هندة الدّجبيّ - أستاذة مدرسة إعداديّة - تونس
هندة الدّجبيّ - أستاذة مدرسة إعداديّة - تونس
2025/08/07

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

ستوري جامبر story jumper تفاعل معها التلاميذ بطريقة إيجابيّة، لأنّهم استطاعوا بها أن يصنعوا لمسات خاصّة بهم وحدهم، من خلال إنتاج قصصهم الخاصّة.

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

الاعتماد دومًا على القرآن الكريم والتذكير بمنزلة الإنسان من خلال قوله تعالى: "وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، والتأكيد على أنّ التكنولوجيا الحديثة، مهما تطوّرت، فهي ليست إلا أداة من صنع البشر، وأنّ العقل البشريّ يظلّ هو الأرقى لأنّه من صُنع خالق حكيم. ولهذا السبب، يجب أن نتعامل معها بوعي، وألّا نعتبرها أكثر من أداة مُساعِدة لتيسير أعمالنا، وليست رُبّان سفينة، علينا أن نخضع له من دون وعي منّا أو إرادة؛ وإلّا فقدنا القدرة على الخلق والفاعليّة والإنجاز والإبداع، وفقدنا بالتالي ميزة المخلوق الأرقى من بين كلّ المخلوقات.

وهنا أقصد استعمال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ للمساعدة على تيسير العمل ومواكبة التطور الحاليّ فقط. مع التأكيد على عدم الاعتماد على الذكاء الاصطناعيّ أداة لتعويض قدرات التلميذ، وعلى ضرورة اعتماده على نفسه في البحث عن الإجابات المطلوبة سواء في التفاعل مع الدرس أو الامتحان.

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

اكتشفت أنّ تلميذ اليوم ليس هو تلميذ الأمس، وأنّ المعلّم لم يعد صاحب المعلومة الوحيد، وأنّه لا يمتلك كلّ المعرفة. كما اكتشفت أنّ على المعلم أن ينوّع طرائق التعليم ويطوّر في استراتيجيّات التفاعل داخل الفصل الدراسيّ بما يواكب العصر ونماء القدرات الذكائيّة لدى الطلّاب، وعدم قدرتهم على التفاعل مع طرق التعليم التقليديّة.

افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

التواصل الفعّال. ويشمل حسن الإصغاء والمرونة، وإدارة الانفعالات والضغوط. وكذلك التعرّف إلى أنماط الشخصيّات. إذ يجب على المدرّس أن يكون مصغيًا جيّدًا إلى تلاميذه، لأنّ في هذا الإصغاء ولوج إلى عالم التلميذ والتعرّف إلى قدراته واهتماماته.

وعليه أن يتعلّم كيف يميّز بين أنماط شخصيّات تلاميذه، حتّى يتمكّن من إعداد أنشطته الصفّيّة بطريقة تلائم كلّ الشخصيّات، فتتحقّق فرص الفهم للجميع. وأن يتعلّم كيف يتحكّم في غضبه ويدير انفعالاته داخل الفصل الدراسيّ، ولا سيّما إذا واجه الشغب والنفور من الدراسة، والتنمّر، وعدم الانضباط والعنف.

إذا استطاع المدرّس أن يتعلّم كلّ ما سبق عبر ورشات أُعدّت لهذه الأغراض، استطاع أن يبني مع تلاميذه جسرًا للتواصل لا ينقطع.

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

نعم أكيد، لما فيه من فوائد في تبادل الخبرات. كما إنّه يسمح بتبادل الآراء حول آليّات تحسين جودة التعليم وتطوير أساليبه في العالم العربيّ. وأقترح مشروع التوأمة الرقميّة الذي يوفّر مناخًا خصّبًا لتطوير كفاءة المعلّم والتلميذ معًا.

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

أنا صديقة لأولياء الأمور، أتحدّث إليهم كلّما طلبوا ذلك، حتّى في الشارع وخارج الوقت المخصّص للزيارة. أخبرهم دومًا أنّنا شركاء في بناء هذا الكائن الصغير الذي علينا أن نتحمّل تمرّده ونستوعب رغبته في بناء شخصيّته، لأنّ المؤثّرات الخارجيّة عليه كثيرة وكبيرة. وطالما هدفنا واحد، وهو بناء المستقبل الأفضل، فعلينا أن نتعلّم كيف نتعامل معه بأسلوبه لا بأسلوبنا.

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

عبر برمجة عقلي على قبول الآخرين كما همّ، وليس كما أريدهم أن يكونوا. والعمل على تغيير ذاتيّ بالدورات التدريبيّة المكثّفة التي استطعت بها أن أحافظ فعلًا على صحّتي النفسيّة. بالإضافة إلى ضرورة الركون إلى الراحة البدنيّة وممارسة رياضة المشي باستمرار.

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

إدارة الوقت: القيام بما هو مهمّ وعاجل، تأجيل كلّ ما هو مهمّ وغير عاجل، وإلغاء كلّ ما هو غير مهمّ كلّيًّا.

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

  • الأثر الإيجابيّ: التطوير الذاتيّ ودخول عالم التدريب.
  • الأثر السلبيّ: الخوف على مستقبل الشعوب العربيّة في ظلّ تراجع قيمة العلم والعمل لدى الناشئة، والاكتفاء بمنطق الربح السريع في غياب النموذج الحسن.

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

أنا لست من المدرّسين الذين يتغيّبون إلاّ للضرورة القصوى. وحصل مرّة عندما كنت مُتّجهة من مكان بعيد إلى مقرّ عملي، أن تعطّلت وسيلة النّقل لفترة غير قصيرة. ونظرًا إلى أنّي كنت معتادة على الوصول باكرًا، فقد كان تأخّري دليل على غيابي. وعند ولوجي باب المدرسة الإعداديّة وجدت تلاميذي مستبشرين مهلّلين لا تكاد الأرض تسعهم من شدّة السعادة لغيابي عن حصّة الدرس التي كانت تدوم لساعتين. لكنّ عند رؤيتي على باب المدرسة، تراخت الأيادي التي كانت تهلّل، وخفتت الأصوات العالية. والجميع ينظرون إلى بعضهم البعض ويردّدون في أسف: جاءت، لقد جاءت. ابتسمت لهم بحبّ قائلة: عوضكم على الله، وحتّى لا تُطمس فرحتكم مجدّدًا، كونوا على يقين بأنّي لا أتغيّب مطلقًا إلّا لأسباب شخصيّة قاهرة، أو يوم بيداغوجيّ في إطار العمل. ابتسم أغلبهم في يأس، وقالوا: " مرحبًا بكِ سيّدتي، نحن جميعًا نحبّك".