ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
بصفتي عضو هيئة تدريس جامعيّة متخصّصًا في المناهج وطرق التدريس، توصّلت من سنوات خبرتي إلى أنّ استراتيجيّة التعلّم القائم على الاستقصاء تحتلّ مكانة بارزة، بوصفها أكثر طرق التدريس فعّاليّة في تعزيز التعلّم العميق لدى الطلّاب. يتجلّى تأثير هذه الاستراتيجيّة في مستوى الانخراط الفعّال الذي يبديه الطلّاب عند طرح الأسئلة، واستكشاف المصادر، وتصميم التجارب، وتحليل البيانات، والخروج باستنتاجات مبنيّة على الأدلّة. هذا النهج ينمّي لديهم مهارات التفكير النقديّ وحلّ المشكلات، بالإضافة إلى بناء فهم أعمق للمفاهيم العلميّة بالبحث والتقصي الذاتيّ. إنّ ملكيّة الطلّاب لعمليّة التعلّم بالاستقصاء تزيد من دافعيّتهم وتجعل المعرفة أكثر رسوخًا واستدامة.
كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
أوازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ بوصفها أدوات لدعم البحث العلميّ وتوسيع مصادر التعلّم، مع التأكيد على أهمّيّة النقاشات الأكاديميّة والتفاعل المباشر في قاعات المحاضرات والمختبرات. إنّ بناء علاقات مهنيّة وثيقة مع الطلّاب يمثّل جوهر العمليّة التعليميّة الجامعيّة.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
في بداياتي الأكاديميّة، اكتشفت أنّي كنت أركّز بشكل مفرط أحيانًا، على تقديم النظريّات والمفاهيم بشكل نظريّ بحت. أدركت أهمّيّة ربط هذه النظريّات بتطبيقات عمليّة ودراسات حالة واقعيّة لتفعيل الفهم النقديّ لدى الطلّاب، فقمت بتضمين هذه الجوانب في تصميم المقرّرات.
افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
في ورشة عمل لتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس، سأركّز على تصميم مناهج قائمة على البحث والاستقصاء، واستخدام استراتيجيّات تدريس تفاعليّة تحفّز التفكير النقديّ، وتوظيف أدوات تقويم متنوّعة تقيس مهارات عُليا، وأهمّيّة بناء بيئة تعلّم محفّزة ومشجّعة للابتكار.
هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
أرى أنّ التشبيك والحوار بين الأكاديميّين والباحثين في العالم العربيّ في مجال المناهج وطرق التدريس، أمر بالغ الأهمّيّة لمواجهة التحدّيات المعاصرة في التعليم العالي. أقترح مبادرة لإنشاء شبكة بحثيّة عربيّة منظّمة لتسهيل التعاون في المشروعات البحثيّة وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات.
كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
على الرغم من الجهود المبذولة للتواصل مع أولياء الأمور، ولا سيّما في المراحل الجامعيّة الأوليّة، من خلال فعّاليّات تعريفيّة وتوفير معلومات حول متطلّبات البرامج وأهمّيّة دعمهم، يواجه هذا التواصل تحدّيات جمّة.
غالبًا ما يكون تفاعل أولياء الأمور محدودًا، سواء بسبب انشغالهم أو تصوّرهم بأنّ مسؤوليّة التعليم الجامعيّ، تقع بشكل كامل على عاتق الطالب والجامعة. كما إنّ تشجيعهم على متابعة التطوّرات الأكاديميّة لأبنائهم، والتواصل مع المرشدين الأكاديميّين لا يزال يمثّل صعوبة، ما يستدعي البحث عن آليّات أكثر فعّاليّة لتعزيز هذه الشراكة.
كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
بصفتي عضو هيئة تدريس جامعيّ، أولي اهتمامًا خاصًّا للحفاظ على عافيتي النفسيّة في ظلّ الضغوط المتزايدة للبحث والتدريس والمسؤوليّات الإداريّة. أجد في تخصيص وقت للبحث العلميّ متعة شخصيّة تتجاوز كونه واجبًا أكاديميًّا، فهو يمثّل لي استراحة فكريّة وتجديدًا للطاقة. بالإضافة إلى ذلك، أحرص على الانخراط في فعّاليّات ثقافيّة واجتماعيّة متنوّعة تسهم في توسيع مداركي وتكوين علاقات إيجابيّة. ولا أغفل عن أهمّيّة ممارسة الأنشطة الرياضيّة بانتظام للحفاظ على صحّتي الجسديّة وانعكاسها الإيجابيّ على حالتي النفسيّة. أؤمن بشدة بأنّ الحفاظ على توازن صحّيّ بين هذه الجوانب المختلفة في حياتي أمر ضروريّ للاستمرار بكفاءة وفاعليّة في مسيرتي الأكاديميّة.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
في ظلّ الأعباء المتزايدة التي تواجه عضو هيئة التدريس الجامعيّ، أجد أنّ استراتيجيّات تنظيم الوقت تؤدّي دورًا حاسمًا في الحفاظ على الإنتاجيّة والحدّ من الإرهاق. أعتمد بشكل أساسيّ على التخطيط المسبق لكلّ من المهام البحثيّة والتدريسيّة، حيث أقوم بتحديد أهداف واضحة وجداول زمنيّة تفصيليّة لكلّ مشروع ومقرّر دراسيّ. كما أحرص على تحديد مواعيد نهائيّة واقعيّة وقابلة للتحقيق، لتجنّب الشعور بالضغط المستمرّ. وعند الإمكان، لا أتردّد في تفويض بعض المهامّ الإداريّة الروتينيّة للزملاء أو المساعدين لتوفير وقت أثمن للتركّيز على البحث والتدريس. وأخيرًا، أستفيد بشكل فعّال من الأدوات الرقميّة المتاحة لتتبّع التقدّم في المهامّ المختلفة، وتنظيم المواعيد، وتحديد الأولويّات، ما يساعدني على إدارة وقتي بكفاءة أكبر، وتحقيق توازن أفضل بين مسؤوليّاتي المتعدّدة.
اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
أثّرت مهّنة التدريس الجامعيّ إيجابًا في حياتي الشخصيّة بالتحفيز المستمرّ للتعلّم، وتوسيع آفاقي المعرفيّة بتفاعلي مع الطلّاب والبحث. أما الأثر السلبيّ فقد يتمثّل أحيانًا في الضغط الناتج عن تعدّد المسؤوليّات البحثيّة والإداريّة والتدريسيّة.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
في إحدى المناقشات الأكاديميّة مع زميلي العزيز في الكليّة حول نظريّة تربويّة معيّنة، وبينما كنا نعتقد أنّنا أحطنا بها علمًا، فاجأني بـ"قنبلة" فكريّة تمثّلت في وجهة نظر مبتكرة وغير تقليديّة. كانت رؤيته ثاقبة إلى درجة أنّها أوقفت تدفّق أفكاري، وأجبرتني على التوقّف للحظة، وكأنّ "مصباحًا" جديدًا قد أُضيء في زاوية مظلّمة من فهمي لتلك النظريّة. هذا التفاعل المثير أثمر عن نقاش أكاديميّ حيويّ وممتع، تبادلنا فيه الضحكات والدهشة، وأغنى فهمنا للموضوع بطريقة لم نكن نتوقّعها، مؤكّدًا أنّه حتّى أبسط النظريّات يمكن أن تخبّئ كنوزًا من الأفكار عندما تُناقش بحماس وروح مرحة بين الزملاء.