الرئيسية

في هذا العدد

العدد (16) ربيع 2024

تستهدف الحروب، في ما تستهدف، مثلّث التعليم: المدرسة مبنى وإدارة ومعلّمين؛ والمتعلّمين؛ والأهل. تصيب أطراف هذا المثلّث بشظايا وندوب، وربّما بأكثر، فتتعطّل العمليّة التعليميّة بنسب كبيرة. وكلّما زاد عمر الحرب، كبرت الخسائر في التعليم، وقلّت أهمّيته الراهنة لحساب مفاهيم الأمن وتأمين سبل الحياة، والتعامل مع المشاكل اليوميّة المباشرة، وتأجيل ما يمكن تأجيله على فداحته وخطورته. ولا يُخفى أنّ الحرب (قل المجزرة) الماثلة أمام أعيننا اليوم في غزّة، كانت من أسباب إعادة طرح هذا الملفّ؛ فما يجري مقتلة وتدمير متعمّد لأشكال الحياة واحتمالاتها المستقبليّة.  من هنا، يأتي العضّ على الجرح، وممارسة التعلّم والتعليم وسط هذا الدمار، فعل مقاومة يجترحه الناس المستهدفون. وبعد الحرب، ومن غير تنظير على الناجين منها، نأمل أنّ الناس ستعيد تدبّر حياتها، والتعليم جزء أساس منها. وهذا يستدعي برأينا: الإبداع في إيجاد الحلول وتحديد مناهج الدراسة، وتبنّي أشكال جذريّة من التعليم كمقاربات التعليم المجتمعيّ والتحرّري والمجاورة. قالت أسماء مصطفى، المعلّمة الغزّاويّة الصابرة، في محاورة العدد المميّزة: نجونا من الموت لكنّنا لسنا بخير! جملة تختصر وحشيّة الحروب على الناس، فالنجاة من الموت لا تعني السلام، والعمل سيكون مضنيًا لإعادة الناس بعد الحرب، إلى أن يكونوا بخير.

ملفّ العدد القادم

دعوة إلى الكتابة في ملفّ العدد 17: صوت المعلّمين.. عن الرفاه واستعادة العافية

إذا كان من المتّفق عليه أنّ مصالح المتعلّمين التعلّميّة والنفسيّة والقيميّة، هي الهدف الأساس لإدارة التعلّم في أيّ مكان في العالم، وتحقّق هذه المصالح هو رأس هذا الهدف، فإنّ العمل على تحسين الظروف والعوامل المرافقة لهذه المصالح تنال أهمّيّتها من أهمّيّة الهدف النهائيّ هذا. من هنا، يُعنى بالمحيط الحيويّ للمتعلّم، وبالمناهج الدراسيّة، والاستراتيجيّات التعلّميّة، والمقاربات التعلّميّة والإرشاديّة وغير ذلك. لكن، من المتّفق عليه أيضًا، أنّ المعلّم أخطر عوامل نجاح عمليّة التعلّم، حيث إنّه رأس الحربة كما يُقال، أو الجنديّ على الأرض الذي لا تنجح أهمّ الخطط الاستراتيجيّة إن لم يتأقلم معها، ويتدرّب لها، ويكُن مستعدًّا على المستويات البدنيّة والنفسيّة والمعنويّة.   من هذه الرؤية، حدّدت منهجيّات المعلّمَ موضوع ملفّ عددها السابع عشر: رفاهه؛ استعادته عافيته؛ أوضاعه القانونيّة؛ مجال حركته واتّساعه؛ برامج تقاعده؛ وكالته بين خطوط المناهج المفروضة والسياسات التعلّمية المفروضة؛ قدرته على التفاعل مع المستجدات اليوميّة، تربوية كانت أم عامّة، وفسحته في إشراك المتعلّمين فيها... إلى ما غير ذلك من الأمور التي تجعل التعليم مهنة مرغوبة لعشّاقها ومريديها، غير مدمّرة لآمالهم وتطلّعاتهم. ملفّ "صوت المعلّمين: عن الرفاه واستعادة العافية" مخصّص بالشكل النهائيّ لخدمة المتعلّمين وإنجاح العمليّة التعلّميّة، لأنّ موضوعه كما أسلفنا، رأس الحربة في هذه العمليّة وفي إنجاحها. من هنا تأتي الدعوة إلى الخبراء والمختصّين التربويين، ناهيك عن المعلّمين أنفسهم بتجاربهم وخبراتهم، إلى المشاركة في الملفّ بواحد من المواضيع الآتية: - المعلّم الإنسان: كيف يحافظ المعلّم على عافيته في ظلّ الظروف الصعبة، أكان الأمر مرتبطًا بواقع عمل غير عادل، أو بتأثّر المعلّم بواقع اجتماعيّ ضاغط يريد التعبير عنه (التأثر بمأساة غزّة مثالًا)؟ ما الخطوات التي يستطيع المعلّم فيها أن يستعيد عافيته ويرمّم روحه للاستمرار؟ هل من تجارب شخصيّة في هذا؟ - الأوضاع القانونيّة للمعلّمين: الحقوق والأجور والتقاعد؛ خطوات الارتقاء والتدرّج؛ أنواع الرقابة المفروضة؛ حرّيّة التعبير والتغيير؛ الحماية الوظيفيّة... - وكالة المعلّمين: حرّيّة المعلّم بين القانون ومزاج الإدارات؛ المعلّم والمنهاج: من يسود؟ وما الضوابط؟؛ اختيار مادّة التدريس والنصوص الأدبيّة وعلاقتها بالسائد الاجتماعيّ؛ التطوير المهنيّ للمعلّمين: آفاق وعقبات...   يمكن لكم المشاركة في واحد من هذه المحاور، أو أن تقترحوا محورًا غاب عنّا للمشاركة فيه، على أن تصلنا موادّكم في موعد أقصاه 20 أيّار/ مايو، 2024. يُمكنكم إرسال مُشاركاتكم عبر البريد الإلكترونيّ: [email protected]

أخبار تربويّة

دار الكتاب التربويّ تُطلق عددًا من أحدث إصداراتها

أطلقت دار الكتاب التربويّ عددًا من أحدث إصداراتها لعام 2024، وهي إصدارات تربويّة أربعة مُترجمة إلى العربيّة، لفائدة التربويّين العرب من المعارف التربويّة التي تُنتج حول العالم. جاء الإصدار الأوّل بعنوان "التعلّم العالي الأداء: كيف نجعل مدارسنا عالية المستوى" وهو من تأليف ديبرا آير، وتقدّم فيه نموذجًا واضحًا لكيفيّة تحقيق مستويات عالية الأداء الأكاديميّ لجميع الطلبة والمدارس، استنادًا إلى ما هو معروف عن كيفيّة وصول الناس إلى الأداء الإدراكيّ المتقدّم. وحمل الإصدار الثاني عنوان "المتعلّم من خلال الاستقصاء، من تأليف كاث موردوخ، والتي استندت في كتابته إلى الأبحاث الرصينة حول أهمّيّة وكيفيّة تعلّم الطلبة من خلال الاستقصاء. بينما جاء الإصدار الثالث بعنوان "العقول العظيمة وكيفيّة ننمّيها"، تأليف ويندي برلينز وَديبورة أير، وهو دليل للوالدين يبيّن لهم كيف يستطيعون أن ينشئوا عقول أطفالهم الصغار والمراهقين، وكيف يوجّهونهم للنجاح في المدرسة وفي الحياة معًا. أمّا الإصدار الرابع "دليل نموذج جامعة الدول العربيّة"، تأليف فيليب داجاتي وهولي جوردان، فيوفّر نظرةً شاملة معمّقة لبرنامج نموذج جامعة الدول العربيّة للطلبة الذين يُمارسون البرنامج لأوّل مرّة، وكذلك للطلبة الذين يشتركون فيه مُجدّدًا.

مرصد ونجوم الأمل تُصدران ورقة حقائق حول واقع المدارس في ظلّ الحرب على غزّة

أطلق مرصد السياسات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، بالشّراكة مع جمعيّة نجوم الأمل لتمكين النساء ذوات الإعاقة، ورقة حقائق حملت عنوان "واقع المدارس المواءمة في ظلّ حرب الإبادة الجماعيّة على قطاع غزّة". وتأتي الورقة لرصد الحملات الواسعة من التدمير الممنهج للقطاع التعليميّ في غزّة، والتي تستهدف البنية التعليميّة من مدارس وجامعات ومؤسّسات ثقافيّة ومكتبات وغيرها. وجاء في بيان الإطلاق "يعمل الاحتلال على تدمير كافّة مقومات الحياة في القطاع، تحقيقًا لأهدافه الاستعماريّة في تدمير مقومات الوجود الفلسطينيّ، والتي يلعب التعليم جانبًا محوريًّا في تعزيزها". للوصول إلى الورقة، اضغط على الرابط هُنا.

جامعة النجاح الوطنيّة تطلق مبادرة لتمكين طلبة غزّة من استكمال تعليمهم الجامعيّ

أعلنت جامعة النجاح الوطنيّة- نابلس، وبالشراكة مع اتحاد الجامعات المتوسّطيّة  (UNIMED)وصندوق دعم الطالب الفلسطينيّ (PSSF)، عن إطلاق مبادرة لتمكين طلبة غزّة من استكمال تعليمهم الجامعيّ إلكترونيًّا، كطلبة زائرين لفترة محدودة، دون أن يتحمّل الطالب أو جامعته تكاليف ماليّة. وتأتي هذه المبادرة في ظلّ الدمار غير المسبوق الذي يتعرّض إليه القطاع، والذي طال مناحي الحياة جميعها، وفي قلبها المشهد التعليميّ المدمّر، إذ هُدّمت أو تضرّرت قرابة 70% من المؤسّسات التعليميّة في القطاع. وإدراكًا من جامعة النجاح الوطنيّة لضرورة استكمال التعليم، وضمان عدم إضاعة حقّ الطلبة، فإنّها تعكف من خلال شراكة وثيقة مع اتحاد الجامعات المتوسّطيّة (UNIMED) ومؤسّسة صندوق المنح للطلبة الفلسطينيّين (PSSF)، وبتنسيق مع الجامعات الفلسطينيّة في قطاع غزّة، على تأسيس نظام تعليميّ إلكترونيّ مبتكر مخصّص للطلبة الجامعيّين في القطاع، سيجري المباشرة بتنفيذه فور توفّر الظروف الملائمة، والتي تتيح التحاق الطلبة في مساقاتهم الجامعيّة عن بُعد. وتؤكّد المبادرة على أنّه لن تكون هناك أيّة تكاليف ماليّة على الطلبة، فالخطوة هي استجابة إنسانيّة حثيثة لمعاناة طلبة غزّة، وتقديم الدعم اللازم لهم للتخفيف من أعباء الحرب وآثارها المدمّرة على مسيرتهم التعليميّة، وخلق مسارات وحلول تصب في هذا الاتجاه الذي تكفله المواثيق الدوليّة كافّة، لا سيّما أنّ الشعب الفلسطينيّ أثبت على مدار عقود طويلة، أنّ التعليم رسالة مقدّسة، وشعلة صوب إقامة الدولة الفلسطينيّة. وتقوم المبادرة على الاستعانة بالرقمنة ومنصّات التعلّم الافتراضيّة والموارد المفتوحة/ المشتركة، والدعم التقنيّ والتعليميّ، إذ شكلّت المبادرة لجنة من أفضل الخبراء في التعليم عن بعد لوضع الخطط اللّازمة للعمل على دعم الطلبة بشكل مباشر فور تهيئة الظروف الملائمة لذلك، لضمان عدم حدوث أي فاقد تعليميّ بسبب الحرب، لحين تعافي جامعات القطاع وقدرتها على استئناف المسيرة التعليميّة لطلبتها. ودعت جامعة النجاح وشركاؤها، الجامعات المحلّيّة والإقليميّة والدوليّة المهتمّة للانضمام إلى المبادرة لتقديم الدعم التعليميّ اللازم.   وطالت الحرب مناحي الحياة كافّة في قطاع غزة، حيث حُرم نحو 608 آلاف طالب من حقّهم في التعليم المدرسيّ، وأكثر من 90 ألف طالب جامعيّ، وفقد آلاف الطلبة أساتذتهم وزملاءهم ومعلّميهم، إذ استشهد 17 مدرّسًا جامعيًّا يحملون لقب بروفيسور، و59 مدرّسًا يحملون درجة الدكتوراه. واستشهد 18 طالبًا من حملة درجة الماجستير، ما أدّى إلى تدمير العمود الفقريّ الأكاديميّ لجامعات غزّة، ويقدّر صندوق النقد الدوليّ أنّ خسائر قطاع التعليم في غزّة تزيد عن 720 مليون دولار. لذلك، فإنّ جامعة النجاح ترى أن هذه المبادرة لإنقاذ قطاع التعليم في غزّة تحمل بعدًا تضامنيًّا وطنيًّا وإنسانيًّا نابعًا من إدراكها بأنّ التعليم حقّ لا يمكن الاستغناء عنه، حتى في أحلك الظروف وأقساها. وقالت الجامعة: "في هذه اللحظة الوطنيّة، نجدد العهد والولاء لفلسطين وشعبها، ونؤكّد أنّ التعليم هو السلاح الأقوى في مواجهة التحدّيات، وأنّ العلم والتعليم هما الطريق نحو بناء مستقبل أفضل لكلّ الأجيال".

في كلّ عدد تختار منهجيّات قضيّة أو مفهومًا تربويًّا تخصّص له ملفًّا يشارك فيه خبراء وأكاديميّون ومعلّمون في مقالات وتجارب وتحليلات، تتناول الموضوع من جوانبه المختلفة. يشكّل الملفّ رافدًا مهمًّا للمعلّمين والباحثين والمهتمّين.

التعلّم وسط الدمار: تعزيز التعليم الآمن والداعم في غزّة
تُعدّ رفاهية الأطفال والمراهقين النفسيّة أولويّة صحّيّة عالميّة، لأنّها عامل حيويّ في الحفاظ على الصحّة والنجاح، على المدى القصير والطويل... تابع القراءة
آليّات التعامل مع الأطفال الذين تأثّروا بصدمة الحرب
يتطلّب التعامل مع الأطفال الذين تعرّضوا إلى خبرات مؤلمة أثناء الحرب، تفهّمًا عميقًا لاحتياجاتهم الفرديّة وخلفيّاتهم الاجتماعيّة والثقافيّ... تابع القراءة

مقالات عن تجارب وتأمّلات وتقنيّات تعلّميّة – تعليميّة، غير مرتبطة بموضوع أو قضيّة محدّدة، ومفتوحة للمُشاركة دائمًا.

التعليم التحرّريّ: نحو وعي نقديّ يتحدّى منطق القوّة والقهر
تُحتِّم علينا الإبادة الجماعيّة التي تتعرّض لها غزّة أن نعيد النظر في توجّهاتنا التربويّة - الاجتماعيّة، وفي النظم التعليميّة التي أسهمت ... تابع القراءة
من التعلّم عن الحياة إلى التعلّم للحياة
يقال: تمنحك الطفولة الوقت والطاقة، من دون مال؛ وتمنحك مرحلة البلوغ المال والطاقة، من دون وقت؛ أمّا الشيخوخة فتمنحك الوقت والمال، من دون ط... تابع القراءة

الندوة القادمة

دعوة إلى ندوة: مبادرة التشبيك بين مدارس تجمّع تمام في الأردن.. شراكة مهنيّة لتطوير تعليم اللغة العربيّة

تدعوكم منهجيّات إلى ندوتها الشهريّة لشهر نيسان/ أبريل 2024، بعنوان: "مبادرة التشبيك بين مدارس تجمّع تمام في الأردن: شراكة مهنيّة لتطوير تعليم اللغة العربيّة" وذلك يوم الأربعاء الموافق24 نيسان/ أبريل 2024، في تمام الساعة السادسة مساءً بتوقيت القدس. تدير الندوة: أ. رولا القاطرجي. ويُشارك فيها كلّ من: أ. رولا عبد الحميد؛ أ. ديانا قموة؛ فاتن الزيادات؛ أ. يسري الأمير.  محاور الندوة: - مبادرة التشبيك: انطلاقتها، الآلية التي اتٌّبعت والعوامل المرافقة - تفعيل الأدوار لتحقّق عناصر مبادرة التشبيك - نتائج اوليّة من مبادرة التشبيك يُمكنكم التسجيل لحضور الندوة عبر الرابط هُنا.

ندوة منهجيّات الشهريًّة مساحة نقاش مفتوح يتناول موضوعًا يتجدّدُ، يشارك في الندوة مختصّون تربويّون ومعلّمون خبراء في موضوع الندوة.

ندوة: كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق؟

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر آذار/ مارس 2024، بعنوان "كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق؟". وركّزت على محاور مختلفة، هي: 1. مفهوم الحقوق بشكلٍ عامّ، ونشأتها وعلاقتها بالقانون الدوليّ. 2. مناقشة عجز القانون الدوليّ ومفاهيم الحقوق وفشلها في سياق الحرب على غزّة، خصوصًا الحقّ في الحياة الكريمة والغذاء والحماية والتعليم. 3. كيف غيّرت غزّة مفهوم الحقوق في غزّة وحول العالم؟ 4. ما تعريف هذه المفاهيم اليوم في ضوء ما حدث ويحدث في غزّة؟ وكيف نفهم مفهوم الحقّ في التعليم في غزّة؟ 5. كيف نسير إلى تطبيق هذه المفاهيم الجديدة، خصوصًا الحقّ في التعليم في ضوء ما يحدث في غزّة؟ 6. ما دور المعلّمين والأكاديميّين والحقوقيّين والمنظّمات في هذا الفهم والتطبيق؟ 7. كيف نصدّر هذا الفهم الجديد للعالم؟ وما دورنا جميعًا؟   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين: هُمّ: د. سائدة عفّونة، مساعدة رئيس جامعة النجاح الوطنيّة للرقمنة والتعلّم الإلكترونيّ، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات؛ أ. أيمن قويدر؛ مستشار في التعليم وقت الطوارئ؛ أ. رائدة الشعيبي، رئيسة مجلس إدارة مركز إبداع المعلّم، ومعلّمة مرحلة ثانويّة ومُشرفة تربويّة؛ د. مؤيّد حطّاب، أستاذ مشارك في كلّيّة القانون في جامعة النجاح الوطنيّة، ومستشار قانوني غير متفرّغ في شركة آردن للمحاماة في لندن، المملكة المتّحدة. أدارت الندوة د. جُمانة الوائلي، باحثة ما بعد الدكتوراه، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة منهجيّات. وقدّمت الندوة بأنّها صُمّمت لتُعالج سؤالًا يدور في أذهان معظمنا يومًا بعد يوم، ونحن نشهد ما يجري من فظائع في غزّة الحبيبة وفي فلسطين عمومًا: ما حقوق الإنسان؟ وهل تغير هذا المفهوم اليوم؟ وهل ما زلنا قادرين على أن ننادي بهذه المفاهيم في ظل ما نراه من إجرام مغلّف بالصمت والتواطؤ؟ وأكملت د. الوائلي "ولأنّنا في منهجيات نعنى بكلّ ما يخصّ التعليم، فإنّنا ندرك أنّه لا يمكن فصل حال التعليم عن السياقات السياسيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والقانونيّة الأوسع؛ إذ إنّ التداعيات المستقبليّة لكيفيّة إعادة سير التعليم في غزّة ستكون مختلفة تمامًا عن أيّ تجارب سابقة تخصّ استمراريّة التعليم في حالات الطوارئ، وذلك نظرًا إلى حجم الفظائع، والدمار الكامل، والخسارة الشاملة التي تعانيها غزّة. هذه ليست الحرب الأولى التي تشهدها غزّة، وهذا بدوره يعني أنّ جميع التدخلات التعليميّة، والنهج المستخدم من قِبل الجهات الفاعلة الدوليّة لم تعد ذات جدوى. ولا يمكننا ببساطة نسخ الأطر النظريّة والمفاهيميّة التي كنا نستخدمها، أو إعادة استخدامها أو تكييفها". وتطرّقت إلى أنّ "الافتقار إلى الاستجابة المعنويّة من جانب المجتمع الدوليّ، من حكومات وهيئات قانونيّة، قد شكّل تجربة غير مسبوقة؛ بل قد نجرؤ على القول إنّها تجربة مؤلمة من الإهمال، والتخلّي والتي تتطلب استجابة جذريّة، إذ لا يمكننا استخدام ما يمكن أن يُنظر إليه الآن (من قِبل أهل غزّة وفلسطين) على أنّه نظرية لا تؤدّي الهدف المرجوّ. وهنا نسأل: هل نحن بحاجة إلى إعادة تعريف مفهوم الحقوق عمومًا، بما يتناسب مع ما نراه من تحييد وصمت كاملين، عن مبادئ حقوق الإنسان والعدالة؟"   ما حقوق الإنسان وحقوق الطفل قبل هذه الحرب؟ بدأ د. حطّاب مداخلته بأنّ حقوق الإنسان ليست وليدة لحظة ما، وليست وليدة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، إنّما هي مسألة وفكرة. وأكمل أنّ الحقوق امتيازاتٌ تُمنح للإنسان بصفته إنسانًا، وهذه الحقوق والامتيازات تعزّزت عبر التاريخ، ومقابل كلّ حقّ هُنالك واجب. وبالتالي، عند الحديث عن أيّ حقّ للإنسان، نتحدّث عن حقوق تعكس التزامات على الدول أو الحكومات. وأضاف د. حطّاب أنّ الحقوق فكرة تشمل كرامة الإنسان، وتتعلّق بذاته وكينونته: الحقّ في الحياة؛ الحقّ في التعليم؛ الحقّ في الملكيّة؛ الحقّ في الخصوصيّة؛ الحقّ في التعبير عن الرأي؛ الحقّ في المساواة، وغيرها. وهُنا، نتحدّث عن منظومة كاملة تراعي كينونة الإنسان، وتراعي حقّه في أن يكون قادرًا على الحياة بشكلٍ كريم. وأشار د. حطّاب إلى أنّ فكرة الحقوق، والتي نشأت قديمًا مع اليونان، مستمرّة التطوّر. وقدّم مثالًا هو الحرب العالميّة الثانية، والتي قامت بعدها الجمعيّة العامّة بإعلان وثيقة حقوق الإنسان، والتي وقّعت عليها معظم دول العالم، كما اتّفقت على أن تكفل للإنسان الحقوق الأساسيّة، والتي لا يمكن أن يعيش الإنسان من دونها بكرامة وإنسانيّة. وركّزت هذه الوثيقة على أنّ الحقّ في التعليم لا بدّ أن يكون مُصانًا حتّى في مناطق النزاع. والحقّ في التعليم حقّ مكفول للإنسان من دون أن يتعلّق بمرحلة معيّنة، بما في ذلك المرحلة الجامعيّة. وأمّا في مناطق النزاع، فعلى الدول والعالم أن تكفل الحقّ في التعليم للشعب تحت النزاع.   هل كانت هذه الحقوق موجودة قبل هذه الحرب في فلسطين؟ تحدّثت د. عفّونة عن تغيير غزّة مفهومَ الحقوق، والإنسان بشكلٍ عامّ. إذ بات أطفال غزّة يتساءلون "هل نحنُ بشر؟" وهذا السؤال يعكس تساؤلًا أعمق: هل وُضعت حقوق الإنسان لمجموعة خاصّة من الناس، أم هي عامّة لجميع البشر؟ ومن الواضح أنّ هذه الحقوق، وفقًا لما يحصل في غزّة الآن، ليست للجميع. وأكملت د. عفّونة أنّ حقوق الإنسان لم يتمّ المساس بها فقط في غزّة، بل إهدارها وانتهاكها، وليسَ فقط من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، إنّما من سنة 1948، وهذا انعكس في أنّ نسبة كبيرة جدًّا من الفلسطينيّين قد عانوا فقدان حقّ من الحقوق على الأقلّ، بطريقة أو بأخرى، وهو ما جرّدهم من الإيمان بتطبيق هذه الحقوق، وباتت موضع تساؤل وشكّ عندهم. وفي بحثٍ قامت به د. عفّونة، بمناسبة اليوم العالميّ للطفل، مع أطفال فلسطينيّين، كان السؤال "ماذا يعني لك اليوم العالميّ للطفل؟" أجاب الأطفال: "يعني أنّنا قد نموت بعد قليل، أو في هذا اليوم". وكانت الإجابات بمجملها أنّه لا يعني شيئًا، خصوصًا في زمن الموت والمجاعة. وأشارت إلى أنّه من الضروريّ نقاش الحقّ في الحياة وفي الأمان أساسًا وبدءًا، لنقاش الحقوق.   كيف ترى تغيّر غياب الحقوق قبل الحرب الجائرة على أهلنا في غزّة وبعدها؟ أجاب أ. قويدر بأنّ الإنسان الفلسطينيّ بحاجة إلى التمتّع بحقوقه، مثل أيّ إنسان في العالم. ولكنّ السؤال هُنا، وانطلاقًا من أنّ كلّ الحقوق عالميّة، ما العوائق التي تحول دون تطبيق هذه الحقوق في مناطق مُختلفة من العالم، وخصوصًا غزّة؟ هذا السؤال وغيره، يمثّل قصورًا وعجزًا تامّين في المحاسبة، ويكشف كيف يتمّ استخدام سياسة الجنائيّة الدوليّة بشكلٍ يعطّل المحاسبة على هذه الجرائم، وهذا ليسَ فقط من تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، بل عبر الزمن. وأشار إلى حراك عالميّ يجري الآن يطالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم، وهذا أمر مهمّ أن ننادي به، لمواجهة هذه الانتهاكات.   كيف ترى غياب هذه الحقوق، خصوصًا حقّ التعليم؟ وهل يُمكننا الحديث عن الحقّ في التعليم في ظلّ غياب الحقّ في الحياة والأمان؟ استهلّت أ. الشعيبي مداخلتها بالإشارة إلى اتفاقيّة جنيف الرابعة، المادّة 50، والتي تقضي بتسهيل عمليّة التعليم في الحروب، معنى ذلك أنّ الإنسان موجود ليتعلّم، وبالتالي الحرب على غزّة قضت على الإنسان، فكيف نكفل الحقّ في التعليم وصاحب الحقّ ما عادَ موجودًا. وهُنا، أشارت إلى أنّ التعليم في غزّة وكلّ فلسطين يواجه أزمة غير مسبوقة، وهذا اعتداء ممنهج ضدّ كافّة الحقوق المكفولة من قِبل المؤسّسات الدوليّة، والتي لا تطبّق بالمُطلق في فلسطين. وأكّدت أ. الشعيبي أنّ الشعب الفلسطينيّ خارج الأطر القانونيّة والإنسانيّة المتّفق عليها عالميًّا، حيث تنتهك في فلسطين كلّ المنظومة الإنسانيّة الأخلاقيّة القيميّة، وبالتالي تنتهك المنظومة التعليميّة، وانتهاك الأخيرة نتيجة للانتهاكات السابقة؛ طالما الإنسان ينتهك فما بالك بالتعليم؟ والحقيقة أنّنا في فلسطين نعيش أزمة تعليميّة، خصوصًا في خضمّ إبادة جماعيّة تستهدف الإنسان أساسًا، ومن ثمّ المؤسّسات والمباني. أمّا في الضفّة الغربيّة، فأيضًا المعلّم يعاني تحدّيات صعبة جدًّا، على غرار الحركة المحدودة والمخاطرة بفعل الحواجز العسكريّة، وانقطاع الرواتب لفترات طويلة، والاقتحامات اليوميّة لجيش الاحتلال، وتعرّض الكوادر التعليميّة للاعتقال. وفي غزّة يُضاف إلى ذلك الكثير، مثل فقدان البيت والمدرسة، والعطش والجوع وفقدان الدواء. وعلينا أن ننتبه من كلّ المُنتهزين لفرصة الحرب، ومحاولاتهم لتعديل المناهج لتصبح مناهج تُلغي القيم الوطنيّة والإنسانيّة. أشارت د. عفّونة إلى أنّ الحقّ في التعليم قد انُتهك. وتحدّثت عن قصّة نزوح الأمّ التي اختارت أن تحمل حقيبة ابنتها المدرسيّة بدلًا من حقيبة نزوح. هذه القصّة ترسم نموذجًا للصمود والبقاء، ومن الضروري الانتباه إلى مثل هذه القصص، والتي تُعيد بناء المعاني، وتكسر الإحساس بالعجز. ونرى اليوم في غزّة كيف يخلقون وسائل جديدة للتعلّم، ومبادرات مختلفة لإيجاد مساحات لبثّ الحياة والأمل.   ماذا عن صمت القانون الدوليّ؟ تحدّث د. حطّاب حول السخط على القانون الدوليّ وحقوق الإنسان، وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى أنّ القانون الدوليّ أفضل أداة لدينا، وكذلك حقوق الإنسان، التي نضجت وتبلورت عبر الزمن. وأنّ التعاطف الدوليّ اليوم مع غزّة متأثّر بمفهوم حقوق الإنسان، وهو سيتبلور أكثر بعد الحرب. وأشار إلى أنّ تحرّك العالم اليوم، وخصوصًا جنوب إفريقيا، يرجع إلى القانون الدوليّ، وتوظيفه. وبدورنا علينا أن ننقل هذه الحقوق نقلة نوعيّة لخدمة الإنسان، خصوصًا أنّنا أمام فرصة لتحقيق تغيُّر عالميّ في الحقوق. أمّا أ. قويدر فأكّد على فكرة أنّه لا يوجد لدينا منظومة أُخرى القانون الدوليّ وحقوق الإنسان يُمكننا الاتكال عليها. وأشار إلى ضرورة التركيز على السياسات والممارسات لتحقيق هذه الحقوق، بدلًا من الهجوم عليها، وهي التي تعتبر أداة تربطني مع المُجتمع الإنسانيّ العالميّ، والذي ينتفض اليوم مع غزّة. وتحدّث أ. قويدر عن كيفيّة إسقاط غزّة القناع العالميّ: في السياسات والممارسات التي أدّت إلى أنّ الحقوق تنتهك بشكلٍ يوميّ؛ وفي أنّ المجتمع الدوليّ يفتقد إلى الاتّساق في تطبيق هذه الحقوق؛ وخصوصًا في أنّ النظام التعليميّ في غزّة دُمّر بطريقة مُمنهجة وغير مسبوقة، فقُتل الطالب وأهله ومعلّمه والأستاذ الجامعيّ الذي يؤهّل المعلّم؛ وفي تدمير البُنية التحتيّة التربويّة، لتجهيل هذا الشعب الذي ما زال واقفًا على قدميه منذ 75 سنة إلى اليوم. وقد رأينا تدمير أكثر من 370 مدرسة، واستشهاد أكثر من 4300 طالب، وأكثر من 200 معلّم، وأكثر من 94 أستاذ جامعيّ، وتدميرًا كبيرًا لمواقع التراث والمكتبات والأرشيف والمراكز التربويّة، وهو ما اقُترح على تسميتهِ من قِبل باحثين بال (Educide: The Genocide of Education)، وهو واحد ضمن مصطلحات عديدة نُحتت من واقع غزّة المؤلم، الواقع المرير الذي بات يُعلّم الطلبة كيف يبنون خيمة، أو كيف يخبزون، نتيجةً للظرف. أمّا عن المعلّمين، فهم يعملون ليلَ نهار على أنشطة تفريغ مع الطلبة، خصوصًا وأنّ المدارس كلّها تحوّلت إلى مراكز إيواء. ومن المثير للاهتمام فِعلًا في وسط هذه المقتلة، أنّ الأهل يشاركون غرفهم، ويعطون مساحة للمتطوّع للقيام بأنشطة تفريغيّة، ثمّ في الليل تُصبح تلك الغرف مساحة لإيواء سبع عائلات. وهنالك خطّة كبيرة للعمل، ولكنّ الأولويّة الآن هي إيقاف هذه الحرب، ومن ثمّ إعادة تعريف التعليم كمعضلة كبيرة ستتطلّب كثيرًا من الإمكانيّات للتعامل معها.   أصبح التعليم متعدّد الوجوه، فهل تغيّر مفهوم التعليم عند المعلّم؟ هُنا أشارت أ. الشعيبي عن ضرورة إعادة قيم العدالة والتسامح، بعد ضرب المنظومة القيميّة عندهم. وترتيب المنظومات لن يتمّ من خلال مناهج وكتب كانت موجودة سابقًا. سيحتاج الطلبة إلى دعم كبير في التعليم، ضمن مرونة تعليميّة تبتعد عن المنهج الرسميّ. لذا، علينا إعادة التفكير في المنهج التعليميّ المقدّم للطلبة. وهُنا، يتجلّى البحث عن بدائل من التعليم الرسميّ. ومن المهمّ جدًّا أن تبقى فكرة التعليم موجودة في ذهنيّة الطالب، من خلال التعلّم الذاتيّ. وذكرت أ. الشعيبي المعلّمة أسماء مصطفى، والتي بادرت إلى تعليم الطلّاب، ليبقى الطلبة على تواصل مع فكرة التعليم. كما ذكرت أنّ هُناك مراكز عديدة تعمل على تقديم دعم نفسيّ اجتماعيّ للطلبة، وأشارت إلى ضرورة تقديم هذا الدعم للمعلّم أيضًا، حتّى يتمكّن من تقديمها ومن مساعدة الطلبة. ومن هُنا، علينا مجموعة من المهام الكبيرة، بما يمثّل تحديًا كبيرًا أمام التربويّات والتربويّين والمؤسّسات الفلسطينيّة، لإعادة بناء غزّة، بكلّ مركّباتها، في وسط الأمل المُستمدّ من العاملين في غزّة، إذ يعملون مع الأطفال في النهار، ويُقصفون في الليل. وهذا يعطي لمحة أمل عن القادم، والذي نحتاج بجميع مركّباتنا، ومن دون تساوق، إلى العمل بجدٍّ وجهد لتعزيز مستقبل أطفالنا في غزّة.   ما شكل الدعم المجتمعيّ الذي يحتاج إليه المعلّم للاستمرار في مهامه، في ظلّ هذه التحدّيات القاهرة؟ أشارت د. عفّونة إلى ضرورة تحديد ما الأهمّ اليوم، في ظلّ فقدان 600 ألف طالبٍ حقّهم في التعليم المدرسيّ، وأكثر من 90 ألف طالبٍ في التعليم الجامعيّ، فالمهمّ تعليم الطفل التعبير عن حقّه: حقّه في التعبير عن ألمه؛ في التعبير عن مشاعره؛ في التعبير عن خوفه. وعلينا الانتباه إلى أنّ المدارس في غزّة قد تحوّلت إلى مراكز إيواء، وعاش فيها الطفل والأب والأمّ والمعلّم تحت سقف واحد. بالتالي، هُنالك نظرة مُختلفة عند الطالب إلى المدرسة، ونظرته إلى المعلّم، إذ عاشوا الخوف والصمود والبحث عن الماء والمأكل والغطاء. لذا، فالفترة القادمة بحاجة إلى منظومة تعليميّة جديدة، ليسَ فقط من حيث المكان، إنّما من حيث المفاهيم والفكر والتصوّرات والمُمارسات. أمّا أ. الشعيبي، فتحدّثت عن أهمّيّة بناء مبادئ الحرّيّة والكرامة الإنسانيّة. وعلينا بناء هذه المبادئ في التعليم من أجل الحرّيّة استلهامًا من باولو فريري، مع ضرورة العمل على التعلّم التحويلي، والاستغناء عن مناهج تلقينيّة، بل نحنُ بحاجة إلى العمل بعمق على مشاعر الأطفال، ومشاكلهم النفسيّة، وهذا دور أساس للمعلّم بمساعدة مؤسّسات شريكة قادرة على الدعم. إلى جانب ضرورة إعادة إيمان الطفل بالمدرسة، خصوصًا في ظلّ تدمير المدارس، وجعل ما تبقّى منها مراكز إيواء. وأشارت إلى القصف المُمنهج لمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وبالتالي العمل على حذف مسألة اللجوء. إذًا، نحنُ بحاجة إلى إعادة بناء مناهج إنسانيّة تُعيد الثقة بالنفس، والكرامة الإنسانيّة، وأن نكون كمعلّمين آذانًا صاغية لطلبتنا، ومحترمين فكرهم، وعاملين على صياغة نظريّة تعلّميّة مُجتمعيّة تكون مقبولة، لا مستوردة ولا مفروضة. أضاف أ. قويدر أنّنا كمجتمع فلسطينيّ لدينا التزام قويّ تجاه التعليم، وإنتاج المعرفة. وسنعمل على إعادة نظام التعليم في غزّة. وبما تمرّ به غزّة، ستكون هناك ندرة في المصادر، لاحقًا لاستشهاد الأكاديميّين والمعلّمين، والتدمير الواسع للمؤسّسات والأرشيفات، وستأخذ عمليّة الإعمار وقتًا طويلًا جدًّا. ولكنّ شكل التعليم ما بعد الإبادة، سيركّز على النهج النفسيّ الاجتماعيّ، والتعلّم العاطفيّ، ومعالجة الصدمات التي مرّ ويمرّ فيها الطفل الغزّيّ. وأكّد أنّ تركيز جهود المناصرة مطلوب، ضمن أيّ مشروع، سواء في غزّة أو الضفّة الغربيّة أو القدس، لذا، فالتعامل مع الشبكات التعليميّة مهمّ جدًّا، للبناء ولإيصال أصوات المعلّمين والمتعلّمين في فلسطين. أشار د. حطّاب إلى الأثر المهمّ لتدمير المدارس والجامعات، والذي يندرج تحت مأسسة الإبادة الجماعيّة، إذ أثبت أنّ التعليم الفلسطينيّ مُستهدف، وهذا كفيل بتدمير أجيال. ومن الواضح أنّ الدول تقوم على نظم العدالة والتعليم، والاحتلال يدمّر بشكلٍ منهجيّ هذين المركّبين في غزّة. ومن هُنا تطرّق إلى تحديين أساسيّين أمامنا: الأوّل وطنيّ محلّيّ: عن تنظيم الذات. والثاني عالميّ: كيف يُمكننا التخلّص من الاحتلال؟ وأضاف أنّ المُبادرات التعليميّة بحاجة إلى دعم من هذين الجانبين، خصوصًا وأنّ مسألة القضيّة الفلسطينيّة باتت أوضح اليوم في العالم منه عمّا قبل 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر.   ما دورنا؟ وما المبادرة التي قمتِ بها؟ تحدّثت د. عفّونة عن أهمّيّة التعليم الشعبيّ، والذي ما زال قائمًا بأثرٍ كبير. وفي هذا السياق، "أذكر مبادرة قمنا بها في جامعة النجاح، وهي إطلاق مبادرة لتوفير التعليم بشكلٍ إلكترونيّ للطلّاب في غزّة، وقد التحق أكثر من 20 ألف طالبٍ في أسابيع، وهذا يعكس رغبة ودافعيّة الطلبة في التعلّم. وأودّ أن أوجّه الدعوة إلى المشاركة في المبادرة، فالمجال مفتوح للجميع لبذل الجهود وفاءً لطلبتنا في غزّة". أضافت أ. الشعيبي أنّ وزارة التربية الفلسطينيّة قد ألحقت مجموعة من طلّاب غزّة، مرحلة الثانويّة العامّة، مع صفوف في الضفّة الغربيّة عبر تطبيق (Teams). وهذه مبادرة من مبادرات كثيرة تجري الآن لإدماج طلبة غزّة في الصفوف عبر التطبيق.   ما دور المجتمع المدنيّ والمجتمعات الدوليّة؟ أشار أ. قويدر إلى أنّ الحقوق لم تتغيّر. ولكن، أظهرت الإبادة الجماعيّة في غزّة ضرورة المحاسبة، وضرورة إجراء إصلاح جذري لمنظومة المحاسبة، ودور المجتمع أساسيّ ضمن هذا السياق. وأضاف أنّنا بحاجة إلى البناء على حالة التعاطف العالميّة من أجل حماية الحقّ في التعليم. وداخل د. حطّاب بالتغيُّر على الصعيد الدوليّ، والذي يحدث بشكلٍ بطيء، إلّا أنّه يحدث. وقارن القضيّة الفلسطينيّة بالقضيّة الجنوب إفريقيّة لتوضيح القصد، بالتغيُّر في سلوك الحكومات والدول، وفكرهم. والتغيُّر ضمن السياق الفلسطينيّ، أصبح عالميًّا في هذه اللحظة، ومُحرجًا للعديد من الدول التي تدّعي أنّها راعية لحقوق الإنسان. وتحدّثت أ. الشعيبي على أنّه بعد 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر، تراجعت بعض المنظّمات عن دعم المؤسّسات الفلسطينيّة، لكنّها سرعان ما عادت إلى الدعم بعد تغيُّر الرواية ووضوحها. وأشارت إلى وجوب أن تتكاتف الجهود ضمن رواية قويّة لتعزيز المناصرة العالميّة لدعم المجتمع الفلسطينيّ. وأشارت د. عفّونة، إلى أنّ أصحاب الحقّ قد رسموا منظومة جديدة لحقوق الإنسان، عندما صعدت أرواحهم إلى السماء، ليسَ فقط لتظلّل فلسطين، إنّما الفضاء العالميّ. وعليه، علينا أن نبني لتوثيق الرواية الفلسطينيّة، لتكون مرجعًا للصمود ومرجعًا لحقوق الإنسان. واختتمت د. الوائلي، بأنّ غزّة ستبلور حقوق الإنسان، كما لم يحدث من قبل.

ندوة: المرأة والفتاة في العلوم والتكنولوجيا

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر شباط/ فبراير 2024، بعنوان "المرأة والفتاة في العلوم والتكنولوجيا". وركّزت على محاور أربعة رئيسة، هي: 1. واقع المرأة في العلوم والتكنولوجيا: نسب وإحصائيات. وواقع المرأة في سوق العمل مع نظرة تحليليّة.  2. المقاربات الثقافيّة والخطاب الاجتماعيّ، والعلاقة بين مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا وأدوارها المختلفة، ونظرة المرأة لنفسها، وواقعها في سوق العمل. 3. أهمّيّة مشاركة المرأة في العلوم، والعلاقة بأهداف التنمية المستدامة. 4. طرق تحسين مشاركة المرأة في العلوم في الوطن العربيّ وسوق العمل.   استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثات، هُنّ: د. ريام كفري أبو لبن، مستشارة تربويّة، فلسطين؛ د. سمر زيتون، أستاذة جامعيّة ومستشارة تربويّة، لبنان؛ د. رندة الزرنوفي، باحثة ومهندسة بيانات، المغرب؛ د. رنا دجاني، أستاذة جامعيّة في علم الأحياء الجزيئيّ، وهي ضمن قائمة أكثر 100 امرأة عربيّة تأثيرًا، الأردن؛ الطالبة ربى بداد، طالبة في الصفّ الحادي عشر في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، قطر. أدارت الندوة د. سائدة عفّونة، مساعد رئيس الجامعة للرقمنة والتعلّم الإلكترونيّ، وعضو الهيئة الاستشاريّة في مجلّة منهجيّات. وأشارت إلى أنّ هذه الندوة تناقش قضيّة جوهريّة مهمّة، هي مُشاركة المرأة والفتاة في ميدان العلوم والتكنولوجيا، من حيث الواقع والتحدّيات والانعكاسات على سوق العمل. كما أكّدت على أنّ اليوم الدوليّ للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، والذي يوافق 11 شباط/ فبراير من كلّ عامّ، يُعتبر فُرصةً لتعزيز التكافؤ الكامل والمتساوي للنساء والفتيات من حيث المشاركة في ميدان العلوم، متطرّقة إلى الدور الحاسم للفتيات والنساء في هذا المجال، وأثرهنّ في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في بلادهنّ.   واقع مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا عالميًّا: نسب وإحصائيات قدّمت د. الزرنوفي عرضًا عن مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا، وقد بدأت بعرض الحقائق والإحصائيّات، والتي تمثّل بمعطيات مختلفة، منها: أنّ ثلث النساء في العالم هُنّ باحثات (2018)، وقد حقّقن التوازن (عدديًّا) في علوم الحياة، في بلدان عديدة. ومع ذلك، فإنهنّ يُمثّلن: - 40% من الخرّيجات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات. - 28% أيْ رُبع الخرّيجات في الهندسة. - 40% من الخرّيجات في علوم الحاسوب. - فقط 22% من المتخصّصين العاملين في مجال الذكاء الاصطناعيّ هُمّ نساء. وعن مشاركة المرأة في مجال الدراسة (STEM): تصل نسبة الخرّيجيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات، إلى 57%. بينما تصل في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إلى 32%. وعن مشاركة المرأة في مجال البحث العلميّ (STEM): فلا ترابط واضح بين مستوى غنى أيّ بلد، ونجاحه في تحقيق المساواة بين المرأة والرجل. وذكرت د. الزرنوفي أنّ دول آسيا الوسطى، وأمريكا الجنوبيّة تُشكّل مثالًا على الجُملة السابقة. وأمّا عن دول العالم العربيّ، تتقدّم تونس بنسبة 56%، والكويت بنسبة 53%. وبشكلٍ عامّ، تصل نسبة الباحثات في العالم العربيّ إلى 42.6%. وأمّا عن واقع مشاركة المرأة في مجال العمل (STEM): فتشكّل العاملات في المجال ما نسبته 40%. كما ذكرت د. الزرنوفي إحصائيتين هُما: نسبة عالية من النساء اللواتي يدخلن سوق مجالات (STEM)، يغادرن العمل في هذا المجال؛ ونسبة وجود النساء في مناصب عالية في العمل نسبة قليلة. وعلّقت د. كفري أبو لبن أنّ الإحصائيّات مُشجّعة، ولكنّها قارنت مع السياق الفلسطينيّ، إذ لا تتعدّى نسبة النساء العاملات 19% من سوق العمل، وذلك يعود إلى أسباب مختلفة، منها نسبة البطالة المرتفعة. كما ذكرت أنّ الفتيات متفوّقات في التعليم، سواء المدرسيّ أم الجامعيّ، ولكن هناك ضغوطات اجتماعيّة تحول بين الفتاة واستكمال دراستها، كما أنّ هُناك تحديًّا أساسيًّا هو سوق العمل الذي تصدم به الخرّيجة. وداخلت د. دجاني أنّ الإحصائيّات مهمّة نعم، ولكنّ علينا دراستها من بُعد اجتماعيّ، لتحليلها وتفكيكها وفهمها، لئلّا نقع في تقليد أعمى للغرب. باعتقادي، تشكّل الطالبات في العالم العربيّ من حيث دراسة العلوم، نموذجًا إيجابيًّا. ولكنّ المُشكلة تكمن في سوق العمل. ومن هُنا، دعت إلى أهمّيّة الحرص على دراسة هذه الإحصائيّات جيّدًا بأبعادها الإنسانيّة، ومن ثم تصميم حلول محلّيّة مُناسبة لها.   في حصص العلوم بشكلٍ عامّ، ما الفرق بين الذكور والإناث؟ شاركت الطالبة ربى، إذ قالت إنّ الإحصائيّات مبشّرة، ولكن على المجتمع أن يستمرّ بالعمل وتشجيع الطالبات ليصبحن عالمات. كما شاركت إحصائيّات بسيطة من صفوف الفيزياء، مثلًا، والتي بات فيها العدد الأكبر هو من الفتيات. وأكّدت على التشاركيّة كأداة في الفهم والتحليل، وكأداة لاحقًا للازدهار والتطوّر.   واقع المرأة في سوق العمل مع نظرة تحليليّة: بين الدور الإنجابيّ والإنتاجيّ داخلت هُنا د. زيتون عن مركزيّة دور المرأة الإنجابيّ، فهي التي تبني المُجتمع. وأمّا عن الإحصائيّات، وتحديدًا فكرة دراسة العلوم، وعدم الانخراط بسوق العمل في المجال ذاته، فشاركت أنّ بعض الدول لا تؤمّن مجالات عمل أو دراسة في تخصّصات عمليّة معيّنة، وبالتالي تضطرّ المرأة إلى الذهاب إلى مجال آخر. كما تحدّثت عن بدائيّة المصانع والصناعات في العالم العربيّ، ودعت في الوقت ذاته، إلى انخراط المرأة في مجالات مختلفة لمساعدة نساء أُخريات في سياقات الحياة المُختلفة. وأشارت د. زيتون إلى طبيعة المرأة الراعية لمن حولها، والمتعاونة، والمتعاطفة، وهو ما يُمكّنها من تبوّء مناصب عُليا، إذ بتوظيف هذه المهارات والمشاعر يُمكنها حلّ المشكلات، ولكنّ المُشكلة هي نظرة المرأة إلى ذاتها، وهي تحدّها عن المُضيّ قُدمًا وتحقيق الإنجازات.   المقاربات الثقافيّة والخطاب الاجتماعيّ، والعلاقة بين مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا وأدوارها المختلفة، ونظرة المرأة إلى نفسها، وواقعها في سوق العمل. داخلت هُنا د. كفري أبو لبن، بأنّ نظرة المرأة إلى نفسها هي تحدٍّ عالميّ موجود عند كلّ النساء، وهي نظرة تعكس المجتمع الذي يؤكّد على أهمّيّة دور المرأة ربّةَ بيت كأولويّة. وذكرت مثالًا صغيرًا من شركة (LEGO)، والتي قامت بتخصيص اللونين الأبيض والزهريّ للبنات، مع أنّ اللعبة تقوم على بناء مُجسّمات من ألوان عديدة مُختلفة. أضافت د. دجاني أنّه عند العمل في مجال العلوم، فالتحدّيات واحدة أمام الإناث والذكور؛ مصادر الدعم أو حرّيّة التفكير أو منظومة المؤسّسة الجامعيّة... إلخ. وتحدّثت عن أهمّيّة تصميم حلول، وربما تصديرها إلى العالم، كون المُشكلة مُشتركة، لنتخيّل إطارًا جديدًا للعالم، يأخذ من الأطفال والمُجتمع مركزًا وأولويّة، ينظر هذا الإطار إلى أوقات العمل كمنطق مرن ديناميّ، يتغيّر بتغيّر ظروف الأمّ عند قرار الإنجاب، والأم والأب في رعاية الطفل، خصوصًا في أوّل خمس سنوات. تطبيق هذا الإطار التخيّليّ للمنظومة، سيمثّل حلًّا للمُجتمع، ليصبح قائمًا على القيم لا على المادّيّات. كما سيمثّل قاعدةً للمرأة والرجل لاتّباع شغفهم، وتقسيم حياتهم. كما اقترحت أنّ على النساء بناء نظام تناصح ودعم، في مواجهة الأنظمة، والتي قد تفرض قوانين وسياسات لا تتماشى مع ظروفهنّ. أمّا د. الزرنوفي فأكّدت على ضرورة بناء نموذج عمل مرن لتشجيع النساء في مجالات العمل، فالمتطلّبات من النساء كثيرة، وهنّ بحاجة إلى هذه المرونة لئلّا يقف الروتين الإداريّ أو الإنتاجيّة في طريقهنّ نحو الإنجاز واتباع شغفهنّ. وداخلت د. كفري أبو لبن بتعليق حول تعليم العلوم في المدارس، مع إشارتها إلى أنّ هُناك تعليم جميل في بعض المدارس، إلّا أنّ الأمر يحتاج إلى نهضة تبدأ من إعادة التفكير بغرفة الصفّ، والتي ستُنتج جيلًا يُغيّر من النظرة إلى المرأة في مجال العلوم.   هل تعتقدين أن آليّة تدريس موادّ العلوم تُسهم بتشجيع الإناث للالتحاق بمجالي العلوم والتكنولوجيا؟ شاركت الطالبة ربى أنّ آليّات تدريس العلوم وأساليبه في المدارس قد تبدأ بطريقة تقليديّة، لفهم النظريّات وأخذ ملاحظات حولها، ولكنّها سرعان ما تتحوّل إلى تجارب مُمتعة في المختبرات. كما أشارت إلى منهج البحث العلميّ، كأسلوب تدريس مُمتع في تشجيع الطالبات والطلّاب في البحث عن المعلومة، ومتعة الوصول إليها.   ما أهمّيّة مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا، والعلاقة بأهداف التنمية المستدامة؟ تحدّثت د. دجاني حول ضرورة اختيار مواضيع بحثيّة تُفيد مُجتمعنا، وهي مرتبطة بأهداف التنمية المُستدامة، وتحلّ مشاكلنا المحلّيّة، وهو ما سيبني تواصلًا بين المُجتمع وبين الأكاديميا. هُنا، نظرة المُجتمع إلى الأكاديميا تختلف، لتصبح أنّ الطالبات والطلبة مصدرَ إلهامٍ وحلّ لمشكلاتنا، كما نُنمّي شعور المواطنة والانتماء عند طلبتنا، فنتخلّص من الاعتماديّة كذلك. وأشارت إلى أنّ أهمّيّة هذه الأبحاث المحلّيّة، تكمن في أنها إلى جانب خلقها حلولًا، تُصبح مراجع للمُجتمعات، وهذا إسهام في المعرفة الإنسانيّة. كما أشارت إلى أهمّيّة أن نتخصّص بالفكر والفلسفة إلى جانب العلوم والتكنولوجيا، ولا تنهض المُجتمعات من دون فكر وتفكير نقديّ، حتّى نقاوم الاستعمار والتحدّيات والاستعمار الجديد. ورأينا نموذجًا جميلًا هو جنوب إفريقيا، والذي استطاعت بفضل علمائها المتخصّصين في القانون، رفع قضيّة أمام محكمة الجنايات الدوليّة، ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وإبادته الجماعيّة لأهلنا في غزّة. أضافت د. زيتون أنّ المرأة عادةً ما تكون رائدة في تغيير الثقافة، وهذه أفكار مهمّة وعلينا تسليط الضوء عليها في الأبحاث، بدلًا من أن ندرس قضايا غربيّة غريبة عنّا.   ما تجربتك وزميلاتك حول اختيار الموادّ؟ هُنا، أشارت الطالبة ربى إلى أنّها والكثير من زميلاتها وزملائها، اختاروا المساقات العلميّة، لمتعة المنهاج المتّبع في تعليمها، وأيضًا لأهداف الدراسة الجامعيّة، فهي مُحدّد أساس في اختيار الموادّ.   طرق تحسين مشاركة المرأة في العلوم والتكنولوجيا ذكرت د. كفري أبو لبن طرقًا عديدة لتحسين مشاركة المرأة، منها أهمّيّة توعية الفتيات عن التخصّصات العلميّة المُختلفة، بالإضافة إلى ضرورة التشبيك بين النساء، من أجل أن ترى الفتيات نماذج مُختلفة مُلهمة. وأيضًا أشارت إلى أهمّيّة توفير الفُرص للفتيات، وخلق برامج تعمل على توفير الفرص للفتيات، مثل حاضنات للعلوم، أو برامج تُشجّع المبادرات، مبنيّة على سياق محلّيّ. وأكّدت على التوعية بشكلٍ عامّ بأهمّيّة العلوم والفكر، وفلسفة العلوم، وفلسفة التدريس، ومهارات التفكير، إذ نُقدّم المعلومات العلميّة للطلّاب على أنّها جاهزة، من دون قصّتها، والتجارب المُختلفة حولها. ودعت د. دجاني النساء جميعًا إلى كتابة قصصهنّ، ومُشاركتها، فهي قصص مُلهمة. وهذه أيضًا مُهمّة للشباب، إذ نتناقل القصص السلبيّة عن الرجال، بينما هنالك العديد منهم ساعدوا ودعموا النساء من حولهم، والتركيز على هذه الجوانب الإيجابيّة، يمتدّ أثره في المجتمع. ووجّهت د. الزرنوفي رسالةً إلى كلّ الفتيات، حتى لو لم تجدي نموذجًا مُلهمًا حولك، كوني أنت هذا النموذج، ولا تفكّري بطريقة تقليديّة، وعيشي حُلمك، خصوصًا في هذا العصر، والذي اسمّيه عصر المعرفة الذهبيّ، فوظّفي كلّ هذه المصادر وانطلقي نحو الإنجازات.   أسئلة الجمهور - هل ظروف العمل الحاليّة تتطلّب من المرأة أن تتسلّح بسلاح الخشونة واللامبالاة للاستمرار في العمل؟ أجابت د. دجاني بلا، بل عليها أن تتمثّل بشخصيّتها، وأن تكون لديها ثقة بنفسها، وهذه هي طريق الإبداع. ومن المهمّ المُشاركة، مشاركة من حولك بالتحدّيات والأفكار، ليساندوكِ للوصول إلى الحلّ. - هل لدى إحداكنّ مبادرة لإشراك عدد كبير من اليافعين في البحث العلميّ؟ أجابت د. دجاني أنّ التعاون بين الجامعة والمدرسة قد يُمثّلُ حلًّا جيّدًا، لإشراك عدد كبير من اليافعين في البحث. - هل لدى إحداكنّ مبادرة مجتمعيّة لمساعدة الجيل الجديد من النساء على النجاح؟ تحدّثت د. زيتون عن وجودها في الجامعة، وخلال دورها في التدريس، تسعى إلى مساعدة جميع النساء والمحيطين على إنجاز مهمّات بحثيّة، وإشراكهم في تجارب بحثيّة مُختلفة. - كيف توفّق المرأة الباحثة بين تحدّيات المُجتمع من عادات وتقاليد وسلطة الأهل وبين آفاق البحث العلميّ؟ داخلت د. ريام بأنّه لا يوجد جواب محدّد لهذا السؤال. فالسياقات المُختلفة تخلق ظروفًا، وهي تفرض أن نجد حلًّا مُناسبًا. وشخصيًّا لم أجد بعد المعادلة المُناسبة للتوفيق بين كلّ المركّبات، وما أقوم بهِ هو التقدّم يوميًّا بإنجازات صغيرة، والتطلّع إلى المستقبل. وأضافت بضرورة العمل على وعي الأطفال لأنّ نجاح المرأة غير مرتبط بنجاح الرجل، ونجاحها لا يعني فشله، هذه الصورة النمطيّة هي ما نحتاج إلى العمل عليها وتغييرها. أضافت د. دجاني أنّ التربية أيضًا مهمّة ضمن هذا السياق، وعلينا أن نكون واضحين وصادقين مع أنفسنا خلال هذه العمليّة، من حيث التساوي والتشارك في المهام المنزليّة بين الولد والبنت، مثلًا، ومسؤوليّاتهما. - من قدوتك؟ أجابت الطالبة ربى، بأنّه ليس لديها قدوة مُحدّدة، ولكنّها تجد الإلهام والقدوة في كلّ من يتحدّى ويكسر حواجز المجتمع لأجل العلم وتحقيق ما يطمح إليه في الحياة.   - ما دور الأستاذ الجامعيّ في مساعدة المرأة الباحثة في العقبات التي تواجهها؟ أجابت د. دجاني بأن نفهم أخلاقيّات العمل، والمواظبة، وبين أن لكلّ إنسان ظروفًا وتحدّيات. بالإضافة إلى عامل مهم هو كسر الخوف، وضرورة التعبير عن صوتها أو صوته. وأشارت إلى ضرورة الانتباه إلى سياسات المنح البحثيّة، والمرونة في الوقت للمرأة، وهكذا نبني جيلًا سويًّا، وبالتالي مُجتمعًا سويًّا. كما أشارت إلى ضرورة الثقة بالنفس.   كلمة أخيرة تحدّثت د. زيتون عن أهمّيّة تشجيع المرأة إلى المغامرة، وإلى الخروج من منطقة الراحة. وأيضًا عن أهمّيّة الانتباه إلى تكييف معايير العمل من خلال التشبيك، والنصح بين المؤسّسات والخبرات المُختلفة. وتحدّثت د. كفري أبو لبن على تأكيد وجود تحدّيات كبيرة، تبدأ من غرفة الصفّ وتنتقل إلى الجامعات، وقد آن الأوان للتفكير بكلّ هذه التحدّيات، ولا ننكر أنّ المرأة معرّضة إلى العنف أكثر من الرجل، وإلى التمييز أكثر من الرجل، ولا تستطيع الوصول إلى الفرص مثل الرجل، بشكلٍ عامّ، وهذه حقيقة عالميّة. وعلينا أن نُعيد التفكير بالتحدّيات المُجتمعيّة التي تقف أمامنا، وبعدها نستطيع أن نتحدّث عن تمكين المرأة، سواء في العلوم والتكنولوجيا، أو غيرها من المجالات. وتحدّثت د. الزرنوفي عن أهمّيّة التوازن للنجاح، وتحديد الأولويّات، والتركيز على الأهداف، ومن ثمّ بعد إنجازها، أركّز على أهداف أُخرى. وأقول دائمًا إنّ كلمة المستحيل غير موجودة، فقط علينا أن نؤمن بأهدافنا. وأمّا د. دجاني، فتحدّثت على أنّ كلّ امرأة مميّزة، ولديها شيء رائع. وعليكنّ أن تفكّرن بالتغيير بجزئيّات صغيرة، ومن ثمّ الوصول إلى تحقيق الأهداف. وأيضًا علينا أن نتحلّى بالأمل والتفاؤل، وأنتنّ رائعات. ودعت الطالبة ربى جميع الفتيات إلى كسر الحواجز والعقبات، وتحقيق كلّ ما يطمحن إليه. واختتمت د. عفّونة الندوة، بالشّكر نيابةً عن أسرة منهجيّات لكلّ المتحدّثات، والحضور، حيث نتطلّع إلى اللقاء. وقالت: "بالإرادة والإصرار، والشغف والمحبّة، نستطيع تحقيق التغيير المنشود في العالم العربيّ".    

مساحة تعبيريّة مفتوحة للمعلّمين والمختصّين، تتمحور حول عرض أفكار ووجهات نظر نقديّة وأحلام شخصيّة انطلاقًا من تجربة تعليميّة، ولا تتوقّف عند ذلك.

ماذا سيحدث عندما يركّز المعلّم على الإنجاز وليس على النشاط؟
تجذبني كثيرًا الملتقيات التي تعقدها المؤسّسات المهتمّة بدعم المعلّمين وتطوير أدائهم، فهي فرصة لإظهار المهارات الفرديّة التي يمتلكها المعل... تابع القراءة
التعليم باعتباره حقّ مقدّس في زمن الحرب!
"تعترف الدول الأطراف بحقّ الطفل في التعليم، وتحقيقًا للإعمال الكامل لهذا الحقّ تدريجيًّا، وعلى أساس تكافؤ الفرص..."، هذا ما جاء في المادّ... تابع القراءة

حوار مباشر مع معلّمات ومعلّمين، يتمّ بالإجابة عن مجموعة أسئلة عن الحياة في المدارس، وتجارب مختلفة وتحدّيات يوميّة. كلّ المعلّمين مدعوّون إلى المشاركة في الدردشة لنقل آرائهم ومقارباتهم الخاصّة.

ماهر منصور- مشرف شؤون طلبة- فلسطين/ قطر

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ طريقة التعلّم الأحبّ بالنسبة إليّ، وهي فعلًا ما زالت الطريقة التي أفضّلها حتّى الآن في تعلّمي المهنيّ، هي التعلّم عن طريق المشاريع الجماعيّة والفرديّة، والتعلّم عن طريق تقييم الأداء بمهامّ، سواءً موجّهة أو مفتوحة، حيث أنَّ نوع التعلّم هذا يمكّن المتعلّم من الاندماج في عمليّة التعلّم، واكتساب المعرفة والمهارات، ليس فقط من المدرّس أو الميسّر، بل أيضًا من زملائه، ومن التجربة، ومن التطبيق المباشر للتعلّم، والذي يجعل أثره يدوم، ويساعد على تطوير المهارات الأساسيّة والمتقدّمة، واكتساب المعرفة بشكل مرتبط بسياق، ممّا يجعلها أكثر أصالةً وارتباطًا بحياة المتعلّم.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ تُركّز الممارسات التعليميّة الحديثة على دمج المهارات الاجتماعيّة والمعرفة العلميّة، من خلال دمج المشاريع التعاونيّة والنقاشات الجماعيّة، وتطبيقات العالم الحقيقيّ للمفاهيم العلميّة، حيث يتمكّن الطالب من فهم المحتوى، وتطوير مهارات العمل الجماعيّ والتواصل، وحلّ المشكلات. المفتاح هو تصميم إطارات منهجيّة، تدمج المحتوى الأكاديميّ مع فرص للنموّ الشخصيّ والاجتماعيّ، ممّا يؤدّي إلى تطوير متعلّمين متكاملين، ومستعدّين للعالم المتّصل اليوم.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ في عصر ثورة الذكاء الاصطناعيّ، يصبح دور المعلّم أكثر أهمّيّة. فبينما يمكن للتكنولوجيا توفير كمّيّات هائلة من المعلومات، والقيام بالمهامّ الآليّة، يقدّم المعلّم الجوانب الإنسانيّة التي لا يمكن استبدالها، مثل التعاطف، والتفكير النقديّ، والقدرة على التكيّف، فيتحوّل دورنا من كوننا مجرّد مقدّمين للمعرفة، إلى ميسّرين لتطوير المهارات، مثل الإبداع، والتفكير الأخلاقيّ، والتعلّم مدى الحياة. يجب على المعلّمين توجيه الطالب لاستخدام الذكاء الاصطناعيّ بشكل مسؤول وأخلاقيّ؛ لنضمن أن يكون للتكنولوجيا دورًا مكمّلًا للذكاء البشريّ بدلًا من استبداله، وبالتالي، في هذا العصر التحوّليّ، يعمل المعلّمون كموجّهين؛ ليساعدوا الطّالب على تطوير علاقة متوازنة مع الذكاء الاصطناعيّ، مع التأكيد على القيمة الدائمة للتواصل البشريّ، والحكمة البشريّة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ يمكن للإشراف التربويّ أن يكونَ مفيدًا للممارسة التعليميّة عندما يعمل على تعزيز التطوير المهنيّ، ويضمن معايير تعليميّة جيّدة، ويحسّن نتائج الطلّاب، ويشجّع على الابتكار، ويعزّز التعاون بين المربّين للتحسين المستمرّ، والأهمّ من هذا كلّه، توفير جوّ داعم ومريح للممارسين؛ ليتمكّنوا من أداء واجباتهم النبيلة، ضمن بيئة إيجابيّة داعمة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ يجب أن تشمل عمليّة حلّ النزاعات بين الطّلبة عددًا من الأساليب والطرق الحديثة لحلّ النزاعات، كالممارسات التصالحيّة (وفق مفهوم العدالة التصالحيّة)، وتنمية قدرة الطلبة على التعاطف، وعقد جلسات حواريّة مع الطّلبة للتعبير عن شعورهم، والتحدّث عن هذه النزاعات، وغيرها من الاستراتيجيّات الحديثة، ويجب إشراك المعلّمين والمرشدين، وأولياء الأمر، والإدارة، في حلّ هذه النزاعات ضمن روح تعاونيّة؛ وذلك لتعزيز بيئة صفّيّة متناغمة وآمنة.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ على الرغم من الفوائد الجمّة للتقدّم التكنولوجيّ، إلّا أنّ استخدمها ليس دائمًا إيجابيًّا، فمن ناحية، قد يُشكّل الاعتماد المفرط على التكنولوجيا عائقًا أمام تنمية المهارات الأساسيّة والضروريّة لدى الطلّاب. بالإضافة إلى مخاوف عدم التكافؤ في الفرص، بسبب عدم تساوي القدرة في الحصول على هذه الأدوات واستخدامها للجميع، ومشاكل متعلّقة بتشتيت الانتباه، بسبب كثرة المشتّتات عند استخدام التكنولوجيا، والمشاكل المتعلّقة بخصوصيّة البيانات، وأخيرًا، مشكلة الحاجة إلى تدريب المعلّمين بشكل مناسب؛ ليتمكّنوا من توجيه استخدامها بشكل إيجابيّ.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ تعتبر المشاركة الأهليّة أمرًا بالغ الأهمّيّة لتعليم الطفل، حيث يمكن أن تعزّز الدافع والأداء الأكاديميّ والرفاهيّة العامّة، ومع ذلك، قد تظهر مخاطر هذا التدخّل عندما يصبح مُفرطًا في التحكّم ومبالغًا فيه، ممّا قد يعيق استقلاليّة الطفل، وقدراته على حلّ المشكلات، وثقته بنفسه، ويصبح عامل ضغط على الطفل. من الضروريّ الوصول إلى توازن نضمن فيه دعم الأهل من دون أن يسلبوا من طفلهم استقلاليّته، خصوصًا خلال المراحل التنمويّة الحرجة، حيث يعتبر تعزيز الاستقلاليّة أمرًا أساسيًّا. كذلك يكمن الدور الرئيس للأهل في تعزيز الجوانب الخارجة عن المنهج واللا أكاديميّة، والتي تشمل توسيع الدائرة الاجتماعيّة للطفل، ومساعدته على استكشاف اهتماماته، وتوسعة مداه.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ على الرغم من أنّ الموارد الرقميّة تقدّم مرونة ومحتوى مُحدّثًا، إلّا أنّ التخلّي تمامًا عن الكتب المدرسيّة قد لا يكون قرارًا حكيمًا في هذا الوقت، حيث توفّر الكتب المدرسيّة محتوىً منظمًا، وموحّدا في الصفوف الدراسيّة، وتعتبر مرجعًا موثوقًا للمعلّمين والطلّاب، من دون الاعتماد على التكنولوجيا. النهج المتوازن هو الذي يجمع بين الكتب المدرسيّة والموارد الرقميّة، وإمكانيّة الوصول إلى الموارد المختلفة، والعدالة، وتجارب تعليميّة شاملة لجميع الطلّاب، مع مراعاة الاختلاف في الوصول إلى التكنولوجيا والاحتياجات المختلفة.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ مدّة اليوم المدرسيّ المثاليّة قد تختلف، استنادًا إلى الاحتياجات التنمويّة، ومستويات الصفّ، والأهداف التعليميّة. ومع ذلك، ومع مراعاة عوامل مثل فترة الانتباه والإرهاق، والتنمية الشاملة، يبدو من المعقول أن تتراوح مدّة اليوم المدرسيّ بين 6 إلى 8 ساعات للطلّاب الأكبر سنًّا، ومدّة أقصر للمتعلّمين الأصغر سنًّا. ومن الضروريّ الأخذ في الاعتبار الوقت التعليميّ عالي الجودة، مع إدماج فترات الراحة والنشاط البدنيّ، وتجارب التعلّم المتنوّعة؛ لتحقيق التشارك الأمثل للطلّاب ورفاهيّتهم.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. الرواية التي أختارها هنا هي رواية "الخيميائيّ" لباولو كويليو، وقد اخترت هذه الرواية لأنّها من الروايات التي بدأت بقراءتها وأنا في عمر العاشرة، والآن أستطيع أن أقول إنّها تصف تجربتي، وتجربة عدد كبير من المهنيّين في حقل التعليم بالذات. معظمنا انضممنا إلى الجامعات بهدف الحصول على شهادة تؤهّلنا للحصول على وظائف تعود علينا برواتب مرتفعة، ولكن عبر هذه الرحلة، مررنا بعدد من المربّين والأكاديميّين والحكماء، وتعلّمنا منهم الكثير، ووصلت شخصيًّا إلى قناعة بأنَّ الكنز الحقيقيّ هو هذه التجارب، والتعلّم الذي اكتسبته من جميع من كان في دربي، من مدرّسين ومحاضرين، وزملاء، وحتّى طلبة، كما كان الحال لسانتياغو في الرواية، وأتمنى دائمًا أن أتمكّن من مساعدة الطلبة في الوصول إلى هذا الكنز، والاقتناع بأهمّيّته مقارنةً بالجوانب المادّيّة في الحياة.  

عبد الله ماجد المكحل- مسؤول تدريب تربويّ- الأردن

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ شكل التعليم الأحبّ لدي هو التعلّم التعاونيّ الذي يجمع بين المهارات الأكاديميّة والاجتماعيّة، ويوفّر فرصًا لاكتساب المعرفة ومعالجتها، والتعبير عنها بلغة الطالب الخاصّة، مع دمج الطالب في محيطه الاجتماعيّ، من خلال مجموعات تعلّميّة قائمة على الدعم والمساندة. "ننجو معًا أو نغرق معًا"، ما نفتقده اليوم في الغرف الصفّيّة، هو وقت للتعبير عمّا يكمن في نفوس طلّابنا. لذا، عندما ألاحظ الطلّاب في وقت الفرصة، الفسحة، أجدهم يتحرّكون بنشاط، ويتفاعلون متعاونين خلال اللعب، فأحدّث نفسي، لماذا ما أراه في الفرصة يختفي في الغرفة الصفّيّة خلال وقت الدرس؟   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يعتمد تعليم المهارات الاجتماعيّة على توفير هدف اجتماعيّ، يسير جنبًا إلى جنب مع الهدف الأكاديميّ. وهذا يتطلّب من المعلّم وعيًا بالأهداف الاجتماعيّة، وربطها بالتفاعلات الإيجابيّة بين الطلّاب، مثل مهارة التعزيز، وطلب المساعدة، ومهارة الاتّفاق وتقريب وجهات النظر، وهذا يتطلّب شرح المهارات ونمذجتها، والتدريب عليها قبل تكليف الطلّاب بتنفيذها، ثمّ متابعتها خلال التنفيذ، وتقييم الأداء على المستوى الفرديّ والمجموعة. وفي جانب آخر يتعلّق بهذه الإجابة، أصبحت أهمّيّة تنمية مهارات اجتماعيّة لدى الطلّاب مرتفعة، في ظلّ التفاضل الاجتماعيّ الذي نتج عن التغيّر الاجتماعيّ، المتأثّر بتطبيقات التقنيّة التي توفّر بديلًا عن التواصل الحقيقيّ، المنتج للمشاعر الإيجابيّة والمعرفة.   كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟ اتّجاهات الطلّاب نحو التعلّم هي التي تحدّد إجابة هذا السؤال. للأسف، يميل بعض الطلّاب إلى استثمار التقنية بما يحقّق لهم الراحة؛ لأنّهم ينظرون إلى التقنية على أنّها مجرّد ضغطة زرّ تحقّق ما طلبه المعلّم منهم. لذا، دوري هو استثمار هذه التقنية، بما يحقّق للطالب تفعيل خلاياه العصبيّة، ومعالجة المعرفة ونقدها. الذكاء الاصطناعيّ يشكّل بالنسبة إليّ تحدّيًا، ولا سيّما بعد ظهور الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ، الحقيقة التي يجب التأكيد عليها هي أنّ التعلّم ليس منطقة راحة، وهو يتطلب إعمال الفكر، ومعالجة المعرفة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ تتحقّق فائدة الإشراف عندما يبني المشرف علاقة إيجابيّة مع المعلّم، قائمة على الزمالة والمساواة في طبيعة الحديث والحوار. وعندما يتحوّل المشرف من وصيّ إلى مدرّب معرفيّ، يمتلك ثقافة مهنيّة تعزّز التغيير في الناس، سواء كانوا رافضين، أو متعاونين، أو متعثّرين، أو مبتدئين، أو خبراء متمكّنين؛ لأنّ المعلّمين ليسوا صنفًا واحدًا. فالمشرف مدرّب معرفيّ ومهاريّ، يمتلك خبرة نتجت من كثرة زياراته للمعلّمين، فهو أصلًا يتعلّم منهم، وينقل المعرفة والمهارة التي لاحظها من صفّ إلى آخر، ومن مدرسة إلى أخرى. وإذا كان المشرف لا يتعلّم من المعلّمين، فهو يكرّر نفسه في كلّ لقاء مع فريق عمله، وهذا لا يقلّل من أهمّيّة الاطّلاع على المستجدّات، من أفكار تضمّنتها الكتب الحديثة أو اللقاءات التربويّة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ تتجدّد نزاعات الطلّاب كلّ ساعة، ولن يأتي يوم تنتهي فيه هذه الظاهرة. وتعتمد النزاعات على أسباب معقدّة كثيرة، على رأسها ثقافة الأهل ومهنيّة الإدارة. لذا، التثقيف وحده لن يحدث فرقًا كبيرًا، وأفضل حلّ هو المتابعة، وفتح حوار بين المتنازعين من الطلّاب قبل أن نتولّى دور القضاة بينهم، فلا نزاع دائم ولا سلام دائم، يتقلّب الأطفال بين هذين الحالين، المهمّ ألّا نعطي المسائل أكبر من حجمها، والأهمّ هو السلامة البدنيّة للأطفال، وما دون ذلك يُحلّ بالحوار والنقاش، وطرح أسئلة عليهم تعزّز فيهم الفهم والرضا والتراضي. ومن المناسب تصميم مدوّنة سلوك، توضّح الأفعال والأقوال الممنوعة، وربطها بعواقب بحسب خطورتها، تضمن عدم وجود الفعل، وعدم تكراره إذا وقع.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ تعتبر التكنولوجيا أداة وليست غاية، وطريقة توظيفها هي الحكم في أنّها إيجابيّة أو لا، فإذا حقّقت الأهداف التي وظّفت لأجلها تكون إيجابيّة. وقد بلغت أهمّيّة الأدوات التكنولوجيّة الغاية؛ لأنّ هذا الجيل يفضّلها، ولأنّها توفّر تعليمًا بصريًّا، ونسبة الطلّاب البصريّين 80% حسب إحدى الإحصائيّات، لكن إذا وظّفت بلا قوانين ولا تعليمات، فقد يميل بعض الطلّاب لاستثمارها بطريقة سلبيّة، خصوصًا في موضوع التقييمات والمهمّات الأدائيّة، وهذا يتطلّب من المعلّم وعيًا، فلا يُستغفل من قبل طالب يميل إلى جني المحصول قبل بذر البذور.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ تعتبر ثقافة الأهل ومستواهم الاقتصاديّ محور إجابة هذا السؤال، حيث إنّ أغلب الأسر المتعلّمة، وذات الدخل الاقتصاديّ الذي يوفّر الحاجات والضروريّات، تتفاعل إيجابًا مع تعلّم أبنائها، من خلال المتابعة اليوميّة لدروسهم، والتواصل مع إدارة المدرسة، وحضور اجتماعات أولياء الأمور. ودور الأهل ليس التدريس، بل المتابعة في مراجعة الطالب لدروسه والاستعداد للاختبارات. ويعيش الأهل تحت ضغط شديد يتعلّق بالمعدّلات الدراسيّة، وقبولات الجامعات، وحالة البطالة، وسوء الأحوال الاقتصاديّة. لذا، من المهمّ بثّ الأمل في نفوس الأطفال، من خلال الحوارات المنزليّة، بعيدًا عن أيّ تعقيدات لن تدوم بحال من الأحوال. وقد تأثّر هذا كلّه سلبًا للأسف، في ظلّ وجود مجموعات الأهالي في تطبيقات التواصل، إذ بلغت الطاقة السلبيّة منتهاها عند البعض، وخرج توظيف المجموعات عمّا أسّست له، ممّا أثّر في سير العمل، وتنظيم الجدول المدرسيّ، والتقييمات الدوريّة.   هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ المعرفة ليس لها قالب، لذا من المهمّ أن نطوّر حلولًا للمحتوى المدرسيّ، خصوصًا في ظلّ كثرة الموادّ الدراسية وتنوّعها، حيث يعاني الأطفال، حتّى في الصفوف الأوليّة، من أوزان الكتب، لذا تجد حقائبهم ذات عجلات، يدخلون للمدرسة يجرّون حقائبهم خلفهم، كأنّ مسافرًا دخل صالة مطار.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ يمكن حصر مدّة الدوام المدرسيّ من خلال معرفة المحدّدات التي أدّت إلى طول ساعات هذا الدوام. بل يطالب البعض بساعات انتظار للطلّاب بعد الدوام المدرسيّ. بالنسبة إليّ، لا يهمّ عدد ساعات الدوام إذا كانت المدرسة قادرة على منافسة صالة البيت والشارع. اليوم، المدرسة ينافسها الشارع وصالة البيت، هذه حقيقة، لكن كم تربويّ يدير مدرسة يعي هذا المعنى؟ أنا لا أطالب بتحوّل المدرسة إلى حديقة عامّة، أو مطعم، أو مقهى، بل أطالب أن يشعر الطالب بكينونته ووجوده، ويتحوّل من طالب شفّاف في المدرسة إلى شخص مرئيّ، يرحّب به بالاسم من قبل فريق العمل. قد يكون عدد ساعات الدراسة ثلاث ساعات، لكنّها تمرّ كأنّها دهر، وقد تكون ست ساعات، لكنّها تمرّ كأنّها لمحة بصر. والذي يقيس هذا كلّه هو طريقة ردّ الفعل الشعوريّة للطلّاب لحظة قرع جرس نهاية الدوام، ثمّ الوقت الذي يستغرقونه لمغادرة مبنى المدرسة.   صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. أميل لقراءة السير الذاتيّة أكثر من الروايات، وهذا السؤال يحيّرني، لذا سوف أختار سيرة ذاتيّة وليس رواية، والكتاب هو "عشت سعيدًا. من الدرّاجة إلى الطائرة"، لعبد الله السعدون، من المملكة العربية السعوديّة، وهو عضو سابق في مجلس الشورى، وقائد عسكريّ في سلاح الطيران. وسبب اختياري لهذا الكتاب هو أنّ الأحداث التي وردت فيه تلامس ثقافتي المهنيّة، واللواء عبد الله السعدون قائد ومدرّب عسكريّ، حيث وجدت أنّ ثقافة التدريب مشتركة، مهما كان التخصص؛ لأنّ غايتي  كمدرّب أن يصل المتعلّمون إلى مرحلة يستغنون فيها عنّي، ويتحوّل عملهم إلى عمل تلقائيّ، من خلال استجابة تلقائيّة ذاتيّة، واتّساق في الأداء، من دون الحاجة إليّ، لذا ذكر في الكتاب فقرة لا أنساها، وهي كيف أنّ الطيار العسكريّ يطير بداية مستعينًا بمدرّب مرافق، يجلس خلف الطيّار المتدرّب خلال جولات الطيران الأولى، ثمّ لاحقًا يحلّق الطيّار المتدرّب بمساعدة برنامج الطيّار الآليّ والتحكّم عن بعد، من دون مدرّب مرافق، ثمّ يتحوّل من الطيّار الآليّ إلى الطيران بطائرة ذات محرّكين، وأخيرًا ينتقل إلى طائرة ذات محرّك واحد فقط. هذا يشبه دورنا في تدريب المدرّبين بدعم الفريق الذي نعمل معه، وتطويره من خلال نهج متسلسل، يبدأ بتقديم المهارات الأساسيّة، وينتهي بالاستقلاليّة والاتّساق في الأداء، من دون تخطّي أيّ مرحلة.    

حسناء لقمان- معلّمة صفّ ابتدائيّ- المغرب

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟ لو كنت طالبة اليوم، لجعلت حروفي تبدع بكلّ شغف في كلّ الحصص. لما كنت سأظلّ خجولة، بل كنت سأعبّر بكلّ شخصيّة وقوّة لأبرز قوّة حروفي. وكانت ستكون نظريّتي المفضّلة، الذكاءات المتعدّدة، محور اهتماماتي؛ لأبحث في كلّ مرّة عن نفسي في عدّة مجالات. أؤمن بأنّ التعلّم لا يقتصر على الفصل الدراسيّ فقط، بل يجب أن يكون جزءًا من حياتنا.   إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟ يعتبر التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والمعارف العلميّة أمرًا حيويًّا في البرامج التعليميّة الحديثة. فالتعليم الذي يركّز فقط على المعارف العلميّة من دون تعليم المهارات الاجتماعيّة، قد يؤدّي إلى إنتاج طلّاب وطالبات ذوي معرفة عالية، ولكنّهم في الوقت نفسه، يفتقرون إلى القدرة على التعامل بفاعليّة مع الآخرين. في المقابل، إذا رُكّز فقط على تعليم المهارات الاجتماعيّة من غير تعليم المعارف العلميّة، فقد يؤدّي ذلك إلى إنتاج طلّاب وطالبات غير مؤهلين للمشاركة في العالم الحديث المتقدّم. لذلك، يجب أن تسعى البرامج التعليميّة الحديثة للتوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والمعارف العلميّة، وتنميتهما بما يتّفق مع متّطلبات المجتمع والعالم الحديث.   كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟  ربّما يمكن للذكاء الاصطناعيّ تسهيل إعطاء المعلومات، لكنّ دور المعلّم لا يقتصر فقط في إعطاء المعلومة، بل أيضًا في زرع القيم والاخلاق، وربّما كذلك تصليح ما كسرته الظروف الصعبة في بعض التلاميذ. معلّم اليوم دوره المرشد والأب للطفل، فمعظم الوقت يقضيه الطفل في المدرسة، وهذا سيكون الخطوة الأولى لترسيخ القيم الحميدة.   متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟ عندما تواجه صعوبات في ممارستك التعليميّة، يمكن أن يكون الإشراف التربويّ مفيدًا جدًّا. الإشراف التربويّ يقدّم ملاحظات وتعليقات للمعلّمين حول أساليب التدريس والتعلّم الفعّالة، ويتحدّث عن الأفكار الجديدة والتقنيات التي يمكن استخدامها. علاوة على ذلك، يمكن للمشرف التربويّ العمل مع المعلّمين لمساعدتهم على تطوير خطط دراسيّة متكاملة وفعّالة، وتحسين مستوى التفاعل والمشاركة في الصفّ، وإدخال أنشطة تعليميّة مفيدة. بصفة عامّة، فإنّ الإشراف التربويّ يساعد على رفع مستوى الأداء والتحسين المستمرّ لعمل المعلّمين في ممارستهم التعليميّة.   ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟ من وجهة نظري، يجب تطبيق التعاقد التربويّ في بداية السنة، وهي مجموعة من القوانين والشروط الصفّيّة تفاديًا للمشاكل والنزاعات. وكذا ستكون طريقة مفيدة لتجنّب الغشّ والسرقة والكذب. ومن جانب آخر، لا ننسى دور الموجّه التربويّ في سماع مشاكلهم النفسيّة والاجتماعيّة، وإرشادهم إلى التغلّب عليها؛ كي لا تؤثّر فيهم في الصفّ. الأطراف المعنيّة في مثل هذه الحالات: المعلّم، له دور مهمّ في خلق جوّ إيجابيّ، وزرع مفهوم التسامح والصدق بينهما؛ الإدارة المدرسيّة، تتجلّى في تطبيق العقوبات، كي يعرف التلميذ ويقتنع بخطئه. ولا ننسى دور العائلة الذي لا يقتصر فقط في الرعاية، بل كذا في التربية وفهم احتياجات أطفالهم، من حبّ واهتمام.   هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟ لكلّ الأدوات والوسائل الحديثة إيجابيّات وسلبيّات، لكنّ الفرق الوحيد يكمن فقط في كيفيّة استعمالها، وتحديد الوقت والزمن، وعدم الإكثار من استخدامها في حياتنا المهنيّة والخاصّة.   هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟ نعم، يعتبر دور الأهل هامًّا في بناء عقليّات أطفالهم. وكذا تطوير شخصيّتهم للأفضل، ويندرج تحت هذا الدور تحفيز أطفالهم وتشجيعهم نفسيًّا، كما التواصل معهم، والذي يمنحهم قيمة وافتخارًا بإنجازاتهم ومهاراتهم، لكن في إطار يظلّ فيه الطفل جاهزًا دائمًا للتعلّم، كي لا يدخل في متاهة النرجسيّة.   هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟ لا، الكتاب المدرسيّ هو الصديق الذي سيظلّ ونيس الطفل، خصوصًا في المرحلة الأولى التي تتطلّب معالجة عسر القراءة، والتي لا تمكن معالجتها بالحاسوب. لا يمكننا أن نعوّض الكتاب المدرسيّ، وصفحاته التي نجد فيها لذّة العلم والمعرفة، وتعطي طفلنا الأجنحة ليحلّق في سماء الخيال والابتكار.   كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟ لا يمكن تحديد ساعات الدوام؛ لأنّها تختلف من سنة إلى اخرى، لكن يمكن تخفيف الدروس، والاستعانة فقط بالموادّ الضروريّة حسب كلّ مستوى.   صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية. سأختار رواية "لا أحد ينام في الإسكندرية"، لإبراهيم عبد المجيد. تتجسّد فكرتها في تقبّل الديانات، والتي سأربطها بالتعليم في بيئات متعدّدة الثقافات التي تسهم في تطوير التفكير النقديّ، وتعزيز التعلّم الشامل للطلّاب، ويمكن أن تترجم البيئات متعدّدة الثقافات إلى فرص للتعلّم اللغويّ، وتنمية المهارات الاجتماعيّة.  يعدّ التعليم متعدّد الثقافات أحد الأنماط التعليميّة الحديثة، والتي تساعد في تطوير مهارات الطلّاب، العقليّة والاجتماعيّة والثقافيّة، والتي تؤهلهم لتحقيق النجاح في مجتمع متنوّع ومتعدّد الثقافات.  

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين المهتمّين بتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد، حيث تتناول المقالات معظم القضايا المرتبطة بالتربيّة والسلوك والمواقف المختلفة.

أهمّيّة ممارسة الرياضة للأطفال

مرحلة الطفولة هي المرحلة الأخطر والأكثر تأثيرًا في تكوين عاداتنا وأنماط حياتنا. لذا، يصعُب تغيير كلّ ما اكتسبناه منها على المدى الطويل. انتشرت العديد من المشكلات الصحّيّة والنفسيّة بين الأطفال انتشارًا غير معهود من قبل، بسبب الثورة التكنولوجيّة التي اجتاحت عالم الطفولة وغيّرت نمط حياة الأطفال من الانطلاق والحركة وتنمية عقولهم بالفضول وحبّ التجربة، إلى تقييد عقولهم وأجسامهم بقيود الأجهزة الإلكترونيّة. وعليه، أصبحت ممارسة الرياضة للأطفال من أعظم الفرص التي نوفّرها لهم حتّى يُقبِلوا على الحياة، واثقين بقدراتهم ومتمتّعين بصحّة نفسيّة متّزنة، لما في الرياضة من آثار إيجابيّة وفعّالة صحيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا في حياتهِم.    فوائد ممارسة الرياضة للأطفال  توفّر ممارسة الرياضة للأطفال مزايا عديدة تتجاوز اللياقة البدنيّة. إليك أهمّ فوائد الرياضة وضرورتها لنموّ الطفل ونجاحه في المستقبل:     تحسين صحّة الطفل البدنيّة   الحياة الصحّيّة سرّ الجسم النشيط والمناعة القويّة. لذا، تعدّ ممارسة الرياضة للأطفال السبيل الأفضل لبناء صحّة بدنيّة مرتفعة تقيهم من تبعات تقدّم العمر. وتتلخّص فوائد الرياضة لصحّة طفلك البدنيّة في النقاط الآتية:  - تعزيز مناعة الطفل لمقاومة الأمراض المختلفة.  - تحسين نموّ العضلات والعظام والأربطة والمفاصل.  - تقليل نسبة الكوليسترول في الدم.  - تعزيز جودة نوم الطفل ووقايته من الإصابة بالأرق.  - الوقاية من خطر الإصابة بمرض السكري.  تذكّر أنّ بناء عادات صحّيّة للطفل وتنشئته على كون الرياضة جزءًا لا يتجزّأ من حياته، يبني له نظامًا يقيه من زيادة الوزن كلّما تقدّم في العمر، ويسهم في تعزيز ثقته بنفسه.     تحسين صحّة الطفل النفسيّة   يغفل الكثير من الأهالي عن أهمّيّة ممارسة الرياضة للأطفال في تفريغ الطاقة السلبيّة، بالإضافة إلى فوائد تتعلّق بصحّتهم النفسيّة. تشمل هذه الفوائد:    - تخفيف حدّة القلق.   - المساعدة في معالجة الاضطرابات النفسيّة المرتبطة بكيمياء الدماغ.   - مساعدة الطفل على السيطرة على تقلّباته المزاجيّة.   - معالجة الرهاب الاجتماعيّ والعزلة عند الطفل بفضل العلاقات التي يؤسّسها.             - تعزز ثقة الطفل بنفسه.     وحسب ما ذكره خبراء الطبّ النفسيّ، مثل د. كريستين هيبيرت، تؤدّي ممارسة الرياضة للأطفال دورًا فعّالًا في التعافي من اضطرابات خطيرة وشائعة، مثل التوحّد واضطراب الشخصيّة الحدّيّة والشيزوفرانيا. بالإضافة إلى الصدمات المتعلّقة بالحياة الأسريّة والعلاقات. كما تؤكّد الدراسات أنّ ممارسة الطفل للرياضة في عمر مبكِر يقلّل من احتمال إصابته بالأمراض النفسيّة.     رفع مهارات الطفل العقليّة   تعدّ الرياضة شريان حياة الطفل، لأنّ فترة الطفولة هي الفترة الأكثر حساسيّة في ما يتعلّق بتطوير المهارات العقليّة، حيث تُسهِم التمارين الرياضيّة في تطوير مهارات الطفل الإدراكيّة وقدراته. من هنا، تعزّز الرياضة تدفّق الدم إلى الدماغ وتقوّي اتّصالات الخلايا العصبيّة. لذلك، تؤثِّر حالة النشاط التي تُسبّبها ممارسة الرياضة للأطفال تأثيرًا إيجابيًّا في النموّ العقليّ، وبالتالي، في الأداء الأكاديميّ والتفوّق الدراسيّ.   ولممارسة الأطفال الرياضة علاقة مباشرة بتنمية القدرة على التفكير والانتباه، وتقوية الذاكرة والذكاء اللغويّ، بالإضافة إلى مهارات القراءة والذكاء الرياضيّ، بحسب ما أشارت إليه الدراسة المنشورة في المجلّة الدوليّة للبحوث البيئيّة للصحّة العامّة.    تعزيز ذكاء الطفل الاجتماعيّ   تعدّ ممارسة الرياضة من أكثر الأنشطة التي تُنمِّي علاقات الطفل، وهي من أهمّ العوامل المؤثِّرة في تشكيل حياة طفلك الصحّيّة. فلا سبيل إلى اكتساب المهارات الاجتماعيّة سوى العلاقات المباشرة وتراكم التجارب. لذلك، كانت ممارسة الرياضة من أكثر الطرق فعّاليّة لمساعدة الأطفال ذوي الخبرة الاجتماعيّة الضعيفة، لينمّوا مهارات التواصل لديهم، ويكتسبوا الثقة بأنفسهم، والشجاعة للتعبير عن أنفسهم بتكوين الصداقات وتبادل الخبرات مع الآخرين.   توفير فرص مستقبليّة أفضل للطفل   بفضل الطاقة الإيجابيّة التي يستمدّها الأشخاص الذين نشأوا على ممارسة الرياضة منذ طفولتهم، يكون احتمال مواجهة مشكلات الثقة بالنفس وضعف الشخصيّة والتقدير الذاتيّ المنخفض لديهم أقلّ من أقرانهم الذي لا يمارسون الرياضة. فتكفل الممارسة الطويلة للتمارين الرياضيّة مناعة قويّة للطفل، ونشاطًا وانفتاحًا على الحياة، وتصالحًا مع النفس يمكنّه من خوض التجارب وتطوير شخصيّته وفق ما يناسب كلّ مرحلة في حياته.     * * *  توفِّر ممارسة الرياضة للأطفال العديد من الفوائد التي تتعدّى اللياقة البدنيّة، فهي تبني لديه أساسًا قويًّا للنجاح بتعزيزها العمل الجماعيّ والانضباط والقيادة والثقة بالنفس والمهارات الحياتيّة الرئيسة. فيضع الانخراط في الأنشطة الرياضيّة في سنّ مبكِرة، الأطفال على طريق التنمية الشاملة، ويعزِّز رفاه الطفل العامّ، ويعدّه للتحدّيات المستقبليّة. وعليه، شجِّع طفلك على الانضمام إلى نادٍ رياضيّ ودع الرياضة تساعده على إطلاق العنان لقدراته.     أقرأ أيضًا: دور اللعب في تنمية شخصيّة الطفل وتطوير مهاراته | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) أضرار الألعاب الإلكترونيّة على الأطفال وسُبُل تجنّبها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع  https://www.acefitness.org/resources/everyone/blog/6441/top-10-reasons-children-should-exercise/#:~:text=Children%20who%20are%20active%2060%20minutes%20per%20day,Physical%20%28body%29%20and%20cognitive%20%28brain%29%20development%20go%20hand-in-hand.    https://www.cdc.gov/physicalactivity/basics/adults/health-benefits-of-physical-activity-for-children.html          

كيفيّة التعامل مع خصوصيّة المراهق من دون تجاوز حدوده الشخصيّة

يحرص معظم الوالدين على مراقبة سلوك أبنائهم المراهقين وتتبّع تفاصيلهم وسير حركتهم، لحمايتهم من الأحداث السلبيّة وغير المتوقّعة خارج المنزل. ولكن، بينما يقومون بذلك بدافع القلق، قد يتجاوزون خصوصيّة ابنهم أو ابنتهم المراهقة تجاوزًا غير متعمَّد، ممّا يؤدّي إلى نتائج تربويّة عكسيّة، بسبب رغبة المراهق، خلال هذه المرحلة بالذات، التحرَّر من السلطة الوالديّة. نسلّط الضوء في هذا المقال على كيفيّة التعامل مع خصوصيّة المراهق، من دون تجاوز حدوده الشخصيّة.     ما أهمّيّة التعامل مع خصوصيّة المراهق؟  مع بدء المراهق رحلته نحو النضج، قد لا يدرك الوالدون أنّه آن الأوان أخيرًا أن يعطوا ابنهم أو ابنتهم المساحة الشخصيّة، حيث يستطيعون النموّ والتعلّم من أخطائهم وحدهم. وهي حقيقة لا بدّ أن يدركها الوالدون، وإن كان ابنهم لا يزال طفلًا في نظرهم. فمن الطبيعيّ أن تبدأ نزعة الاستقلاليّة في النموّ داخله، فيميل، عاجلًا أم آجلًا، إلى التمرّد على القوانين التي يفرضها الوالدان. ورغم التمهيد لهذه المرحلة مسبقًا، سواء من الطفل نفسه أم من أهله، لضمان التحكّم الإيجابيّ بمستوى هذه الخصوصيّة، إلّا أنّها تبدأ فعليًّا منذ دخول الابن أو الابنة مرحلة المراهقة.    لماذا يحتاج المراهق إلى مساحة من الخصوصيّة؟  أوّل خطوة تشعِر المراهق بدخوله عالم الكبار تمتّعه بحياة خاصّة وبعيدة عن والديه، حيث يمكنه التصرّف كما يحلو له فيها، من دون رقابة أو تقييم دائم لسلوكه، لأنّه يعتبر محاسبة الوالدين المستمرّة سلوكًا موجّهًا إلى الأطفال فقط، وهو لم يعد طفلًا من وجهة نظره. وبالتالي، نزعة ابنك المراهق نحو وضع حدود شخصيّة له، ليست عرضًا خطيرًا، ولكنّها لا تعني، كذلك، قبول الوضع كما هو، من دون أيّ تدخّلات. وعليه، كيف نحمي المراهق من دون إشعاره باقتحام منطقته الآمنة؟ لنجيب عن هذا السؤال يجب أن نحدّد أوّلًا شكل الخصوصيّة الذي يبتغيه المراهق، وأن نفهم حدود الخصوصيّة السويّة التي يجب على الوالدين احترامها.  تنمية اهتماماته  عندما يكبر المراهق، يواجه تحدّيات كبيرة، مثل فهم شخصيّته وأحلامه وأهدافه في الحياة. ونظرًا إلى التطوّر السريع لدماغ المراهق، فهو يكتسب مهارات تفكير جديدة، ويطوّر اهتمامات اجتماعيّة ورومانسيّة وعمليّة ومهنيّة جديدة. وبالنسبة إلى الوالدين، هناك الكثير من الأشياء المجهولة التي يقوم بها المراهق بهدف تنمية المهارات المرتبطة برغبته باكتشاف ذاته. قد يكون الأمر مخيفًا إذا ما تُرِك المراهق ليحلّ أموره بنفسه، ولا سيّما إذا شعرت بالقلق من إمكانيّة اتّخاذه خيارات سيّئة. تعزيز الثقة بالنفس  عندما يُمنَح المراهق الخصوصيّة التي يحتاج إليها، يساعد ذلك على تحقيق الاستقلاليّة، ممّا يبني ثقته بنفسه بشكل أفضل، كونه إنسانًا واعيًا وقادرًا على تحمّل المسؤوليّة. بصفتك أحد الوالدين، حاول جاهدًا تحقيق التوازن بين معرفة ما يفعله ابنك المراهق، والثقة به في بعض الأمور الخاصّة.  تجنّب الخلافات  عندما يعتقد المراهق أنّ والديه ينتهكان خصوصيّته، تزداد الخلافات في المنزل، لأنّه قد يشعر أنّ والديه لا يثقان به، أو أنّهما ما يزالان يريانه طفلًا صغيرًا. لذلك، يفضِّل المراهق أن يحصل على الخصوصيّة الكافية بما يقلّل الخلافات بينه ووالديه.   ما حدود خصوصيّة المراهق؟  الخصوصيّة الصحّيّة التي يجب أن يحترم حدودها الوالدان في حياة المراهق هي القرارات الشخصيّة المناسبة لعمره، وتلك التي لا يحتاج إلى توجيه فيها، كاختيار هوايته وتفضيلاته في اختيار الملابس، أو التخصّص الذي يحبّه. بالطبع، يدخل توجيه الأهل في مثل هذه الجوانب، ولكن من باب النصيحة والنقاش، وعرض الأمور من مختلف وجهات النظر، وليس الإجبار، لأنّ القرار الذي ينحصر في مثل هذه الاختيارات لا يؤثّر مباشرةً في قيم الأسرة الجوهريّة التربويّة.    كيف أحقّق التوازن بين احترام خصوصيّة ابني المراهق وحمايته؟  يتعلّق التعامل مع خصوصيّة المراهق بالموازنة بين احترام خصوصيّته والتدخّل التربويّ عند ظهور علامات تدلّ على ضرورة توجيهه ومساعدته. إليك أهمّ وسائل الموازنة التربويّة بين احترام خصوصيّة المراهق وحمايته:  ابنِ الثقة بينك وبينه  بناء الثقة بين الوالدين والابن المراهق سرّ نجاح معادلة الخصوصيّة في حياة المراهق، لأنّ الثقة المتبادلة بين الوالدين والابن تدفعه إلى مشاركة والديه أفكاره ونواياه وعلاقاته وحياته الخاصّة بحريّة. الأمر الذي يُطمئن الوالدين أنّ المراهق يلجأ إليهما أوّلًا حين يقع في مشكلة، أو يمرّ بتغيّرات فكريّة أو نفسيّة، من شأنها التأثير في حياته سلبيًّا.   استخدم لغة الحبّ بدلًا من النقد  لا يتخيّل الوالدون مدى أهمّيّة اللغة التي يستخدمونها في توجيه أبنائهم. تعني لغة اللوم والنقد المستمرّين، بالنسبة إلى المراهق، هجومًا شخصيًّا عليه وتقليلًا من شأنه، لا رغبة في تقويم سلوكه ليعيش بصورة أفضل. لذا، تعدّ لغة الاقتراح أكثر إيجابيّة في توجيه النصح للمراهق، لأنّها توصل إليه رسالة ضمنيّة بأنّ والديه يريدان مساعدته بدافع الحبّ والحرص عليه، لا الندّيّة والرغبة في حرمانه ممّا يريد.  تقبّل شخصيّته يحتاج المراهق إلى أن يشعر بأنّ والديه يقبلانه من دون شروط، وأنّ حبّهما له ليس مرتبطًا بصورة أو سلوك معيّن، فذلك كفيل بإقناعه بماهيّة الدافع الحقيقيّ وراء تخوّفهما من حدوده الشخصيّة التي قد تزيد عن الحدّ أحيانًا. فعندما يتفهّم كلّ طرف دافع الآخر ويتقبّله تقلّ حدّة الأزمة، ويستوعب الابن أنّ حدوده الشخصيّة لا تعني عدم وجود مكان لوالديه في حياته.  تفهّم مشاعره  يهرب الابن المراهق من أيّ مصدر للضغط النفسيّ. لذلك، يجب أن يبدي الوالدان بعض التفهّم أحيانًا، وإن كان الأمر غريبًا بالنسبة إليهما في البداية. فعندما يشعر المراهق بأنّ والديه يعطيانه مساحة التفهّم التي يحتاج إليها سوف يلجأ إليهما تلقائيًّا، ليشكو همومه أو يناقش قرارته، لأنّه يشعر بتحرّره من الضغوط والأحكام على أفكاره. بالمقابل، يهاب المراهقون مع الوالدين المتسلطين التعبير عن أفكارهم وأحداث حياتهم الخاصّة أمامهما.   * * * يعدّ تحقيق التوازن بين خصوصيّة المراهق والتعامل معها مسعى متعدّد الأوجه، لأنّه يتطلّب فهمَ احتياجات المراهقين الخاصّة، والمخاطر المحتملة أمامه، مع التركيز على أهمّيّة تعزيز الثقة والتواصل المفتوح. يتطلّب تحقيق هذا التوازن تفاعلًا دقيقًا بين احترام استقلاليّتهم، وتقديم التوجيه اللازم لسلامتهم ورفاههم. ومن هنا، يمكنك إنشاء بيئة يمكن لابنك المراهق الازدهار فيها بحرّيّة مع إبقائه بأمان، وذلك بالتغلّب على هذه التحدّيات بالتعاطف والتعليم والتعاون.   اقرأ أيضًا طرق التعامل مع المراهق العنيد | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) مشكلات المراهقين النفسيّة وكيفيّة التعامل معها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.parentcircle.com/how-to-respect-a-teenagers-privacy/article#:~:text=Don't%20intrude%3A%20Keep%20in,be%20having%20with%20her%20friends.   https://nalandaschool.org/why-and-how-to-respect-childs-privacy/   https://www.verywellfamily.com/why-does-my-teen-need-privacy-2609615      

كيفيّة تقوية شخصيّة الطفل الحسّاس وتنمية مهاراته الاجتماعيّة

هل تشعر أنّ طفلك أكثر حساسيّة من الأطفال الآخرين؟ يمتلك الأطفال ذوو الحساسيّة العالية مزاجًا فطريًّا يجعلهم أكثر عرضة للمثيرات والعواطف الخارجيّة. وفي هذه الحالة، يكمن دور الوالدين في فهم طبع طفلهم ودعمه ومساعدته على الازدهار في عالم قد يشعر فيه أحيانًا بالإرهاق. تكشف هذه المقالة استراتيجيّات الوالديّة الفعّالة لتربية الأطفال ذوي الحساسيّة العالية، وتمكينهم من تطوير نقاط قوّتهم الفريدة والتعامل مع التحدّيات.    ما سمات شخصيّة الطفل الحسّاس؟  قبل أن نتحدّث عن بعض استراتيجيّات تربية الطفل الحسّاس، من المهمّ أن نفهم سمات شخصيّته: شدّة الملاحظة  تتميّز شخصيّة الطفل الحسّاس بالملاحظة الشديدة، حيث يستقبل معلومات حسّيّة أكثر من الأطفال الآخرين. قد تجده يلاحظ التفاصيل الدقيقة والتغييرات التي لا يلاحظها الأطفال الآخرون. على سبيل المثال، قد يشعر الطفل الحسّاس بالانزعاج الشديد تجاه الأصوات الخافتة، أو الأصوات الصاخبة، أو قد تزعجه الرطوبة الطفيفة على ملابسه، أو الروائح والنكهات المخفيّة في الطعام.  المراقبة والإدراك  سمة أخرى من سمات شخصيّة الطفل الحسّاس هي معالجة المعلومات والأحداث المحيطة به بهدوء. فهو يفضّل المراقبة والتفكير قبل أن يقدم على أي تصرّف، لأنّه يعمل بوعي شديد. لذلك، بالرغم من حقيقة كون الطفل هادئًا أو خجولًا، إلّا أنّه مبدع جدًّا نتيجة عمليّات التفكير المستمرّة التي تحدث داخل عقله.  التعاطف الشديد مع الآخرين  يتمتّع الطفل الحسّاس بشعور قويّ ومستمرّ من التعاطف مع الآخرين، فهو يأخذ وقتًا طويلًا في التفكير في الإشارات الاجتماعيّة لمن يحيط به، كتعابير الوجه ونبرة الصوت والعواطف.  الانفعالات العاطفيّة   نظرًا إلى سهولة تأثّر الطفل الحسّاس بالمؤثرّات والعوامل المحيطة، يتأثّر بسهولة بالمواقف التي يتعرّض إليها وتحفّز الانفعالات والمشاعر العاطفيّة لديه، مثل التوتّر والحزن والبكاء الشديد.   التعرّض إلى نوبات الغضب  نظرًا إلى المستويات العالية من الملاحظة والتفكير، تكون شخصيّة الطفل الحسّاس أكثر عرضة إلى نوبات الغضب والانهيارات. وعادة ما ينتج ذلك عن تحليل المعلومات أو العبء العاطفيّ.    كيف تتعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس؟  عندما يتعلّق الأمر بالتعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس، يعبِّر العديد من الوالدين عن تحدّيات في معرفة كيفيّة التصرّف معه. تعدّ شخصيّة الطفل الحسّاس أكثر حساسيّة تجاه النقد الذي يلقيه عليه من حوله. وفي الوقت الذي يكون فيه الوالدان أكثر حذرًا عند التعامل مع طفلهم الحسّاس، فهم يودّون أيضًا العثور على الطريقة المثاليّة لتنمية مهاراته الاجتماعيّة وتشجيعه على التعلّم والنموّ. إليك أهمّ استراتيجيّات التعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس:   قدّر مشاعر طفلك   ساعد طفلك على الاعتراف بمشاعره بفهمك لها وتقديرها. يساعده ذلك على الشعور بأنّه مسموع ومفهوم، كما يساعده على فهم مشاعره فهمًا أفضل، ويصبح أكثر تقبّلًا للانتقادات البنّاءة.  اتّبع قاعدة "اقترب قبل أن تنتقد"   عند التعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس، فكّر بإيجابيّة تجاه مشاعره، وعزّز التواصل بينكما، وامدح إيجابيّات تصرّفاته قبل أن تذمّ السلبيّات.  استخدم نبرة صوت محايدة  يفهم طفلك الحسّاس النبرة الهادئة أكثر من غيرها، فالتحدّث بنبرة محايدة يجعل من السهل على طفلك الحسّاس تقبّل ملاحظاتك وفهمها. يمكن أن تساعده نبرة الصوت الهادئة في التركيز على الرسالة، بدلاً من الشعور بالارتباك.  كن مباشرًا  على الرغم من أنّك قد تفكّر بتغيير بعض قواعدك، لتجنّب إزعاج طفلك الحسّاس، إلّا أنّ الاستثناءات الكثيرة تجعل من الصعب عليه التعلّم على المدى الطويل. لذلك، لا تغيّر شيئًا في قواعدك، وكن واضحًا في تطبيقها. اخلق له بيئة هادئة وآمنة  تفضّل شخصيّة الطفل الحسّاس البيئات الهادئة والمنظّمة. لذلك، أنشئ مساحة منزليّة آمنة وخالية من الضوضاء والأضواء الساطعة والفوضى، وضع روتينًا يمكن التنبّؤ به وحدودًا واضحة لتوفير الشعور بالاستقرار والأمان، ممّا يسمح له بإدارة عواطفه بفاعليّة. علّمه الذكاء العاطفيّ إنّ مساعدة الطفل الحسّاس على فهم عواطفه وتنظيمها أمر بالغ الأهمّيّة. علّمه الذكاء العاطفيّ وساعده على التعرّف إلى مشاعره والتعبير عنها تعبيرًا بنّاءً، وشجّعه على التواصل المفتوح والاستماع الفعّال، بما يسمح له بالتعبير عن مشاعره من دون إصدار أحكام. كما يمكنك تعزيز وعيه الذاتيّ ومرونته العاطفيّة، بتزويده بمفردات مناسبة لعمره، تساعده على التعبير عن تجاربه وعواطفه.  شجِّعه على ممارسات الرعاية الذاتيّة  يفيد الأطفال ذوو الحساسيّة العالية كثيرًا من ممارسات الرعاية الذاتيّة التي تعزِّز الاسترخاء والتوازن العاطفيّ. شجِّع طفلك على ممارسة الأنشطة المختلفة، مثل القراءة أو الرسم أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو الهوايات التي يستمتع بها. وعلّمه تقنيات التنفّس العميق أو التأمّل، لمساعدته على إدارة مشاعر التوتّر والقلق لديه. تستطيع أن تمكِّن طفلك من تحمّل كامل مسؤوليّة رفاهه العاطفيّ، بتعزيز عادات الرعاية الذاتيّة.   * * * تتطلّب معاملة شخصيّة الطفل الحسّاس الكثير من الصبر والتفهّم والرعاية. إنّك تمكِّن طفلك الحسّاس من الازدهار بخلق مساحة هادئة وآمنة، وتعليمه الذكاء العاطفيّ، ودعم ممارسات الرعاية الذاتيّة لديه. ولكن، تذكّر أنّ كلّ طفل فريد من نوعه، ومن الضروريّ تصميم استراتيجيّات الوالديّة وفق احتياجات الطفل الفرديّة. يمكن للطفل الحسّاس أن يتبنّى حساسيّته مصدر قوّة تمكنّه من التواجد بين أقرانه بثقة، بالاستراتيجيّات الملائمة والدعم المناسب.   اقرأ أيضًا: الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيفيّة التعامل مع الطفل العصبيّ وكثير البكاء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.atlaspsychologycollective.com/blog/highly-sensitive-child-parenting-strategies   https://www.annajah.net/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%B3-%D8%B5%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9%D9%87-article-32434