ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
معظم الاستراتيجيّات التي أستخدمها بشكل مستمرّ مع الطلبة تصبح فعّالة على المدى البعيد. أؤمن أنّ استخدام استراتيجيّة واحدة يُشعر الطلبة بالملل، واستخدام استراتيجيّة مختلفة في كلّ مرّة يتعلّم فيها الطالب مفهومًا جديدًا يشكّل نوعًا من الانزعاج لديه. لذا، أستخدم استراتيجيّات متنوّعة بشكل متواصل، بحيث يكون الطالب أكثر ارتياحًا أثناء التعامل معها، ويصبح على دراية بهيكليّتها وطريقة تفاعله معها، كما والهدف/ المخرج النهائيّ منها، وذلك في كلّ مرّة تُستخدم تبعًا لطبيعة الهدف ونوعيّتهِ والمهارة المطلوب تحقيقها. ومن أهمّها، على سبيل المثال لا الحصر، "أنظر، أفكر، أستنتج"، ومخطّط "فنّ"، بالإضافة إلى استراتيجيّة "قبل، أثناء، بعد القراءة"، و"مجموعات التساؤل"، و"معارض التّجول".
كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
ممّا لا شك فيه أنّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ أصبحا جزءًا لا يتجزّأ من حياة طلبتنا اليوميّة، ولن يكون بمقدورنا عزلهم عنها بشكل كامل. وأعتقد أنّه من الأفضل تقنين استخدامهم للتكنولوجيا ومتابعته ضمن المعقول وفي إطار ما يمكنهم استخدامها فيه، ذلك بعد التأكّد من إدراكهم للسلبيّات والإيجابيّات المرتبطة بها، والطرق المثلى للاستفادة منها. وربط كلّ ما نتفاعل معه من خلال التكنولوجيا بواقعهم، وبما يتعلّموه بالطريقة العمليّة، ومن خلال دراسات الحالات المختلفة ذات الصلة بالمواضيع التي يدرّسونها.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
في بداية مسيرتي المهنيّة كنت أعتقد أنّ الطلبة يفهمون ويدركون ما أقوله جيّدًا من دون أيّ تفسير، وأنّ لديهم ذاكرة قويّة يستطيعون الاعتماد عليها في حفظ كلّ ما أقوله، ولكن بعد فترة اكتشفت خطأ فرضيّتي بسبب قيام الطلبة بتنفيذ الأنشطة التفاعليّة، من دون وجود تقييمات مستمرّة وأدلّة واضحة على سير تعلّمهم ونموّه. وأيقنت بعدها ضرورة أن أقوم بوضع كلّ هدف بشكل مكتوب وتحديثه ببطاقات أدلّةً عن عمل الطلبة ومخرجات تعلّمهم، ما يساعد في مواكبة تطوّر الطالب ومتابعتهِ من قبل نفسه وذويه أيضًا. وتعتبر في الوقت نفسهِ مرجعًا لها يمكنه العودة إليها في حال نسيها، أو احتاج إلى إعادة استخدامها.
افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
من أهمّ ورش العمل التدريبيّة التي قدّمتها كانت حول التقييم، وأهمّيّة التنوّع في الأساليب والأدوات المستخدمة فيه. بالإضافة إلى كيفيّة تقديم التّغذية الراجعة للطالب بطريقة سليمة تساعده على النموّ والتطوّر وليس لغرض الانتقاد. وصولًا إلى أساليب التّبليغ عن التعلّم، والتي تعتبر أيضا جزءًا في غاية الأهمّيّة من عمليّة التّقييم والتّعلُّم.
هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ التشبيك وتفعيل الاتّصال والتواصل بين العاملين والفاعلين، في قطاع التعليم في العالم العربيّ، من شأنه تعزيز فرص تجاوز كلّ هذه الأزمات، لما يحقّقه التشبيك من تبادل للخبرات والمعارف والتجارب الفرديّة والجمعيّة. وباعتقادي، يمكننا من خلال تجميعها ودراستها والبناء عليها وتحويلها إلى استراتيجيّات وأدوات، التعامل مع احتياجات الفئات المستهدفة، للتعامل مع أزماتها بشكل مدروس فعّال. وممّا لا شك فيه أنّ القياس على فكرة "منهجيّات" في تبادل الآراء والتجارب والبناء عليها من شأنه أن يشكّل مبادرة خلّاقة في هذا المجال.
كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
أؤمن أنّ مسألة التواصل مع أولياء الأمور عمليّة مستمرّة، وليست لحظيّة مرتبطة بقضيّة أو فعّاليّة معيّنة. وباعتقادي، التواصل المستمرّ معهم من أهم أساليب إشراكهم في العمليّة التعليميّة الخاصة بأبنائهم. وممّا لا شكّ فيه، أن تنوّع طرق التواصل معهم من شأنه أن يعتبر حافزًا لهم لزيادة انخراطهم في العمليّة التعليميّة، سواء من خلال الاجتماعات الدوريّة التي تحدث على مدار العام - بين المعلّم والأهل، أو الثلاثيّة التي تضمّ المعلّم والطالب والأهل، أو الاجتماعات التي يقودها الطالب - أو من خلال الساعات المكتبيّة أو وسائل الاتّصال والتواصل الرسميّة المتّبعة في النظام المدرسيّ.
وما أحرص عليه دومًا هو أن أكون سبّاقة في التواصل معهم، لتحديثهم حول سير العمليّة التعليميّة لأبنائهم ومنحهم التغذية الراجعة المناسبة لهم. كما أنّ الوضوح في الرسالة الأسبوعيّة الموجّهة للأهل تجعل من عمليّة الاتّصال والتواصل مسألة واضحة ومريحة.
كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
أحاول دائمًا إحاطة نفسي ببيئة ايجابيّة وأصدقاء متفائلين، قادرين على دعمي وخلق الأجواء الإيجابيّة المطلوبة وقت الحاجة إليهم. كما أنّ وجود شريك وعائلة متفهّمة ألجأ إليهم كلّما احتجت، كفيل بمساعدتي على مواجهة التحدّيات المستمرّة كافّة.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
أحاول دائما الانتهاء من المهام الموكلة إليّ أوّلًا بأوّل قدر الإمكان. ومن الاستراتيجيّات التي استخدمها للمساعدة في إنجاح ذلك هي: هناك بعض المهام التي كنت أقوم بها بشكل منفرد، وتتطلّب مني وقتًا طويلًا خلال التحضير للأنشطة مثلًا. وهنا أصبحت أُشرك الطلّبة في المساعدة في تحضيرها. كما أنّ تقسيم المهام بيني وبين زميلاتي بشكل عمليّ ممنهج يساعد على إنجازها بشكل فعّال.
اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
هنالك الكثير من الآثار الإيجابيّة للتعليم، من أبرزها في حياتي وتجربتي المهنيّة خارج وطني، وفي ظلّ بيئة متنوّعة وغنيّة بالثقافات المختلفة، اكتساب العديد من المهارات التي تمكّنني من التعامل مع الآخر بشكل سلس، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الثقافيّة المتنوّعة، والهويّات المختلفة التي ينتمون إليها. وهذا بسبب المخزون الثقافيّ الواسع الذي استطعت اكتسابه من هذه التجربة الغنيّة. كما أنّ الصبر من أهمّ الصفات التي تطوّرت كثيرًا لديّ خلال رحلتي التعليميّة.
أمّا في ما يتعلّق بالآثار السلبيّة التي أعانيها على المستوى الشخصيّ، والتي أعتقد أنّ جُلّ العاملين في قطاع التعليم يعانونها، خصوصًا من لديهم أبناء في الفئات العمريّة التي يدرسونها، فهي شعوري المستمرّ بالتقصير تجاههم في الجوانب المتعلّقة بمتابعتهم أكاديميًّا في المنزل، وتحديدًا بعد انتهاء يوم تدريس طويل وشاقّ، ونفاد الطاقة والقدرة على القيام بذلك كما ينبغي.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
الطرافة شيء مستمرّ في يومي، من خلال تعليقات الطلبة وردود فعلهم على مواقف معيّنة. ولكن أكثر ما أعتبره طريفًا باستمرار محاولتهم المستمرّة للتحدّث باللغة العربيّة الفصحى، واستخدام كلمات جديدة وقيامهم بدون قصد بتغيير مواقع الحروف. تلك من أطرف المواقف اليوميّة التي أتعرّض إليها.