الرئيسية

في هذا العدد

العدد (20) ربيع 2025

الأهل والمدرسة: علاقة تكامليّة لم تكتمل بعد، طرحت منهجيّات موضوع الشراكة بين الأهل والمدرسة لخطورته، والتي يشكّل الاعتقاد السائد بأنّ "العلاقة الطبيعيّة" بين الأهل والمدرسة، تكمن في سؤال الأهل عن أبنائهم وتحصيلهم وسلوكهم، وحضور بعض الاجتماعات مع المعلّمين.  في هذا الاعتقاد تنمو إشكاليّتان مقلقتان الأولى تتجسّد في تخلّي الأهل عن حقّهم في مشاركة تخطيط تعلّم أبنائهم، وترك الأمر لإدارات المدارس. وهنا نقع في إشكاليّات نوع المدرسة، وتوجّهها، ومنهجها المُعتمد، وقدراتها، وغير ذلك ممّا يبني شخصيّة المتعلّمين وربّما يتحكّم في مستقبلهم وسلوكهم اللاحق. أمّا الثانية، فتكون في انفصال المدرسة عن محيطها، واختيارها منفردة ما يصل إلى أيديها من توجّهات ومناهج ومقاربات قد لا تكون بالضرورة مرتبطة بالمحيط الاجتماعيّ، ما ينمّي شعور الاغتراب في نفوس المتعلّمين، والذين يطّلعون على عالم مختلف عن بيئاتهم المتنوّعة. أضف إلى ما يشكّل ذلك من هدر لطاقات وتجارب اجتماعيّة يمكن للأهل أن ينقلوها إلى مجموع المتعلّمين، وذلك بورشات عمل ومحاضرات وأنشطة، تربط المتعلّمين بحيواتهم الحقيقيّة لا المتخيّلة، ولا سيّما مع واقع عيش المتعلّمين حيوات افتراضيّة في هواتفهم.

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 21: مصادر التعلّم المدرسيّ.. أما زال الكتاب المدرسيّ أساسًا؟

قضيّة الكتاب المدرسيّ وكونه مصدر التعلّم الأساسيّ والوحيد، قضيّة قديمة، ربّما من عمر إيجاد مفهوم الكتاب المدرسيّ؛ فمن ناحية، شكّل إيمان المعلّمين بالكتاب المدرسيّ عائقًا حقيقيًّا في وجه تطوير التعليم ونقلّه إلى التعلّم، على أساس أنّ الكتاب المدرسيّ ناقل المعرفة الضروريّة، ومعيار التعليم. ومن ناحية أخرى، خرج العديد من المعلّمين عن سطوة الكتاب المدرسيّ، باعتباره نصًّا جامدًا غير متفاعل مع تطوّرات العلوم والمعارف والاستراتيجيّات، والأهمّ متغيّرات الحياة. هذه القضيّة ما زالت مثار جدل اليوم، ولا سيّما أن المصادر البديلة التي كان المعلّمون يلجؤون إليها قد تطوّرت ورُدِفت بالتطوّرات التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ والوسائط البصريّة – السمعيّة. من هنا، يعود السؤال: هل الكتاب المدرسيّ أداة كاملة للتعليم، أم جزءًا من أدوات ومصادر؟ وهل استمراره ما زال ضروريًّا؟ ولماذا، بغضّ النظر عن إجابة سؤال الضرورة؟ تطرح منهجيّات في ملفّ عددها الحادي والعشرين موضوع استمرار أهمّيّة الكتاب المدرسيّ في العمليّة التعليميّة - التعلّميّة، مراعية فيه الظروف المختلفة لأوضاع المدارس؛ بين مدارس خاصّة ورسميّة، ومدارس للطبقات الغنيّة والطبقات الأقلّ حظًّا، ومدارس المدن والأرياف، ومدارس محلّيّة ودوليّة... وانطلاقًا من تجارب التربويّات والتربويّين العمليّة، نسعى لرصد التجارب في تعليم الطلّاب بالاعتماد على مصادر التعليم "الراهنة": هل ما زال الكتاب المدرسيّ أساسًا في عمليّة التعليم – التعلّم؟ تمكن المشاركة في هذا الملفّ بواحد أو أكثر من المحاور الآتية: - الاستغناء عن الكتاب المدرسيّ طوعًا: سرد تجارب تعليميّة استغنت عن الكتاب المدرسيّ باختيارها، وتفصيل ما البدائل المستخدمة والتي لا تنحصر بالبدائل التكنولوجيّة، بل تمتدّ إلى مصادر أخرى كالأفلام والمجلّات والزيارات الميدانيّة والمشاريع المتداخلة... ورصد النتائج التي أسفرت عنها هذه التجارب. - الاستغناء عن الكتاب المدرسيّ قسرًا: مع صعوبة استحصال المتعلّمين على الكتاب المدرسيّ لأسباب متعدّدة، ما البدائل التي لجأ المعلّمون إليها؟ وما كانت النتائج التي وصلوا إليها؟ وما تقييم التجربة؟ - هل ما زال الكتاب المدرسيّ ضرورةً؟ التفكير في موضوع كتاب محدود مهما كان حجمه، في مقابل مصادر تعلّم لا متناهية يمكن الوصول إليها؛ وموضوع ديمقراطيّة التعليم التي يمكن أن يحدّها كتاب، في مقابل اتّساع الأفق المفتوح في المصادر المختلفة؛ هل يمكن لكتاب ثابت أن يراعي التطوّرات والمتغيّرات التي تعصف بنا يومًا إثر يوم؟ وفي المقابل، ما الذي يضمن حصول المتعلّمين على حدّ ثابت من التعلّم في حال فتحنا المصادر لاختيارات المعلّمين، أو أن تكون المصادر البديلة في الجمود ذاته للكتب المدرسيّة؟ - هل ما زال الكتاب ضروريًّا مع تطوّرات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ؟ هل يساعد الكتاب في التفكير النقديّ؟ وكيف؟ هل الكتاب المدرسي قادر على مواكبة التطوّر والمعاصرة في عالم متغيّر بشكل يوميّ؟ - كيف ترتبط المرحلة العمريّة للمتعلّمين في خيارات المعلّمين بتدعيم الكتاب المدرسيّ بمصادر أخرى، أو الاستغناء عنه؟ سرد تجارب عمليّة مع خطواتها ونتائجها المختلفة.   سنستقبل مشاركاتكم في واحد من هذه المحاور، أو ربّما غيرها ممّا غاب عنّا في الموضوع، حتّى تاريخ 20 أيّار/ مايو 2025. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]

أخبار تربويّة

منتدى SWANA للعدالة الاجتماعيّة يعلن عن ندوة حول التعليم في اليمن

أعلَن منتدى (SWANA) للعدالة الاجتماعيّة عن ندوة مفتوحة بعنوان "التعليم في اليمن: تحدّيات وآمال"، وذلك افتراضيًّا عبر زووم، الجمعة الموافق 30 أيّار/ مايو، 5:00 مساءً بتوقيت بريطانيا، 7:00 مساءً بتوقيت القدس. تستضيف الندوة هيلين لاكنر، باحثة وكاتبة عن اليمن، والمعتصم القادحي، باحث في جامعة إكستر في بريطانيا. للمشاركة في الندوة اضغط هُنا.

أوامر إسرائيليّة بإغلاق 6 مدارس تابعة للأونروا في القدس الشرقيّة

قال المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني إنّ مسؤولين إسرائيليّين من بلديّة القدس، برفقة قوات الأمن الإسرائيليّة، اقتحموا ست مدارس تابعة للوكالة في القدس الشرقيّة، وقاموا بتسليم أوامر بإغلاق هذه المدارس خلال 30 يومًا. وفي منشور على منصّة إكس، قال لازاريني إنّ مدارس الأونروا في القدس الشرقيّة المحتلة تعد منشآت تعليميّة تقدّم التعليم لأطفال لاجئي فلسطين. وأضاف أنّ حوالي 800 طالب وطالبة سيتأثرون بشكل مباشر بهذه الأوامر، ومن المرجّح ألّا يتمكنوا من إكمال عامهم الدراسيّ. وأضاف لازاريني أنّ مدارس الأونروا محميّة بموجب امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، ويعد الدخول غير المصرح به وإصدار أوامر الإغلاق انتهاكًا لهذه الحماية، ويمثلان نقضًا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدوليّ. وأشار المسؤول الأمميّ إلى أنّ أوامر الإغلاق غير القانونيّة هذه تأتي في أعقاب تشريعات من الكنيست الإسرائيليّ تهدف إلى تقويض عمل الأونروا. وأكّد التزام الوكالة التابعة للأمم المتحدة بالبقاء وتقديم التعليم والخدمات الأساسيّة الأخرى للاجئي فلسطين في الضفة الغربيّة، بما في ذلك القدس الشرقيّة، وفقًا لتفويض الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة.   المصدر (الأمم المتحدة).

مصر: انطلاق المؤتمر الثاني للتعليم التكنولوجيّ بمشاركة دوليّة

انطلقت اليوم الثلاثاء فعاليّات المؤتمر الدوليّ الثاني للتعليم التكنولوجيّ (SCTE2025)، تحت رعاية الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلميّ في مصر، وتحت إشراف الدكتور أحمد الجيوشي، أمين المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجيّ، والذي ينظّمه المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجيّ، خلال الفترة من 8 إلى 10 نيسان/ أبريل الجاري بأحد فنادق القاهرة، تحت شعار "تعليم اليوم من أجل وظائف الغد". بمشاركة دوليّة واسعة من خبراء التعليم التكنولوجيّ من مختلف دول العالم. يشارك في المؤتمر نحو 2200 مشارك من ممثلي الوزارات، والهيئات التعليميّة، والصناعيّة، والجامعات التكنولوجيّة، إلى جانب نخبة من الأكاديميّين والخبراء ورواد الصناعة والتكنولوجيا، بهدف تعزيز الشراكات بين المؤسّسات التعليميّة والقطاعات المختلفة، بما يسهم في تحقيق نقلة نوعيّة في منظومة التعليم التكنولوجيّ في مصر. ويتضمّن المؤتمر عرض ومناقشة 35 بحثًا علميًّا اختيرت من بين 150 بحثًا تقدّم بها أكاديميّون وباحثون وطلّاب، كما يُعرض خلال المؤتمر 200 مشروع طلابيّ ابتكاريّ، تم اختيار 75 مشروعًا منها للعرض أمام لجان التحكيم والمستثمرين والجهات الداعمة. ويناقش المؤتمر عددًا من المحاور، تشمل: تكامل التعليم التكنولوجيّ مع الخطط الوطنيّة للتنمية، وتفعيل دور الصناعة في توفير بيئة تدريب مناسبة، إلى جانب دور التعليم التكنولوجيّ في تحفيز الابتكار وريادة الأعمال، وتعزيز التحول الرقميّ والذكاء الاصطناعيّ في المنظومة التعليميّة، وحوكمة نظام التعليم التكنولوجيّ، وتقييم مخرجات التعليم وفقًا لمتطلبات سوق العمل على المستويات المحليّة والإقليميّة والدوليّة، فضلًا عن تطوير أساليب التقييم وضمان الجودة، وتعزيز التعاون الدوليّ والشراكات مع المؤسّسات الصناعيّة لتطوير التعليم التكنولوجيّ. المصدر (اليوم السابع).

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

فريق واحد: استراتيجيّات تعاونيّة بين المدرسة والبيت لتعزيز تطوير الطلّاب
يعدّ التوافق بين قيم الأسرة وقيم المؤسّسة التعليميّة، عاملًا رئيسًا في توفير بيئة متكاملة لنموّ الطفل، إذ إنّ تضارب القيم بين المنزل والم... تابع القراءة
"مجالس الآباء" في مصر: صوت الأسرة المؤثّر في قلب المدرسة (مدارس التعليم العامّ نموذجًا)
تُعدّ "مجالس الآباء" في مصر أحد الأطر الهامّة التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين الأسرة والمدرسة، والتي تسهم بشكل مباشر في تحسين جودة التعلي... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

المهارات الحياتيّة: جسر نحو مستقبل مشرق
يمكن ربط الطبخ بالعمل الجماعيّ والتعاون بين التلاميذ، إذ يتعلّم الأطفال كيفيّة توزيع المهامّ، والعمل فريقًّا ضمن مسابقة أطيب طبق مثلًا. ك... تابع القراءة
إشرافنا التربويّ وثقافة الاستيراد
يتشرّب إشرافنا التربويّ الفلسفة التربويّة الغربيّة ويقتات من علومها ونظريّاتها، لذا تجد معظم أطره – سواء تلك التي تشتغل ضمن فرق تربويّة م... تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: مدير المدرسة في مواجهة التحدّيات.. استراتيجيّة التأقلم والتطوير

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر نيسان/ أبريل 2025، بعنوان "مدير المدرسة في مواجهة التحدّيات: استراتيجيّة التأقلم والتطوير".  وركّزت على محاور مختلفة، هي: المحور الأوّل: الموارد الماليّة ووضع المدرسة وبنيتها. المحور الثاني: ظروف العمل مع العنصر البشريّ (الأهل والطلّاب والموظّفين) المحور الثالث: ظروف العمل مع السلطة والاستجابة للمتغيّرات والسياسات التعليميّة ،من منهاج أو تغيير توجّه في التعليم وغير ذلك.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثات، هنّ: أ. عصمت لمعي، رئيسة مجلس إدارة مجموعة مدارس أوازيس الدوليّة، مصر؛ د. أليس عبود، مديرة مدرسة الأهليّة والمطران - الأردن؛ أ. سلافة كركلّا، مديرة ثانويّة بعلبك الرسميّة للبنات- لبنان. أدار الندوة أ. محمود عمرة، مدير عام الأكاديميّة العربيّة الدوليّة في قطر. واستهلّ الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّةً تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: الموارد الماليّة ووضع المدرسة وبنيتها. استهلّ أ. محمود بالقول إنّ من أبرز التحدّيات التي تواجه المدارس، هو التوفيق بين محدوديّة الموارد الماليّة وتغطية النفقات المتعدّدة، مثل الصيانة، والبنية التحتيّة، وتوفير الموارد التعليميّة وغيرها. وانطلاقًا من هذا الواقع، طرح سؤالًا محوريًّا: كيف يمكن التعامل مع تحدّيات الموارد الماليّة وترشيد الإنفاق؟ في هذا الإطار، شاركت أ. أليس عبود تجربة مدرسة الأهليّة والمطران في الأردن، حيث تُعدّ الأقساط المصدر الرئيس لتمويل المدرسة، ما يشكّل تحدّيًا في ظلّ المنافسة مع المدارس الخاصّة الربحيّة، ولا سيّما في ما يخصّ استقطاب المعلّمين. كما تواجه المدرسة صعوبات تتعلّق بالموقع والبنية التحتيّة، إذ تقع في منطقة تشهد ازدحامًا مروريًّا في مدخل عمّان الغربيّ، ما يصعّب الوصول إليها ويحدّ من إمكانيّة التوسعة. وأضافت أنّ المدرسة تعاني أيضًا قِدمَ بعض مرافقها، وحاجتها إلى بنية تكنولوجيّة متطورّة. وعن استراتيجيّات مواجهة هذه التحدّيات، أوضحت أ. عبود أنّ المدرسة تعتمد خطّة إنفاق مدروسة ومبنيّة على ترتيب الأولويّات لتعزيز الكفاءة التشغيليّة. فعلى سبيل المثال، تُحدَّث الملاعب بشكل تدريجيّ وفقًا لخطّة الإنفاق. كما حرصت الإدارة على بناء علاقات قويّة مع مؤسّسات المجتمع المدنيّ، واستثمار موقع المدرسة لتعزيز الشراكات مع جهات قريبة، مثل المعهد الوطنيّ للموسيقى، ومسرح البلد، والمتاحف، وغيرها. كما سعت المدرسة لتجديد مرافقها بطرق ذكيّة، وبناء بنية تحتيّة تكنولوجيّة قويّة، مع إدماج تدريجيّ وآمن لبرامج الذكاء الاصطناعيّ في العمليّة التعليميّّة. وفي السياق نفسه، أضافت أ. عصمت لمعي أنّ مدرسة أوازيس، خلال السنوات العشر المنصرمة، وقّعت اتّفاقيات مع وزارة التربية والتعليم ومنظّمة البكالوريا الدوليّة (IB)، تهدف إلى إدماج برامج البكالوريا الدوليّة في المدارس الحكوميّة. وقد تبنّت المدرسة مدرسة حكوميّة لضمان التعاون بين القطاعين العامّ والخاصّ، من خلال مشاركة الدورات التدريبيّة، واعتماد برنامج "التربية الإيجابيّة" منهجًا تربويًّا موجّهًا إلى الطلبة وأولياء الأمور والإداريين. وقد أثبت هذا التعاون أنّ المدارس الحكوميّة قادرة على تحقيق أهداف المدارس الخاصّة نفسها، بل ونقل التجربة الناجحة إلى مدارس حكوميّة أخرى. وأسهم القرب الجغرافيّ بين المدرستين في تسهيل التعاون، ما عزّز تطوّر العلاقة بين الطرفين، وأنتج فوائد متبادلة لكليهما.   ماذا عن التحدّي في الجانب المالي والتعامل مع السلطات التعليمية؟ أجابت أ. كركلّا أنّ الرسوم المفروضة من المدرسة تقتصر على رسوم التسجيل فقط، مع توفير الموارد الأساسيّة من قبل الجهات الرسميّة. ويتمثّل التحدّي الرئيس في قدرة مدير المدرسة على تحديد الأولويّات الماليّة وترشيد النفقات، وذلك بالاعتماد على صندوق الأهل وصندوق الثانويّة، واللذَين يُستخدمان لتغطية خدمات متعدّدة، مثل النظافة والخدمات الإلكترونيّة ووسائل التدفئة والتجهيزات الأخرى. ويتمّ ذلك من خلال وضع خطط ماليّة دقيقة، وتقديم موازنات واضحة لوزارة التربية والتعليم مع بداية كلّ عام دراسيّ، لتوفير الاحتياجات الأساسيّة، مع إمكانيّة التقدّم بطلبات إضافيّة خلال العام الدراسيّ في حال ظهور نفقات طارئة.   المحور الثاني: ظروف العمل مع العنصر البشريّ (الأهل والطلّاب والموظّفين) ما التحدّيات المرتبطة بالعنصر البشريّ في المدرسة، وكيف تمّ التعامل معها؟ أشارت أ. عصمت لمعي إلى أنّ التحدّي الأكبر يتمثّل في التغيّرات المجتمعيّة السريعة الناتجة عن التفكّك الأسريّ، والثورة الرقميّة، الأزمات العالميّة، والتغيّر المناخيّ، والتي أثّرت بشكل مباشر في الصحّة النفسيّة للطلّاب. وأوضحت أنّ الدراسات أثبتت تدهور الصحّة النفسيّة بسبب هذه العوامل، حيث أشارت تقارير منظّمة الصحّة العالميّة (أكتوبر 2024) إلى أنّ واحدًا من كلّ سبعة أفراد، بين سنّ 10 و19، يعاني اضطرابات نفسيّة تمثّل نحو 15% من عبء الأمراض في هذه الفئة. ويُعدّ الاكتئاب والقلق من أبرز أسباب المرض والإعاقة، بالإضافة إلى أنّ الانتحار ثالث سبب رئيس للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة. وفي مواجهة هذه التحدّيات، قدّمت المدرسة برنامج "التربية الإيجابيّة"، وهو برنامج يهدف إلى معالجة جذور المشكلات السلوكيّة والنفسيّة، من خلال فهم أسباب الأخطاء بدلًا من الاعتماد على العقاب. وقد شارك الطلاب في فيديو عبّروا فيه عن تأثير البرنامج في حياتهم الدراسيّة، حيث تعلّموا السيطرة على الغضب، وازدادت مشاركتهم الفعّالة في المدرسة. كما شمل البرنامج أولياء الأمور والمعلّمين، ما ساعد في جعل العمليّة التعليميّة أكثر جذبًا وانفتاحًا، حيث يُمنح الطالب حرية اختيار الطريقة التي تناسبه في إنجاز مهامه، الأمر الذي أسهم في تنمية مهارات التواصل الاجتماعيّ لديهم، وجعل المدرسة بيئة تعليميّة مفتوحة.   ما التحدّيات التي تواجهها المدرسة مع المعلّمين؟ أشارت د. أليس عبود إلى أنّ التحوّلات السياسيّة والاقتصاديّة والتكنولوجيّة المتسارعة، إلى جانب تراجع القيم الإنسانيّة، أثرت سلبًا في جميع مكوّنات المجتمع المدرسيّ، من طلبة ومعلّمين وأهالي. وأكدّت أنّ دور مدير المدرسة يتجاوز الإدارة التقليديّة، ليشمل القيادة المجتمعيّة وصناعة ثقافة تربويّة. كما عبّرت عن رؤية مدرسة الأهليّة والمطران التي تهدف إلى تمكين الطلبة من القيَم الإنسانيّة، للتعامل مع تحدّيات القرن الحادي والعشرين، مع التركيز على ربط التعليم بالحياة الواقعيّة. واستشهدت بتقارير اليونسكو لسنة 2021، والتي تسلّط الضوء على الضغوطات النفسيّة والتنظيميّة، والتحوّل الرقميّ المفاجئ، التفاوت الاجتماعيّ والاقتصاديّ، وضعف التمويل، وتراجع القيم التربويّة، وهي تحدّيات تواجه معظم المدارس. أمّا على مستوى المدرسة تحديدًا، فكان من أبرز التحدّيات عزوف الجيل الجديد عن مهنة التعليم، ما أدّى إلى عدم الاستقرار في الكادر التدريسيّ، وصعوبة تحقيق الأهداف التعليميّة نتيجة الانتقال المتكرّر للمعلّمين بين المدارس. كما أنّ العلاقة المتباينة بين الأهل والمدرسة، والانفتاح على التنوّع الثقافيّ، فرضا الحاجة إلى إعادة تعريف الهويّة المدرسيّة. وللتعامل مع هذه التحدّيات، طوّرت المدرسة رؤية تربويّة متجدّدة، تقوم على ترسيخ قيم العدالة والانتماء والانفتاح، وتهيئة بيئة عمل جاذبة للمعلّمين بفهم التحدّيات الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي يواجهونها. كما عُزّزت العلاقة مع الأهل من خلال خلق ثقافة حواريّة، وتصميم برامج شاملة للعافية النفسيّة والاجتماعيّة، ترتكز على فلسفة تربويّة إنسانيّة تقبل التنوّع والاختلاف.   كيف تمّت مواجهة تحدّيات العنصر البشريّ في المدارس الحكوميّة؟ من جانبها، أوضحت أ. كركلّا أنّ الرؤية والرسالة التي تتبناهما المدارس الحكوميّة ترتكزان على توجيهات وزارة التربية والتعليم. وأشارت إلى أنّ التحدّي الأساس في هذه المدارس يتمثّل بتطبيق القوانين الصادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي. لذا، ينبغي على المدير أن يكون ملمًّا بهذه القوانين ويلتزم بها، إلى جانب دوره في متابعة المدرسة والإشراف التربويّ، نظرًا إلى أثرها المباشر في المجتمع وفي سير العمليّة التعليميّة. كما بيّنت أنّ كلًّا من وزارة التربية والتعليم ومجالس الأهالي يضطلع بدور مهم في هذا الجانب، حيث تُشكَّل مجلس الأهل بدعوة تُرسل إلى أولياء الأمور الذين لديهم الرغبة والمقدرة على المشاركة. ولفتت إلى وجود صندوق خاصّ يُعنى بدعم المدرسة، ويقوم على مبدأ التعاون مع أولياء الأمور، ويُستخدم لتمويل مشاريع ومبادرات لمواجهة التحدّيات، مثل تقديم مساعدات مادّية توفّر العديد من الاحتياطات والمستلزمات، منها: الألواح البيضاء، أنظمة الصوت داخل الصفوف، شاشات العرض، التدفئة وغيرها من الموارد التشغيليّة، ما يسهم في توفير بيئة سليمة تُساعد على التعلّم. أما بالنسبة إلى الطلبة، فيُدعمون أيضًا بالتعاون مع الجهات المختصّة بالصحّة النفسيّة والاجتماعيّة، وتقديم محاضرات توعويّة في مجالات متنوّعة مثل الدين والأسرة والسلوك والوقاية من الأمراض وغيرها، بالتعاون مع جهات مثل البلديّة.   المحور الثالث: ظروف العمل مع السلطة التعليميّة والاستجابة للمتغيّرات والسياسات التعليميّة كيف هي ظروف العمل مع السلطة التعليميّة؟ وما أبرز التحدّيات؟ أوضحت د. أليس عبود أنّ التحدّيات تتركّز في الجوانب التنظيميّة ومقاومة التغيير والابتكار، بالإضافة إلى صعوبة التعامل مع تعدّد الجهات التي تضع المناهج، مثل الوزارات ومنظّمة البكالوريا الدوليّة. وللتعامل مع هذه التحدّيات، تبنّت المدرسة مبدأ "الشراكة لا التنافس"، مؤكّدة أهمّيّة التعاون مع الجهات الرسميّة بطريقة تحفظ استقلاليّة المدرسة وتحترم رسالتها التربويّة. وعلّق أ. محمود أنّ من أهم ركائز النجاح بناء الثقة بين المدرسة والمجتمع المحليّ، وهو ما يعدّ من مسؤوليّات إدارة المدرسة، لما لهذا التعاون من أثر إيجابي في دعم المدرسة وتحقيق أهدافها التربويّة.   كيف ترسم المدرسة الحدود المناسبة في العلاقة مع أولياء الأمور؟ أجابت أ. عصمت لمعي أنّ تباين أنماط الأهل بين من يتدخّل في كلّ التفاصيل ومن يترك المسؤوليّة كاملة للمدرسة، يتطلّب وضوحًا في سياسة المدرسة. من أبرز الوسائل لتحقيق ذلك، إرسال تقارير دوريّة عن أداء الطلاب، وتنظيم جلسات حواريّة توعويّة تساعد الأهل على فهم أهميّة العلاقة الإيجابيّة مع الأبناء خارج الإطار الأكاديميّ. كما أكّدت د. عبود على أهمّيّة بناء ثقافة حواريّة قائمة على التعاون بين المدرسة والأهل، إذ إنّ نجاح العمليّة التعليميّة يعتمد بشكل كبير على هذا التفاعل الثلاثيّ بين الطالب والأهل والمدرسة. أضافت أ. كركلّا أن التحدّيات تكون أكثر وضوحًا في المرحلة الثانويّة، إذ تتطلّب مشاكل مثل الرسوب أو الغياب المستمرّ، تواصلاً مباشرًا ومكثّفًا مع الأهل، مؤكّدة أنّ مشاركة الأهل أمر ضروريّ لضمان مصلحة الطالب. وأكدّت على دور المدرسة في دعم الطلبة نفسيًّا ومعنويًّا، بمشاركتها في مبادرات ومناسبات مجتمعيّة، مثل: الفوز بجائزة المدرسة العالميّة، المشاركة في مسابقة "العقول المستدامة" بالتعاون مع الجامعة الأمريكيّة، مسابقات تروّج للتعايش المسيحيّ –الإسلاميّ، والاحتفال بأيّام وطنيّة مثل يوم الاستقلال ويوم المرأة، ما ساعد على خلق بيئة تعليميّة أكثر إيجابيّة وتوازنًا. بعد ذلك أجابت المشاركات عن بعض الأسئلة من الحضور: هل تختلف التحدّيات بين المدارس الحكوميّة والخاصّة؟ اتّفق كلّ من أ. لمعي ود. عبود على أنّ التحدّيات متشابهة في جوهرها بين المدارس الحكوميّة والخاصّة، لكن تختلف في بعض التفاصيل مثل أعداد الطلبة، ومرونة تنظيم ورش العمل والتدريب للمعلّمين، حيث تتمتّع المدارس الخاصّة أحيانًا بمساحة أكبر من الحرّيّة في هذا الجانب.   ماذا عن التحدّيات في السياق الفلسطينيّ؟ تحدّثت د. عبود عن خصوصيّة الواقع الفلسطينيّ، مشيرة إلى أنّ التحدّيات في المدارس هناك تتجاوز كلّ ما تواجهه المدارس في الدول العربيّة الأخرى، نظرًا إلى انعدام الأمن والسلم. ورغم ذلك، يُعدّ صمود المدارس الفلسطينيّة مصدر إلهام وأمل لبقيّة العالم العربيّ في مواجهة التحدّيات مهما كانت صعبة.   في ختام الندوة، قدّم أ. عمرة تلخيصًا لأهمّ ما جاء فيها، مؤكّدًا على تنوّع التحدّيات التي يواجهها مدير المدرسة من الجوانب الماليّة والبشريّة والتنظيميّة، كما شكر المشاركات على مداخلاتهنّ القيّمة، والجمهور على تفاعله ومشاركته. كما أشار إلى أنّ أحد التحدّيات الأساسيّة الأخرى، دمج الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصّة في البيئة المدرسيّة، والعمل على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، بما يضمن شموليّة التعليم للجميع.

ندوة: الشراكة مع الأهل.. استكشاف مفاهيم، وتجارب وتحدّيات وفرص

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر شباط/ فبراير 2025 بالتعاون مع شبكة تمام المهنيّة، بعنوان "الشراكة مع الأهل: استكشاف مفاهيم، وتجارب وتحدّيات وفرص". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مفهوم الشراكة مع الأهل. 2. تجارب ميدانيّة. 3. التحدّيات والفرص لبناء الشراكة مع الأهل. استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: أ. رضا العيّاش، مديرة المدرسة الأهليّة، لبنان؛ أ. شيخة الجفيليّة، مديرة مدرسة حيل العوامر، عُمان؛ د. نورة محمّد، اختصاصيّة نفسيّة في مدرسة الظعاين الابتدائيّة الإعداديّة للبنات، مصر/ قطر؛ د. بدر العتيبي، مدير ثانويّة ابن النفيس- السعوديّة. أدارت الندوة أ. ريان قاطرجي، منسّقة ومصمّمة برامج وباحثة في شبكة تمام المهنيّة - لبنان/ الإمارات. استهلّت أ. قاطرجي الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثريّة والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعت جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.   المحور الأوّل: مفهوم الشراكة مع الأهل قدّمت أ. ريان للمحور بأنّ الشراكة مع الأهل مفهومًا لم يعطَ حقّه قديمًا في مجال الأبحاث والدراسات، ولكن اليوم، ازداد الاهتمام به من قِبل التربوييّن والمختصّين، ومن هُنا، طرحت أ. ريان سؤالًا تأطيريًّا للمحور، هو: ما هو مفهومكم للشراكة الناجحة مع الأهل؟ استهلّت أ. رضا العيّاش حديثها بمشاركة تجربة المدرسة الأهليّة في لبنان، والتي تقوم أساساتها على الشراكة مع الأهل. واعتبرت أنّ مفهوم الشراكة الناجحة يجب أنّ يُبنى على إطار محدّد ذي أسس معيّنة، ومترجم عمليًّا على الأرض. وهو مفهوم يختلف من مدرسة إلى أخرى، إذ يتنوع بين مدارس يقتصر فيه المفهوم على سلوكيّات الطالب وتحصيله العلميّ، أي إنّ الطالب محورُ هذه الشراكة فقط. ومدارس تشارك الأهل في الأنشطة المدرسيّة مثل الفعّاليّات والمناسبات، وصولًا إلى مفهوم الشراكة التي تنفّذه مدارس مثل المدرسة الأهليّة، وهي الشراكة في صنع القرار. وتابعت بأنّ التواصل عنصر أساسيّ في الشراكة الناجحة، ويجب أنّ تكون طرقه متّفقًا عليها بين المدرسة والأهل. وهُنا على المجتمع المدرسيّ الانتباه إلى جاهزيته لهذا التواصل بطريقة مهنيّة، حيث يمكن أنّ تشارك الكوادر التعليميّة بتدريبات تطوّر لديهم مهارة التواصل مع الأهل، من أجل تحقيقه بأفضل طريقة ممكنة. من جانب آخر، على الأهل أن يكوّنوا فهمًا واضحًا للشراكة مع المدرسة، ليكونوا جاهزين.   ما أهمّيّة الشراكة مع الأهل بالنسبة إلى المدرسة؟  أجاب د. بدر العتيبي عن السؤال منطلقًا من أهمّيّة التفاعل الإيجابيّ بين الأهل والمدرسة، ودور استخدام مواقع التواصل في الأغراض التعليميّة، وتقليل المشتّتات التي تواجه الطالب في القرن الحاليّ، ولا سيّما تلك المشتّتات المرتبطة بهذه المواقع. ليصبح دورها تعليميًّا عوضًا عن التسليّة فقط. وأضاف د. العتيبي، أنّ التعاون البنّاء بين الأسرة والمدرسة يواجه التحديّات التي تحدث مع الطالب من بداياتها، إذ يحدث مشاركةً في تعديل السلوك، فكلّما كان هذا التعاون فعّالًا ومندمجًا وفي مراحل مبكرة من المشكلات النفسيّة والسلوكيّة للطالب، كان التعامل مع هذه المشكلات أسهل وأكثر إيجابيّة.   ما أشكال الشراكة الناجحة مع الأهل؟ أشارت أ. شيخة الجفيليّة انطلاقًا من تجربتها، إلى أنّ التقنيّات الحديثة سهّلت كثيرًا الشراكة مع الأهل، إلى جانب فتح المدارس أبوابها لأوليّاء الأمور. كما أشارت إلى وجود لجنة للأمّهات في مدرستها، مع اختيار رئيسة لها. تسهم هذه الرئيسة بوضع الخطّة المدرسيّة لتمثّل صوت الأهالي فيها. وتعقد الاجتماعات الحضوريّة مع الأهالي في بداية الفصل الدراسيّ ونهايته، للتشاور في العمليّة التعليميّة. إلى جانب عقد اللقاءات بشكل فرديّ مع أولياء الأمور خلال العام الدراسيّ. وأكدت أ. الجفيليّة أنّه، في مدرسة حيل العوامر التي تديرها، كان دور الأهل غير محصور بشراكتهم مع المدرسة في تحسين جودة التعلّم، بل امتدّ ليطال دورهم في القضاء على بعض الظواهر السلبيّة في المجتمع، مثل التنمّر. ذلك إضافة إلى أدوار أخرى للأهل، في الفعّاليّات الخاصّة بالمدرسة، مثل يوم المعلّم، والمناسبات الدينيّة، وتكريم الطلّبة المتفوّقين. ولفتت أ. الجفيلية إلى أنّ المدرسة أيضًا كانت عنصرًا مشاركًا في فعّاليّات مجتمعيّة مختلفة، مثل فعّاليّات في الجامعة ووزارة الصحّة، وفعّاليّات أخرى فنيّة وتقنيّة بالتعاون مع مؤسّسات مختلفة. كلّها كانت فعّاليّات تتناول قضايا لها دور مباشر في التأثير في الطالب والمجتمع بشكل عامّ. فكانت العلاقة تبادليّة، والمنفعة مشتركة بين المدرسة ومحيطها.   الشراكة مع الأهل مسؤوليّة مَن في مدرستكم؟ تحدّثت د. نورة محمّد عن تجربتها في مدرسة الظعاين، وعن أهمّيّة وجود لجان في المدارس تختصّ بالشراكة المجتمعيّة، مؤكّدة على أنّ الشراكة مع الأهل مسؤوليّة مشتركة بين جميع أطراف العمليّة التعليميّة من إدارة ومعلّمين. كما ذكر د. محمّد توزيع استبيانات للأهالي في بداية العام الدراسيّ لأخذ آرائهم حول المشاركة في الأنشطة، وما لديهم من أفكار في تطوير المدرسة، ومن هُنا يتمّ تحديد الأهالي الراغبين في المشاركة في مجلس الأمّهات.   المحور الثاني: تجارب ميدانيّة كيف يمكن أن تستفيد المدارس من دعم الجهّات الرسميّة لتفعيل شراكتها مع الأهل؟ هل يمكنك اختيار مبادرة تعكس هذا التعاون في السياق المحليّ؟ قالت أ. الجفيلية إنّ أيّ نظام إداريّ واعٍ سيعمل على تحسين العلاقة بين المجتمع والمدرسة، وهذه العلاقة يجب أنّ تعمل على تحقيق ما تصبو إليه المؤسّسة التعليميّة. وانطلقت من تجربتها في سلطنة عُمان، إذ تركّز المؤسّسات التعليميّة على تقديم تعليم عالي الجودة، وتخريج طالب متميّز مغروسة فيه الأخلاق والثقافة العاليّة، ليكون عضوًا فعّالًا ومنتجًا في المجتمع. شاركت أ. الجفيلية تجربتها في سلطنة عُمان، مع وجود نظام البوّابة التعليميّة الإلكترونيّة، وفي هذه البوابة، كلّ ما يخصّ المدارس في مختلف المراحل الدراسيّة. ومن ضمن لجان هذه المدارس في البوّابة، لجنة "مجالس أوليّاء الأمور". ويتمّ تقييم دور هذه المجالس من خلال تنفيذها للشراكة الناجحة مع أوليّاء الأمور والمجتمع. وتنبثق منها مجموعة من اللجان: - اللجنة الماليّة. - لجنة التعليم. - اللجنة الاجتماعيّة. - لجنة الأنشطة. ولفتت أ. الجفيلية إلى أنّ الجهّات الرسميّة في عُمان حاضرة وداعمة لمجالس أوليّاء الأمور في العديد من الأنشطة، ويتمّ تكريم مجالس أوليّاء الأمور الداعمة والمؤثّرة في المدرسة، على مستوى سلطنة عُمان، وعلى مستوى المديريّات. كما ذكرت أ. الجفيليّة تجربة "الاختبار المريح"، وهو أحد مشاريع لجنة التعليم في اللجان المدرسيّة. إنّ فكرة الاختبار المريح تقوم على إبعاد القلق عن الطالب أثناء دخوله الامتحان، حيث خصّصت المدرسة أماكن لتواجد الأمهات لدعم بناتهنّ قبل الامتحان، وتشجيع الطالبات على تقديم أفضل ما عندهنّ. كما توفّر الأمهات وجبات صحّيّة للطالبات في كلّ امتحان، لإعانتهنّ على التركيز والحفاظ على صحّتهنّ العقليّة والجسديّة. من المبادرات أيضًا مبادرة " الحيل تتدبّر"، حيث تقوم إحدى الأمهات بتلاوة آية قرآنيّة في الطابور الصباحيّ، ويرددها كافّة من في الطابور المدرسيّ بمن فيه من معلّمين وطلّاب. ونتدبّر هذه الآية التي نختار موضوعها إمّا عن العلم أو المعرفة، أو غرس القيم الاجتماعيّة الطيّبة، أو غيرها من الموضوعات التي تمسّ الطالبات بشكل مباشر. كما تحدّثت أ. الجفيليّة عن التعاون مع الأمّهات صاحبات المهارات والرياديّات في تدريب الطالبات على ريادة الأعمال، مثل تقديمهنّ ورشًا للتطريز في المدرسة، علّمت فيها الأمهات مهارة التطريز اليدويّ، وأصبح هذا التطريز مصدر دخل لبعض الطالبات.   هل تمكن مشاركة مبادرة تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الأهل والمدرسة؟ ذكر د. العتيبي مبادرة "جسور" وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز قيمة الأسرة ومكانتها في المجتمع المدرسيّ، وتأكيد رعايتها للأفراد في بيئة تحترم دورهم وتلبّي احتياجاتهم عبر شراكات مجتمعيّة نوعيّة، ضمن برامج محفزّة تخدم الأغراض التعليميّة وترفع الوعيّ المجتمعيّ. ووضّح د. العتيبي، خطّة سير هذه المبادرة، حيث بدأت بتوزيع استبيانات على أوليّاء الأمور تبحث في رغبة الأهالي بالمشاركة في مسارات المبادرة المختلفة، والخدمات التي يمكنهم تقديمها خلال هذه المسارات للمدرسة. لتجهيز قاعدة بيانات ضخمة لهؤلاء الأهالي والعودة إليها عند تنفيذ البرامج. من الأمثلة على المسارات التي نفّذتها المدرسة بالتعاون مع الأهالي، المسار المجتمعيّ الذي انبثقت منه البرامج العلميّة والعمليّة التي تدعم المنهج وتجهّز الطلبة للمرحلة الجامعيّة، إذ تمّ في أحد هذه البرامج استقطاب ولي أمر طالب، وهو مُدرّس أكاديميّ في إحدى الجامعات، وقدّم محاضرة علميّة بعنوان "الطاقة والبيئة". ومن هذه البرامج أيضًا تقديم أحد الأساتذة الجامعيّين محاضرة بعنوان "البيئة الجامعيّة ومهارات النجاح". كما نُفذّت المبادرة المسار التوعويّ، والتي أسهمت في رفع الوعي الفكريّ لدى الطلبة، ويقدّمها أولياء الأمور أيضًا. إضافة إلى المسار التطويريّ الذي يعمل على تطوير الطلّبة بالشراكة مع الأهل في جوانب عدّة، ومنها الجانب التجاريّ وجانب ريادة الأعمال. وعلى صعيد المسار الصحّيّ، قدّم أولياء الأمور في القطاع الطبيّ محاضرات في المدرسة تتعلّق بالتغذيّة وسلامة الأسنان والصحّة. ولفت د. العتيبي إلى تنفيذ المسار التشاركيّ مع أولياء الأمور، حيث يشاركون بهجة التخرّج والاحتفال في نهاية العام الدراسيّ. ومن البرامج التشاركية أيضًا، برنامج ربط الأجداد بالأحفاد، حيث يحضر الأجداد إلى المدرسة لمشاركة خبراتهم وتجاربهم مع الطلّاب.   من جهتها شاركت د. محمّد تجربة مدرستها في مبادرة "أسرتي مجتمعيّ"، وترتكز رؤية المبادرة على ترسيخ القيم الأخلاقيّة في الأسرة لبناء مجتمع مدرسيّ رياديّ. وتقوم رسالة المبادرة على تعزيز الشراكة الواعية بين الأسرة والمدرسة، في تنشئة الطالبات على الأخلاق الحسنة والقيم الفاضلة وعادات وتقاليد المجتمع القطريّ. وبحسب د. محمّد تكمن أهمّيّة المبادرة في تعزيز الشراكة الواعيّة بين الأسرة والمدرسة في تنشئة الطالبات، وتحقيق الشراكة المجتمعيّة في دعم عمليتَي التعليم والتعلّم. وتأكيد رعاية الأسرة لأفرادها في بيئة تحترم كلّ فرد منها وتلبّي احتياجاته. وتحدّثت د. محمّد عن تنفيذ جوانب متعدّدة لخطّة المبادرة، حيث كان للخطّة جوانب سلوكيّة وصحّيّة وبيئيّة. وكانت لكلّ جانب أنشطة معيّنة على مدار العام، ينفذ هذه الأنشطة أطراف من المدرسة أو أوليّاء الأمور أو مؤسّسات مجتمعيّة خارج المدرسة، وذلك من خلال ورش عمل وأنشطة متنوّعة. وأشارت د. محمّد إلى نشاط بعنوان "فنجان قهوة"، تُدعى فيه الأمّهات إلى المدرسة، وتُعقَد جلسات معهنّ لتوعيتهنّ بوجود اختصاصيين، في ما يتعلّق بالطريقة الأمثل لتعاملهنّ مع أبنائهنّ وبناتهنّ، وتعزيز أدوارهنّ الإيجابيّة في الأسرة بما يدعم الطلّاب والطالبات. كما عرّجت د. محمّد على مجموعة من الأنشطة التي نفّذتها المدرسة ضمن هذه المبادرة، ومنها: - ورشة عمل تفاعليّة للأمّهات قدّمتها اختصاصيّات، حول سبب غياب الطالبات. - في اليوم البيئيّ نشاط أنا أزرع مع أمّي، حيث تقوم الأمّ وابنتها بزراعة نبتة في المدرسة. - في اليوم الرياضيّ تمّ استدعاء الأمّهات للمشيّ مع بناتهنّ حول المدرسة. - تكريم الطالبات المتوفقات والموهوبات بحضور أولياء الأمور.   المحور الثالث: تحدّيات وفرص لبناء الشراكة مع الأهل تأثير الاختلافات الثقافيّة والاجتماعيّة بين بيئة الأهل والمدرسة، في بناء شراكة بين الطرفين أشارت أ. العيّاش إلى أنّ المدرسة الأهليّة، منذ بداية تأسيسها بشراكات بين الأهل والمعلّمين، تحمل رسالة التنوّع. وهي مدرسة علمانيّة تجمع بين كلّ فئات المجتمع. كما قالت إنّها تمثّل صورة مصغّرة عن لبنان، كما نأمل أنّ تكون الحياة في لبنان ذي التنوّع الثقافيّ الكبير. نحاول تنفيذ هذه الآمال بشكل مصغّر في مدرستنا بأسلوب مبنيّ على الاحترام. وتحدثت أ. العيّاش عن مثال نُفّذ في المدرسة، حيث جًهّزت إقامة سكن للطلّاب، جمعت الإدارة فيه طلّابًا من طوائف وأماكن مختلفة، ليكون هذا التنوّع فرصة للتعلّم، إذ لا تقتصر العمليّة التعليميّة على الكتاب أو الأستاذ، أيضًا الطلّاب يتعلّمون من بعضهم. كما يُحتفَل بالمناسبات الاجتماعيّة والدينيّة في هذه البيئة الخصّبة بالتنوّع، من دون أنّ تكون هذه الأنشطة موجهّة لفئة معيّنة، بل يتمّ إشراك الطلّاب كلّهم بهذا الاحتفال. وقالت أ. العيّاش إنّ المدرسة الأهليّة لا تهدف للربح، وإنّ الأقساط التي يدفعها الأهل تذهب إلى تحسين العمليّة التعليميّة وتطويرها، وهذا بحدّ ذاته مشاركة فاعلة لهم في المدرسة. كما يذهب قسم من القسط المدرسيّ إلى تسديد بقيّة أقساط الطلّاب الذين لا يمتلكون القدرة على دفع القسط كاملًّا، ما يضمن التكافل بين الأهالي من مختلف طبقاتهم الاجتماعيّة.   التحديّات التي تواجه بناء الشراكة بين الأهل والمدرسة مع وجود اختلاف الثقافات؟ أكدّت أ. العيّاش على حتميّة وجود تحديّات تواجه بناء الشراكة بين الأهل والمدرسة، في ظلّ التنوّع الثقافيّ. فعند انتقال الطالب من مدرسة تختلف في سياساتها عن مدرستنا، يكون هناك اختلاف في توقّعات الأهل من المدرسة، وتوقّعات المدرسة من الأهل. وهذا الاختلاف في التوقّعات يبدّده التواصل الفعّال من أجل تحديد شكل العلاقة بين الأهل والمدرسة. وذلك من خلال تخصيص اجتماعات - على سبيل المثال - لأهالي الطلبة المنتسبين حديثًا للمدرسة، أو تخصيص لقاءات فرديّة أو تواصل إلكتروني، أو عبر الهاتف، وعلى المدرسة أنّ تفهّم طريقة التواصل التي يفضّلها الأهالي. وقالت أ. العيّاش إنّ هذا التواصل مع الأهالي ليس هدفه الحديث عن أداء الطالب الدراسيّ وحسب، بل أيضًا يهدف إلى أن تتعرّف المدرسة إلى ثقافة الأهل، وخبراتهم وتطلّعاتهم من المدرسة، لبناء فرص للشراكة معهم. من جهتها، قالت أ. الجفيلية إنّ الإدارة متى ما اقتنعت بأهمّيّة شراكة الأهل مع المدرسة، فإنّها تؤثر في المعلّمين وفي الأهل أيضًا، وهذا يحتاج إلى الصبر والتأنّي، لأنّ أوليّاء الأمور من بيئات مختلفة ودول مختلفة، لكنّ الشراكة في هذه الأيام لم تعد صعبة كالسابق، مع وجود وسائل التواصل الكثيرة والمتنوّعة التي بنت جسورًا بين الأهل والطالب. ومتى ما وجد وليّ الأمر أنّ المدرسة تسعى لبناء هذه الجسور، نجد اقترابًا من الأهل منها.   كيف يمكن لاختلاف التوقّعات وفهم الأدوار بين الأهل والمدرسة أنّ يؤدّي إلى تحديّات في بناء الشراكة بينهم؟ أكدّ د. العتيبي في بداية إجابته عن هذا السؤال، أنّ التعليم خدمة تقدّمها المدرسة، ويتلقّاها الطالب والأهل، وكلّ وليّ أمر يتوقّع هذه الخدمة بطريقة مختلفة، ووظيفة المدرسة فهم هذه التوقّعات، والبحث في خلفيّات الأهالي الثقافيّة المختلفة، من أجل الوصول إلى خدمة تتلاءم معهم. وتابع د. العتيبيّ بأنّ التحدّي الثاني هو أنّ أيّ مؤسّسة تعليميّة، دورها الأساسيّ تخريج طالب يمتلك المهارة والمعرفة والسلوك الإيجابيّ، وهذا الدور يجب أنّ توضحه المدرسة للأهل، حتّى لا تكون هناك فجوة بين الدور الذي تقدّمه المدرسة، وتوقّعات ولي الأمر منها.  وأكمل بأنّ على المدرسة أنّ تمتلك خطّة تبدأ بالمدرسة وتنتهي بالأسرة، توضّحها لأولياء الأمور، وتبيّن فيها كيف يكون دور الأهل فاعلًا في تطوير عمليّة التعليم.   ما الفرص التي يمكن استثمارها لتطوير الشراكة بين المدرسة والأهل؟ قالت د. محمّد إنّ من أهمّ الفرص استغلال الأيّام والمناسبات الوطنيّة والعالميّة، من أجل التعرّف بشكل أكبر إلى الأهل، مثل يوم الثقافات، حيث تحضر الأم برفقة ابنتها، مع ارتداء الزيّ الشعبيّ لكلّ دولة، وتشارك الطعام التقليديّ لبلدها.   ما الخطوات المستقبليّة التي يمكن اتّخاذها لتفعيل الشراكة مع الأهل؟ أكدّت أ. العيّاش على ضرورة إكمال الخطوات التي بدأت بها المدرسة لتفعيل الشراكة مع الأهل، وتوسيعها بشكل أكبر وذلك باستغلال كلّ الفرص لبناء الثقة بين المدرسة والأهل، وإشراكهم في اتّخاذ القرارات التي تنفّذها المدرسة، مثل نوعيّة المناهج المعتمدة، لأنّ أوليّاء الأمر هم من سيحافظون على استمراريّة جودة التعليم في المستقبل. الأمر الذي يحتاج إلى عمل دائم وجهد وتخطيط لبناء هذا التواصل الفعّال بما يفهم احتياجات الطالب والأهل. في خِتام الندوة، قدّمت أ. قاطرجي تلخيصًا للندوة التي سلّطت الضوء على شراكة المدرسة مع الأهل، بجوانبها المُختلفة. وشكرَت المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. وأشارت إلى أنّ المبادرة التي ينفّذها مركز تمام حاليًّا، تهدف إلى خلق تناغم بين ثقافة المدرسة وثقافة البيت وتحقيق احترام وتكامل بين أدوار المدرسة والعائلة، وإيجاد سُبل للتعاون والتشارك بينهما، وصولًا إلى رؤية الشراكة الناجحة والحقيقيّة بين المدرسة والأهل.

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

التعليم مسؤوليّة المدرسة في الدرجة الأولى
ملفّ عدد منهجيّات الأخير في غاية الأهمّيّة، ويستحقّ التأمّل فيه بدرجة أكثر عمقًا من السائد في المجتمعات العربيّة. ولا أريد أن أُفهَمَ هنا... تابع القراءة
واقع اللغة العربيّة في صفوف المرحلة الثانويّة
لا يُخفى على أحد ما آلت إليه اللغة العربيّة من واقع مزرٍ في الصفوف التعليميّة، خصوصًا في المرحلة الثانويّّة. فالعربيّة لم تعد جذّابة كساب... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

أسيل عيسى- معلّمة صفّ لغة عربيّة- فلسطين/ قطر

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ معظم الاستراتيجيّات التي أستخدمها بشكل مستمرّ مع الطلبة تصبح فعّالة على المدى البعيد. أؤمن أنّ استخدام استراتيجيّة واحدة يُشعر الطلبة بالملل، واستخدام استراتيجيّة مختلفة في كلّ مرّة يتعلّم فيها الطالب مفهومًا جديدًا يشكّل نوعًا من الانزعاج لديه. لذا، أستخدم استراتيجيّات متنوّعة بشكل متواصل، بحيث يكون الطالب أكثر ارتياحًا أثناء التعامل معها، ويصبح على دراية بهيكليّتها وطريقة تفاعله معها، كما والهدف/ المخرج النهائيّ منها، وذلك في كلّ مرّة تُستخدم تبعًا لطبيعة الهدف ونوعيّتهِ والمهارة المطلوب تحقيقها. ومن أهمّها، على سبيل المثال لا الحصر، "أنظر، أفكر، أستنتج"، ومخطّط "فنّ"، بالإضافة إلى استراتيجيّة "قبل، أثناء، بعد القراءة"، و"مجموعات التساؤل"، و"معارض التّجول".   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ ممّا لا شك فيه أنّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ أصبحا جزءًا لا يتجزّأ من حياة طلبتنا اليوميّة، ولن يكون بمقدورنا عزلهم عنها بشكل كامل. وأعتقد أنّه من الأفضل تقنين استخدامهم للتكنولوجيا ومتابعته ضمن المعقول وفي إطار ما يمكنهم استخدامها فيه، ذلك بعد التأكّد من إدراكهم للسلبيّات والإيجابيّات المرتبطة بها، والطرق المثلى للاستفادة منها. وربط كلّ ما نتفاعل معه من خلال التكنولوجيا بواقعهم، وبما يتعلّموه بالطريقة العمليّة، ومن خلال دراسات الحالات المختلفة ذات الصلة بالمواضيع التي يدرّسونها.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مسيرتي المهنيّة كنت أعتقد أنّ الطلبة يفهمون ويدركون ما أقوله جيّدًا من دون أيّ تفسير، وأنّ لديهم ذاكرة قويّة يستطيعون الاعتماد عليها في حفظ كلّ ما أقوله، ولكن بعد فترة اكتشفت خطأ فرضيّتي بسبب قيام الطلبة بتنفيذ الأنشطة التفاعليّة، من دون وجود تقييمات مستمرّة وأدلّة واضحة على سير تعلّمهم ونموّه. وأيقنت بعدها ضرورة أن أقوم بوضع كلّ هدف بشكل مكتوب وتحديثه ببطاقات أدلّةً عن عمل الطلبة ومخرجات تعلّمهم، ما يساعد في مواكبة تطوّر الطالب ومتابعتهِ من قبل نفسه وذويه أيضًا. وتعتبر في الوقت نفسهِ مرجعًا لها يمكنه العودة إليها في حال نسيها، أو احتاج إلى إعادة استخدامها.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ من أهمّ ورش العمل التدريبيّة التي قدّمتها كانت حول التقييم، وأهمّيّة التنوّع في الأساليب والأدوات المستخدمة فيه. بالإضافة إلى كيفيّة تقديم التّغذية الراجعة للطالب بطريقة سليمة تساعده على النموّ والتطوّر وليس لغرض الانتقاد. وصولًا إلى أساليب التّبليغ عن التعلّم، والتي تعتبر أيضا جزءًا في غاية الأهمّيّة من عمليّة التّقييم والتّعلُّم.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ التشبيك وتفعيل الاتّصال والتواصل بين العاملين والفاعلين، في قطاع التعليم في العالم العربيّ، من شأنه تعزيز فرص تجاوز كلّ هذه الأزمات، لما يحقّقه التشبيك من تبادل للخبرات والمعارف والتجارب الفرديّة والجمعيّة. وباعتقادي، يمكننا من خلال تجميعها ودراستها والبناء عليها وتحويلها إلى استراتيجيّات وأدوات، التعامل مع احتياجات الفئات المستهدفة، للتعامل مع أزماتها بشكل مدروس فعّال. وممّا لا شك فيه أنّ القياس على فكرة "منهجيّات" في تبادل الآراء والتجارب والبناء عليها من شأنه أن يشكّل مبادرة خلّاقة في هذا المجال.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أؤمن أنّ مسألة التواصل مع أولياء الأمور عمليّة مستمرّة، وليست لحظيّة مرتبطة بقضيّة أو فعّاليّة معيّنة. وباعتقادي، التواصل المستمرّ معهم من أهم أساليب إشراكهم في العمليّة التعليميّة الخاصة بأبنائهم. وممّا لا شكّ فيه، أن تنوّع طرق التواصل معهم من شأنه أن يعتبر حافزًا لهم لزيادة انخراطهم في العمليّة التعليميّة، سواء من خلال الاجتماعات الدوريّة التي تحدث على مدار العام - بين المعلّم والأهل، أو الثلاثيّة التي تضمّ المعلّم والطالب والأهل، أو الاجتماعات التي يقودها الطالب - أو من خلال الساعات المكتبيّة أو وسائل الاتّصال والتواصل الرسميّة المتّبعة في النظام المدرسيّ. وما أحرص عليه دومًا هو أن أكون سبّاقة في التواصل معهم، لتحديثهم حول سير العمليّة التعليميّة لأبنائهم ومنحهم التغذية الراجعة المناسبة لهم. كما أنّ الوضوح في الرسالة الأسبوعيّة الموجّهة للأهل تجعل من عمليّة الاتّصال والتواصل مسألة واضحة ومريحة.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أحاول دائمًا إحاطة نفسي ببيئة ايجابيّة وأصدقاء متفائلين، قادرين على دعمي وخلق الأجواء الإيجابيّة المطلوبة وقت الحاجة إليهم. كما أنّ وجود شريك وعائلة متفهّمة ألجأ إليهم كلّما احتجت، كفيل بمساعدتي على مواجهة التحدّيات المستمرّة كافّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ أحاول دائما الانتهاء من المهام الموكلة إليّ أوّلًا بأوّل قدر الإمكان. ومن الاستراتيجيّات التي استخدمها للمساعدة في إنجاح ذلك هي: هناك بعض المهام التي كنت أقوم بها بشكل منفرد، وتتطلّب مني وقتًا طويلًا خلال التحضير للأنشطة مثلًا. وهنا أصبحت أُشرك الطلّبة في المساعدة في تحضيرها. كما أنّ تقسيم المهام بيني وبين زميلاتي بشكل عمليّ ممنهج يساعد على إنجازها بشكل فعّال.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. هنالك الكثير من الآثار الإيجابيّة للتعليم، من أبرزها في حياتي وتجربتي المهنيّة خارج وطني، وفي ظلّ بيئة متنوّعة وغنيّة بالثقافات المختلفة، اكتساب العديد من المهارات التي تمكّنني من التعامل مع الآخر بشكل سلس، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الثقافيّة المتنوّعة، والهويّات المختلفة التي ينتمون إليها. وهذا بسبب المخزون الثقافيّ الواسع الذي استطعت اكتسابه من هذه التجربة الغنيّة. كما أنّ الصبر من أهمّ الصفات التي تطوّرت كثيرًا لديّ خلال رحلتي التعليميّة. أمّا في ما يتعلّق بالآثار السلبيّة التي أعانيها على المستوى الشخصيّ، والتي أعتقد أنّ جُلّ العاملين في قطاع التعليم يعانونها، خصوصًا من لديهم أبناء في الفئات العمريّة التي يدرسونها، فهي شعوري المستمرّ بالتقصير تجاههم في الجوانب المتعلّقة بمتابعتهم أكاديميًّا في المنزل، وتحديدًا بعد انتهاء يوم تدريس طويل وشاقّ، ونفاد الطاقة والقدرة على القيام بذلك كما ينبغي.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ الطرافة شيء مستمرّ في يومي، من خلال تعليقات الطلبة وردود فعلهم على مواقف معيّنة. ولكن أكثر ما أعتبره طريفًا باستمرار محاولتهم المستمرّة للتحدّث باللغة العربيّة الفصحى، واستخدام كلمات جديدة وقيامهم بدون قصد بتغيير مواقع الحروف. تلك من أطرف المواقف اليوميّة التي أتعرّض إليها.

حسناء لقمان- معلّمة صفّ ابتدائي- المغرب

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ التعلّم عن طريق القصّة المصوّرة من الاستراتيجيّات التي أستخدمها داخل الفصل. فعندما أقدّم الدروس على شكل قصّة مصحوبة بصور جذّابة، ألاحظ تفاعلًا أكبر من التلاميذ واهتمامًا متزايدًا بالمحتوى. ووجدت أن هذه الطريقة تُحفّز خيالهم، وتُسهّل عليهم فهم المعلومات واستيعابها، خصوصًا في المواد التي تتطلّب تركيزًا وتفاعلًا، مثل اللغة الفرنسيّة، إذ تسهم في تطوير رصيدهم اللغويّ بشكل ملحوظ.   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ أحرص على تحقيق التوازن بين استخدام التكنولوجيا والتفاعل البشريّ داخل الفصل. وأعتبر التكنولوجيا وسيلة داعمة ومُحفّزة، وليست بديلًا عن التواصل المباشر. فعلى سبيل المثال، أستخدم تطبيقات تعليميّة لشرح المفردات الصعبة، إلى جانب صور مُولَّدة بالذكاء الاصطناعيّ لجذب انتباه التلاميذ وتحفيزهم بشكل أكبر. ومع ذلك، أُولي أهمّيّة كبيرة للنقاشات الصفّيّة وخلق حوارات مستمرّة بينهم، إضافة إلى الأنشطة الجماعيّة التي تُعزّز التواصل العاطفيّ والاجتماعيّ. ويبرز هذا التوازن بشكل خاصّ في مادّة التربية البدنية والأنشطة الحركيّة، حيث يكون التفاعل والتعاون عنصرين أساسيّين في نجاح التعلّم.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداية مسيرتي التعليميّة، كنت أركّز فقط على كيفيّة تحقيق أهداف الدرس. لكن مع مرور الوقت، أدركت أنّ الجانب النفسيّ أهمّ من الجانب المعرفيّ، وأنّه لا بدّ من التقرّب من التلاميذ، وتطوير التواصل العاطفيّ والفكريّ معهم. هذا التقارب يُتيح لنا تحقيق هدفين بدلًا من واحد: التقدّم الأكاديميّ إلى جانب بناء الثقة وتنمية المهارات والقدرات. فالتواصل العاطفيّ والفكريّ مع التلاميذ يُسهم بشكل فعّال في تطوير شخصيّاتهم، ويُعزّز من استعدادهم للتعلّم والنموّ.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ - استخدام الذكاء الاصطناعيّ في دعم التلاميذ ذوي الإعاقة الخاصّة. - استخدام الذكاء الاصطناعيّ في المدارس الرياديّة. - بناء علاقة إيجابيّة بين المعلّم والطالب لتعزيز بيئة التعلّم. - إدارة الوقت والضغط النفسيّ في التدريس.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ التشبيك بين المعلّمين ضروريّ جدًا، ولا سيّما في ظلّ الصعوبات التي يواجهها التعليم. حبّذا لو تُنشأ منصّة إلكترونيّة رقميّة تجمع جلّ المعلّمين العرب لتبادل التجارب، حيث تُشارك فيها استراتيجيّات تدريس ناجحة، وعرض مشكلات التعليم في كلّ بلد عربي، وتقديم حلول مبتكرة وجديدة.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ أعتمد على التواصل المستمرّ، حيث أرسل ملاحظات منتظمة عن تقدّم التلاميذ، وأشرك الأهالي في بعض الأنشطة الصفّيّة. كما أشجّعهم دائمًا على قراءة القصص مع أطفالهم، ومساعدتهم في أداء الواجبات بطريقة إبداعيّة، بدلًا من مجرّد مراقبتهم. وكذلك أوصيهم بالتواصل باستخدام الكلمات التحفيزيّة بدلًا من القمع والضرب.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ أخصّص وقتًا لعالمي الخاص بين الكتابة والمطالعة، وتربية القطط وقضاء الوقت مع عائلتي، وأحاول دائمًا أن تظلّ حياتي المهنيّة بعيدة عن حياتي الشخصيّة.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ من بين الاستراتيجيّات التي أستخدمها في تنظيم الوقت هي تحديد الأهداف مسبقًا وتنظيم الأولويّات، ووضعها في جدول زمنيّ، وتقسيمها إلى أعمال مصغّرة تتطلّب وقتًا أقصر كي لا أشعر بالتعب.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. إيجابيّ: تطوير مهاراتيّ وقدراتي التعليميّة. سلبيّ: أحيانًا أشعر بالإرهاق العاطفيّ، نظرًا إلى كوني حسّاسة جدًا، أرتبط بمشاكل أطفالي وأحمل همومهم معي.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ ذات يوم كنت أشرح درسًا في التربية الإسلاميّة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعند انتهائي، سَألتهم: "من هو محمّد صلى الله عليه وسلم؟" فتفاجأت بتلميذ متعثّر يرفع إصبعه كي يجيب بكل حماس، وقال بكلّ ثقة: "عمّييبيي!" ما جعل الصفّ كلّه يضحك، وبدوري لم أستطع التوقّف عن الضحك أيضًا!

منى صوان- قائدة تربويّة- لبنان

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟ من تجربتي، أعتبر أنّ الاستراتيجيّة الأكثر فعّاليّة تتمثّل في تعزيز ثقافة التعلّم التعاونيّ بين المعلّمين والطلّاب. هذه الطريقة جعلت التفاعل في المدرسة أكثر نشاطًا، إذ تبادل الطلّاب الأفكار والمعرفة مع بعضهم البعض، ما أثّر إيجابيًّا في مستوى تحصيلهم الدراسيّ. أبدى الطلّاب استجابة إيجابيّة، خصوصًا عندما شعروا أنّ رأيهم مهمّ في العمليّة التعليميّة. وهنا يطرأ سؤال جوهريّ: كيف يمكننا تعزيز هذه الثقافة بشكل أكبر في مدارسنا؟   كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟ بخصوص التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل البشريّ، أعتقد أنّ النجاح يكمن في استخدام التكنولوجيا أداة داعمة للجانب الإنسانيّ في التعليم. بالاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ والأدوات الرقميّة في تخصيص التعليم، يمكننا توفير وقت ثمين للتركيز على بناء علاقات شخصيّة مع الطلّاب، وتعزيز مهاراتهم الاجتماعيّة.   في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟ في بداياتي القياديّة في المجال التربويّ، كنت أركّز بشكل كبير على الهيكليّة والتنظيم، ما جعلني أفرط أحيانًا في التركيز على التفاصيل، وإهمال احتياجات المعلّمين الفرديّة. بعد فترة، بدأت أتبنّى نهجًا أكثر مرونة، وأعطي الأولويّة لدعم المعلّمين في فهم احتياجات طلّابهم. تعلّمت أنّ القيادات التربويّة بحاجة إلى تقديم الدعم المستمرّ لمعلّميهم.   افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟ عند التفكير في ورش عمل المعلّمين، أرى أنّ التركيز يجب أن يكون على تطوير مهارات التفاعل مع الطلّاب باستخدام أدوات تكنولوجيّة مبتكرة، إضافة إلى تعزيز المهارات في إدارة الصفّ، وبناء بيئة تعليميّة تشجّع على التفكير النقديّ. يمكننا أيضًا أن نركّز على كيفيّة إدارة الضغوط والتحدّيات اليوميّة في العمل.   هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟ بالنسبة إليّ، أعتقد أنّ التشبيك بين المعلّمين في العالم العربيّ أصبح ضرورة ملحّة في ظلّ الأزمات التي يواجهها التعليم. يمكن أن يكون التبادل المعرفيّ بورش عمل مشتركة أو منصّات رقميّة، فرصة هائلة لتعزيز قدرات المعلّمين وتوسيع آفاقهم. من الممكن أيضًا تنظيم منتديات حواريّة تجمع المعلّمين من مختلف الخلفيّات التعليميّة.   كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟ من خلال موقعي، أعمل على بناء علاقة مستدامة مع أولياء الأمور بالتواصل المستمرّ حول تقدّم الطلّاب، وتحديد السبل التي يمكن أن يسهموا بها في تعزيز عمليّة التعليم. أؤمن أنّ إشراك أولياء الأمور في الأنشطة المدرسيّة بشكل دوريّ يزيد من تعاونهم في تحقيق أفضل النتائج. في إحدى المرّات، قرّرت تنظيم اجتماع دوريّ عبر الإنترنت مع أولياء الأمور، لمناقشة تقدّم الطلّاب في الموادّ المختلفة. في الاجتماع، لم أكتفِ بعرض التقارير الأكاديميّة وحسب، بل قمت أيضًا بتقديم استراتيجيّات بسيطة يمكن لأولياء الأمور تنفيذها في المنزل لدعم تعلّم أبنائهم، مثل تخصيص وقت محدّد للقراءة، أو مشاركة الأنشطة التعليميّة معهم. كما طلبت منهم مشاركة أفكارهم واقتراحاتهم حول كيفيّة تحسين تجربة تعلّم أبنائهم في المنزل. أضفت إلى ذلك تنظيم ورش عمل تفاعليّة، تمكّن أولياء الأمور من تعلّم تقنيّات جديدة لدعم عمليّة التعلّم في المنزل، مثل استخدام تطبيقات تعليميّة، أو تعزيز مهارات التفكير النقديّ لدى الطلّاب. هذا النوع من التواصل المنتظم عزّز الثقة بين المدرسة وأولياء الأمور، وجعلهم شركاء فاعلين في عمليّة التعليم.   كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟ الحفاظ على الصحّة النفسيّة في بيئة تعليميّة مليئة بالتحدّيات، يتطلّب تخصيص أوقات للراحة، وتنظيم الأنشطة التي تسهم في الاسترخاء، مثل التأمّل، أو الخروج في نزهات قصيرة. كما أنّ الدعم المتبادل بين الأعضاء في الفريق التعليميّ يساعد في تخفيف الضغوط.   ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟ في تجربتي، أتّبع استراتيجيّة لتنظيم الوقت بفعّاليّة في ظلّ الأعباء المتزايدة، تعتمد على تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر قابلة للتحقيق، ما يجعل من السهل التعامل معها يوميًّا. بداية كلّ أسبوع، أخصّص ساعة للتخطيط الأسبوعيّ، فأراجع جدول الأعمال، وأحدّد أولويّات المهامّ. على سبيل المثال، إذا كنت مشغولة بالتحضير لورشة عمل، أو تقييمات مع المعلّمين، أو مراجعة تقارير الأداء، أخصّص وقتًا محدّدًا لكلّ منها، وأحدّد مواعيد نهائيّة واضحة. لضمان سير العمل بسلاسة، أستخدم أدوات رقميّة مثل "Outlook" أو "Google Calendar"، حيث أضع خططًا واضحة للمواعيد والمهامّ. على سبيل المثال، إذا كان لديّ اجتماع مع المعلّمين، أضع تذكيرًا قبل الموعد بوقت كافٍ. كما أنّني دائمًا ما أتابع التقدّم، وأراجع المهامّ المنجزة مع نهاية كلّ يوم لضمان التقدّم المستمرّ. بهذه الطريقة، أتمكّن من إدارة مسؤوليّاتي المتعدّدة بفعّاليّة، مع التأكّد من أنّ كلّ جزء يحصل على الاهتمام المناسب، من دون أن أشعر بالإرهاق.   اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا. ساعدتني مهنة التعليم في تطوير مهاراتي القياديّة بشكل غير مسبوق، فقد تعلّمت كيف أكون مرنة ومتفاعلة مع المتغيّرات في بيئة العمل. أمّا التحدّي الأكبر فهو الضغط المستمرّ لتحقيق النتائج العالية، مع الحفاظ على جودة التعليم.   ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟ أحد المواقف الطريفة التي أذكرها أنّه كان لدينا نقاش مكثّف في أحد اجتماعات التخطيط، حول كيفيّة تحسين بيئة التعلّم الرقميّة. وبينما كنت أشرح فكرة عن استخدام الأدوات التكنولوجيّة بشكل مبتكر، دخل أحد الزملاء في حديث حول كيف أنّ الطلّاب يفضّلون دائمًا استخدام الألعاب في التعلّم. ومن هنا بدأنا جميعًا في المزاح حول تحويل اجتماعاتنا إلى "ورشة لعب"، بدلًا من التخطيط المعتاد. ما كان طريفًا هو أنّ أحد الزملاء بدأ في التحدّث عن "استراتيجيّات الألعاب" التي نحتاج إلى تطبيقها، مثل "لعبة الغزاة" لتحفيز الطلّاب على التفاعل. كان هذا المزاح بمثابة استراحة خفيفة وسط النقاش الجادّ، وأسهم في تخفيف الضغط عن الجميع، وجعل الاجتماع يمرّ بشكل أكثر راحة، وبتفاعل إيجابيّ.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

كيف تعرف أنّ طفلك يعاني اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟

من الطبيعيّ أن يحرص الوالدان على حماية أطفالهما، والبحث دائمًا عن علامات الضيق، أو التغيّرات السلوكيّة التي قد تشير إلى صراعاتٍ عاطفيّةٍ عميقةٍ؛ فكيف إذا تعلّق الأمر بأحد أكثر حالات الصحّة العقليّة تحدّيًا، وهو اضطراب الشخصيّة الحدّيّة (BPD). غالبًا ما يرتبط اضطراب الشخصيّة الحدّيّة بتقلّباتٍ مزاجيّةٍ شديدةٍ، واستجاباتٍ عاطفيّةٍ قويّةٍ، وعلاقاتٍ مضطربةٍ، وقد يكون من الصعب تشخيصه، خصوصًا عند الأطفال والمراهقين. في هذه المقالة، سنستكشف أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة، وآثاره النفسيّة في الأطفال، وخيارات العلاج المتاحة، لمساعدتهم على التأقلم في نهاية المطاف.    ما اضطراب الشخصيّة الحدّيّة؟  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ صحّيّةٌ عقليّةٌ حادّةٌ، تجعل الفرد يعاني مشاكل في التحكّم في عواطفه وانفعالاته تجاه نفسه والآخرين. تخلق هذه الحالة في كثيرٍ من الأحيان صعوبةً في الحفاظ على علاقاتٍ متوازنةٍ طويلة الأمد، مع أفراد الأسرة والأصدقاء والمحيطين.  غالبًا ما يخشى الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة الهجران، ويعانون تقلّباتٍ مزاجيّةً تجعلهم يتصرّفون باندفاعٍ، ما يتسبّب في حدوث صراعاتٍ متتاليةٍ في علاقاتهم. كما يفتقر المصابون بهذا الاضطراب إلى الشعور الواضح بالهويّة، ويغيّرون توجّهاتهم وآراءهم بشكلٍ متكرّرٍ، سواء في تفكيرهم أو في سلوكيّاتهم.  يُظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة نشاطًا متزايدًا في الجهاز الحوفيّ، وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن استجاباتنا السلوكيّة والعاطفيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بالسلوكيّات التي نحتاج إليها للبقاء، مثل التغذية والتكاثر، والاستجابة للقتال أو الهروب، أو ما يسمّى بعمليّة الكرّ والفرّ.  على الرغم من أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ خطيرةٌ، تستمرّ مدى الحياة، إلّا أنّ السنوات الأخيرة شهدت تطوّرًا كبيرًا في خيارات علاجه، فبات يمكن للأطفال والمراهقين بحصولهم على الدعم المناسب، تعلّم إدارة أعراضه بشكلٍ فعّال.    أعراض اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين  من الصعب فهم علامات اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين إلى حدٍّ ما، إذ من السهل الخلط بينها وبين السلوكيّات النموذجيّة للمراهقين. ومع ذلك، فإنّ أعراضه عادةً ما تكون أكثر شدّةً وديمومةً، وتؤثّر في كلّ جانبٍ تقريبًا من جوانب حياة الطفل. في الآتي بعض الأعراض الرئيسة التي يجب الانتباه إليها:  تقلّبات مزاجيّة شديدة  غالبًا ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة تقلّباتٍ مزاجيّةً سريعةً وشديدة. فقد ينتقلون من الشعور بالسعادة إلى الاكتئاب الشديد في غضون ساعاتٍ، والذي غالبًا ما يترافق مع الغضب. قد لا تتناسب هذه التقلّبات المزاجيّة مع الموقف، وتكون أكثر حدّةً ممّا قد يصدر عن الطفل النموذجيّ أو السليم.  الخوف من الهجر  يعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة خوفًا شديدًا من الهجر. وقد يصبحون متملّكين، أو معتمدين بشكلٍ مفرطٍ على أحبّائهم، وغالبًا ما يعتقدون أنّ أحبّاءهم سيتركونهم. قد يؤدّي هذا الخوف إلى سلوكيّاتٍ يائسةٍ، مثل المكالمات المتكرّرة، أو الرسائل النصّيّة، للتحقّق من مكان وجود شخصٍ ما، أو توجيه اتّهاماتٍ غير عقلانيّةٍ بالخيانة أو الرفض.  العلاقات غير المستقرّة  غالبًا ما يكون لدى الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة علاقاتٌ كثيرةٌ، لكن غير مستقرّة. تجدهم تارةً يمجّدون شخصًا ما، وتارةً أخرى يشعرون تجاهه بالكراهية الشديدة أو خيبة الأمل. يمكن أن يؤدّي هذا التفكير الذي يمكن تشبيهه "بالأبيض والأسود"، أو "الكلّ أو لا شيء"، إلى صراعاتٍ مع أفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء المدرسة، ما يسبّب الشعور بالوحدة والعزلة.  السلوكيّات الاندفاعيّة  الاندفاعيّة هي السمة المميّزة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة. قد يتورّط الأطفال أو المراهقون في سلوكيّاتٍ محفوفةٍ بالمخاطر، مثل إيذاء النفس، أو الإفراط في تناول الطعام، أو تعاطي المخدّرات، أو القيادة المتهوّرة، في محاولةٍ للتخفيف من المشاعر الشديدة، أو التعامل مع مشاعر انخفاض احترام الذات.  صورة ذاتيّة غير مستقرّة  قد يعاني الطفل المصاب باضطراب الشخصيّة الحدّيّة صورةً ذاتيّةً مشوّهةً أو غير واضحةٍ، وغالبًا ما يعاني مشاعر فقدان قيمته الشخصيّة، أو الشعور بالذنب أو الخجل غير المبرّرين. قد يواجهون أيضًا صعوبةً في فهم أنفسهم وقيمهم، ما يؤدّي إلى تغييراتٍ متكرّرةٍ في الأهداف والاهتمامات والتطلّعات.  اضطراب العواطف  يعدّ اضطراب التنظيم العاطفيّ أحد الأعراض الواضحة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة، إذ يعاني الطفل المصاب بهذا الاضطراب مشاعر ذات شدّةٍ غير اعتياديّةٍ، حتّى أنّ الأحداث البسيطة يمكن أن تؤدّي إلى حزنٍ شديدٍ، أو غضبٍ، أو خجل. لا تقتصر هذه المشاعر على كونها أكثر حدّةً، بل غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا لتهدأ.  سلوك إيذاء النفس والأفكار الانتحاريّة  يعتبر سلوك إيذاء النفس، بما في ذلك القطع أو الحرق أو الخدش، شائعًا بين المراهقين المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة. غالبًا ما تكون هذه الأفعال محاولاتٍ للتعامل مع مشاعر مثل الألم، أو الفراغ، أو الشعور بالذنب، ويتطلّب هذا الجانب من الاضطراب مراقبةً دقيقةً ودعمًا متخصّصًا.    التأثيرات النفسيّة لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة في الأطفال  لاضطراب الشخصيّة الحدّيّة أبعادٌ مختلفةٌ، وقد يكون ذا تأثيرٍ عميقٍ في نفسيّة الطفل. فالعيش مع هذا الاضطراب يعني تجربة مشاعر مكثّفةٍ وفوضويّةٍ خارجةٍ عن السيطرة، غالبًا ما تجعل الطفل يشعر أنّه "أصعب ممّا يستطيع الآخرون التعامل معه". قد يؤدّي هذا إلى مشاعر مزعجةٍ بسبب الوحدة والرفض، فيشعر الطفل أنّه غير مفهومٍ أو غير محبوبٍ، ما يزيد من مخاوف الهجران لديه، ويضخّم مشاعره السلبيّة عمومًا.  في حين أنّ الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة يعانون نقص احترام الذات، والذي يؤدّي بدوره إلى عدم الاستقرار في علاقاتهم وصورتهم الذاتيّة، فإنّ هذه المشاعر المضطربة تخلق حلقةً مفرغةً ومؤلمةً، لذلك نجدهم يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ أو متهوّرٍ، بسبب شعورهم بعدم الحبّ أو عدم الجدارة، والغربة حتّى أثناء وجودهم وسط أحبّائهم.    تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال  يعدّ تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند الأطفال والمراهقين معقّدًا بعض الشيء، إذ يتشارك العديد من الأعراض مع اضطراباتٍ أخرى، مثل الاكتئاب، والاضطراب ثنائيّ القطب، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD). الحقيقة أنّ المتخصّصين في الصحّة العقليّة حذرون جدًّا بشأن تشخيص اضطراب الشخصيّة الحدّيّة قبل سنّ الرشد، لأنّ سمات شخصيّة الطفل أو المراهق لا تزال في طور النموّ. ومع ذلك، عندما تكون الأعراض شديدةً ومستمرّةً، ومتداخلةً مع الحياة اليوميّة، يكون من المفيد التعمّق في التشخيص مع المختصّ.    كيف تساعد في علاج اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عند طفلك  من أصعب المواقف التي قد تمرّ فيها كونك أحد الوالدين، مشاهدة ابنك يتخبّط بين مشاعر شديدةٍ وسلوكيّاتٍ اندفاعيّةٍ لا يجد منها مفرًّا. قد تشعر بالعجز، أو الإحباط، أو حتّى الخوف، لكن ضع في حسبانك دائمًا أنّ اضطراب الشخصيّة الحدّيّة ليس انعكاسًا لشخصيّة طفلك، بل هو حالةٌ مرضيّةٌ سيتمكّن من التغلّب عليها بمساعدتك وتفهّمك لحالته. إليك بعض الطرق للمساعدة:  استيعاب حقيقة مشاعره  ليس مطلوبًا منك أن تفهم المشاعر التي يمرّ فيها طفلك تمامًا، لكن سيكفيه أن "تتفهّمها"، وتعرف أنّه لا يملك خيار التحكّم بها، فهذا سيولّد لديه الشعور بالأمان. لذلك تجنّب عباراتٍ مثل "أنت تبالغ"، أو "اهدأ فقط". بدلًا من ذلك، حاول أن تقول: "أتفهّم أنّ ما تشعر به صعبٌ عليك".  تشجيع الروتين  يساعد وجود جدولٍ يوميٍّ لنشاطات وأوقات الأطفال المصابين باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، في التنبّؤ بأحداث يومهم القادمة، ما يمدّهم بمزيدٍ من الإحساس بالأمان. يمنح الروتين اليوميّ شعورًا بالاستقرار والثبات، وهما أكثر شعورين يفتقد إليهما المصابون باضطراب الشخصيّة الحدّيّة.  ممارسة الصبر والرحمة  التعافي من اضطراب الشخصيّة الحدّيّة عمليّةٌ تدريجيّةٌ، قد يرتكب طفلك أخطاءً ويواجه صعوباتٍ على طول الطريق. لذلك من المهمّ أن تظهر الصبر والتعاطف، وتطمئنه أنّه ليس وحيدًا، وأنّه محبوبٌ بغضّ النظر عن سلوكيّاته والتحدّيات التي يواجهها، وأنّك تحبّه حبًّا غير مشروط.    ***  اضطراب الشخصيّة الحدّيّة حالةٌ معقّدةٌ وصعبةٌ، لكن مع دعم الأهل المناسب، يمكن للأطفال والمراهقين تعلّم إدارة أعراض هذه الحالة، وبناء حياةٍ مُرضية. إذا كنت تشكّ في أنّ طفلك قد يكون مصابًا باضطراب الشخصيّة الحدّيّة، فإنّ طلب المساعدة المهنيّة من مختصٍّ خطوةٌ أولى مهمّة. تذكّر أنّ العلاج يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، ومع الوقت والصبر والتعاطف، تمكنك مساعدة طفلك في الانتقال إلى مسارٍ أكثر استقرارًا وقبولًا للذات.    المراجع   https://www.healthline.com/health/understanding-personality-disorders-in-children#treatment\  https://goodhealthpsych.com/blog/recognizing-the-early-signs-of-bpd-in-children-what-parents-should-know/  https://helpingminds.org.au/supporting-child-with-borderline-personality-disorder/   

أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ للأطفال

يعدّ التواصل المؤثّر أساس التفاعل البشريّ. بالنسبة إلى الأطفال، يعدّ تطوير مهارات الاتّصال القويّة أمرًا بالغ الأهمّيّة بشكلٍ خاصٍّ، لأنّه يؤثّر في قدرتهم على التعبير عن أنفسهم، وبناء العلاقات، والتنقّل في العالم من حولهم. لا تقتصر مهارات الاتّصال الجيّدة على التحدّث بوضوحٍ، بل تشمل الاستماع، وفهم الإشارات غير اللفظيّة، والاستجابة الفعّالة للآخرين.   هل تعلم مثلًا أنّ الأنشطة والألعاب المحفّزة التي تنشّط الدماغ، يمكن أن تنمّي مهارات الاتّصال لدى الأطفال؟ يمكن أن تشجّع المشاركة في الألعاب التفاعليّة صغارك على التعبير عن أنفسهم بسهولة. علاوةً على ذلك، عندما يجد الأطفال هذه الأنشطة ممتعةً وجذّابةً، فمن المرجّح أن يشاركوا فيها، ويطوّروا مهارات التنشئة الاجتماعيّة لديهم. كما يؤثّر الكبار في أسلوب التواصل والمعايير الاجتماعيّة التي يتّبعها الطفل، إذ تتشكّل قواعد الآداب لديه تبعًا لأبويه، وما يعلّمانه إيّاه.    أهمّيّة مهارات التواصل في حياة الأطفال  يجد العديد من الأطفال صعوبةً في صياغة أفكارهم في جملٍ متكاملةٍ ذات معنًى، ويفشلون في التواصل بشكلٍ صحيحٍ، لأنّهم يخافون دائمًا من الحكم عليهم. على الرغم من حرص الآباء على تثقيف أطفالهم حول مجموعةٍ متنوّعةٍ من المواضيع، إلّا أنّهم في مرحلةٍ ما من الطريق، ينسون تعليم الأطفال صغار السنّ مهارات التواصل الضروريّة.  ستكون حياة طفلك أكثر صعوبةً إذا كان يفتقر إلى مهارات التواصل؛ ولهذا السبب قد يكون معظم الأطفال الذين يطوّرون مهارات التواصل أكثر اجتماعيّةً، ويتمكّنون من تكوين علاقاتٍ مفيدة.    تنبع أهمّيّة مهارات التواصل لدى الأطفال في كونها تساعدهم في:   - بناء العلاقات: يعدّ التواصل مفتاحًا لتكوين العلاقات والحفاظ عليها. بالنسبة إلى الأطفال، يساعدهم التعبير عن أفكارهم واحتياجاتهم ومشاعرهم في التواصل مع أفراد الأسرة، وتكوين صداقاتٍ، والتعاون مع الأقران. كما يعزّز التعاطف ما يسمح لهم بفهم وجهات نظر الآخرين واحترامها.  - النجاح الأكاديميّ: تعدّ مهارات التواصل ضروريّةً للتعلّم في الفصل الدراسيّ. يحتاج الأطفال إلى تطوير القدرة على الاستماع، واتّباع التعليمات، وطرح الأسئلة، والمشاركة في المناقشات. يعزّز التواصل الجيّد قدرتهم على استيعاب المفاهيم الجديدة، والسعي للتعبير عن معرفتهم.  - التّطور العاطفيّ: يسمح التواصل للأطفال في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وفهمها، ويمكّنهم من معالجة المشاعر المعقّدة، وبناء الوعي الذاتيّ بالحديث عن تجاربهم. كما يساعدهم التواصل الفعّال على تعلّم كيفيّة إدارة الصراعات، والتعبير عن التعاطف تجاه الآخرين.  - حلّ المشكلات: يعدّ التواصل أداةً بالغة الأهمّيّة في حلّ المشكلات؛ فهو يساعد الأطفال في التعبير عن المشكلات، والتفكير في الحلول، والتفاوض، واتّخاذ القرارات.   - الدفاع عن النفس: تتزايد حاجة الأطفال إلى تعلّم الدفاع عن أنفسهم مع استمرار نموّهم وتطوّرهم، سواء كان ذلك بطلبهم المساعدة، أو تحديد احتياجاتهم، أو التعبير عن آرائهم. تمكّن مهارات الاتّصال القويّة الأطفال من الدفاع عن أنفسهم، وجعل أصواتهم مسموعةً بطريقةٍ إيجابيّة.    أهمّ مهارات التواصل الاجتماعيّ بالنسبة إلى الأطفال  مهارات الاستماع  مهارة الاستماع أساس التواصل الفعّال، ولا يقصد بها فقط الاستماع إلى الكلمات، بل الاستماع بقصد الفهم. يتضمّن الاستماع النشط الانتباه، وتمكين التواصل بالعين، وإظهار الاهتمام بما يقوله الشخص الآخر. تساعد هذه المهارة الأطفال على التعلّم من الآخرين، والتقاط الإشارات الاجتماعيّة، والاستجابة بشكلٍ مناسب.    التعبير عن الأفكار بوضوح  من المهمّ أن يتمكّن الأطفال من التعبير عن أفكارهم بطريقةٍ واضحةٍ ومتكاملة. لا ينطوي هذا فقط على اختيار الكلمات المناسبة، ولكن أيضًا تنظيم الأفكار بشكلٍ منطقيّ. يساعد تشجيع الأطفال على مشاركة آرائهم، أو سرد القصص، أو شرح أسبابهم، في ممارسة هذه المهارة.    التواصل غير اللفظيّ   يشكّل التواصل غير اللفظيّ جزءًا كبيرًا من مهارات التواصل الاجتماعيّ المهمّة للأطفال. يجب أن يتعلّم الأطفال فهم لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، والإيماءات، واستخدامها بشكلٍ فعّال. يساعد التعرّف إلى الإشارات غير اللفظيّة الأطفال على الاستجابة بشكلٍ أكثر تعاطفًا مع الآخرين، وتكييف أسلوب التواصل الخاصّ بهم حسب الحاجة.    التعاطف والفهم  يعدّ تعليم الأطفال مراعاة مشاعر الأخرين ووجهات نظرهم أمرًا بالغ الأهمّيّة للتواصل الفعّال. يتضمّن التعاطف الاستماع بقصد الفهم، وليس فقط بهدف الردّ. تعزّز هذه المهارة التفاعلات العاطفيّة النابعة عن الرحمة والإنسانيّة، وتساعد الأطفال في بناء علاقاتٍ أقوى.    طرح الأسئلة  طرح الأسئلة أداةٌ قويّةٌ للتعلّم والتفاعل مع الآخرين، لذا يعزّز تعليم الأطفال طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ، الفضول والفهم العميق للأشياء من حولهم.    الثقة في التحدّث  يحتاج الأطفال إلى الشعور بالراحة والثقة في التحدّث في مواقف مختلفةٍ، سواء أمام مجموعةٍ أو وجهًا لوجه. يساعد تشجيعهم على مشاركة أفكارهم من دون خوفٍ من الحكم عليهم، في بناء احترامهم لذواتهم، ويعزّز براعتهم في التواصل.    إدارة المشاعر أثناء التواصل  غالبًا ما يعاني الأطفال عدم القدرة على إدارة مشاعرهم والتحكّم فيها، خصوصًا عند التواصل تحت الضغط، أو أثناء الصراعات. لذا، من الضروريّ تعليمهم كيفيّة الحفاظ على هدوئهم، والتعبير عن أنفسهم باحترامٍ، والاستماع إلى الآخرين حتّى عندما يكونون منزعجين، فهذه مهارةٌ قيّمةٌ، ستخدمهم جيّدًا طوال حياتهم.    تنمية مهارات التواصل لدى الأطفال  - كن قدوةً في التواصل الفعّال: يتعلّم الأطفال أكثر عن طريق مراقبة البالغين من حولهم. من خلال إظهار الاستماع النشط، والتعبير الواضح، والحوار المحترم، يقدّم البالغون إلى الأطفال نموذجًا ليتّبعوه.  - خلق بيئةٍ آمنةٍ للتعبير: شجّع الأطفال على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بصراحةٍ، من دون خوفٍ من النقد. أخبرهم أنّ مشاعرهم مهمّةٌ وحقيقيّةٌ، وقدّم ردود فعلٍ إيجابيّةً لبناء ثقتهم بأنفسهم.  - المشاركة في محادثاتٍ منتظمة: خصّص وقتًا للمحادثات المنتظمة مع طفلك. اطرح أسئلةً مفتوحةً، وشارك القصص، وناقش يومه. هذا لا يحسّن مهارات التواصل لديه فحسب، بل يقوّي أيضًا علاقتك به.  - القراءة معًا: يمكن أن تعزّز قراءة الكتب ومناقشة القصص مفردات الطفل، وفهمه، وقدرته على التعبير عن أفكاره. كما أنّها توفّر فرصًا لاستكشاف وجهات نظرٍ وعواطف مختلفة.  - سيناريوهات لعب الأدوار: يمكن أن يكون لعب الأدوار وسيلةً فعّالةً لممارسة مهارات الاتّصال، في بيئةٍ ممتعةٍ ومنخفضة الضغط. قُم بإنشاء سيناريوهاتٍ يحتاج فيها الأطفال إلى التعبير عن أنفسهم، أو الاستماع بعنايةٍ، أو حلّ نزاعٍ، أو مشكلةٍ ما.  - تشجيع الأنشطة الجماعيّة: توفّر الأنشطة الجماعيّة، سواء في النوادي، أو في بيئات اللعب الطبيعيّة، فرصةً للأطفال لممارسة التواصل؛ إذ يتعلّمون خلالها التعاون، ومشاركة الأفكار، والتعامل مع الديناميكيّات الاجتماعيّة.    ***  يمكن القول إنّ المهارات الاجتماعيّة التي يكتسبها طفلك في سنواته الأولى، ترسم شخصيّته شيئًا فشيئًا، وتساعده على النجاح في مختلف مجالات الحياة. من الجدير بالذكر أنّ تطوير الأطفال مهارات تواصلٍ قويّةً، تزوّدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها في بناء العلاقات، والنجاح الأكاديميّ، والتنقّل بين مواقف الحياة التفاعليّة. كلّما تمّ تعزيز هذه المهارات في وقتٍ مبكّرٍ، أصبح الأطفال أكثر ثقةً وكفاءةً في التواصل، ما يضع أساسًا متينًا لمستقبلهم.   المراجع https://www.invictus.edu.kh/news/10-ways-to-build-your-childs-communication-skills  https://www.oneeducation.org.uk/communication-skills-for-children/  https://hamadacademy.net/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/  https://www.unicef.org/jordan/ar/%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B4%D9%83%D9%84-%D9%81%D8%B9%D9%91%D8%A7%D9%84/%D9%82%D8%B5%D8%B5 

مراحل الطفولة وخصائصها: كيف أفهم احتياجات طفلي؟

تتّسم مرحلة الطفولة بتغيّراتٍ سريعةٍ في الجسم والعاطفة والإدراك. لذا، يمكن أن يساعد فهم خصائصها المحدّدة الأهل والمعلّمين ومقدّمي الرعاية، في تقديم الدعم والتوجيه المناسبين للطفل. يشكّل فهم مراحل النموّ والتطوّر المتغيّرة لدى طفلك أمرًا مركزيًّا في تربيته. فمع تقدّم الرضّع والأطفال عبر سلسلةٍ من مراحل النموّ، قد يواجهون تحدّياتٍ جسديّةً، أو عاطفيّةً شائعة. تستكشف هذه المقالة المراحل الأوّليّة من الطفولة - الرضاعة، والطفولة المبكّرة، والطفولة المتوسّطة، والمراهقة - مع تسليط الضوء على خصائصها الرئيسة، ومعالمها.    مراحل الطفولة وخصائصها  الطفولة (من الولادة إلى عمر السنتين)  هي المرحلة من الولادة إلى عمر السنتين تقريبًا. خلال هذه الفترة، يمرّ الأطفال بنموٍّ وتطوّرٍ جسديٍّ سريعٍ، يشكّل الأساس لتعلّمهم وسلوكهم في المستقبل.   خصائص مرحلة الطفولة  التطوّر البدنيّ: يتفاعل الأطفال حديثو الولادة خلال أشهرهم الأولى بشكلٍ فطريٍّ مع المحفّزات الخارجيّة، فيمكنهم تحريك رؤوسهم من جانبٍ إلى آخر، ورؤية الأشياء القريبة، والتعرّف إلى روائح معيّنة. يتضمّن هذا أيضًا البكاء أو الابتسام للتعبير عن احتياجاتهم. سيحرّك المولود رأسه أيضًا نحو يدك، كلّما قمت بمداعبة خدوده. كما ستشهد ابتساماتٍ جميلةً على وجهه بوصوله عمر 3 أشهر. قد يكون أيضًا على استعدادٍ للإمساك بأصابعك عندما تضعها على يديه. ينمو الأطفال بسرعةٍ، ويكتسبون السيطرة على أجسادهم، وينتقلون من ردود الفعل الأساسيّة، مثل الإمساك بالأشياء والضحك، إلى حركاتٍ أكثر تناسقًا، مثل الجلوس، والزحف، والمشي في نهاية المطاف.    التطوّر المعرفيّ: تتميّز هذه المرحلة بتطوّر الدماغ السريع، فيبدأ الأطفال خلالها في التعرّف إلى العالم بحواسّهم وأفعالهم، ويفهمون وجود الأشياء حولهم، وأنّها تستمرّ في الوجود حتّى عندما تكون خارج نطاق رؤيتهم. كما يبدؤون في التعرّف إلى الأنماط والوجوه.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: يعدّ الارتباط بمقدّمي الرعاية أمرًا بالغ الأهمّيّة في هذه المرحلة، إذ يبدأ الأطفال في التعبير عن مشاعر مثل الفرح، والخوف، والإحباط. تؤثّر جودة الارتباط مع مقدّمي الرعاية بشكلٍ كبيرٍ في شعورهم بالأمان والثقة بالعالم.    التطوّر اللغويّ: على الرغم من عدم إتقان الأطفال للغة بعد، إلّا أنّهم يتواصلون بالبكاء والهمهمة والمناغاة. في نهاية هذه المرحلة، يبدأ العديد من الأطفال في نطق كلماتهم الأولى، ما يمهّد الطريق لمزيدٍ من التواصل الأكثر تركيبًا.    الطفولة المبكّرة (من 2 إلى 6 سنوات)  تمتدّ مرحلة الطفولة المبكّرة من سنتين إلى ستّ سنواتٍ، وغالبًا ما يشار إليها بسنوات ما قبل المدرسة. تتميّز هذه المرحلة بتطوّر الاستقلاليّة والفضول، وتطوّر المهارات الأساسيّة في اللغة والتفاعل الاجتماعيّ.  خصائص مرحلة الطفولة المبكّرة  التطوّر البدنيّ: يستمرّ الأطفال في هذه المرحلة في النموّ، بمعدّلٍ أبطأ، ولكن أكثر ثباتًا، فيكتسبون سيطرةً أكبر على المهارات الحركيّة الإجماليّة، مثل الجري والقفز، والمهارات الحركيّة الدقيقة، مثل الرسم والقصّ بالمقصّ. كما تنمو أسنانهم المؤقّتة بشكلٍ كاملٍ، فيصبحون قادرين على تناول الطعام، ويزداد نموّ عظامهم، فيتغيّرون من أطفالٍ رُضّع، إلى أطفالٍ صغار.    التطوّر المعرفيّ: غالبًا ما توصف مرحلة الطفولة المبكّرة بأنّها "المرحلة ما قبل العمليّاتيّة"، حسب نظريّة بياجيه للتطوّر المعرفيّ. لاحظ بياجيه أنّ الأطفال يفتقرون إلى القدرة على التفكير التجريديّ، ولا يستطيعون التلاعب بالمعلومات. ومع ذلك يعتبر ازدهار الخيال والانخراط في اللعب الرمزيّ من سمات هذه المرحلة، إذ يسهمان في تنمية الإبداع والقدرة على حلّ المشكلات. وعلى الرغم من التطوّر المعرفيّ الملموس للطفل في هذه المرحلة، إلّا أنّه لا يزال غير قادرٍ على أداء المهامّ والعمليّات المعقّدة.    بمعنًى آخر، هذه هي المرحلة التي تبدأ فيها الأسئلة المفتوحة التي لا تنتهي، مثل: "لماذا؟"، و"من أين يأتي؟"، و"كيف ذلك؟". إنّها المرحلة التي ينمو فيها فضول الطفل بشكلٍ كبيرٍ، فيرغب في فهم كلّ شيء من حوله.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: تبدأ المهارات الاجتماعيّة ومهارات تنظيم الذات في التطوّر، فيبدأ الأطفال في فهم مجموعةٍ أوسع من المشاعر، والتعبير عنها. كما يتعلّمون التفاعل مع الأقران، وهو أمرٌ حيويٌّ للتعلّم الاجتماعيّ. يبدأ الأطفال أيضًا في فهم التعاطف، وتعلّم أساسيّات المشاركة والتعاون. لكنّ الخبر غير السارّ أنّ هذه المرحلة هي بداية ظهور صفاتٍ لدى الطفل، مثل العناد والعصيان، وفترة ظهور الفروقات الفرديّة بين الإناث والذكور. فنجد أنّ الإناث أصبحن عنيداتٍ، بينما يصبح الذكور أكثر تخريبًا. كما أنّ صفتَيّ العصبيّة والغضب تظهران أيضًا في هذه المرحلة.    تطوّر اللغة: تتوسّع المفردات بسرعةٍ خلال هذه الفترة، ويبدأ الأطفال في تكوين جملٍ كاملة. كما يطوّرون مهارات القواعد الأساسيّة، على الرغم من أنّ كلامهم غالبًا ما يتضمّن أخطاءً جذّابةً، وتعميم القواعد بشكلٍ مفرطٍ، مثل التذكير دائمًا، أو التأنيث دائمًا.    الطفولة المتوسّطة (من 6 إلى 12 سنة)  تغطّي الطفولة المتوسّطة الأعمار من 6 إلى 12 سنةً، وتتوافق مع سنوات الدراسة الابتدائيّة. تتميّز هذه المرحلة بنموٍّ كبيرٍ في القدرات المعرفيّة، وزيادة الاستقلاليّة، وتأسيس حياةٍ اجتماعيّةٍ أكثر تنظيمًا.  خصائص مرحلة الطفولة المتوسّطة  التطوّر البدنيّ: يستمرّ النموّ في الطول والوزن، ولكنّه يكون أبطأ ممّا كان عليه في المراحل السابقة. تصبح النسب الجسديّة للطفل مشابهةً لخصائص الكبار، فمثلًا تصبح الأطراف طويلةً، ويزداد النموّ في العضلات، ما يسمح للأطفال بالمشاركة في أنشطةٍ بدنيّةٍ ورياضيّةٍ أكثر تعقيدًا.    التطوّر المعرفيّ: يحدّد بياجيه هذه المرحلة بأنّها "مرحلة العمليّات الملموسة"، والتي يتطوّر فيها التفكير المنطقيّ. يمكن للأطفال إجراء عمليّاتٍ على أشياء ملموسةٍ، وفهم مفاهيم أكثر تعقيدًا، مثل أنّ الكمّيّة تظلّ ثابتةً، حتّى وإن تغيّر شكلها. كما تنمو لدى الطفل الرغبة في اكتشاف الأسرار المُتعلّقة ببيئته، ويصبح أكثر إدراكًا للعالم الخارجيّ، كما يبدأ في تطوير القدرة على التفكير في جوانب متعدّدةٍ في وقتٍ واحد.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: تظهر في هذه المرحلة مقدرة الطفل على ضبط انفعالاته، فيتعلّم كيفيّة التخلّي عن الحاجات التي قد تؤدّي إلى غضب والديه أو غيرهم. تبدأ القيم والمبادئ بالتشكّل، فيهتمّ بالتقييم الأخلاقيّ، والضمير، وغيرها من الأمور. تصبح الصداقات أكثر أهمّيّةً، ويبدأ الأطفال في تقدير آراء أقرانهم وقبولهم، ويصبحون أكثر مهارةً في فهم مشاعر الآخرين، وتعلّم القواعد الاجتماعيّة المعقّدة. كما يصبح مفهوم الذات وتقديرها أمر مهمّ في هذه المرحلة، ويتأثّر إلى حدٍّ كبيرٍ بالنجاحات أو الإخفاقات الأكاديميّة والاجتماعيّة.    التطوّر اللغويّ: يستمرّ الأطفال في مرحلة الطفولة المتوسّطة في تحسين مهاراتهم اللغويّة، فيطوّرون فهمًا أفضل للقواعد، ويوسّعون مفرداتهم بشكلٍ كبيرٍ، ويتعلّمون فهم لغةٍ أكثر تعقيدًا وتجريدًا، إلى جانب استخدامها.    المراهقة (من 12 إلى 18 سنة)  المراهقة هي المرحلة الانتقاليّة من الطفولة إلى مرحلة البلوغ، وتمتدّ من سنّ الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة. تتميّز هذه الفترة بالنموّ البدنيّ السريع، والشدّة العاطفيّة، والبحث عن الهويّة.  خصائص مرحلة المراهقة  التطوّر البدنيّ: تتميّز المراهقة بالبلوغ، وهي فترة من النموّ البدنيّ السريع، والتغيّرات الهرمونيّة التي تؤدّي إلى النضج الجنسيّ. تحدث طفرات النموّ، وتصبح الخصائص الجنسيّة الثانويّة، مثل نموّ الثدي لدى الفتيات، وشعر الوجه لدى الأولاد، أكثر وضوحًا.    التطوّر المعرفيّ: يدخل المراهقون "المرحلة العمليّاتيّة الرسميّة" لبياجيه، إذ تصبح مهارات التفكير المجرّد والاستدلال أكثر تعقيدًا. كما يطوّرون القدرة على التفكير في المواقف الافتراضيّة، والتخطيط للمستقبل، والنظر في الآثار الأخلاقيّة.    التطوّر العاطفيّ والاجتماعيّ: يعدّ تكوين الهويّة مهمّةً أساسيّةً في مرحلة المراهقة، بحسب إريك إريكسون. في مراحل التطوّر النفسيّ الاجتماعيّ، غالبًا ما يستكشف المراهقون أدوارًا ومعتقداتٍ وعلاقاتٍ مختلفةً، تسهم في تشكيل هويّتهم الشخصيّة، فيواجهون في هذه المرحلة صراعًا بين الهويّة والارتباك، فيسأل المراهق نفسه: من أنا؟ وما دوري؟ وكيف أتوافق مع الآخرين؟ وأين أذهب في هذه الحياة؟ كما تصبح العلاقات بين الأقران مؤثّرةً للغاية، أكثر من الأسرة في بعض الأحيان، وقد تؤدّي الرغبة في الاستقلال إلى صراعاتٍ مع الوالدين، أو الشخصيّات ذات السلطة.    تطوّر اللغة: تستمرّ مهارات اللغة في التطوّر، فيصبح المراهقون ماهرين في استخدام الجمل المعقّدة، وفهم الفروق الدقيقة في المعنى، وتطوير أنماط التواصل الخاصّة بهم، والتي غالبًا ما تتأثّر بمجموعات الأقران والثقافة الشعبيّة.    ***  تتميّز كلّ مرحلةٍ من مراحل الطفولة بخصائصها الفريدة، من حيث التطوّرات الجسديّة، والإدراكيّة، والعاطفيّة، والاجتماعيّة. يساعد فهم هذه المراحل مقدّمي الرعاية والمعلّمين والأهل، في توفير الدعم والبيئة المناسبة للنموّ الصحّيّ للأطفال. يسمح التعرّف إلى خصائص المراحل بتقدير تعقيدات النموّ، وأهمّيّة رعاية كلّ مرحلةٍ في رحلة الطفل من الطفولة إلى المراهقة، لمساعدته في بناء أساسٍ متينٍ لمستقبله.    المراجع https://www.studysmarter.co.uk/explanations/psychology/developmental-psychology/childhood-development/  https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%88%D9%84%D8%A9_%D9%88%D8%AE%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B5%D9%87%D8%A7  https://www.alukah.net/culture/0/44786/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%88%D9%84%D8%A9..-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AE%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%B5/ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%AC%D9%8A%D9%87_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%8A  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D9%83_%D8%A5%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3%D9%88%D9%86 

Putting It All Together

مجموعة تدريبات رياضيّاتيّة حول العمليّات الحسابيّة المبسّطة. للوصول إلى التدريبات الرجاء الضغط على الرابط هنا.

Solid Shapes All Around Us

مجموعة دروس عن تعلّم الأشكال الهندسيّة واستخدامها في بناء أشكال أخرى. للوصول إلى الدروس الرجاء الضغط على الرابط هنا.