل إلى مساعدة مهنيّة للتعامل مع صدمته، إذ يمكن للتدخّل المبكّر أيضًا أن يمنع التأثيرات المستمرّة للصدمة في مرحلة البلوغ.    يمكن أن تنبع الصدمة عند الأطفال من مصادر مختلفة، مثل:  - الإساءة (الجسديّة أو العاطفيّة أو الجنسيّة).  - الإهمال أو الهجر.  - العنف المنزليّ.  - الكوارث الطبيعيّة.  - الحروب والنزوح.   - الانفصال عن مقدّمي الرعاية، بسبب الوفاة أو الطلاق أو الرعاية البديلة.  - التنمّر المزمن أو الرفض الاجتماعيّ.  - مشاهدة العنف أو التعرّض إلى العنف المجتمعيّ.  - الصدمة الطبّيّة، مثل العمليّات الجراحيّة الكبيرة، أو المرض الذي يهدّد الحياة.  لكن، لماذا الأطفال أكثر عرضة إلى الصدمة؟ يعود ذلك إلى أنّ أدمغتهم، وأنظمة تنظيم العواطف لديهم، لا تزال في طور النموّ، فالتعرّض إلى تجارب مؤلمة في هذه المرحلة الحسّاسة سيعطّل هذا التطوّر، ما يؤثّر في كيفيّة معالجتهم للعواطف، وتكوين العلاقات، وإدراك العالم من حولهم.    أعراض الصدمة النفسيّة عند الأطفال  في حين أنّ كلّ طفل قد يستجيب للصدمة بشكل مختلف، فهناك أعراض مشتركة تجب مراقبتها عبر الفئات العمريّة المختلفة. قد لا يكون لدى الأطفال دائمًا لغة للتعبير عن ضائقتهم، لذلك يجب على الأهل والبالغين من حولهم الانتباه إلى التغيّرات السلوكيّة والعاطفيّة.  1. الأعراض العاطفيّة  - القلق والخوف: غالبًا ما يُظهر الأطفال المصابون بالصدمة قلقًا متزايدًا، أو مخاوف غير عقلانيّة. قد يصبحون حذرين بشكل مفرط، أو يظهرون قلقًا شديدًا بشأن الانفصال.  - الاكتئاب والحزن: قد يُظهر الأطفال علامات الحزن المطوّل، أو اليأس، أو حتّى الشعور بالذنب، ويلومون أنفسهم على الحدث المؤلم.  - الغضب والانفعال: يمكن أن تؤثّر الصدمة في الأطفال، وتجعلهم أكثر عرضة إلى نوبات الغضب أو السلوك العدوانيّ، أثناء صراعهم مع المشاعر القويّة.  - الخدر العاطفيّ: قد ينفصل بعض الأطفال، وينسحبون بعيدًا عن أحبّائهم، ويفقدون الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها ذات يوم.  2. الأعراض السلوكيّة  - اضطرابات النوم: غالبًا ما تعطّل الصدمة النوم، ما يؤدّي إلى الكوابيس أو الرعب الليليّ أو الأرق. قد يتجنّب الأطفال الذهاب إلى الفراش، أو يعانون الذعر عند الاستيقاظ.  - التراجع السلوكيّ: قد يعود الأطفال الأصغر سنًّا الذين تعرّضوا للصدمة إلى سلوكيّات معيّنة كانوا قد تجاوزوها، مثل التبوّل اللاإراديّ، أو مصّ الإبهام، أو التحدّث بلغة الأطفال.  - اليقظة المفرطة: قد يكون الأطفال الذين تعرّضوا إلى الصدمة "متوتّرين" باستمرار، ويفحصون بيئتهم، ويدقّقون في أصغر التفاصيل بحثًا عن تهديدات محتملة، وهو سلوك قد يجعل من الصعب عليهم الاسترخاء.  - التجنّب أو الانعزال: قد يتجنّب الأطفال الأماكن أو الأشخاص أو الأنشطة التي تذكّرهم بالحدث الصادم، أو قد ينغلقون عند إثارة مواضيع معيّنة.  3. الأعراض المعرفيّة  - صعوبة التركيز: قد يصل تأثير الصدمة عند الأطفال إلى مواجهة صعوبة في التركيز في المدرسة، أو أثناء المهام التي تتطلّب اهتمامًا وتركيزًا مستمرَّين.  - مشاكل الذاكرة: قد يعاني بعض الأطفال صعوبة تذكّر أجزاء معيّنة من الحدث الصادم، أو قد يعانون مشاكل أوسع في الذاكرة، نتيجة التوتّر المزمن.  - الصورة السلبيّة عن الذات: قد يطوّر الأطفال المصابون بالصدمة صورة ذاتيّة سيّئة، ويرون أنفسهم "سيّئين" أو "عديمي القيمة"، ما قد يؤدّي إلى انخفاض احترام الذات والانسحاب الاجتماعيّ.    التأثير طويل الأمد للصدمة غير المعالجة  إذا لم يتمّ تحديد الصدمة لدى الأطفال ومعالجتها مبكّرًا، قد تستمرّ آثارها حتّى مرحلة البلوغ. ترتبط الصدمة غير المعالجة بمجموعة من القضايا، من بينها:  - اضطرابات الصحّة العقليّة: الحالات مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات الشخصيّة، أكثر شيوعًا بين الأفراد الذين لديهم تاريخ من صدمات الطفولة غير المعالجة.   - تعاطي المخدّرات: يلجأ العديد من البالغين الذين يعانون صدمة في مرحلة الطفولة إلى الكحول، أو المخدّرات، أو السلوكيّات الإدمانيّة، الأخرى، وسيلة للتكيّف.  - صعوبة في العلاقات: يمكن أن تعيق مشكلات الثقة والتعلّق والانفصال العاطفيّ، قدرة الفرد المصاب بالصدمة على تكوين علاقات صحّيّة.  - مشاكل الصحّة الجسديّة: تُظهر الأبحاث أنّ التوتّر، أو الاضطراب الذي تسبّبه صدمات الطفولة، يضع الجسم في حالة مستمرّة من الإجهاد، والذي يؤدّي بدوره إلى ظهور مشاكل صحّيّة، مثل أمراض القلب والسمنة واضطرابات المناعة الذاتيّة، في وقت لاحق من الحياة.    طرق تجنّب الصدمات النفسيّة عند الأطفال أو التخفيف من أثرها  في حين أنّنا لا نستطيع دائمًا منع الصدمات، لكن يمكننا اتّباع طرق لتقليل تأثيرها، ومساعدة الأطفال على تخطّي آثارها. في ما يلي أهمّ الطرق التي تساعد في تخفيف الصدمات النفسيّة عند الأطفال:  تعزيز التواصل المفتوح  شجّع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، وأخبرهم أنّه من المهمّ التحدّث عن التجارب الصعبة. يساعد خلق بيئة تشجّع على التواصل المفتوح الأطفال على الشعور أنّهم مفهومون، وهناك من يدعمهم ويشعر بهم. لذلك، بدلًا من دفعهم إلى التحدّث والإصرار عليهم، قم بتشجيعهم بلطف على التحدّث عندما يكونون مستعدّين لمشاركة ما يجول في دواخلهم، والأهمّ هو الاستماع من دون حكم، لأنّ ذلك سيزيد الوضع سوءًا.    تعليم مهارات التأقلم  قم بتزويد الأطفال باستراتيجيّات التأقلم المناسبة لأعمارهم، لمساعدتهم على إدارة التوتّر والقلق. يمكن لتقنيّات مثل التنفّس العميق وتمارين التأمّل، أن تمكّن الأطفال من تنظيم عواطفهم. على سبيل المثال، تعليم الطفل أن يأخذ أنفاسًا بطيئة وعميقة عندما يشعر بالإرهاق، يمكن أن يمنحه أداة لتهدئة نفسه، ومساعدته على تطوير المرونة في مواجهة التوتّر.  اطلب المساعدة المهنيّة في وقت مبكّر  إذا لاحظت علامات الصدمة لدى طفلك، فكّر في استشارة أخصائيّ الصحّة العقليّة المتخصّص في علاج الأطفال. أثبتت العلاجات، مثل العلاج السلوكيّ المعرفيّ (CBT)، والعلاج السلوكيّ المعرفيّ المرتكز على الصدمات (TF-CBT)، فعّاليّتها في مساعدة الأطفال على معالجة الأحداث المؤلمة. يمكن للتدخّل المبكّر أن يقلّل بشكل كبير من التأثير طويل الأمد للصدمة، ما يسمح للأطفال بالشفاء والمضيّ قدمًا في حياتهم بشكل طبيعيّ.  تشجيع اللعب والتعبير الإبداعيّ  غالبًا ما يعالج الأطفال المشاعر المعقّدة من خلال اللعب والفنّ ورواية القصص. شجّع الأنشطة التي تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم بشكل إبداعيّ، إذ يمكن أن تكون هذه الطريقة خطّة علاجيّة في حدّ ذاتها. يوفّر الرسم، أو تمثيل القصص بالألعاب، أو حتّى كتابة اليوميّات (للأطفال الأكبر سنًّا)، منفذًا آمنًا لمشاعرهم، ويساعد في فهم ما يمرّون به.  كن قدوة في التنظيم العاطفيّ الصحّيّ  يتعلّم الأطفال بمراقبة البالغين، لذلك من المهمّ أن تكون قدوة في التنظيم العاطفيّ الصحّيّ. عندما يتعامل البالغون مع التوتّر والغضب والحزن بشكل بنّاء وإيجابيّ، سيتعلّم الأطفال أنّه من الممكن التعامل مع المشاعر الصعبة من دون فقدان السيطرة. أظهر لهم أنّه من الجيّد طلب الدعم، والتحدّث عن المشاعر، وأخذ الوقت الكافي لتهدئة النفس عند الشعور بالإرهاق.  التواجد في بيئة داعمة  أحد أكبر العوامل الوقائيّة ضدّ الصدمات، وجودُ شبكة دعم قويّة. يمكن للعلاقات الإيجابيّة مع الآباء والمعلّمين والموجّهين وأفراد الأسرة الآخرين، أن تحمي الأطفال من أسوأ آثار قد تخلّفها الصدمة. حاول دائمًا أن تبذل جهدًا لبناء هذه الروابط والحفاظ عليها، إذ غالبًا ما يكون الأطفال الذين يشعرون بالدعم مجهّزين بشكل أفضل للتعافي من التجارب السلبيّة.    ***  يسمح فهم أعراض الصدمة النفسيّة لدى الأطفال للأهل بالاستجابة بالتعاطف والصبر والتفهّم، بدلًا من ترك تلك الجروح الصامتة تتفاقم. يجب ألّا تحدّد الصدمة، أيًّا كان نوعها، مستقبل الطفل، لأنّه يمكن للأطفال الشفاء والنموّ، وأن يصبحوا أقوى من ذي قبل، إذا توفّرت لديهم الظروف والبيئة الداعمة التي تساعدهم على تحويل تجاربهم السيّئة إلى سلاح ثمين، يواجهون به تحدّيات الحياة.   المراجع https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-9889  https://www.verywellmind.com/what-are-the-effects-of-childhood-trauma-4147640  https://www.nctsn.org/what-is-child-trauma/about-child-trauma#:~:text=Traumatic%20reactions%20can%20include%20a,acquired%20skills%2C%20attention%20and%20academic  https://www.webteb.com/articles/%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A

ما العمر المناسب لترك الطفل بمفرده في الغرفة؟

يمثّل تحديد السنّ المناسب ليبدأ الطفل النوم بمفرده في غرفة مستقلّة تحدّيًا كبيرًا للآباء، إذ تعتمد قدرة الأطفال على قضاء الوقت بمفردهم على مجموعة من العوامل، منها مستوى نضجهم، ومدى أمان البيئة في الغرفة التي يبقون فيها. وفي حين أنّ بعض الاستقلال يشكّل جزءًا صحّيًّا من نموّ الطفولة، إلّا أنّ ترك الطفل من دون إشراف في وقت مبكّر جدًّا، قد تكون له عواقب وخيمة على سلامته.  سيناقش هذا المقال الاعتبارات اللازمة لاتّخاذ القرار بشأن متى يكون من الآمن ترك الطفل بمفرده في غرفته، والعواقب المحتملة للوقت المبكّر من دون إشراف.    ماذا يعني أن يكون الطفل" وحيدًا في غرفة"؟  أوّلًا، من المهمّ تحديد ما نعنيه بـ "وحيد في غرفة". هذا لا يعني بالضرورة ترك الطفل في المنزل بمفرده، بل ترك الطفل بمفرده في غرفة داخل المنزل من دون مراقبة، بينما يكون أحد الوالدين قريبًا. قد يعني هذا ترك طفل صغير يلعب بمفرده في غرفة نومه، بينما أنت في المطبخ، أو تركه ينام على سريره بمفرده في غرفة نومه.  يعتمد العمر الذي يصبح فيه هذا مناسبًا، على عوامل متعدّدة، مثل عمر الطفل، والنضج العاطفيّ، وتدابير السلامة المعمول بها.    إرشادات العمر المناسب لترك الطفل بمفرده في الغرفة  في حين لا يوجد عمر متّفق عليه عالميًّا لترك الطفل من دون إشراف، إلّا أنّ علماء النفس التنمويّ وخبراء طبّ الأطفال يقدّمون بعض الإرشادات العامّة، بناءً على الفئة العمريّة وقدرات الطفل.  الرضّع والأطفال الصغار (0-3 سنوات)  النصيحة: لا ينبغي ترك الرضّع والأطفال الصغار بمفردهم في الغرفة أبدًا، حتّى لفترات قصيرة، إلّا إذا توافرت بيئة آمنة خالية قدر المستطاع من الأشياء التي تشكّل خطرًا عليهم، مثل الأواني الزجاجيّة، أو أيّ أداة حادّة الزوايا، فالأطفال في هذه المرحلة يفتقرون إلى القدرة على الحفاظ على أنفسهم سالمين. كما يجب توفير أسرّة مؤمّنة بحيث لا يسقط منها الطفل، إلى جانب مراعاة أن تكون الغرفة قريبة من مسمع الوالدين، أو استخدام جهاز مراقبة الطفل الصوتيّ، ليتمكّن الوالدان من سماع طفلهم عند بكائه أو ندائه لهم.   السبب: في هذه المرحلة، يعتمد الأطفال كلّيًّا على الوالدين، أو على من يرعاهم، لتلبية احتياجاتهم الأساسيّة. لذلك قد يؤذون أنفسهم عن طريق الخطأ، أو يختنقون بأشياء صغيرة، أو قد يعانون حالة ضيق عند تركهم بمفردهم.   الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة (3-5 سنوات) النصيحة: يجوز ترك الطفل في سنّ ما قبل المدرسة بمفرده في غرفة خلال النهار لفترات وجيزة، ولكن فقط في بيئة آمنة ومحميّة، مع تفقّده بشكل متكرّر خلال هذه الفترة. كما من المناسب أيضًا البدء بتشجيع الأطفال في هذا السنّ على النوم بمفردهم في غرفتهم الخاصّة، في حال كان ما يزال الطفل ينام مع أبويه في الغرفة نفسها.   السبب: يبدأ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة في تطوير شعور الاستقلال، ولكنّهم ما زالوا يفتقرون إلى الحكمة في التعرّف إلى المخاطر المحتملة أو تجنّبها. قد يحاولون تسلّق الأثاث، أو الوصول إلى أشياء غير آمنة، أو الخروج من الغرفة. من جهة أخرى، سيساعدهم النوم في مساحتهم الخاصّة في تعزيز الثقة والاستقلال.     الأطفال في سنّ المدرسة (6-10 سنوات)  النصيحة: في هذه المرحلة، يمكن ترك الأطفال بمفردهم في غرفة لفترات أطول، بشرط أن تكون البيئة آمنة، وأن تكون قد علّمتهم قواعد السلامة.  السبب: الأطفال في سنّ المدرسة أكثر قدرة على فهم الحدود واتّباع التعليمات. ومع ذلك، لا يزالون بحاجة إلى الإشراف على الأنشطة التي تنطوي على مخاطر محتملة، مثل الطهو أو استخدام الأجهزة الكهربائيّة.    الأطفال في سنّ ما قبل المراهقة والمراهقون (11 سنة فأكثر)  النصيحة: يمكن للأطفال الأكبر سنًّا عادةً التعامل بشكل جيّد مع تركهم بمفردهم في غرفة لفترات طويلة، ولا سيّما إذا أظهروا المسؤوليّة. ومع ذلك، فإنّه لا يزال من الضروريّ مراعاة المدّة والظروف.  الأسباب: عادةً ما يتمتّع الأطفال في سنّ ما قبل المراهقة والمراهقون بالقدرة المعرفيّة على إدارة أنفسهم بأمان. ومع ذلك، فإنّ العزلة المفرطة في غرفهم يمكن أن تؤدّي إلى مخاوف اجتماعيّة أو عاطفيّة تجب مراقبتها.    عوامل تجب مراعاتها لترك الطفل بمفرده  بعيدًا عن العمر، هناك عدّة عوامل تحدّد متى يكون من المناسب ترك الطفل بمفرده في الغرفة، وتشمل:  - مستوى النضج: قد يكون بعض الأطفال أكثر مسؤوليّة وحذرًا من غيرهم من العمر نفسه. على الأهل تقييم قدرة أطفالهم على اتّباع التعليمات، والتعامل مع المواقف غير المتوقّعة.  - سلامة البيئة: يجب التأكّد من خلوّ الغرفة من مخاطر الاختناق، أو الأشياء الحادّة، أو الموادّ الخطرة (مثل موادّ التنظيف أو الأدوية)، قبل ترك الأطفال الصغار فيها بمفردهم.   - طول المدّة: قد يكون ترك الأطفال الصغار فترات قصيرة من الوقت بمفردهم مناسبًا، بينما يمكن للأطفال الأكبر سنًّا التعامل مع فترات أطول.  - الوصول إلى المساعدة: على الأهل التأكّد من أنّ الأطفال يعرفون كيفيّة الوصول إليهم، أو إلى شخص بالغ موثوق به آخر في حالات الطوارئ.  - الحالة العاطفيّة للطفل: قد يعاني بعض الأطفال قلق الانفصال أو الخوف عند تركهم بمفردهم، ما قد يؤثّر في سلامتهم العاطفيّة.    عواقب ترك الطفل بمفرده في وقت مبكّر جدًّا  ترك الطفل بمفرده في غرفة يتطلّب مراعاة عوامل التطوّر الفرديّ، إذ يمكن أن ترافقه فوائد تربويّة إذا تمّ ذلك بشكل تدريجيّ ومناسب، ولكنّه قد يسبّب عواقب سلبيّة أيضًا، إذا جاء في وقت غير مناسب، أو لم يرافقه إعداد كافٍ. في ما يأتي بعض العواقب السلبيّة التي قد تنتج عن ترك الطفل بمفرده في وقت لم يكن الطفل جاهزًا فيه:  المخاطر الجسديّة  - الأطفال الصغار فضوليّون بطبيعتهم، وقد يستكشفون بيئتهم بطرق غير آمنة، مثل تسلّق الأثاث، أو ابتلاع الأشياء الصغيرة، أو اللعب بالمنافذ الكهربائيّة.  - وفقًا لمجلّة جراحة الأطفال، فإنّ الإصابات العرضيّة أحدُ الأسباب الرئيسة لزيارات الطوارئ بين الأطفال دون سنّ الخامسة. غالبًا ما تحدث هذه الإصابات عندما يكون الأطفال غير خاضعين للإشراف، وهذا يؤكّد على أهمّيّة التخطيط المسبق لتأمين سلامة الطفل في بيئة آمنة، خالية من مخاطر الإصابات المباشرة المحتملة.    التأثيرات العاطفيّة والنفسيّة  - ترك الطفل بمفرده لفترات قصيرة ومناسبة لعمره قد يساعده على تطوير الشعور بالاستقلاليّة والثقة بالنفس. ومع ذلك، فإنّ الفترات الطويلة، أو الغياب الكامل للتفاعل مع الوالدين، قد يؤدّي إلى شعور الطفل بالخوف أو القلق.  - وجدت دراسة أجريت سنة 2019، ونشرت في مجلّة Developmental Science، أنّ توفير دعم عاطفيّ أثناء مراحل ترك الطفل بمفرده بشكل تدريجيّ، يساعده على بناء روابط آمنة مع والديه، ويقلّل من فرص ظهور مشكلات سلوكيّة في المستقبل. كما أنّه يعلّم الطفل الاعتماد على نفسه لتهدئة مشاعره، ويساعده في بناء مرونة عاطفيّة.    التأثير في المهارات الاجتماعيّة  بالنسبة إلى الأطفال الأكبر سنًّا، خصوصًا الأطفال ما قبل سنّ المراهقة والمراهقون، فإنّ منحهم وقتًا بمفردهم ضمن الحدود المناسبة يساعدهم على تنمية استقلاليّتهم وتنظيم وقتهم. ومع ذلك، تنبغي مراقبة الوقت الذي يقضونه في العزلة، لمنع الاعتماد الزائد على التكنولوجيا أو الشعور بالوحدة.    العمر المناسب لنوم الطفل في غرفة منفصلة  يختلف العمر المناسب للطفل للنوم في غرفة منفصلة حسب المعايير الثقافيّة، وتفضيلات الأسرة، واستعداد الطفل التنمويّ. ومع ذلك، يشير العديد من الخبراء إلى أنّ معظم الأطفال يكونون مستعدّين للانتقال إلى غرفهم الخاصّة بين سنّ 2 و4 سنوات، إذ يبدؤون في هذا الوقت بتطوير شعور الاستقلاليّة. فبعد سنّ العام الواحد، تقلّ الحاجة إلى مشاركة الغرفة، ويبدأ نوم الطفل وطعامه بالانتظام شيئًا فشيئًا، لذلك يمكن للوالدين مساعدة الأطفال تدريجيًّا على الانتقال إلى مساحتهم الخاصّة في هذا العمر. حتّى يكون انتقال الطفل إلى غرفته ناجحًا، من المهمّ إنشاء روتين ثابت لوقت النوم، يتضمّن أنشطة تهدف إلى تهدئة الطفل؛ مثل قراءة قصّة، أو احتضانه ومعانقته، لمساعدته على الشعور بالأمان قبل النوم. ولزيادة طمأنينة الطفل، تمكن زيادة بعض العناصر، مثل وضع لعبته المفضّلة بجانبه، أو توفير إضاءة ليليّة.  أمّا إذا كان الطفل يعبّر عن الخوف أو القلق بشأن النوم بمفرده، فقد يكون من المفيد تأخير الانتقال، أو استخدام خطوات تدريجيّة، مثل بقاء أحد الوالدين في الغرفة حتّى يطمئنّ الطفل وينام.    ***  لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع بشأن العمر المناسب لترك الطفل بمفرده في الغرفة. يعدّ العمر والنضج وسلامة البيئة عوامل حاسمة في تحديد الوقت المناسب. ففي حين يشكّل الاستقلال جزءًا مهمًّا من نموّ الطفل، فإنّ تركه من دون إشراف في وقت مبكّر جدًّا، قد يؤدّي إلى مخاطر تتعلّق بالسلامة والتحدّيات العاطفيّة والمخاوف السلوكيّة.    المراجع https://www.mumsnet.com/talk/_chat/4138765-What-age-could-you-leave-your-child-unsupervised-in-a-different-room-for-15-minutes  https://www.parents.com/baby/development/intellectual/the-value-of-solo-play/#:~:text=At%206%20months%2C%20a%20child,should%20last%20around%2030%20minutes.  https://huckleberrycare.com/blog/when-and-how-to-transition-your-baby-to-their-own-room 

هل يمكن تعليم الطفل أكثر من لغة؟

نظرًا إلى ارتباط اللغة بشكل كبير بعوامل النجاح المهنيّ والأكاديميّ، أصبح الآباء أكثر تشديدًا على تعليم الطفل لغات متعدّدة منذ سنّ مبكّرة. ومع ذلك، تدعم العديد من الأبحاث فكرة أنّ الأطفال لا يستطيعون تعلّم أكثر من لغة فحسب، بل يجب عليهم ذلك. في الواقع، إنّ فوائد التنشئة ثنائيّة اللغة أو متعدّدة اللغات، تتجاوز مجرّد الكفاءة اللغويّة، فهي تشكّل القدرات المعرفيّة للطفل، وفهمه الثقافيّ، وفرصه المستقبليّة.    قدرة دماغ الطفل على تعلّم أكثر من لغة  لفهم سبب قدرة الأطفال على تعلّم لغات متعدّدة، من المهمّ أوّلًا تحليل آليّة عمل دماغهم. من الولادة حتّى سنّ السابعة تقريبًا، يكون دماغ الطفل في أكثر حالاته مرونة، ما يعني أنّه يتمتّع بقدرة عالية على استيعاب المعلومات الجديدة، والتكيّف معها واستخدامها. غالبًا ما يُشار إلى هذه الفترة باسم "المرحلة الحرجة" في ما يتعلّق بتعلّم اللغة، ففيها يعمل الدماغ بشكل استثنائيّ للتمييز بين الأصوات، والهياكل، وقواعد اللغات المختلفة، ويقوم بتخزينها.  يمكن تشبيه هذه القدرة الفطريّة بالإسفنجة، فهي تسمح للأطفال بتشرّب لغات متعدّدة بأقلّ جهد. على سبيل المثال، يمكن للأطفال في البداية التمييز بين الأصوات اللغويّة لجميع لغات العالم، وبحلول شهرهم العاشر، تبدأ هذه القدرة في التراجع، فتنحصر في الأصوات المحدّدة للغات التي يتعرّضون إليها بانتظام. إذا سمع الطفل أكثر من لغة، سيطوّر دماغه مسارات لكلتا اللغتَين، ما يضمن قدرته على التنقّل بين القواعد والأصوات المميّزة لكلّ لغة بسهولة.     مفاهيم خاطئة حول تعلّم لغات متعدّدة  على الرغم من الأدلّة العلميّة، لا تزال هناك خرافات تحيط بتعلّم لغات متعدّدة. من بين المفاهيم الخاطئة الشائعة، أنّ تعلّم لغات متعدّدة من شأنه أن يربك دماغ الطفل، ما يؤدّي إلى تأخّره في الكلام أو التطوّر المعرفيّ. في الواقع، على الرغم من أنّ الأطفال ثنائيّي اللغة قد يخلطون بين اللغات أحيانًا (ظاهرة تعرف بالتبديل بين اللغات)، إلّا أنّ هذا ليس علامة على تشوّش الدماغ، بل هو طريقة طبيعيّة ومتطوّرة للتعامل مع معرفتهم اللغويّة. مع مرور الوقت، يتعلّمون فصل اللغات حسب السياق والمتحدّث، ما يظهر مرونة معرفيّة عالية.  من المفاهيم الخاطئة الأخرى أنّ الأطفال يحتاجون إلى إتقان لغة واحدة قبل تعلّم لغة أخرى، لكنّ هذا الافتراض لا أساس له من الصحّة. أظهرت الدراسات أنّ الأطفال ثنائيّي اللغة يحقّقون الإنجازات ذاتها التي يحقّقها أقرانهم أحاديّو اللغة، وغالبًا بالوتيرة نفسها أيضًا. وفي بعض الحالات، يتفوّقون حتّى على أقرانهم في المهامّ التي تتطلّب حلّ المشكلات، والقيام بمهامّ متعدّدة، بسبب الفوائد المعرفيّة التي تأتي مع إدارة أنظمة لغويّة متعدّدة.    الفائدة الثقافيّة والاجتماعيّة لتعليم الطفل أكثر من لغة  إلى جانب الفوائد المعرفيّة والأكاديميّة التي سيحصل عليها الطفل، فإنّه سيرى أيضًا كيف أنّ تعلّم أكثر من لغة والتحدّث بها، سيوفّر له مزايا ثقافيّة واجتماعيّة عميقة. يعود ذلك إلى ارتباط اللغة ارتباطًا وثيقًا بالثقافة، فباللغة يكتسب الطفل القدرة على الوصول إلى تقاليد وتاريخ وطرق تفكير متنوّعة، تعود إلى أصل اللغة التي يتحدّث بها. وغالبًا ما يطوّر الأطفال ثنائيّو اللغة شعورًا أكبر بالتعاطف والوعي الثقافيّ، لأنّهم يتعرّضون إلى آراء ووجهات نظر عالميّة مختلفة، ما يجعلهم أكثر تفهّمًا للاختلاف.  كما أنّ القدرة على التواصل بلغات متعدّدة توسّع الفرص الاجتماعيّة، فيمكن للطفل ثنائيّ اللغة تكوين علاقات مع مجموعة أوسع من الناس، وتعزيز العلاقات عبر المجموعات والنوادي الثقافيّة واللغويّة.    أفضل الممارسات لتربية طفل متعدّد اللغات  يتطلّب تعليم الطفل أكثر من لغة اتّساقًا وصبرًا وفهمًا لأفضل الممارسات. في الآتي بعض الاستراتيجيّات الفعّالة:  شخص واحد، لغة واحدة (OPOL)  في هذه الطريقة، يتحدّث كلّ والد لغة مختلفة مع الطفل. على سبيل المثال، قد يتحدّث أحد الوالدين الإنجليزيّة، بينما يتحدّث الآخر بالإسبانيّة. يساعد هذا النهج الطفل على ربط كلّ لغة بشخص معيّن، ما يقلّل التشوّش المحتمل.  اللغة الأمّ مقابل اللغة المتبنّاة   يجب التمييز بين اللغة الأمّ واللغة المتبنّاة، إذ يحدث خلط بين المفهومَين في الممارسة الفعليّة. فاللغة الأمّ هي اللغة التي ينشأ عليها الطفل، وتُعدّ الخيار الطبيعيّ للأسرة، باعتبارها اللغة السائدة في المجتمع، ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالانتماء الدينيّ والقيميّ والثقافيّ للبلد. أمّا اللغة المتبنّاة، فهي اللغة التي يكتسبها الطفل في سياقات مختلفة، مثل استخدام الأسرة في المنزل لغة أخرى غير اللغة الأمّ، أو تعليمه في الحضانة والمدرسة بلغة أجنبيّة، أو اختلاطه بأطفال أجانب في بيئات متعدّدة، مثل الأندية والمجتمعات المختلطة.  في بعض الأسر العربيّة، قد تحلّ اللغة المتبنّاة محلّ اللغة الأمّ، خصوصًا إذا كانت الإنجليزيّة أو غيرها لغة التواصل الرئيسة في المنزل، أو في المؤسّسة التعليميّة التي يرتادها الأطفال. في هذه الحالة، لا يقتصر تأثير اللغة المتبنّاة على الجانب اللغويّ فقط، بل يمتدّ ليحمل معه هويّة ثقافيّة وقيمًا، تختلف عن تلك التي تتبنّاها مجتمعات الأطفال الأصليّة. ومن اللافت أنّ بعض الأسر العربيّة التي تعيش في دول غربيّة، تحرص على التحدّث مع أطفالها باللغة العربيّة في المنزل، على رغم أنّ لغة المجتمع مختلفة، فتتمكّن بذلك من تحقيق التوازن بين إتقان الطفل لغة المجتمع، وبين الحفاظ على ارتباطه بجذوره الثقافيّة. وفي المقابل، هناك أسر عربيّة اندمجت تمامًا في ثقافة المجتمع الذي تعيش فيه، وتخلّت عن اللغة العربيّة، فأصبحت اللغة الأجنبيّة، مثل الإنجليزيّة، هي اللغة الأمّ بالنسبة إلى أطفالها.  لكلّ أسرة حريّة اختيار ما يناسب طفلها، لكن من الضروريّ إدراك أنّ الأولويّة المطلقة يجب أن تكون لتعليم الطفل لغة بلده الأمّ، باعتبارها الأساس الذي تُبنى عليه هويّته وشخصيّته وارتباطه الثقافيّ والمجتمعيّ، فهي الركيزة التي يجب أن تتمحور حولها تنشئته، سواء تعلّمها وحدها، أم إلى جانب لغات أخرى. بذلك، سيكبر الطفل وهو يمتلك قدرة على التفاعل مع البيئات متعدّدة الثقافات، وكفاءة في التواصل بمختلف اللغات المتبنّاة، لكن تحت مظلّة هويّته العربيّة وإتقانه الكامل للغته الأمّ.  الاستمراريّة  الممارسة المستمرّة للغتَين أمر ضروريّ. قد يكون طفلك خجولًا بشأن استخدام كلتا اللغتَين أو إحداهما، لذا، كلّ ما عليك فعله هو دعمه وتشجيعه، بابتكار مواقف يحتاج فيها إلى استخدام اللغتَين يوميًّا.  تنويع أساليب ممارسة اللغة  من المرجّح أن يتفاعل الأطفال مع اللغات أكثر عندما يشعرون أنّها ممتعة. لذا، يمكن أن يؤدّي غناء الأغاني، أو مشاهدة الرسوم المتحرّكة، أو ممارسة الألعاب ثنائيّة اللغة، إلى جعل تعلّم اللغة تجربة جميلة ومحبّبة.  هبة تدوم لطفلك مدى الحياة   نعلم أنّ الأمر ليس بهذه السهولة، وأنّه يتطلّب وقتًا وجهدًا لتعليم الطفل أكثر من لغة. لكن عليك أن تنظر إلى الأمر على أنّه هبة تدوم مع طفلك مدى الحياة. ثنائيّة اللغة، أو التعدّد اللغويّ يثري عقل طفلك، ويوسّع آفاقه، ويزوّده بالأدوات اللازمة للتنقّل في عالم متنوّع، بشكل أكثر مرونة وسهولة. لا تقلق، ستتفاجأ بقدرة طفلك الكبيرة على الالتزام والاستمراريّة، لا سيّما إذا تعلّق الأمر بتعلّم لغة جديدة.  ومع زيادة أهمّيّة وسائل التواصل الاجتماعيّ والمجتمع الرقميّ المتطوّر، أصبح التواصل المفتاح للمكانة الاجتماعيّة والمهنيّة. لذا، فإنّ توفير القدرة على التحدّث بأكثر من لغة للطفل، يعدّ استثمارًا في مستقبله.    المراجع https://www.asha.org/public/speech/development/learning-more-than-one-language/#:~:text=Children%20can%20learn%20to%20use,one%20language%20better%20than%20others.  https://www.communicationcommunity.com/can-i-teach-my-child-two-languages-yes/   

التربية

تظل قضيّة التربيّة والتعليم أحد أهم المسائل التي طالما أنعم فيها الفلاسفة والمفكرون النظر، فالسبيل الوحيد لإصلاح أي مجتمع والارتقاء بأفراده هو بث الفضائل والقيم في النشء بجانب دراسة المواد العلميّة، ولكن أولًا يجب أن تكون العمليّة التعليميّة ذاتها جيدة وسليمة وترتكز على أسس قويّة بحيث تحقق أهدافها، وهو الذي لم يجده المؤلف والفيلسوف الإنجليزيّ «هربرت سبنسر» في نظام التعليم الإنجليزيّ خلال القرن التاسع عشر؛ فأصدر هذا الكتاب الذي بيَّن فيه رؤيته للعمليّة التربويّة بأسرها، وشدَّد على ضرورة العناية بعلوم المستقبل الهامة (كالعلوم الطبيعيّة والبيولوجيّة) وكذلك أمثل الطرق لتدريسها، وقد أشار أيضًا إلى أنّ العمليّة التعليميّة لا تكتمل على نحوٍ صحيح إلا من خلال عنايتها بتربيّة الفرد بدنيًّا وأخلاقيًّا؛ الأمر الذي يضفي على عمليّة التعليم بُعدًا إنسانيًّا هامًّا. الناشر: مؤسسة هنداوي للنشر. للوصول إلى الكتاب الرجاء الضغط على الرابط هنا.