الرئيسية

في هذا العدد

العدد (16) ربيع 2024

تستهدف الحروب، في ما تستهدف، مثلّث التعليم: المدرسة مبنى وإدارة ومعلّمين؛ والمتعلّمين؛ والأهل. تصيب أطراف هذا المثلّث بشظايا وندوب، وربّما بأكثر، فتتعطّل العمليّة التعليميّة بنسب كبيرة. وكلّما زاد عمر الحرب، كبرت الخسائر في التعليم، وقلّت أهمّيته الراهنة لحساب مفاهيم الأمن وتأمين سبل الحياة، والتعامل مع المشاكل اليوميّة المباشرة، وتأجيل ما يمكن تأجيله على فداحته وخطورته. ولا يُخفى أنّ الحرب (قل المجزرة) الماثلة أمام أعيننا اليوم في غزّة، كانت من أسباب إعادة طرح هذا الملفّ؛ فما يجري مقتلة وتدمير متعمّد لأشكال الحياة واحتمالاتها المستقبليّة.  من هنا، يأتي العضّ على الجرح، وممارسة التعلّم والتعليم وسط هذا الدمار، فعل مقاومة يجترحه الناس المستهدفون. وبعد الحرب، ومن غير تنظير على الناجين منها، نأمل أنّ الناس ستعيد تدبّر حياتها، والتعليم جزء أساس منها. وهذا يستدعي برأينا: الإبداع في إيجاد الحلول وتحديد مناهج الدراسة، وتبنّي أشكال جذريّة من التعليم كمقاربات التعليم المجتمعيّ والتحرّري والمجاورة. قالت أسماء مصطفى، المعلّمة الغزّاويّة الصابرة، في محاورة العدد المميّزة: نجونا من الموت لكنّنا لسنا بخير! جملة تختصر وحشيّة الحروب على الناس، فالنجاة من الموت لا تعني السلام، والعمل سيكون مضنيًا لإعادة الناس بعد الحرب، إلى أن يكونوا بخير.

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 17: صوت المعلّمين.. عن الرفاه واستعادة العافية

إذا كان من المتّفق عليه أنّ مصالح المتعلّمين التعلّميّة والنفسيّة والقيميّة، هي الهدف الأساس لإدارة التعلّم في أيّ مكان في العالم، وتحقّق هذه المصالح هو رأس هذا الهدف، فإنّ العمل على تحسين الظروف والعوامل المرافقة لهذه المصالح تنال أهمّيّتها من أهمّيّة الهدف النهائيّ هذا. من هنا، يُعنى بالمحيط الحيويّ للمتعلّم، وبالمناهج الدراسيّة، والاستراتيجيّات التعلّميّة، والمقاربات التعلّميّة والإرشاديّة وغير ذلك. لكن، من المتّفق عليه أيضًا، أنّ المعلّم أخطر عوامل نجاح عمليّة التعلّم، حيث إنّه رأس الحربة كما يُقال، أو الجنديّ على الأرض الذي لا تنجح أهمّ الخطط الاستراتيجيّة إن لم يتأقلم معها، ويتدرّب لها، ويكُن مستعدًّا على المستويات البدنيّة والنفسيّة والمعنويّة.   من هذه الرؤية، حدّدت منهجيّات المعلّمَ موضوع ملفّ عددها السابع عشر: رفاهه؛ استعادته عافيته؛ أوضاعه القانونيّة؛ مجال حركته واتّساعه؛ برامج تقاعده؛ وكالته بين خطوط المناهج المفروضة والسياسات التعلّمية المفروضة؛ قدرته على التفاعل مع المستجدات اليوميّة، تربوية كانت أم عامّة، وفسحته في إشراك المتعلّمين فيها... إلى ما غير ذلك من الأمور التي تجعل التعليم مهنة مرغوبة لعشّاقها ومريديها، غير مدمّرة لآمالهم وتطلّعاتهم. ملفّ "صوت المعلّمين: عن الرفاه واستعادة العافية" مخصّص بالشكل النهائيّ لخدمة المتعلّمين وإنجاح العمليّة التعلّميّة، لأنّ موضوعه كما أسلفنا، رأس الحربة في هذه العمليّة وفي إنجاحها. من هنا تأتي الدعوة إلى الخبراء والمختصّين التربويين، ناهيك عن المعلّمين أنفسهم بتجاربهم وخبراتهم، إلى المشاركة في الملفّ بواحد من المواضيع الآتية: - المعلّم الإنسان: كيف يحافظ المعلّم على عافيته في ظلّ الظروف الصعبة، أكان الأمر مرتبطًا بواقع عمل غير عادل، أو بتأثّر المعلّم بواقع اجتماعيّ ضاغط يريد التعبير عنه (التأثر بمأساة غزّة مثالًا)؟ ما الخطوات التي يستطيع المعلّم فيها أن يستعيد عافيته ويرمّم روحه للاستمرار؟ هل من تجارب شخصيّة في هذا؟ - الأوضاع القانونيّة للمعلّمين: الحقوق والأجور والتقاعد؛ خطوات الارتقاء والتدرّج؛ أنواع الرقابة المفروضة؛ حرّيّة التعبير والتغيير؛ الحماية الوظيفيّة... - وكالة المعلّمين: حرّيّة المعلّم بين القانون ومزاج الإدارات؛ المعلّم والمنهاج: من يسود؟ وما الضوابط؟؛ اختيار مادّة التدريس والنصوص الأدبيّة وعلاقتها بالسائد الاجتماعيّ؛ التطوير المهنيّ للمعلّمين: آفاق وعقبات...   يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 20 أيّار/ مايو، 2024. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]

أخبار تربويّة

خبراء أمميّون يحذّرون من إبادة تعليميّة متعمّدة في غزّة: تدمير أكثر من 80% من المدارس

حذّر خبراء أمميّون من إبادة تعليميّة متعمّدة في غزّة، عقب تدمير أكثر من 80 بالمائة من مدارس القطاع، والذي يتعرّض إلى حرب إسرائيليّة مدمّرة منذ أكثر من نصف عام، "ما يحرم جيلًا آخر من الفلسطينيّين من مستقبلهم". وقال الخبراء المستقلّون في بيان مشترك: إنه "مع تضرّر أو تدمير أكثر من 80 بالمائة من مدارس غزّة، قد يكون التساؤل معقولًا عمّا إذا كان هناك جهد متعمّد لتدمير نظام التعليم الفلسطينيّ بشكل شامل، وهو عمل يُعرف باسم الإبادة التعليميّة".   إبادة تعليميّة: اعتقال واحتجاز وتدمير و"الإبادة التعليميّة" تعني المحو المنهجيّ للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلّمين والطلّاب والموظّفين، وتدمير البنية التحتيّة التعليميّة. ووفقًا للخبراء، فإنّ "الهجمات القاسية المستمرّة على البنية التحتيّة التعليميّة في غزّة لها تأثير مدمّر طويل الأمد على حقوق السكّان الأساسيّة في التعلّم والتعبير عن أنفسهم بحرّيّة، ما يحرم جيلًا آخر من الفلسطينيّين من مستقبلهم"، وفق ما ذكره موقع "أخبار الأمم المتّحدة". وذكر البيان أنه "بعد ستة أشهر من الهجوم العسكريّ على غزّة، قتل أكثر من 5479 طالبًا و261 معلّمًا و95 أستاذًا جامعيًّا، وأصيب أكثر من 7819 طالبًا و756 معلّمًا، مع تزايد الأعداد كل يوم. كما لا يحصل ما لا يقلّ عن 625 ألف طالب على التعليم". وأكّد الخبراء أنّ "مدارس الأمم المتّحدة التي تؤوي المدنيّين النازحين قسرًا تتعرّض إلى القصف، بما في ذلك في المناطق التي حدّدها الجيش الإسرائيليّ على أنّها آمنة". وشدّدوا على أنّ تلك الهجمات "ليست حوادث معزولة، وإنّما تمثّل نمطًا ممنهجًا من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطينيّ". واعتبروا أنّه "عند تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك". وأضافوا: "نحن مدينون لأطفال غزّة بدعم حقّهم في التعليم وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر سلامًا وعدلًا".   يشار إلى أنّ المقرّرين الخاصّين والخبراء المستقلّين يعيّنهم مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وهي جهة حكوميّة دوليّة مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم. ويكلّفون بدراسة أوضاع حقوق الإنسان، وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان، بحسب موقع الأمم المتّحدة. ومنذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، تتواصل الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزة لليوم الـ196على التوالي، وسط قصف عنيف يخلّف مئات الشهداء والجرحى يوميًّا، فيما وصلت سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال بحقّ الفلسطينيّين إلى أقصى درجاتها خلال الأيام الأخيرة. وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيليّة المدمّرة على قطاع غزّة حتى ظهر الخميس، إلى 33 ألفًا و970 قتيلًا، وأكثر من 76 ألف مصاب، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحّة الفلسطينيّة في القطاع. كما تواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فورًا، ورغم مثولها أمام محكمة العدل الدوليّة بتهمة ارتكاب "إبادة جماعيّة".

دار الكتاب التربويّ تُطلق عددًا من أحدث إصداراتها

أطلقت دار الكتاب التربويّ عددًا من أحدث إصداراتها لعام 2024، وهي إصدارات تربويّة أربعة مُترجمة إلى العربيّة، لفائدة التربويّين العرب من المعارف التربويّة التي تُنتج حول العالم. جاء الإصدار الأوّل بعنوان "التعلّم العالي الأداء: كيف نجعل مدارسنا عالية المستوى" وهو من تأليف ديبرا آير، وتقدّم فيه نموذجًا واضحًا لكيفيّة تحقيق مستويات عالية الأداء الأكاديميّ لجميع الطلبة والمدارس، استنادًا إلى ما هو معروف عن كيفيّة وصول الناس إلى الأداء الإدراكيّ المتقدّم. وحمل الإصدار الثاني عنوان "المتعلّم من خلال الاستقصاء، من تأليف كاث موردوخ، والتي استندت في كتابته إلى الأبحاث الرصينة حول أهمّيّة وكيفيّة تعلّم الطلبة من خلال الاستقصاء. بينما جاء الإصدار الثالث بعنوان "العقول العظيمة وكيفيّة ننمّيها"، تأليف ويندي برلينز وَديبورة أير، وهو دليل للوالدين يبيّن لهم كيف يستطيعون أن ينشئوا عقول أطفالهم الصغار والمراهقين، وكيف يوجّهونهم للنجاح في المدرسة وفي الحياة معًا. أمّا الإصدار الرابع "دليل نموذج جامعة الدول العربيّة"، تأليف فيليب داجاتي وهولي جوردان، فيوفّر نظرةً شاملة معمّقة لبرنامج نموذج جامعة الدول العربيّة للطلبة الذين يُمارسون البرنامج لأوّل مرّة، وكذلك للطلبة الذين يشتركون فيه مُجدّدًا.

مرصد ونجوم الأمل تُصدران ورقة حقائق حول واقع المدارس في ظلّ الحرب على غزّة

أطلق مرصد السياسات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، بالشّراكة مع جمعيّة نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة، ورقة حقائق حملت عنوان "واقع المدارس المواءمة في ظلّ حرب الإبادة الجماعيّة على قطاع غزّة". وتأتي الورقة لرصد الحملات الواسعة من التدمير الممنهج للقطاع التعليميّ في غزّة، والتي تستهدف البنية التعليميّة من مدارس وجامعات ومؤسّسات ثقافيّة ومكتبات وغيرها. وجاء في بيان الإطلاق "يعمل الاحتلال على تدمير كافّة مقومات الحياة في القطاع، تحقيقًا لأهدافه الاستعماريّة في تدمير مقومات الوجود الفلسطينيّ، والتي يلعب التعليم جانبًا محوريًّا في تعزيزها". للوصول إلى الورقة، اضغط على الرابط هُنا.

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

منهاج مرن ومعلّم سريع الاستجابة
يعلّمنا العدوان على غزّة كثيرًا من الدروس التربويّة التي ينبغي الالتفات إليها، ووضعها في إطار ملائم من الاستدامة، تابع القراءة
مصطلحات جديدة تقتحم قاموس الطلبة الفلسطينيّين في ظلّ العدوان الإسرائيليّ
ما إن بدأ شبح الحرب يُخيِّم على البقعة الجغرافيّة الصغيرة من هذا العالم في قطاع غزة، حتّى هطل على مسامع الطلبة والأطفال الفلسطينيّين سيلٌ... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

التعليم التحرّريّ: نحو وعي نقديّ يتحدّى منطق القوّة والقهر
تُحتِّم علينا الإبادة الجماعيّة التي تتعرّض لها غزّة أن نعيد النظر في توجّهاتنا التربويّة - الاجتماعيّة، وفي النظم التعليميّة التي أسهمت ... تابع القراءة
من التعلّم عن الحياة إلى التعلّم للحياة
يقال: تمنحك الطفولة الوقت والطاقة، من دون مال؛ وتمنحك مرحلة البلوغ المال والطاقة، من دون وقت؛ أمّا الشيخوخة فتمنحك الوقت والمال، من دون ط... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: مبادرة التشبيك بين مدارس تجمّع تمام في الأردن.. شراكة مهنيّة لتطوير تعليم اللغة العربيّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر نيسان/ أبريل 2024، بعنوان "مبادرة التشبيك بين مدارس تجمّع تمام في الأردن: شراكة مهنيّة لتطوير تعليم اللغة العربيّة". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مبادرة التشبيك: انطلاقتها، الآليّة التي اتُّبعت والعوامل المرافقة. 2. تفعيل الأدوار لتحقّق عناصر مبادرة التشبيك. 3. نتائج أوليّة من مبادرة التشبيك.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: أ. رولا عبد الحميد، المديرة الأكاديميّة لمدرسة البيان في الأردن؛ أ. ديانا قموة، عضو مؤسّس لتجمّع تمام في الأردن ومنسّقة هذا التجمّع، وعضو في لجنة تمام الاستشاريّة، ومستشارة أكاديميّة لمدارس العصريّة؛ أ. فاتن الزيادات؛ عضو في فريق تمام القياديّ، وعضو في تجمّع تمام في الأردن، ومُستشارة تربويّة؛ أ. يسري الأمير، رئيس تحرير مجلّة منهجيّات ومستشار تربويّ من لبنان. أدارت الندوة أ. رولا القاطرجي، المنسّقة العامّة لمشروع تمام، ومصمّمة لبرامجه، ومدرّبة استشاريّة وعضو في الفريق الموجّه لمشروع تمام، لبنان. وافتتحت الندوة بتقديم منهجيّات وهي مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجهة لكل العاملين في القطاع التربوي في السياق المجتمعي. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربية والعالمية المثرية والملهمة دوريّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربوية في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيّا ومعرفيّا قيّمًا للأفراد والمؤسسات. ودعت جمهور الندوة بمتابعتها والمُشاركة في أقسامها. وعرّفت بشبكة تمام المهنيّة؛ شبكة يقودها باحثون إجرائيّون بالشراكة مع تربويّين على المستويات المُختلفة، من مُمارسين في المدارس، وباحثين، وصانعي سياسات من أكثر من تسعة بلدان عربيّة. والرؤية التي تجمع هؤلاء المُمارسين هي التطوير والتحسين لتناول قضايا تربويّة ليسَ فقط على مستوى المدارس، إنّما على مستوى النظام التربويّ ككلّ. وأشارت أ. القاطرجي إلى أنّ هذه الندوة نُظّمت بين منهجيّات ومشروع تمام، التطوير المُستند إلى المدرسة، في كلّيّة التربية في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، لتسليط الضوء على مبادرة فريدة من نوعها في العالم العربيّ، وهي مبادرة تشبيك طوعية بين خمس مدارس منتمية إلى تجمّع تمام في الأردن كجزء من شبكة تمام المهنيّة. كما ذكرت أنّه مع بداية المبادرة سنة 2019، انخرط فيها أكثر من 120 تربويًّا وباحثًا إجرائيًّا، واستهدفت أكثر من 1700 طالب في صفوف المدارس المُشاركة. وأوضحت أ. القاطرجي أنّ المُبادرة تُسمّى ضمن الأدبيّات العالميّة بالتعاون بين المدارس، أو بـِ "Interschool collaboration"، بما يدلّ على التشبيك والتعاون على مستوى مؤسّساتيّ بين المدارس. وذكرت أنّ أعضاء فرق قياديّة في المدارس الخمس قرّروا، في بداية سنة 2019، وبعد عدّة جلسات عصف ذهنيّ واجتماعات، التعاون طوعيًّا على مشروع تطوير مرتبط بقضيّة وجدوها محوريّة، هي تحسين تعليم اللغة العربيّة. واتّفقوا على أنّ هذه القضيّة التربويّة ما زالت تعاني ضعفًا بحسب تقارير ودراسات حديثة، وبالتالي تحتاج إلى تضافر الجهود لإيجاد حلول عمليّة وعميقة لها. وأشارت إلى أنّ الفريق الموجّه في تمام، وبناءً على هذا الحماس في النقاش وجدّيّة المتطوّعات، رأى أنّه من الضروريّ الدخول في هذه التجربة، لمرافقة المتطوّعات وتقديم الدعم اللازم، كما رفد التجربة بالدراسات والبحوث اللازمة.   المحور الأوّل: مبادرة التشبيك: انطلاقتها، الآليّة التي اتُّبعت والعوامل المرافقة كيف انطلقت مبادرة التشبيك؟ وما الدوافع الرئيسة لهذه الانطلاقة؟ أجابت أ. قموة على هذا السؤال، بسرد قصّة انخراط المدرسة العصريّة في مشروع تمام سنة 2008، إذ بدأ في حينه مشروعًا لتعزيز البحث الإجرائيّ، للتأكّد من نجاح عمل كوادر المدارس التربويّة مع الطلبة. ومن مشروع للبحث الإجرائيّ، أصبح مشروع تمام وسيلة رئيسة لعمليّة التطوير في أيّ مؤسّسة تربويّة تتبنّى مقاربة المشروع. وفي ملتقيات تمام السابقة، كانت هناك جلسات تُناقش كيفيّة نقل التجربة والخبرة إلى أقسام ومدارس خارج مدرستنا، من أجل مدّ الأثر بمشروع تطويريّ يستندُ إلى المدرسة، وبالتالي تشجيع المعلّمين ليكونوا قادة التغيير، وتوفير الأدوات والوسائل لتمكينهم. وأضافت أ. قموة أنّه من هُنا، عُمّمت الفكرة على مجموعة مدارس صديقة، ولاقت ترحيبًا، وهكذا كانت البداية. وتجلّت بالتقاء الفريق الموجّه لتمام في الأردن بإشراف د. ريما كرامي عكّاري، مديرة مشروع تمام وباحثته الرئيسة، كانت فكرة هذا اللقاء الأساسيّة، هي: كيف نصنع التشبيك؟ فاجتمعت المدارس ووضعت نظامًا داخليًّا بسيطًا، شكّل أساسًا لهذا التجمّع الذي انضمّت إليه مدارس عديدة، ولكنّه استمرّ بخمس مدارس فاعلة.   ما الآليّة التي اتُّبعت ضمن مبادرة التشبيك للعمل على هذا المشروع التطويريّ؟ داخلت أ. الزيادات أنّه خلال عمليّة التشبيك، قرّرت المدارس أنّ تتبنّى رحلة تمام في الأردن، واعتماد هذه المحطّات كآليّة للمشروع، ومن ثمّ العمل على الحاجات التطويريّة، والتي انبثقت منها حاجة تطويريّة مُشتركة، مُعتمدين في تحديد ذلك على الاستقصاء، ودورات البحث الإجرائيّة. وأشارت أ. الزيادات إلى أنّ فريق التشبيك خلال رحلته، تدرّب وأتقن الكثير من كفايات تمام، كالاستقصاء المُرتبط بالبحث الإجرائيّ، والقرارات المُستندة إلى البيانات والأدلّة، والقرارات المبنيّة على الحاجات، والحوار والمُمارسة التفكّريّة، وتعديل التخطيط أثناء التنفيذ بناءً على المتابعة، والقيادة التشاركيّة للتطوير المستمرّ، والتعاون المهنيّ، والممارسة المنفتحة، والتعلّم بالتجريب ومن صُلب الممارسة، والرعاية المهنيّة، وتوثيق كلّ هذه الممارسات. كما أشارت أ. الزيادات إلى أنّ المُشاركين انخرطوا في تدريبات عديدة، إمّا عن طريق زووم أو بلقاءات مُباشرة، لوضع رؤية عامّة للحاجة التطويريّة، وتمكّنوا بعد ذلك من التخطيط التعاونيّ المشترك والتوفيق والتآلف بين الآراء، محاولين الاستفادة من التجارب والخبرات في كلّ مدرسة، ومأسستها داخلها. وأشارت إلى أهمّ ما كان يميّز هذه التجربة، إلى أنّ الباحثين الإجرائيّين كانوا يرافقوننا ويقدّمون الدعم عند الحاجة. وبعد الوصول إلى الغاية التطويريّة، قمنا بوضع الخطط العمليّة مُحدّدين الإجراءات والبُعد الزمنيّ ومواعيد اللقاءات وملامح متعلّم اللغة العربيّة، مع وعي بالاهتمام بالتجارب الناجحة في كلّ مدرسة، بحيث تحافظ على خصوصيّتها، مع الانفتاح على تجارب المدارس الأُخرى، وهو ما نسمّيه في تمام بالمُجتمع المهنيّ. وهُنا، داخلت أ. القاطرجي أنّ رحلة تمام وكفاياتها، شكّلت بوصلة العمل للمدارس وللفرق القياديّة خلال التشبيك، وتحسين تعليم اللغة العربيّة. والحقيقة أنّ الرحلة والكفايات جزء من برنامج تمام لبناء القدرات القياديّة، إذ نعمل بهِ مع كلّ مدرسة على حدةٍ، ولكنّ المميّز في تجمّع تمام في الأردن أنّ المدارس جميعها عملت على هذه الرحلة. كما أشارت إلى دور الفريق الموجّه في تمام، والذي كان مهمًّا وضروريًّا في هذه الرحلة، خصوصًا وفاقًا للأدبيّات التي تطرح أنّه من الضروريّ مرافقة ميسّرين خارجيّين للتجربة، ولكنّ المميّز في تجربة تجمّع الأردن هو وضوح دور الميسّر، والذي كان دورًا خلّاقًا وفريدًا من نوعه وغير مذكور ضمن الأدبيّات.   ما مكوّنات مشروع اللغة العربيّة؟ وما التصميم المُعتمَد خلال السنوات الثلاث التي عملت بها مع قادة اللغة العربيّة ومعلّميها؟ وضّح أ. الأمير المشروع بتقسيمهِ إلى طبقتين: التشبيك، وهو أمر هامّ وفريد، موجّهًا التهنئة للمدارس التي خاضت تجربة مميّزة حبّذا لو تنتشر. والطبقة الثانية هي مشروع اللغة العربيّة: اجتمعت المدارس على حاجة تطويريّة في اللغة العربيّة، وكانت مقاربة الموضوع فريدة: إيجاد متعلّم شغوف بتعليم اللغة العربيّة، ما فتح الباب على مجموعة من الأفكار، منها ما يتعلّق بمفهوم المتعلّم الشغوف، ومنها ما يتعلّق إلى كيفيّة الوصول إلى متعلّم شغوف ضمن مادّة يعاني معلّمو العربيّة فيها. وأضاف أ. الأمير أنّ الأمر استلزم مقاربات جديدة لهدف نوعيّ مختلف، فكانت المخيّمات الصيفيّة، والتي اجتمع فيها قادة فرق ومعلّمون من المدارس، وأدارت هذه اللقاءات د. هنادي ديّة، حيث عملوا معًا على تحديد الحاجة وكيفيّة الوصول إليها، وهم أنتجوا السلاسل المتّصلة لقياس كفاءة المتعلّم في اللغة العربيّة ضمن مجالات ثلاثة: القراءة بشقّيها الصوتيّ والفهم، والكتابة مع ما يلحق بها من مهارات نحويّة وإملائيّة، والتعبير بشقّيه الاستماع والتخاطب. وأشار إلى أنّ الملامح المذكورة في السلاسل، انطلقت من ملامح المتعلّم الذي لا يعرف العربيّة، ويتطوّر بها، وهذا غيّر الكثير من الرؤيا في الصفوف إلى كيفيّة مقاربة أوضاع المتعلّمين المُختلفة. وتمّت مقاربة الموضوع، بعد المخيّمات الصيفيّة، وتحديد الحاجات، وإنتاج السلاسل، من خلال وضع خطط للسنوات الأولى والثانية والثالثة. في السنة الأولى كان الهمّ هو العمل المُباشر مع المعلّمات وقادة الفرق، وتدريبهم على استعمال السلاسل، ومناقشة كيفيّة النظر إلى هذه السلاسل ومواءمتها مع العمل في الصفوف والمناهج، إذ كان العمل على بدايات ثلاث مراحل: الصفّ الأوّل والرابع والسادس. وفي السنة الثانية، استمرّ العمل مع القادة والمعلّمات، وكان العمل مع صفوف الثاني والخامس والسابع، وفي هذه المرحلة التي تُشبه سابقتها، باتت المعلّمات أكثر راحةً في استعمال السلاسل؛ يعني إجراء تقييمات في بداية العامّ، ورصد ملامح المتعلّمين، وتحديد موقع كلّ متعلّم في كفاءته، بغضّ النظر عمّا يجري في الصفّ من تدريس لمهارات متعدّدة. وبعد ذلك، وضع خطط تطويريّة، لرفع مستوى الكفاءة. أمّا في السنة الثالثة، ونحنُ في خضمّها الآن، كان تسليم الأمر لقادة الفرق في المدارس. بعد سنتين من العمل المشترك على تدريب المعلّمين، ومراجعة العقبات، ومراجعة الخطط، فصارت الاجتماعات بيني وبين قادة المدارس، والذين باتوا يديرون الاجتماعات مع المعلّمين، وكنتُ استشاريًّا مُستمعًا مُشبّكًا أكثر بينهم وبين الزملاء، وهُم الآن يتولّون الأمر، فكانت سنة الانسحاب التدريجيّ. ما العوامل المؤسّساتيّة والثقافيّة التي توفّرت في المدارس بشكلٍ عامّ لاستمراريّة هذه المبادرة؟ هُنا أجابت أ. عبد الحميد أنّ المدرسة مُنخرطة من زمن في الرحلة التماميّة، وممارسات مهمّة، مثل الرعاية المهنيّة والقرارات المبنيّة على الأدلّة، وعندما جاءت فكرة تمام للتشبيك، كانت هُناك أرضيّة لهذا التشبيك، إذ كانت العلاقة بين المدارس قبل هذا قويّة ومتعاونة، ما ساعد على سرعة الاستجابة للمبادرة، خصوصًا وأنّ المدارس قد استفادت من تجربة تمام، وتُدرك أنّ هذه التجارب مُفيدة، أخذًا بعين الاعتبار أنّ المدارس التماميّة في الأردنّ متطوّرة ومُتجدّدة ذاتيًّا، وتؤمنُ بالتطوّر من القاعدة إلى قمّة الهرم، ما انعكسَ في الاهتمام بالمشروع. وأشارت أ. عبد الحميد إلى أنّ نجاح التشبيك في مدارس الأردن، ارتبط بشكلٍ واضح بانفتاح المدارس، فالكلّ كان لديه هدف تطويريّ يريد تحقيقه، ما أدّى إلى نجاح المشروع وتميّزه، والحقيقة أنّ الفكر التماميّ عزّز فكرة العمل المُشترك من أجل التطوير لا المُنافسة، وهذا دليل على أنّ المدارس مُشبّعة بالكفايات التماميّة. وأضافت أ. القاطرجي أنّ المبادئ المهنيّة المغروسة في المدارس ساعدت على التشبيك واستمراريّته، وأنّ أي نقص سيشكّل عوائق، وقد كانت موجودة، لكن وبالحوار بين الفريق الموجّه والفريق القياديّ، ذُلّلت الصعوبات.   المحور الثاني: تفعيل الأدوار لتحقّق عناصر مبادرة التشبيك. ما كان دورك أ. قموة في مبادرة التشبيك؟ وما النقطة التي تودّين تسليط الضوء عليها في ذلك لإفادة مدارس أُخرى تسعى إلى تنفيذ مبادرة شبيهة؟ ذكرت أ. قموة أنّ كلّ مدرسة في المشروع حافظت على خصوصيّتها، وعلى انفتاحها في الوقت ذاته، وأنّ فكرة الإيجابيّة التي كانت موجودة بين الفرق والإدارات شكّلت أساسًا لهذه المبادرة. ورأت أنّ الأمر الإيجابيّ كان الانفتاح إلى جانب العلاقات الإيجابيّة والأهداف المُشتركة، هذه العناصر شكّلت مصلحة مُشتركة للتطوير والتحسين، مع وضع الطلّاب نُصب أعيننا. وهُنا، أشارت أ. القاطرجي إلى أنّ دور المناضل، والذي قامت بهِ أ. قموة، غير موجود في الأدبيّات، لأنّ المبادرات التي نفّذت في أوروبا أو أمريكا الشماليّة، كانت على مستوى الحكومات أو الوزارات، بالتالي من مستويات أعلى. أمّا مبادرة التشبيك، والتي خرجت طوعيًّا من مدارس خاصّة لا يجمعها إطار، فكان لا بدّ من وجود دور مناضل مثّلته أ. قموة.   كمديرة، ما الدور الذي أدّيته في المدرسة من أجل استمراريّة مبادرة التشبيك؟ تحدّثت أ. عبد الحميد عن الرحلة التماميّة التي خيضت من أجل الوصول إلى الهدف التطويريّ، وهو اللغة العربيّة. وأشارت إلى ضرورة اطّلاع رئيسة القسم المسؤولة على فكرة المشروع، والتي كانت تتحلّى ببعض الكفايات المهمّة لتنفيذ المشروع، وتشكّل لديها شغف من أجل المُشاركة بمشروع يجمع أقسام اللغة العربيّة في المدارس. وأشارت أيضًا إلى أنّ الفريق الموجّه خلال المخيّمات الصيفيّة، أسهم بتعزيز فاعليّة المعلّمات والمعلّمين، بالتالي شَعَرَ المعلّمون بالانتماء إلى هذا المشروع. وأضافت أ. عبد الحميد أنّه وفي مرحلة اللقاءات مع أ. الأمير، بدأ المعلّمون بمرحلة جديدة احتاجت إلى تدخّلات، ولا سيّما مع اللقاءات بعد ساعات التدريس. ومن هُنا، تمثّل دوري بتعديل جدول الحصص، وتخفيف دوامهم، وفي الوقت نفسه، ضمان أنّ أيّام الاجتماعات تكون غير مُرهقة للمعلّمين في المدرسة، كما نسّقت يومًا للاجتماع بينهم. وكإدارة، كنّا نجتمع معهم لمتابعة المشروع، ما أعطى المعلّم شعورًا بأهمّيّة المشروع، وكذلك حافزًا للاستمرار فيه. وكنتُ أسمع معلّمو العربيّة يقولون: "بعد هذه المبادرة، اكتشفنا أنّ همّنا واحد"، ما جعل المعلّمين يمتلكون نظرة أكثر شموليّة حول الموضوع، وحول تحدّياته. ومن جديد، شكّل تكاتف الإدارة مع المعلّم، وتشبيك المعلّم مع معلّم من مدرسة أُخرى، حوافز للمعلّمين المشاركين من أجل الاستمرار والتغلّب على الصعوبات، وتحقيق هدف المشروع.   ماذا كان دورك كاختصاصيّ وكيف استطعت التوليف بين معلّمين يدرّسون مناهج مُختلفة من مدارس مُختلفة؟ أشار أ. الأمير إلى أنّ الخطّة كانت مخيفة نوعًا ما، إذ كانت هناك ثلاثة اجتماعات أسبوعيًّا بعد الدوام المدرسيّ تستمرّ على مدار السنة، اجتماع لكلّ حلقة. وكانت هناك عوامل مختلفة لكيفيّة التعاطي مع معلّمين من مدارس مُختلفة: 1. التغلّب على النزعات التنافسيّة. 2. التغلّب على النزعات الشخصيّة، على غرار سؤال: لماذا أنا كمعلّمة سأجلس ساعتين بعد المدرسة؟ 3. إدراك المعلّمات لكون المشكلة ليست خاصّة بمعلّم أو مدرسة. كان التركيز في الاجتماعات على مفهوم العائلة، وبالتالي كان دوري ميسّرًا للمشروع أكثر من مدرّب له - فالمشروع جديد - إلى جانب أنّ المعلّمين كانوا من متميّزين، والجهد المبذول من قِبل المدارس عليهم مذهل. كان عليّ التقاط الخبرات وتشبيكها معًا، من أجل نتاج ومقاربة جديدين، وهو ما لم يكن سهلًا، خصوصًا في البداية إذ احتجنا إلى تفكيك بعض المُمارسات المعتادة في صفوف العربيّة، ومن ثمّ التأمّل في التجارب التعليميّة بانفتاح أمام الحاضرين/ العائلة، ما خلق تشبيكًا حقيقيًّا، ووحّد لغة المعلّمات، مع الحفاظ على صوت كلّ منهنّ.  وأضاف أ. الأمير، أنّه بعد كلّ هذا، ولتعزيز الممارسة التأمّليّة، عملنا على الإجابة المستمرّة عن سؤالين: لماذا؟ وكيف؟ فمع إجابات هذين السؤالين، نصل إلى أهداف، وبالتالي آليّة تحقيقها. في الختام، تشكّلت مقاربة جديدة تُنتج قادة جددًا ينتجون بدورهم قادة جددًا، فالأساس هو الاستمراريّة في هذا الأسلوب من العمل والتدريب المستمرّ، وأعتقد أنّنا حقّقنا أمرًا مُمتازًا.   ماذا كان دورك أ. الزيادات والذي أدّى إلى استمراريّة العمل بين المدارس ودعمه؟ تحدّثت أ. الزيادات عن شغفها الداخليّ بالقضيّة المُشتركة، وهي إيجاد متعلّم شغوف. ومن هُنا، قامت أ. الزيادات في البحث عن معلّمات لديهنّ شغف شبيه بشغفها، واستقطبت المجموعة ووعّتها بالمشروع، ما أدّى إلى غيرة مهنيّة كانت مهمّة لإعلام الزميلات في المدرسة بالمشروع، إلى درجة وصلت بها كلّ معلّمة إلى أن تكون قائدة حقيقيّة، فاستمرّ العمل بطريقة مُمتازة. وإضافةً إلى كوني عضوةً في تمام، فأنا أفهم مستلزمات التغيير التي تماشت ومستلزمات التغيير في مدرستي. والحقيقة أنّ الغموض كان موجودًا في البدايات، وما لبث أن زال شيئًا فشيئًا بمساعدة الفريق الموجّه في تمام، ما جعلنا أكثر ثقةً وإصرارًا على تحقيق الأهداف. وأضافت أ. الزيادات أنّ هُناك دورًا مهمًّا تمثّل بتخفيف العبء على المعلّمات المُشاركات في المشروع، وإعادة جدولة برنامج الحصص من أجل تقديم الدعم إليهنّ، ومتابعة المشروع والخطط مع المدرّبين، كلّ ذلك مصحوبًا بالمرونة في التعامل مع الإدارة المدرسيّة وإدارة تمام وفريق المعلّمات.   المحور الثالث: نتائج أوليّة من مبادرة التشبيك. ما الأثر الأوّليّ أو النتائج الأوّليّة التي بدأت تظهر من المشروع؟ أجابت أ. قموة أنّ الأثر انعكس في بُعدين: بناء لغة مشتركة بين المعلّمين، وتوصيف دقيق من المعلّمين لمستويات الطلّاب في مهارات اللغة العربيّة. أما بالنسبة إلى الطالب، فبات يعرف أين هو وأين سيكون، وبالتالي بات الطالب شريكًا فعليًّا في عمليّة تعلّمهِ، وأيضًا صارت خطط التطوير وخطط التدخّل واضحة لدى قادة اللغة العربيّة ومعلّماتها. وأمر إيجابيّ آخر، هو أثر المبادرة في المعلّمين الآخرين، والذين باتوا يريدون أن يكونوا جزءًا من عمليّة التطوير والتغيير، وتجربة تمام. أضافت أ. الزيادات أنّه من خلال ملاحظاتها، تكوّن، نتيجةً لهذه المبادرة، مجتمع مهنيّ بين معلّمات اللغة العربيّة: يجلسن في غرفة الفريق، ويتحدّثن بمصطلحات على مستوى عالٍ من المهنيّة، ويتبادلن الخبرات بحرص، ويدعمن بعضهنّ بعضًا، شغوفات وحريصات على التطوير، ما رفع من صورتهنّ أمام ذواتهنّ وأمام زميلاتهنّ وزملائهنّ، خصوصًا بعد ما اكتسبن من مهارات التأمّل في التجارب الصفّيّة وإعادة التعديل والتطوير كاستراتيجيّة مستمرّة. كما أشارت أ. الزيادات إلى نقطة مهمّة، هي سؤالها للمعلّمات: أيّهما أسهل أن نضع علامةً للطالب أو وصفًا له؟ وكانت الإجابة أنّ العلامة مجرّد رقم يُمكن تغييره، أمّا الوصف فيحتاج إلى معرفة عميقة دقيقة بالطالب ومن غير السهل تغييره. واختتمت حديثها بأنّ المشروع قام بعمليّة "زعزعة" لكلّ المسلّمات لدى المعلّمات، وساعدنا وجود الفريق والأدوات الموثّقة على تخفيف هذه الزعزعة، والتي تحوّلت إلى معلّم واثق باحث، يجمع البيانات ويضع الخطط مُرفقة بأدلّة على تطوّر المتعلّم. وأشارت إلى أنّه على صعيد المتعلّمين، زادت لديهم الرغبة بالتوجّه إلى استخدام اللغة العربيّة، وأصبح استمتاعهم بتقديم عروض بالعربيّة أعلى، وتوجّههم إلى المشاركة بها صارَ أعلى، بجانب مسابقات القراءة، ما لفت انتباه الإدارة أيضًا إلى أهمّيّة هذه المشاريع، والتي دعمت تجديد المشروع في كلّ سنة، إذ رأت الأثر في المعلّم والمتعلّم. كما زاد هذا المشروع من ثقة الأهل بمعلّم اللغة العربيّة. أمّا أ. عبد الحميد فداخلت حول الأثر في المعلّم، إذ كان هناك تغيير جذريّ في أداء قسم اللغة العربيّة. بداية كانوا مطبّقين لمشروع مفروض عليهم، أمّا في السنة الثانية، فكانت هناك قفزة مُختلفة، ولغة مُختلفة، وباتوا يطالبون بأن يكون قسم اللغة العربيّة له مكتب موحّد من أجل التخطيط، حيث يعملون كخليّة نحل بحماس جميل. وأشارت إلى أنّ معلّم اللغة العربيّة، ومن جوانب مُختلفة، تطوّر شغفه، وتطوّرت معرفته. ولا شكّ أنّ السلاسل قد أسهمت في تغيير طريقة المعلّم في التعامل مع الطالب، وتطوير أدائه، ليكون في مكانٍ آخر أكثر شغفًا، وهو في الحقيقة أثّر بشكلٍ عامّ في سلوك الطلبة حتّى في الموادّ الأُخرى، فمن الواضح تطوّر مهارات الطلبة في الحوار والاستماع والحديث والعرض بالعربيّة. وداخل أ. الأمير حول ثلاثة نتائج: 1. التشبيك بحدّ ذاته على المستويات كافّة؛ التشبيك ذو جدوى، ومفيد، وهذه دعوة إلى جميع المدارس للتشبيك والتعاون. 2. النتائج الملموسة بعد ثلاث سنوات؛ مفهوم الكفاءة، المعلّمون يمتلكون مهارات، نجمعها ونُعيد إنتاجها لنظهر قيمتها ككفاءة، وهذا ما انعكس في العمل مع الطلبة، من خلال مهام تُظهر وتُبلور هذه المهارات، 3. ما يُنتج مفهوم الشغف بعد أن أصبح الطلبة يمتلكون المهارة، وعندما عمل المعلّم ووجد نتيجةً أنّ طالبه أصبح شغوفًا، بات المعلّم شغوفًا أيضًا. أمّا أ. القاطرجي فتحدّثت عن أهمّيّة الانضمام والقيام بمبادرات شبيهة. ونحنُ كفريق موجّه رافقنا هذه التجربة، بقيادة د. ريما كرامي عكّاري، وكان لا بدّ من توثيق هذه التجربة، فقمنا ببحث كبير أفضى إلى نموذج عُرض في ملتقى تمام التربويّ الأخير، والذي أثار أسئلة كثيرة حول الأدوار المُختلفة، ونحنُ نتطلّع إلى تعميم هذا النموذج، ونسعى إلى نشره بين المدارس، وتحويله إلى برنامج للإعداد المهنيّ للمدارس التي تودّ الانضمام إلى مثل هذي المبادرات، خصوصًا وأنّ أثر هذه المبادرات ليس فقط في المعلّم والطالب، وإنّما أيضًا في المجتمع التربويّ ككلّ، والمجتمع الأوسع كذلك. وذكرت أ. القاطرجي المدارس المُشاركة، وهي المدرسة العصريّة، ومدرسة الأهليّة والمُطران، ومدرسة البكالوريا عمّان، والمدرسة المعمدانيّة، ومدرسة البيان، وتحوّلت مبادرتهم التشبيكيّة إلى حركة تربويّة تطويريّة تشكّل نموذجًا مُضيئًا وجميلًا. كما أشارت إلى الآمال والخطط المستقبليّة من أجل الوصول إلى متعلّم شغوف، وهو ما لا يُمكن تحقيقه بسنة أو سنتين، إنّما بسنوات وجهود من العمل، ولكنّ رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ونحن سعيدون بأنّ الأثر بدأ يظهر. وهناك بعض التعليقات تقول إنّ هذه التجربة شبيهة بمجتمعات التعلّم المهنيّة، والحقيقة هي شبيهة لكنّها فريدة بأنّها على مستوى مؤسّساتيّ، على مستوى المدرسة.   كلمة أخيرة قالت أ. قموة إنّ التطوير يحتاج إلى حفر، وأحيانًا قد تُدمى أصابع اليدّ، ولكنّ الزراعة تؤتي أكلها، ونتيجة هذا التعب هو الطالب الشغوف. وقدّمت أ. الزيادات شكرًا لمنهجيّات وللأستاذ الأمير على صبره وعمله المستمرّ مع الفريق، وتحدّثت عن أملها بمشروع قريب جديد لاستمرار عمليّة التطوير، ودعت الجمهور إلى التشجّع في المُشاركة في مثل هذي المبادرات والمشاريع العربيّة الأصيلة. أمّا أ. عبد الحميد فشاركت فكرة أنّ أيّ حُلم بفكرة حُلمٌ قابل للتحقيق، ومشروع التشبيك هذا من أجمل المشاريع، والذي كان حُلمًا وتحقّق، وأتّفق مع أ. الزيادات، إذ هو مشروع عربيّ بكلّ تفاصيله وهذا داعٍ للفخر والسعادة. واختتم أ. الأمير الندوة بقوله إنّنا في العالم العربيّ نعرف نتائج التفرّق والوحدانيّة، وربما آن الأوان أن نُفكّر بطرق أُخرى، واليوم رأينا نموذج كيف أنّ التجمّع يُنتج شيئًا فعليًّا جميلًا، وهذا ليسَ فقط قائمًا في الأردن، إنّما قد يقوم في كلّ مكان، فهنالك نموذج الآن، وطرق تواصل لكلّ من هو مهتمّ بمبادرة.  

ندوة: كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق؟

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر آذار/ مارس 2024، بعنوان "كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق؟". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مفهوم الحقوق بشكلٍ عامّ، ونشأتها وعلاقتها بالقانون الدوليّ. 2. مناقشة عجز القانون الدوليّ ومفاهيم الحقوق وفشلها في سياق الحرب على غزّة، خصوصًا الحقّ في الحياة الكريمة والغذاء والحماية والتعليم. 3. كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق في غزّة وحول العالم؟ 4. ما تعريف هذه المفاهيم اليوم في ضوء ما حدث ويحدث في غزّة؟ وكيف نفهم مفهوم الحقّ في التعليم في غزّة؟ 5. كيف نسير إلى تطبيق هذه المفاهيم الجديدة، خصوصًا الحقّ في التعليم في ضوء ما يحدث في غزّة؟ 6. ما دور المعلّمين والأكاديميّين والحقوقيّين والمنظّمات في هذا الفهم والتطبيق؟ 7. كيف نصدّر هذا الفهم الجديد للعالم؟ وما دورنا جميعًا؟   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين: هُمّ: د. سائدة عفّونة، مساعدة رئيس جامعة النجاح الوطنيّة للرقمنة والتعلّم الإلكترونيّ، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات؛ أ. أيمن قويدر؛ مستشار في التعليم وقت الطوارئ؛ أ. رائدة الشعيبي، رئيسة مجلس إدارة مركز إبداع المعلّم، ومعلّمة مرحلة ثانويّة ومُشرفة تربويّة؛ د. مؤيّد حطّاب، أستاذ مشارك في كلّيّة القانون في جامعة النجاح الوطنيّة، ومستشار قانوني غير متفرّغ في شركة آردن للمحاماة في لندن، المملكة المتّحدة. أدارت الندوة د. جُمانة الوائلي، باحثة ما بعد الدكتوراه، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات. وقدّمت الندوة بأنّها صُمّمت لتُعالج سؤالًا يدور في أذهان معظمنا يومًا بعد يوم، ونحن نشهد ما يجري من فظائع في غزّة الحبيبة وفي فلسطين عمومًا: ما حقوق الإنسان؟ وهل تغير هذا المفهوم اليوم؟ وهل ما زلنا قادرين على أن ننادي بهذه المفاهيم في ظل ما نراه من إجرام مغلّف بالصمت والتواطؤ؟ وأكملت د. الوائلي "ولأنّنا في منهجيات نعنى بكلّ ما يخصّ التعليم، فإنّنا ندرك أنّه لا يمكن فصل حال التعليم عن السياقات السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والقانونيّة الأوسع؛ إذ إنّ التداعيات المستقبليّة لكيفيّة إعادة سير التعليم في غزّة ستكون مختلفة تمامًا عن أيّ تجارب سابقة تخصّ استمراريّة التعليم في حالات الطوارئ، وذلك نظرًا إلى حجم الفظائع، والدمار الكامل، والخسارة الشاملة التي تعانيها غزّة. هذه ليست الحرب الأولى التي تشهدها غزّة، وهذا بدوره يعني أنّ جميع التدخلات التعليميّة، والنهج المستخدم من قِبل الجهات الفاعلة الدوليّة لم تعد ذات جدوى. ولا يمكننا ببساطة نسخ الأطر النظريّة والمفاهيميّة التي كنا نستخدمها، أو إعادة استخدامها أو تكييفها". وتطرّقت إلى أنّ "الافتقار إلى الاستجابة المعنويّة من جانب المجتمع الدوليّ، من حكومات وهيئات قانونيّة، قد شكّل تجربة غير مسبوقة؛ بل قد نجرؤ على القول إنّها تجربة مؤلمة من الإهمال، والتخلّي والتي تتطلب استجابة جذريّة، إذ لا يمكننا استخدام ما يمكن أن يُنظر إليه الآن (من قِبل أهل غزّة وفلسطين) على أنّه نظرية لا تؤدّي الهدف المرجوّ. وهنا نسأل: هل نحن بحاجة إلى إعادة تعريف مفهوم الحقوق عمومًا، بما يتناسب مع ما نراه من تحييد وصمت كاملين، عن مبادئ حقوق الإنسان والعدالة؟"   ما حقوق الإنسان وحقوق الطفل قبل هذه الحرب؟ بدأ د. حطّاب مداخلته بأنّ حقوق الإنسان ليست وليدة لحظة ما، وليست وليدة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، إنّما هي مسألة وفكرة. وأكمل أنّ الحقوق امتيازاتٌ تُمنح للإنسان بصفته إنسانًا، وهذه الحقوق والامتيازات تعزّزت عبر التاريخ، ومقابل كلّ حقّ هُنالك واجب. وبالتالي، عند الحديث عن أيّ حقّ للإنسان، نتحدّث عن حقوق تعكس التزامات على الدول أو الحكومات. وأضاف د. حطّاب أنّ الحقوق فكرة تشمل كرامة الإنسان، وتتعلّق بذاته وكينونته: الحقّ في الحياة؛ الحقّ في التعليم؛ الحقّ في الملكيّة؛ الحقّ في الخصوصيّة؛ الحقّ في التعبير عن الرأي؛ الحقّ في المساواة، وغيرها. وهُنا، نتحدّث عن منظومة كاملة تراعي كينونة الإنسان، وتراعي حقّه في أن يكون قادرًا على الحياة بشكلٍ كريم. وأشار د. حطّاب إلى أنّ فكرة الحقوق، والتي نشأت قديمًا مع اليونان، مستمرّة التطوّر. وقدّم مثالًا هو الحرب العالميّة الثانية، والتي قامت بعدها الجمعيّة العامّة بإعلان وثيقة حقوق الإنسان، والتي وقّعت عليها معظم دول العالم، كما اتّفقت على أن تكفل للإنسان الحقوق الأساسيّة، والتي لا يمكن أن يعيش الإنسان من دونها بكرامة وإنسانيّة. وركّزت هذه الوثيقة على أنّ الحقّ في التعليم لا بدّ أن يكون مُصانًا حتّى في مناطق النزاع. والحقّ في التعليم حقّ مكفول للإنسان من دون أن يتعلّق بمرحلة معيّنة، بما في ذلك المرحلة الجامعيّة. وأمّا في مناطق النزاع، فعلى الدول والعالم أن تكفل الحقّ في التعليم للشعب تحت النزاع.   هل كانت هذه الحقوق موجودة قبل هذه الحرب في فلسطين؟ تحدّثت د. عفّونة عن تغيير غزّة مفهومَ الحقوق، والإنسان بشكلٍ عامّ. إذ بات أطفال غزّة يتساءلون "هل نحنُ بشر؟" وهذا السؤال يعكس تساؤلًا أعمق: هل وُضعت حقوق الإنسان لمجموعة خاصّة من الناس، أم هي عامّة لجميع البشر؟ ومن الواضح أنّ هذه الحقوق، وفقًا لما يحصل في غزّة الآن، ليست للجميع. وأكملت د. عفّونة أنّ حقوق الإنسان لم يتمّ المساس بها فقط في غزّة، بل إهدارها وانتهاكها، وليسَ فقط من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، إنّما من سنة 1948، وهذا انعكس في أنّ نسبة كبيرة جدًّا من الفلسطينيّين قد عانوا فقدان حقّ من الحقوق على الأقلّ، بطريقة أو بأخرى، وهو ما جرّدهم من الإيمان بتطبيق هذه الحقوق، وباتت موضع تساؤل وشكّ عندهم. وفي بحثٍ قامت به د. عفّونة، بمناسبة اليوم العالميّ للطفل، مع أطفال فلسطينيّين، كان السؤال "ماذا يعني لك اليوم العالميّ للطفل؟" أجاب الأطفال: "يعني أنّنا قد نموت بعد قليل، أو في هذا اليوم". وكانت الإجابات بمجملها أنّه لا يعني شيئًا، خصوصًا في زمن الموت والمجاعة. وأشارت إلى أنّه من الضروريّ نقاش الحقّ في الحياة وفي الأمان أساسًا وبدءًا، لنقاش الحقوق.   كيف ترى تغيّر غياب الحقوق قبل الحرب الجائرة على أهلنا في غزّة وبعدها؟ أجاب أ. قويدر بأنّ الإنسان الفلسطينيّ بحاجة إلى التمتّع بحقوقه، مثل أيّ إنسان في العالم. ولكنّ السؤال هُنا، وانطلاقًا من أنّ كلّ الحقوق عالميّة، ما العوائق التي تحول دون تطبيق هذه الحقوق في مناطق مُختلفة من العالم، وخصوصًا غزّة؟ هذا السؤال وغيره، يمثّل قصورًا وعجزًا تامّين في المحاسبة، ويكشف كيف يتمّ استخدام سياسة الجنائيّة الدوليّة بشكلٍ يعطّل المحاسبة على هذه الجرائم، وهذا ليسَ فقط من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، بل عبر الزمن. وأشار إلى حراك عالميّ يجري الآن يطالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم، وهذا أمر مهمّ أن ننادي به، لمواجهة هذه الانتهاكات.   كيف ترى غياب هذه الحقوق، خصوصًا حقّ التعليم؟ وهل يُمكننا الحديث عن الحقّ في التعليم في ظلّ غياب الحقّ في الحياة والأمان؟ استهلّت أ. الشعيبي مداخلتها بالإشارة إلى اتفاقيّة جنيف الرابعة، المادّة 50، والتي تقضي بتسهيل عمليّة التعليم في الحروب، معنى ذلك أنّ الإنسان موجود ليتعلّم، وبالتالي الحرب على غزّة قضت على الإنسان، فكيف نكفل الحقّ في التعليم وصاحب الحقّ ما عادَ موجودًا. وهُنا، أشارت إلى أنّ التعليم في غزّة وكلّ فلسطين يواجه أزمة غير مسبوقة، وهذا اعتداء ممنهج ضدّ كافّة الحقوق المكفولة من قِبل المؤسّسات الدوليّة، والتي لا تطبّق بالمُطلق في فلسطين. وأكّدت أ. الشعيبي أنّ الشعب الفلسطينيّ خارج الأطر القانونيّة والإنسانيّة المتّفق عليها عالميًّا، حيث تنتهك في فلسطين كلّ المنظومة الإنسانيّة الأخلاقيّة القيميّة، وبالتالي تنتهك المنظومة التعليميّة، وانتهاك الأخيرة نتيجة للانتهاكات السابقة؛ طالما الإنسان ينتهك فما بالك بالتعليم؟ والحقيقة أنّنا في فلسطين نعيش أزمة تعليميّة، خصوصًا في خضمّ إبادة جماعيّة تستهدف الإنسان أساسًا، ومن ثمّ المؤسّسات والمباني. أمّا في الضفّة الغربيّة، فأيضًا المعلّم يعاني تحدّيات صعبة جدًّا، على غرار الحركة المحدودة والمخاطرة بفعل الحواجز العسكريّة، وانقطاع الرواتب لفترات طويلة، والاقتحامات اليوميّة لجيش الاحتلال، وتعرّض الكوادر التعليميّة للاعتقال. وفي غزّة يُضاف إلى ذلك الكثير، مثل فقدان البيت والمدرسة، والعطش والجوع وفقدان الدواء. وعلينا أن ننتبه من كلّ المُنتهزين لفرصة الحرب، ومحاولاتهم لتعديل المناهج لتصبح مناهج تُلغي القيم الوطنيّة والإنسانيّة. أشارت د. عفّونة إلى أنّ الحقّ في التعليم قد انُتهك. وتحدّثت عن قصّة نزوح الأمّ التي اختارت أن تحمل حقيبة ابنتها المدرسيّة بدلًا من حقيبة نزوح. هذه القصّة ترسم نموذجًا للصمود والبقاء، ومن الضروري الانتباه إلى مثل هذه القصص، والتي تُعيد بناء المعاني، وتكسر الإحساس بالعجز. ونرى اليوم في غزّة كيف يخلقون وسائل جديدة للتعلّم، ومبادرات مختلفة لإيجاد مساحات لبثّ الحياة والأمل.   ماذا عن صمت القانون الدوليّ؟ تحدّث د. حطّاب حول السخط على القانون الدوليّ وحقوق الإنسان، وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى أنّ القانون الدوليّ أفضل أداة لدينا، وكذلك حقوق الإنسان، التي نضجت وتبلورت عبر الزمن. وأنّ التعاطف الدوليّ اليوم مع غزّة متأثّر بمفهوم حقوق الإنسان، وهو سيتبلور أكثر بعد الحرب. وأشار إلى أنّ تحرّك العالم اليوم، وخصوصًا جنوب إفريقيا، يرجع إلى القانون الدوليّ، وتوظيفه. وبدورنا علينا أن ننقل هذه الحقوق نقلة نوعيّة لخدمة الإنسان، خصوصًا أنّنا أمام فرصة لتحقيق تغيُّر عالميّ في الحقوق. أمّا أ. قويدر فأكّد على فكرة أنّه لا يوجد لدينا منظومة أُخرى القانون الدوليّ وحقوق الإنسان يُمكننا الاتكال عليها. وأشار إلى ضرورة التركيز على السياسات والممارسات لتحقيق هذه الحقوق، بدلًا من الهجوم عليها، وهي التي تعتبر أداة تربطني مع المُجتمع الإنسانيّ العالميّ، والذي ينتفض اليوم مع غزّة. وتحدّث أ. قويدر عن كيفيّة إسقاط غزّة القناع العالميّ: في السياسات والممارسات التي أدّت إلى أنّ الحقوق تنتهك بشكلٍ يوميّ؛ وفي أنّ المجتمع الدوليّ يفتقد إلى الاتّساق في تطبيق هذه الحقوق؛ وخصوصًا في أنّ النظام التعليميّ في غزّة دُمّر بطريقة مُمنهجة وغير مسبوقة، فقُتل الطالب وأهله ومعلّمه والأستاذ الجامعيّ الذي يؤهّل المعلّم؛ وفي تدمير البُنية التحتيّة التربويّة، لتجهيل هذا الشعب الذي ما زال واقفًا على قدميه منذ 75 سنة إلى اليوم. وقد رأينا تدمير أكثر من 370 مدرسة، واستشهاد أكثر من 4300 طالب، وأكثر من 200 معلّم، وأكثر من 94 أستاذ جامعيّ، وتدميرًا كبيرًا لمواقع التراث والمكتبات والأرشيف والمراكز التربويّة، وهو ما اقُترح على تسميتهِ من قِبل باحثين بال (Educide: The Genocide of Education)، وهو واحد ضمن مصطلحات عديدة نُحتت من واقع غزّة المؤلم، الواقع المرير الذي بات يُعلّم الطلبة كيف يبنون خيمة، أو كيف يخبزون، نتيجةً للظرف. أمّا عن المعلّمين، فهم يعملون ليلَ نهار على أنشطة تفريغ مع الطلبة، خصوصًا وأنّ المدارس كلّها تحوّلت إلى مراكز إيواء. ومن المثير للاهتمام فِعلًا في وسط هذه المقتلة، أنّ الأهل يشاركون غرفهم، ويعطون مساحة للمتطوّع للقيام بأنشطة تفريغيّة، ثمّ في الليل تُصبح تلك الغرف مساحة لإيواء سبع عائلات. وهنالك خطّة كبيرة للعمل، ولكنّ الأولويّة الآن هي إيقاف هذه الحرب، ومن ثمّ إعادة تعريف التعليم كمعضلة كبيرة ستتطلّب كثيرًا من الإمكانيّات للتعامل معها.   أصبح التعليم متعدّد الوجوه، فهل تغيّر مفهوم التعليم عند المعلّم؟ هُنا أشارت أ. الشعيبي عن ضرورة إعادة قيم العدالة والتسامح، بعد ضرب المنظومة القيميّة عندهم. وترتيب المنظومات لن يتمّ من خلال مناهج وكتب كانت موجودة سابقًا. سيحتاج الطلبة إلى دعم كبير في التعليم، ضمن مرونة تعليميّة تبتعد عن المنهج الرسميّ. لذا، علينا إعادة التفكير في المنهج التعليميّ المقدّم للطلبة. وهُنا، يتجلّى البحث عن بدائل من التعليم الرسميّ. ومن المهمّ جدًّا أن تبقى فكرة التعليم موجودة في ذهنيّة الطالب، من خلال التعلّم الذاتيّ. وذكرت أ. الشعيبي المعلّمة أسماء مصطفى، والتي بادرت إلى تعليم الطلّاب، ليبقى الطلبة على تواصل مع فكرة التعليم. كما ذكرت أنّ هُناك مراكز عديدة تعمل على تقديم دعم نفسيّ اجتماعيّ للطلبة، وأشارت إلى ضرورة تقديم هذا الدعم للمعلّم أيضًا، حتّى يتمكّن من تقديمها ومن مساعدة الطلبة. ومن هُنا، علينا مجموعة من المهام الكبيرة، بما يمثّل تحديًا كبيرًا أمام التربويّات والتربويّين والمؤسّسات الفلسطينيّة، لإعادة بناء غزّة، بكلّ مركّباتها، في وسط الأمل المُستمدّ من العاملين في غزّة، إذ يعملون مع الأطفال في النهار، ويُقصفون في الليل. وهذا يعطي لمحة أمل عن القادم، والذي نحتاج بجميع مركّباتنا، ومن دون تساوق، إلى العمل بجدٍّ وجهد لتعزيز مستقبل أطفالنا في غزّة.   ما شكل الدعم المجتمعيّ الذي يحتاج إليه المعلّم للاستمرار في مهامه، في ظلّ هذه التحدّيات القاهرة؟ أشارت د. عفّونة إلى ضرورة تحديد ما الأهمّ اليوم، في ظلّ فقدان 600 ألف طالبٍ حقّهم في التعليم المدرسيّ، وأكثر من 90 ألف طالبٍ في التعليم الجامعيّ، فالمهمّ تعليم الطفل التعبير عن حقّه: حقّه في التعبير عن ألمه؛ في التعبير عن مشاعره؛ في التعبير عن خوفه. وعلينا الانتباه إلى أنّ المدارس في غزّة قد تحوّلت إلى مراكز إيواء، وعاش فيها الطفل والأب والأمّ والمعلّم تحت سقف واحد. بالتالي، هُنالك نظرة مُختلفة عند الطالب إلى المدرسة، ونظرته إلى المعلّم، إذ عاشوا الخوف والصمود والبحث عن الماء والمأكل والغطاء. لذا، فالفترة القادمة بحاجة إلى منظومة تعليميّة جديدة، ليسَ فقط من حيث المكان، إنّما من حيث المفاهيم والفكر والتصوّرات والمُمارسات. أمّا أ. الشعيبي، فتحدّثت عن أهمّيّة بناء مبادئ الحرّيّة والكرامة الإنسانيّة. وعلينا بناء هذه المبادئ في التعليم من أجل الحرّيّة استلهامًا من باولو فريري، مع ضرورة العمل على التعلّم التحويلي، والاستغناء عن مناهج تلقينيّة، بل نحنُ بحاجة إلى العمل بعمق على مشاعر الأطفال، ومشاكلهم النفسيّة، وهذا دور أساس للمعلّم بمساعدة مؤسّسات شريكة قادرة على الدعم. إلى جانب ضرورة إعادة إيمان الطفل بالمدرسة، خصوصًا في ظلّ تدمير المدارس، وجعل ما تبقّى منها مراكز إيواء. وأشارت إلى القصف المُمنهج لمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وبالتالي العمل على حذف مسألة اللجوء. إذًا، نحنُ بحاجة إلى إعادة بناء مناهج إنسانيّة تُعيد الثقة بالنفس، والكرامة الإنسانيّة، وأن نكون كمعلّمين آذانًا صاغية لطلبتنا، ومحترمين فكرهم، وعاملين على صياغة نظريّة تعلّميّة مُجتمعيّة تكون مقبولة، لا مستوردة ولا مفروضة. أضاف أ. قويدر أنّنا كمجتمع فلسطينيّ لدينا التزام قويّ تجاه التعليم، وإنتاج المعرفة. وسنعمل على إعادة نظام التعليم في غزّة. وبما تمرّ به غزّة، ستكون هناك ندرة في المصادر، لاحقًا لاستشهاد الأكاديميّين والمعلّمين، والتدمير الواسع للمؤسّسات والأرشيفات، وستأخذ عمليّة الإعمار وقتًا طويلًا جدًّا. ولكنّ شكل التعليم ما بعد الإبادة، سيركّز على النهج النفسيّ الاجتماعيّ، والتعلّم العاطفيّ، ومعالجة الصدمات التي مرّ ويمرّ فيها الطفل الغزّيّ. وأكّد أنّ تركيز جهود المناصرة مطلوب، ضمن أيّ مشروع، سواء في غزّة أو الضفّة الغربيّة أو القدس، لذا، فالتعامل مع الشبكات التعليميّة مهمّ جدًّا، للبناء ولإيصال أصوات المعلّمين والمتعلّمين في فلسطين. أشار د. حطّاب إلى الأثر المهمّ لتدمير المدارس والجامعات، والذي يندرج تحت مأسسة الإبادة الجماعيّة، إذ أثبت أنّ التعليم الفلسطينيّ مُستهدف، وهذا كفيل بتدمير أجيال. ومن الواضح أنّ الدول تقوم على نظم العدالة والتعليم، والاحتلال يدمّر بشكلٍ منهجيّ هذين المركّبين في غزّة. ومن هُنا تطرّق إلى تحديين أساسيّين أمامنا: الأوّل وطنيّ محلّيّ: عن تنظيم الذات. والثاني عالميّ: كيف يُمكننا التخلّص من الاحتلال؟ وأضاف أنّ المُبادرات التعليميّة بحاجة إلى دعم من هذين الجانبين، خصوصًا وأنّ مسألة القضيّة الفلسطينيّة باتت أوضح اليوم في العالم منه عمّا قبل 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر.   ما دورنا؟ وما المبادرة التي قمتِ بها؟ تحدّثت د. عفّونة عن أهمّيّة التعليم الشعبيّ، والذي ما زال قائمًا بأثرٍ كبير. وفي هذا السياق، "أذكر مبادرة قمنا بها في جامعة النجاح، وهي إطلاق مبادرة لتوفير التعليم بشكلٍ إلكترونيّ للطلّاب في غزّة، وقد التحق أكثر من 20 ألف طالبٍ في أسابيع، وهذا يعكس رغبة ودافعيّة الطلبة في التعلّم. وأودّ أن أوجّه الدعوة إلى المشاركة في المبادرة، فالمجال مفتوح للجميع لبذل الجهود وفاءً لطلبتنا في غزّة". أضافت أ. الشعيبي أنّ وزارة التربية الفلسطينيّة قد ألحقت مجموعة من طلّاب غزّة، مرحلة الثانويّة العامّة، مع صفوف في الضفّة الغربيّة عبر تطبيق (Teams). وهذه مبادرة من مبادرات كثيرة تجري الآن لإدماج طلبة غزّة في الصفوف عبر التطبيق.   ما دور المجتمع المدنيّ والمجتمعات الدوليّة؟ أشار أ. قويدر إلى أنّ الحقوق لم تتغيّر. ولكن، أظهرت الإبادة الجماعيّة في غزّة ضرورة المحاسبة، وضرورة إجراء إصلاح جذري لمنظومة المحاسبة، ودور المجتمع أساسيّ ضمن هذا السياق. وأضاف أنّنا بحاجة إلى البناء على حالة التعاطف العالميّة من أجل حماية الحقّ في التعليم. وداخل د. حطّاب بالتغيُّر على الصعيد الدوليّ، والذي يحدث بشكلٍ بطيء، إلّا أنّه يحدث. وقارن القضيّة الفلسطينيّة بالقضيّة الجنوب إفريقيّة لتوضيح القصد، بالتغيُّر في سلوك الحكومات والدول، وفكرهم. والتغيُّر ضمن السياق الفلسطينيّ، أصبح عالميًّا في هذه اللحظة، ومُحرجًا للعديد من الدول التي تدّعي أنّها راعية لحقوق الإنسان. وتحدّثت أ. الشعيبي على أنّه بعد 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر، تراجعت بعض المنظّمات عن دعم المؤسّسات الفلسطينيّة، لكنّها سرعان ما عادت إلى الدعم بعد تغيُّر الرواية ووضوحها. وأشارت إلى وجوب أن تتكاتف الجهود ضمن رواية قويّة لتعزيز المناصرة العالميّة لدعم المجتمع الفلسطينيّ. وأشارت د. عفّونة، إلى أنّ أصحاب الحقّ قد رسموا منظومة جديدة لحقوق الإنسان، عندما صعدت أرواحهم إلى السماء، ليسَ فقط لتظلّل فلسطين، إنّما الفضاء العالميّ. وعليه، علينا أن نبني لتوثيق الرواية الفلسطينيّة، لتكون مرجعًا للصمود ومرجعًا لحقوق الإنسان. واختتمت د. الوائلي، بأنّ غزّة ستبلور حقوق الإنسان، كما لم يحدث من قبل.

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

مبادرة طيور السلام التعليميّة: قصّة أمل وصمود من غزّة
في قطاع غزّة، حيث تلقي ظلال الحرب ثقلها على الحياة اليوميّة، تبرز قصّة نضال لا تقل أهمّيّة عن النضال من أجل البقاء والتمسّك بالأرض والحقّ... تابع القراءة
كيف تعولم صفّك المدرسيّ؟
شهد مفهوم الصفّ الدراسيّ التقليديّ تحوّلًا هامًّا، في ظلّ عالم يسوده الترابط، بفضل ظهور التكنولوجيا وعمليّة العولمة؛ فتوسّعت جدران الصفوف... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

ريّان إدريس- معلّمة لغة عربيّة- لبنان

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ لو كنت طالبةً اليوم، لكان التعليم بالأساليب والطرق الحديثة هو الأحبّ ليّ، فهي أساليب جذّابة لكلّ تلميذ.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يمكن التوفيق بين تعليم هذه المهارات، من خلال استخدام طرق تعليميّة اجتماعيّة داخل الصفّ، وتكمن في الأنشطة المتعلّقة بالعمل التعاونيّ، والتفكير الجماعيّ، وحلّ الصراعات، وأساليب حلّ المشكلات.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ دور المعلّم يكمن في تطوير قدراته ومهاراته في مجال الذكاء الاصطناعيّ؛ حتّى يستطيع استخدام التقنيات المتعلّقة بهذا الذكاء، ويوظّفها في مجال التعليم.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يفيد الإشراف التربويّ من خلال تفهّم أهداف التعليم، والأساليب التعليميّة، والخطّة التربويّة، والتفاعل بين أطراف هذا المجال، من أجل الحصول على مستوى تعليميّ مميّز.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تعتبر النزاعات بين الطلّاب ظاهرة طبيعيّة في سلوكهم، لكن يجب الحدّ منها، وذلك من خلال الاستماع إليهم، والتحقّق من سبب المشكلة، بحيث يتحمّل كلّ تلميذ مسؤوليّة عمله، بعدها يقومون بشرح وجهة نظرهم لإيجاد الحلول المناسبة. الأطراف التي تنبغي عليها المشاركة هي المعلّم، وفي حال كان النزاع أكبر تتدخّل الإدارة، أو أحد أعضائها.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ التكنولوجيا أداة لها إيجابيّاتها وسلبيّاتها، ولكن، لا يعني ذلك إغفال أهمّيّة المهارات التقليديّة للطالب، فبعض الأنشطة التربويّة والأكاديميّةّ تتطلّب مهارات أساسيّة، لا يعوّضها استخدام التكنولوجيا، بل إنّ الاعتماد المفرط عليها قد يُعيق تنمية بعض القدرات لدى الطالب، ويُضعف مهاراته، فالعمليّة التربويّة المثاليّة هي التي تُحقّق التوازن بين استخدام التكنولوجيا بذكاء، والتركيز على المهارات الأساسيّة.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ الأهل عنصر أساس في سير العمليّة التربويّة، من خلال اهتمامهم بابنهم، ليس على الصعيد الأكاديميّ فقط، بل أيضًا على الصعيدين العاطفيّ والاجتماعيّ.  والتوقيت الأنسب لذلك هو عند ظهور علامات تأخّر في المستوى التعليميّ التلميذ، وانعدامه في بعض الأحيان.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ الكتاب المدرسيّ مهمّ في العمل المدرسيّ، لكنّ التقوقع فيه هو الخطأ، فالعلم واسع وشامل، لا ينحصر في إطار محدّد.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ مدّة الدوام المدرسيّ المناسبة برأيي هي ٦ ساعات كحدّ أقصى؛ لكي يستطيع التلميذ استجماع طاقته الفكريّة ليوم دراسيّ آخر.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. يعتبر التدريس مهمّة سامية أخلاقيًّا، لكنّ الانتقال من مقاعد الدراسة إلى الممارسة الفعليّة أمر ليس سهلًا، إنّها مسؤوليّة يحملها المعلّم على عاتقه. فالتّعليم يجعل الإنسان فعّالا ومبدعًا، لأنّه يبتكر العديد من الطرق لإيصال ملايين الأفكار لجمهور كبير من التلاميذ الذين تختلف قدراتهم الذهنيّة والمعرفيّة والسلوكيّة. بالإضافة إلى أنّ تجربة التعليم المتلاحقة والمستمرّة تُصقل شخصيّة المدرّس، بالأخصّ في ما يتعلّق بالمهارات الاجتماعيّة والمعرفيّة. ميدان التعليم خليط من القوّة والضعف، كما وصف الكاتب نجيب محفوظ الحياة في روايته "الحرافيش"، وهي  من أهمّ روايات الأدب العربيّ، والتي يصف فيها فلسفة الحياة بأسلوب مبدع وراقٍ، بالإضافة إلى وصفه بعض الشخصيّات بطريقة رائعة.  

ماهر منصور- مشرف شؤون طلبة- فلسطين/ قطر

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ طريقة التعلّم الأحبّ بالنسبة إليّ، وهي فعلًا ما زالت الطريقة التي أفضّلها حتّى الآن في تعلّمي المهنيّ، هي التعلّم عن طريق المشاريع الجماعيّة والفرديّة، والتعلّم عن طريق تقييم الأداء بمهامّ، سواءً موجّهة أو مفتوحة، حيث أنَّ نوع التعلّم هذا يمكّن المتعلّم من الاندماج في عمليّة التعلّم، واكتساب المعرفة والمهارات، ليس فقط من المدرّس أو الميسّر، بل أيضًا من زملائه، ومن التجربة، ومن التطبيق المباشر للتعلّم، والذي يجعل أثره يدوم، ويساعد على تطوير المهارات الأساسيّة والمتقدّمة، واكتساب المعرفة بشكل مرتبط بسياق، ممّا يجعلها أكثر أصالةً وارتباطًا بحياة المتعلّم.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ تُركّز الممارسات التعليميّة الحديثة على دمج المهارات الاجتماعيّة والمعرفة العلميّة، من خلال دمج المشاريع التعاونيّة والنقاشات الجماعيّة، وتطبيقات العالم الحقيقيّ للمفاهيم العلميّة، حيث يتمكّن الطالب من فهم المحتوى، وتطوير مهارات العمل الجماعيّ والتواصل، وحلّ المشكلات. المفتاح هو تصميم إطارات منهجيّة، تدمج المحتوى الأكاديميّ مع فرص للنموّ الشخصيّ والاجتماعيّ، ممّا يؤدّي إلى تطوير متعلّمين متكاملين، ومستعدّين للعالم المتّصل اليوم.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ في عصر ثورة الذكاء الاصطناعيّ، يصبح دور المعلّم أكثر أهمّيّة. فبينما يمكن للتكنولوجيا توفير كمّيّات هائلة من المعلومات، والقيام بالمهامّ الآليّة، يقدّم المعلّم الجوانب الإنسانيّة التي لا يمكن استبدالها، مثل التعاطف، والتفكير النقديّ، والقدرة على التكيّف، فيتحوّل دورنا من كوننا مجرّد مقدّمين للمعرفة، إلى ميسّرين لتطوير المهارات، مثل الإبداع، والتفكير الأخلاقيّ، والتعلّم مدى الحياة. يجب على المعلّمين توجيه الطالب لاستخدام الذكاء الاصطناعيّ بشكل مسؤول وأخلاقيّ؛ لنضمن أن يكون للتكنولوجيا دورًا مكمّلًا للذكاء البشريّ بدلًا من استبداله، وبالتالي، في هذا العصر التحوّليّ، يعمل المعلّمون كموجّهين؛ ليساعدوا الطّالب على تطوير علاقة متوازنة مع الذكاء الاصطناعيّ، مع التأكيد على القيمة الدائمة للتواصل البشريّ، والحكمة البشريّة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يمكن للإشراف التربويّ أن يكونَ مفيدًا للممارسة التعليميّة عندما يعمل على تعزيز التطوير المهنيّ، ويضمن معايير تعليميّة جيّدة، ويحسّن نتائج الطلّاب، ويشجّع على الابتكار، ويعزّز التعاون بين المربّين للتحسين المستمرّ، والأهمّ من هذا كلّه، توفير جوّ داعم ومريح للممارسين؛ ليتمكّنوا من أداء واجباتهم النبيلة، ضمن بيئة إيجابيّة داعمة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ يجب أن تشمل عمليّة حلّ النزاعات بين الطّلبة عددًا من الأساليب والطرق الحديثة لحلّ النزاعات، كالممارسات التصالحيّة (وفق مفهوم العدالة التصالحيّة)، وتنمية قدرة الطلبة على التعاطف، وعقد جلسات حواريّة مع الطّلبة للتعبير عن شعورهم، والتحدّث عن هذه النزاعات، وغيرها من الاستراتيجيّات الحديثة، ويجب إشراك المعلّمين والمرشدين، وأولياء الأمر، والإدارة، في حلّ هذه النزاعات ضمن روح تعاونيّة؛ وذلك لتعزيز بيئة صفّيّة متناغمة وآمنة.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ على الرغم من الفوائد الجمّة للتقدّم التكنولوجيّ، إلّا أنّ استخدمها ليس دائمًا إيجابيًّا، فمن ناحية، قد يُشكّل الاعتماد المفرط على التكنولوجيا عائقًا أمام تنمية المهارات الأساسيّة والضروريّة لدى الطلّاب. بالإضافة إلى مخاوف عدم التكافؤ في الفرص، بسبب عدم تساوي القدرة في الحصول على هذه الأدوات واستخدامها للجميع، ومشاكل متعلّقة بتشتيت الانتباه، بسبب كثرة المشتّتات عند استخدام التكنولوجيا، والمشاكل المتعلّقة بخصوصيّة البيانات، وأخيرًا، مشكلة الحاجة إلى تدريب المعلّمين بشكل مناسب؛ ليتمكّنوا من توجيه استخدامها بشكل إيجابيّ.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ تعتبر المشاركة الأهليّة أمرًا بالغ الأهمّيّة لتعليم الطفل، حيث يمكن أن تعزّز الدافع والأداء الأكاديميّ والرفاهيّة العامّة، ومع ذلك، قد تظهر مخاطر هذا التدخّل عندما يصبح مُفرطًا في التحكّم ومبالغًا فيه، ممّا قد يعيق استقلاليّة الطفل، وقدراته على حلّ المشكلات، وثقته بنفسه، ويصبح عامل ضغط على الطفل. من الضروريّ الوصول إلى توازن نضمن فيه دعم الأهل من دون أن يسلبوا من طفلهم استقلاليّته، خصوصًا خلال المراحل التنمويّة الحرجة، حيث يعتبر تعزيز الاستقلاليّة أمرًا أساسيًّا. كذلك يكمن الدور الرئيس للأهل في تعزيز الجوانب الخارجة عن المنهج واللا أكاديميّة، والتي تشمل توسيع الدائرة الاجتماعيّة للطفل، ومساعدته على استكشاف اهتماماته، وتوسعة مداه.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ على الرغم من أنّ الموارد الرقميّة تقدّم مرونة ومحتوى مُحدّثًا، إلّا أنّ التخلّي تمامًا عن الكتب المدرسيّة قد لا يكون قرارًا حكيمًا في هذا الوقت، حيث توفّر الكتب المدرسيّة محتوىً منظمًا، وموحّدا في الصفوف الدراسيّة، وتعتبر مرجعًا موثوقًا للمعلّمين والطلّاب، من دون الاعتماد على التكنولوجيا. النهج المتوازن هو الذي يجمع بين الكتب المدرسيّة والموارد الرقميّة، وإمكانيّة الوصول إلى الموارد المختلفة، والعدالة، وتجارب تعليميّة شاملة لجميع الطلّاب، مع مراعاة الاختلاف في الوصول إلى التكنولوجيا والاحتياجات المختلفة.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ مدّة اليوم المدرسيّ المثاليّة قد تختلف، استنادًا إلى الاحتياجات التنمويّة، ومستويات الصفّ، والأهداف التعليميّة. ومع ذلك، ومع مراعاة عوامل مثل فترة الانتباه والإرهاق، والتنمية الشاملة، يبدو من المعقول أن تتراوح مدّة اليوم المدرسيّ بين 6 إلى 8 ساعات للطلّاب الأكبر سنًّا، ومدّة أقصر للمتعلّمين الأصغر سنًّا. ومن الضروريّ الأخذ في الاعتبار الوقت التعليميّ عالي الجودة، مع إدماج فترات الراحة والنشاط البدنيّ، وتجارب التعلّم المتنوّعة؛ لتحقيق التشارك الأمثل للطلّاب ورفاهيّتهم.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. الرواية التي أختارها هنا هي رواية "الخيميائيّ" لباولو كويليو، وقد اخترت هذه الرواية لأنّها من الروايات التي بدأت بقراءتها وأنا في عمر العاشرة، والآن أستطيع أن أقول إنّها تصف تجربتي، وتجربة عدد كبير من المهنيّين في حقل التعليم بالذات. معظمنا انضممنا إلى الجامعات بهدف الحصول على شهادة تؤهّلنا للحصول على وظائف تعود علينا برواتب مرتفعة، ولكن عبر هذه الرحلة، مررنا بعدد من المربّين والأكاديميّين والحكماء، وتعلّمنا منهم الكثير، ووصلت شخصيًّا إلى قناعة بأنَّ الكنز الحقيقيّ هو هذه التجارب، والتعلّم الذي اكتسبته من جميع من كان في دربي، من مدرّسين ومحاضرين، وزملاء، وحتّى طلبة، كما كان الحال لسانتياغو في الرواية، وأتمنى دائمًا أن أتمكّن من مساعدة الطلبة في الوصول إلى هذا الكنز، والاقتناع بأهمّيّته مقارنةً بالجوانب المادّيّة في الحياة.  

عبد الله ماجد المكحل- مسؤول تدريب تربويّ- الأردن

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ شكل التعليم الأحبّ لدي هو التعلّم التعاونيّ الذي يجمع بين المهارات الأكاديميّة والاجتماعيّة، ويوفّر فرصًا لاكتساب المعرفة ومعالجتها، والتعبير عنها بلغة الطالب الخاصّة، مع دمج الطالب في محيطه الاجتماعيّ، من خلال مجموعات تعلّميّة قائمة على الدعم والمساندة. "ننجو معًا أو نغرق معًا"، ما نفتقده اليوم في الغرف الصفّيّة، هو وقت للتعبير عمّا يكمن في نفوس طلّابنا. لذا، عندما ألاحظ الطلّاب في وقت الفرصة، الفسحة، أجدهم يتحرّكون بنشاط، ويتفاعلون متعاونين خلال اللعب، فأحدّث نفسي، لماذا ما أراه في الفرصة يختفي في الغرفة الصفّيّة خلال وقت الدرس؟   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يعتمد تعليم المهارات الاجتماعيّة على توفير هدف اجتماعيّ، يسير جنبًا إلى جنب مع الهدف الأكاديميّ. وهذا يتطلّب من المعلّم وعيًا بالأهداف الاجتماعيّة، وربطها بالتفاعلات الإيجابيّة بين الطلّاب، مثل مهارة التعزيز، وطلب المساعدة، ومهارة الاتّفاق وتقريب وجهات النظر، وهذا يتطلّب شرح المهارات ونمذجتها، والتدريب عليها قبل تكليف الطلّاب بتنفيذها، ثمّ متابعتها خلال التنفيذ، وتقييم الأداء على المستوى الفرديّ والمجموعة. وفي جانب آخر يتعلّق بهذه الإجابة، أصبحت أهمّيّة تنمية مهارات اجتماعيّة لدى الطلّاب مرتفعة، في ظلّ التفاضل الاجتماعيّ الذي نتج عن التغيّر الاجتماعيّ، المتأثّر بتطبيقات التقنيّة التي توفّر بديلًا عن التواصل الحقيقيّ، المنتج للمشاعر الإيجابيّة والمعرفة.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ اتّجاهات الطلّاب نحو التعلّم هي التي تحدّد إجابة هذا السؤال. للأسف، يميل بعض الطلّاب إلى استثمار التقنية بما يحقّق لهم الراحة؛ لأنّهم ينظرون إلى التقنية على أنّها مجرّد ضغطة زرّ تحقّق ما طلبه المعلّم منهم. لذا، دوري هو استثمار هذه التقنية، بما يحقّق للطالب تفعيل خلاياه العصبيّة، ومعالجة المعرفة ونقدها. الذكاء الاصطناعيّ يشكّل بالنسبة إليّ تحدّيًا، ولا سيّما بعد ظهور الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ، الحقيقة التي يجب التأكيد عليها هي أنّ التعلّم ليس منطقة راحة، وهو يتطلب إعمال الفكر، ومعالجة المعرفة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ تتحقّق فائدة الإشراف عندما يبني المشرف علاقة إيجابيّة مع المعلّم، قائمة على الزمالة والمساواة في طبيعة الحديث والحوار. وعندما يتحوّل المشرف من وصيّ إلى مدرّب معرفيّ، يمتلك ثقافة مهنيّة تعزّز التغيير في الناس، سواء كانوا رافضين، أو متعاونين، أو متعثّرين، أو مبتدئين، أو خبراء متمكّنين؛ لأنّ المعلّمين ليسوا صنفًا واحدًا. فالمشرف مدرّب معرفيّ ومهاريّ، يمتلك خبرة نتجت من كثرة زياراته للمعلّمين، فهو أصلًا يتعلّم منهم، وينقل المعرفة والمهارة التي لاحظها من صفّ إلى آخر، ومن مدرسة إلى أخرى. وإذا كان المشرف لا يتعلّم من المعلّمين، فهو يكرّر نفسه في كلّ لقاء مع فريق عمله، وهذا لا يقلّل من أهمّيّة الاطّلاع على المستجدّات، من أفكار تضمّنتها الكتب الحديثة أو اللقاءات التربويّة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تتجدّد نزاعات الطلّاب كلّ ساعة، ولن يأتي يوم تنتهي فيه هذه الظاهرة. وتعتمد النزاعات على أسباب معقدّة كثيرة، على رأسها ثقافة الأهل ومهنيّة الإدارة. لذا، التثقيف وحده لن يحدث فرقًا كبيرًا، وأفضل حلّ هو المتابعة، وفتح حوار بين المتنازعين من الطلّاب قبل أن نتولّى دور القضاة بينهم، فلا نزاع دائم ولا سلام دائم، يتقلّب الأطفال بين هذين الحالين، المهمّ ألّا نعطي المسائل أكبر من حجمها، والأهمّ هو السلامة البدنيّة للأطفال، وما دون ذلك يُحلّ بالحوار والنقاش، وطرح أسئلة عليهم تعزّز فيهم الفهم والرضا والتراضي. ومن المناسب تصميم مدوّنة سلوك، توضّح الأفعال والأقوال الممنوعة، وربطها بعواقب بحسب خطورتها، تضمن عدم وجود الفعل، وعدم تكراره إذا وقع.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ تعتبر التكنولوجيا أداة وليست غاية، وطريقة توظيفها هي الحكم في أنّها إيجابيّة أو لا، فإذا حقّقت الأهداف التي وظّفت لأجلها تكون إيجابيّة. وقد بلغت أهمّيّة الأدوات التكنولوجيّة الغاية؛ لأنّ هذا الجيل يفضّلها، ولأنّها توفّر تعليمًا بصريًّا، ونسبة الطلّاب البصريّين 80% حسب إحدى الإحصائيّات، لكن إذا وظّفت بلا قوانين ولا تعليمات، فقد يميل بعض الطلّاب لاستثمارها بطريقة سلبيّة، خصوصًا في موضوع التقييمات والمهمّات الأدائيّة، وهذا يتطلّب من المعلّم وعيًا، فلا يُستغفل من قبل طالب يميل إلى جني المحصول قبل بذر البذور.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ تعتبر ثقافة الأهل ومستواهم الاقتصاديّ محور إجابة هذا السؤال، حيث إنّ أغلب الأسر المتعلّمة، وذات الدخل الاقتصاديّ الذي يوفّر الحاجات والضروريّات، تتفاعل إيجابًا مع تعلّم أبنائها، من خلال المتابعة اليوميّة لدروسهم، والتواصل مع إدارة المدرسة، وحضور اجتماعات أولياء الأمور. ودور الأهل ليس التدريس، بل المتابعة في مراجعة الطالب لدروسه والاستعداد للاختبارات. ويعيش الأهل تحت ضغط شديد يتعلّق بالمعدّلات الدراسيّة، وقبولات الجامعات، وحالة البطالة، وسوء الأحوال الاقتصاديّة. لذا، من المهمّ بثّ الأمل في نفوس الأطفال، من خلال الحوارات المنزليّة، بعيدًا عن أيّ تعقيدات لن تدوم بحال من الأحوال. وقد تأثّر هذا كلّه سلبًا للأسف، في ظلّ وجود مجموعات الأهالي في تطبيقات التواصل، إذ بلغت الطاقة السلبيّة منتهاها عند البعض، وخرج توظيف المجموعات عمّا أسّست له، ممّا أثّر في سير العمل، وتنظيم الجدول المدرسيّ، والتقييمات الدوريّة.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ المعرفة ليس لها قالب، لذا من المهمّ أن نطوّر حلولًا للمحتوى المدرسيّ، خصوصًا في ظلّ كثرة الموادّ الدراسية وتنوّعها، حيث يعاني الأطفال، حتّى في الصفوف الأوليّة، من أوزان الكتب، لذا تجد حقائبهم ذات عجلات، يدخلون للمدرسة يجرّون حقائبهم خلفهم، كأنّ مسافرًا دخل صالة مطار.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ يمكن حصر مدّة الدوام المدرسيّ من خلال معرفة المحدّدات التي أدّت إلى طول ساعات هذا الدوام. بل يطالب البعض بساعات انتظار للطلّاب بعد الدوام المدرسيّ. بالنسبة إليّ، لا يهمّ عدد ساعات الدوام إذا كانت المدرسة قادرة على منافسة صالة البيت والشارع. اليوم، المدرسة ينافسها الشارع وصالة البيت، هذه حقيقة، لكن كم تربويّ يدير مدرسة يعي هذا المعنى؟ أنا لا أطالب بتحوّل المدرسة إلى حديقة عامّة، أو مطعم، أو مقهى، بل أطالب أن يشعر الطالب بكينونته ووجوده، ويتحوّل من طالب شفّاف في المدرسة إلى شخص مرئيّ، يرحّب به بالاسم من قبل فريق العمل. قد يكون عدد ساعات الدراسة ثلاث ساعات، لكنّها تمرّ كأنّها دهر، وقد تكون ست ساعات، لكنّها تمرّ كأنّها لمحة بصر. والذي يقيس هذا كلّه هو طريقة ردّ الفعل الشعوريّة للطلّاب لحظة قرع جرس نهاية الدوام، ثمّ الوقت الذي يستغرقونه لمغادرة مبنى المدرسة.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. أميل لقراءة السير الذاتيّة أكثر من الروايات، وهذا السؤال يحيّرني، لذا سوف أختار سيرة ذاتيّة وليس رواية، والكتاب هو "عشت سعيدًا. من الدرّاجة إلى الطائرة"، لعبد الله السعدون، من المملكة العربية السعوديّة، وهو عضو سابق في مجلس الشورى، وقائد عسكريّ في سلاح الطيران. وسبب اختياري لهذا الكتاب هو أنّ الأحداث التي وردت فيه تلامس ثقافتي المهنيّة، واللواء عبد الله السعدون قائد ومدرّب عسكريّ، حيث وجدت أنّ ثقافة التدريب مشتركة، مهما كان التخصص؛ لأنّ غايتي  كمدرّب أن يصل المتعلّمون إلى مرحلة يستغنون فيها عنّي، ويتحوّل عملهم إلى عمل تلقائيّ، من خلال استجابة تلقائيّة ذاتيّة، واتّساق في الأداء، من دون الحاجة إليّ، لذا ذكر في الكتاب فقرة لا أنساها، وهي كيف أنّ الطيار العسكريّ يطير بداية مستعينًا بمدرّب مرافق، يجلس خلف الطيّار المتدرّب خلال جولات الطيران الأولى، ثمّ لاحقًا يحلّق الطيّار المتدرّب بمساعدة برنامج الطيّار الآليّ والتحكّم عن بعد، من دون مدرّب مرافق، ثمّ يتحوّل من الطيّار الآليّ إلى الطيران بطائرة ذات محرّكين، وأخيرًا ينتقل إلى طائرة ذات محرّك واحد فقط. هذا يشبه دورنا في تدريب المدرّبين بدعم الفريق الذي نعمل معه، وتطويره من خلال نهج متسلسل، يبدأ بتقديم المهارات الأساسيّة، وينتهي بالاستقلاليّة والاتّساق في الأداء، من دون تخطّي أيّ مرحلة.    

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

كيف يفهم طفلك أنواع العرق البشريّ؟ 

يحبّ الطفل، بطبيعته وفطرته، الآخر ويتقبّله، من دون تفرقة على أيّ أساس، ولا سيّما إن تربّى الطفل في مجتمع مهاجر يختلط فيه بأطفال من جنسيّات مختلفة وثقافات مغايرة. ولكن، مع توغّل تأثير المواد المرئيّة في تكوين المفاهيم لدى الأطفال، من الممكن أن تنتقل إليهم مفاهيم خاطئة عن التنوّع العرقيّ وأنواع العرق البشريّ، ممّا يؤثِّر في قيم التسامح وتقبّل الاختلاف لديهم.   تشرح هذه المقالة لطفلك أنواع العرق البشريّ والاختلافات بينها، بصورة تُقرِّب المسافات وتوضِّح المساحات الإنسانيّة المشتركة بين جميع الأطفال، أيًّا كان عرقهم البشريّ.     كيف يفهم طفلك أنواع العرق البشريّ؟   مع تقبّل طفلك أنواع العرق البشريّ، قد يطرح بعض الأسئلة التي تتعلّق بلون الجلد وشكل العيون، وغيرها من صفات البشر المتنوّعة. وحينها، يمكنك أن تبسّط هذه الأفكار بالطرق الآتية:    السرد القصصيّ   تعدّ رواية المعلومات بصيغة قصصيّة من أكثر الطرق فعّاليّة وجذبًا لانتباه الطفل، وغرس قيم التسامح مع الآخر، وتقبّل الاختلاف عنده. فيمكن للمربيّ أن يروي للطفل قصصًا عن أطفال من أعراق بشريّة أخرى، وتنمية فضوله للاطّلاع على هويّتهم الثقافيّة وأنشطة حياتهم، ممّا يسهِم في إذابة الجليد بينه والأعراق المختلفة، وينمّي فضوله للتعرّف إلى أنماط حياتيّة جديدة، قد تكون ممتعة ومفيدة له.   الطبيعة الفضوليّة   مع نموّ طفلك، يتعمّق فضولهم عن العالم حولهم. وقد يطرحون أسئلة حول سبب اختلاف الأشخاص عن بعضهم بعضًا. لذلك، من الضروريّ أن تجيب عن أسئلة طفلك بإجابات مناسبة لعمرهم وبطريقة صادقة. قدِّم إجابات بسيطة وواقعيّة وشجِّع فضولهم.   تكوين الصداقات   قد يكون هذا الخيار متاحًا أكثر للأطفال الذين يعيشون في مجتمعات المهاجرين، وقد يتوفّر للأطفال في موطنهم الأصليّ تكوين الصداقات مع ذوي الجنسيّات الأخرى. يُعدّ هذا النوع من الصداقات من العلاقات المميّزة التي يمرّ بها أيّ طفل، لأنّها كفيلة أن تنمّي لديه روح الإبداع والانفتاح على أنماط ثقافيّة مختلفة وتبادل الخبرات، ممّا يُنشئ طفلًا مرِنًا وقادرًا على المغامرة وخوض التجارب غير المألوفة، كما يعزّز لديه قيم التعاطف الإنسانيّ مع الآخر.   نبذ الكراهية  من أهمّ القيم التي يكتسبها الطفل، بتصالحه مع الاختلاف وفهمه التنوّع العرقيّ، نبذ الكراهية وتقديم نقاط التشابه والمشاعر الإنسانيّة المشتركة على نقاط الاختلاف وتعارض الأفكار والثقافات الناتج عن اختلاف العرق. ذلك أنّ الطفل عندما يستوعب الجانب الإنسانيّ لطفل من عرق آخر، ويكتشف أنّ كليهما طفلان بريئان يحملان الأحلام ذاتها ويحبّان الحلوى ذاتها، وربّما تتشابه شخصيّاتهم في العديد من الجوانب الأخرى. يبدأ الطفل في رؤية الأعراق البشريّة من منظور إنسانيّ، لا كظاهرة مهدِّدة وجوده أو متطلّبة الكراهية أو الرفض.   التوعية    التوعية والتثقيف خطوتان مهمّتان في شرح مفهوم التنوّع العرقيّ للطفل، فلا بدّ من نفي الإشاعات المثيرة للكراهية، والعمل على نبذ القناعات المحرِّضة على العنف، أو إقصاء الآخر منذ عُمرٍ مبكِر. فتسهِم القناعات التي يكتسبها الطفل من محيطه في بناء تصوّرات وغرس الانطباعات عن الأشياء لديه، بل يصعب تغيير الأفكار التي تُغرس في عقله في مراحل متقدّمة من العمر إلّا بالتجارب. مقابل ذلك، يستهين بعض الآباء بلهجة حديثهم، باعتبار الطفل لا يزال صغيرًا، ولا يمكنه استيعاب تلك الرسائل السلبيّة.   التكامل بدل التعارض   لكي يستطيع الوالدان تنشئة الطفل على تقبّل الاختلاف بمرونة، ونبذ التعصّب العرقيّ، لا بدّ من غرس القناعة لديه بأنّ وجود الاختلاف مصدر عظيم وغنيّ للتكامل بين ثقافته وثقافة الآخر، إذ يساعد التعاون كليهما على المضيّ قدمًا واكتساب آفاق جديدة من المعرفة وأنماط السلوك والاتّجاهات الفنيّة والثقافيّة المختلفة التي تُكسبِه شخصيّة مميّزة، من الصعب أن يتحلّى بها في مجتمع يتّسم بالجمود الفكريّ وينغلق على ثقافته إلى درجة ترفض وجود الآخر.   الاقتداء بالأهل   المحيط الذي ينشأ فيه الطفل هو النموذج الأوّل الراسخ في عقله عن الحياة، وهو أوّل ما يحاكيه لا شعوريًّا لاحقًا في حياته المستقلّة. وعليه، يجب أن يتّسم الوالدان بالانفتاح الفكريّ والمرونة في استيعاب الاختلافات، وتعميق الروابط الإنسانيّة المشتركة بين أنواع العرق البشريّ المختلفة.   من هنا، أيّ سلوك أو فكرة يريد الوالدان غرسها في شخصيّة الطفل، لا بدّ أن تكون ملازمة لهما أوّلًا، وأن تتمثّل في سلوكهم الذي يراقبه الطفل ويحاكيه منذ نعومة أظافره. لذلك، تتمثّل أكثر الطرق فعّاليّة للتأثير في الطفل وتوجيهه سلوكيًّا، في أن يكون المُربّي متسامحًا مع الآخر، وإيجابيًّا تجاه الأشخاص المنتمين إلى أعراق أخرى في محيطه، سواء في حديثه عنهم أم معاملته لهم، أم امتلاكه أصدقاء ينتمون إلى ثقافات مختلفة بالفعل.    فهم الصور النمطيّة   قد يواجه الأطفال قوالب نمطيّة أو تحيّزات أو أحكامًا مسبقة بشأن مجموعات عرقيّة مختلفة، سواء في المدرسة أم وسائل الإعلام أم المجتمع. من المهمّ تعليمهم كيفيّة طرح الأسئلة وتحليل هذه الصور النمطيّة تحليلًا نقديًّا، بمناقشة الآثار الضارّة بالتعميمات في عرق بأكمله، وأهمّيّة معاملة الأفراد أشخاصًا فريدين، وليسوا ممثّلين عرقهم.  قراءة القصص التاريخيّة المصوَّرة   يمكن للمناقشات التاريخيّة أو القصص التاريخيّة المصوَّرة والمناسبة لعمر طفلك، بما في ذلك المتعلّقة بالتمييز العنصريّ والحقوق المدنيّة، أن تساعده على فهم سياق العلاقات العنصريّة، بشرح هذه الموضوعات بطريقة حسّاسة وواقعيّة. يمكنك مساعدة طفلك على تطوير وعي أعمق بأنواع العرق البشريّ في المجتمع.     * * *  مساعدة طفلك على إدراك أنواع العرق البشريّ رحلة تربويّة تتطلب صبرًا، ولا سيّما عندما يدفع الفضول بطفلك إلى السؤال عن الاختلافات التي يراها. وبتعزيز منظور إيجابيّ حول الأعراق البشريّة، يمكنك تعليم طفلك تقدير التنوّع الذي يجعل عالمنا غنيًّا وحيويًّا واحترامه. ففي نهاية المطاف، يعدّ تعليم طفلك تقدير الأشخاص، بناءً على هويّتهم بدلًا من لون بشرتهم، خطوة رئيسة في تنشئة طفل متعاطف ومنفتح ومسؤول اجتماعيًّا.     أقرأ أيضًا كيف أربّي طفلي على احترام الآخرين؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع  https://www.open.edu/openlearn/education-development/how-do-children-learn-the-concept-race    https://www.verywellfamily.com/teaching-kids-about-race-and-cultural-diversity-621099              

أهمّيّة ممارسة الرياضة للأطفال

مرحلة الطفولة هي المرحلة الأخطر والأكثر تأثيرًا في تكوين عاداتنا وأنماط حياتنا. لذا، يصعُب تغيير كلّ ما اكتسبناه منها على المدى الطويل. انتشرت العديد من المشكلات الصحّيّة والنفسيّة بين الأطفال انتشارًا غير معهود من قبل، بسبب الثورة التكنولوجيّة التي اجتاحت عالم الطفولة وغيّرت نمط حياة الأطفال من الانطلاق والحركة وتنمية عقولهم بالفضول وحبّ التجربة، إلى تقييد عقولهم وأجسامهم بقيود الأجهزة الإلكترونيّة. وعليه، أصبحت ممارسة الرياضة للأطفال من أعظم الفرص التي نوفّرها لهم حتّى يُقبِلوا على الحياة، واثقين بقدراتهم ومتمتّعين بصحّة نفسيّة متّزنة، لما في الرياضة من آثار إيجابيّة وفعّالة صحيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا في حياتهِم.    فوائد ممارسة الرياضة للأطفال  توفّر ممارسة الرياضة للأطفال مزايا عديدة تتجاوز اللياقة البدنيّة. إليك أهمّ فوائد الرياضة وضرورتها لنموّ الطفل ونجاحه في المستقبل:     تحسين صحّة الطفل البدنيّة   الحياة الصحّيّة سرّ الجسم النشيط والمناعة القويّة. لذا، تعدّ ممارسة الرياضة للأطفال السبيل الأفضل لبناء صحّة بدنيّة مرتفعة تقيهم من تبعات تقدّم العمر. وتتلخّص فوائد الرياضة لصحّة طفلك البدنيّة في النقاط الآتية:  - تعزيز مناعة الطفل لمقاومة الأمراض المختلفة.  - تحسين نموّ العضلات والعظام والأربطة والمفاصل.  - تقليل نسبة الكوليسترول في الدم.  - تعزيز جودة نوم الطفل ووقايته من الإصابة بالأرق.  - الوقاية من خطر الإصابة بمرض السكري.  تذكّر أنّ بناء عادات صحّيّة للطفل وتنشئته على كون الرياضة جزءًا لا يتجزّأ من حياته، يبني له نظامًا يقيه من زيادة الوزن كلّما تقدّم في العمر، ويسهم في تعزيز ثقته بنفسه.     تحسين صحّة الطفل النفسيّة   يغفل الكثير من الأهالي عن أهمّيّة ممارسة الرياضة للأطفال في تفريغ الطاقة السلبيّة، بالإضافة إلى فوائد تتعلّق بصحّتهم النفسيّة. تشمل هذه الفوائد:    - تخفيف حدّة القلق.   - المساعدة في معالجة الاضطرابات النفسيّة المرتبطة بكيمياء الدماغ.   - مساعدة الطفل على السيطرة على تقلّباته المزاجيّة.   - معالجة الرهاب الاجتماعيّ والعزلة عند الطفل بفضل العلاقات التي يؤسّسها.             - تعزز ثقة الطفل بنفسه.     وحسب ما ذكره خبراء الطبّ النفسيّ، مثل د. كريستين هيبيرت، تؤدّي ممارسة الرياضة للأطفال دورًا فعّالًا في التعافي من اضطرابات خطيرة وشائعة، مثل التوحّد واضطراب الشخصيّة الحدّيّة والشيزوفرانيا. بالإضافة إلى الصدمات المتعلّقة بالحياة الأسريّة والعلاقات. كما تؤكّد الدراسات أنّ ممارسة الطفل للرياضة في عمر مبكِر يقلّل من احتمال إصابته بالأمراض النفسيّة.     رفع مهارات الطفل العقليّة   تعدّ الرياضة شريان حياة الطفل، لأنّ فترة الطفولة هي الفترة الأكثر حساسيّة في ما يتعلّق بتطوير المهارات العقليّة، حيث تُسهِم التمارين الرياضيّة في تطوير مهارات الطفل الإدراكيّة وقدراته. من هنا، تعزّز الرياضة تدفّق الدم إلى الدماغ وتقوّي اتّصالات الخلايا العصبيّة. لذلك، تؤثِّر حالة النشاط التي تُسبّبها ممارسة الرياضة للأطفال تأثيرًا إيجابيًّا في النموّ العقليّ، وبالتالي، في الأداء الأكاديميّ والتفوّق الدراسيّ.   ولممارسة الأطفال الرياضة علاقة مباشرة بتنمية القدرة على التفكير والانتباه، وتقوية الذاكرة والذكاء اللغويّ، بالإضافة إلى مهارات القراءة والذكاء الرياضيّ، بحسب ما أشارت إليه الدراسة المنشورة في المجلّة الدوليّة للبحوث البيئيّة للصحّة العامّة.    تعزيز ذكاء الطفل الاجتماعيّ   تعدّ ممارسة الرياضة من أكثر الأنشطة التي تُنمِّي علاقات الطفل، وهي من أهمّ العوامل المؤثِّرة في تشكيل حياة طفلك الصحّيّة. فلا سبيل إلى اكتساب المهارات الاجتماعيّة سوى العلاقات المباشرة وتراكم التجارب. لذلك، كانت ممارسة الرياضة من أكثر الطرق فعّاليّة لمساعدة الأطفال ذوي الخبرة الاجتماعيّة الضعيفة، لينمّوا مهارات التواصل لديهم، ويكتسبوا الثقة بأنفسهم، والشجاعة للتعبير عن أنفسهم بتكوين الصداقات وتبادل الخبرات مع الآخرين.   توفير فرص مستقبليّة أفضل للطفل   بفضل الطاقة الإيجابيّة التي يستمدّها الأشخاص الذين نشأوا على ممارسة الرياضة منذ طفولتهم، يكون احتمال مواجهة مشكلات الثقة بالنفس وضعف الشخصيّة والتقدير الذاتيّ المنخفض لديهم أقلّ من أقرانهم الذي لا يمارسون الرياضة. فتكفل الممارسة الطويلة للتمارين الرياضيّة مناعة قويّة للطفل، ونشاطًا وانفتاحًا على الحياة، وتصالحًا مع النفس يمكنّه من خوض التجارب وتطوير شخصيّته وفق ما يناسب كلّ مرحلة في حياته.     * * *  توفِّر ممارسة الرياضة للأطفال العديد من الفوائد التي تتعدّى اللياقة البدنيّة، فهي تبني لديه أساسًا قويًّا للنجاح بتعزيزها العمل الجماعيّ والانضباط والقيادة والثقة بالنفس والمهارات الحياتيّة الرئيسة. فيضع الانخراط في الأنشطة الرياضيّة في سنّ مبكِرة، الأطفال على طريق التنمية الشاملة، ويعزِّز رفاه الطفل العامّ، ويعدّه للتحدّيات المستقبليّة. وعليه، شجِّع طفلك على الانضمام إلى نادٍ رياضيّ ودع الرياضة تساعده على إطلاق العنان لقدراته.     أقرأ أيضًا: دور اللعب في تنمية شخصيّة الطفل وتطوير مهاراته | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) أضرار الألعاب الإلكترونيّة على الأطفال وسُبُل تجنّبها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع  https://www.acefitness.org/resources/everyone/blog/6441/top-10-reasons-children-should-exercise/#:~:text=Children%20who%20are%20active%2060%20minutes%20per%20day,Physical%20%28body%29%20and%20cognitive%20%28brain%29%20development%20go%20hand-in-hand.    https://www.cdc.gov/physicalactivity/basics/adults/health-benefits-of-physical-activity-for-children.html          

كيفيّة التعامل مع خصوصيّة المراهق من دون تجاوز حدوده الشخصيّة

يحرص معظم الوالدين على مراقبة سلوك أبنائهم المراهقين وتتبّع تفاصيلهم وسير حركتهم، لحمايتهم من الأحداث السلبيّة وغير المتوقّعة خارج المنزل. ولكن، بينما يقومون بذلك بدافع القلق، قد يتجاوزون خصوصيّة ابنهم أو ابنتهم المراهقة تجاوزًا غير متعمَّد، ممّا يؤدّي إلى نتائج تربويّة عكسيّة، بسبب رغبة المراهق، خلال هذه المرحلة بالذات، التحرَّر من السلطة الوالديّة. نسلّط الضوء في هذا المقال على كيفيّة التعامل مع خصوصيّة المراهق، من دون تجاوز حدوده الشخصيّة.     ما أهمّيّة التعامل مع خصوصيّة المراهق؟  مع بدء المراهق رحلته نحو النضج، قد لا يدرك الوالدون أنّه آن الأوان أخيرًا أن يعطوا ابنهم أو ابنتهم المساحة الشخصيّة، حيث يستطيعون النموّ والتعلّم من أخطائهم وحدهم. وهي حقيقة لا بدّ أن يدركها الوالدون، وإن كان ابنهم لا يزال طفلًا في نظرهم. فمن الطبيعيّ أن تبدأ نزعة الاستقلاليّة في النموّ داخله، فيميل، عاجلًا أم آجلًا، إلى التمرّد على القوانين التي يفرضها الوالدان. ورغم التمهيد لهذه المرحلة مسبقًا، سواء من الطفل نفسه أم من أهله، لضمان التحكّم الإيجابيّ بمستوى هذه الخصوصيّة، إلّا أنّها تبدأ فعليًّا منذ دخول الابن أو الابنة مرحلة المراهقة.    لماذا يحتاج المراهق إلى مساحة من الخصوصيّة؟  أوّل خطوة تشعِر المراهق بدخوله عالم الكبار تمتّعه بحياة خاصّة وبعيدة عن والديه، حيث يمكنه التصرّف كما يحلو له فيها، من دون رقابة أو تقييم دائم لسلوكه، لأنّه يعتبر محاسبة الوالدين المستمرّة سلوكًا موجّهًا إلى الأطفال فقط، وهو لم يعد طفلًا من وجهة نظره. وبالتالي، نزعة ابنك المراهق نحو وضع حدود شخصيّة له، ليست عرضًا خطيرًا، ولكنّها لا تعني، كذلك، قبول الوضع كما هو، من دون أيّ تدخّلات. وعليه، كيف نحمي المراهق من دون إشعاره باقتحام منطقته الآمنة؟ لنجيب عن هذا السؤال يجب أن نحدّد أوّلًا شكل الخصوصيّة الذي يبتغيه المراهق، وأن نفهم حدود الخصوصيّة السويّة التي يجب على الوالدين احترامها.  تنمية اهتماماته  عندما يكبر المراهق، يواجه تحدّيات كبيرة، مثل فهم شخصيّته وأحلامه وأهدافه في الحياة. ونظرًا إلى التطوّر السريع لدماغ المراهق، فهو يكتسب مهارات تفكير جديدة، ويطوّر اهتمامات اجتماعيّة ورومانسيّة وعمليّة ومهنيّة جديدة. وبالنسبة إلى الوالدين، هناك الكثير من الأشياء المجهولة التي يقوم بها المراهق بهدف تنمية المهارات المرتبطة برغبته باكتشاف ذاته. قد يكون الأمر مخيفًا إذا ما تُرِك المراهق ليحلّ أموره بنفسه، ولا سيّما إذا شعرت بالقلق من إمكانيّة اتّخاذه خيارات سيّئة. تعزيز الثقة بالنفس  عندما يُمنَح المراهق الخصوصيّة التي يحتاج إليها، يساعد ذلك على تحقيق الاستقلاليّة، ممّا يبني ثقته بنفسه بشكل أفضل، كونه إنسانًا واعيًا وقادرًا على تحمّل المسؤوليّة. بصفتك أحد الوالدين، حاول جاهدًا تحقيق التوازن بين معرفة ما يفعله ابنك المراهق، والثقة به في بعض الأمور الخاصّة.  تجنّب الخلافات  عندما يعتقد المراهق أنّ والديه ينتهكان خصوصيّته، تزداد الخلافات في المنزل، لأنّه قد يشعر أنّ والديه لا يثقان به، أو أنّهما ما يزالان يريانه طفلًا صغيرًا. لذلك، يفضِّل المراهق أن يحصل على الخصوصيّة الكافية بما يقلّل الخلافات بينه ووالديه.   ما حدود خصوصيّة المراهق؟  الخصوصيّة الصحّيّة التي يجب أن يحترم حدودها الوالدان في حياة المراهق هي القرارات الشخصيّة المناسبة لعمره، وتلك التي لا يحتاج إلى توجيه فيها، كاختيار هوايته وتفضيلاته في اختيار الملابس، أو التخصّص الذي يحبّه. بالطبع، يدخل توجيه الأهل في مثل هذه الجوانب، ولكن من باب النصيحة والنقاش، وعرض الأمور من مختلف وجهات النظر، وليس الإجبار، لأنّ القرار الذي ينحصر في مثل هذه الاختيارات لا يؤثّر مباشرةً في قيم الأسرة الجوهريّة التربويّة.    كيف أحقّق التوازن بين احترام خصوصيّة ابني المراهق وحمايته؟  يتعلّق التعامل مع خصوصيّة المراهق بالموازنة بين احترام خصوصيّته والتدخّل التربويّ عند ظهور علامات تدلّ على ضرورة توجيهه ومساعدته. إليك أهمّ وسائل الموازنة التربويّة بين احترام خصوصيّة المراهق وحمايته:  ابنِ الثقة بينك وبينه  بناء الثقة بين الوالدين والابن المراهق سرّ نجاح معادلة الخصوصيّة في حياة المراهق، لأنّ الثقة المتبادلة بين الوالدين والابن تدفعه إلى مشاركة والديه أفكاره ونواياه وعلاقاته وحياته الخاصّة بحريّة. الأمر الذي يُطمئن الوالدين أنّ المراهق يلجأ إليهما أوّلًا حين يقع في مشكلة، أو يمرّ بتغيّرات فكريّة أو نفسيّة، من شأنها التأثير في حياته سلبيًّا.   استخدم لغة الحبّ بدلًا من النقد  لا يتخيّل الوالدون مدى أهمّيّة اللغة التي يستخدمونها في توجيه أبنائهم. تعني لغة اللوم والنقد المستمرّين، بالنسبة إلى المراهق، هجومًا شخصيًّا عليه وتقليلًا من شأنه، لا رغبة في تقويم سلوكه ليعيش بصورة أفضل. لذا، تعدّ لغة الاقتراح أكثر إيجابيّة في توجيه النصح للمراهق، لأنّها توصل إليه رسالة ضمنيّة بأنّ والديه يريدان مساعدته بدافع الحبّ والحرص عليه، لا الندّيّة والرغبة في حرمانه ممّا يريد.  تقبّل شخصيّته يحتاج المراهق إلى أن يشعر بأنّ والديه يقبلانه من دون شروط، وأنّ حبّهما له ليس مرتبطًا بصورة أو سلوك معيّن، فذلك كفيل بإقناعه بماهيّة الدافع الحقيقيّ وراء تخوّفهما من حدوده الشخصيّة التي قد تزيد عن الحدّ أحيانًا. فعندما يتفهّم كلّ طرف دافع الآخر ويتقبّله تقلّ حدّة الأزمة، ويستوعب الابن أنّ حدوده الشخصيّة لا تعني عدم وجود مكان لوالديه في حياته.  تفهّم مشاعره  يهرب الابن المراهق من أيّ مصدر للضغط النفسيّ. لذلك، يجب أن يبدي الوالدان بعض التفهّم أحيانًا، وإن كان الأمر غريبًا بالنسبة إليهما في البداية. فعندما يشعر المراهق بأنّ والديه يعطيانه مساحة التفهّم التي يحتاج إليها سوف يلجأ إليهما تلقائيًّا، ليشكو همومه أو يناقش قرارته، لأنّه يشعر بتحرّره من الضغوط والأحكام على أفكاره. بالمقابل، يهاب المراهقون مع الوالدين المتسلطين التعبير عن أفكارهم وأحداث حياتهم الخاصّة أمامهما.   * * * يعدّ تحقيق التوازن بين خصوصيّة المراهق والتعامل معها مسعى متعدّد الأوجه، لأنّه يتطلّب فهمَ احتياجات المراهقين الخاصّة، والمخاطر المحتملة أمامه، مع التركيز على أهمّيّة تعزيز الثقة والتواصل المفتوح. يتطلّب تحقيق هذا التوازن تفاعلًا دقيقًا بين احترام استقلاليّتهم، وتقديم التوجيه اللازم لسلامتهم ورفاههم. ومن هنا، يمكنك إنشاء بيئة يمكن لابنك المراهق الازدهار فيها بحرّيّة مع إبقائه بأمان، وذلك بالتغلّب على هذه التحدّيات بالتعاطف والتعليم والتعاون.   اقرأ أيضًا طرق التعامل مع المراهق العنيد | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) مشكلات المراهقين النفسيّة وكيفيّة التعامل معها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.parentcircle.com/how-to-respect-a-teenagers-privacy/article#:~:text=Don't%20intrude%3A%20Keep%20in,be%20having%20with%20her%20friends.   https://nalandaschool.org/why-and-how-to-respect-childs-privacy/   https://www.verywellfamily.com/why-does-my-teen-need-privacy-2609615