منى صوّان- تربويّة ومدرّبة ومرشدة- لبنان
منى صوّان- تربويّة ومدرّبة ومرشدة- لبنان
2025/10/23

ما الذي غيّرته الحروب والأزمات المُختلفة في العالم العربيّ، في نظرتكِ إلى التعليم؟

الحروب والأزمات جعلتني أكثر قناعة بأنّ التعليم لم يعُد ترفًا، بل ضرورة للاستمرار والبقاء. رأيت كيف تحوّلت المدارس إلى ملاذات أمان، وكيف أصبح دور المعلّم يتجاوز التدريس إلى الدعم النفسيّ والإنسانيّ. الأزمات كشفت أيضًا هشاشة الأنظمة التعليميّة، وحفّزتني على العمل على تمكين المعلّمين، لأنّهم في النهاية العمود الفقريّ لأيّ عمليّة تعليميّة ناجحة، تحديدًا في ظلّ التحدّيات.

 

ما الذي تتمنّين لو يعرفهُ صنّاع القرار عن واقع المعلّمين اليوم؟ ولماذا؟

أتمنّى أن يُدركوا حجم الضغوط النفسيّة والعاطفيّة التي يعيشها المعلّم، خصوصًا في ظلّ الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة. المعلّم ليس ناقل معرفة وحسب، بل مربٍّ، وموجّه، ومُعيل في كثير من الأحيان. دعم المعلّم ليس خيارًا، بل استثمار في مستقبل المجتمعات.

 

هل ما زال الكتاب المدرسيّ مصدرًا أساسيًّا للتعليم في صفّك؟

لم يعد المصدر الوحيد. أؤمن بدمج التكنولوجيا والمصادر المتنوّعة لإثراء التعلّم. الكتاب المدرسيّ يوفّر هيكلًا، لكنّ التعلّم الحقيقيّ يحدث عندما نربطه بالحياة الواقعيّة واحتياجات المتعلّمين.

 

هل سبق وفكّرتِ بالاستقالة من المهنة؟ ما الذي جعلكِ تبقين؟

فكّرت في ذلك كثيرًا، تحديدًا في لحظات الإحباط. لكنّ شغفي بالتعليم، ورغبتي بإحداث فرق حقيقيّ في حياة المعلّمين والطلبة، جعلاني أواصل. أؤمن بأنّ التغيير يبدأ من داخل الصفّ، ومن خلال تمكين المعلّمين.

 

ما هي أهمّ المهارات التي يجب أن نُدرّب المتعلّم عليها في عصر الذكاء الاصطناعيّ؟

التفكير النقديّ، والقدرة على التمييز بين المعلومات الحقيقيّة والمضلِّلة، وحلّ المشكلات بطرق إبداعيّة. أيضًا، من الضروريّ تدريبهم على التعلّم الذاتيّ، والتعاون، والتواصل الرقميّ الأخلاقيّ. الذكاء الاصطناعيّ أداة، والإنسان يجب أن يبقى القائد في استخدامها.

 

ما أهمّ استراتيجيّاتكِ في شدّ انتباه المتعلّمين؟

أستخدم التعلّم النشط، والقصص الواقعيّة، والتقنيّات الرقميّة بطريقة تفاعليّة. الأهمّ أن أبدأ دائمًا من اهتماماتهم وأدمجها في الدروس. عندما يشعر المتعلّم أنّ ما يتعلّمه يعنيه شخصيًّا، يكون أكثر انتباهًا وحماسًا.

 

هل ما زال تعبير "ضبط الصفّ" مناسبًا برأيكِ؟

أفضل استخدام "إدارة التعلّم". "الضبط" يوحي بالتحكّم والسيطرة، بينما المطلوب هو خلق بيئة تعلّم إيجابيّة ومحفّزة. بناء علاقة قائمة على الاحترام والثقة هو الأساس، وليس فرض السلطة.

 

ما الذي يجعلك تضحكين في المدرسة على الرغم من الضغوط؟ ولماذا؟

ضحك الأطفال وتعليقاتهم العفويّة، والمواقف غير المتوقّعة داخل الصفّ، تذكّرني بجمال هذه المهنة. حتّى في أصعب الأيّام، هناك لحظات إنسانية تُنعش الروح وتعيد الأمل.

 

أكثر مقال تربويّ أعجبك قرأتِه في صفّحات مجلّة منهجيّات أو غيرها، ولماذا أعجبك؟

أحببت مقالًا تناول العلاقة بين الصحّة النفسيّة والتعلّم. لفت نظري كيف يُمكن للبيئة المدرسيّة أن تكون عنصر دعم أو ضغط على المتعلّم. المقال أكّد لي أهمّيّة الدمج بين التربية والتعليم النفسيّ.

 

إذا كتبتِ يومًا كِتابًا عن تجربتك في التعليم، ماذا سيكون عنوانه؟ ولماذا؟

سيكون العنوان: "بين الطبشورة والشاشة: تأمّلات تربويّة في زمن التحوّل".
اخترت هذا العنوان لأنه يُجسّد رحلتي التربويّة بين التعليم التقليديّ وأدواته الكلاسيكيّة، وبين التعليم الرقميّ بكلّ تحدّياته وفرصه. هو تأمّل في التحوّلات العميقة التي شهدها الحقل التربويّ، من الأدوات إلى الأدوار، ومن طرق التدريس إلى علاقتنا بالمتعلّمين. الكتاب سيكون مساحة صادقة لأشارك ما تعلّمته، وما زلت أتعلّمه، في هذا المسار المتجدّد.