ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
أرى أنّ هناك العديد من الاستراتيجيّات المفيدة داخل الغرفة الصفّيّة، حيث تنويع الاستراتيجيّات له دور هامّ في دعم العمليّة التعلّميّة. إذا أردت أن أختار إحدى الاستراتيجيّات المفيدة، ربما أميل إلى التعلّم القائم على الاستقصاء، فعندما أطرح سؤالًا بدلًا من تقديم الإجابة، أراهم يفكّرون، يتحاورون، ويكتشفون بأنفسهم. وحين يصلون إلى الحلّ، يبتسمون وكأنّهم فتحوا كنزًا.
كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
بما أنّه صار من اللازم علينا مواكبة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، لما له من دور كبير في تحسين وتسهيل العمليّة التعليميّة، لذلك أدخل "Magic School AI" كإحدى وسائل الذكاء الاصطناعيّ التي تتيح للمعلّم التحكّم في عمليّة البحث، والتي يقوم بها طلّابه بما يبقيهم ضمن المسار الآمن. وأثناء عمليّة البحث أركّز على النقاشات الصفّيّة، بذلك أجعل التكنولوجيا تساعدني، لا تستبدلني. هي تبهرهم بالمعلومة، وأنا أبهرهم بطريقة فهمها.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
اعتقدت في البداية أنّ إعطاء إجابات لكلّ أسئلة الطلّاب بشكل مباشر يسرّع ويسهّل العمليّة التعليميّة، لكنّ سرعان ما أدركت أنّ الصمت أحيانًا هو ما يجعلهم يفكّرون. فبدأت أترك لهم مساحةً ليكتشفوا مع دعمهم بالمصادر اللازمة.
افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
- - الذكاء الاصطناعيّ مع الحفاظ على التفاعل الشخصيّ في التعليم.
- - الإدارة الصفّيّة بأساليب تحفيزيّة، كيف نعلّم بلا ملل؟
- - كيف نزرع حبّ التعلّم؟
- - كيف نكون معلّمين يتركون بصمةً؟
هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
نعم، التعليم يحتاج إلى مشاركة حقيقيّة، لا عزلة. فكلّ معلّم يحمل تجربةً فريدةً في فصله، وكلّ درس يقدّمه هو فرصة للتعلّم والنموّ. أقترح إنشاء منصّة بسيطة تتيح لكلّ معلّم أن يشارك تجربته مع الآخرين، حيث يحكي عن الدروس التي نجح فيها وكيفيّة تطبيقه لأفضل الممارسات، وكذلك الدروس التي لم تنجح بالشكل المتوقّع، ليتمكّن الآخرون من التعلّم من تلك التجارب. بهذه الطريقة، يمكننا أن نضع معًا ملاحظات، ونناقش التحدّيات المشتركة، ونتعلّم من بعضنا البعض. ستكون المنصّة بمثابة مساحة للتطوير المهنيّ المستمرّ، حيث نتبادل الخبرات والأفكار الجديدة لتحسين أدائنا التعليميّ، وبالتالي تصبح عملية التعلّم أكثر فاعليّةً وإبداعًا.
كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
أحاول أن أتواصل معهم في أدقّ التفاصيل، حيث أخبرهم بشيء جميل فعله طفلهم، وأرى الفخر في أعينهم. وحينها، يعرفون أنّهم جزء من الرحلة، وليسوا مجرّد متابعين.
كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
أضحك مع طلّابي، أفصل بين العمل والراحة، وأتذكّر دائمًا أنني أعلّم عقولًا. وحين تنتهي ضوضاء اليوم، أبحث عن وقتي الخاصّ، حيث أجدني بين صفحات كتاب يشبهني، أو في لحن موسيقيّ يأخذني إلى عالم هادئ بعيد عن ضجيج المسؤوليّات.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
أرتّب المهامّ كما لو كنت ألعب "ترتيب المكعبات". أبدأ بالأشياء الأهمّ أوّلًا، ثم أكمل ما هو أقلّ أهمّيةً. وأترك وقتًا للراحة لالتقاط الأنفاس، حتى أتمكّن من متابعة باقي المهامّ بطاقة جديدة.
اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
الإيجابيّ: تعلّمت ان أرى الأشياء بعيون مختلفة.
السلبيّ: أحيانًا أحمل همّ الطلّاب حتّى خارج الصفّ.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
في الحقيقة، التعامل مع الأطفال دائمًا يحمل في طيّاته الكثير من المواقف المضحكة التي لا تنسى. لكنّ عندما قرأت السؤال، تذكّرت إحدى طالباتي الصغيرات التي كانت دائمًا ترفع شعار "العدل والديمقراطيّة" في الصفّ. كانت تملك حسًّا دقيقًا جدًّا بالإنصاف، وكلّما اتّخذت قرارًا في الصفّ، كانت تجد فرصةً للتدخّل وإعطائي دروسًا في العدالة!
فمثلًا، إذا قمت بتوزيع الطلّاب في مجموعات للعمل الجماعيّ، وكان حظّها السيّئ في مجموعة لا تضمّ صديقاتها المقرّبات، كانت تأتي إليّ مسرعةً، وعيناها مليئتان بالشكوى، وتقول: "أستاذة، أليس من العدل أن نكون مع أصدقائنا؟" كنت أجيبها بابتسامة، ولكنّها كانت تظلّ تشرح لي مدى الظلم في قراري!
ومع مرور الوقت، بدأت أشعر بأنّني على وشك أن أتحوّل إلى "قاضي العدل" أمامها. هي لا تحبّ الخضوع للقوانين، وتحبّ الجدال حتى النهاية. كان من الصعب أحيانًا أن أستوعب مشاكساتها في بعض اللحظات.
لكن في أحد الأيام، بينما كنت مشغولةً في الحصّة، وزّعت المهامّ على الطلّاب، وفجأةً وجدتها أمامي، مثل زعيمة صغيرة تحاول أن تحاكم قراراتي. قلت لها بسرعة: "أعلم أنّ المهمّة التي منحتك إياها تخالف قواعد الديمقراطيّة التي نلتزم بها في صفّنا، ولكن أرجوك اذهبي إلى مكانك وابدئي في إنجاز المهمّة. في المرة القادمة، سأبذل جهدًا أكبر لتوزيع المهامّ بشكل أكثر عدلًا!" لكنّها، وكما هو معتاد، حاولت مقاطعتي. فتوقّعت أنها ستكمل الجدال كما تفعل دائمًا. ولكن قبل أن أكمل كلامي، كانت قد توقفت وقالت لي: "أستاذة، كنت فقط أريد أن أسألك إذا كان بإمكاني الذهاب لشرب الماء؟" ضحكت من داخلي، وقد انتابني شعور غريب من الراحة... يبدو أنّ الديمقراطيّة لديها حدود، وعطشها كان أكثر إلحاحًا!