من الورقة إلى الشّاشة: مهارات اللغة العربيّة في عصر الرقمنة
من الورقة إلى الشّاشة: مهارات اللغة العربيّة في عصر الرقمنة
2025/10/29
نجوى عتمة | معلّمة لغة عربيّة- الأردن/ الإمارات

مع التطوّر التكنولوجيّ الذي نشهده في قطاع التعليم وتحوّل العمليّة التعليميّة نحو الرقمنة، باتت مهارات اللغة العربيّة بحاجة إلى تعزيز وتكييف لتتماشى مع الأدوات الحديثة وما تتطلّبه احتياجات الجيل الحاليّ.

ولا يخفى علينا، بوصفنا معلّمين للّغة العربيّة، أنّ مهارات اللغة من تحدّث واستماع وقراءة وكتابة، أصبحت تحتاج إلى مواكبة التطوّر التكنولوجيّ، في ظلّ التغيّرات التي يشهدها التعليم الرقميّ؛ فالطلبة يتعاملون مع التكنولوجيا بشكل يوميّ، لذا لا بدّ أن تقدّم إليهم بأساليب تتماشى وأدواتهم الرقميّة التي يستخدمونها.

لم يعد الاستماع يقتصر على الحوار الصفّيّ أو الحوار المباشر، بل بات يشمل المقاطع الصّوتيّة والبودكاست والكتب المسموعة، ما يُعزّز المهارة من خلال تنوّع المصادر وسهولة الوصول. أمّا بالنّسبة إلى القراءة فأصبحت المصادر الرقميّة متنوّعة وغنيّة مع إمكانيّة التفاعل معها من خلال التظليل والتعليق والترجمة، ما يحفّز الفهم والسّرعة في القراءة. كما لم تعد الكتابة حكرًا على الورق، بل أصبحت مهارةً تفاعليّةً تمارس عبر المنصّات التعليميّة من البريد الإلكترونيّ إلى التدوين، ما يتطلّب أيضًا معرفةً بأساليب الكتابة الإلكترونيّة وضوابطها. كما يمكن باستخدام تطبيقات التعلّم الإلكترونيّ، تعلّم القواعد والإملاء بالتصحيح التفاعليّ، ولا يقتصر ذلك على الجانب التعليميّ، بل يتعدّاه إلى الترفيهيّ، مثل التعلّم باللعب والمسابقات التنافسيّة، ما ينمّي المفردات والتراكيب بطريقة ممتعة محفّزة.

في تجربتي في تعليم اللغة العربيّة لأكثر من اثنين وعشرين عامًا، وللصّفّ السّادس تحديدًا لأكثر من أحد عشر عامًا، واكبتُ التعليم التقليديّ والتعليم المعزّز بالأدوات والبرامج التقنيّة، ولاحظتُ أنّ الطّلبة أصبحوا أكثر تفاعلًا. فعند استخدامي تطبيقًا تفاعليًّا لقراءة القصص، تمكّن الطّلبة من الاستماع إلى القصّة وتسجيل أصواتهم، ضمن مستويات قرائيّة تراعي احتياجاتهم التعليميّة، وتتيح لهم الانتقال من مستوى إلى آخر، وحلّ تدريبات لغويّة تتبعها تغذية راجعة فوريّة.

واستخدمتُ تطبيقات متزامنة مع العروض التقديميّة، إذ يتحوّل العرض إلى مساحة تفاعليّة مباشرة، يشارك فيها كلّ طالب عبر جهازه، ويتفاعل مع أسئلة وألعاب تنافسيّة تُناقش نتائجها في أثناء الدرس. وعندما واجه الطلبة صعوبة في فهم مفردات نصوص معلوماتيّة، وظّفتُ تطبيقات تقدّم الكلمة مع صورتها ونطقها وترجمتها، ما سهّل إدخال المفردات الجديدة إلى قاموسهم اللغويّ. كذلك فعّلتُ التواصل مع الأهل عبر تطبيقات تفاعليّة يشارك فيها الطّلبة وأولياء أمورهم بالتعبير عن آرائهم في المناسبات الوطنيّة، مثل اليوم الوطنيّ ويوم اللغة العربيّة، ما أوجد تفاعلًا جميلًا بين الأهل والطّلبة تجلّى في مشاركاتهم وتعليقاتهم الإيجابيّة.

وللنّظر إلى الموضوع من منحى واقعيّ إيجابيّ، أصبحت الرّقمنة وسيلةً فعّالةً لدعم مهارات اللغة العربيّة. لكنّنا لن نغفل أهمّيّة تعلّم المهارات بالوسائل الحديثة والتقليديّة، فالطّالب إذا لم يتقن مهارات اللغة العربيّة في المرحلة الابتدائيّة، لن يكون قادرًا على توظيف التكنولوجيا بما ينمّي مهاراته ويطوّرها، فالتوجيه والتوظيف الواعي للتكنولوجيا يجعل منها وسائل تعلّم حقيقيّةً بدلًا من أدوات تقنيّة فقط.