والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

معاقبة الأطفال: كيف أعاقب طفلي؟

هل ينمّي العقاب المسؤوليّة الذاتيّة لدى أطفالنا؟   تأديب الأطفال أحد أصعب جوانب تربية الأبناء، لأنّه يُعنى في تعليم الطفل تحمّل المسؤوليّة والتحكّم في الذات. فمن الطبيعيّ أن يرغب الوالدان في تصحيح سلوك طفلهم بسرعة عندما يسيء التصرّف. ومع ذلك، فإنّ العقاب يمكن أن يؤدّي إلى عواقب غير مقصودة، مثل الاستياء أو الخوف أو توتّر العلاقة بين الوالدين والطفل، إذا لم يتمّ التعامل معه بعناية. فقد يفقد بعض الآباء أعصابهم، ويعاقبون الأطفال بطرق غير صحيحة تأتي بنتائج عكسيّة، بل وسلبيّة على الأطفال إلى الحدّ الذي قد تطال معه احترام الطفل لذاته وثقته بنفسه. يتعلّق التأديب الفعّال بالتعليم، وليس فقط بالعقاب، وينبغي أن يوجّه الأطفال نحو فهم الفرق بين الصواب والخطأ، مع تعزيز ضبط النفس والمساءلة والاحترام.  في هذا المقال، سوف نستكشف كيف يمكن للوالدين استخدام العقاب بشكل بنّاء، وأيّ المواقف تستحقّ التأديب، ولماذا لا تستحقّ بعض السلوكيّات العقاب بالضرورة، بل تتطلّب اتّباع نهج مغاير.    متى تجب معاقبة الطفل؟  لا تتطلّب كلّ السلوكيّات السيّئة العقاب؛ فقد تتطلّب بعض المواقف التصحيح أو التوجيه فقط، بدلًا من اللجوء إلى العقاب الحادّ. في الآتي أنواع السلوكيّات التي قد تستحقّ العقاب:  العصيان المتعمّد  عندما يتجاهل الطفل القواعد عمدًا، أو يتحدّى التعليمات المباشرة، فمن المناسب فرض العقاب في هذه الحالة. على سبيل المثال، إذا طلبت من طفلك التوقّف عن رمي الألعاب واستمرّ في ذلك عمدًا، فإنّ العواقب الصارمة مثل أخذ اللعبة بعيدًا تكون مبرّرة.  الأفعال غير الآمنة أو الضارّة  السلوكيّات التي تعرّض الطفل أو الآخرين إلى الخطر، مثل الضرب أو العضّ أو الجري في الشارع أو تسلّق الهياكل غير الآمنة، خصوصًا إذا كانت متعمّدة وبعد توجيه متكرّر، تتطلّب تصحيحًا فوريًّا، إذ تجب معالجة هذه الأفعال لمنع الضرر وتعليم السلامة.  الكذب  الكذب أو السرقة أو إخفاء الحقيقة يمكن أن تزعزع الثقة، وتؤدّي إلى عواقب طويلة الأجل إذا لم تُعالج. يجب أن تركّز عقوبة الكذب على إصلاح الثقة وفهم أهمّيّة الصدق.  عدم الاحترام أو السلوك المؤذي  إذا كان الطفل فظًّا أو غير محترم أو مؤذٍ للآخرين عمدًا، مثل استخدامه الشتائم أو السخرية من شخص ما، فمن المهمّ معالجة السلوك، وتعليم الطفل معنى التعاطف.  سوء السلوك المتكرّر  عندما يكرّر الطفل باستمرار السلوك غير المقبول نفسه، على الرغم من التحذيرات أو التذكير المتكرّر، فإنّ العقوبة المناسبة يمكن أن تعزّز أهمّيّة اتّباع القواعد.    ما المواقف التي لا تنبغي معاقبة الطفل عليها؟  في حين أنّ العقاب ضروريّ في بعض الأحيان، فإنّ بعض السلوكيّات لا تستحقّ العقاب، ومن الأفضل معالجتها بأساليب أخرى من التأديب، مثل:  السلوكيّات المرافقة للعمر  هل قام طفلك بكسر كوب من الزجاج لأنّه لم يلاحظه بسبب اندفاعه؟ هذا هو المقصود، فغالبًا ما يُظهر الأطفال الصغار سلوكيّات، مثل نوبات الغضب أو النسيان أو التهوّر، لأنّهم ما زالوا يتعلّمون ضبط النفس والانفعال. هذه التصرّفات طبيعيّة من الناحية التنمويّة، وتجب مواجهتها بالصبر والتوجيه بدلًا من العقاب.  الأخطاء أو الحوادث  غالبًا ما تكون الحوادث مثل انسكاب الحليب أو كسر لعبة أو نسيان الواجبات المنزليّة غير مقصودة. يمكن أن تجعل معاقبة الأخطاء الأطفالَ خائفين من تجربة أشياء جديدة، أو الصدق بشأن الحوادث. بدلًا من العقاب، ركّز على مساعدتهم في حلّ المشكلة، مثل تنظيف ما سُكب على الأرض معًا، مع توضيح ما حصل ولماذا حصل، فهذا سيجعل الطفل أكثر إدراكًا للأشياء من حوله.  الانفجارات العاطفيّة  قد يبكي الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، أو يصرخون أو يتصرّفون بشكل غير لائق عندما تطغى عليهم المشاعر. بدلًا من معاقبة تعبيراتهم العاطفيّة، ساعدهم في تسمية مشاعرهم ومعالجتها. على سبيل المثال، قل: "أرى أنّك منزعج. دعنا نتحدّث عمّا يزعجك".  الاستكشاف والفضول  الفضول جزء طبيعيّ من الطفولة، ويؤدّي أحيانًا إلى سلوكيّات مثل تفكيك الألعاب، أو تجربة أشياء لا ينبغي لمسها. بدلًا من معاقبة الفضول، قم بإعادة توجيهه نحو أنشطة أكثر أمانًا وملاءمة.  الطرق الفعّالة لمعاقبة الأطفال  الهدف من العقاب هو تعليم الأطفال درسًا وتقويم سلوكهم، لذا يجب أن يكون العقاب بنّاءً، ويساعد الأطفال في التعلّم من أخطائهم، بدلًا من زرع الخوف أو المشاعر السلبيّة في أنفسهم. لذا، نستعرض بعض الاستراتيجيّات للانضباط الفعّال والإيجابيّ:  استخدام العقوبات المنطقيّة  ترتبط العقوبات المنطقيّة بشكل مباشر بسوء السلوك، ما يساعد الأطفال على ربط أفعالهم بالنتائج. فعلى سبيل المثال:  - إذا رفض الطفل تنظيم ألعابه أو تركها مبعثرة في غرفته، فيكون العقاب المنطقيّ حرمانه من هذه الألعاب لمدّة يوم كامل.  - إذا كسر الطفل لعبة شقيقه أو شقيقته، فيكون العقاب المنطقيّ أن يساعد في إصلاحها، فيدخّر من مصروفه لشراء لعبة بديلة.  يتميّز هذا النهج من العقاب بتعليم الطفل مبدأ المسؤوليّة، من دون أن يجعله يشعر بالظلم.  الحفاظ على الهدوء وعدم التمييز  يكون الانضباط أكثر فعّاليّة عندما يتمّ تطبيقه بهدوء؛ فالصراخ على الطفل أو تفريغ شحنة الغضب فيه يضيّع الرسالة التربويّة، ويتسبّب في خوفه أو محاولته الدفاع عن نفسه، حتّى لو كان يشعر بخطئه. يكمن الحلّ في تطبيق القواعد نفسها مهما اختلفت المواقف، حتّى يستطيع طفلك توقّع عواقب أفعاله بوضوح، وإدراك أنّه يستحقّ العقاب عندما يخالف القواعد.  استخدم الوقت التأديبيّ المستقطع بالشكل المناسب  يمكن أن يكون الوقت المستقطع وسيلة فعّالة لمنح الأطفال مساحة للهدوء والتفكير في سلوكهم، ولكن يجب الحرص على تناسب الوقت المستقطع مع عمر الطفل (على سبيل المثال يمكن إضافة دقيقة واحدة في مقابل كلّ سنة من عمر الطفل)، واستخدامه أسلوبًا تعليميًّا وليس عقابًا في حدّ ذاته، ويجب أن يتبعه التحدّث إلى الطفل حول ما قام به، وكيف يتصرّف بشكل أفضل في المرّة القادمة ليكون طفلًا مطيعًا، وليس لتجنّب العقاب نفسه.  التركيز على تهذيب الطفل وليس إشعاره بالذنب  يجب تجنّب العقاب الذي يهين الطفل أو يشعره بالخجل، مثل توجيه الشتائم أو النقد الشديد أو توبيخه أمام الناس؛ فهذه التصرّفات تدمّر تقديره لذاته. وبدلًا من ذلك عليك التركيز على مساعدة طفلك في فهم سبب خطأ سلوكه وكيفيّة تعديله.  تعزيز السلوك الإيجابيّ  من المهمّ الموازنة بين العقاب والتعزيز الإيجابيّ، فمثلًا، يجب عقاب الطفل عندما يخطئ، ويجب أيضًا مدحه ومكافأته عندما يحسن السلوك؛ سيساعده هذا في معرفة السلوكيّات المرغوبة التي تحظى بالتقدير، ويحفّزه على تكرارها للتمتّع بالمكافأة.  عرض الخيارات وإشراك الطفل في حلّ المشكلات  قد تقتضي بعض المواقف إشراك الطفل في حلّ المشكلة؛ على سبيل المثال، إذا اعترض على قصر وقت استخدام الحاسوب أو الهاتف الذكيّ خلال اليوم، فاعرض عليه سبب تخصيص وقت لاستخدام الشاشات، واطلب منه أن يختار بنفسه الحلّ المناسب لضمان عدم التأثير في نومه وتركيزه في المذاكرة. يعمل هذا النهج على تعزيز التفكير النقديّ والتعاون، وتقليل تحدّي الطفل للوالدين.    بدائل العقاب  في بعض المواقف لا يعدّ العقاب هو الحلّ الأفضل، وهناك العديد من البدائل التي تحقّق نتائج أفضل في التعامل مع سوء السلوك، مثل:  - تحويل الانتباه: بالنسبة إلى الأطفال الصغار، يمكن توجيه انتباههم إلى سلوك أكثر ملاءمة.  - العواقب الطبيعيّة: وتتلخّص في السماح للأطفال بتجربة النتائج الطبيعيّة لأفعالهم؛ على سبيل المثال، إذا أهملوا فروضهم المدرسيّة أو تكاسلوا في التحصيل الدراسيّ، حينها قد يحصلون على درجات متدنيّة أو يرسبون في اختباراتهم.  - تقديم القدوة: يمكن للآباء والأمهات أن يقوموا بالسلوك الذي يريدون أن يقوم به أطفالهم، مثلًا إذا كنت تريد أن يتحدّث طفلك باحترام، فتحدّث إليه باحترام، أو دعه يراك تحدّث الآخرين باحترام.  - حوار حلّ المشكلات: ساعد طفلك في التفكير في سلوكه بطرح أسئلة عليه، مثل: ماذا يمكنك أن تفعل بشكل مختلف في المرة القادمة؟    ***  العقاب جزء أساسيّ وضروريّ في تربية الأطفال، ولكن يجب أن يكون مدروسًا وعادلًا وبنّاءً على الدوام. بالتركيز على تعليم الطفل درسًا بدلًا من مجرّد عقابه، يمكن للآباء والأمّهات مساعدة أطفالهم في تطوير مهارات حياتيّة مهمّة، مثل المسؤوليّة والتعاطف والانضباط الذاتيّ.  لكنّ العقاب ليس صالحًا لكلّ الحالات، فبعض السلوكيّات يمكن التعامل معها بشكل أفضل بالصبر، أو تحويل الانتباه، أو العواقب الطبيعيّة، أو الحوار، أو غيرها. ففي نهاية المطاف، يتلخّص الانضباط الفعّال في مساعدة الأطفال في التعلّم من أخطائهم، مع الشعور بالأمان بالحصول على الحبّ والدعم من الأب والأمّ، واللذَين يمكنهما أن يربّيا أطفالًا يتمتّعون بالثقة بالنفس، والمرونة العاطفيّة، والاحترام لذواتهم والآخرين، باستخدام العقاب الذكيّ، وتجاوزه عندما يقتضي الأمر.     المراجع   https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/discipline-and-children  https://www.healthychildren.org/English/family-life/family-dynamics/communication-discipline/Pages/Disciplining-Your-Child.aspx  https://www.unicef.org/parenting/ar/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%A4%D8%AF%D9%91%D8%A8-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%A9/%D8%B1%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 

ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟

تربية الأطفال رحلة مليئة بالحبّ والضحك، ولكنّها بالطبع لا تخلو من الصعوبات، بدءًا من ليالي السهر مع المولود الجديد، إلى مواجهة تقلّبات المراهقة العاطفيّة. كلّ مرحلة من مراحل الأبوّة والأمومة تأتي بتجاربها الخاصّة ونجاحاتها المتفرّدة. ولكن، يبقى السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الأهل منذ اللحظة التي يعرفون فيها أنّهم سيرزقون بمولود، ألا وهو: ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  الإجابة عن هذا السؤال ليست بسيطة كما تبدو، فغالبًا ما يظنّ الأهل أنّ المراهقة أصعب مرحلة. لكنّ هذا الأمر متفاوت أيضًا، إذ يجد بعض الأهل أنّ مراحل معيّنة أصعب من غيرها، حسب عوامل مثل طبع الطفل، وديناميكيّة الأسرة، والظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة. ومع ذلك، يتّفق الكثير من الأهل وخبراء تنمية الطفل على أنّ هناك مراحل معيّنة تفرض تحدّيات خاصّة. في هذه المقالة، سنستعرض بعضًا من هذه المراحل، موضّحين لماذا تُعتبر صعبة، مع تقديم بعض النصائح لمساعدة الآباء والأمّهات في تجاوز كلّ منها.    مرحلة الطفولة المبكّرة: مرحلة الإرهاق الجسديّ  تعتبر الأشهر الأولى من حياة الطفل من الأكثر إرهاقًا للوالدين جسديًّا؛ ففي هذه المرحلة يحتاج الأطفال إلى اهتمام ورعاية مستمرّين، فهم يستيقظون عدّة مرّات في الليل، ويحتاجون إلى التغذية كلّ بضع ساعات، ولا يستطيعون التعبير بوضوح عن احتياجاتهم، ما يجعل الأمور تعتمد على التخمين أحيانًا، وكثيرًا ما ستنتهي محاولات فهم الطفل إلى الشعور بالإحباط.  بالإضافة إلى الإرهاق الجسديّ، تصطحب هذه المرحلة معها العديد من الصعوبات العاطفيّة. فالانتقال إلى دور الوالديّة قد يثير مشاعر معقّدة، مثل الفرح الممزوج بالقلق، والرضا المقرون بالشكّ الذاتيّ؛ إذ يشعر الكثير من الأهل بمسؤوليّة كبيرة، ويخشون عدم قدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم. وتزداد صعوبة هذه المرحلة بالنسبة للأهل الذين لا يتمتّعون بدعم كافٍ، سواء من شريك، أو من عائلتهم الكبيرة، أو من مجتمع داعم.  ومع ذلك، وعلى رغم صعوبة هذه المرحلة جسديًّا، فإنّه يُنظر إليها عادةً على أنّها مرحلة بسيطة من حيث فهم احتياجات الطفل، إذ تكون التحدّيات في هذه المرحلة لوجستيّة وجسديّة في الغالب؛ فالأطفال الرضّع يحتاجون إلى النوم والغذاء والحبّ، وليس لديهم بعدُ التعقيد العاطفيّ الذي يؤدّي إلى مشكلات سلوكيّة أو نفسيّة.    مرحلة الطفولة: مرحلة الصراع على الاستقلال  بمجرّد أن يصل الأطفال إلى مرحلة الطفولة – تقريبًا بين عمر سنة وثلاث سنوات – تبدأ شخصيّاتهم في الظهور، مع اكتشافهم الشعور بالاستقلاليّة. فمن جهة، تتميّز هذه المرحلة بلحظات اكتشاف وتطوّر رائعة، لكن من جهة أخرى، تغلب عليها نوبات الغضب والتصرّفات التي قد تبدو غير منطقيّة. ففي هذا العمر، يبدأ الأطفال بفهم مشاعرهم واستكشاف حدودهم، ما يؤدّي إلى صراعات على السلطة تتعلّق بكلّ شيء، من مواعيد النوم إلى أوقات الطعام.  يواجه الأطفال الصغار تحدّيًا في التعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم بالكلمات، ما يؤدّي إلى الشعور بالإحباط من كلا الجانبين. بالنسبة إلى الأهل، تصبح الأمور أشبه بعمليّة توازن دقيقة، إذ يحاولون الموازنة بين فرض الحدود وتشجيع استقلاليّة الطفل. ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المرحلة تتطلّب صبرًا واستمراريّة، إذ يميل الأطفال إلى التمرّد على القواعد، واختبار الحدود باستمرار.  تبرز صعوبة هذه المرحلة بشكل خاصّ لدى الأهل الذين اعتادوا على المزيد من السيطرة على حياتهم اليوميّة، لكنّ أساس تجاوزها بطريقة سليمة هو إدراك أنّ سلوكيّات الأطفال أثناءها مؤشّرات طبيعيّة على تطوّرهم، إذ يحتاجون إلى مساحة للاستكشاف، والوقوع في الأخطاء، وتحدّي القواعد من حين إلى آخر، فكلّ هذه الأمور مهمّة لنموّهم.    الطفولة المبكّرة: مرحلة "لماذا؟"  في سنّ 4 إلى 6 سنوات، يدخل الأطفال في مرحلة فضول كبير، ويبدؤون بطرح أسئلة لا حصر لها، تبدأ غالبًا بكلمة "لماذا؟". تُعتبر الطفولة المبكّرة مرحلة تطوّر سريع على الصعيدين المعرفيّ والاجتماعيّ، إذ يبدأ الأطفال في التساؤل عن العالم من حولهم. وعلى الرغم من أنّ فضولهم محبّب، إلّا أنّه قد يكون مرهقًا للأهل الذين يجدون أنفسهم مضطرّين إلى الإجابة عن كلّ سؤال تارةً، وتجنّب الأسئلة المحرجة تارةً أخرى.  في هذه المرحلة، يبدأ الأطفال بتكوين صداقات، وتطوير حسّ التعاطف، وتعلّم أساسيّات التعاون وحلّ النزاعات. يصبح الأطفال في هذه المرحلة أكثر اهتمامًا بالديناميكيّات الاجتماعيّة، وقد يواجهون أولى تجارب الرفض أو التنمّر، ما قد تكون مشاهدته مؤلمة للأهل. كما يبدأ الأطفال في هذه المرحلة فهم القواعد والأخلاق، ما يعني أنّها مرحلة حسّاسة للأهل، وتفرض عليهم الاستمراريّة في توجيه أطفالهم وتعليمهم.  يواجه الأهل في هذه المرحلة تحدّيًا في تحقيق التوازن بين التأديب والحريّة، إذ يرغبون في أن يستكشف أطفالهم ويتعلّموا الأشياء من حولهم، ويختبروا قدرتهم على التعامل مع مختلف المواقف الحياتيّة، ولكن عليهم أيضًا فرض الحدود وتعليمهم المسؤوليّة. يكمن التحدّي في دعم فضول الطفل واستقلاليّته، من دون أن يفقدهم ذلك شعورهم الطبيعيّ بالدهشة والحبّ للاكتشاف.    الطفولة المتوسّطة: مرحلة قلق الأقران  بين سنّ 6 و12 سنة، يدخل الأطفال ما يُعتبر غالبًا مرحلة "الهدوء قبل العاصفة"، أي مرحلة المراهقة. لكنّ الهدوء أثناءها لا يعني أنّها ستكون سهلة تمامًا. مع دخول الأطفال إلى المدرسة، يصبحون أكثر تأثّرًا بأقرانهم، وتصبح الحاجة إلى القبول الاجتماعيّ جزءًا مهمًّا من حياتهم؛ فتتعمّق الصداقات، ويبدأ الأطفال في تطوير هويّتهم الخاصّة خارج نطاق الأسرة.  في هذه المرحلة، قد يواجه الأهل قلقًا بشأن تأثير الأقران، والثقة بالنفس، والأداء الأكاديميّ لأطفالهم. قد يصارع الأطفال للاندماج في مجتمعهم الصغير في المدرسة، أو يواجهون التنمّر، أو يمرّون بضغط للتفوّق في المدرسة أو الأنشطة اللاصفّيّة. كما تبدأ المقارنات بين الذات والآخرين، ما قد يؤثّر في ثقتهم بأنفسهم.  يواجه الأهل مهمّة صعبة في تقديم التوجيه من دون فرض سيطرة مفرطة. يحتاج الأطفال إلى مساحة لاتّخاذ قراراتهم الخاصّة، حتّى لو كانت تلك القرارات تؤدّي أحيانًا إلى خيبات أمل صغيرة. التحدّي في هذه المرحلة يكمن في دعمهم وتشجيعهم بينما يتعلّمون كيفيّة التنقّل بين تعقيدات الصداقات والمنافسة واكتشاف الذات.    المراهقة: مرحلة الاستقلال  اسأل معظم الأهل، وستجد أنّ الكثير منهم يعتبرون المراهقة، من سنّ 13 إلى 18 سنة، المرحلة الأكثر تحدّيًا في تربية الأطفال. تتميّز هذه المرحلة بتغيّرات سريعة على المستوى الجسديّ والعاطفيّ والمعرفيّ. يسعى المراهقون للاستقلال، وغالبًا ما يتمرّدون على السلطة الأبويّة أثناء محاولتهم تأسيس هويّتهم الخاصّة. قد تكون النزاعات التي تنشأ في هذه المرحلة قويّة ومشحونة عاطفيًّا.  تأتي المراهقة مع مجموعة من التحدّيات الجديدة، بما في ذلك الضغط الأكاديميّ، وصراعات الصحّة النفسيّة، وتأثير الأقران، وفي بعض الحالات التجارب التي قد تكون خطرة. يشعر الأهل في هذه المرحلة أنّ القرارات التي يتّخذها أبناؤهم قد تؤثّر بشكل كبير في مستقبلهم، ما يجعل الصراع على الحريّة وحدود السلطة أكثر تعقيدًا من المراحل السابقة.    مرحلة البلوغ الناشئ: مرحلة التخلّي والاعتماد على الذات  لا تنتهي تحدّيات الأبوّة والأمومة عند بلوغ الطفل سنّ الثامنة عشرة. في الواقع ستندهش من هذا، ولكن قد تكون مرحلة الانتقال إلى البلوغ – من عمر 18 إلى 25 سنة – من أصعب المراحل. في هذه المرحلة، يستمرّ الأبناء في اكتشاف أنفسهم، ويبحثون عن مكانهم في الحياة، وبالنسبة إلى الكثير من الأهل، يُعدّ التخلّي عن دورهم باعتبارهم أصحاب السلطة إلى دور داعم أكثر التحدّيات صعوبة.    إذًا، ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  في النهاية، تعتمد الإجابة عن هذا السؤال على الوالدين والطفل وظروفهم الفريدة. قد يجد بعض الأهل أنّ المتطلّبات الجسديّة للطفولة هي الأكثر إرهاقًا، بينما يعاني آخرون التعقيدات العاطفيّة لمرحلة المراهقة. كلّ مرحلة ترتبط بها مجموعة خاصّة من التجارب، وما قد يكون سهلًا بالنسبة إلى عائلة، قد يكون صعبًا للغاية بالنسبة إلى أخرى.   وإن كنت تتساءل عن أيّهما أصعب: تربية الولد أم البنت، فإنّه من الصعب تحديد ذلك، لأنّ التحدّيات التي يواجهها الأهل تختلف باختلاف شخصيّة الطفل، والمرحلة العمريّة، وظروف الأسرة. لكن تقليديًّا، يعتقد البعض أنّ تربية الأولاد قد تكون أصعب في مرحلة الطفولة، بسبب نشاطهم الزائد وتحدّيهم للقواعد، بينما تعتبر تربية البنات أكثر تعقيدًا في مرحلة المراهقة، إذ تنشأ قضايا الثقة بالنفس والضغوط الاجتماعيّة. ومع ذلك، فإنّ كلًّا من الأولاد والبنات يواجه صعوبات فريدة تتطلّب اهتمامًا وتفهّمًا من الأهل، وبالتالي فإنّ الصعوبة تعتمد على كيفيّة تفاعل الأهل مع احتياجات طفلهم الفرديّة، بغضّ النظر عن جنسه.    ***  تُعدّ الأمومة والأبوّة رحلة متطوّرة، وكلّ مرحلة من مراحلها تجلب نوعًا مختلفًا من المصاعب والمكافآت، لكن تذكّر أنّ الأساس هو تقبّل التحدّيات واعتبارها فرصًا للنموّ - لكلّ من الوالدين والطفل. وفي حين أنّه لا توجد مرحلة "سهلة"، فإنّ الحبّ والتعلّم والمرونة المكتسبة على طول الطريق تجعل الرحلة تستحقّ العناء.    المراجع   https://blog.takalm.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/#:~:text=%D8%A3%D8%B5%D8%B9%D8%A8%20%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84%20%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84,-%E2%80%8F%D8%AA%D9%88%D8%AC%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D8%AF&text=%D9%88%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%AF%20%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1,%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D8%AA%D9%84%D9%83%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9.  https://mcaresforkids.com/parenting-hardest-stages/#:~:text=The%20parenting%20hardest%20stages%20are,stage%20of%20their%20child's%20development.  https://madamenoire.com/1137107/the-hardest-stages-of-parenting-ranked/

ما أبرز مخاطر الإنترنت على الأطفال؟

يشكّل الإنترنت أداة لا غنى عنها للأطفال في العصر الحديث، إذ يوفّر لهم موارد تعليميّة وترفيهيّة غنيّة، كما يسهّل التواصل مع الأصدقاء والعائلة. لكن، إلى جانب هذه الفوائد، يخبّئ الإنترنت مجموعة من المخاطر التي لا ينبغي تجاهلها. من التنمّر الإلكترونيّ، والتعرّض إلى محتوى غير لائق، إلى تهديدات الخصوصيّة والاستغلال من قبل الغرباء، تظهر الحاجة الملحّة إلى وعي أكبر من قبل الأهل والمربّين. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على أبرز هذه المخاطر، وتقديم خطوات عمليّة لحماية الأطفال، وجعل تجاربهم الرقميّة أكثر أمانًا.    6 مخاطر للإنترنت على الأطفال  1. التنمّر الإلكترونيّ  يُعدّ التنمّر الإلكترونيّ من أكثر التجارب السلبيّة شيوعًا بين الأطفال والمراهقين في بيئة الإنترنت. فمع انتشار تطبيقات المراسلة، ومنصّات التواصل الاجتماعيّ، والألعاب التفاعليّة، أصبحت فرص التعرّض إلى الإساءة الرقميّة أكبر من أيّ وقت مضى. وقد يكون المعتدون من المحيط القريب، أو من غرباء لا يعرفهم الطفل في الواقع.  تشير دراسة نُشرت في مجلّة JAMA Pediatrics إلى أنّ ما بين 15% و30% من الأطفال والمراهقين تعرّضوا إلى التنمّر الإلكترونيّ، وهو ما يرتبط بزيادة معدّلات القلق والاكتئاب، وحتّى الأفكار الانتحاريّة.  ما التنمّر الإلكترونيّ؟   التنمّر الإلكترونيّ شكل من أشكال الإساءة النفسيّة التي تحدث عبر الأجهزة الرقميّة، مثل الهواتف والحواسيب والأجهزة اللوحيّة، باستخدام الرسائل النصيّة، أو تطبيقات الدردشة، أو منصّات التواصل الاجتماعيّ، أو حتّى الألعاب الإلكترونيّة. وقد يتّخذ هذا التنمّر صورًا مختلفة، مثل إرسال رسائل جارحة، أو نشر محتوى مسيء أو محرج أو كاذب عن الطفل، أو مشاركة معلوماته وصوره الخاصّة من دون إذنه. وتكمن خطورته في أنّه غير مرتبط بزمان أو مكان، وقد يحدث في أيّ لحظة، ويصل بسرعة إلى عدد كبير من الأشخاص، ما يضاعف أثره النفسيّ، ويجعل من الصعب على الطفل الشعور بالأمان بعده، أو التخلّص من تبعاته بسهولة.    2. التعرّض إلى محتوى غير لائق  يعدّ التعرّض إلى محتوى غير لائق أحد أخطار الإنترنت الأساسيّة على الأطفال. يمكن أن يشمل ذلك الموادّ العنيفة، أو الجنسيّة، أو خطاب الكراهيّة، أو المواقع الإلكترونيّة التي تروّج لسلوكيّات ضارّة، مثل تعاطي المخدّرات، أو اضطرابات الأكل، أو إيذاء النفس. ووفقًا لدراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث، أفاد نحو 46٪ من الآباء بأنّ أطفالهم واجهوا محتوى غير لائق أثناء استخدامهم للإنترنت. وقد يخلّف التعرّض إلى مثل هذه الموادّ آثارًا نفسيّة ضارّة على الأطفال، من بينها القلق والخوف وتشكّل تصوّرات مشوّهة عن الواقع.  برغم توفّر ميزات مثل البحث الآمن، وضوابط الرقابة الأبويّة، ومرشّحات المحتوى، لا يزال الأطفال غالبًا عرضة للمحتوى غير المناسب. ويكمن التحدّي الأكبر في أنّ هذه الوسائل قد تفقد فعّاليّتها حين يكون الطفل أكثر إلمامًا بالتكنولوجيا من وليّ أمره، ما يمكّنه من تجاوزها بسهولة.    يُظهر الواقع المؤسف أنّ أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم الثامنة أو التاسعة قد يصادفون محتوى غير مناسب، ما يعرّضهم إلى أخطار نفسيّة وسلوكيّة قد تمتدّ آثارها إلى مراحل لاحقة من حياتهم، منها مثلًا:  - القلق والخوف: قد يشعر الأطفال الذين يتعرّضون إلى صور العنف بالقلق أو الخوف، ويخشون أن تقع لهم أو لأحبّائهم الأحداث المصوّرة.  - وجهات نظر مشوّهة عن الواقع: يمكن أن يؤدّي التعرّض المتكرّر إلى صور غير واقعيّة للعلاقات أو العنف أو السلوكيّات الضارّة، إلى تحريف تصوّر الطفل للواقع، وقد يصعب عليه التمييز بين ما هو حقيقيّ وما هو غير حقيقيّ، ما قد يؤدّي به إلى سلوكيّات غير متكيّفة مع مواقف الحياة الواقعيّة.  - انخفاض مستوى العاطفة: قد يصبح الأطفال الذين يشاهدون محتوى عنيفًا بشكل متكرّر غير حسّاسين، ويظهرون استجابة عاطفيّة منخفضة تجاه هذه الأمور في مواقف الحياة المختلفة. وقد يؤثّر ذلك في قدرتهم على التعاطف مع الآخرين، وعلى ردود أفعالهم في المواقف المؤلمة أو المتضاربة في الحياة الواقعيّة.  - ضعف تطوير العلاقات الصحّيّة: قد يؤثّر التعرّض إلى المحتوى الجنسيّ في سنّ مبكّرة على تطوّر فهم الطفل للجنس والعلاقات. فالأطفال الذين يتعرّضون إلى هذا النوع من المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعيّ، يكونون أكثر عرضة لممارسة الجنس في وقت مبكّر من الحياة، إذ غالبًا ما تُطبّع هذه الوسائل التجارب الجنسيّة المبكّرة، وتُصوّر الجنس على أنّه عرضيّ، وخالٍ من العواقب.    3. التحرّش عبر الإنترنت  غالبًا ما يستغلّ المتحرّشون عبر الإنترنت وسائل التواصل الاجتماعيّ وغرف الدردشة ومنصّات الألعاب، لاستهداف الأطفال الضعفاء، متنكّرين في هيئة أصدقاء، أو مستخدمين أساليب خادعة لكسب ثقتهم. وكما ينبغي على الأطفال أن يكونوا حذرين من الغرباء في الحياة الواقعيّة ممّن قد يشكّلون خطرًا عليهم، فإنّه من الضروريّ أيضًا أن يتحلّوا باليقظة والحذر عند التعامل مع الغرباء على الإنترنت.  قد يسعى هؤلاء المتحرّشون لإشراك الأطفال في محادثات غير لائقة، أو طلب صور صريحة، أو حتّى محاولة ترتيب لقاءات مباشرة. وقد أفاد المركز الوطنيّ للأطفال المفقودين والمستغلّين، بأنّه تلقّى أكثر من 29.3 مليون تقرير يتعلّق بالاستغلال الجنسيّ المشتبه به للأطفال في عام واحد فقط، وهو ما يسلّط الضوء على حجم هذه المشكلة واتّساع نطاقها.    4. أخطار الخصوصيّة وأمن البيانات  غالبًا ما يفتقر الأطفال إلى الوعي الكافي بأهمّيّة حماية معلوماتهم الشخصيّة على الإنترنت، ما يجعلهم عرضة لانتهاكات الخصوصيّة وسرقة الهويّة وتسريب البيانات. وتُعدّ سرقة الهويّة من المشكلات الخطيرة، إذ أتاح الإنترنت فرصًا واسعة للمحتالين لسرقة المعلومات التعريفيّة، وهو ما قد يعرّض الطفل إلى عواقب طويلة الأمد، خصوصًا إذا كانت البيانات المسروقة حسّاسة.  كما يمكن أن يقع الأطفال بسهولة في فخّ هذه الاحتيالات، لا سيّما إذا لم يكونوا على دراية بكيفيّة التصرّف أو ما ينبغي الانتباه له. لذلك، من الضروريّ تعليم الطفل أساليب الاحتيال الشائعة وكيفيّة تجنّبها، والتأكيد على أهمّيّة عدم مشاركة معلومات حساسّة، مثل اسمه الكامل، وعنوانه، وكلمات المرور، ووسائل الاتّصال الخاصّة به.  تقوم العديد من المواقع الإلكترونيّة والتطبيقات بجمع البيانات الشخصيّة، والتي قد يُساء استخدامها إذا وقعت في الأيدي الخطأ. ووفقًا لتقرير صادر عن Common Sense Media، فإنّ نحو 60% من المراهقين لا يدركون كيف يتمّ استخدام بياناتهم، في حين أنّ كثيرًا من التطبيقات لا توفّر سياسات خصوصيّة واضحة، ما يعرّض معلومات الأطفال إلى أخطار حقيقيّة.    5. الإدمان والإفراط في الاستخدام  تُعدّ الطبيعة الإدمانيّة للإنترنت، ولا سيّما إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ والألعاب الإلكترونيّة، مصدر قلق متزايد. فقد يؤثّر الاستخدام المفرط للشاشات في الأداء الأكاديميّ للطفل، ويقلّل من نشاطه البدنيّ، كما يضعف تفاعلاته الاجتماعيّة المباشرة. وتشير دراسة أجرتها الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال إلى أنّ الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًّا في أنشطة قائمة على الشاشة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشكلات نفسيّة، مثل القلق والاكتئاب. يعزى ذلك إلى التنوّع الهائل في خيارات الترفيه المتوفّرة عبر الإنترنت، بما في ذلك منصّات التواصل والألعاب التفاعليّة، والتي تجعل من السهل على الطفل الانغماس فيها لفترات طويلة. وغالبًا ما تُصمّم هذه الوسائط لاستغلال آليّات نفسيّة تُحفّز الإدمان، مثل نظام المكافآت في الألعاب، أو البحث عن القبول الاجتماعيّ بواسطة الإعجاب والتعليقات. ومع الوقت، قد يجد الطفل صعوبة في الانفصال عن عالمه الرقميّ، وقد يُفضّل التفاعل عبر الإنترنت على خوض التجارب الواقعيّة.    6. الأخطار المتعلّقة بالصحّة العقليّة والجسديّة  إن كنت تظنّ أنّ التكنولوجيا قد تكون صديقة جيّدة، فهي مع الأسف ليست كذلك عندما يتعلّق الأمر بصحّتك العقليّة أو الجسديّة؛ فالأطفال على وجه الخصوص معرّضون إلى العديد من المخاطر، مثل إدمان الإنترنت، والآثار المترتّبة عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، مثل القلق والاكتئاب.  وخلال السنوات القليلة الماضية، ازداد الاهتمام بدراسة العلاقة بين الإفراط في استخدام الإنترنت والاضطرابات النفسيّة، وقد صيغ مصطلح "إدمان الإنترنت" (Internet Addiction - IA) في دراسة تعود إلى العام 1998، وعرّف على أنّه اضطراب في ضبط الدوافع لا ينطوي على تعاطي مادّة، بل يتمثّل في اعتماد نفسيّ على الإنترنت. لا يميّز هذا الاضطراب بين نوع الأنشطة التي تتمّ عبر الإنترنت، بل يركّز على الاستخدام المفرط في حدّ ذاته. وقد تمّ إدراج إدمان الإنترنت باعتباره اضطرابًا معترفًا به في الإصدار الأحدث من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات العقليّة (DSM-5)، إذ تتركّز معاييره التشخيصيّة على ضعف قدرات التخطيط والسيطرة، والاستخدام المفرط للإنترنت.  وبالمثل، يمكن أن يؤثّر قضاء وقت طويل على الإنترنت في الصحّة الجسديّة للطفل، ما يؤدّي إلى مشكلات متعدّدة، مثل الإجهاد، وعدم وضوح الرؤية، وآلام الرقبة والظهر، وارتفاع ضغط الدم. وأظهرت إحدى الدراسات أنّ ازدياد الوقت الذي يقضيه الأفراد على الإنترنت يرتبط بزيادة احتماليّة تعرّضهم إلى مشكلات صحّيّة، أو معاناتهم منها.  كما أنّ انخفاض مستوى النشاط البدنيّ يؤدّي بدوره إلى تقليل السعرات الحراريّة المحروقة، وهو ما يُفضي بطبيعة الحال إلى زيادة الوزن. ومع استبدال الأطفال للأنشطة الحركيّة بألعاب الكمبيوتر ومشاهدة التلفاز وتصفّح الإنترنت، باتت ظاهرة السمنة لدى الأطفال أكثر وضوحًا وانتشارًا.    كيف تحمي طفلك من الإنترنت؟  نظرًا للطبيعة الإدمانيّة للإنترنت، من الضروريّ أن يتّخذ الآباء خطوات استباقيّة للحدّ من هذه المخاطر، وتعزيز عادات صحّيّة في استخدام الإنترنت. وفي الآتي أبرز الاستراتيجيّات التي يمكن أن تساعد في حماية الأطفال من أخطار البيئة الرقميّة:  غرس الوعي لدى الطفل  يُعدّ غرس الوعي الدينيّ والأخلاقيّ لدى الطفل من أهمّ الركائز التي ينبغي التركيز عليها منذ سنواته الأولى. فبناء هذا الوعي المبكّر يساعد الطفل في تنمية القدرة على التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضارّ من تلقاء نفسه، ما يعزّز لديه حسّ المسؤوليّة في التعامل مع المحتوى والأفكار التي يواجهها، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة اليوميّة. ولتحقيق ذلك، لا بدّ أن يكون التواصل المستمرّ والحوار المفتوح بين الوالدين والطفل عنصرًا أساسيًّا، إذ يُمكّنه من التعبير بحرّيّة عن المواقف والتجارب التي يتعرّض إليها، ويشجّعه على مشاركة ما يراه أو يتفاعل معه في التطبيقات والمنصّات الرقميّة. فبيئة الحوار والدعم هذه تسهم في تنمية شخصيّة الطفل بشكل متوازن، وتحصّنه ضدّ التأثيرات السلبيّة المحتملة في هذا العصر الرقميّ المتسارع.  تشجيع الأنشطة غير المتّصلة بالإنترنت  عزّز نمط الحياة المتوازن بتشجيع الأطفال على الانخراط في أنشطة لا تتطلّب استخدام الإنترنت، مثل ممارسة الرياضة، أو القراءة، أو الرسم، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. وحرصًا على جذب اهتمام الطفل، حاول أن توفّر له بدائل ممتعة فعليًّا، تحفّزه على تجربتها، وتُسهم في تنمية مجموعة متنوّعة من الهوايات والاهتمامات. إنّ تنظيم أنشطة عائليّة منتظمة لا تشمل استخدام الشاشات، يمكن أن يعزّز قيمة التفاعل الواقعيّ، ويساعد الطفل في إدراك أهمّيّة التواصل الإنسانيّ المباشر في حياته اليوميّة.  كن قدوة في السلوك الصحّيّ  غالبًا ما يقتدي الأطفال بسلوك والديهم، لذا من الضروريّ أن يكون الأهل قدوة في الاستخدام الصحّيّ للشاشات. يبدأ ذلك بالحدّ من الوقت الذي يقضونه أمام الأجهزة، لا سيّما أثناء الجلسات العائليّة. ومن المهمّ أيضًا إظهار قيمة التواجد الحقيقيّ مع العائلة، والتفاعل مع المحيطين من دون انشغال دائم بالأجهزة، ما يرسّخ لدى الطفل أهمّيّة التواصل المباشر والانتباه الكامل للحظات المشتركة.  راقب النشاط عبر الإنترنت  راقب استخدام طفلك للإنترنت، ليس فقط من حيث الوقت الذي يقضيه فيه، بل أيضًا من حيث نوعيّة الأنشطة التي يشارك فيها. واستخدم أدوات الرقابة الأبويّة وبرامج المراقبة لتتبّع سلوكه الرقميّ، وفرض قيود على المحتوى غير الملائم، بما يضمن بيئة أكثر أمانًا أثناء تصفّحه.  علّم طفلك إدارة الوقت وضبط النفس  علّم طفلك أهمّيّة إدارة الوقت، وكيفيّة وضع حدود شخصيّة لاستخدام الشاشات. شجّعه على إعطاء الأولويّة لمسؤوليّاته، مثل أداء الواجبات المدرسيّة، أو المشاركة في الأعمال المنزليّة، قبل الانشغال بأوقات الترفيه أمام الشاشة. كما أنّ توعيته بتأثيرات الاستخدام المفرط للإنترنت على صحّته ورفاهيّته النفسيّة، يمكن أن تعزّز قدرته على اتّخاذ قرارات أكثر وعيًا بشأن عاداته الرقميّة.  تشجيع فترات تنقية من السموم الرقميّة  يمكن توظيف مفهوم التنقية من السموم الرقميّة بتخصيص فترات منتظمة تأخذ فيها الأسرة استراحة جماعيّة من استخدام الشاشات. قد يكون ذلك باعتماد يوم خالٍ من الأجهزة، مثل يوم الجمعة، أو بتقليل استخدام التكنولوجيا أثناء العطلات العائليّة. تتيح هذه الفترات فرصة لإعادة تنظيم العادات الرقميّة، وتخفيف التعلّق المفرط بالتواصل المستمرّ عبر الإنترنت، لا سيّما لدى الأطفال.    ***  برغم ما يقدّمه الإنترنت من فوائد جمّة، فإنّ طبيعته الإدمانيّة تفرض أخطارًا جدّيّة على الأداء الأكاديميّ للأطفال، وصحّتهم البدنيّة، ومهاراتهم الاجتماعيّة، ورفاههم النفسيّ. بوضع حدود واضحة، وتقديم نموذج سلوكيّ صحّيّ، وتشجيع نمط حياة متوازن، يستطيع الوالدان التخفيف من هذه الأخطار، ومرافقة أطفالهم نحو استخدام أكثر وعيًا وسلامة للتكنولوجيا. فالهدف لا يكمن في منع استخدام الإنترنت، بل في تبنّي نهج متوازن يُمكّن الأطفال من الاستفادة من مزايا العالم الرقميّ، مع الحفاظ في الوقت نفسه على صحّتهم الشاملة.    المراجع   https://me-en.kaspersky.com/resource-center/threats/top-seven-dangers-children-face-online  https://milwaukee-criminal-lawyer.com/what-are-the-dangers-of-using-the-internet-for-kids/  https://www.humanium.org/en/the-risks-for-children-surfing-the-internet/  https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/4885626-%D9%87%D9%84-%D9%86%D8%AD%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%9F  https://www.annajah.net/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%87%D9%85-article-26759 

ما تأثير غياب الأمّ عن الطفل؟

يُعتبر وجود الأمّ في حياة الطفل أمرًا لا غنى عنه لتطوّره العاطفيّ والنفسيّ الصحّيّ والسليم. فعندما تغيب الأمّ لفترة طويلة أو بشكل دائم، سواء كان ذلك بسبب ظروف العمل أو المرض أو الطلاق أو الوفاة أو غيرها، يمكن أن يترك هذا الغياب تأثيرات عميقة على الطفل. وتختلف طرق تأثّر الطفل بغياب الأمّ بناءً على عوامل، مثل عمر الطفل، وطبيعة الغياب وسببه، ووجود مقدّمي رعاية آخرين يوفّرون له الدعم. وعلى رغم أنّ الأطفال يمتلكون القدرة على التكيّف، إلّا أنّ غياب الأمّ قد يلقي بظلاله على جوانب مختلفة من حياتهم، بدءًا من أنماط التعلّق العاطفيّ، وصولًا إلى تقديرهم لذواتهم وعلاقاتهم الاجتماعيّة.   ويجدر الذكر أنّ غياب الأمّ أو الأب له تأثيرات عميقة في الأطفال، إذ يتسبّب اختفاء دور أيّ منهما في ترك فراغ خاصّ، يؤثّر في النموّ العاطفيّ والاجتماعيّ للطفل بطرق مختلفة. ومع أنّ غياب الأب يحمل تحدّيات وتأثيرات فريدة، سنركّز في هذا المقال على أثر غياب الأمّ تحديدًا، وسنعود إلى مناقشة تأثير غياب الأب بالتفصيل في مقال منفصل.  نستعرض هنا بعض الآثار الشائعة لغياب الأمّ على الأطفال، بالإضافة إلى بعض الحلول الممكنة لتخفيف هذه التحدّيات، وتعزيز المرونة لديهم.    آثار غياب الأمّ عن الطفل  التعلّق والأمان العاطفيّ  يُعدّ ارتباط الطفل بأمّه أولى العلاقات الأساسيّة التي يشكّلها الطفل في حياته؛ هذا الارتباط أو "التعلّق" يُعتبر جوهريًّا، ومصدرًا لشعوره بالأمان العاطفيّ. وفقًا لنظريّة التعلق، فإنّ التعلّق الآمن يتطوّر عندما يكون مُقدّم الرعاية متاحًا ومتجاوبًا باستمرار مع احتياجات الطفل، ما يوفّر للطفل الشعور بالأمان والثقة. ولكن عندما تغيب الأمّ، لا سيّما في السنوات الأولى من نموّ الطفل، فقد يضطرب هذا المسار التعلّقيّ، ويتطوّر بطريقة غير صحّيّة.  حينها قد يعاني الطفل القلق، وانعدام الأمان، والخوف من الهجر بسبب عدم وجود الأمّ بشكل دائم، وربّما يصبح أكثر "تشبّثًا" بمقدّمي الرعاية الآخرين، أو يُظهر اعتمادًا زائدًا على الآخرين لتلبية احتياجاته العاطفيّة. ومن ناحية أخرى، قد يطوّر بعض الأطفال أسلوبًا "تجنّبيًّا" في التعلّق، فيبتعدون عن بناء العلاقات العميقة وذات المعنى لتجنّب ألم الفقدان المحتمل. ومع ذلك، فالحلّ لمعالجة هذا التأثير يكمن في تواجد مقدّمي رعاية آخرين يتميّزون بالموثوقيّة والتواجد المستمرّ، ما يعمل على تعزيز الشعور بالأمان، ويوفّر للأطفال الدعم العاطفيّ، ويسمح لهم بتطوير تعلّق آمن، مع ملاحظة أنّ هذا قد يتطلّب مزيدًا من الجهد. ومن أمثلة مقدّمي الرعاية المناسبين في هذه الحالة: الآباء والأجداد والجدّات والأعمام والعمّات وأصدقاء العائلة.    التأثير في تقدير الذات والهويّة  تؤدّي الأمّ دورًا رئيسيًّا في تعزيز شعور الطفل بقيمته الذاتيّة وهويّته؛ إذ يساعد تشجيعها وتوجيهها الطفل في بناء ثقته بنفسه، وفهم مشاعره، ومواءمة سلوكه. ولكن عندما تغيب الأمّ، يعاني الأطفال مشاعر النقص أو الرفض، خصوصًا إذا شعروا أنّ غيابها شكل من أشكال الهجر. قد يكون هذا الشعور أكثر عمقًا إذا لم يفهم الطفل أسباب غياب الأمّ، أو إذا كان الغياب مفاجئًا وغير مبرّر.  أمّا في مرحلة المراهقة، فيمكن أن يؤدّي غياب الأمّ إلى حدوث اضطرابات في الهويّة، فالواقع أنّ المراهقين في الأصل يواجهون أسئلة تتعلّق بهويّتهم، ومن دون توجيه الأمّ، سيشعرون بالفراغ والضياع عندما يتعلّق الأمر بتحديد قيمهم ومعتقداتهم وإحساسهم بذواتهم. وقد يسعى بعض المراهقين للحصول على التقدير من مصادر خارجيّة، بينما قد يصبح البعض الآخر أكثر اعتمادًا على أنفسهم في محاولة للتكيّف.  بشكل عامّ يجب توفير التواصل المفتوح، فالأطفال يحتاجون إلى تفسيرات صادقة ومناسبة لأعمارهم حول أسباب غياب الأمّ، والتي يمكن أن تساعد في منع مشاعر الرفض أو الهجران، ومعالجة مشاعرهم بطريقة إيجابيّة وصحّيّة.  كما يمكن تحسين الشعور بالذات لدى الأطفال بالمشاركة في الأنشطة التي تركّز على نقاط القوّة، أي تشجيع الأطفال على ممارسة هواياتهم واهتماماتهم التي تعينهم على تعزيز شعورهم بالإنجاز ورفع قيمتهم الذاتيّة، ما يوازن أيّ مشكلات تتعلّق بتقدير الذات قد تنشأ عن غياب الأمّ.    المشكلات الأكاديميّة والسلوكيّة  تقول القاعدة إنّ الأطفال الذين يعانون غياب الأمّ أكثر عرضة لمواجهة تحدّيات في البيئة الأكاديميّة. وقد أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين يفتقدون إلى حضور الأمّ الدائم يُظهرون صعوبات في التركيز، وانخفاضًا في الأداء الأكاديميّ، وقلّة الدافعيّة إلى التعلّم. وقد يعانون أيضًا مشكلات سلوكيّة، مثل العدوانيّة أو التمرّد أو الانطواء، لا سيّما إذا كان الطفل يكافح لمعالجة مشاعر معقّدة، مثل الغضب أو الحزن أو الاضطراب.  قد تنجم هذه التغيّرات السلوكيّة عن صراع داخليّ يعيشه الطفل أثناء محاولته فهم غياب أمّه. وإذا شعر الطفل أنّ الغياب شكل من أشكال الهجر أو الإهمال، فقد يتجلّى ذلك من خلال تصرّفات عدوانيّة، إمّا نداءً للمساعدة، أو وسيلة للتعبير عن غضب مكبوت. وهنا يأتي دور الدعم العاطفيّ وتأكيد المشاعر، بتشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، حتّى لو كانت هذه المشاعر تتضمّن الحزن أو الغضب أو الحيرة. كما أنّ الاستماع من دون إطلاق أحكام يمكن أن يساعد الأطفال في الشعور بأنّ هناك من يفهمهم، وأنّهم ليسوا بمفردهم.    العلاقات الاجتماعيّة والتفاعل مع الأقران  يمكن أن يؤثّر غياب الأمّ أيضًا في علاقات الطفل الاجتماعيّة، إذ يتعلّم الأطفال في مرحلة الطفولة المبكّرة كيفيّة تكوين العلاقات بالملاحظة والتفاعل مع مقدّمي الرعاية الأساسيّين، وفي مقدّمتهم الأمّ. وعندما تغيب هذه القدوة، يجد الطفل صعوبة في تكوين صداقات صحّيّة، ويعاني مشاكل في الثقة بالآخرين. لذلك، إمّا إنّه سيعتمد بشكل زائد على صداقاته للحصول على الدعم العاطفيّ، أو يبتعد عن التفاعلات الاجتماعيّة تمامًا.  في بعض الحالات، قد يشعر الطفل "بالاختلاف" عن أقرانه، لا سيّما إذا كان الأطفال الآخرون يمتلكون حضورًا قويًّا للأمّ في حياتهم. هذا الشعور بالعزلة يمكن أن يحدّ من تطوير المهارات الاجتماعيّة، ويزيد من مشاعر الوحدة، وبالتالي يمكن أن تصبح العلاقات مع الأقران مصدرًا للتوازن العاطفيّ، فالأصدقاء الداعمون يمكن أن يساعدوا الطفل في الشعور بالانتماء والتقدير، حتّى إذا كان يفتقد وجود الأمّ في حياته.  ولكن هذا لا يحلّ مشكلة غياب القدوة، والتي يمكن تعويضها بتوفير قدوة إيجابيّة نسائيّة، من بين النساء اللواتي يمكن أن يقدّمن التوجيه والدعم، والمساعدة في سدّ الفراغ الذي يتركه غياب الأمّ. فيمكن للقريبات والمعلّمات والمدرّبات وصديقات العائلة أن يؤدّين دورًا في توفير الإرشاد العاطفيّ، ومساعدة الطفل في تشكيل هويّته.    التأثيرات العاطفيّة طويلة الأمد  تختلف التأثيرات طويلة الأمد لغياب الأمّ بشكل كبير من طفل إلى آخر، وفقًا لظروفهم الشخصيّة. بالنسبة إلى البعض، قد يترجم ردّ الفعل على هذا الغياب في صورة بناء قدرة للتعامل مع العواطف والتمتّع بالاستقلاليّة مدى الحياة، لا سيّما إذا كان لديهم أشخاص داعمون في حياتهم. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أنّ بعض الأطفال الذين يعانون غياب الأمّ، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والصعوبة في بناء العلاقات في مراحل لاحقة من حياتهم.  إذًا، قد يعاني الأبناء في مرحلة البلوغ مشاكل في الثقة بالشريك العاطفيّ، أو يخافون من الهجر، أو حتّى قد يشعرون بانعدام الأمان بشأن قيمتهم الذاتيّة. يمكن أن يساعد الدعم العلاجيّ، بما يشمل العلاج النفسيّ والتأمّل الذاتيّ، في معالجة هذه القضايا، إذ يوفّر المعالجون والأطبّاء استراتيجيّات للتكيّف والتعامل مع صدمات الطفولة العاطفيّة، وتعزيز الذكاء العاطفيّ، ومساعدة الأطفال في فهم تجاربهم بشكل بنّاء، ما يسمح لهم في بناء علاقات صحّيّة، ويمنحهم شعورًا أقوى بالذات. لذا، يمكن أن يعتبر بعض البالغين غياب الأمّ في طفولتهم مصدرًا للقوّة، بعد أن تعلّموا كيف يتعاملون مع الحياة بقدر أكبر من الاستقلاليّة.     ***  يمكن أن يكون غياب الأمّ، سواء كان مؤقّتًا أو دائمًا، تجربة صعبة للطفل تؤثّر في تطوّره العاطفيّ، ومهاراته الاجتماعيّة، وأدائه الأكاديميّ، وحتّى شعوره بالهويّة. ومع ذلك، يتمتّع الأطفال بقدرة مذهلة على تكييف مشاعرهم، ومع توفّر الدعم الصحيح يمكنهم النموّ ليصبحوا بالغين قادرين على التحكّم بعواطفهم بشكل جيّد.    المراجع   https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D9%85%D9%87#:~:text=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%88%D9%83%D9%8A%D8%A9%3A%20%D8%A5%D9%86%D9%91%20%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF,%D8%AA%D8%B2%D8%AC%20%D8%A8%D9%87%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9.  https://english.elpais.com/lifestyle/2023-11-28/the-absent-parent-syndrome-and-its-impact-on-child-development.html 

كيف نتعامل مع الطفل سريع الملل؟

في عصر الأجهزة اللوحيّة والتلفزيون وكثرة المحتوى المعروض، قد يبدو من المستغرب أن يشعر الأطفال بالملل. وعلى الرغم من كلّ الأدوات وخيارات الترفيه المتاحة أمامهم، فإنّ واحدة من أكثر الجمل التي يسمعها الآباء من أبنائهم: "لقد مللت!" ولأنّ الأطفال يشعرون بالملل بشكل متكرّر، يجد الآباء أنفسهم في كلّ مرّة في حيرة من أمرهم بشأن كيفيّة إبقاء أطفالهم مشغولين وسعداء ومندمجين في فعل ما، بطريقة مثمرة.  من الجدير ذكره أنّ الملل لا يعدّ مشكلة أو شيئًا سيّئًا في حدّ ذاته. في الواقع، يزعم خبراء نموّ الطفل أنّ الملل يمكن أن يكون مفيدًا، بل يعدّ جزءًا مهمًّا من نموّه - فهو يشجّع الإبداع وحلّ المشكلات واللعب الموجّه ذاتيًّا. وفقًا لعلماء نفس الأطفال، يمكن أن يعمل الملل "محفّزًا" للإبداع، وأن يساعد الأطفال في تطوير شعور بالدافع الذاتيّ. لذا، في حين قد يكون الأمر غير مريح لكلّ من الأطفال والآباء في حينه، فإنّ السماح للطفل بالجلوس مع ملله قليلًا يمكن أن يكون تجربة صحّيّة ومنتجة.  كيف تستجيب عندما يتجوّل طفلك في المنزل ويشكو من شعوره بالملل، من دون أن تسمح له باستخدام الشاشة مباشرة؟ دعنا نستكشف بعض الطرق العمليّة والإبداعيّة الممتعة لإشراك الأطفال وتعليمهم الاعتماد على الذات، لكي يتسنّى لك الاستمتاع ببعض اللحظات الهادئة لنفسك.    ما أسباب الملل عند الأطفال؟  لا يقتصر شعور الأطفال بالملل على أنّهم لا يجدون شيئًا مسلّيًا يفعلونه، بل له أسباب عديدة. في الآتي بعض العوامل الشائعة التي تسهم في الشعور بالملل:  - حالة التنبّه المستمرّة: يجعل استخدام الشاشات الطفل متنبّهًا أو نشطًا بشكل مفرط، لذلك عندما تُترك لهم لحظة من الهدوء أو الوقت بعيدًا عن الشاشات، يشعرون مباشرة بالانزعاج، ما يدفعهم إلى تفسير الافتقار إلى ما يلفت انتباههم على أنّه ملل.  - مهارات حلّ المشكلات المحدودة: بالنسبة إلى الأطفال الصغار، تأتي بعض العوامل المسبّبة للملل من كونهم لم يتعلّموا بعد إيجاد حلول لأبسط مشكلاتهم؛ فهم يعتمدون على آبائهم تمامًا لملء وقتهم، من دون أن يدركوا أنّ لديهم القدرة على خلق الترفيه بمفردهم.  - عدم وجود اهتمامات خاصّة: في بعض الأحيان، قد لا يجد الأطفال هوايات أو اهتمامات تجذبهم. لذلك عندما يكون لديهم وقت فراغ يشعرون بالضياع والضجر، لأنّهم غير متأكّدين ممّا يجب عليهم فعله أو ممارسته.  - البحث عن الاهتمام: في بعض الأحيان تكون عبارة "أنا أشعر بالملل" إشارة إلى "أريد انتباهك". قد يقول الأطفال إنّهم يشعرون بالملل وسيلة لتشجيع الآباء على مشاركتهم نشاطًا أو بعض الوقت.    كيفيّة التخلّص من الملل عند الأطفال  استغلال الملل باعتباره فرصة تعليميّة  الخطوة الأولى في التعامل مع الطفل المتململ تغيير عقليّتك تجاه الملل. بمعنى: بدلًا من النظر إلى الملل باعتباره مشكلة تحتاج إلى حلّ، حاول النظر إليه باعتباره فرصة. يمكن أن يكون الملل حافزًا للإبداع، وفرصة تسمح للأطفال باستكشاف اهتماماتهم الخاصّة، والتوصّل إلى أفكار إبداعيّة بأنفسهم. شجّع طفلك على النظر إلى الملل باعتباره لوحة فارغة. اطرح أسئلة مثل: "ماذا تريد أن تبتكر؟" أو "كيف يمكنك جعل هذا اليوم أكثر إثارة؟" تعليم الأطفال أنّهم مسؤولون عن ترفيههم مهارة حياتيّة مهمّة، ستفيدهم مع نموّهم.    اصنع "صندوق الملل" مع أفكار للأنشطة الممتعة  أحد الحلول العمليّة التي يفضّلها العديد من الآباء "صندوق الملل"؛ وهو طريقة بسيطة ولكن فعّالة، يمكنك أنت وطفلك صنعها معًا. ابحث عن وعاء (أو صندوق)، وزيّنه بأشكال مبهجة، واملأه بقصاصات من الورق بحيث تحتوي كلّ ورقة على نشاط ممتع ومناسب لعمر طفلك. إليك بعض الأفكار:  - الأنشطة الفنّيّة: "ارسم قصّة قصيرة"، أو "ارسم صورة لمنزل أحلامك"، أو "ابتكر شكلًا من ورق الألمنيوم".  - الأنشطة الخارجيّة: "اصطد مجموعة منوّعة من الحشرات من حديقة المنزل"، أو "اجمع الصخور والأوراق المميّزة من أرجاء الحيّ".  - الأنشطة التعليميّة: "اكتب رسالة إلى صديق أو أحد أفراد الأسرة"، أو "ابحث عن 5 حقائق ممتعة حول حيوان تحبّه"، أو "تعلّم كيفيّة قول مرحبًا بخمس لغات".    شجّع اللعب الخياليّ  اللعب الخياليّ أحد أقوى الطرق التي يمكن للأطفال تسلية أنفسهم بواسطتها. يتمتّع الأطفال بموهبة طبيعيّة في سرد ​​القصص واللعب التظاهريّ، لكنّهم يحتاجون أحيانًا إلى دفعة صغيرة للبدء. في الآتي بعض الأفكار لإثارة خيالهم:  - مغامرة شخص مسافر عبر الزمن: اطلب من طفلك أن يتخيّل أنّه يسافر إلى فترة زمنيّة مختلفة. يمكن أن يكون مصريًّا قديمًا، أو فارسًا من العصور الوسطى، أو رائد فضاء في المستقبل البعيد. اطلب منه أن يصنع زيًّا من العناصر الموجودة في المنزل، ويخترع قصّة حول ما يحدث في رحلته.  - لعب دور المطعم أو المتجر: يحبّ الأطفال التظاهر بإدارة أعمالهم الخاصّة. يمكنهم فتح "مطعم" في غرفة المعيشة، مع قائمة طعام وهميّ، أو إنشاء "متجر" بألعابهم. يمكن أن يبقيهم لعب دور العميل أو الخادم أو صاحب المتجر مستمتعين لساعات.  - يوم الأبطال الخارقين: دعهم يخلقون شخصيّة خارقة، مع اسم وقوى خارقة وزيّ. يمكنهم ابتكار مهامّ وإنقاذ ألعابهم من أخطار وهميّة وإنقاذ العالم - كلّ ذلك داخل حدود منزلك الآمنة.   أشركهم في المهامّ المنزليّة  غالبًا ما يستمتع الأطفال بالمساعدة في المهامّ المنزليّة - خصوصًا عندما يكونون أصغر سنًّا، إذ يمكن أن تكون المهامّ التي تبدو عاديّة للبالغين نشاطًا ممتعًا للأطفال. كما أنّ إشراكهم في الأنشطة المنزليّة فرصة لتمنحهم شعورًا بالمسؤوليّة، مع إبقائهم مشغولين في الوقت ذاته. ولتجعل الأمر أكثر متعة، ضمّن بعض هذه الأفكار:  - مساعدو المطبخ: دع طفلك يساعد في مهامّ الطهو أو الخبز البسيطة، مثل خلط العجين أو قياس المكوّنات أو تزيين البسكويت. هذا يمكنه أن يبقيهم منشغلين وفخورين. بالإضافة إلى ذلك، يعدّ الطبخ معًا طريقة رائعة لتعليمهم مهارات الرياضيّات الأساسيّة، مثل الكسور والقياسات.  - متعة البستنة: إذا كانت لديك حديقة أو مكان مخصّص لزرع بعض النباتات، دَع طفلك يساعدك في سقيها، أو إزالة الأعشاب الضارّة، أو حتّى زراعة بذوره الخاصّة. يمكن أن تصبح مشاهدة النباتات وهي تنمو بمرور الوقت مشروعًا مستمرًّا يستثمر فيه، ما يعلّم طفلك الصبر والعناية بالكائنات الحيّة.  - مسابقات التنظيف: حوّل التنظيف إلى لعبة عن طريق التحدّيات، مثل معرفة من يمكنه ترتيب مساحته بشكل أسرع، واضبط المؤقّت لمزيد من المتعة. أو أعطهم "مهامًّا" مثل العثور على جميع العناصر المفقودة في الغرفة وجمعها. مع القليل من الخيال، يمكن أن تبدو حتّى الأعمال المنزليّة مغامرة.    شجّع القراءة ورواية القصص  القراءة من أكثر الأنشطة المفيدة التي يمكن للطفل أن يمارسها، والملل يوفّر الفرصة المثاليّة للتعمّق في قراءة كتاب. فإذا كان طفلك صغيرًا جدًّا بحيث لا يستطيع القراءة بمفرده، خصّص وقتًا للقراءة معًا، واختر له الكتب التي تتوافق مع اهتماماته، سواء كانت مغامرات أو خيال أو فكاهة. أمّا إذا كان كبيرًا بما يكفي للقراءة بمفرده، فدعه يختار كتابًا، واتّفق معه مثلًا أن يقرأ فصلين ويخبرك عن الكتاب.   ***  في النهاية، تذكّر أنّك لست مضطرًّا إلى أن تلعب دور المقدّم الترفيهيّ في كلّ مرّة يصرخ فيها طفلك قائلًا "أنا أشعر بالملل". في بعض الأحيان، يكون أفضل ما يمكنك فعله هو توفير الأدوات والأفكار والمساحة، ثمّ ترك طفلك يتولّى الأمر من هناك لتسلية نفسه. إذا اتّبعت الخطوات المذكورة في المقال، ستحوّل الملل من كونه مشكلة إلى كونه أحد أكثر اللحظات إبداعًا وإثراءً في حياة طفلك.    المراجع https://www.1000hoursoutside.com/blog/the-very-best-way-to-deal-with-childhood-boredom  https://www.bbc.co.uk/tiny-happy-people/articles/zdbbsk7  https://www.todaysparent.com/family/little-kid-boredom-busters/ 

كيف تمكن تنمية المهارات المعرفيّة لدى الأطفال؟

تُعرّف المهارات المعرفيّة على أنّها العمليّات العقليّة التي تتيح لنا التفكير والتعلّم والتذكّر وحلّ المشكلات. بالنسبة إلى الأطفال، يعتبر تطوير هذه المهارات أساسًا ضروريًّا للتعلّم، ولتعزيز الذكاء العاطفيّ والصحّة العقليّة الشاملة. هذه المهارات مسؤولة عن معالجة المعلومات الحسّيّة التي تساعد الطفل في التعلّم والتقييم والتحليل والتذمّر وإجراء المقارنات وتحليل الأسباب والنتائج. كما أنّها ترتبط بالتركيب الجينيّ، ومع ذلك يمكن تعلّم بعضها وتنميتها والتحسين منها بالممارسة والتدريب.  يؤدّي الآباء والأمّهات ومقدّمو الرعاية والمعلّمون دورًا أساسيًّا في مساعدة الأطفال في تقوية هذه المهارات. لذا، سنتعرّف في هذا المقال إلى طرق عمليّة لتعزيز التطوّر الإدراكيّ والمعرفيّ لدى الأطفال، عن طريق الأنشطة والعادات والبيئات التي تحفّز الفضول، وتقوّي الذاكرة، وتنمّي القدرة على حلّ المشكلات والتفكير الناقد.    كيف يتعلّم الأطفال المهارات المعرفيّة؟  تشجيع الفضول والاستكشاف  يولد الأطفال بطبيعة فضوليّة، ويعدّ تشجيع هذا الفضول من أهمّ الوسائل لدعم نموّهم المعرفيّ. فعندما يستكشفون محيطهم، ويطرحون الأسئلة، ويبحثون عن تجارب جديدة، فإنّهم يمارسون نشاطات عقليّة تعزّز التفكير والإدراك.  - خلق بيئة تعليميّة مفتوحة الخيارات: بدلًا من توجيه كلّ خطوة يقوم بها الطفل أثناء اللعب أو التعلّم، امنحه مساحة لاستكشاف الأمور بنفسه. وفّر له مجموعة متنوّعة من الألعاب والكتب والموادّ التي تشجّع على الاستكشاف، مثل مكعّبات البناء، أو أدوات الرسم، أو أدوات الاستكشاف في الطبيعة؛ سيمنحه هذا فرصة لاتّخاذ القرارات وتطوير مهارات حلّ المشكلات.  - الاستجابة لأسئلة الأطفال بعمق: عندما يسأل الأطفال "لماذا؟" أو "كيف؟" فإنّه من المغري إعطاؤهم إجابة سريعة، لكنّ الإجابة العميقة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا. شجّعهم على التفكير عن طريق طرح أسئلة مثل "ما رأيك؟"، أو "كيف يمكننا اكتشاف ذلك؟". هذا يعزّز لديهم مهارات التفكير الناقد، ويحافظ على اهتمامهم.  - تنظيم رحلات ميدانيّة: يمكن للزيارات إلى المتاحف والمراكز العلميّة والحدائق الطبيعيّة أن تقدّم للأطفال معلومات وتجارب جديدة. هذه الرحلات يمكن أن تثير فضولهم، وتعرّفهم إلى مفاهيم جديدة، وتساعدهم في ربط الأفكار المجرّدة بأمثلة من الحياة الواقعيّة.    تعزيز المهارات اللغويّة والتواصل  يُعدّ تطوّر اللغة عنصرًا أساسيًّا في النموّ الإدراكيّ لدى الأطفال، فهي الأداة الرئيسة للتعبير عن الأفكار، واستيعاب المفاهيم، وبناء الذاكرة وتقويتها.  - القراءة مع الأطفال يوميًّا: توسّع القراءة آفاق الأطفال، وتزيد مفرداتهم، وتعزّز مهارات الاستماع لديهم. اختر كتبًا تناسب أعمارهم، على أن تحمل نوعًا من التحدّي لتقديم مفردات وأفكار جديدة. لا تتردّد في إعادة قراءة الكتب المفضّلة، إذ إنّ التكرار يقوّي الذاكرة والفهم.  - تشجيع رواية القصص: اطلب من أطفالك أن يرووا قصصًا، أو يصفوا أحداث يومهم. هذا يساعدهم في تنظيم أفكارهم بشكل منطقيّ، ويحسّن قدرتهم على التعبير اللفظيّ، ويقوّي ذاكرتهم. أمّا إذا كان طفلك خجولًا، فقم أنت بالمبادرة واسرد قصّة عن يومك، ثمّ افتح له المجال لينضمّ إلى الحديث.  - العبوا ألعاب الكلمات: الألعاب مثل "أنا أرى" و"20 سؤالًا"، أو ألعاب القوافي يمكن أن تكون وسيلة ممتعة لتقديم مفردات ومفاهيم جديدة. حتّى وصف الأشياء أو الحيوانات بشكل مفصّل يمكن أن يساعد الأطفال في تعلّم اللغة الوصفيّة وتوسيع مفرداتهم.    تنمية الذاكرة باللعب  تعتبر الذاكرة جزءًا أساسيًّا من النموّ المعرفيّ لأنّها تدعم التعلّم، وحلّ المشكلات، والقدرة على الاحتفاظ بالمعلومات. يمكن أن تكون تمارين الذاكرة جزءًا من وقت اللعب بسهولة.  - اللعب بألعاب التطابق: الألعاب التي تستفزّ الذاكرة، أو ألعاب التطابق التي تتطلّب من الأطفال مطابقة الأزواج من البطاقات أو الصور، تساعد بشكل كبير في تحسين الذاكرة البصريّة والتركيز. كما أنّ الألعاب اللوحيّة التقليديّة التي تتطلّب تذكّر خطوات أو قواعد معيّنة يمكن أن تكون مفيدة لتطوير الذاكرة.  - سرد القصص باستخدام بطاقات التسلسل: تعرض بطاقات التسلسل صورًا بترتيب معين، مثل "أوّلًا، ثم، وأخيرًا". ترتيب الأطفال للبطاقات بالشكل الصحيح يبني مهارات الذاكرة، ويساعدهم في فهم السبب والنتيجة.  - ممارسة ألعاب الرياضيّات البسيطة: ألعاب العدّ والألغاز والأنشطة التي تتضمّن الأرقام يمكن أن تساعد الأطفال في تحسين الذاكرة. جرّب أنشطة مثل عدّ الخطوات أثناء المشي، أو جمع الأجسام الصغيرة مثل الحصى أو الألوان، لجعل الرياضيّات جزءًا من الحياة اليوميّة.    تشجيع حلّ المشكلات والتفكير النقديّ  يساعد حلّ المشكلات الأطفال في تعلّم كيفيّة مواجهة التحدّيات واتّخاذ القرارات والتفكير النقديّ. هذه المهارة ضروريّة للنجاح الأكاديميّ المستقبليّ والمرونة في الحياة.  - تقديم الألغاز والألعاب الذهنيّة: الألغاز المناسبة للعمر، مثل ألغاز الصور المتقطّعة، والألغاز المنطقيّة، والمستوى المبتدئ من سودوكو، يمكن أن تحسّن الوعي المكانيّ والصبر ومهارات حلّ المشكلات. ابدأ بألغاز أبسط، ثمّ قدّم الأصعب تدريجيًّا مع نموّ الطفل.  - إتاحة الفرصة للعب المستقلّ: عندما يشارك الأطفال في اللعب المستقلّ، يتعلّمون اكتشاف الأمور بأنفسهم. أنشئ منطقة يمكنهم فيها التجربة والبناء والإبداع. السماح لهم بالمحاولة والفشل والمحاولة مرّة أخرى يعزّز المرونة، ويقوّي مهارات حلّ المشكلات بشكل مستقلّ.  - طرح أسئلة افتراضيّة: اطرح أسئلة تشجّعهم على التفكير في نتائج أو حلول مختلفة، مثل "ماذا سيحدث إذا لم يعُد لدينا ماء بعد الآن؟"، أو "كيف ستشعر إذا كنت مكان تلك الشخصيّة؟". هذه الأسئلة تطوّر القدرة على التفكير المنطقيّ والتعاطف، وتحثّ الأطفال على التفكير في سيناريوهات متعدّدة.    تشجيع النشاط البدنيّ لتحسين وظائف الدماغ  النشاط البدنيّ ليس مهمًّا فقط للصحّة الجسديّة، بل يعزّز أيضًا الوظائف الإدراكيّة. فممارسة الرياضة تزيد من تدفّق الدم إلى الدماغ، وتحسّن التركيز، وتساعد في تنظيم الحالة المزاجيّة.  - الدمج بين الحركة والتعلّم: يمكن أن تكون الأنشطة التي تجمع بين الحركة والتعلّم مفيدة جدًّا. على سبيل المثال، الألعاب التي تتضمّن الركض والعدّ (مثل لعبة "الحجلة بالأرقام") يمكن أن تعزّز مهارات الرياضيّات.  - الاستمتاع بالطبيعة واللعب في الهواء الطلق: يعزّز الوقت الذي يقضيه الأطفال في الطبيعة التركيز والرفاهيّة النفسيّة. الأنشطة الخارجيّة مثل المشي والتسلّق والاستكشاف تدعم أيضًا حلّ المشكلات والوعي المكانيّ.  - تجربة تمارين التأمّل واليوغا للأطفال: تمارين التأمّل البسيطة، مثل التنفّس العميق أو التأمّل الموجّه، يمكن أن تساعد الأطفال في التركيز وتنظيم مشاعرهم وإدارة التوتّر. كما أنّ أوضاع اليوغا التي تتطلّب التوازن والتركيز تعتبر طريقة ممتعة لتقوية الرابط بين العقل والجسد.    تحديد وقت الشاشة وتعزيز الأنشطة العمليّة  بينما يمكن للتكنولوجيا أن تكون تعليميّة، فإنّ الاستخدام المفرط للشاشات يمكن أن يؤثّر سلبًا في النموّ المعرفيّ. وتشير الأبحاث إلى أنّ الأنشطة العمليّة أكثر فعّاليّة في بناء المهارات الإدراكيّة لدى الأطفال الصغار.  - تشجيع التعلّم العمليّ: امنح الأطفال الفرصة لاستكشاف العالم المادّيّ. الأنشطة مثل الطهو والبستنة، وحتّى الأعمال المنزليّة البسيطة، يمكن أن تعلّمهم دروسًا قيّمة في الرياضيّات والعلوم والمسؤوليّة.  - استخدام التكنولوجيا بشكل واعٍ: عندما يستخدم الأطفال الشاشات، اختر برامج تعليميّة أو تطبيقات ذات جودة عالية، تشجّع على التفاعل وحلّ المشكلات. ابحث عن تطبيقات تعزّز الإبداع والتفكير النقديّ أو تعلّم لغات جديدة، بدلًا من الترفيه السلبيّ.  - إنشاء روتين يومي متوازن بعيدًا عن الشاشات: أسّس روتينًا يتضمّن أنشطة غير مرتبطة بالشاشات، مثل القراءة، واللعب في الهواء الطلق، والمشاريع الإبداعيّة. هذا التوازن يساعد الأطفال في بناء الانتباه والانضباط، وهما عنصران أساسيّان للنموّ الإدراكيّ.    توفير الدعم العاطفيّ  تتّصل الصحّة العاطفيّة ارتباطًا عميقًا بالنموّ الإدراكيّ. فالطفل الذي يشعر بالأمان والدعم والحبّ، يكون أكثر قابليّة للتعلّم والتفاعل مع التحدّيات بطريقة إيجابيّة.    ***  لا يتعلّق تطوير المهارات المعرفيّة لدى الأطفال بحفظ الحقائق أو تحقيق الأهداف الأكاديميّة، بل بخلق بيئة تعزّز الفضول، وتدعم الصحّة العاطفيّة، وتشجّع الاستكشاف واللعب. عن طريق دمج هذه الاستراتيجيّات في الحياة اليوميّة، يمكن للأهل ومقدّمي الرعاية والمعلّمين مساعدة الأطفال في بناء الأدوات العقليّة التي يحتاجون إليها مدى الحياة من التعلّم. تذكّر أنّ كلّ طفل فريد من نوعه. لذا، كُن مرنًا، ولاحظ الأنشطة التي تتوافق أكثر مع طفلك، فالهدف يكمن في رعاية عقل متكامل وواثق وفضوليّ، ومستعدّ لمواجهة العالم.    المراجع   https://positivepsychology.com/cognitive-development-activities/  https://www.lillio.com/blog/preschool-cognitive-activities-overview  https://mawdoo3.com/%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://simimamaarabia.com/eg/ar/feeding-my-baby/cognition/enhance-cognitive-development 

هل يجب أن يكون الطفل مطيعًا دائمًا، أم من حقّه الاعتراض؟

يعتبر الكثيرون أنّ الطاعة تشكّل ركنًا أساسيًّا في التربية الجيّدة وتكوين السلوك السليم لدى الأطفال، إذ يتعلّمون منذ الصغر الاستماع إلى آبائهم وأمّهاتهم، واتّباع القواعد التي يضعها الكبار، وبالتالي احترام السلطة. وبشكل عامّ، تُعدّ الطاعة عنصرًا بالغ الأهمّيّة في المراحل المبكّرة من النموّ، إذ يعتمد الأطفال اعتمادًا كبيرًا على البالغين في التوجيه، ما يسهم في الحفاظ على السلامة والانضباط والنظام. وقد كان هذا التصوّر مقبولًا على نطاق واسع في معظم المجتمعات، لكن مع تزايد الاهتمام بالديمقراطيّة والذكاء العاطفيّ في التنشئة، بدأ يبرز سؤال جدير بالتأمّل: هل ينبغي أن يكون الأطفال مطيعين على الدوام، أم من حقّهم أن يعترضوا ويتساءلوا ويُعبّروا عن آرائهم المختلفة مع الكبار؟  ولكنّ الإجابة أعقد من مجرّد الاختيار بين نعم أو لا، فالتربية الحديثة تتطلّب إحداث توازن مدروس بين احترام استقلاليّة الطفل المتنامية، والحفاظ على الحدود والنظام وتوجيه البالغين. لذا، سنتعرّف في هذه المقالة إلى قيمة الطاعة، وأهمّيّة تعليم الأطفال التفكير النقديّ، بجانب كيفيّة تعزيز الحوار القائم على الاحترام بدلًا من الطاعة العمياء.    النظرة التقليديّة إلى الطاعة   لطالما اعتُبرت الطاعة علامة على نجاح تربية الطفل، عندما نرى أنّه ينفّذ كلّ ما يُقال له من دون معارضة أو تحدٍّ للسلطة، وبالتالي يُعتبر محترمًا وحَسَن الخُلق. ونرى أنّه في العديد من الثقافات لا تزال هذه النظرة راسخة الجذور، وتمثّل تجسيدًا لقيم احترام الكبير والانضباط والتسلسل داخل الأسرة.    أسباب تعليم الأطفال طاعة والديهم  هناك العديد من الأسباب الوجيهة لغرس الطاعة في نفوس الأطفال، مثل:  - الحفاظ على السلامة: يحتاج الأطفال إلى الاستماع إلى الكبار في مواقف قد يكون فيها تصرّفهم فاصلًا بين الحياة والموت، مثل عبور الشارع، أو اتّباع تعليمات الطوارئ في المدرسة، أو تجنّب الاختطاف.  - الأداء الاجتماعيّ: تُعدّ قدرة الطفل على إطاعة التوجيهات واحترام الشخصيّات التي تمثّل السلطة، أمرًا أساسيًّا للحفاظ على التعاون والانسجام داخل المجتمعات التي يغشاها الطفل، مثل الفصول الدراسيّة والنوادي والمجموعات الاجتماعيّة.  - بناء الشخصيّة: تُوفّر الطاعة للطفل إطارًا يستطيع بواسطته فهم الحدود والقواعد المقبولة في المجتمع، ما يساعد الأطفال في تعلّم ضبط النفس وتحمّل المسؤوليّة.  ولكن، في حين أنّ الطاعة قد تكون مفيدة، إلّا أنّ المشاكل تنشأ عندما تصبح التوقّع الوحيد، فلا تترك مجالًا للحوار، أو التعبير عن المشاعر، أو التفكير المستقلّ.    أخطار الطاعة العمياء  قد يبدو للبعض أنّ امتثال الأطفال من دون نقاش لكلّ ما يُقال لهم بمثابة طريق مختصر للحياة السلسة، والحفاظ على النظام والراحة، ولكنّه قد يؤدّي على المدى الطويل إلى عواقب غير مرغوبة، مثل:  الكبت وضعف الثقة  قد يواجه الأطفال الذين يُتوقّع منهم باستمرار فعل ما يُطلب إليهم، صعوبة في بناء ثقة في أفكارهم ومشاعرهم، وقد يبدؤون في الشكّ بغرائزهم، أو يعملون على كبت آرائهم خوفًا من التعرّض إلى العقاب أو الرفض.  ضعف مهارات اتّخاذ القرار  عندما لا يشجّع الآباء والأمّهات أطفالهم على ممارسة التفكير النقديّ أو تقييم المواقف، فقد يكبرون من دون تطوير المهارات اللازمة لاتّخاذ القرارات السليمة، وقد يستجيبون لضغوط أقرانهم، أو يمتنعون عن التعبير عن آرائهم في المواقف المختلفة، وذلك ببساطة لأنّهم لم يتعلّموا أنّ التساؤل والشك جزءان أساسيّان من التفكير السليم، بل ومن ضرورات الحياة أيضًا.   التعرّض إلى الإساءة  قد يصبح الأطفال الذين يتعلّمون طاعة جميع الشخصيّات التي تمثّل السلطة أكثر عرضة إلى الإساءة أو التلاعب من الآخرين. لهذا، يجب أن يتعلّموا كيف يقولون "لا"، وكيف يميّزون السلوك غير اللائق، ومن دون ذلك فقد لا يعرفون كيفيّة حماية أنفسهم.    تعليم حقّ الاعتراض باحترام  وهنا يكون السؤال: هل ينبغي أن نسمح للأطفال بالاعتراض؟ والجواب المختصر: نعم. ولكن يجب أيضًا أن نعلّمهم كيفيّة القيام بذلك بشكل بنّاء، فالطاعة والاحترام يختلفان بالتأكيد عن الصمت والخنوع، إذ يمكن للطفل أن يحافظ على الاحترام للكبار، مع التعبير عن اختلافه معهم.  خطوات تعليم الأطفال الاعتراض بشكل صحّيّ:  سنستعرض تاليًا خطوات تمكّن الوالدين من تشجيع أطفالهم على الاعتراض بشكل صحّيّ:  خلق مساحة آمنة للحوار   يحتاج الأطفال إلى إدراك أهمّيّة أفكارهم ومشاعرهم، لذا يجب أن نشجّعهم على مشاركة أفكارهم، حتّى لو اختلفت مع أفكارنا. فعلى سبيل المثال، إذا عبّر الطفل عن اعتراضه على أمر ما، فيمكن بدلًا من إسكاته أن نجري معه حوارًا، مثل أن نسأله: "ما الذي جعلك تشعر بهذه الطريقة؟"، أو "ما الحلّ المناسب في رأيك؟". بهذه الطريقة نستطيع تعليم الأطفال أنّ الاحترام أمر متبادل، وأنّهم قادرون على مواجهة السلطة في إطار معيّن، ولكن من دون إساءة.  تقديم القدوة في الاختلاف باحترام   تقول القاعدة إنّ الأطفال يتعلّمون كلّ شيء بالمراقبة، لذلك إذا عبّرت عن اختلافك مع الآخرين بهدوء واحترام أمامهم، فسيكتسبون هذه المهارة بسهولة. وبالتالي، تذكّر وأنت تتعامل مع الآخرين أنّك تقدّم لطفلك النموذج الذي يجب أن يحتذيه في التعبير عن آرائه من دون عنف أو ازدراء.   التفريق بين القواعد المرنة والقواعد غير القابلة للنقاش  عندما نتحدّث عن القواعد، يجب أن نتذكّر أنّها مختلفة؛ فهناك ما هو ضروريّ من بينها، مثل تلك المتعلّقة بالسلامة أو القيم العائليّة الأساسيّة، وهناك ما هو مُستحبّ، مثل الحفاظ على الروتين حتّى خلال الإجازة. لذا، قدّم للطفل خيارات قدر الإمكان. فمن القواعد غير القابلة للنقاش مثلًا: "يجب عليك ربط حزام الأمان عند ركوب السيارة"، ومن القواعد المرنة: "ذاكر دروس السنة القادمة خلال الإجازة". ويجب أن نتذكّر أنّ منح الأطفال شعورًا بقدرتهم على الاختيار وتمييز المطلوب منهم بأنفسهم، يُعلّمهم المسؤوليّة ويشجّعهم على التعاون.  تعليم الأطفال الجرأة وليس التحدّي  هناك فرق كبير بين طفل يسأل الكبير باحترام: "هل يمكنني شرح وجهة نظري من فضلك؟"، وبين طفل يصرخ فيه بوقاحة: "لن أفعل ما طلبته منّي". إذن، فتعليم الطفل كيف يكون جريئًا يتضمّن القدرة على التعبير عن احتياجاته، والرفض بأدب، وتقديم الحلول البديلة من وجهة نظره.  وجدت دراسة نُشرت في مجلة التربية الأخلاقيّة (2009)، للدكتورة نانسي آيزنبرغ - وهي خبيرة رائدة في تنمية الطفل - أنّ الأطفال الذين يُشجّعون على المشاركة في اتّخاذ القرار، ويُمنحون مساحة كافية للتعبير عن آرائهم، ينجحون في تطوير عقليّة تجمع بين الحفاظ على الأخلاق والتنظيم الذاتيّ، بشكل أقوى من أقرانهم الذين ينشؤون في بيئات منزليّة استبداديّة.  وأبرزت الدراسة أيضًا أنّ التربية السلطويّة - وهي نهج متوازن يجمع بين الدفء ووضع حدود حازمة - تؤدّي إلى تحقيق نتائج أفضل على المدى الطويل، بما في ذلك ارتفاع تقدير الذات، وتحسّن الأداء الأكاديميّ، والقدرة على بناء علاقات صحّيّة.    إيجاد التوازن: الطاعة + الاستقلاليّة  ليس هدف التربية بالتأكيد أن نجعل الطفل يطيع الجميع بشكل دائم، ولا أن يتحدّى السلطة على الدوام. وبما أنّ خير الأمور الوسط، فالتربية تهدف إلى جعل الطفل يعرف متى يتبع القواعد، ومتى يشكّك فيها، وكيف يفعل الأمرين بكلّ احترام وذكاء وثقة بالنفس.  ولكن، كيف يمكن تحقيق هذا التوازن بشكل عمليّ؟  - استمع إلى طفلك أكثر ممّا تتكلّم.  - ضع حدودًا واضحة للطفل، ولكن اسمح له بمساحة للمرونة والمشاركة.  - امدح طفلك في كلّ المواقف المرغوبة، عندما يطيع القواعد، وعندما يتواصل باحترام حتّى مع الاختلاف.  - صحّح سلوك الطفل من دون كبت صوته.    ***  لا ينبغي أن تطغى الطاعة على مساحة الطفل للتعبير. يجب علينا تعليم الأطفال اتّباع القواعد واحترام السلطة، ولكن ليس على حساب أفكارهم أو ثقتهم بأنفسهم أو هويّاتهم الفرديّة. فالطاعة لها دورها في تنشئة أطفال مسؤولين وواعين اجتماعيًّا، وفي تشجيعهم على التفكير والتساؤل والدفاع عن أنفسهم عند الحاجة.  يساعد الآباء أطفالهم على النموّ ليصبحوا أفرادًا بالغين مفيدين للمجتمع، بتهيئة بيئة منزليّة تتعايش فيها الطاعة مع الاختلاف المحترم، ما يجعلهم يتمتّعون بالثقة في النفس، ويعرفون متى يتبعون الآخرين، ومتى يقودونهم، وكيف يتحدّثون بلطف وإقناع، وكيف يتّخذون مواقف حاسمة. هذا هو المستقبل الذي نتمنّاه جميعًا لأطفالنا.    المراجع   https://www.mondaymorningmomschildcare.com/post/the-most-effective-way-to-teach-kids-respectful-behavior-is-to-model-it-yourself  https://www.notconsumed.com/teaching-children-to-want-to-obey/  https://www.thechildrenstrust.org/news/parenting-our-children/teaching-kids-to-respect-authority-without-quashing-their-natural-curiosity/   

أفضل الأنشطة المنزليّة لتنمية مهارات الأطفال

يتعلّم الأطفال بشكل أفضل عن طريق اللعب والاستكشاف والتجارب العمليّة، والمنزل هو المكان المثاليّ لرعاية نموّهم. كلّ لحظة يقضونها في المساعدة في المهامّ المنزليّة، أو في اللعب المنزليّ بعيدًا عن الشاشات، تقدّم فرصة لتطوير مهارات الحياة الأساسيّة لديهم. إذ يمكن للأنشطة المناسبة تعزيز الإبداع وقدرات حلّ المشكلات والتواصل، وحتّى الذكاء العاطفيّ،  كلّ ذلك مع إبقاء الأطفال منخرطين ومستمتعين.  مع القليل من التخطيط، يمكن للوالدين تحويل اللحظات اليوميّة إلى تجارب تعليميّة قيّمة، تُعِدّ الأطفال للنجاح في المدرسة وخارجها. في هذا المقال، سنستكشف بعضًا من أفضل الأنشطة المنزليّة لدعم التطوّر المعرفيّ والحركيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ لدى الأطفال، ما يجعل التعلّم جزءًا طبيعيًّا وممتعًا من حياتهم اليوميّة.    القراءة معًا – بناء اللغة والخيال  القراءة واحدة من أكثر الطرق فعّاليّة لتطوير المهارات المعرفيّة والمفردات والفهم لدى الطفل. وقد أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين يقرؤون بانتظام يطوّرون مهارات القراءة والكتابة وقدرات التفكير النقديّ.  كيف تساعد القراءة في نموّ الطفل؟  - توسّع القراءة المفردات وتحسّن مهارات الاتّصال.  - تعزّز الخيال والإبداع.  - تشجّع على حبّ التعلّم.  كيف تمارس القراءة بفعّاليّة؟  - اقرأ الكتب المناسبة لعمر طفلك، من الكتب المصوّرة إلى كتب الفصول القصيرة.  - شجّع طفلك على توقّع ما سيحدث بعد ذلك في القصّة.  - اطرح أسئلة مفتوحة مثل: "ماذا ستفعل إذا كنت الشخصيّة في هذه القصّة؟"، لتعزيز التفكير النقديّ لدى طفلك.  - دع طفلك يعيد سرد القصّة بكلماته الخاصّة، لتحسين الذاكرة والفهم لديه.    الفنون والحرف اليدويّة – تشجيع الإبداع والمهارات الحركيّة الدقيقة  تسمح الأنشطة الإبداعيّة، مثل الرسم والتلوين والحرف اليدويّة مثل الخياطة على القماش، للأطفال بالتعبير عن أنفسهم، مع تحسين مهاراتهم الحركيّة الدقيقة، مثل التناسق بين حركات اليد والعين.  كيف تساعد الحرف اليدويّة في نموّ الطفل؟  - تعزّز الإبداع والتعبير عن الذات.  - تعزّز المهارات الحركيّة الدقيقة (مهمّة للكتابة والتحكّم في اليد).  - تبني الصبر والتركيز.  كيف يمارس طفلك الحرف اليدويّة بفعّاليّة؟  - وفّر موادّ مثل الورق والأقلام الملوّنة والدهانات والغراء والأشياء المُعاد تدويرها.  - شجّع طفلك على إنشاء قصصه الخاصّة عن طريق الرسم.  - شارك طفلك في الحرف اليدويّة ذات الطابع الخاصّ، مثل صنع بطاقات المعايدة، أو الدُّمى، أو مشاريع العلوم البسيطة التي يصنعها بنفسه.  - اعرض أعماله الفنّيّة في جميع أنحاء المنزل، لتعزيز ثقته بنفسه وتقديره لذاته.    الطبخ والخَبز – تعليم مهارات الحياة ومفاهيم الرياضيّات  يُعدّ الطبخ وسيلة رائعة لتعريف الأطفال بمهارات الحياة الأساسيّة، مثل التعاون والتعاطف والعطاء والإيثار. كما يحسّن فهمهم للرياضيّات والعلوم من ناحية أخرى.  كيف يساعد الطهو في تعليم الطفل مهارات الحياة؟  - يطوّر مهارات الرياضيّات الأساسيّة عن طريق قياس المكوّنات.  - يعلّم الصبر واتّباع التعليمات ومهارات حلّ المشكلات.  - يشجّع عادات الأكل الصحّيّة والوعي الغذائيّ.  - يعلّم الطفل بعض الأخلاقيّات.    كيف تجعل الطهو نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - ابدأ بوصفات بسيطة مثل البيتزا المصنوعة منزليًّا، أو السندويشات، أو سلطات الفاكهة.  - دع ​​طفلك يقيس المكوّنات بنفسه لممارسة حساب الأرقام والكسور.  - ناقش قوام الطعام وروائحه ومذاقه لتعزيز التطوّر الحسّيّ.  - كلّفه بمهامّ صغيرة، مثل التقليب أو السكب أو إعداد الطاولة، لتعزيز حسّ المسؤوليّة لديه.  - أخبره أنّ قضاء الوقت في إعداد الطعام لأهل المنزل نوع من العطاء والإيثار، وأنّها خصال حميدة.    ألعاب الألغاز وألعاب الطاولة – تعزيز المنطق والمهارات الاجتماعيّة  توفّر ألعاب الطاولة والألغاز طريقة ممتازة للأطفال لتطوير مهارات حلّ المشكلات، والتفكير المنطقيّ، والعمل الجماعيّ.  كيف تساعد الألعاب في نموّ الطفل؟  - تعزّز الألعاب والألغاز التفكير النقديّ والتخطيط الاستراتيجيّ.  - تحسّن الصبر والمثابرة.  - تعزّز المهارات الاجتماعيّة عن طريق تبادل الأدوار والتعاون.  كيف تجعل الألعاب نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - اختر الألغاز المناسبة لعمره، من الألغاز الخشبيّة البسيطة للصغار، إلى الألغاز المعقّدة للأطفال الأكبر سنًّا.  - شاركه ألعاب الطاولة، مثل الشطرنج أو السكرابل أو المونوبولي، لتطوير تفكيره الاستراتيجيّ.  - شجّع لديه مهارات حلّ المشكلات والتفكير التحليليّ، بطرح أسئلة مثل: "ما خطّتك للفوز بهذه اللعبة؟"    لعب الأدوار وتقمّصها - بناء الذكاء الاجتماعيّ والعاطفيّ  يسمح اللعب التظاهريّ أو تقمّص الأدوار للأطفال باستخدام خيالهم، وتطوير المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة الأساسيّة.  كيف يساعد تقمّص الأدوار في تنمية مهارات الطفل؟  - يحسّن مهارات التواصل ورواية القصص.  - يشجّع التعاطف والفهم السليم لردود الفعل العاطفيّة التي تصدر عنه وعن الآخرين من حوله.  - يساعد الأطفال في ممارسة سيناريوهات الحياة الواقعيّة في بيئة آمنة.  كيف تجعل من اللعب التظاهريّ نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - وفّر الأزياء والدعائم لألعاب لعب الأدوار، مثل التظاهر بأنّك طبيب أو مدرّس أو طاهٍ.  - استخدم الدُّمى أو الحيوانات المحشوّة لإنشاء ألعاب سرد القصص.  - مثّل المواقف الاجتماعيّة، مثل الطلب من المطعم أو زيارة الطبيب، لتحسين ثقة طفلك وسلوكيّاته، وتعليمه كيف يتعامل في مختلف المواقف اليوميّة، وماذا يتوقّع من الناس كذلك.    البستنة – تعليم المسؤوليّة والعلوم  تُعرّف البستنة الأطفال بالطبيعة والصبر والمسؤوليّة، مع تطوير فهمهم لكيفيّة نموّ الأشياء.  كيف تساعد البستنة في تنمية مهارات الطفل؟  - تُعلّم المسؤوليّة عن طريق رعاية النباتات والاهتمام بها.  - تُحسّن استيعاب المفاهيم العلميّة، مثل دورات حياة النبات والبناء الضوئيّ.  - تشجّع الوعي البيئيّ.  كيف تجعل البستنة نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - ابدأ بالنباتات سهلة النموّ، مثل الطماطم أو الأعشاب أو الزهور.  - علّم طفلك كيفيّة ريّ النباتات، ومراقبة نموّها، وإزالة الأعشاب الضارّة.  - ناقش دور ضوء الشمس والتربة والمياه في نموّ النباتات.    البناء باستخدام المكعّبات والليغو – تعزيز المهارات الهندسيّة والمكانيّة  تساعد أنشطة البناء باستخدام المكعّبات أو الليغو الأطفال في تطوير المهارات الإبداعيّة والابتكار والوعي المكانيّ.  كيف يساعد الليغو في تنمية مهارات الطفل؟  - يعزّز الإبداع والابتكار.  - يحسّن التنسيق بين اليد والعين.  - يشجّع الصبر والمثابرة.  - يحسّن المهارات التحليليّة بالتجربة والخطأ.  كيف تجعل الليغو وألعاب البناء نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - تحدَّ طفلك لبناء هيكل معيّن، مثل جسر أو منزل بشروط معيّنة.  - اطلب منه شرح خيارات التصميم الخاصّة به، لتطوير مهارات الاتّصال لديه.  - ادمج مفاهيم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات، عن طريق مناقشة التوازن والاستقرار.    ***  توفّر الأنشطة المنزليّة فرصًا رائعة للأطفال لتطوير مهاراتهم الحياتيّة الأساسيّة بطريقة ممتعة وجذّابة. سواء بالقراءة أو الطهو أو لعب الأدوار أو الاهتمام بالنباتات، فكلّ نشاط سيؤدّي دورًا في تشكيل نموّهم المعرفيّ والعاطفيّ والاجتماعيّ.  إذا قمت بدمج مجموعة متنوّعة من أنشطة بناء المهارات في الحياة اليوميّة، يمكنك إنشاء بيئة محفّزة تغذّي الإبداع ومهارة حلّ المشكلات والثقة لدى أطفالك؛ ما يُعدّهم للنجاح في العالم الحقيقيّ.  أفضل جزء في كلّ هذا، أنّ هذه الأنشطة تعمل أيضًا على تقوية الروابط الأسريّة؛ ما يجعل التعلّم تجربة ممتعة لكلّ من الوالدين والأطفال على حدّ سواء. لذا، في المرّة القادمة التي يقول فيها طفلك: "أنا أشعر بالملل"، سيكون لديك الكثير من الأنشطة المفيدة والمثرية لتقدّمها إليه!    المراجع   https://www.sitters.co.uk/blog/the-15-best-activities-for-children-to-help-them-learn-through-play.aspx  https://blog.brookespublishing.com/24-at-home-learning-activities-to-share-with-parents-of-young-children/  https://kids1st.org/educational-activities-for-kids-at-home/ 

أخطاء شائعة في تربية الأطفال وكيفيّة تجنّبها

تُعدّ تربية الأبناء واحدة من أكثر الرحلات متعةً في الحياة، ومن بين أكثرها تحدّيًا أيضًا. يسعى كلّ والدَين لتنشئة أطفال سعداء وناجحين ومسؤولين، ومع ذلك تبقى الأخطاء جزءًا لا مفرّ منه في هذا المسار. من الضروريّ أن نُدرك أنّه ليس هناك آباء وأمّهات مثاليّون، لكن ثمّة أخطاء شائعة قد تترك أثرًا سلبيًّا في النمو العاطفيّ والاجتماعيّ والإدراكيّ لدى الطفل. والخبر السارّ أنّه يمكن للوالدَين، بالتعرّف إلى هذه الأخطاء وتعلّم سبل تجنّبها، أن يوفّرا بيئة داعمة تُعزّز نموّ أطفالهم، وتمنحهم الثقة والمرونة في مواجهة الحياة. في هذا المقال، نستعرض أبرز هذه الأخطاء، ونقترح خطوات عمليّة لتجاوزها.    الإفراط في الحماية   إنّ رغبة الوالدَين في إبقاء فلذات أكبادهم سعداء وآمنين قد تدفعهم – بشكل غريزيّ – إلى التدخّل المستمرّ في حياتهم لتكون أسهل. وهذا ما يجعل الأمّ والأب أشبه بطائرة مروحيّة تحوم حول الأبناء طوال الوقت، وتتدخّل في شؤون حياتهم صعودًا وهبوطًا، ومن هنا جاء المصطلح الذي يُطلق على هذا النوع من الأهل: " الأهل الهليكوبتر".  الخطأ:  يتمتّع الكثير من الأهل بغريزة طبيعيّة لحماية أطفالهم من الأذى وخيبة الأمل والفشل. ومع ذلك، فالإفراط في الحماية يمكن أن يمنع الأطفال من تطوير الاستقلال ومهارات حلّ المشكلات والمرونة.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - اسمح لطفلك بالمخاطرة بما يتناسب مع عمره، مثل السماح له بتجربة أنشطة جديدة، أو اتّخاذ القرارات، أو التعامل مع النزاعات بمفرده.  - شجّع لدى طفلك القدرة على حلّ المشكلات، بطرح أسئلة مثل: "ماذا تعتقد أنّه يجب عليك فعله في هذا الموقف؟" بدلًا من تقديم الحلول الفوريّة.  - دع طفلك يختبر الإخفاقات الصغيرة، مثل خسارة اللعبة أو ارتكاب خطأ في الواجبات المنزليّة، لمساعدته في التعلّم من التحدّيات وبناء المرونة.    الانضباط غير المتّسق أو المتقطّع  الخطأ:  يتعامل بعض الأهل بصرامة في أحد الأيّام، ثمّ يتساهلون في اليوم التالي، ما يؤدّي إلى إرباك الطفل بشأن القواعد والتوقّعات. وقد يمارس آخرون الانضباط بشكل غير متّسق بين الأشقّاء، ما يجعل أحد الأطفال يشعر بأنّه يُعامَل بشكل غير عادل.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ضع قواعد واضحة ومتّسقة تنطبق في جميع الأوقات، وعلى جميع الأطفال في الأسرة.  - اتّبع العواقب في كلّ مرّة، سواء كانت العواقب في فقدان الامتيازات، أو مناقشة حول السلوك.  - تجنّب التهديدات الفارغة مثل: "إذا لم تتوقّف، فلن آخذك إلى الحديقة مرّة أخرى". بدلًا من ذلك، استخدم عواقب واقعيّة مثل: "إذا لم تشارك، فسوف نأخذ استراحة من اللعب حتّى تصبح مستعدًّا".   تحميل الأطفال مسؤوليّة التوقّعات المبالغ فيها  الخطأ:  يضع الكثير من الأهل، من دون وعي منهم، ضغوطًا مفرطة على أطفالهم للتفوّق في الدراسة أو الرياضة أو الأنشطة اللامنهجيّة. وفي حين أنّ التوقّعات العالية أمر جيّد، إلّا أنّ الضغط الزائد قد يؤدّي إلى التوتّر والقلق والإرهاق.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ركّز على الجهد بدلًا من النتائج. امدح طفلك على العمل الجادّ، وليس فقط على الفوز أو الحصول على أعلى الدرجات.  - شجّع الأنشطة التي يستمتع بها طفلك، بدلًا من دفعه إلى أشياء لا يحبّها فقط لأنّك ترى أنّ عليه القيام بها.  - امنح طفلك وقت فراغ للعب غير المنظّم، لتحقيق التوازن بين التعلّم والاسترخاء.    عدم وضع الحدود  الخطأ:  يتجنّب بعض الأهل وضع حدود صارمة لأنّهم لا يريدون إزعاج طفلهم، أو أن ينظر إليهم على أنّهم "صارمون للغاية". ومع ذلك، ستتفاجأ أنّ الأطفال يفضّلون حياة منضبطة، ويحتاجون إلى إرشادات واضحة ليشعروا بالأمان.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ضع قواعد صارمة، ولكن عادلة، للسلوك ووقت الشاشة ووقت النوم والمسؤوليّات.  - استخدم الانضباط اللطيف، مثل العواقب المنطقيّة، بدلًا من العقوبات القاسية.  - علّم طفلك سبب وجود القواعد. فبدلًا من أن تقول: "لأنّني قلت ذلك"، اشرح له بالقول: "نحن نحدّ من وقت الشاشة، لأنّ إمضاء الوقت الكثير أمامها يمكن أن يؤثّر في نومك وصحّتك".    عدم الاستماع إلى طفلك  الخطأ:  غالبًا ما يتجاهل الآباء والأمّهات مشاعر أو آراء طفلهم من دون أن يدركوا ذلك. فقول "أنت بخير، توقّف عن البكاء"، أو "هذا ليس بالأمر الكبير"، يمكن أن يجعل الطفل يشعر أنّه ليس هناك من يسمعه، وبالتالي يشعر بالإحباط.   كيفيّة تجنّب ذلك:  - مارس الاستماع النشط بالحفاظ على التواصل البصريّ والإيماء والاستجابة بالتعاطف.  - اعترف بمشاعر طفلك، حتّى ولو لم توافق. بدلًا من أن تقول: "من السخافة أن تشعر بالخوف"، قل: "أتفهّم أنّ الظلام مخيف. ماذا يمكننا أن نفعل لنجعلك تشعر بالأمان؟".  - شجّع التواصل المفتوح، حتّى يشعر طفلك بالراحة في مشاركة أفكاره من دون خوف من الحكم.    مقارنة طفلك بالآخرين  الخطأ:  من الشائع أن يقارن الآباء والأمّهات أطفالهم بالإخوة أو الأصدقاء أو زملاء الدراسة، بقول أشياء مثل: "لماذا لا يمكنك أن تكون أكثر شبهًا بأخيك؟" أو "صديقك يقرأ بالفعل، فلماذا لا تقرأ أنت؟".هذه واحدة من أكثر السلوكيّات التي من شأنها أن تُفقد الطفل احترامه لذاته وثقته بنفسه.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - أدرك أنّ كلّ طفل يتطوّر بوتيرته الخاصّة، ولديه نقاط قوّة فريدة.  - احتفل بإنجازات طفلك الفرديّة، بدلًا من مقارنتها بإنجازات الآخرين.  - ركّز على التقدّم بدلًا من الكمال. شجّع طفلك على التحسّن بناءً على أدائه السابق.    استخدام العقاب القاسي بدلًا من التأديب الإيجابيّ  الخطأ:  قد يؤدّي الصراخ أو الضرب أو استخدام العقوبات المفرطة إلى إيقاف السلوك السيّئ مؤقّتًا، ولكنّه قد يؤدّي إلى خلق مشاعر الخوف والاستياء، ومشاكل سلوكيّة طويلة الأمد.  كيفيّة تجنّب ذلك:  استخدم تقنيّات التأديب الإيجابيّة، مثل تحديد التوقّعات الواضحة، وتقديم الخيارات، واستخدام فترات الاستراحة للتفكير.  علّم طفلك العواقب بدلًا من العقاب. مثل أن تقول: "إذا نسيت القيام بواجبك المنزليّ، فسيتعيّن عليك تعويض الوقت لاحقًا"، بدلًا من معاقبته فقط.  كُن قدوة في التواصل الهادئ والمحترم، حتّى يتعلّم طفلك كيفيّة التعامل مع النزاعات بطريقة صحّيّة.    إهمال الآباء والأمّهات للرعاية الذاتيّة  الخطأ:  يركّز العديد من الآباء والأمّهات كثيرًا على أطفالهم، لدرجة أنّهم يهملون رفاهيّتهم الخاصّة. يمكن أن يؤدّي هذا إلى التوتّر والإرهاق، ما يؤثّر في جودة الأبوّة والأمومة والتربية.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ضع رعاية الذات ضمن أولويّاتك، بتخصيص وقت للاسترخاء والهوايات والنموّ الشخصيّ.  - اطلب المساعدة عند الحاجة إليها، سواء من شريك أو صديق أو من الأهل.  - تذكّر أنّ الاعتناء بنفسك يشكّل قدوة لطفلك حول كيفيّة الحفاظ على حياة متوازنة وصحّيّة.    عدم تشجيع الاستقلال  الخطأ:  قد يبدو القيام بكلّ شيء لطفلك وسيلة لإظهار الحبّ، لكنّه قد يمنعه من تطوير الاستقلال ومهارات الحياة.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - اسمح لطفلك بأداء المهامّ المناسبة لعمره بمفرده، مثل ارتداء الملابس، أو التنظيف، أو اتّخاذ قرارات بسيطة.  - شجّع حلّ المشكلات بطرح السؤال مثل: "ماذا تعتقد أنّه يجب عليك فعله؟" بدلًا من تقديم حلول فوريّة.  - علّم طفلك المسؤوليّة بتكليفه بمهامّ صغيرة، ومساعدته في أن يشعر بالقدرة والثقة.    تجاهُل التطوّر العاطفيّ  الخطأ:  يركّز بعض الآباء فقط على الدراسة والانضباط، متجاهلين تنمية الذكاء العاطفيّ لدى أطفالهم. قد يواجه الأطفال الذين لا يتعلّمون كيفيّة إدارة مشاعرهم صعوبات في بناء العلاقات، والتعامل مع التوتّر، واتّخاذ القرارات أثناء مراحل نموّهم وتطوّرهم.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - علّم طفلك كيف يحدّد مشاعره، ويعبّر عنها بطرق صحّيّة.  - استخدم التدريب العاطفيّ بقول: "أرى أنّك تشعر بالإحباط. دعنا نتحدّث عن ذلك".  - ساعده في تنمية التعاطف بمناقشة كيف يمكن أن يشعر الآخرون في مواقف مختلفة.    ***  تربية الأبناء تجربة تعليميّة تستمرّ مدى الحياة، والأخطاء جزء طبيعيّ من الرحلة. لكنّ المفتاح هو التعرّف إلى الأخطاء الشائعة، وإجراء تعديلات بسيطة تُحدث فرقًا في الطريقة التي نوجّه بها أطفالنا.  وتذكّر، لا يوجد أهل مثاليّون، وهذا أمر طبيعيّ. الأهمّ هو الاستمرار في التعلّم والتكيّف، وإظهار حبّك ودعمك وتقديرك لطفلك في كلّ الظروف.    المراجع    https://childrencentral.net/parenting-mistakes/  https://www.shichida.com.au/blog/5-common-parenting-mistakes/  https://trbeyah.com/r/%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A1-%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 

مشكلات الأطفال السلوكيّة: الأسباب وطرق العلاج

قد يُظهر جميع الأطفال سلوكيّاتٍ يمكن وصفها بالشقاوة أو التمرّد أو الاندفاع من وقتٍ إلى آخر، وهو أمرٌ طبيعيٌّ تمامًا. لكن عندما يزداد معدّل هذه السلوكيّات، أو عندما تتحوّل إلى نمطٍ ثابتٍ، فإنّ هذا يعني الدخول في مرحلة مشكلات الأطفال السلوكيّة. يعدّ اضطراب التحدّي المعارض (ODD)، واضطراب السلوك (CD)، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، من أكثر اضطرابات السلوك المشاغب شيوعًا. تشترك هذه الاضطرابات في بعض الأعراض، لذلك قد يكون التشخيص صعبًا، ويستغرق وقتًا طويلًا. كما قد يعاني الطفل اضطرابَين في الوقت نفسه. ويعدّ تحديد هذه المشكلات ومعالجتها في وقتٍ مبكّرٍ من أهمّ عوامل رفاهيّة الطفل على المدى الطويل، وتحسين نوعيّة حياة الأسرة.  في هذا المقال سنستعرض أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة، وأنواعها، وطرق علاجها.    أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة  غالبًا ما تحدث مشكلات الأطفال السلوكيّة نتيجة تفاعلٍ معقّدٍ بين عوامل بيولوجيّةٍ، ونفسيّةٍ، وبيئيّة. لذا يجب تحديد الأسباب الكامنة بدقّةٍ، لتوصيف طرق العلاج الناجحة. من هذه الأسباب:    العوامل البيولوجيّة  تعود العديد من المشكلات السلوكيّة إلى الوراثة وكيمياء الدماغ وبنيته، إذ قد يولد بعض الأطفال بسماتٍ وراثيّةٍ معيّنةٍ، أو حالاتٍ عصبيّةٍ، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو اضطراب طيف التوحّد، والتي تؤثّر في قدرتهم على التعامل مع المعلومات وإدارة مشاعرهم. كما يمكن أن تسهم اختلالات التوازن الكيميائيّ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، في اضطرابات المزاج التي قد تظهر في صورة مشكلاتٍ سلوكيّة.    البيئة الأسريّة  تؤثّر البيئة الأسريّة بشكلٍ كبيرٍ في سلوك الأطفال، فيمكن أن يؤدّي اضطراب العلاقة بين الوالدين، أو البيئة المنزليّة غير المستقرّة بشكلٍ عامٍّ، إلى شعور الطفل بالخوف والارتباك، والذي قد يتجلّى في شكل سلوكيّاتٍ ضارّة.    الصدمة أو خسارة شخص عزيز  يحمل الأطفال حساسيّةً شديدةً للأحداث المؤلمة، ويمكن أن يترك موت أحد الأحبّاء، أو انفصال الوالدين، أو التعرّض للتنمّر أو الإساءة، ندوبًا عاطفيّةً عميقةً لديهم. في الغالب تؤدّي الصدمة إلى تغييراتٍ سلوكيّةٍ، بسبب عدم قدرة الأطفال على التعامل بشكلٍ سليمٍ مع هذه التجارب. كما قد يعبّرون في بعض الحالات عن افتقارهم إلى المفردات العاطفيّة للتعبير عن مشاعرهم، في شكل سلوكيّاتٍ غير مستحبّة.    التأثيرات الاجتماعيّة وضغوط الأقران  يميل الأطفال إلى تقليد سلوكيّات أصدقائهم وزملائهم في المدرسة، وتصدر عنهم سلوكيّاتٌ سلبيّةٌ للتأقلم، أو الشعور بالقبول بين أقرانهم الذين يتصرّفون بهذه الطريقة. كما يمكن أن يسهم رفض الأقران، أو التعرّض إلى التنمّر، في حدوث مشكلات الأطفال السلوكيّة، إذ قد يلجؤون إلى التصرّف بعدوانيّةٍ، أو إلى العزلة، أو إلى القيام بأفعالٍ لجذب اهتمام الآخرين.     التحدّيات الأكاديميّة والتعليميّة  يمكن أن تؤدّي معاناة الطفل صعوباتٍ في التعلّم إلى الإحباط، ونقص احترام الذات. فعندما تتحوّل المدرسة إلى مصدرٍ للمشاعر السلبيّة لدى الأطفال، قد يجعلهم هذا يتصرّفون بوقاحةٍ، أو يحاولون التقوقع للتعامل مع مشاعر الفشل. أي إنّ المشكلات السلوكيّة قد تكون وسيلةً لإخفاء صعوبات التعلّم، والتي قد لا يفهمها الطفل تمامًا، أو لا يعرف كيف يعبّر عنها.     أنواع المشاكل السلوكيّة  تتضمّن مشكلات الأطفال السلوكيّة الشائعة ما يلي:  - اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط: تنتج عن هذا الاضطراب صعوبةٌ في التركيز لدى الأطفال. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنّه اضطرابٌ يرتبط بسلوك الأطفال بشكلٍ مباشرٍ، فيكونون أكثر اندفاعًا من أقرانهم، وقد يتجاهلون ما يقوله الوالدان، أو يثورون أو يصابون بنوبة غضبٍ، أو يقومون بعكس ما يُطلب إليهم. لذا فإنّ أمورًا بسيطةً، مثل إنجاز الفروض المنزليّة، والذهاب إلى الفراش، وارتداء الملابس، وتناول الطعام، قد تكون محلّ شجارٍ.  - اضطراب التحدّي المعارض: من أكثر الاضطرابات انتشارًا لدى الأطفال تحت عمر 12 سنةً. يتضمّن هذا الاضطراب بعض السلوكيّات الدالّة عليه، مثل سرعة الانفعال، وتكرّر نوبات الغضب، والجدال الدائم مع البالغين، وخصوصًا البالغين الأكثر قربًا منهم، مثل الوالدين، ورفض الالتزام بأيّ قواعد، فيبدو الطفل كما لو أنّه يحاول عمدًا إزعاج الآخرين، أو استفزازهم.  - اضطراب السلوك: يعانيه الكثير من الأطفال، ويعدّ أكثر حدّةً من اضطراب التحدّي المعارض، وتتضمّن مؤشّراته الرفض المتكرّر لطاعة الوالدين والشخصيّات ذات السلطة، والسلوك العدوانيّ، والكذب، والسرقة، والميل إلى التدخين، وتعاطي المخدّرات في عمرٍ مبكّر.  -اضطرابات القلق: قد نخلط بين أعراض القلق والخجل لدى الأطفال، لكنّ المصابين منهم باضطراب القلق يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ، عندما يكونون في مواقف تثير قلقهم. فقد يثورون، أو يصابون بنوبة غضبٍ، في محاولةٍ للهروب من هذه المواقف، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسديّ على الآخرين.  -اضطراب طيف التوحّد: غالبًا ما يعتمد الأطفال المصابون بالتوحّد على روتينٍ ثابتٍ يشعرهم بالراحة، وأيّ تغييرٍ غير متوقّعٍ يمكن أن يثيرهم، فهم يفتقرون إلى مهارات اللغة والتواصل للتعبير عن حاجاتهم. من الضروريّ أن نتذكّر أنّ بعض مشكلات الأطفال السلوكيّة، يمكن أن تنجم عن أسبابٍ طبّيّةٍ لم يتمّ التعرّف إليها، والتي قد تشمل الارتجاع المريئيّ، والإمساك، والحساسيّة، والتهابات الأذن، وحتّى الكسور. يتصرّف الأطفال عمومًا بشكلٍ سلبيٍّ عندما لا يشعرون أنّهم على ما يرام، وقد ينفجر الأطفال المصابون بالتوحّد لأنّهم يعانون الألم، ولا يعرفون كيف يعبّرون عنه أو يوقفونه.  يعدّ فهم الفئة التي تنتمي إليها المشكلة السلوكيّة أمرًا بالغ الأهمّيّة، لاختيار طريقة العلاج الصحيحة.     طرق علاج مشكلات الأطفال السلوكيّة  بالرغم من أنّ المشكلات السلوكيّة تبدو صعبةً، ومن العسير معالجتها، إلّا أنّ هناك العديد من طرق العلاج الفعّالة للتعامل معها، علمًا أنّه قد يكون علاجًا متعدّد الأوجه، ويتضمّن مزج أكثر من طريقةٍ من الطرق التالية:   التدخّلات غير الدوائيّة  - العلاج السلوكيّ المعرفيّ: أسلوبٌ مثبت الفعاليّة في علاج الأطفال الذين يعانون القلق، والاكتئاب، والمشكلات السلوكيّة المرتبطة بالمزاج، يركّز على تحديد أنماط التفكير السلبيّة التي تنتج سلوكيّاتٍ غير مرغوبةٍ، وتغييرها. كما أنّه يزوّد الأطفال بآليّات تأقلمٍ للتعامل بشكلٍ أفضل مع المواقف التي تثير لديهم ردّ فعلٍ سلبيّ.  - العلاج باللعب: يمكن أن يكون وسيلةً فعّالةً للتعبير عن المشاعر لدى الأطفال الأصغر سنًّا. فمن خلال اللعب، يتمّ توجيه الأطفال للتعامل مع مشاعرهم الداخليّة، وتعلّم معالجة تجاربهم المختلفة داخل بيئةٍ داعمة.  - العلاج السلوكيّ: أسلوبٌ مفيدٌ لعلاج اضطراباتٍ مثل فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطراب التحدّي المعارض، فهو يتضمّن إعداد روتينٍ منظّمٍ، وتوقّعاتٍ واضحةً، ومكافآتٍ لتدعيم السلوك الإيجابيّ. كما يساعد العلاج السلوكيّ في تطوير الانضباط الذاتيّ لدى الأطفال، وتعلّم الاستجابات المناسبة للمواقف المختلفة.  - العلاج الأسريّ: يركّز هذا العلاج على تحسين التواصل وحلّ المشكلات داخل الأسرة، أي إنّه يتعلّق بفهم أفراد الأسرة للتحدّيات التي يواجهها الطفل، وتعلّمهم طرقًا فعّالةً للاستجابة إليها، الأمر الذي يخلق بيئةً أكثر دعمًا، ويقلّل من احتماليّة الشجارات وسوء الفهم.    الأدوية  في بعض الحالات، يمكن أن تكون الأدوية مكمّلةً للعلاج، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة، لعلاج اضطرابات المزاج. ولكن يجب التعامل بحذرٍ مع الأدوية، والحرص على استخدامها تحت إشراف طبيبٍ مختصّ. جديرٌ بالذكر أنّ الأدوية غالبًا ما تكون أكثر فعاليّةً عند دمجها مع أشكالٍ أخرى من العلاج.    تدريب الوالدين ودعمهما  للأهل دورٌ كبيرٌ في تصحيح سلوك أطفالهم السلبيّ، فهناك برامج متخصّصةٌ وقيّمةٌ للغاية، تركّز على الانضباط والتواصل وبناء العلاقات، مثل برنامج الأبوّة الإيجابيّة (Triple P)، والعلاج بالتفاعل بين الوالدين والطفل (PCIT)، وهي أساليب منظّمةٌ، تمكّن الأب والأمّ من استخدام تقنيّاتٍ فعّالةٍ للتعامل مع السلوكيّات غير المرغوبة، وتعزيز السلوكيّات الإيجابيّة.     تعديلات نمط الحياة  يمكن أن تُحدث بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة فرقًا ملحوظًا في سلوك الطفل، مثل تحسين الاستقرار العقليّ، وتقليل الانفعال ونوبات الغضب، ومنها اتّباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ، وتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم. كما يمكن أن يساعد تقليل تعرّض الطفل للشاشات الإلكترونيّة، وتعزيز الأنشطة الخارجيّة، في حرق الطاقة الزائدة، وإدارة التوتّر بشكلٍ أفضل.     بناء المهارات الاجتماعيّة  يعدّ التدريب على المهارات الاجتماعيّة فعّالًا في مساعدة الأطفال الذين يعانون صعوباتٍ في إقامة علاقاتٍ مع الأقران، إذ يعلّمهم مهارات التواصل الفعّال والتعاطف. يجب أن تنقل هذه المهارات إلى الأطفال ضمن أنشطةٍ جماعيّةٍ، في بيئةٍ منظّمةٍ، ما قد يخفّف من بعض المشكلات السلوكيّة، الناشئة عن ضعف الثقة بالنفس، أو ضغوط الأقران.    ***  يمكن القول إنّ المشاكل السلوكيّة لدى الأطفال قد تكون معقّدةً ومتعدّدة الأوجه، وتتطلّب نهجًا شاملًا للعلاج. لذا فإنّ فهم الأسباب الجذريّة، وتنفيذ العلاجات المستهدفة، والحفاظ على بيئةٍ أسريّةٍ داعمةٍ ومُحبّةٍ، والتواجد في بيئةٍ مدرسيّةٍ إيجابيّةٍ، سيمكّن الأهل من مساعدة أطفالهم في إدارة سلوكيّاتهم، والازدهار في حياتهم الشخصيّة والاجتماعيّة.  بالصبر والتعاطف والموارد المناسبة، يمكن للأطفال الذين يعانون مشاكل سلوكيّةٍ، أن يتعلّموا التغلّب على تحدّياتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.    المراجع   https://www.webmd.com/parenting/types-of-behavioral-problems-in-children  https://childmind.org/article/common-causes-of-behavior-problems-in-kids/  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/behavioural-disorders-in-children   

خوف الأطفال من الامتحانات: أسبابه وحلوله

يُعدّ خوف الأطفال من الامتحانات من أكثر الظواهر شيوعًا في المدارس في جميع أنحاء العالم، فبينما تؤثِّر هذه المشكلة في أداء الطفل أكاديميًّا، تؤثِّر سلبيًّا في صحّته النفسيّة في معظم الأحيان. يقلق الطفل عندما يشعر بأنّ نجاحه في الحياة منوط بحصوله على درجات عالية، ويتفاقم هذا القلق لاحقًا ليؤثِّر في أدائه الأكاديميّ وغير الأكاديميّ. يمكنك تفادي تطوّر مشاعر الخوف المفرطة عند طفلك بتدارك هذه المشكلة مبكِرًا، وإيجاد حلول منطقيّة لها، بما يتناسب مع احتياجات طفلك العاطفيّة والنفسيّة.    ماذا يُسمَّى خوف الأطفال من الامتحانات؟  اصطُلِح علميًّا على تسمية الخوف من الامتحانات بـ"الرهاب من الامتحانات"، وهو الشعور بالخوف المفرط غير المبرَّر مع اقتراب موعد الامتحانات. يؤدّي هذا الخوف المفرط وغير العقلانيّ إلى زيادة مستويات القلق عند الطفل، ويزداد سوءًا عندما لا يُقدَّم للطفل التوجيه والمساعدة المناسبين في الوقت المناسب.    ما أسباب خوف الأطفال من الامتحانات؟ عند محاولتك حلّ مشكلة الخوف الذي يسيطر على طفلك أثناء فترة امتحاناته، عليك أن تعود خطوة إلى الوراء لتعرف سبب المشكلة. هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدّي إلى خوف الأطفال من الامتحانات، أهمّها: - الضغط الاجتماعيّ يمكن أن يؤدِّي الضغط الاجتماعيّ وتوقّعات الأهل والمعلّمين العالية إلى زيادة خوف الطفل من الامتحانات. - الخوف من الفشل  يمكن أن يتسبّب الخوف من الفشل في زيادة القلق والتوتّر عند الأطفال، ولا سيّما إذا كانوا يعانون ضغوطات كبيرة لتحقيق النجاح في الحياة.  - عدم الاستعداد الجيّد  إذا لم يُوفَّر الدعم الكافي للأطفال، بما في ذلك الدعم الأكاديميّ والنفسيّ، فقد يصعب عليهم التحضير للامتحانات كما يجب. - عدم الشعور بالثقة بالنفس  يمكن أن يؤدّي القلق والتوتّر إلى تدنّي الشعور بالثقة بالنفس، ممّا يؤثِّر سلبًا في الأداء الأكاديميّ.   كيف تتعامل مع خوف طفلك من الامتحانات؟  باستراتيجيّات بسيطة، تستطيع دفع طفلك دفعًا إيجابيًّا نحو الشعور بالراحة تجاه الامتحانات، وتعزيز ثقته بنفسه، ومساعدته على الاسترخاء وتحسين أدائه في الامتحانات. إليك الطرق الصحيحة في التعامل مع خوف طفلك من الامتحانات: - اِخلق جوًّا إيجابيًّا في المنزل  يحتاج طفلك إلى الهدوء والشعور بالسلام الداخليّ، لجمع أفكاره والتركيز على دراسته. أغلق التلفاز، وأنهِ جميع أعمالك المنزليّة، واجلس معه لتدعمه في دراسة موضوعاته الدراسيّة.   - ساعده في إعداد خطط الدراسة  تساعد الخطط الدراسيّة على تقديم أهداف ملموسة لطفلك. لذلك، دع هذه الخطوة تترأّس قائمة استراتيجيّاتك في ما يتعلّق بمساعدة طفلك على تخطّي الشعور بالخوف من الامتحانات. تضمن بذلك الموازنة بين أوقات مرح طفلك وأوقات دراسته.   - حضّر لطفلك وجبات غذائيّة متوازنة   تأكّد من تناول طفلك وجبات الطعام في الوقت المحدّد، وحصوله على ما يكفي من الكربوهيدرات والبروتينات. امنعه من تناول وجبات تحتوي على الدهون والزيوت الضارّة، وقدّم له، بدلًا من ذلك، المكسّرات والفاكهة على فترات منتظمة. - اصطحبه في نزهات سريعة  قد لا تدرك مدى أهمّيّة الشمس والهواء النقيّ في تجديد نشاط طفلك، إلّا أنّهما أساسيّان في تحقيق توازن طفلك الذهنيّ، وتهيئته قبل قضاء الساعات القادمة في استقبال المعلومات. لذلك، تأكّد من أخذ طفلك في نزهة إلى الحديقة الأقرب إلى منزلك، أو إلى الشارع المقابل حتّى يحصل على جرعته اليوميّة من الهواء النقيّ أثناء فترة امتحاناته، من أجل تصفية عقله قبل بدء العمل الجاد.   - احرص على جعل طفلك ينام ساعات كافية   النوم الجيّد في الليل ضروريّ لصحّة عقل طفلك وجسده. لذلك، من المهمّ جدًّا أن تتأكّد من حصول طفلك على 8 ساعات من النوم كلّ ليلة، حتّى يتمكّن من الاستيقاظ نشطًا للدراسة في اليوم التالي. - ساعده على تحسين خطّ يده  يرتبط خطّ اليد بتحسين فرصة طفلك في تحقيق علامات جيّدة. يميل الطلّاب إلى تجاهل خطوطهم أثناء محاولتهم إنهاء كتابة إجاباتهم في الوقت المحدّد. - اهتم بجميع مواده الدراسيّة على حدّ سواء  خصِّص وقتًا محدّدًا لمراجعة كلّ مادة وموضوعاتها، مهما بلغت درجة صعوبتها أو سهولتها، إذ تضمن، بهذه الطريقة، فهم طفلك المواد التي يستصعبها، وتتأكّد من فهمه الموادّ التي لا يجد فيها صعوبة.    * * * لا يستوجب خوف الأطفال من الامتحانات قلقك، ولكنّه، حتمًا، يستوجب انتباهك. يمكن لخوف طفلك في الصغر أن يتطوّر في مراحل عمريّة متقدّمة من حياته. لذلك، تُعدّ تأدية دورك، أبًا أو أمًّا، أمرًا أساسيًّا في مساعدة طفلك على التغلّب على قلق ما قبل الامتحان، بتطبيق القواعد التربويّة التي ذكرناها، من توفير البيئة المريحة وغيرها، لزيادة احتماليّة تحقيق طفلك أداء أفضل في امتحاناته.     أقرأ أيضًا: الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيف أعلّم طفلي الدفاع عن نفسه بطرق سلميّة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://parenting.firstcry.com/articles/how-to-deal-with-exam-fear-in-kids/   https://bangalore.globalindianschool.org/blog-details/exam-phobia   https://www.careerindia.com/tips/tips-to-help-kids-overcome-fear-of-exams-013849.html  

تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ: أساليب تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ

يكتسب الأطفال الذين يحظون بتعزيز الشخصيّة والتطوير الذاتيّ العديد من العادات المميّزة التي تُعزِّز الثقة بالنفس، سواء أكان ذلك على المدى القصير في مرحلة الطفولة والمدرسة، أم على المدى البعيد في مرحلة الجامعة أو دخول سوق العمل.    أهمّيّة تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال  يؤدّي تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ دورًا حاسمًا في تشكيل نجاحهم ورفاهيّتهم في المستقبل، حيث يكتسب الأطفال مجموعة من المهارات والسمات، بما في ذلك الثقة بالنفس، وقدرات التواصل، والذكاء العاطفيّ، والمرونة، وصفات القيادة.    فوائد تعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ - تحسين الثقة بالنفس والتعبير عن الذات.  - تعزيز مهارات الاتّصال والمهارات الشخصيّة.  - حلّ المشكلات بطريقة أفضل. - زيادة المرونة والقدرة على التكيّف.  - تعزيز القدرات القياديّة ومهارات العمل الجماعيّ.  - الصحّة النفسيّة.  - ​​تنمية التعاطف والشعور بالمحيطين.​​​    علامات تدنّي الثقة بالنفس عند الأطفال​  في ما يلي بعض العلامات التي يمكن أن تشير إلى انخفاض ثقة الأطفال بأنفسهم، مع الأخذ بعين الاعتبار استشارة المختصّين للحصول على تشخيص دقيق للطفل:​​  ​​​1. الحديث السلبيّ عن الذات​​  غالبًا ما تشيع بعض العبارات عند الأطفال ذوي الثقة المنخفضة بأنفسهم، مثل: "أنا غبيّ"، أو "لا يمكنني فعل أيّ شيء بالطريقة الصحيحة"، أو "لا أحد يحبّني".​​  ​​​2. تجنّب التحدّيات​​  قد يتجنّب الطفل الذي يعاني ثقة متدنّية بذاته، تجربة أشياء جديدة أو مواجهة التحدّيات، خوفًا من الفشل والإحراج.​​  ​​​3. الهرب بسهولة​​  عندما يواجهون صعوبات، يسارعون إلى الاستسلام والابتعاد، بدلًا من الاستمرار في مواجهة التحدّي.​​ ​​​4. الحساسيّة للنقد​​  يأخذ الأطفال الذين يعانون ثقة متدنّية بالذات، النقد البنّاء على محمل شخصيّ للغاية، ويجدون صعوبة في قبول التعليقات.​​  ​​​5. الانسحاب الاجتماعيّ قد ينسحبون من المواقف الاجتماعيّة ويجدون صعوبة في تكوين صداقات.​​  ​​​6. عدم وجود مبادرة​​  قد يكون التردّد في أخذ زمام المبادرة أو التطوّع من علامات تدنّي الثقة بالنفس، ويفضّل هؤلاء الأطفال البقاء في الخلفيّة.​​  ​​​7. الكمال​​  قد يضعون معايير عالية لأنفسهم، وينزعجون من الأخطاء الصغيرة.​​  ​​​8. إلقاء اللوم على الآخرين​​  عندما يفشل الأطفال ذوو الثقة المتدنّية بالنفس، يميلون إلى إلقاء اللوم على العوامل الخارجيّة، بدلًا من تحمّل المسؤوليّة.​​  ​​​9. انخفاض الأداء​​  قد ينخفض أداؤهم الأكاديميّ أو اللامنهجيّ مع تضاؤل ثقتهم بأنفسهم.   أفضل طرق تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتحفيزهم الشخصيّ لتعزيز شخصيّة الأطفال وتطويرهم الذاتيّ، يمكن للوالدين استخدام العديد من الاستراتيجيّات الفعّالة، حيث تركِّز هذه الاستراتيجيّات على تهيئة بيئة داعمة، وتشجيع الطفل على الاستقلال، والاحتفاء بالإنجازات. في ما يلي بعض أفضل الطرق لتحقيق ذلك:  1. تشجيع الطفل على اكتشاف الذات  يمكن تعليم الطفل كيفيّة اكتشاف ذاته بمشاركته الأحداث والأخطاء الشخصيّة، لجعله يشعر بالثقة وعدم اهتزازها عند تصرّفه تصرّفًا خاطئًا. وتساعدهم هذه العادة على فهم أنّ كلّ شخص يرتكب الأخطاء. كما يبني هذا التصرّف علاقة أبويّة قويّة.    2. الحفاظ على علاقة متوازنة وصحّيّة  الحفاظ على توازن العلاقة مع الطفل بين الجدّ والمُزاح، لتجنّب إرهاق الطفل والحفاظ على مستوى ثقة صحّيّ بينه ووالديه. قد يؤدِّي دفع الأطفال بقوّة نحو أمرٍ ما إلى انخفاض ثقتهم بأنفسهم.    3. التحدّث عن اهتمامات الطفل  تحدّث إلى طفلك عن اهتماماته الحقيقيّة قبل تسجيله في الأنشطة. هذا يسمح له بالسيطرة على جدوله الزمنيّ، والقيام بما يحلو له حقًا؛ ممّا يعزِّز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ.    4. الانتباه إلى مكان التواصل مع الطفل  يمكن أن يؤدّي توبيخ الأطفال في الأماكن العامّة إلى شعورهم بالعار. بدلًا من ذلك، يُنصح الوالدون بمعالجة القضايا مع أطفالهم معالجة شخصيّة، وفي مكان خاصّ.   5. تعويد الطفل على أخذ زمام المبادرة  دع طفلك يأخذ زمام المبادرة في القرارات والمهمّات الصغيرة، حيث يعزِّز ذلك الاستقلاليّة والثقة بالنفس منذ سنّ مبكرة.    6. تفهّم الأخطاء والتعلّم منها  من أساليب تعزيز الثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ تفهّم الأخطاء وجعل الأطفال يتعلّمون منها. يساعدهم ذلك على تطوير إيجاد الحلول والثقة بقدراتهم.    7. الاحتفاء بالجهود والنجاح  الاعتراف بجهود الطفل ونجاحاته والاحتفاء بها يغرس الثقة بالنفس واحترام الذات العالي، ويمنح الطفل الحافز لمتابعة الأهداف.    8. التعامل مع الأخطاء على أنّها فرص للنموّ  اعتبار الأخطاء فرصًا للنموّ والتعلّم يساعد الأطفال على النموّ والتطوّر، ويجعلهم يثقون أكثر بقدراتهم.   9. توفير الفرص للقيادة والمسؤوليّة  يُنصح الوالدان بمنح الأطفال فرصًا لتولّي الأدوار والمسؤوليّات القياديّة، حيث يساعدهم ذلك على تطوير مهارات صنع القرار وحلّ المشكلات والتواصل؛ ممّا يعزِّز ثقتهم بأنفسهم.    10. دعم احترام الذات والتفاؤل  يساعد الوالدان الأطفال على تطوير صورة ذاتيّة إيجابيّة عن أنفسهم، بالتركيز على نقاط قوّتهم وإنجازاتهم، بالإضافة إلى تشجيعهم على الإيمان بقدراتهم والاحتفال بنجاحاتهم.    11. تشجيع الاستقلال والاعتماد على الذات  منح الأطفال فرصة اتّخاذ القرارات وتحمّل مسؤوليّة أفعالهم يعزِّز الشعور بالتمكين والاستقلاليّة.    * * * أخيرًا، يجب على الوالدين الانتباه إلى أنماط مستمرّة من السلوكات المذكورة أعلاه، حيث يظهِر جميع الأطفال بعض هذه العلامات من حين إلى آخر. وقد يشير العرض المتّسق طويل الأمد إلى مشكلة أعمق تتعلّق بالثقة بالنفس والتحفيز الشخصيّ، والتي تجب معالجتها باستشارة المختصّين.    المراجع  https://sydneyinstitute.edu.au/importance-of-personal-development-in-students-life/  https://www.podareducation.org/blog-5-tips-for-parents-to-boost-their-kids-self-confidence  https://beyou.edu.au/fact-sheets/social-and-emotional-learning/building-confidence-in-children  https://www.healthychildren.org/English/ages-stages/gradeschool/Pages/Signs-of-Low-Self-Esteem.aspx  https://www.greatschools.org/gk/articles/low-self-esteem-in-children/