الرئيسية

في هذا العدد

العدد (16) ربيع 2024

تستهدف الحروب، في ما تستهدف، مثلّث التعليم: المدرسة مبنى وإدارة ومعلّمين؛ والمتعلّمين؛ والأهل. تصيب أطراف هذا المثلّث بشظايا وندوب، وربّما بأكثر، فتتعطّل العمليّة التعليميّة بنسب كبيرة. وكلّما زاد عمر الحرب، كبرت الخسائر في التعليم، وقلّت أهمّيته الراهنة لحساب مفاهيم الأمن وتأمين سبل الحياة، والتعامل مع المشاكل اليوميّة المباشرة، وتأجيل ما يمكن تأجيله على فداحته وخطورته. ولا يُخفى أنّ الحرب (قل المجزرة) الماثلة أمام أعيننا اليوم في غزّة، كانت من أسباب إعادة طرح هذا الملفّ؛ فما يجري مقتلة وتدمير متعمّد لأشكال الحياة واحتمالاتها المستقبليّة.  من هنا، يأتي العضّ على الجرح، وممارسة التعلّم والتعليم وسط هذا الدمار، فعل مقاومة يجترحه الناس المستهدفون. وبعد الحرب، ومن غير تنظير على الناجين منها، نأمل أنّ الناس ستعيد تدبّر حياتها، والتعليم جزء أساس منها. وهذا يستدعي برأينا: الإبداع في إيجاد الحلول وتحديد مناهج الدراسة، وتبنّي أشكال جذريّة من التعليم كمقاربات التعليم المجتمعيّ والتحرّري والمجاورة. قالت أسماء مصطفى، المعلّمة الغزّاويّة الصابرة، في محاورة العدد المميّزة: نجونا من الموت لكنّنا لسنا بخير! جملة تختصر وحشيّة الحروب على الناس، فالنجاة من الموت لا تعني السلام، والعمل سيكون مضنيًا لإعادة الناس بعد الحرب، إلى أن يكونوا بخير.

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 17: صوت المعلّمين.. عن الرفاه واستعادة العافية

إذا كان من المتّفق عليه أنّ مصالح المتعلّمين التعلّميّة والنفسيّة والقيميّة، هي الهدف الأساس لإدارة التعلّم في أيّ مكان في العالم، وتحقّق هذه المصالح هو رأس هذا الهدف، فإنّ العمل على تحسين الظروف والعوامل المرافقة لهذه المصالح تنال أهمّيّتها من أهمّيّة الهدف النهائيّ هذا. من هنا، يُعنى بالمحيط الحيويّ للمتعلّم، وبالمناهج الدراسيّة، والاستراتيجيّات التعلّميّة، والمقاربات التعلّميّة والإرشاديّة وغير ذلك. لكن، من المتّفق عليه أيضًا، أنّ المعلّم أخطر عوامل نجاح عمليّة التعلّم، حيث إنّه رأس الحربة كما يُقال، أو الجنديّ على الأرض الذي لا تنجح أهمّ الخطط الاستراتيجيّة إن لم يتأقلم معها، ويتدرّب لها، ويكُن مستعدًّا على المستويات البدنيّة والنفسيّة والمعنويّة.   من هذه الرؤية، حدّدت منهجيّات المعلّمَ موضوع ملفّ عددها السابع عشر: رفاهه؛ استعادته عافيته؛ أوضاعه القانونيّة؛ مجال حركته واتّساعه؛ برامج تقاعده؛ وكالته بين خطوط المناهج المفروضة والسياسات التعلّمية المفروضة؛ قدرته على التفاعل مع المستجدات اليوميّة، تربوية كانت أم عامّة، وفسحته في إشراك المتعلّمين فيها... إلى ما غير ذلك من الأمور التي تجعل التعليم مهنة مرغوبة لعشّاقها ومريديها، غير مدمّرة لآمالهم وتطلّعاتهم. ملفّ "صوت المعلّمين: عن الرفاه واستعادة العافية" مخصّص بالشكل النهائيّ لخدمة المتعلّمين وإنجاح العمليّة التعلّميّة، لأنّ موضوعه كما أسلفنا، رأس الحربة في هذه العمليّة وفي إنجاحها. من هنا تأتي الدعوة إلى الخبراء والمختصّين التربويين، ناهيك عن المعلّمين أنفسهم بتجاربهم وخبراتهم، إلى المشاركة في الملفّ بواحد من المواضيع الآتية: - المعلّم الإنسان: كيف يحافظ المعلّم على عافيته في ظلّ الظروف الصعبة، أكان الأمر مرتبطًا بواقع عمل غير عادل، أو بتأثّر المعلّم بواقع اجتماعيّ ضاغط يريد التعبير عنه (التأثر بمأساة غزّة مثالًا)؟ ما الخطوات التي يستطيع المعلّم فيها أن يستعيد عافيته ويرمّم روحه للاستمرار؟ هل من تجارب شخصيّة في هذا؟ - الأوضاع القانونيّة للمعلّمين: الحقوق والأجور والتقاعد؛ خطوات الارتقاء والتدرّج؛ أنواع الرقابة المفروضة؛ حرّيّة التعبير والتغيير؛ الحماية الوظيفيّة... - وكالة المعلّمين: حرّيّة المعلّم بين القانون ومزاج الإدارات؛ المعلّم والمنهاج: من يسود؟ وما الضوابط؟؛ اختيار مادّة التدريس والنصوص الأدبيّة وعلاقتها بالسائد الاجتماعيّ؛ التطوير المهنيّ للمعلّمين: آفاق وعقبات...   يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 20 أيّار/ مايو، 2024. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]

أخبار تربويّة

تقرير: أضرار التعليم في غزّة تقدّر بمبلغ 341 مليون دولار

أصدر مركز إبداع المعلّم، بالشراكة مع الهيئة الوطنيّة للمؤسّسات الأهليّة والائتلاف التربويّ الفلسطينيّ، تقريرًا بعنوان "الانتهاكات بحق التعليم في فلسطين"، يسلّط الضوء على واقع التعليم في قطاع غزّة بسبب العدوان الإسرائيليّ الأخير، ويقوم برصد الانتهاكات الإسرائيليّة وتحليل الآثار الكارثيّة بحقّ التعليم وتحديد احتياجات التعافي الإنسانيّ. وأُعِدّ التقرير من قبل مجموعة من الباحثين ممّن عايشوا الأزمة مباشرةً في قطاع غزّة، إذ يسعى مركز إبداع المعلّم جاهدًا ليكون له دور فعّال في مناقشة جميع جوانب الوضع الحاليّ، سواء من خلال التواصل مع المتطوّعين في مراكز الإيواء، أو من خلال المشاركة في النقاشات المحلّيّة والإقليميّة والدوليّة، بالإضافة إلى الانخراط في جهود الائتلاف التربويّ والحملة العربيّة للتعليم، التي تعمل على مناقشة جميع القضايا المتعلّقة بالتعليم في قطاع غزّة وفلسطين بشكل عام. ويهدف التقرير إلى تحليل الوضع الراهن وتوثيقه، مع التركيز على الآثار البشريّة والمادّيّة للعدوان، بالإضافة إلى التنبؤ بالمستقبل بهدف توجيه الانتباه إلى الحقائق المقدّمة وتشجيع أصحاب القرار على تحمّل مسؤوليّاتهم في حماية حقوق الأفراد، خصوصًا حقّ التعليم الذي كان يُفترض بقدسيته، ولكنّه الآن يتعرّض للتهديد والتخريب، تمامًا كما تعرضت المدارس في قطاع غزّة للتدمير والخراب. ويعتبر هذا التقرير بمثابة أداة في إطار المساءلة والرصد، بالإضافة إلى التوثيق، إذ يسعى إلى بناء قاعدة بيانات توثّق الانتهاكات الصارخة ضدّ المنظومة التعليميّة ككلّ.   ويظهر التقرير البيانات المتعلقة بالعدوان الحالي على غزة أنّ (264) من المعلّمين والإداريّين سقطوا شهداء حتى تاريخ 20/2/2024 وأن (846) أصيبوا بجراح بالغة للفترة ذاتها، وأنّ (98) من رؤساء وأساتذة مؤسّسات التعليم العالي اغتيلوا من قِبل الاحتلال الإسرائيليّ بشكل مخطّط حتى التاريخ نفسه. بالإضافة إلى ذلك، يقدّر التقرير التكلفة الإجماليّة للأضرار في قطاع للتعليم بمبلغ 341 مليون دولار، ويظهر التقرير تصنيفًا دقيقًا للأضرار الواسعة التي لحقت بمباني المدارس في قطاع غزّة، حيث تعرّضت المدارس في قطاع غزة لاستهداف مباشر وجزئيّ، حيث بلغت نسبة الاستهداف المباشر للمباني المدرسيّة 61٪ للمدارس الحكوميّة، و44٪ للمدارس التابعة لوكالة الأونروا، و44٪ للمدارس الخاصّة. وتشير بيانات التقرير إلى تفاوت معدلات الدمار في المدارس من منطقة لأخرى، حيث بلغت نسبة الدمار الكلّيّ والجزئيّ في المدارس 62.9٪ في شمال غزّة، و28.6٪ في غزّة، و14.3٪ في وسط غزّة، و22.9٪ في خانيونس، و17.1٪ في رفح. ويؤكّد هذا التقييم على الدمار واسع النطاق الذي تعرّض له القطاع التعليميّ في غزّة، ما أثّر على مجموع 813 مدرسة تعمل في هذه المباني.   ويركّز التقرير أيضًا على الانتهاكات الإنسانيّة والخسائر البشريّة الجسيمة، حيث يشمل العدد الإجماليّ للشهداء 30365 شهيدًا و74925 جريحًا، من بينهم أكثر من 5000 طالب و240 معلّمًا، حتى تاريخ إعداد التقرير. وعُلّقت العمليّة التعليميّة بسبب إغلاق 563 مدرسة في قطاع غزة، ممّا حرم ما يقرب من 620,000 طالب من حقّهم في التعليم. كما أدّى النزوح القسريّ إلى تحويل 288 مدرسة إلى مراكز إيواء للنازحين، بما في ذلك 155 مدرسة تابعة للأونروا. وامتدّ الدمار إلى ما بعد الخسائر البشريّة إلى البنية التحتيّة والإسكان، حيث دمّرت 355,000 وحدة سكنيّة تدميرًا كاملًا، وتم شن 622 هجومًا على المرافق الصحّيّة. كذلك تعرّض الأكاديميّين وطلّاب الجامعات في قطاع غزّة إلى استهداف مباشر ومتعمّد، حيث أدّى ذلك إلى استشهاد 98 شخصيّة أكاديميّة علميّة وفكريّة. بالإضافة إلى ذلك، استهدف الاحتلال الإسرائيليّ جميع الجامعات الـ 12 في غزة، سواء بتدميرها تمامًا أو تحويلها إلى ثكنات عسكريّة ومراكز احتجاز ومراكز تحقيق.   ويوضح التقرير بأن الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة أحدثت آثارًا نفسيّة عميقة على الطلّاب والمعلّمين، ما يفاقم الظروف الصعبة القائمة. وكشفت الدراسات التي أجرتها الأونروا ومؤسّسة إنقاذ الطفل، عن معدلات مرتفعة من الصدمة والضغط النفسيّ بين الطلّاب، مع تفاقم الوضع الحاليّ. وتستهدف قوّات الاحتلال الإسرائيليّ بشكل متعمّد المعلّمين، ما يعرّضهم لحالات من المعاناة والصدمة. علاوة على ذلك، يتعرّض الطلّاب في غزّة لتأثيرات نفسيّة خطيرة، بما في ذلك الضغط النفسيّ والصدمة والقلق والاكتئاب والذعر وفقدان الأمن النفسيّ.   وفي الختام، يأمل الفريق المشارك في التقرير أن يكون له تأثير إيجابيّ في تسليط الضوء على واقع التحدّيات التي تواجه التعليم في قطاع غزّة، ويدعو إلى تحمّل المسؤوليّة المشتركة في حماية حقّ الأفراد في التعليم العادل والشامل، ويشدّد على ضرورة تكثيف الجهود لوقف الحرب وتقديم المساعدات الإنسانيّة اللازمة للمتضرّرين.

نيويورك تايمز: مع تدمير 80% من مدارس غزّة.. التعليم سيتعطّل لسنوات

نشرت صحيفة نيويورك تايمز حول أنّ الآثار المترتبة على مستقبل غزّة لا تقل عمقًا عن الدمار الحاليّ، مُضيفة أنّ الطلّاب عانوا بالفعل من فجوة طويلة في تعليمهم، ويواجهون الآن مستقبلًا مع عدد قليل من المدارس السليمة للعودة إليها بعد انتهاء الحرب. ووفق مجموعة التعليم العالميّة، وهي مجموعة بحثيّة تعمل مع الأمم المتّحدة، فقد كان في غزّة 813 مدرسة توظّف حوالي 22 ألف معلّم قبل الحرب، وأدارت وكالة الأمم المتّحدة للّاجئين الفلسطينيّين، الأونروا، العديد منها. وقالت الأمم المتّحدة الشهر الماضي إنّها وثّقت ما لا يقل عن 5479 طالبًا و261 مدرّسًا و95 أستاذًا جامعيًّا استشهدوا في غزّة منذ تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، فضلًا عن إصابة ما لا يقل عن 7819 طالبًا و756 مدرّسًا. وضمن السياق ذاته، قالت مجموعة مكوّنة من 25 خبيرًا من الأمم المتّحدة في بيان لها الشهر الماضي: "قد يكون من المعقول التساؤل عمّا إذا كانت هناك جهود متعمّدة لتدمير نظام التعليم الفلسطينيّ بشكل شامل، وهو عمل يُعرف باسم "قتل المدارس"". ولكن بحلول الأسبوع الماضي، تعرّض أكثر من 85٪ من تلك المدارس إلى لأضرار أو الدمار، وفقًا لدراسة أجرتها مجموعة التعليم، بناءً على صور الأقمار الصناعيّة. وقالت إنّ أكثر من ثلثي مدارس غزّة ستحتاج إمّا إلى إعادة البناء من الألف إلى الياء، أو إلى إصلاحات واسعة النطاق قبل أن يتم استخدام مبانيها بأمان مرّة أخرى. وقد وجدت الدراسة التي أجرتها مجموعة التعليم أنّ أكثر من 320 مبنى مدرسيًّا استُخدمت كملاجئ للنازحين من غزّة، وأنّ أكثر من نصفها تعرض إلى ضربات مباشرة أو لحقت بها أضرار جسيمة بسبب الانفجارات القريبة. وأضافت أنّ "هذه الهجمات ليست حوادث معزولة"، و"أنّهم يقدّمون نمطًا ممنهجًا من العنف يهدف إلى تفكيك أساس المجتمع الفلسطينيّ". يُذكر أنّ سبعة أشهر من الحرب على غزة أثّرت كلّ مستويات التعليم هناك، وتعرّضت أكثر من 80٪ من مدارسها إلى أضرار جسيمة أو دمرت بسبب القتال، وفقًا للأمم المتّحدة، بما في ذلك جامعاتها الـ12. وقد دفع ذلك وزارة التربية والتعليم الفلسطينيّة وأكثر من عشرين مسؤولًا في الأمم المتّحدة، إلى اتهام الاحتلال بنمط متعمّد لاستهداف المرافق التعليميّة، بحسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيّة.  

مدرّسو الثانويّ يحتجّون ضدّ الملاحقة القضائيّة لأعضاء مجالس التربية في تونس

عبّر مدرّسو المرحلة الثانويّة في معاهد تونس كافّة، أمس الاثنين، عن تمسّكهم باستقلالية قرارات مجالس التربية، مطالبين خلال وقفة احتجاجية نفّذوها في كامل محافظات البلاد، باستقلاليّة قرارات مجالس التربية في تونس، وهي التي تتولّى تنظيم الحياة المدرسيّة. وأعرب أساتذة المرحلة الثانويّة عن رفضهم أي تدخّل في قرارات مجالس التربية والأقسام، بسبب دعوة أعضاء مجلس مؤسّسة تربويّة في محافظة سوسة إلى المثول أمام القضاء للتحقيق معهم، بعد اتخاذهم قرارًا بإحالة تلاميذ قاموا بالغشّ في الامتحانات على مجلس التأديب. ومجالس الأقسام هي هيئات تأديبيّة تتشكّل من مجلس التربية، الذي يمكن في الحالات الاستثنائيّة التي يقدّرها المدير، أن يتحوّل إلى مجلس تأديب، وتنعقد اجتماعاتهما عند حضور أغلبيّة الأعضاء، وفق القوانين المنظّمة للحياة المدرسيّة في تونس. والأسبوع الماضي، دعت فرقة أمنيّة مختصّة في البحث في جرائم العنف ضدّ المرأة والطفل، إطارات تربويّة من بينهم مدير لمدرسة إعداديّة وقيمان وثلاثة أعضاء بمجلس التربية، للمثول لسماعهم كمشتكى عليهم في قضية عدليّة ضدّهم، بعد أن اشتكاهم ولي تلميذة يعمل في سلك القضاء، بعد أن أقدمت هذه الأخيرة على الغشّ في الامتحان، وإحالتها على مجلس التربية. وقال كاتب عام الجامعة العامّة للتعليم الثانويّ، محمّد الصافي، إنّ "الجامعة دعت، منذ الجمعة الماضي، منظوريها إلى تنفيذ وقفة احتجاجيّة دفاعًا عن استقلاليّة قرارات مجالس التربية في تونس في تنفيذ التدابير التأديبيّة داخل مؤسّسات التعليم التي ينظمها قانون الحياة المدرسيّة". ووفق القوانين المنظّمة للحياة التربويّة في تونس يعمل مجلس التربية "على حسن سير المؤسّسة التربويّة، ويضمن حقّ التلميذ، ولا يتسنّى له القيام بهذه الرسالة إلّا متى توفّرت له الأدوات الضرورية لذلك، والمعتمدة على الوسائل التربويّة أساسًا، كالإقناع والحوار، وعند الاقتضاء يجري اللجوء إلى الوسائل الردعيّة بالنسبة إلى من لم تنفع معه الوسائل التربويّة العاديّة".  

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

التدخّلات النفسيّة مع جروح الأطفال غير المرئيّة في الحروب
التعليم هو الحلّ الأعظم لأكبر المعضلات التي تواجه البشريّة، والأمل لتحقيق النموّ في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، تابع القراءة
التهجير وفقدان الفرص التعليميّة: تحدّيات دعم الطلّاب المهجَّرين في الدول المضيفة
يعدّ موضوع التهجير وفقدان الفرص التعليميّة في زمن الحرب، من الموضوعات التي تستحقّ الاهتمام والتفكير العميق. تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

أصداء الدردشة:صنّاع العقول ومحو الذكريات.. المعلّمون يكشفون عن تجاربهم الصعبة والمؤثّرة
أصداء الدردشة قراءات في سؤال من أسئلة قسم الدردشة في منهجيّات، تختار فيها هيئة التحرير سؤالًا من نسخة من نسخ الدردشة في المجلّة، بناءً عل... تابع القراءة
بناء ثقافة الاحترام الإيجابيّ غير المشروط
اسأل أيّ مدير عن سلامة الطلّاب، وسيقرّ بمدى أهمّيّتها. ومع ذلك، بين الصراعات الأخيرة في الخارج، والعنف القريب من الوطن، تابع القراءة

الندوة القادمة

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: التعليم في فلسطين من وجهة نظر المعلّمين.. ثقافة المواجهة والأمل

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيّار/ مايو 2024، بعنوان: "التعليم في فلسطين من وجهة نظر المعلّمين: ثقافة المواجهة والأمل". وهي الندوة الثانية ضمن سلسلة ندوات تعقدها منهجيّات تحت عنوان: "علّمتنا غزّة"، وركّزت هذه الندوة على ثلاثة محاور، وهي: 1. دور المعلّم في مواجهة الاستعمار الاستيطانيّ. 2. الوعي المجتمعيّ والأهليّ ودوره في دعم المعلّمين. 3. تجارب تعليميّة في زمن الإبادة. استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، وهم: د. جميلة محمود شنان أستاذة علم الاجتماع التربويّ والاختصاصيّة بدور التعلّم في التحرّر؛ ود. مريم محمد صالح حثناوي من فلسطين، المشرفة التربويّة في وزارة التربية والتعليم ونائب رئيس مؤسّسة مجتمعات محليّة؛ ود. محمد الرزّي، أكاديميّ وتربويّ من غزّة، أستاذ محاضر في قسم دراسات الطفولة في جامعة بريستول بريطانيا، وعمل سابقًا في مبادرات الدعم التعليميّ، ومشروع سينما الطفل في غزّة. أدارت الندوة د. نضال الحاج سليمان، الباحثة الأكاديمية في علم الاجتماع التربويّ، وبدأت الندوة بالترحيب بالزملاء المشاركين من قطاع غزّة عبر المداخلات المسجلة، وهم: د. محمد عوض شبير، أكاديميّ مختصّ بالإدارة التربويّة، ومشرف في جامعة الأقصى؛ وميسون أبو موسى، مختصّة بتدريس العلوم الحياتيّة. وأسماء مصطفى، معلّمة لغة إنجليزيّة وباحثة تربويّة. في البداية، عرّفت د. الحاج سليمان بمنهجيّات، المجلة التربويّة الإلكترونيّة الدوريّة ذات الطبيعة التفاعليّة، وبمنصّتها التربويّة التي تتفاعل فيها الأفكار، والمعارف، والتجارب، والمبادرات التربويّة الخلاقة، وتسهم في الارتقاء في التعليم في العالم العربيّ من خلال حوار نقدي يشجع على التساؤل، والخيال، والابتكار. تعمل منهجيّات على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا للأفراد والمؤسّسات. وأشارت د. نضال إلى حلول ذكرى النكبة المستمرّة منذ سنة 1948م، والاستعمار الاستيطانيّ في فلسطين، والأحداث الأخيرة في غزّة، والتي تستهدف البلاد والأرواح والتاريخ، والتعليم بكلّ مظاهره وأركانه. مركّزة على ما نواجهه من معركة الوعي والحرية، وعلى أنّ الفكرة والكلمة والمناصرة أدوات في معركة التحرّر. وأنّنا كمجتمع تربويّ عربيّ أمام فرصة لنستقي دروسًا من زملائنا المعلّمين في فلسطين، ونساندهم، ونعبر من خلال تجاربهم إلى ضفّة التعليم النقدي والتحرّر الإنسانيّ الكامل.   المحور الأول: دور المعلّم في مواجهة الاستعمار الاستيطانيّ بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من المعلّمة ميسون أبو موسى في فلسطين، تحدثت فيها على دور المعلّم الفلسطينيّ في ظلّ الإبادة الحاليّة، وأشارت إلى صعوبة الأمر في بداية الحرب في ظلّ اتّساع النزوح والهجرة، وارتفاع أعداد الشهداء؛ ففي بداية الأمر وقف المعلّم مكتوف اليدين عالقًا بين الحرب والقصف من جهة، واستخدام المدارس كمراكز للإيواء، واستعمال الأدوات المدرسيّة وقودًا للطهو. لكن هذا لم يمنع بعض المعلّمين من القيام بمبادرات فرديّة بجمع بعض الطلاب في مخيّمات اللجوء، وتدريسهم بعض المفاهيم الأساسيّة كقواعد اللغة العربيّة، والإنجليزيّة، وتسميع آيات القرآن الكريم، وتفسير بعض الأحاديث النبوية، واستخدام الفنّ كنوع من التفريغ الانفعاليّ للأطفال. من غير أن ننسى عن دور المؤسسات الخاصة التي قدّمت مساعدات. كما أشارت إلى دورها كمعلّمة باستغلال أوقات فراغها في تصميم أوراق العمل، في ظلّ الظروف الصعبة كانقطاع الكهرباء، وصعوبة شحن الحاسب النقّال. وإلى تصوّر إستراتيجيّات تعلّم معيّنة، ومحاولة تنفيذها وهميًّا في خيالها لبعض الدروس قدر الإمكان.   كيف يتمكن المعلّم الفلسطينيّ من إنتاج أدوات الصمود وبناء الأمل والإصرار في ظل الاحتلال وحرب الإبادة؟ أجاب د. محمد على هذا السؤال بوجود عدّة أدوات تمثّل الصمود الفلسطينيّ في موضوع التعليم، وهناك شواهد من التاريخ وما يحدث في قطاع غزّة، ومنها الإصرار على البقاء والحياة، والإصرار على التعليم، والمحافظة على السرديّة الوطنيّة، والانخراط في التعليم الرسميّ وغير الرسميّ، مستشهدًا بما قالته أ. ميسون حول المبادرات الفرديّة للمعلّمين. وأشار إلى محاولات المعلّمين الحفاظ على رسالتهم التعليميّة، وإلى ما يتعرّض إليه المعلّمون من ضغوطات سياسيّة مباشرة وغير مباشرة، وإلى أن المضيّقات الحياتيّة التي على كواهلهم لا تمنعهم من الحفاظ على رسالتهم في القيام بمهنة التعليم.   ما أهمّيّة استهداف الاحتلال كلّ أركان التعليم في غزّة؟ أجابت د. جميلة على هذا السؤال باستعراض تاريخ الاستعمار، وقدّمت أمثلة من تجارب الولايات المتّحدة، والاستعمار الصهيونيّ، والاحتلال العسكريّ في الضفة. وتابعت بأنّ الاستعمار يبدأ دائمًا بالمدارس، باعتبارها المؤسّسة الوحيدة الرسميّة التي تعمل كمنبر للثقافة، حيث السيطرة على المدارس تمثّل السيطرة على الفكر. وأضافت أنه لا توجد وسيلة لمواجهة الاحتلال غير التعليم، بمفاهيمه الموسّعة وليس المدرسة كمؤسّسة، كتعليم وتعلّم، ومعرفة البشر. واستشهدت بما قالته أ. ميسون عن اختيار قواعد اللغة العربيّة، والإنجليزيّة، وتسميع آيات القرآن الكريم، وتفسير بعض الأحاديث النبوية موادّ تعليميّة في ظلّ ظروف طارئة، لأن المعلّم هو من يقرر ما هو أساسيّ للتعليم، ما يتيح له السرد والتعبير عن الإرث الثقافيّ، وعن القضيّة الفلسطينيّة، وما يمرّون به من مصاعب.   ما الدور المجتمعي للمعلّم والمعلّمة الفلسطينيّين خارج إطار التعليم النظاميّ الرسميّ؟ أجابت د. مريم عن هذا السؤال بأنّ المعلّم الفلسطينيّ جزء لا يتجزّأ من الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة، فقد قاد حركات أدبيّة وثقافيّة من شعراء وكتّاب، وحمل راية التوعية والتثقيف في قضايا المواطنة والحقوق في ظلّ غياب الدولة. وأضافت أنّ المعلّم يقوم بعدّة أدوار فعليّة إلى جانب دوره التدريسيّ؛ ممّا أضاف عليه مزيدًا من الأعباء. وقدّمت أمثلة من الواقع لأدوار المعلّم، ومنها: تقديم الدعم المعنويّ والحماية للطلّاب داخل قاعات المدارس أثناء الامتحانات الثانويّة، إلى جانب التعليم الشعبيّ كتقديم التفريغ النفسيّ للأطفال واللعب معهم في المراكز الموجودة داخل الحارات. ذلك فضلًا عن دور المعلّم في إثارة الوعي الوطنيّ والمجتمعيّ في ظلّ حرب الإبادة، وتعزيزه الهويّة الفلسطينيّة والانتماء إلى الوطن والتعريف بتاريخ فلسطين وثقافتها. وبعد أحداث السابع من أكتوبر، قدّم المعلّم الدعم والأنشطة الإنسانيّة والإغاثيّة وأشرف على دور الإيواء، وعزّز القيم الإنسانيّة والتعايش. فالمعلّم هو الشريك الإنسانيّ في بناء المجتمع، ودوره مهمّ ومحوريّ في تحقيق الأمل، على رغم ما يعيشه من تحدّيات وحروب.   المحور الثاني: الوعي المجتمعيّ والأهليّ ودوره في دعم المعلّمين بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من د. محمد عوض شبير من غزّة، تحدّث فيها على أهمّيّة التدخّلات التي تحدث في مراكز الإيواء، واستعادة التعافي التعليميّ من خلال تقديم جرعات تعليميّة تربويّة في الموادّ والمهارات الأساسيّة، من المؤسّسات الرسميّة، وغير الرسميّة، والمتطوّعين، والخرّيجين. وأشار إلى تأثير هذه التدخّلات بأحداثها حراكًا داخل مراكز النزوح، واستجابة عالية من الأطفال والأهالي لحرصهم الكبير على التعليم، وتعويض ما فات على مدار سنة تعليميّة كاملة.   كيف يتشكّل الوعي النقديّ الوطنيّ والاجتماعيّ لدى المعلّم كي يتمكّن من القيام بهذا الدور المهمّ، وكيف ينعكس هذا الوعي على الطلاب؟ أجابت د. جميلة عن هذا السؤال بتشكّل الوعي لدى المعلّم في أوضاع مثل وضع الاحتلال، عندما تصبح المدرسة إحدى ساحات المعارك التي تدور فيها محاولات الاحتلال، والدفاع عنها، وأشارت إلى أنّ المدرّس يتأثّر بهذا الهجوم جسديًّا وماديًّا؛ فالهجوم يكون على المؤسّسة التعليميّة والسيرورة التعليميّة، وقدّمت أمثلة، مثل: الامتناع عن استيراد الكتب، ومنع المعلّمين من حضور المؤتمرات، وقصف الجامعات. كما طرحت سؤالًا مهمًّا: ما الذي يتعلّمه الطفل الفلسطينيّ عن دوره في الحياة؟ وقالت إن الإجابة عن هذا السؤال تتطلّب ضرورة مناقشة المعلّمين المناهج التي يجب أن يتعلّمها الأطفال؛ إذ إنّ المناهج الحاليّة مموّلة ومفروضة من قِبل الاحتلال. وأكدّت على ممارسة الاحتلال الضغوط السياسيّة، وعلى التعسّر في تقديم تمويل ماليّ للمؤسّسات الفلسطينيّة التي ترفض هذه التدخّلات المفروضة. وأشارت إلى أنّ المناهج الحاليّة تمنع الطلاب من فهم ما يحدث حولهم في فلسطين، وتحديدًا في غزّة، أو تخيّل مستقبلهم. فالاستعمار يجرّد المفهوم التربويّ من بُعديّه السياسيّ والإنسانيّ، ويقلّل حجم المساحات التربويّة "التحرريّة" فتنحصر في بعض الممارسات، ضمن منظار مجتمعيّ عريض ينطبق على المستعمِر ولا يصلح لأهل فلسطين.   ما دور المعلّمين في هذا السياق، وما الذي يحتاج إليه المعلّمون للقيام بهذا الدور، وما دور المجتمع العربيّ والعالميّ والمناصرين للحقّ الفلسطينيّ؟ أجاب د. محمد عن هذا السؤال بأنّ دور المعلّم مركزيّ، وينبع ذلك من مركزيّة التعليم ودوره في المجتمع الفلسطينيّ، وتحديدًا في مراكز اللاجئين. فالتعليم هو القيمة التي يحملها الإنسان، وإن ضاقت به سُبل العيش. وعليه، يولي المجتمع الفلسطينيّ قيمة مهمّة للتعليم، ويظهر ذلك في معدّل تسجيل الفلسطينيّين في المدارس، والجامعات. وهذا ينعكس إيجابيًّا على صورة المعلّم في المجتمع الفلسطينيّ. وأضاف بأنّ المعلّم ذو قيمة في المجتمع الفلسطينيّ نظرًا إلى دوره التعليمي، وهو يحافظ على الرفاه النفسيّ والاجتماعيّ للطلّاب، كما يساعد في قيادة عمليّات توزيع المعونات وإدارة مراكز اللجوء، وتوفير الحاجات الأساسيّة، وينبع ذلك من سلطته الأخلاقيّة على رغم محاولات التهميش وسيطرة الاحتلال على طريقة تفكير المعلّم. ويتّفق د. محمّد مع ما قالته د. جميلة حول التمويل والأجندة المفروضة على المعلّمين، سواء أكانت من منظّمة الأونروا أو المؤسّسة الرسميّة والتعليم الحكوميّ، وعلى أنّ تلك الأجندة قائمة على حقوق الطفل والإنسان من دون أن ندرك أو نفهم ما الذي تعنيه حقوق الإنسان والطفل في السياق الفلسطينيّ؛ فالحرب والإبادة الحاليّة تهدم الإيمان بمنظومة الحقوق ومعناها الحقيقيّ.  وفي الأخير أشار إلى أهمّيّة دور المعلّم في العودة إلى الحالة الطبيعيّة – وهي نسبيّة – في ظلّ الحرب القاسية التي يعيشها الفلسطينيّون. ثمّ عُرضت مداخلة من المعلّمة أسماء مصطفى من غزّة، تحدّثت على ما يتعرّض إليه الأطفال الفلسطينيّون من سلب لأبسط حقوقهم، وهو تلقّي التعليم والتعلّم داخل المدارس التي أصبحت مراكز إيواء، ونصفها الأخر مدمّر جزئيًّا أو بالكامل. وحكت تجربتها في نزوحها الأوّل إلى وسط قطاع غزّة، والثاني إلى شرق رفح، وإقامتها في المكتبة المدرسيّة المليئة بالكتب والقصص؛ حيث قامت بتقسيم الكتب حسب الفئة العمريّة والدراسيّة للطلّاب، وبدأت بتنفيذ أولى جلساتها التعليميّة مع الأطفال بالحكاية. وعلى رغم تغيّر مكان نزوحها الرابع، إلّا أنّ ذلك لم يمنعها من الاستمرار، فقد اشترت الكتب والقصص، وقدّمت أنشطة تصحبها مناقشات عن الدروس المستفادة، ونظّمت أنشطة تلعيب فرديّة وجماعيّة، وأنشطة رسم وتلوين، ومسابقات ثقافيّة، وأناشيد تراثيّة. كان هدفها الأوّل والأساسيّ تعليم الطفل قيمة حياتيّة، وتعزيز سلوكيّات معيّنة، ومحاولة التخفيف عنهم وسط ما يحدث من قصف ودمار.   من يدعم المعلّم في فلسطين؟ من يعطيه القوة المعنويّة للصمود؟ أجابت د. مريم عن هذا السؤال بأنّه لا بدّ للمعلّم من أن يبدأ بنفسه، فقد شكّل الصفوف بنفسه. واستشهدت بمبادرة المعلّمة أسماء كتوفير وسائل تعليميّة خلقت استراتيجيّات ملائمة تواكب الوضع الراهن، ومناسبة للفئة العمريّة للطلّاب. وأشارت إلى الجهود الرسميّة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي المتمثّلة في التدريب، والمساعدة، والتطوّر المهنيّ والدعم. ودور مؤسّسات المجتمع المدنيّ في تنظيم الورش ودعم مبادرات المعلّمين، وتنظيم الفاعليّات، والتدريب وتعزيز مواردهم. فضلًا عن دور المجتمع المحليّ وأولياء الأمور، وتواصلهم مع المعلّمين، وتشجيعهم ورفع معنويّاتهم، ومساعدة المعلّمين والطلّاب على مساءلة المسؤولين عن التعليم في ظلّ الظروف الحاليّة.   المحور الثالث: تجارب تعليميّة في زمن الإبادة. بدأ هذا المحور باستضافة مداخلة من د. محمد عوض شبير من غزّة، يقدّم فيها رسالة إلى الطلّاب الفلسطينيّين بضرورة تماسكهم في هذه الأجواء الصعبة، وما يعيشونه من معاناة، وأن المعلّمين سيكونون أوفياء لحقّ الطلّاب في التعليم؛ فالتعليم حقّ لكلّ طفل وللأجيال القادمة. وقدّم تحيّة لأولياء الأمور الحريصين على أن يتلقّى أطفالهم التعليم، والمعارف، والمهارات، والمعلومات، ويحاربون على رغم المعاناة من أجل الحصول على حقّهم في التعليم، بإحضارهم إلى مراكز النزوح والإيواء لتلقّي التعلّم. كما قدّم رسالة إلى كلّ المعلّمين حول العالم، بأنّنا شركاء ونحمل رسالة التعليم، وهي رسالة إنسانيّة من الدرجة الأولى، وعليهم أن يكونوا صوت المعلّمين والأطفال في فلسطين، كيّ يوقظوا ضمير العالم، لأنّ هناك شعبًا يتعرّض إلى الإبادة من قِبل آلة الحرب المسعورة التي لا ترحم أحدًا، والتي أبادت التعليم. وأنهى مداخلته بتمنيّاته لكلّ أطفال العالم العيش في أمان وسلام. ثم عُرضت مداخلة من المعلّمة أسماء مصطفى من غزّة، أعربت فيها عن رغبتها في تقديم كلّ ما في وسعها لمساعدة الطفل الفلسطينيّ، وعن إيمانها بالطفل الفلسطينيّ ومستقبله. وأنّها تؤمن بدورها كمعلّمة في ظلّ الحرب بتقديم إسعاف أوليّ لقطاع التعليم. وتمنّت انتهاء هذه الأزمة عن قريب، وعودة التعليم إلى أفضل حال. علّقت د. جميلة على هذه المداخلات قائلة: لا يقتصر دور المعلّم الفلسطينيّ على تعليم "موادّ" منهجيّة فحسب؛ بل هو يعلم الحياة لأطفال فلسطين. ولا بد لكلّ المعلّمين حول العالم من تقدير دور المعلّم الفلسطينيّ، وما يقوم به من محاولات دعم الأطفال في فلسطين، وتخفيف معاناتهم. وأشارت إلى أنّ هذا الإيمان الإنسانيّ للمعلّم الفلسطينيّ له دور مهمّ وأساسي، تمكن من خلاله إعادة أحياء ثقافة التربية التي تؤدّي إلى خلق شعب حرّ. أضاف د. محمد بأنّه من المهم إلقاء الضوء على التعليم المقاوم التحرّريّ، وهو الذي يهدف إلى التخلّص من الاحتلال وسلطته المباشرة وغير المباشرة، وأدواته. وتابع بأهميّته في التعليم الفلسطينيّ، فقد مرّ هذا الشعب بالكثير منذ الاحتلال، فلا بدّ للتعليم من أن يكون وسيلة خلّاقة للنظر إلى مستقبل ما بعد الاحتلال. فالنظرة التحرّريّة للمعلّمين في فلسطين تتطلّع إلى المستقبل، وتتمثّل في معاني الأمل، والصمود، والحقوق فجميعها ذات صلّة وثيقة تتعدّى وجود الاحتلال. وتابع بأنّ هناك طرائق للتعليم المقاوم التحرّريّ في السياق الفلسطينيّ، ومنها: قدرة المعلّمين على جمع الشتات الفلسطينيّ. وعلى رغم بناء أنظمة تعليمية بالتوازي، في كافة أماكن التواجد الفلسطينيّ، والتي تذهب إلى توجّهات مختلفة، إلّا أنّها في الأخير متمركزة حول الحقّ الفلسطينيّ، والحقّ في العودة، والحقّ في تقرير المصير. وأكّد ختامًا على ضرورة التعليم الشعبيّ. في سياقٍ متّصل، أشارت د. مريم إلى مبادرة قامت بها جمعيّة مجتمعات محلّيّة في تشرين الثاني / نوفمبر من العام المنصرم، في مدينة جنين الفلسطينيّة، أثناء احتلال المدارس: فقد عقدت لقاءات وتدخّلات لمساعدة الإدارات المدرسيّة والمعلّمين على مواجهة الأزمات وحالات الخطر (ظواهر طبيعيّة أو ناتجة عن الإنسان، أو اجتياحات مدن من قِبل الاحتلال). كما أنّ مركز إبداع المعلّم قدّم العديد من مبادرات الدعم النفسيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ في غزّة. وختمت كلامها بأنّ الجميع يحاول أن يقدّم كلّ المساعدات الممكنة.   أسئلة الجمهور حول مثال تجربة المربيّ الجزائريّ عبد الحميد بن باديس، وأهمّيّة الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة في العالم، علّقت د. جميلة بأنّ هناك بعض الجامعات داخل فلسطين قدّمت مبادرات تعليم إلكترونيّة، وتبحث عن متطوّعين للتدريس. وأشارت إلى أنّ هذه المبادرات تُعدّ فرّصة لتواصل طلّاب غزّة الجامعيّين مع العالم من حولهم، وتنادي بالمشاركة في هذا التواصل وضرورة التطوّع. وحول مستقبل التعليم في غزّة مع تمويله من جهات غربيّة أو منظّمات حكوميّة، وكيف سيتحقّق التعلّم التحرّريّ في ظلّ ذلك؟ أجاب د. محمد بأنّ التعليم الفلسطينيّ في ظلّ اتّفاقيّة أوسلو كانت مناهجه مرتبطة بإرادة المموّل، كما أنّ هذه المناهج لم يتمّ تحديثها مطلقًا، وعزا ذلك إلى ارتباط التعليم بأكمله بالمموّل الدوليّ، فضلًا عن غياب السيادة الفلسطينيّة، ووجود حالة من الفساد. ويمكن مستقبلًا التفكير في روافد عربيّة أو إقليميّة أو فلسطينيّة، سواء من رجال أعمال أو خيرييّن، وذلك سيمثّل استقلالًا وطنيًا.   واختُتِمت الندوة برسالة من الأستاذة أسماء مصطفى لطلبتها. 

ندوة: مبادرة التشبيك بين مدارس تجمّع تمام في الأردن.. شراكة مهنيّة لتطوير تعليم اللغة العربيّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر نيسان/ أبريل 2024، بعنوان "مبادرة التشبيك بين مدارس تجمّع تمام في الأردن: شراكة مهنيّة لتطوير تعليم اللغة العربيّة". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مبادرة التشبيك: انطلاقتها، الآليّة التي اتُّبعت والعوامل المرافقة. 2. تفعيل الأدوار لتحقّق عناصر مبادرة التشبيك. 3. نتائج أوليّة من مبادرة التشبيك.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُمّ: أ. رولا عبد الحميد، المديرة الأكاديميّة لمدرسة البيان في الأردن؛ أ. ديانا قموة، عضو مؤسّس لتجمّع تمام في الأردن ومنسّقة هذا التجمّع، وعضو في لجنة تمام الاستشاريّة، ومستشارة أكاديميّة لمدارس العصريّة؛ أ. فاتن الزيادات؛ عضو في فريق تمام القياديّ، وعضو في تجمّع تمام في الأردن، ومُستشارة تربويّة؛ أ. يسري الأمير، رئيس تحرير مجلّة منهجيّات ومستشار تربويّ من لبنان. أدارت الندوة أ. رولا القاطرجي، المنسّقة العامّة لمشروع تمام، ومصمّمة لبرامجه، ومدرّبة استشاريّة وعضو في الفريق الموجّه لمشروع تمام، لبنان. وافتتحت الندوة بتقديم منهجيّات وهي مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجهة لكل العاملين في القطاع التربوي في السياق المجتمعي. تعمل المجلة على نشر المساهمات العربية والعالمية المثرية والملهمة دوريّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعددة، وتتابع المستجدات في الحقل، وتشجع الحوار الذي يثري التجربة التربوية في العالم العربي، ويجعل منها مصدرًا إنسانيّا ومعرفيّا قيّمًا للأفراد والمؤسسات. ودعت جمهور الندوة بمتابعتها والمُشاركة في أقسامها. وعرّفت بشبكة تمام المهنيّة؛ شبكة يقودها باحثون إجرائيّون بالشراكة مع تربويّين على المستويات المُختلفة، من مُمارسين في المدارس، وباحثين، وصانعي سياسات من أكثر من تسعة بلدان عربيّة. والرؤية التي تجمع هؤلاء المُمارسين هي التطوير والتحسين لتناول قضايا تربويّة ليسَ فقط على مستوى المدارس، إنّما على مستوى النظام التربويّ ككلّ. وأشارت أ. القاطرجي إلى أنّ هذه الندوة نُظّمت بين منهجيّات ومشروع تمام، التطوير المُستند إلى المدرسة، في كلّيّة التربية في الجامعة الأمريكيّة في بيروت، لتسليط الضوء على مبادرة فريدة من نوعها في العالم العربيّ، وهي مبادرة تشبيك طوعية بين خمس مدارس منتمية إلى تجمّع تمام في الأردن كجزء من شبكة تمام المهنيّة. كما ذكرت أنّه مع بداية المبادرة سنة 2019، انخرط فيها أكثر من 120 تربويًّا وباحثًا إجرائيًّا، واستهدفت أكثر من 1700 طالب في صفوف المدارس المُشاركة. وأوضحت أ. القاطرجي أنّ المُبادرة تُسمّى ضمن الأدبيّات العالميّة بالتعاون بين المدارس، أو بـِ "Interschool collaboration"، بما يدلّ على التشبيك والتعاون على مستوى مؤسّساتيّ بين المدارس. وذكرت أنّ أعضاء فرق قياديّة في المدارس الخمس قرّروا، في بداية سنة 2019، وبعد عدّة جلسات عصف ذهنيّ واجتماعات، التعاون طوعيًّا على مشروع تطوير مرتبط بقضيّة وجدوها محوريّة، هي تحسين تعليم اللغة العربيّة. واتّفقوا على أنّ هذه القضيّة التربويّة ما زالت تعاني ضعفًا بحسب تقارير ودراسات حديثة، وبالتالي تحتاج إلى تضافر الجهود لإيجاد حلول عمليّة وعميقة لها. وأشارت إلى أنّ الفريق الموجّه في تمام، وبناءً على هذا الحماس في النقاش وجدّيّة المتطوّعات، رأى أنّه من الضروريّ الدخول في هذه التجربة، لمرافقة المتطوّعات وتقديم الدعم اللازم، كما رفد التجربة بالدراسات والبحوث اللازمة.   المحور الأوّل: مبادرة التشبيك: انطلاقتها، الآليّة التي اتُّبعت والعوامل المرافقة كيف انطلقت مبادرة التشبيك؟ وما الدوافع الرئيسة لهذه الانطلاقة؟ أجابت أ. قموة على هذا السؤال، بسرد قصّة انخراط المدرسة العصريّة في مشروع تمام سنة 2008، إذ بدأ في حينه مشروعًا لتعزيز البحث الإجرائيّ، للتأكّد من نجاح عمل كوادر المدارس التربويّة مع الطلبة. ومن مشروع للبحث الإجرائيّ، أصبح مشروع تمام وسيلة رئيسة لعمليّة التطوير في أيّ مؤسّسة تربويّة تتبنّى مقاربة المشروع. وفي ملتقيات تمام السابقة، كانت هناك جلسات تُناقش كيفيّة نقل التجربة والخبرة إلى أقسام ومدارس خارج مدرستنا، من أجل مدّ الأثر بمشروع تطويريّ يستندُ إلى المدرسة، وبالتالي تشجيع المعلّمين ليكونوا قادة التغيير، وتوفير الأدوات والوسائل لتمكينهم. وأضافت أ. قموة أنّه من هُنا، عُمّمت الفكرة على مجموعة مدارس صديقة، ولاقت ترحيبًا، وهكذا كانت البداية. وتجلّت بالتقاء الفريق الموجّه لتمام في الأردن بإشراف د. ريما كرامي عكّاري، مديرة مشروع تمام وباحثته الرئيسة، كانت فكرة هذا اللقاء الأساسيّة، هي: كيف نصنع التشبيك؟ فاجتمعت المدارس ووضعت نظامًا داخليًّا بسيطًا، شكّل أساسًا لهذا التجمّع الذي انضمّت إليه مدارس عديدة، ولكنّه استمرّ بخمس مدارس فاعلة.   ما الآليّة التي اتُّبعت ضمن مبادرة التشبيك للعمل على هذا المشروع التطويريّ؟ داخلت أ. الزيادات أنّه خلال عمليّة التشبيك، قرّرت المدارس أنّ تتبنّى رحلة تمام في الأردن، واعتماد هذه المحطّات كآليّة للمشروع، ومن ثمّ العمل على الحاجات التطويريّة، والتي انبثقت منها حاجة تطويريّة مُشتركة، مُعتمدين في تحديد ذلك على الاستقصاء، ودورات البحث الإجرائيّة. وأشارت أ. الزيادات إلى أنّ فريق التشبيك خلال رحلته، تدرّب وأتقن الكثير من كفايات تمام، كالاستقصاء المُرتبط بالبحث الإجرائيّ، والقرارات المُستندة إلى البيانات والأدلّة، والقرارات المبنيّة على الحاجات، والحوار والمُمارسة التفكّريّة، وتعديل التخطيط أثناء التنفيذ بناءً على المتابعة، والقيادة التشاركيّة للتطوير المستمرّ، والتعاون المهنيّ، والممارسة المنفتحة، والتعلّم بالتجريب ومن صُلب الممارسة، والرعاية المهنيّة، وتوثيق كلّ هذه الممارسات. كما أشارت أ. الزيادات إلى أنّ المُشاركين انخرطوا في تدريبات عديدة، إمّا عن طريق زووم أو بلقاءات مُباشرة، لوضع رؤية عامّة للحاجة التطويريّة، وتمكّنوا بعد ذلك من التخطيط التعاونيّ المشترك والتوفيق والتآلف بين الآراء، محاولين الاستفادة من التجارب والخبرات في كلّ مدرسة، ومأسستها داخلها. وأشارت إلى أهمّ ما كان يميّز هذه التجربة، إلى أنّ الباحثين الإجرائيّين كانوا يرافقوننا ويقدّمون الدعم عند الحاجة. وبعد الوصول إلى الغاية التطويريّة، قمنا بوضع الخطط العمليّة مُحدّدين الإجراءات والبُعد الزمنيّ ومواعيد اللقاءات وملامح متعلّم اللغة العربيّة، مع وعي بالاهتمام بالتجارب الناجحة في كلّ مدرسة، بحيث تحافظ على خصوصيّتها، مع الانفتاح على تجارب المدارس الأُخرى، وهو ما نسمّيه في تمام بالمُجتمع المهنيّ. وهُنا، داخلت أ. القاطرجي أنّ رحلة تمام وكفاياتها، شكّلت بوصلة العمل للمدارس وللفرق القياديّة خلال التشبيك، وتحسين تعليم اللغة العربيّة. والحقيقة أنّ الرحلة والكفايات جزء من برنامج تمام لبناء القدرات القياديّة، إذ نعمل بهِ مع كلّ مدرسة على حدةٍ، ولكنّ المميّز في تجمّع تمام في الأردن أنّ المدارس جميعها عملت على هذه الرحلة. كما أشارت إلى دور الفريق الموجّه في تمام، والذي كان مهمًّا وضروريًّا في هذه الرحلة، خصوصًا وفاقًا للأدبيّات التي تطرح أنّه من الضروريّ مرافقة ميسّرين خارجيّين للتجربة، ولكنّ المميّز في تجربة تجمّع الأردن هو وضوح دور الميسّر، والذي كان دورًا خلّاقًا وفريدًا من نوعه وغير مذكور ضمن الأدبيّات.   ما مكوّنات مشروع اللغة العربيّة؟ وما التصميم المُعتمَد خلال السنوات الثلاث التي عملت بها مع قادة اللغة العربيّة ومعلّميها؟ وضّح أ. الأمير المشروع بتقسيمهِ إلى طبقتين: التشبيك، وهو أمر هامّ وفريد، موجّهًا التهنئة للمدارس التي خاضت تجربة مميّزة حبّذا لو تنتشر. والطبقة الثانية هي مشروع اللغة العربيّة: اجتمعت المدارس على حاجة تطويريّة في اللغة العربيّة، وكانت مقاربة الموضوع فريدة: إيجاد متعلّم شغوف بتعليم اللغة العربيّة، ما فتح الباب على مجموعة من الأفكار، منها ما يتعلّق بمفهوم المتعلّم الشغوف، ومنها ما يتعلّق إلى كيفيّة الوصول إلى متعلّم شغوف ضمن مادّة يعاني معلّمو العربيّة فيها. وأضاف أ. الأمير أنّ الأمر استلزم مقاربات جديدة لهدف نوعيّ مختلف، فكانت المخيّمات الصيفيّة، والتي اجتمع فيها قادة فرق ومعلّمون من المدارس، وأدارت هذه اللقاءات د. هنادي ديّة، حيث عملوا معًا على تحديد الحاجة وكيفيّة الوصول إليها، وهم أنتجوا السلاسل المتّصلة لقياس كفاءة المتعلّم في اللغة العربيّة ضمن مجالات ثلاثة: القراءة بشقّيها الصوتيّ والفهم، والكتابة مع ما يلحق بها من مهارات نحويّة وإملائيّة، والتعبير بشقّيه الاستماع والتخاطب. وأشار إلى أنّ الملامح المذكورة في السلاسل، انطلقت من ملامح المتعلّم الذي لا يعرف العربيّة، ويتطوّر بها، وهذا غيّر الكثير من الرؤيا في الصفوف إلى كيفيّة مقاربة أوضاع المتعلّمين المُختلفة. وتمّت مقاربة الموضوع، بعد المخيّمات الصيفيّة، وتحديد الحاجات، وإنتاج السلاسل، من خلال وضع خطط للسنوات الأولى والثانية والثالثة. في السنة الأولى كان الهمّ هو العمل المُباشر مع المعلّمات وقادة الفرق، وتدريبهم على استعمال السلاسل، ومناقشة كيفيّة النظر إلى هذه السلاسل ومواءمتها مع العمل في الصفوف والمناهج، إذ كان العمل على بدايات ثلاث مراحل: الصفّ الأوّل والرابع والسادس. وفي السنة الثانية، استمرّ العمل مع القادة والمعلّمات، وكان العمل مع صفوف الثاني والخامس والسابع، وفي هذه المرحلة التي تُشبه سابقتها، باتت المعلّمات أكثر راحةً في استعمال السلاسل؛ يعني إجراء تقييمات في بداية العامّ، ورصد ملامح المتعلّمين، وتحديد موقع كلّ متعلّم في كفاءته، بغضّ النظر عمّا يجري في الصفّ من تدريس لمهارات متعدّدة. وبعد ذلك، وضع خطط تطويريّة، لرفع مستوى الكفاءة. أمّا في السنة الثالثة، ونحنُ في خضمّها الآن، كان تسليم الأمر لقادة الفرق في المدارس. بعد سنتين من العمل المشترك على تدريب المعلّمين، ومراجعة العقبات، ومراجعة الخطط، فصارت الاجتماعات بيني وبين قادة المدارس، والذين باتوا يديرون الاجتماعات مع المعلّمين، وكنتُ استشاريًّا مُستمعًا مُشبّكًا أكثر بينهم وبين الزملاء، وهُم الآن يتولّون الأمر، فكانت سنة الانسحاب التدريجيّ. ما العوامل المؤسّساتيّة والثقافيّة التي توفّرت في المدارس بشكلٍ عامّ لاستمراريّة هذه المبادرة؟ هُنا أجابت أ. عبد الحميد أنّ المدرسة مُنخرطة من زمن في الرحلة التماميّة، وممارسات مهمّة، مثل الرعاية المهنيّة والقرارات المبنيّة على الأدلّة، وعندما جاءت فكرة تمام للتشبيك، كانت هُناك أرضيّة لهذا التشبيك، إذ كانت العلاقة بين المدارس قبل هذا قويّة ومتعاونة، ما ساعد على سرعة الاستجابة للمبادرة، خصوصًا وأنّ المدارس قد استفادت من تجربة تمام، وتُدرك أنّ هذه التجارب مُفيدة، أخذًا بعين الاعتبار أنّ المدارس التماميّة في الأردنّ متطوّرة ومُتجدّدة ذاتيًّا، وتؤمنُ بالتطوّر من القاعدة إلى قمّة الهرم، ما انعكسَ في الاهتمام بالمشروع. وأشارت أ. عبد الحميد إلى أنّ نجاح التشبيك في مدارس الأردن، ارتبط بشكلٍ واضح بانفتاح المدارس، فالكلّ كان لديه هدف تطويريّ يريد تحقيقه، ما أدّى إلى نجاح المشروع وتميّزه، والحقيقة أنّ الفكر التماميّ عزّز فكرة العمل المُشترك من أجل التطوير لا المُنافسة، وهذا دليل على أنّ المدارس مُشبّعة بالكفايات التماميّة. وأضافت أ. القاطرجي أنّ المبادئ المهنيّة المغروسة في المدارس ساعدت على التشبيك واستمراريّته، وأنّ أي نقص سيشكّل عوائق، وقد كانت موجودة، لكن وبالحوار بين الفريق الموجّه والفريق القياديّ، ذُلّلت الصعوبات.   المحور الثاني: تفعيل الأدوار لتحقّق عناصر مبادرة التشبيك. ما كان دورك أ. قموة في مبادرة التشبيك؟ وما النقطة التي تودّين تسليط الضوء عليها في ذلك لإفادة مدارس أُخرى تسعى إلى تنفيذ مبادرة شبيهة؟ ذكرت أ. قموة أنّ كلّ مدرسة في المشروع حافظت على خصوصيّتها، وعلى انفتاحها في الوقت ذاته، وأنّ فكرة الإيجابيّة التي كانت موجودة بين الفرق والإدارات شكّلت أساسًا لهذه المبادرة. ورأت أنّ الأمر الإيجابيّ كان الانفتاح إلى جانب العلاقات الإيجابيّة والأهداف المُشتركة، هذه العناصر شكّلت مصلحة مُشتركة للتطوير والتحسين، مع وضع الطلّاب نُصب أعيننا. وهُنا، أشارت أ. القاطرجي إلى أنّ دور المناضل، والذي قامت بهِ أ. قموة، غير موجود في الأدبيّات، لأنّ المبادرات التي نفّذت في أوروبا أو أمريكا الشماليّة، كانت على مستوى الحكومات أو الوزارات، بالتالي من مستويات أعلى. أمّا مبادرة التشبيك، والتي خرجت طوعيًّا من مدارس خاصّة لا يجمعها إطار، فكان لا بدّ من وجود دور مناضل مثّلته أ. قموة.   كمديرة، ما الدور الذي أدّيته في المدرسة من أجل استمراريّة مبادرة التشبيك؟ تحدّثت أ. عبد الحميد عن الرحلة التماميّة التي خيضت من أجل الوصول إلى الهدف التطويريّ، وهو اللغة العربيّة. وأشارت إلى ضرورة اطّلاع رئيسة القسم المسؤولة على فكرة المشروع، والتي كانت تتحلّى ببعض الكفايات المهمّة لتنفيذ المشروع، وتشكّل لديها شغف من أجل المُشاركة بمشروع يجمع أقسام اللغة العربيّة في المدارس. وأشارت أيضًا إلى أنّ الفريق الموجّه خلال المخيّمات الصيفيّة، أسهم بتعزيز فاعليّة المعلّمات والمعلّمين، بالتالي شَعَرَ المعلّمون بالانتماء إلى هذا المشروع. وأضافت أ. عبد الحميد أنّه وفي مرحلة اللقاءات مع أ. الأمير، بدأ المعلّمون بمرحلة جديدة احتاجت إلى تدخّلات، ولا سيّما مع اللقاءات بعد ساعات التدريس. ومن هُنا، تمثّل دوري بتعديل جدول الحصص، وتخفيف دوامهم، وفي الوقت نفسه، ضمان أنّ أيّام الاجتماعات تكون غير مُرهقة للمعلّمين في المدرسة، كما نسّقت يومًا للاجتماع بينهم. وكإدارة، كنّا نجتمع معهم لمتابعة المشروع، ما أعطى المعلّم شعورًا بأهمّيّة المشروع، وكذلك حافزًا للاستمرار فيه. وكنتُ أسمع معلّمو العربيّة يقولون: "بعد هذه المبادرة، اكتشفنا أنّ همّنا واحد"، ما جعل المعلّمين يمتلكون نظرة أكثر شموليّة حول الموضوع، وحول تحدّياته. ومن جديد، شكّل تكاتف الإدارة مع المعلّم، وتشبيك المعلّم مع معلّم من مدرسة أُخرى، حوافز للمعلّمين المشاركين من أجل الاستمرار والتغلّب على الصعوبات، وتحقيق هدف المشروع.   ماذا كان دورك كاختصاصيّ وكيف استطعت التوليف بين معلّمين يدرّسون مناهج مُختلفة من مدارس مُختلفة؟ أشار أ. الأمير إلى أنّ الخطّة كانت مخيفة نوعًا ما، إذ كانت هناك ثلاثة اجتماعات أسبوعيًّا بعد الدوام المدرسيّ تستمرّ على مدار السنة، اجتماع لكلّ حلقة. وكانت هناك عوامل مختلفة لكيفيّة التعاطي مع معلّمين من مدارس مُختلفة: 1. التغلّب على النزعات التنافسيّة. 2. التغلّب على النزعات الشخصيّة، على غرار سؤال: لماذا أنا كمعلّمة سأجلس ساعتين بعد المدرسة؟ 3. إدراك المعلّمات لكون المشكلة ليست خاصّة بمعلّم أو مدرسة. كان التركيز في الاجتماعات على مفهوم العائلة، وبالتالي كان دوري ميسّرًا للمشروع أكثر من مدرّب له - فالمشروع جديد - إلى جانب أنّ المعلّمين كانوا من متميّزين، والجهد المبذول من قِبل المدارس عليهم مذهل. كان عليّ التقاط الخبرات وتشبيكها معًا، من أجل نتاج ومقاربة جديدين، وهو ما لم يكن سهلًا، خصوصًا في البداية إذ احتجنا إلى تفكيك بعض المُمارسات المعتادة في صفوف العربيّة، ومن ثمّ التأمّل في التجارب التعليميّة بانفتاح أمام الحاضرين/ العائلة، ما خلق تشبيكًا حقيقيًّا، ووحّد لغة المعلّمات، مع الحفاظ على صوت كلّ منهنّ.  وأضاف أ. الأمير، أنّه بعد كلّ هذا، ولتعزيز الممارسة التأمّليّة، عملنا على الإجابة المستمرّة عن سؤالين: لماذا؟ وكيف؟ فمع إجابات هذين السؤالين، نصل إلى أهداف، وبالتالي آليّة تحقيقها. في الختام، تشكّلت مقاربة جديدة تُنتج قادة جددًا ينتجون بدورهم قادة جددًا، فالأساس هو الاستمراريّة في هذا الأسلوب من العمل والتدريب المستمرّ، وأعتقد أنّنا حقّقنا أمرًا مُمتازًا.   ماذا كان دورك أ. الزيادات والذي أدّى إلى استمراريّة العمل بين المدارس ودعمه؟ تحدّثت أ. الزيادات عن شغفها الداخليّ بالقضيّة المُشتركة، وهي إيجاد متعلّم شغوف. ومن هُنا، قامت أ. الزيادات في البحث عن معلّمات لديهنّ شغف شبيه بشغفها، واستقطبت المجموعة ووعّتها بالمشروع، ما أدّى إلى غيرة مهنيّة كانت مهمّة لإعلام الزميلات في المدرسة بالمشروع، إلى درجة وصلت بها كلّ معلّمة إلى أن تكون قائدة حقيقيّة، فاستمرّ العمل بطريقة مُمتازة. وإضافةً إلى كوني عضوةً في تمام، فأنا أفهم مستلزمات التغيير التي تماشت ومستلزمات التغيير في مدرستي. والحقيقة أنّ الغموض كان موجودًا في البدايات، وما لبث أن زال شيئًا فشيئًا بمساعدة الفريق الموجّه في تمام، ما جعلنا أكثر ثقةً وإصرارًا على تحقيق الأهداف. وأضافت أ. الزيادات أنّ هُناك دورًا مهمًّا تمثّل بتخفيف العبء على المعلّمات المُشاركات في المشروع، وإعادة جدولة برنامج الحصص من أجل تقديم الدعم إليهنّ، ومتابعة المشروع والخطط مع المدرّبين، كلّ ذلك مصحوبًا بالمرونة في التعامل مع الإدارة المدرسيّة وإدارة تمام وفريق المعلّمات.   المحور الثالث: نتائج أوليّة من مبادرة التشبيك. ما الأثر الأوّليّ أو النتائج الأوّليّة التي بدأت تظهر من المشروع؟ أجابت أ. قموة أنّ الأثر انعكس في بُعدين: بناء لغة مشتركة بين المعلّمين، وتوصيف دقيق من المعلّمين لمستويات الطلّاب في مهارات اللغة العربيّة. أما بالنسبة إلى الطالب، فبات يعرف أين هو وأين سيكون، وبالتالي بات الطالب شريكًا فعليًّا في عمليّة تعلّمهِ، وأيضًا صارت خطط التطوير وخطط التدخّل واضحة لدى قادة اللغة العربيّة ومعلّماتها. وأمر إيجابيّ آخر، هو أثر المبادرة في المعلّمين الآخرين، والذين باتوا يريدون أن يكونوا جزءًا من عمليّة التطوير والتغيير، وتجربة تمام. أضافت أ. الزيادات أنّه من خلال ملاحظاتها، تكوّن، نتيجةً لهذه المبادرة، مجتمع مهنيّ بين معلّمات اللغة العربيّة: يجلسن في غرفة الفريق، ويتحدّثن بمصطلحات على مستوى عالٍ من المهنيّة، ويتبادلن الخبرات بحرص، ويدعمن بعضهنّ بعضًا، شغوفات وحريصات على التطوير، ما رفع من صورتهنّ أمام ذواتهنّ وأمام زميلاتهنّ وزملائهنّ، خصوصًا بعد ما اكتسبن من مهارات التأمّل في التجارب الصفّيّة وإعادة التعديل والتطوير كاستراتيجيّة مستمرّة. كما أشارت أ. الزيادات إلى نقطة مهمّة، هي سؤالها للمعلّمات: أيّهما أسهل أن نضع علامةً للطالب أو وصفًا له؟ وكانت الإجابة أنّ العلامة مجرّد رقم يُمكن تغييره، أمّا الوصف فيحتاج إلى معرفة عميقة دقيقة بالطالب ومن غير السهل تغييره. واختتمت حديثها بأنّ المشروع قام بعمليّة "زعزعة" لكلّ المسلّمات لدى المعلّمات، وساعدنا وجود الفريق والأدوات الموثّقة على تخفيف هذه الزعزعة، والتي تحوّلت إلى معلّم واثق باحث، يجمع البيانات ويضع الخطط مُرفقة بأدلّة على تطوّر المتعلّم. وأشارت إلى أنّه على صعيد المتعلّمين، زادت لديهم الرغبة بالتوجّه إلى استخدام اللغة العربيّة، وأصبح استمتاعهم بتقديم عروض بالعربيّة أعلى، وتوجّههم إلى المشاركة بها صارَ أعلى، بجانب مسابقات القراءة، ما لفت انتباه الإدارة أيضًا إلى أهمّيّة هذه المشاريع، والتي دعمت تجديد المشروع في كلّ سنة، إذ رأت الأثر في المعلّم والمتعلّم. كما زاد هذا المشروع من ثقة الأهل بمعلّم اللغة العربيّة. أمّا أ. عبد الحميد فداخلت حول الأثر في المعلّم، إذ كان هناك تغيير جذريّ في أداء قسم اللغة العربيّة. بداية كانوا مطبّقين لمشروع مفروض عليهم، أمّا في السنة الثانية، فكانت هناك قفزة مُختلفة، ولغة مُختلفة، وباتوا يطالبون بأن يكون قسم اللغة العربيّة له مكتب موحّد من أجل التخطيط، حيث يعملون كخليّة نحل بحماس جميل. وأشارت إلى أنّ معلّم اللغة العربيّة، ومن جوانب مُختلفة، تطوّر شغفه، وتطوّرت معرفته. ولا شكّ أنّ السلاسل قد أسهمت في تغيير طريقة المعلّم في التعامل مع الطالب، وتطوير أدائه، ليكون في مكانٍ آخر أكثر شغفًا، وهو في الحقيقة أثّر بشكلٍ عامّ في سلوك الطلبة حتّى في الموادّ الأُخرى، فمن الواضح تطوّر مهارات الطلبة في الحوار والاستماع والحديث والعرض بالعربيّة. وداخل أ. الأمير حول ثلاثة نتائج: 1. التشبيك بحدّ ذاته على المستويات كافّة؛ التشبيك ذو جدوى، ومفيد، وهذه دعوة إلى جميع المدارس للتشبيك والتعاون. 2. النتائج الملموسة بعد ثلاث سنوات؛ مفهوم الكفاءة، المعلّمون يمتلكون مهارات، نجمعها ونُعيد إنتاجها لنظهر قيمتها ككفاءة، وهذا ما انعكس في العمل مع الطلبة، من خلال مهام تُظهر وتُبلور هذه المهارات، 3. ما يُنتج مفهوم الشغف بعد أن أصبح الطلبة يمتلكون المهارة، وعندما عمل المعلّم ووجد نتيجةً أنّ طالبه أصبح شغوفًا، بات المعلّم شغوفًا أيضًا. أمّا أ. القاطرجي فتحدّثت عن أهمّيّة الانضمام والقيام بمبادرات شبيهة. ونحنُ كفريق موجّه رافقنا هذه التجربة، بقيادة د. ريما كرامي عكّاري، وكان لا بدّ من توثيق هذه التجربة، فقمنا ببحث كبير أفضى إلى نموذج عُرض في ملتقى تمام التربويّ الأخير، والذي أثار أسئلة كثيرة حول الأدوار المُختلفة، ونحنُ نتطلّع إلى تعميم هذا النموذج، ونسعى إلى نشره بين المدارس، وتحويله إلى برنامج للإعداد المهنيّ للمدارس التي تودّ الانضمام إلى مثل هذي المبادرات، خصوصًا وأنّ أثر هذه المبادرات ليس فقط في المعلّم والطالب، وإنّما أيضًا في المجتمع التربويّ ككلّ، والمجتمع الأوسع كذلك. وذكرت أ. القاطرجي المدارس المُشاركة، وهي المدرسة العصريّة، ومدرسة الأهليّة والمُطران، ومدرسة البكالوريا عمّان، والمدرسة المعمدانيّة، ومدرسة البيان، وتحوّلت مبادرتهم التشبيكيّة إلى حركة تربويّة تطويريّة تشكّل نموذجًا مُضيئًا وجميلًا. كما أشارت إلى الآمال والخطط المستقبليّة من أجل الوصول إلى متعلّم شغوف، وهو ما لا يُمكن تحقيقه بسنة أو سنتين، إنّما بسنوات وجهود من العمل، ولكنّ رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ونحن سعيدون بأنّ الأثر بدأ يظهر. وهناك بعض التعليقات تقول إنّ هذه التجربة شبيهة بمجتمعات التعلّم المهنيّة، والحقيقة هي شبيهة لكنّها فريدة بأنّها على مستوى مؤسّساتيّ، على مستوى المدرسة.   كلمة أخيرة قالت أ. قموة إنّ التطوير يحتاج إلى حفر، وأحيانًا قد تُدمى أصابع اليدّ، ولكنّ الزراعة تؤتي أكلها، ونتيجة هذا التعب هو الطالب الشغوف. وقدّمت أ. الزيادات شكرًا لمنهجيّات وللأستاذ الأمير على صبره وعمله المستمرّ مع الفريق، وتحدّثت عن أملها بمشروع قريب جديد لاستمرار عمليّة التطوير، ودعت الجمهور إلى التشجّع في المُشاركة في مثل هذي المبادرات والمشاريع العربيّة الأصيلة. أمّا أ. عبد الحميد فشاركت فكرة أنّ أيّ حُلم بفكرة حُلمٌ قابل للتحقيق، ومشروع التشبيك هذا من أجمل المشاريع، والذي كان حُلمًا وتحقّق، وأتّفق مع أ. الزيادات، إذ هو مشروع عربيّ بكلّ تفاصيله وهذا داعٍ للفخر والسعادة. واختتم أ. الأمير الندوة بقوله إنّنا في العالم العربيّ نعرف نتائج التفرّق والوحدانيّة، وربما آن الأوان أن نُفكّر بطرق أُخرى، واليوم رأينا نموذج كيف أنّ التجمّع يُنتج شيئًا فعليًّا جميلًا، وهذا ليسَ فقط قائمًا في الأردن، إنّما قد يقوم في كلّ مكان، فهنالك نموذج الآن، وطرق تواصل لكلّ من هو مهتمّ بمبادرة.  

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

هل الندوات عن بُعد كلّها مفيدة؟
أفرزت جائحة كورونا كثيرًا من الظواهر التي منها ما انتهى واختفى، وبعضها استمرّ رغم انتهاء الجائحة، وصار ملازمًا لأوقاتنا وحواراتنا. ومن هذ... تابع القراءة
ماذا لو كانت المدرسة بيتًا؟
"كلّ متوقّع آت، فتوقّع ما تتمنّى". هل كان من المتوقّع أن يُلغى العام الدراسيّ لأبناء غزّة بسبب الحرب؟ وهل كان من المتوقّع أن تكون الحرب ب... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

مجد مالك خضر- معلّم وكاتب- الأردنّ

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ يعجبني التعليم بصورته الحاليّة، مع أهمّيّة استمرار تطويره؛ بمعنى أن أحضر الحصّة في الصفّ، بالتزامن مع توافر وسائل وأدوات تعليميّة حديثة، مثل: اللوح التفاعليّ، والشاشات الرقميّة.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يمكن ذلك بتوظيف التعليم الدامج الذي يدمج بين الأنشطة المنهجيّة في المادّة الدراسيّة، مع المهارات الاجتماعيّة والمواقف المتنوّعة التي قد تواجه الطالب في حياته. كما أرى أنّه من المفيد وجود أنشطة وتمرينات معتمدة على النتاجات، والمعارف العلميّة في الكتب المدرسيّة، والتي تطوّر مهارات ومعارف الطلّاب.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ يكون دوري مهمًّا من خلال الربط بين الذكاء الاصطناعيّ وتقنياته ومهنتي كمعلّم، فمن الضروريّ توظيف الوسائل والتطبيقات والأجهزة التي يقدمها الذكاء الاصطناعيّ أثناء التدريس في الحصّة الصفّيّة، والخروج من النمط التقليديّ السائد. وأرى أنّ ذلك ممكنًا في حال تمكّنت المدارس من توفير الألواح الذكيّة (Smart Board)، في كلّ غرفة صفّيّة كخطوة أولى، ثمّ باقي التقنيّات، في حال كانت الموارد المتاحة لكلّ مدرسة تسمح بذلك، فتسهم هذه الوسائل المتطوّرة، والمدعومة بتطبيقات تحاكي الكتب المدرسيّة، في إثراء المحتوى التعليميّ لكلّ مرحلة دراسيّة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ عندما يكون محصورًا في التوجيه والإرشاد، وترغيب المعلّم بمهنته، وليس بمعاقبته عند التقصير أو الخطأ، كما أنّ الإشراف التربويّ خرج حديثًا من القالب التقليديّ، المعتمد على كثرة الملاحظات ولوم المعلّم، وصار داعمًا ومساندًا له، حيث بات دوره أكثر بساطة، واعتمادًا على تقديم الورش التدريبيّة للمعلّمين؛ من أجل تطوير مهاراتهم الشخصيّة والمهنيّة، وزيادة خبرتهم في مجال تخصّصهم.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ سماع سبب النزاع، وأرى أنّه أفضل الأساليب وأكثرها نجاعة؛ حيث إنّ حلّ النزاع يبدأ من سماع طرفيه، ولا يكون ذلك أثناء الحصّة، بل عند انتهائها؛ لأنّ انشغال المعلّم في حلّ المشكلة سيضيّع الوقت دون جدوى للبحث عن حلّها، كما يعدّ المرشد التربويّ في المدرسة، وأولياء الأمور في المنزل، من أهمّ الأطراف التي يجب أن تشارك في حلّ النزاعات؛ حتّى لا تتفاقم، وتؤدّي إلى نتائج قد لا تحمد عقباها.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ عندما توظّف الأدوات التكنولوجية في تحويل أسلوب التدريس من شكله التقليديّ، أو التلقين المباشر، عندها من المؤكّد ستكون إيجابيّة، وذات أثر واضح في تعلّم الطلّاب وتعليمهم. أمّا عن حدود استخدامها، فأرى أن لا حدود لها؛ لدورها الداعم والمساند في تحقيق النتاجات التعليميّة.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ نعم، دور الأهل إيجابيّ في دعم تعلّم ابنهم، تحديدًا الطالب الذي يواجه مشكلات في بعض الموادّ الدراسيّة، ويكون تدخّلهم من خلال تعاونهم المباشر، وتواصلهم مع معلّميه، ولا يوجد وقت مناسب أو محدّد لذلك، بل جميع الأوقات مناسبة لتدخّل الأهل في حياة ابنهم التعليميّة، فإنّ إهمالهم له، أو عدم اهتمامهم بمتابعة تحصيله الدراسيّ، سيؤدّي إلى تراجعه أكاديميًّا، وقد يؤثّر في تحصيله الدراسي على المدى الطويل.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا، لا يمكن التخلّي عن الكتاب المدرسيّ أو استبداله بشكل كامل، ولا يعني ذلك أنّني أشجّع التعليم التقليديّ غير المتجدّد، ولكن يظلّ دور الكتاب المدرسيّ أساسيًّا في حياة الطالب، فلا يمكن الاستغناء عنه بكتاب إلكترونيّ أو وسيلة تعلّم أخرى، فالحاجة التعليميّة لدى الطالب تعتمدُ على الاتّصال المباشر بينه وبين الكتاب المدرسيّ، وحضور الحصص داخل الصفّ وجاهيًّا مع المعلّم، لا شيء يمكن أن يكون بديلًا عن الكتاب المدرسيّ.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ أرى أن يكون الدوام المدرسيّ أربعة أيّام في الأسبوع، مع زيادة عدد الحصص، ولكن بتقليص المدّة الزمنيّة للحصّة الصفّيّة الواحدة، أي أن تكون ثماني حصص، ومدّة الحصّة 35 دقيقة في كلّ يوم، فالحصّة المدرسيّة ليس بطول وقتها، والدوام المدرسي لن ينجح بكثرة أيّامه، فمن الممكن أن يكون الدوام قصير المدّة أفضل بكثير من التوقيت المعتاد للحصص الدراسيّة، ويساهم في تحقيق النتاجات التعليميّة بنجاح وفاعلية.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. لقد احتاج منّي هذا السؤال وقتًا طويلًا للإجابة عنه؛ لأنّي فكّرتُ بأسماء كثير من الروايات، وفي كلّ مرّة أختار اسم رواية، أعود وأفكّرُ بغيرها، ووصلتُ إلى إجابة بأنّ تجربتي في التعليم بحدِّ ذاتها رواية، وما مررتُ به من ظروف وتنقّل بين المدارس، وتنوّع البيئات والمراحل التعليميّة التي عملتُ فيها، والثقافات الاجتماعيّة لدى الطلّاب، والزملاء المعلّمين، يجعلني أعدُّ رحلتي المهنيّة رواية بذاتها، وما زالت مستمرّة ومتنوّعة الفصول، وفي كلّ فصل منها، أكتشف شيئًا جديدًا يغيّر في شخصيّتي، ويعزّز خبرتي، ويجعلني أتطوّر أكثر.    

عبد الله الرسمي- مشرف تربويّ وباحث في القيادة التربويّة والمدرسة المجتمعيّة- اليمن

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ التربية والتعليم المتكاملان، التربية الروحيّة، والفكريّة، والعلميّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والمهنيّة، وتفعيل أساليب السؤال والحوار، والبحث والتجربة والتطبيق، والقيادة وتحمّل المسؤوليّة، وحلّ المشكلات، وتفعيل الأنشطة، كالرحلات والزيارات والمبادرات.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ أعتقد أنّه يمكن ذلك من خلال الأنشطة، كالأنشطة الجماعيّة التي تنمّي التعاون والمبادرة والمسؤوليّة، وتفعيل التعلّم التعاونيّ والمشاريع الطلّابيّة، وتحفيز الطلبة على المشاركة والبحث والتطبيق.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ المعلّم في التعليم كالرئة في الإنسان، فهو الرئة التي تتنفّس منها العمليّة التربويّة. وبرأيي، أهمّيّة المعلّم اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، ولا تستطيع التقنيّات الحديثة، أو الذكاء الاصطناعيّ، أن تقوم بدوره بشكل كامل؛ إذ لا تستطيع أن تقوم بأدوار المعلّم التربويّة، والأخلاقيّة، والاجتماعيّة، والجماليّة، والإبداعيّة. ذلك أنّ عمليّة التربية ليست عمليّة صمّاء، حتّى تحقّق أهدافها آلات وأجهزة وجمادات، مهما خزّنت بالمعلومات. التربية عمليّة تفاعليّة بين المتعلّم والمعلّم: مشاعر؛ حبّ؛ تفاعل؛ تنمية قيم؛ تعزيز سلوك؛ تعلّم مهارة؛ اكتشاف موهبة؛ تحقيق ذات؛ حلّ مشكلات... إلخ، وهذه لا تستطيع أن تقوم بها التقنية والذكاء الاصطناعيّ، لكن يمكن الاستفادة منهما في عمليّة التعليم بالقدر المعقول.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ من خلال التجربة والبحث، أرى أنّ الإشراف التربويّ مفيد عندما تتحقّق فيه مجموعة من المعايير، منها أن يكون عضو الإشراف من المعلّمين الذين عملوا في التدريس، لمدّة لا تقلّ، مثلًا، عن خمس سنوات، وألّا يقلّ مؤهّله العلميّ عن ماجستير تربويّ. وعندما يكون الإشراف لتحسين الأداء، ونقل الخبرات والتجارب الجيّدة للاستفادة منها، ويعزّز دور المعلّم، ويحفّزه على التجديد والإبداع، ويتيح له المجال لاختيار الوسائل التي يراها مناسبة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ أرى أنّ هناك عنصرًا أهمّ من الأساليب، وهو شخصيّة المعلّم: الشخصيّة القويّة. ولا أقصد في قوّة الشخصيّة هنا القهر والاستبداد، وإنّما الشخصيّة التي تجمع بين الشدّة والرفق، فالتربية لا تثمر بالقهر والعنف، وإنّما بالحبّ والرفق، وقدوتنا في ذلك معلّمنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم. أمّا من الأساليب الناجعة: مهارات الإدارة الصفّيّة، والعدل بين الطلّاب، وعدم تأجيل حلّ المشكلات، وتفعيل الجلسات الثنائيّة والجماعيّة، والأنشطة التي تعزّز قيم الحبّ والتعاون. وبالنسبة إلى الأطراف، أرى أن تحلّ المشكلات من طرف المعلّم، ولا بأس في المشكلات التي تستدعي التدخّل وتعاون أطراف أخرى، من المعلّمين أو من المشرفين، وممكن من الطلّاب، وأيضًا بالتعاون مع أولياء الأمور.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ أرى أنّ استخدامها إيجابيّ، وأعتقد أنّنا لسنا بحاجة إلى استخدامها دائمًا، وإنّما في حدود الحاجة إليها، وفق متطلّبات الموقف التعليميّ، أو الموضوع، أو المادّة. لا توجد وسيلة أو برامج أو طريقة معيّنة مفيدة وما دونها غير مفيد، فلكلّ مادّة وموقف ونشاط خصوصيّته، وله ما يناسبه من الوسائل والأساليب.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ الأسرة والمدرسة شركاء في التربية والتعليم. وبالتالي، تدخّل الأسرة يدعم تعلّم الطالب، ويمكن أن يكون التدخّل متابعة لمدّة معيّنة في اليوم. ويستحسن التنوّع في أسلوب التدخّل، كأن يكون حوارًا، أو مناقشة، أو مراجعة، أو إثراء ما درسه برحلة أو نشاط أو تطبيق، أو اطّلاعًا على التقرير المدرسيّ. من المهمّ أن يكون التدخّل في حدود معيّنة، كتفسير إشكال إن وجد، أو تنمية مهارات، أو إثراء معلومات، أو متابعة وتقويم سلوكيّات، وألّا يكون تدخّلًا كلّيًّا يجعل الطالب اتّكاليًّا متلقّيًا، لا يشارك في البحث والمحاولة، والاستنتاج والتعلّم الذاتيّ.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا أعتقد أنّ التخلّي عن الكتاب أمر إيجابيّ، سواء حاليًّا أو حتّى مستقبلًا. يظلّ الكتاب عنصرًا مهمًّا في عمليّة التعليم، ومصدرًا جيّدًا للمعلومات للطلّاب، وبالتالي ليس من الإصلاح التربويّ إلغاء الكتاب، وإنّما نستطيع القول إنّ العديد من عناصر العمليّة التعليميّة، ومنها الكتاب المدرسيّ، بحاجة اليوم إلى إصلاح وتطوير، حتّى تؤدّي دورها المنشود.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ من خلال التجربة والبحث، أرى أن تكون من خمس إلى ستّ ساعات، شرط أن تستثمر جيّدًا، فليست العبرة في المدّة التي يقضيها الطالب في المدرسة، إنّما في الكيف والفائدة التي سيحصل عليها. ومن المقترحات التي يمكن تطبيقها لاستثمار وقت المعلّم والطالب جيّدًا، توفير البيئة المدرسيّة المناسبة والجاذبة، وأن يكون اليوم الدراسيّ في أكثر من بيئة، بما يتناسب مع الموضوع والمادّة، ولا يجلس الطالب داخل حجرة واحدة في جميع الحصص، وإنّما يمكن أن يدرس في الحجرة الدراسيّة، ويقرأ في المكتبة، ويطبّق في المعمل، ويمارس الرياضة في الملعب، وممكن أن تكون الحصّة في مكان آخر غير ما اعتاد عليه الطالب، كأن تكون في الهواء الطلق، أو في مزرعة قريبة من المدرسة، في مادّة متعلّقة بالزراعة. والأمثلة كثيرة، لكن لا يسع المجال لذكرها جميعًا   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. قرأت العديد من الروايات، لكن هناك موقف أبلغ من كلّ الروايات، على الأقلّ بالنسبة إليّ، أثّر فيّ؛ كنت مع مجموعة من المعلّمين والزملاء، نجتمع بين فترة وأخرى في أماكن خارج المدرسة، غالبًا للترويح عن النفس. وفي أحد الأيام التقينا بعد صلاة العشاء، جلسنا وتبادلنا أطراف الحديث، والهموم المشتركة، ومارسنا بعض الألعاب، ومكثنا عدّة ساعات، ثمّ غادرنا المكان وتفرّقنا، وذهب كلّ منّا باتّجاه معيّن. منهم من عاد على متن سيّارة، وأنا، لحاجة في نفسي، اخترت مرافقة موجّه تربويّ، وعدنا سيرًا. وفي الطريق سألته: ما بك يا أستاذ صامتًا لم تشاركنا الحديث؟ فقال لي بصوت مبحوح حزين: اختبأتُ اليوم ثلاث مرات وغيّرت طريقي، مرّة من صاحب البقالة، ومرّة من جاري الذي يقرضني علاج طفلتي، وغادرت المنزل من دون أن يشعر الأهل، ليس تجاهلًا، بل لأنّني لا أريد أن يروني (يقصد زوجته وأولاده)، في لحظة ضعف، مكسورًا عاجزًا، فينكسروا ويتألّموا! تساءلت، وفي روحي ألف غصّة، أيليق هذا الوجع والقهر بمعلّم أفنى عمره في التربية والتعليم؟ أكثر من 30 عامًا في الميدان التربويّ، في التدريس والتوجيه، في أكثر من مدرسة ومحافظة؟ أهكذا يُكافأ معلّم الأجيال؟ ثمّ حاولت أن أتماسك أمامه، أن أبتسم، أن أهوّن عليه، أن أربّت على كتفه، لكن لم أستطع، فقد خانتني العبرة، شعرت بوجعه وقهره، جعلت نفسي مكانه، فشعرت وكأنّ السماء قد انطبقت على الأرض، وأنا بينهما أتنفّس الهواء من ثقب إبرة.  

ريّان إدريس- معلّمة لغة عربيّة- لبنان

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ لو كنت طالبةً اليوم، لكان التعليم بالأساليب والطرق الحديثة هو الأحبّ ليّ، فهي أساليب جذّابة لكلّ تلميذ.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يمكن التوفيق بين تعليم هذه المهارات، من خلال استخدام طرق تعليميّة اجتماعيّة داخل الصفّ، وتكمن في الأنشطة المتعلّقة بالعمل التعاونيّ، والتفكير الجماعيّ، وحلّ الصراعات، وأساليب حلّ المشكلات.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ دور المعلّم يكمن في تطوير قدراته ومهاراته في مجال الذكاء الاصطناعيّ؛ حتّى يستطيع استخدام التقنيات المتعلّقة بهذا الذكاء، ويوظّفها في مجال التعليم.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يفيد الإشراف التربويّ من خلال تفهّم أهداف التعليم، والأساليب التعليميّة، والخطّة التربويّة، والتفاعل بين أطراف هذا المجال، من أجل الحصول على مستوى تعليميّ مميّز.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تعتبر النزاعات بين الطلّاب ظاهرة طبيعيّة في سلوكهم، لكن يجب الحدّ منها، وذلك من خلال الاستماع إليهم، والتحقّق من سبب المشكلة، بحيث يتحمّل كلّ تلميذ مسؤوليّة عمله، بعدها يقومون بشرح وجهة نظرهم لإيجاد الحلول المناسبة. الأطراف التي تنبغي عليها المشاركة هي المعلّم، وفي حال كان النزاع أكبر تتدخّل الإدارة، أو أحد أعضائها.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ التكنولوجيا أداة لها إيجابيّاتها وسلبيّاتها، ولكن، لا يعني ذلك إغفال أهمّيّة المهارات التقليديّة للطالب، فبعض الأنشطة التربويّة والأكاديميّةّ تتطلّب مهارات أساسيّة، لا يعوّضها استخدام التكنولوجيا، بل إنّ الاعتماد المفرط عليها قد يُعيق تنمية بعض القدرات لدى الطالب، ويُضعف مهاراته، فالعمليّة التربويّة المثاليّة هي التي تُحقّق التوازن بين استخدام التكنولوجيا بذكاء، والتركيز على المهارات الأساسيّة.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ الأهل عنصر أساس في سير العمليّة التربويّة، من خلال اهتمامهم بابنهم، ليس على الصعيد الأكاديميّ فقط، بل أيضًا على الصعيدين العاطفيّ والاجتماعيّ.  والتوقيت الأنسب لذلك هو عند ظهور علامات تأخّر في المستوى التعليميّ التلميذ، وانعدامه في بعض الأحيان.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ الكتاب المدرسيّ مهمّ في العمل المدرسيّ، لكنّ التقوقع فيه هو الخطأ، فالعلم واسع وشامل، لا ينحصر في إطار محدّد.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ مدّة الدوام المدرسيّ المناسبة برأيي هي ٦ ساعات كحدّ أقصى؛ لكي يستطيع التلميذ استجماع طاقته الفكريّة ليوم دراسيّ آخر.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. يعتبر التدريس مهمّة سامية أخلاقيًّا، لكنّ الانتقال من مقاعد الدراسة إلى الممارسة الفعليّة أمر ليس سهلًا، إنّها مسؤوليّة يحملها المعلّم على عاتقه. فالتّعليم يجعل الإنسان فعّالا ومبدعًا، لأنّه يبتكر العديد من الطرق لإيصال ملايين الأفكار لجمهور كبير من التلاميذ الذين تختلف قدراتهم الذهنيّة والمعرفيّة والسلوكيّة. بالإضافة إلى أنّ تجربة التعليم المتلاحقة والمستمرّة تُصقل شخصيّة المدرّس، بالأخصّ في ما يتعلّق بالمهارات الاجتماعيّة والمعرفيّة. ميدان التعليم خليط من القوّة والضعف، كما وصف الكاتب نجيب محفوظ الحياة في روايته "الحرافيش"، وهي  من أهمّ روايات الأدب العربيّ، والتي يصف فيها فلسفة الحياة بأسلوب مبدع وراقٍ، بالإضافة إلى وصفه بعض الشخصيّات بطريقة رائعة.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

استراتيجيّات تربويّة لتشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ

يُعدّ تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ من أكثر التحدّيات الشائعة التي تتطلّب جهدًا كبيرًا في سنواته الأولى، ولا سيّما إن كان طفلك من الشخصيّات العنيدة التي لا تستسلم بسهولة. ولأنّ الوجبة الصحيّة رفيق لا غنى عنه في رحلة طفلك، فلا بدّ من اتّباع طرق إبداعيّة لبناء علاقة قويّة بين طفلك والأكل الصحّيّ وتضمين العناصر الغذائيّة التي تساعد على بناء جسده في هذه المرحلة العمريّة الحسّاسة. في هذا المقال، نقترح عليك بعض الأساليب التي يمكنك استخدامها لتغيير قناعات طفلك تجاه الأكل الصحّيّ وجعله جزءًا من حياته.   ما استراتيجيّات تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ؟ من الأهمّيّة بمكان تزويد طفلك بالأدوات والاستراتيجيّات، لاتّخاذ خيارات مستنيرة بشأن تغذيته. ويتطلّب ذلك بعض الأساليب الفعّالة. إليك أهمّها:   ابدأ معه منذ الصغر  هناك قاعدة تقول إنّ ما تعوّد عليه طفلك في الصغر يبقى معه في الكبر. عوّد طفلك في صغره على الأكل الصحّيّ، كالموز المهروس أو الأفوكادو أو البطاطا الحلوة. فعندما يعتاد طفلك في صغره على هذا النوع من الأطعمة يُسهِّل عليك مهمّة تشجيعه على الالتزام بنظام غذائيّ صحّيّ. المشاركة  من أولى خطوات المساعدة على تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ توثيق علاقته به منذ البداية. فالطفل في هذه المرحلة ينتابه الفضول نحو التجارب الجديدة، ويسعى وراء خوضها. لذلك، سيكون من المفيد - على سبيل المثال - اصطحابه لاقتناء مكوّنات الطعام وتخصيص الوقت لتحويل عمليّة صنع الطعام إلى نوع من الأنشطة الممتعة في يومه، والتي تمدّه بالحماس وتشجّعه على انتظار النتيجة النهائيّة. فشعور الطفل نحو وجبة من صنع يده يختلف بالتأكيد، لأنّ مشاركتك له وجهده المبذول في صنع الطعام وحماسه للتذوّق، يشجّعه على تناول الأكل الصحّيّ. استخدام بدائل صحّيّة بهدف تعزيز القيمة الغذائيّة للطعام الذي يتناوله الطفل، يجب الاعتماد على المكوّنات الصحّيّة قدر الإمكان في صنع الوجبات واستبدالها بالعناصر الأكثر أهمّيّة، لتحقيق المتعة والفائدة في آن واحد. وتتّسم هذه الخطوة بالمرونة، حيث تتعدّد خيارات تشكيل الوجبات تعدّدًا لا يلاحظه الطفل، ويمكنك بذلك إضافة الخضروات في الطعام المفضّل له، أو استبدال البطاطا المقليّة بالمشويّة، أو استبدال المثلّجات بالزبادي. كما يمكنك وضع الإضافات ذات المذاق اللذيذ على طعامه وشرابه، لتشجيعه على تناوله، كإضافة الكاكاو على الحليب مثلًا، وغيرها من الأفكار التي تشجّع طفلك على الأكل الصحّيّ. من هذه الأفكار: - أدخل الفاكهة والخضراوات في روتين غذاء طفلك اليوميّ حتّى يكون مجموع حصص طعامه في اليوم خمس حصص. وتأكّد من تقديم أنواع مختلفة من الفاكهة والخضراوات قدر المستطاع حتّى تعرف تفضيلاته.   - سهِّل على طفلك اختيار وجبات خفيفة وصحّيّة بوضع الفاكهة والخضراوات التي يحبّها في متناول يده. فالأطفال عادةً ما يحبّون تناول وجبات خفيفة تشمل الزبادي قليل الدسم، وزبدة الفول السوداني، والكرفس، أو المقرمشات المصنوعة من الحبوب الكاملة والجبن. فلمَ لا تستمع إلى تفضيلاته في الطعام والشراب وتوفرّها له؟  - وازن في جدول طفلك بين الكربوهيدرات والبروتينات، بتقديم اللحوم الخالية من الدهون، وغيرها من مصادر البروتين الجيّدة، مثل الأسماك والبيض والفاصوليا والمكسّرات.  - قلِّل من استهلاك طفلك الدهون الضارّة بتجنّب قلي الأطعمة بالزيوت المهدرجة، واستبدالها بطرق طهي صحّيّة، مثل الشوي والتحمير والطهي بالبخار. واختر منتجات الألبان قليلة الدسم أو الخالية من الدسم.  - ساعد طفلك على تجنّب المشروبات السكّريّة، مثل المشروبات الغازيّة ومشروبات نكهة الفاكهة، لأنّها تؤدي إلى فقدان الشهيّة ورفض الطفل الطعام فجأة.     دعه يشارك وجباته مع أصدقائه يرتبط الطفل بالوقت والأنشطة التي يشاركها مع أصدقائه أو أقاربه المفضّلين من عمره، أكثر من أيّ شيء. لذا، فدعوتهم إلى الإفطار أو الغداء وتحويل المُهمّة إلى وقت لطيف مع الأصدقاء فكرة جيّدة لتشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ.   الوجبات الخفيفة والعصائر يحتاج الطفل إلى تناول الطعام كلّ ثلاث أو أربع ساعات تقريبًا. لذا، بالإضافة إلى تقسيم الوجبات، تعدّ الوجبات الخفيفة كالمكسّرات والعصائر المفضّلة له حلًّا مثاليًّا لإعطائه القيمة الغذائيّة، والتي يحتاج إليها كونها خفيفة. كما يمكن تناولها خلال ممارسته أيّ نشاط آخر من دون تعارض وقت الطعام مع اللعب ومقاطعة استمتاعه. اصنع طعامًا بأشكال وألوان يحبّها طفلك طفلك ذكيّ بما يكفي ليُدرك شكل الوجبات التي لم تحقِّق له المتعة سابقًا. لذلك، تتلخّص مهمّتك في التلاعب بالصورة التي تُقدَّم إليه لجذبه للطعام الذي يظنّه مختلفًا، ولا يحرم مناعته من العناصر التي تحتاج إليها في آن واحد. تلجأ الكثير من الأمّهات إلى إخفاء الخضروات والفاكهة داخل الطعام المُفضّل للطفل، مثل المعكرونة أو الشوربة أو السلطة وغيرها. كما يمكن استخدام الكيك استخدامًا صحيًّا، وهو من أشكال الطعام التي تستخدَم لتشجيع الأطفال على الأكل الصحّيّ.  مارس مع طفلك نشاطًا ممتعًا خلال الوجبة  لا شيء يتحكّم بسلوك الطفل في هذه المرحلة بقدر المتعة، حيث يمكن تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ، فيتحقّق بفضل توفيرك كلّ ما هو جديد وممتع. لذا، يُمكن جذب الطفل لتناول الوجبة الصحّيّة أثناء محاولة قراءة رواية مثيرة له، ممّا يحوّل الصورة الذهنيّة لوقت الطعام داخله، من واجب ثقيل إلى رحلة ممتعة يتشوّق لانتظارها في كلّ مرّة. كن قدوة له يتأثّر الأطفال بأبطالهم الخارقين وشخصيّاتهم المفضّلة، ويسعون إلى تقليدها بكلّ ما يمكن، وأنت معياره السلوكيّ الأول. لذا، عليك أوّلًا تجنّب تناول الطعام غير الصحّيّ أمام طفلك وغرس فكرة كونه عدوًّا للصحّة والمتعة في عقله، توجيهًا له لتناول الأكل الصحّيّ. ومن اللطيف للطفل، استخدام شخصيّاته الكرتونيّة المفضّلة التي يحُبّ التشبّه بها لإقناعه، مثل "إن أردت أن تكون مثل هذا البطل الخارق، لا بدّ أن تتناول هذه السلطة"، وغيرها من العبارات الإيجابيّة التحفيزيّة.   استعن بمختصّ لكي لا ينتابك الإحباط، يُعدّ تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ من أكثر التحدّيات المرهقة في حياة جميع الأمّهات، فمن الوارد ألّا تنجح محاولاتك فورًا، بل يحتاج الأمر إلى الصبر لتتكوّن عادات غذائيّة صحّيّة في هذه المرحلة من حياة الطفل. وعليه، يُنصَح بالتوجّه إلى الطبيب المختصّ إن شعرت أنّ جهودك لا تحقّق النتيجة المطلوبة، ولا شكّ في أن تلقّي المساعدة من المختصّ يرشدك إلى طرق تتناسب مع طباع طفلك، وطبيعة حالته وشخصيّته.   ما أضرار الغذاء غير الصحّيّ للأطفال؟ لكي تعرف أهمّيّة تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ، إليك أبرز أضرار الغذاء غير الصحّيّ على صحّة طفلك: 1. السمنة المفرطة.  2. عدم حصول الطفل على العناصر الغذائيّة الرئيسة.  3. تأثّر صحّته العقليّة تأثّرًا سلبيًّا. 4. مشكلات في صحّة الأسنان واللثة. 5. ترسيخ عادات الأكل غير الصحّيّة.   * * * يتطلّب غرس عادات الأكل الصحّيّة في طفلك وتشجيعه على تناول الوجبات الصحّيّة عمليّة تدريجيّة تتطلّب الصبر والاتّساق والأساليب المدروسة. ولكن، تذكّر أنّك تستطيع تشجيع طفلك على الأكل الصحّيّ وتعزيز رفاهيّته الغذائيّة بكلّ سهولة، كونك نموذجًا إيجابيًّا، وإشراكه في هذه العمليّة، وجعل الأطعمة الصحّيّة ممتعة له، وفهم أسرار انجذابه للطعام، وتقديم مجموعة متنوّعة من الخيارات أمامه.   اقرأ أيضًا أسباب عسر القراءة عند الأطفال وطرق معالجتها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) صفات الطفل المدلّل وكيفيّة تقويمه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.nuffieldhealth.com/article/10-strategies-to-encourage-your-children-to-eat-well   https://tutorful.co.uk/blog/7-simple-ways-to-encourage-your-children-to-eat-healthier        

كيف تتعامل تربويًّا مع تصرّفات المراهق غير المنضبطة؟

تمرّ السنوات فتكتشف أنّ صغيرك لم يعد طفلًا مدلّلًا، بل أصبح بالغًا يحاول أن يثبت لك ولمن حوله أنّه جدير بالثقة، وقادر على تحمّل المسؤوليّة والتصرّف باستقلاليّة. ولكن، خلال هذه الفترة قد يبدأ المراهق بتصرّفات غير منضبطة يجدها معظم الأهل خاطئة وغير منطقيّة، نتيجة مروره بمرحلة البلوغ التي تشمل مجموعة من التغيّرات الهرمونيّة. يتمثّل دورك هنا في فهم هذه التصرّفات والتعامل معها بطرق تربويّة. في هذه المقالة، نقدّم لك مجموعة من الإرشادات التربويّة التي من شأنها أن تساعدك على تقييم أخطاء ابنك المراهق، واستيعاب تقلّباته بطريقة إيجابيّة.   كيف تتكوّن أخطاء المراهق؟ قبل أن نتطرّق إلى طرق التعامل مع سلوكيّات الابن المراهق، لنناقش تصرّفات المراهق غير المنضبطة، والتي يعدّها معظم الوالدين غير متوازنة:   الانعزال   غالبًا ما يصبح للمراهق عالمه الذي يحبّ أن ينعزل فيه لعدّة أسباب، مثل عدم شعوره بالانسجام مع عائلته، أو محاولته فهم الأسئلة التي تجول في خاطره وحده.   المطالبة بوقت إضافيّ للبقاء في الخارج  يحاول المراهق التحرّر من سيطرة ذويه، كأن يخبرهم بأنّ لديه حياته الخاصّة التي يريد أن يعيشها بالطريقة التي يراها مناسبة.   رفض إظهار التعاطف   في سنّ المراهقة، عادةً ما يشعر المراهق بأنّه في حالة صراع مع والديه. الأمر الذي يدفع إلى رفضه إظهار التعاطف لاعتقاده أنّ العواطف تعبِّر عن الضعف.   الكآبة والمزاجيّة نظرًا إلى اختلال توازن الهرمونات في جسم المراهق تتغيّر حالته المزاجيّة باستمرار، وهذا ما يؤدّي إلى اختلاف عواطفه سريعًا وباستمرار، ما بين الطاقة المرتفعة والمنخفضة، وبدون أسباب محدّدة.     كيف تتعامل مع تصرّفات المراهق غير المنضبطة؟   قد يكون التعامل مع أخطاء الابن المراهق عمليّة حسّاسة وصعبة. إليك طرق تربويّة فعّالة تساعدك في تجنّب الأخطاء عند التعامل مع المراهق:   تفهُّم الاحتياجات النفسيّة غالبًا ما يكمن سرّ نوبات غضب ابنك المراهق المتكرّرة، في احتياجاته النفسيّة غير المشبعة؛ فكلّما تعرّض المراهق للإهمال والتجاهل، بحث عن طريقة تمكِّنه من جذب انتباهك وإثارة اهتمامك. وفي مرحلة المراهقة تحديدًا، عادةً ما تكمن هذه الطريقة في الغضب والعدوانيّة. وعليه، يقع عليك التعبير لابنك عن حبّك له وملاحظتك التغيّرات التي يمرّ بها والصعوبات التي يختبرها للمرّة الأولى، ومشاركته أفكاره وطموحاته دعمًا له.  المثل الأعلى  لا شيء يؤثِّر في المراهقين كالمثل الأعلى، حيث يميلون عادةً إلى محاكاة أنماط حياة قدوتهم، والتشبّع بأفكارهم. لذلك، عند التعامل مع أخطاء الابن المراهق عليك ملاحظة اتّجاهاته والأشخاص الذين يُعجَب بأفكارهم، ويمثّلون القدوة بالنسبة إليه. وقبل أن يبحث ابنك المراهق عن قدوة خارج المنزل، يجب أن تكون قدوته الأولى عاطفيًّا وسلوكيًّا، وأن يتأثّر بك ويشاركك لحظاته السعيدة وهمومه رغبةً منه. فكلّما كنت في نظره مصدر ثقة ومثالًا يُحتذى به، أفصح لك عن أسراره وميوله الفكريّة باطمئنان، ممّا يمكّنك من التدخّل لمساعدته في الوقت المناسب.  المرونة   تتعدّد أخطاء الابن المراهق في هذه المرحلة الحسّاسة وتصدر عنه العديد من ردود الأفعال غير المُرضية وغير المقبولة. ومن المهمّ أن يتفهّم الوالدان أنّ هذه التصرّفات ليست موجَّهة إليهم شخصيًّا، بل تندرج تحت طبيعة المرحلة. لذا، لا يضرّ أحيانًا التغاضي عن الأبناء واستيعابهم، لأنّ التصادم المتكرّر يُعقِّد الأمور ويصعِّب التفاهم والوصول إلى الحلّ. كما أنّ الميول المتغيّرة من حين إلى آخر وحبّ التجربة والمغامرة التي ربّما تتّجه لقيم غريبة وغير مقبولة عن المجتمع، سمةٌ رئيسة تُصاحِب هذه المرحلة العمريّة. لذلك، قد تكون سعة الصدر والتغافل عن بعض التغيّرات ومنح المراهق الوقت والمساحة شيئًا صحيًّا أحيانًا، ولكن من دون التجاهل التامّ. مع ضرورة الالتزام برقابة تصرّفاته واتّخاذ المواقف الحازمة عند اللزوم.   الصداقة جهودك المبذولة لتُصبِح صديق ابنك الأوّل استثمار في علاقتكما المستقبليّة، وسلاح يحميه من أصدقاء السوء وتأثيرهم الذي يصبح أحيانًا طويل المدى في حياته. فالأصدقاء هم وقود الاتّجاهات التي يميل إليها ابنك المراهق في هذه المرحلة. لذلك، من أكثر الطرق فاعليّة لحماية ابنك المراهق خلق مساحة آمنة مشتركة بينكما، تنشأ بها علاقة تشوبها الصداقة أكثر من الوالديّة، والتقبّل أكثر من الخوف من التعرّض للنقد. فمن الأساليب المُجدية في التعامل مع أخطاء الابن المراهق الدردشة الخالية من الأحكام المسبقة، واستعادة الوالد مرحلة مراهقته والتقلّبات التي مرّ فيها حينها، وروايتها لابنه في صورة حديث ودّيّ بين صديقين. فيجب ألّا ينسى المُربّي أنّه كان مراهقًا يومًا ما، لأنّ ذلك سوف يساعده على تفهّم ابنه المراهق واحتوائه، ولا سيّما أنّه غالبًا ما تكون هناك صفات مشتركة بين الأب، عندما كان مراهقًا، والابن المراهق حاليًّا. الأمر الذي يساعد على تفهّم كلّ منهم الآخر.   التقدير  الشعور بالتقدير أحد المفاتيح السحريّة للتغيير الإيجابيّ وضبط سلوكيّات الابن المراهق. فكلّما شعر الابن أنّك تُقدِّر جهوده وفضائله وتلاحظ مواهبه ونقاط تميّزه، مال تلقائيًّا إلى مشاركتك ومشاركة أسرته يوميّاته وقراراته. كما يمثِّل الدعم الذي يتلقّاه الابن من والديه قوّة دافعة وهائلة ومصدرًا قويًّا للثقة بالنفس وارتفاع التقدير الذاتيّ. وعلى العكس، كلّما شعر المراهق بأنّه ليس مرغوبًا فيه وتعرّض للنقد واللوم المستمرّين على أفعاله، نَفر من الجوّ الأسريّ وابتعد عن والديه، ليقترب أكثر من أوساط أصدقاء السوء التي تُحقِّق له الشعور بالراحة والتقدير والقبول غير المشروط.  تقديم الاقتراحات بدل الأوامر  اللغة التي تستخدمها رغبةً في معالجة أخطاء الابن المراهق عامل مؤثِّر في تشكّل استجابته لتوجيهاتك، حيث إنّ مواجهة الابن المراهق لغة الأوامر سيّئة للغاية؛ فهو لا يتقبّلها ولا يُقابلها إلّا بالعناد والندّيّة، ولا يُدرِك أنّ المقصود منها مصلحته، بل تُمثِّل له محاولة للسيطرة عليه وتقييد حريّته وكبح طموحه. لذلك، لا تأتي لغة الأمر، وإن كان الغرض منها تربويًّا، إلّا بنتائج عكسيّة مع المراهق، وتُبعدِه خطوات أكثر عن تقويم سلوكه. ومن الأفضل استبدال أسلوب الاقتراح والترغيب حتّى لا يأخذ التوجيه منحى شخصيًّا، ويعتقد أنّ والديه يفعلان ذلك لمعاقبته وتحدّيه.   * * * قد يكون التعامل مع تصرّفات الابن المراهق غير المنضبطة عمليّة مرهِقة، إلّا أنّه، وبتعزيز التواصل المفتوح والتعاطف بينك وابنك، يمكنك مساعدته على ضبط سلوكيّاته والتعبير عن نفسه باتّزان وقوّة. تذكّر أن أخطاء ابنك المراهق ما هي إلّا خطوات نحو نموّه الشخصيّ واكتشاف ذاته. عند دعم المراهقين وتوجيههم بالتعامل بحكمة مع تصرّفاتهم غير المنضبطة، نضع أساس المرونة والمسؤوليّة والنجاح في رحلتهم إلى مرحلة البلوغ.    اقرأ أيضًا كيفيّة التعامل مع سلوكيّات الأطفال غير المنضبطة بطرق تربويّة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) مشكلات المراهقين النفسيّة وكيفيّة التعامل معها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المرجع https://www.daniel-wong.com/2018/03/19/disrespectful-teenager/      

خوف الأطفال من الامتحانات: أسبابه وحلوله

يُعدّ خوف الأطفال من الامتحانات من أكثر الظواهر شيوعًا في المدارس في جميع أنحاء العالم، فبينما تؤثِّر هذه المشكلة في أداء الطفل أكاديميًّا، تؤثِّر سلبيًّا في صحّته النفسيّة في معظم الأحيان. يقلق الطفل عندما يشعر بأنّ نجاحه في الحياة منوط بحصوله على درجات عالية، ويتفاقم هذا القلق لاحقًا ليؤثِّر في أدائه الأكاديميّ وغير الأكاديميّ. يمكنك تفادي تطوّر مشاعر الخوف المفرطة عند طفلك بتدارك هذه المشكلة مبكِرًا، وإيجاد حلول منطقيّة لها، بما يتناسب مع احتياجات طفلك العاطفيّة والنفسيّة.    ماذا يُسمَّى خوف الأطفال من الامتحانات؟  اصطُلِح علميًّا على تسمية الخوف من الامتحانات بـ"الرهاب من الامتحانات"، وهو الشعور بالخوف المفرط غير المبرَّر مع اقتراب موعد الامتحانات. يؤدّي هذا الخوف المفرط وغير العقلانيّ إلى زيادة مستويات القلق عند الطفل، ويزداد سوءًا عندما لا يُقدَّم للطفل التوجيه والمساعدة المناسبين في الوقت المناسب.    ما أسباب خوف الأطفال من الامتحانات؟ عند محاولتك حلّ مشكلة الخوف الذي يسيطر على طفلك أثناء فترة امتحاناته، عليك أن تعود خطوة إلى الوراء لتعرف سبب المشكلة. هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدّي إلى خوف الأطفال من الامتحانات، أهمّها: - الضغط الاجتماعيّ يمكن أن يؤدِّي الضغط الاجتماعيّ وتوقّعات الأهل والمعلّمين العالية إلى زيادة خوف الطفل من الامتحانات. - الخوف من الفشل  يمكن أن يتسبّب الخوف من الفشل في زيادة القلق والتوتّر عند الأطفال، ولا سيّما إذا كانوا يعانون ضغوطات كبيرة لتحقيق النجاح في الحياة.  - عدم الاستعداد الجيّد  إذا لم يُوفَّر الدعم الكافي للأطفال، بما في ذلك الدعم الأكاديميّ والنفسيّ، فقد يصعب عليهم التحضير للامتحانات كما يجب. - عدم الشعور بالثقة بالنفس  يمكن أن يؤدّي القلق والتوتّر إلى تدنّي الشعور بالثقة بالنفس، ممّا يؤثِّر سلبًا في الأداء الأكاديميّ.   كيف تتعامل مع خوف طفلك من الامتحانات؟  باستراتيجيّات بسيطة، تستطيع دفع طفلك دفعًا إيجابيًّا نحو الشعور بالراحة تجاه الامتحانات، وتعزيز ثقته بنفسه، ومساعدته على الاسترخاء وتحسين أدائه في الامتحانات. إليك الطرق الصحيحة في التعامل مع خوف طفلك من الامتحانات: - اِخلق جوًّا إيجابيًّا في المنزل  يحتاج طفلك إلى الهدوء والشعور بالسلام الداخليّ، لجمع أفكاره والتركيز على دراسته. أغلق التلفاز، وأنهِ جميع أعمالك المنزليّة، واجلس معه لتدعمه في دراسة موضوعاته الدراسيّة.   - ساعده في إعداد خطط الدراسة  تساعد الخطط الدراسيّة على تقديم أهداف ملموسة لطفلك. لذلك، دع هذه الخطوة تترأّس قائمة استراتيجيّاتك في ما يتعلّق بمساعدة طفلك على تخطّي الشعور بالخوف من الامتحانات. تضمن بذلك الموازنة بين أوقات مرح طفلك وأوقات دراسته.   - حضّر لطفلك وجبات غذائيّة متوازنة   تأكّد من تناول طفلك وجبات الطعام في الوقت المحدّد، وحصوله على ما يكفي من الكربوهيدرات والبروتينات. امنعه من تناول وجبات تحتوي على الدهون والزيوت الضارّة، وقدّم له، بدلًا من ذلك، المكسّرات والفاكهة على فترات منتظمة. - اصطحبه في نزهات سريعة  قد لا تدرك مدى أهمّيّة الشمس والهواء النقيّ في تجديد نشاط طفلك، إلّا أنّهما أساسيّان في تحقيق توازن طفلك الذهنيّ، وتهيئته قبل قضاء الساعات القادمة في استقبال المعلومات. لذلك، تأكّد من أخذ طفلك في نزهة إلى الحديقة الأقرب إلى منزلك، أو إلى الشارع المقابل حتّى يحصل على جرعته اليوميّة من الهواء النقيّ أثناء فترة امتحاناته، من أجل تصفية عقله قبل بدء العمل الجاد.   - احرص على جعل طفلك ينام ساعات كافية   النوم الجيّد في الليل ضروريّ لصحّة عقل طفلك وجسده. لذلك، من المهمّ جدًّا أن تتأكّد من حصول طفلك على 8 ساعات من النوم كلّ ليلة، حتّى يتمكّن من الاستيقاظ نشطًا للدراسة في اليوم التالي. - ساعده على تحسين خطّ يده  يرتبط خطّ اليد بتحسين فرصة طفلك في تحقيق علامات جيّدة. يميل الطلّاب إلى تجاهل خطوطهم أثناء محاولتهم إنهاء كتابة إجاباتهم في الوقت المحدّد. - اهتم بجميع مواده الدراسيّة على حدّ سواء  خصِّص وقتًا محدّدًا لمراجعة كلّ مادة وموضوعاتها، مهما بلغت درجة صعوبتها أو سهولتها، إذ تضمن، بهذه الطريقة، فهم طفلك المواد التي يستصعبها، وتتأكّد من فهمه الموادّ التي لا يجد فيها صعوبة.    * * * لا يستوجب خوف الأطفال من الامتحانات قلقك، ولكنّه، حتمًا، يستوجب انتباهك. يمكن لخوف طفلك في الصغر أن يتطوّر في مراحل عمريّة متقدّمة من حياته. لذلك، تُعدّ تأدية دورك، أبًا أو أمًّا، أمرًا أساسيًّا في مساعدة طفلك على التغلّب على قلق ما قبل الامتحان، بتطبيق القواعد التربويّة التي ذكرناها، من توفير البيئة المريحة وغيرها، لزيادة احتماليّة تحقيق طفلك أداء أفضل في امتحاناته.     أقرأ أيضًا: الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيف أعلّم طفلي الدفاع عن نفسه بطرق سلميّة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://parenting.firstcry.com/articles/how-to-deal-with-exam-fear-in-kids/   https://bangalore.globalindianschool.org/blog-details/exam-phobia   https://www.careerindia.com/tips/tips-to-help-kids-overcome-fear-of-exams-013849.html