فرح الهبش- معلّمة موسيقى- لبنان
فرح الهبش- معلّمة موسيقى- لبنان
2025/05/08

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

من الاستراتيجيّات الفعّالة التي استخدمتها هي التعلّم التعاونيّ. قمت بتقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة للعمل معًا في مشاريع موسيقيّة، مثل تحضير قطعة موسيقيّة، أو أداء جماعيّ. كان الطلّاب يبدعون عندما يتعاونون مع بعضهم، ويتشاركون الأفكار والمهارات. ساعدت هذه الاستراتيجيّة في تعزيز التواصل بينهم، وزيّنت روح التعاون في الصفّ، ما أسهم في خلق بيئة تعليميّة ممتعة ومحفّزة. كما شجّعت الاستراتيجيّة الطلّاب على الاستقلاليّة وتحمُّل المسؤوليّة الجماعيّة، ما جعلهم يشعرون بإنجازاتهم المشتركة.

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل الشخصيّ يعتمد على استخدام التكنولوجيا أداةً داعمةً لا بديلة. على سبيل المثال، أستخدمُ التطبيقات الموسيقيّة التي تسمح للطلّاب بتسجيل مقاطعهم الموسيقيّة وتحليلها، أو حتّى لابتكار مقاطع موسيقيّة جديدة، ولكن، في الوقت نفسه، أحرص على التفاعل الشخصيّ والشرح وجهًا لوجه، والمناقشة حول كلّ تجربة، لتوفير فهم أعمق وأكبر للطلّاب.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

في البداية، اكتشفت أنّني كنت أركّز كثيرًا على تقديم المعلومات، من دون مراعاة إيقاع الطلّاب واحتياجاتهم الفرديّة. أدركت أنّ للطلّاب مستويات مختلفة من الفهم والاستيعاب، وأنّ لكل طالب "مفاتيحه" الخاصّة للفهم أو التفاعل. لذلك، قرّرت تعديل استراتيجيتي بحيث أحرص على إبطاء وتيرة الدروس أحيانًا، وأوزّع الأنشطة وفاقًا لمستوى الطلّاب لضمان وصول الفكرة للجميع.

 

افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

أحد المواضيع التي أرى أنّها هامّة، هي دمج الموسيقى مع الموادّ الأخرى، وأثرها الكبير في عمليّة التعلّم. لتوظيف الموسيقى في الموادّ المختلفة، مثل الرياضيّات العلوم واللغة العربيّة، دور كبير في تعزيز الفهم وزيادة التحفيز. على سبيل المثال، يمكن استخدام الأنغام والإيقاعات لتعليم المفاهيم الرياضيّة، مثل الأعداد والكسور، أو حتّى لشرح العمليّات العلميّة المعقّدة بطريقة ممتعة وسهلة. يساعد دمج الموسيقى في تحفيز الذكاء المتعدّد لدى الطلّاب، وخصوصًا الذكاء الموسيقيّ، ما يجعل العمليّة التعليميّة أكثر تنوّعًا ومتعة. كما يعزّز هذا الدمج قدرة الطلّاب على التفاعل مع الموضوعات بشكل إبداعيّ، الأمر الذي يؤدّي إلى تعلّم أكثر فعّاليّة وتواصلًا مع المحتوى.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

نعم، التشبيك والحوار بين المعلّمين في العالم العربيّ أمر هامّ جدًّا، خصوصًا في ظلّ التحدّيات التي يواجهها التعليم. يمكن أن تكون الورش التعليميّة الرقميّة والمنتديات عبر الإنترنت مساحتين مُمتازتين للتبادل المعرفيّ والتعاون بين المعلّمين. يمكننا أيضًا التفكير في تأسيس شبكة تعليميّة موسيقيّة عبر الإنترنت، لربط المعلّمين مع بعضهم، ومشاركة الخبرات واستراتيجيّات التدريس وأساليبه.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

أحرص على تعزيز التواصل المستمرّ مع أولياء الأمور، من خلال اجتماعات الأهل مع المدرّسين التي تنظّمها المدرسة خلال العام الدراسيّ. هذه الاجتماعات تتيح لي الفرصة للتحدّث مع الأهل عن تقدّم أبنائهم، ومشاركتهم في عمليّة التعلّم. بالإضافة إلى ذلك، أستخدم التطبيق الذي توفّره المدرسة للتواصل المباشر مع الأهل، إذ يمكنني إرسال تحديثات مستمرّة حول الأنشطة والواجبات الموسيقيّة والإنجازات التي يحقّقها الطلّاب. هذا النوع من التواصل المباشر يعزّز التعاون بين المدرسة والأهل، ويشجّعهم على المشاركة الفعّالة في دعم تعليم أطفالهم في المنزل.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

تنظيم وقتي بين العمل والحياة الشخصيّة أهمّ شيء للحفاظ على صحّتي النفسيّة والجسديّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة.

أخصّص وقتًا يوميًّا للاستماع إلى الموسيقى التي تساعدني على الاسترخاء وتحسين مزاجي. وأيضًا، أحاول أخذ قسط كافٍ من النوم يوميًّا، فذلك من الأمور الأساسيّة التي تساعدني في تجديد طاقتي، وتحسين قدرتي على التعامل مع الضغوط اليوميّة. بالإضافة إلى مشاركتي في الأنشطة الاجتماعيّة والفنّيّة التي تعزّز حالتي النفسيّة. هذه العوامل جميعها تُسهم في الحفاظ على صحّتي النفسيّة والجسديّة، ما يمكّنني من تقديم أفضل ما لديّ في عملي.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

أستخدم تقنيّة تحديد الأولويّات التي تساعدني على تحديد الأهمّ فالأهمّ. كما أقوم بكتابة هذه المهام والأنشطة التي يجب إتمامها بدءًا من الأهمّ إلى الأقلّ أهمّيّة.  وأيضًا أحرص على تقسيم المهام إلى مهام صغيرة يمكن إتمامها على فترات زمنية قصيرة، لتجنّب الشعور بالإرهاق.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

الأثر الإيجابيّ هو الشعور بالإنجاز الشخصيّ عند رؤية تقدم الطلّاب وتطوّرهم في مهاراتهم الموسيقيّة. أمّا الأثر السلبيّ فهو الضغط النفسيّ والتحدّيات اليوميّة التي قد تؤثّر أحيانًا في حياتي الشخصيّة، بسبب التحدّيات المستمرّة في العمل.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

أطرف حادثة حدثت معي كانت أثناء القيام بنشاط إيقاعيّ مع الطلّاب، كنّا نستخدم حركات جسديّة مع الموسيقى. وفي مرحلة معيّنة، شعرتُ بحاجة إلى حكّ جبيني، ففوجئت أنّ الطلّاب بدأوا بتقليد حركاتي الإيقاعيّة بدقّة. لكن، بعد أن حككت جبيني، ظنّ الطلّاب أنّها حركة إيقاعيّة أيضًا، فقاموا جميعهم بحكّ جبينهم معًا في تناغم، ما جعلني أضحك بشدّة. كانت لحظة مرحة للغاية، وتحوّلت إلى نشاط جماعيّ طريف أضفى كثيرًا من المرح على الصفّ.