الرئيسية

ماذا تجدون في مجلة منهجيات وموقعها؟
في هذا العدد

العدد (12) ربيع 2023

يُقال إنّه منذ آلاف السنين، ارتاحت العائلة في كهفها الأمين، وظلال النار تتلاعب على جدران الكهف. كان أفراد العائلة منهكين من يوم حافل بالصيد والمهام، والنوم أقصى أمانيهم. فجأة، رجل أو امرأة منهم، حمل بقايا عود محترق، وبدأ يخطّ على جدار الكهف؛ رسم أو رسمت الصيد الوفير، والحيوانات المخيفة، وربّما ما كان أحلامًا بالنسبة إلى العائلة حينذاك. لقد عبّرَ، أو عبّرت، عن الرغبات والمخاوف والأماني؛ وفي تعبيره/ ها هذا، بدأت رحلة الإنسانيّة الإبداعيّة التي تمدّدت إلى تزيين الملابس، وارتداء الحلي، ونحت المجسّمات، فالموسيقى... هذا التعبير واحد من أكثر ما يميّزنا كبشر، التعبير المجّانيّ غير النفعيّ عن الذات، رغباتها وهواجسها وأحلامها. في الطبيعة، يكون هذا التعبير استجابة لوظيفة أو حاجة محدّدة، كجمال الزهور وألوانها التي تجذب الحشرات الملقِّحة، أو ريش الطاووس الذي يغري فيه أنثاه. أمّا نحن، فالتعبير الفنّيّ أساسه فرادتنا، وخوفنا من وحدتنا في كون لا متناهٍ. ولهذا التعبير شروط، أوّلها الحرّيّة والإرادة واحترام الفرد وخياله. كما له نتائج أساسيّة في تصرّفات البشر وسلوكهم، فالتعبير الفنّيّ يفتح المجال لمفهوم المنظور ووجهة النظر، وللتمييز بين الحقائق العلميّة والانطباعات والآراء. وكلّ هذا جزء ضروريّ يمنع تشيّؤ الحياة وبرودتها، ويكسر رتابتها، ويمنح الإنسان العائش في ظلّ الحروب والكوارث فسحة أملٍ بغدٍ أجمل يمكن أن يتحقّق. يأتي ملفّ منهجيّات "حصّة الفنون: فرصة وضرورة"، ليشدّد على أهمّيّة تعليم الفنون بذاتها في المراحل الدراسيّة المختلفة، وعلى ضرورة الاستعانة بالأنواع الفنّيّة المختلفة في التعليم. أيّ التشديد على الفنون غايةً ووسيلةً في المناهج الدراسيّة والاستراتيجيّات والممارسات التعليميّة – التعلّميّة.

كتّاب منهجيات