كشفت وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان عن قرارها القاضي باعتماد أربعة أيام تدريس أسبوعيًّا في التعليم الرسميّ بدلًا من خمسة. أتى ذلك الثلاثاء، بعد اجتماع إداريّ عُقد في الوزارة، مع العلم أنّ التعليم في لبنان تعرّض لخضّات عديدة في السنوات الماضية، ولا سيّما في خلال أزمة كورونا التي أرّقت العالم كلّه، وكذلك في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة الحادّة التي شهدتها البلاد، ووسط الوضع الإنسانيّ المتدهور الذي تسبّبت فيه الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان.
والتقت وزيرة التربية والتعليم العالي اللبنانيّة ريما كرامي الرئيس اللبنانيّ جوزيف عون في قصر بعبدا الجمهوريّ، يوم الأربعاء الموافق 20 آب/ أغسطس، وتضمّن اجتماعهما عرضًا للواقع التربويّ في لبنان والتحضيرات الجارية لبدء السنة المدرسيّة الجديدة 2025-2026. وصرّحت كرامي بعد ذلك بأنّها وضعت عون "في أجواء الاستعداد لبدء العام الدراسيّ بمراحل التعليم كافة، العام والمهنيّ والعالي، مع شرح للإجراءات التي جرى اتّباعها لهذه التحضيرات".
وأفادت كرامي بأنّ "التدبير حول اعتماد التدريس أربعة أيام خلال الأسبوع يطال فقط التعليم الرسميّ، وهو استمرار للإجراء المعتمد في خلال السنتَين الأخيرتين، أي منذ العودة من التعليم عن بُعد (في خلال أزمة كورونا) وخلال الأزمة الاقتصاديّة"، إذ كان ثمّة "توافق بين الوزارة والروابط التعليميّة على ضغط ساعات العمل". وشرحت أنّ هذا "أمر متعلّق بالكلفة التشغيليّة للوزارة والمدارس، وبرواتب الأساتذة لإفساح المجال أمامهم لتأمين دخل إضافيّ، بالإضافة إلى تخفيف المصاريف على الأهالي، خصوصًا بالنسبة إلى نقل التلاميذ من وإلى المدارس".
وأشارت كرامي إلى أنّ "كلّ هذه الضغوط أوجبت في خلال الفترة الماضية اتّخاذ هذا الإجراء، وكنّا نأمل أن ننتقل هذه السنة إلى الدوام الكامل أي خمسة أيام في الأسبوع، وحاولت جاهدة التوصّل إلى هذه النتيجة وعقدت اجتماعات عديدة مع روابط الأساتذة في التعليم الأساسيّ والثانويّ، وتواصلنا أيضًا مع وزارة الماليّة في هذا الشأن". وأوضحت أنّ لـ"العام الدراسيّ خصوصيّته من الناحية الماليّة، فهو يبدأ في خضمّ السنة الماليّة، أي أنّنا حاليًّا ما زلنا من ضمن موازنة العام السابق التي تلحظ العمل لفترة أربعة أيام في الأسبوع"، وقد "حاولنا زيادة عدد الأيام لكنّنا لم نستطع". وتابعت: "لذلك، وكي نبدأ العام الدراسيّ بشكل منتظم، جرى الاتّفاق على الاستمرار بدوام الأيام الأربعة في الأسبوع، على أن تكون السنة الأخيرة التي يجري فيها اعتماد هذا الإجراء". وشدّدت على أنّ "كلّنا أمل بأنّ في العام المقبل، في ظلّ الموازنة الخاصّة التي وضعتها الوزارة"، أن "نعود إلى الدوام العاديّ، أي خمسة أيام في الأسبوع، التي تلحظ طرح مصاريف تشغيليّة للأساتذة الذين يجري العمل معهم لتصحيح الرواتب في القطاع العام".
وأكّدت وزيرة التربية والتعليم العالي اللبنانيّة أنّ "هذه هي حيثيات القرار الذي صدر أمس الثلاثاء، مع الإشارة إلى رفع الحصّة التعليميّة إلى 50 دقيقة"، أي أنّ "موعد مغادرة المدارس الرسميّة سوف يمدّد يوميًّا لنحو نصف ساعة، وإعادة المواد الإجرائيّة والمختبرات وغيرها، على أن ينطلق العام الدراسيّ بزخم قوي وتستعيد المدرسة الرسميّة ثقة الأهالي".
وحول كيفيّة تلبية مطالب الأساتذة بزيادة الرواتب في ظلّ عدم توفّر الأموال، قالت كرامي: "نحن مستمرّون في موازنة العام الفائت، وأنا على تواصل دائم مع الأساتذة، من خلال شخص في مكتبي مهمّته فقط الاتصال بالأساتذة وبالروابط التعليميّة والمديرين". وبيّنت: "التقيت الأسبوع الفائت بمديرين من مختلف المناطق اللبنانيّة وبكلّ الروابط، وبالتالي فإنّ مشروعنا في الوزارة هو إعادة تصحيح الأجور (المتعارف عليه باسم سلّم الرتب والرواتب) ولكن فعليًّا نرغب في تصحيح الأجور التي تراجعت"، مضيفةً: "واتّفقنا على وضع خطة موازية بالتنسيق مع وزارة الماليّة. ونحن نعمل (بوصفنا) شركاء، وأنا فخورة بهذا الأمر".
من جهة أخرى، وفي ردّ على سؤال حول توفّر خطّة في حال وقوع حرب محتملة في لبنان في المقبل من الأيام، أجابت وزيرة التربية والتعليم العالي أنّ "لا خطّة في حال حصول حرب، بل لكيفيّة متابعة الدراسة في الأحوال العاديّة". لكنّها قالت: "نحن جاهزون إذا لزم الأمر وحصلت حرب لا سمح الله"، مؤكّدةً: "سوف نتّخذ الإجراءات اللازمة". وأكملت كرامي: "حاليًّا، ننطلق في عام دراسيّ، آمل بأن يكون منتظمًا، وحتى المدارس الواقعة في مناطق متضرّرة أو عرضة للاعتداءات تخضع لترتيبات خاصّة لتأمين التعليم الحضوريّ لكلّ تلميذ، وليس الاكتفاء بالتعليم عن بُعد،"، مشدّدةً على أنّ "ثمّة اهتمامًا خاصًّا بهذه المجموعة من التلاميذ، مثلما حصل في خلال الامتحانات الرسميّة التي أُجريت (في نهاية العام الدراسيّ المنصرم 2024-2025)، لأنّنا نعلم مدى قساوة الظروف التي يمرّون بها".
على صعيد الترتيبات في المدارس التي تستقبل لاجئين سوريّين في فترة بعد الظهر، قالت كرامي: "هذا ملفّ مختلف وما زال قيد البحث لأنّ أبعاده تتجاوز وزارة التربية". أضافت: "حاليًّا، ما زلنا نعمل وفقًا للمراسيم المتّبعة في العام السابق وسوف نلتزم بها، لكنّه موضوع قيد البحث"، لافتةً إلى أن "ثمّة جهودًا كبيرة ولجانًا في الحكومة تعمل على موضوع عودة النازحين".
وكانت وزيرة التربية والتعليم العالي اللبنانيّة قد ترأست، أول أمس الثلاثاء، اجتماعًا إداريًّا ضمّ المدير العام للتربية فادي يرق ومديري التعليم والإرشاد والتوجيه، وجرى البحث في خلاله في متابعة التحضيرات لانطلاق العام الدراسيّ 2025-2026. ومن أبرز المواضيع التي جرى البحث بها عدد أيام التدريس ومدّة حصّة التدريس والدوامَان اليوميّ والأسبوعيّ، مع الأخذ في عين الاعتبار المدارس التي تعتمد دوامَين؛ قبل الظهر وبعده. كذلك كانت إشارة إلى إنجاز المناقلات قبل بدء العام الدراسيّ المرتقبة انطلاقته قريبًا، وإعطاء الأولويّة لتأمين أفراد الهيئة التعليميّة للمدارس كافة.
المصدر ( العربي الجديد).