والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال: أفضل الطرق والأساليب

تعدّ مهارة حلّ المشكلات ضروريّة لنموّ الأطفال ونجاحهم في حياتهم اللاحقة. وتكمن أهمّيّتها في أنّ الأطفال الذين يطوّرون مهارات قويّة لحلّ المشكلات يكونون أكثر ثقة واستقلاليّة وقدرة على التكيّف مع مختلف البيئات. كما تساعدهم هذه المهارات على إدارة عواطفهم، والتفكير تفكيرًا إبداعيًّا، والاستمرار حتّى إيجاد الحلّ.  وتبدأ مهارات حلّ المشكلات لدى الأطفال بالظهور عادةً في سنوات ما قبل المدرسة، حيث يراقَب الأطفالُ البالغون وهم يتصرّفون في كيفيّة التعامل مع المشكلات وحلّها. لذلك، من المهمّ للآباء ومقدّمي رعاية الأطفال توجيه الأطفال بعمليّة حلّ المشكلات، بدلاً من مجرّد تقديم الحلول والإجابات.    كيف يمكن للوالدين تطوير مهارة حلّ المشكلات لدى أطفالهم؟  من المعلوم أنّ الوالدين وبيئة المنزل هي المرحلة الأولى في تعلّم الأطفال المهارات الحياتيّة وتطويرها، وهذا يشمل مهارة حلّ المشكلات. تعرض النقاط الآتية أهمّ الطرق التي يمكن للوالدين بها تشجيع مهارات حلّ المشكلات لدى أطفالهم:  - مهارات حلّ المشكلات النموذجيّة: يجب على الوالدين توضيح كيفيّة حلّ المشكلات لأطفالهم، بالتفكير بصوت عالٍ، وإظهار عمليّة التفكير ومراحلها مع الأطفال.  - تعليم خطوات حلّ المشكلات: توجيه الأطفال بخطوات حلّ المشكلات، مثل تحديد المشكلة، وحلول العصف الذهنيّ، وتقييم الخيارات، وتجربة الحلول.  - إشراك الأطفال في حلّ مشكلات الأسرة: تشجيع الأطفال على المشاركة في حلّ المشكلات الأسريّة اليوميّة لبناء ثقتهم ومهاراتهم.  - استغلال اللحظات اليوميّة: على الوالدين استخدام المواقف الحياتيّة اليوميّة، مثل الأعمال المنزليّة أو التسوّق، لممارسة مهارات حلّ المشكلات بالشراكة مع الأطفال.  - الانخراط في ألعاب حلّ المشكلات وأنشطتها: العب الألعاب ومارس الأنشطة التي تُحفِّز الأطفال على التفكير النقديّ وإيجاد الحلول.  - تشجيع الاستكشاف والتجريب: على الوالدين محاولة توفير الفرص للأطفال لاستكشاف الحلول وتجربتها، واكتشافها بأنشطة مثل اللعب الحسّيّ والتجارب العلميّة.  - تعزيز اللعب الخياليّ: السماح للأطفال بالمشاركة في اللعب الإبداعيّ المفتوح الذي يعزِّز حلّ المشكلات والتفكير النقديّ. - تشجيع المثابرة والاستقلال: الاحتفال بجهود الأطفال، والسماح لهم بالفشل والتعلّم من الأخطاء، وتركهم يحلّون مشكلاتهم بمفردهم.    بدمج هذه الطرق والاستراتيجيّات، يمكن للوالدين رعاية مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال رعايةً فعّالةً، وإعدادهم لمواجهة التحدّيات القادمة بثقة وقبول.    كيفيّة تقييم مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال  يمكن للوالدين تقييم مهارات أطفالهم في حلّ المشكلات بمراقبة أطفالهم والتفاعل معهم في مختلف الأنشطة والمواقف. هذا التقييم يساعد الأطفال في تنمية مهاراتهم تنميةً فعّالةً، بالإضافة إلى منح الوالدين الفرصة في تقديم دعم موجَّه، لمساعدة الأطفال على تطوير هذه القدرات الأساسيّة.  في ما يلي بعض الاستراتيجيّات لمساعدة الوالدين على تقييم مهارات أطفالهم في حلّ المشكلات:  - ملاحظة سلوكات الطفل في حلّ المشكلات: انتبه إلى كيفيّة تعامل الطفل مع المشكلات وحلّها في المواقف اليوميّة التي يواجهها، سواء أكان ذلك أثناء ممارسته اللعب أم خلال تأديته الواجبات المنزليّة. ويمكن مراقبة الطفل في المواقف الآتية:  - لعبة البناء بالكتل أو الليغو، أو لعبة الألغاز.  - معرفة كيفيّة تجميع لعبة ما.  - حلّ مشكلات الرياضيّات البسيطة.  - كيفيّة تعامل الطفل مع النزاعات مع الأشقاء أو الأصدقاء.    - توفير المشكلات أمام الطفل: على الوالدين العمل على توفير التحدّيات والمهمّات المناسبة لعمر الطفل، والتي تتطلّب من الطفل التفكير النقديّ وإيجاد الحلول إيجادًا مستقلًّا. هذا يساعد الطفل على تطوير مهاراته في حلّ المشكلات وبناء الثقة في قدراته.    - نموذج حلّ المشكلات: أوضح كيفيّة حلّ المشكلات بالتفكير بصوت عالٍ والتعبير عن عمليّة حلّ المشكلات أمام الطفل. هذا يوفِّر للطفل مثالًا واقعيًّا قيّمًا يتّبعه ويتعلّم منه.    - استغلال المواقف اليوميّة: استخدم المواقف اليوميّة، مثل الأعمال المنزليّة، أو التسوّق من البقالة، لممارسة مهارات حلّ المشكلات.    - التفكر في الحلول: شجِّع الطفل على التفكير في تجاربه في حلّ المشكلات بطرح أسئلة، مثل: "ماذا فعلت في كذا؟"، أو "كيف شعرت عندما حصل كذا؟"، أو "ماذا سنفعل لحلّ المشكلة كذا؟". وهذا يساعد الأطفال على تقييم استراتيجيّاتهم الخاصّة لحلّ المشكلات والتعلّم من نجاحاتهم وإخفاقاتهم.    أمثلة واقعيّة حول مهارات حلّ المشكلات لدى الأطفال باستغلال المواقف الحياتيّة اليوميّة التي وردت في الفقرتين السابقتين، يمكن للوالدين تقديم أمثلة واقعيّة لمهارات حلّ المشكلات لدى الأطفال. ومن هذه المواقف التي يمكن استخدامها:  1. الواجبات المنزليّة المشكلة: صعوبة إكمال الواجبات المنزليّة إكمالًا مستقلًّا، وفي الوقت المحدّد.  الخطوات:  - إبداء الاهتمام بالمشكلة: اسأل الطفل عن وجهة نظره حول وضع الواجب المنزليّ واستمع إلى مخاوفه.  - تحديد مخاوف البالغين: شارك مخاوفك بشأن أهمّيّة إكمال الواجبات حول وضعه التعليميّ والأكاديميّ.  - التعاون مع الطفل: عرض الأفكار ووضع الخطط معًا، مثل إنشاء جدول زمنيّ للواجبات المنزليّة، وتقسيم المهمّات إلى خطوات أصغر، وتقديم الدعم والمساعدة بحسب الحاجة.    2. النزاع مع الأشقّاء المشكلة: النزاعات والصراعات بين الأشقاء.  الخطوات:  - إبداء الاهتمام بالمشكلة: تحدّث إلى كلّ طفل على حدة، لفهم مشاعره ووجهة نظره بشأن النزاع.  - تحديد مخاوف البالغين: شارك مخاوفك بشأن تأثير النزاع في البيئة الأسريّة، وأهمّيّة تعزيز علاقات الأخوّة الصحّيّة.  - التعاون مع الأطفال: إشراك الشقيقين في العصف الذهنيّ للحلول الممكنة، مثل وضع القواعد الأساسيّة للتواصل، وتقسيم المهمّات أو الألعاب.    3. مقاومة ما قبل النوم المشكلة: صعوبة النوم في الوقت المحدّد.  الخطوات:  - إبداء الاهتمام بالمشكلة: اسأل الطفل عن مشاعره ومخاوفه المتعلّقة بوقت النوم.  - تحديد مخاوف البالغين: شارك الطفل أهمّيّة النوم الجيّد ليلاً، وتأثيره الإيجابيّ في الصحّة البدنيّة والنفسيّة.  - التعاون مع الأطفال: تحويل نتائج العصف الذهنيّ مع الطفل إلى خطوات عمليّة تقود إلى الحلّ، مثل إنشاء روتين قبل النوم، واستخدام تقنيّات الاسترخاء، وتهيئة بيئة نوم مواتية.    * * * في النهاية، يجب التأكيد على أنّ تعليم مهارة حلّ المشكلات لدى الأطفال يقع على عاتق الوالدين، وذلك بمساعدة أطفالهم على تطوير هذه المهارة وإيجاد حلول للمشكلات التي تواجههم. تساعد مهارة حلّ المشكلات على معالجة التحدّيات الصعبة التي قد يواجهونها في المدرسة أو الشارع، بالإضافة إلى قدرتهم على التعامل مع القضايا الأسريّة بطريقة فعّالة.   المراجع https://www.verywellfamily.com/teach-kids-problem-solving-skills-1095015  https://digitalcommons.uri.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=2580&context=theses  https://www.youthranch.org/blog/collaborativeproblemsolvingforfamilyissues  https://biglifejournal.com/blogs/blog/how-teach-problem-solving-strategies-kids-guide  https://www.mindfulmazing.com/problem-solving-activities-for-kids/  https://edgeearlylearning.com.au/problem-solving-activities-for-children/   

ما تأثير غياب الأب في الطفل؟

لطالما كان يُنظر إلى الآباء باعتبارهم أكثر من مجرّد شخصيّاتٍ أبويّةٍ، فهم مرشدون، وحماةٌ، وقدوةٌ، بل وأصدقاء يساعدون في تشكيل شعور الطفل بذاته ومكانته في العالم. ولكن ماذا يحدث عندما يُفقد هذا الوجود الحيويّ؟ في جميع أنحاء العالم، يكبر ملايين الأطفال من دون آبائهم بسبب ظروفٍ مختلفةٍ، من الطلاق والوفاة، إلى السجن والسفر. وفي حين أنّ تجربة كلّ طفلٍ فريدةٌ من نوعها، فإنّ غياب الأب غالبًا ما يترك بصماتٍ ملحوظةً على التطور العاطفيّ والاجتماعيّ والإدراكيّ للطفل. يتيح لنا استكشاف هذه التأثيرات فهمًا أفضل لكيفيّة دعم الأطفال الذين يواجهون هذا التحدّي، وضمان حصولهم على الأدوات اللازمة للنجاح، على الرغم من غياب شخصيّة الأب.    دور الأب في تنشئة الطفل  للآباء أدوارٌ فريدةٌ ومتكاملةٌ في تربية الأبناء. تُظهر الدراسات أنّ الآباء يميلون إلى المشاركة في أنماطٍ مختلفةٍ من التفاعل مع الأبناء، مقارنةً بالأمّهات. على سبيل المثال، غالبًا ما يكون الآباء أكثر مرحًا جسديًّا، ويشجّعون على المخاطرة والمغامرة، ويدفعون الأطفال إلى استكشاف ما هو أبعد من مناطق راحتهم. يمكن أن تساعد هذه الديناميكيّة الأطفال على بناء الثقة والمرونة والاستقلال.  بالإضافة إلى تفاعلاتهم المباشرة، يسهم الآباء أيضًا في استقرار الأسرة، بتقديم الدعم الماليّ، ونمذجة العلاقات الصحّيّة، وغرس الشعور بالأمان. يعني وجود الآباء وجود التقدير والأمان والدعم الذي يجب أن يشعر به كلّ طفلٍ، لينشأ بطريقةٍ صحّيّةٍ، ولكنّ غيابه يعني أنّ الطفل سيعاني فجواتٍ في نموّه العاطفيّ والاجتماعيّ والنفسيّ.    تأثير غياب الأب في الطفل  قد يؤثّر غياب الأب في الأطفال بعدّة طرقٍ، من الصراعات العاطفيّة إلى القضايا السلوكيّة طويلة الأمد. في حين أنّ تجربة كلّ طفلٍ فريدةٌ من نوعها، وتتأثّر بعوامل مختلفةٍ، مثل دعم الأمّ، والظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة، إلّا أنّ هناك أنماطًا معيّنةً، تظهر لدى مختلف الأطفال الذين عاشوا تجربة غياب الأب.    التأثير العاطفيّ والنفسيّ  غالبًا ما يترك غياب الأب فجوةً في نمذجة سلوك الذكور وهويّتهم. فقد يكافح الذكور تحديدًا في تكوين شعورٍ واضحٍ بالذات، وبدورهم ذكورًا وسط أسرهم الصغيرة، في السياقات التي ترتبط فيها الرجولة بالأدوار التقليديّة، مثل توفير احتياجات الأسرة، أو حماية الأحبّاء. ومن دون وجود نموذجٍ ذكوريٍّ يتعلّمون منه، فقد يلجؤون إلى مجموعة أقرانٍ أو غيرها من التأثيرات، بغاية التأكّد من دورهم، وهو ما قد يؤدّي إلى سلوكيّاتٍ غير صحّيّةٍ في كثيرٍ من الأحيان. في بعض الحالات، قد يتضمّن هذا تعاطي المخدّرات، أو الانضمام إلى مجموعات الجانحين، أو اللجوء إلى العنف، لتأكيد الهيمنة، خصوصًا على الأمّ والأخوات في المنزل.  بالنسبة إلى الفتيات، يمكن أن يؤثّر غياب الأب في احترامهنّ لذواتهنّ، وإدراكهنّ لطبيعة العلاقات مع الرجال. في مجتمعاتنا، حيث يُتوقّع من الآباء أن يكونوا مصدر الأمان والحماية للإناث، قد يؤدّي غيابهم إلى جعل الفتيات أكثر عرضةً للاستغلال أو العلاقات غير الصحّيّة، إذ قد يسعين إلى الشعور بدور الذكر في حمايتهنّ، لكنهنّ سيبحثن عنه في مكانٍ آخر خارج المنزل. قد يتجلّى هذا بشكلٍ خاصٍّ في البيئات التي يتمّ فيها تطبيع الزواج المبكّر، أو الاعتماد على الشخصيّات الذكوريّة، ما قد يؤدّي إلى أنماطٍ ضارّةٍ في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.    الأداء الأكاديميّ  يرتبط غياب الأب بانخفاض التحصيل الأكاديميّ لدى الأطفال ارتباطًا شبه مباشر. فقد وجدت دراسةٌ أجرتها سارة إي. ماكلاناهان وجاري سانديفر، والتي تمّ تفصيلها في كتابهما Growing Up with a Single Parent، أنّ الأطفال الذين ليس لديهم أبٌ في المنزل، أكثر عرضةً إلى الحصول على درجاتٍ أقلّ، ومعدّلاتٍ أعلى في احتماليّة ترك الدراسة، وانخفاض احتماليّة الالتحاق بالجامعة.  يمكن أن يعود هذا إلى عدّة عوامل، منها انخفاض الموارد الماليّة، والافتقار إلى نموذجٍ يحتذى به من الذكور، وزيادة الضغوط في الأسر التي يعولها أحد الوالدين. فغالبًا ما يقدّم الآباء إرشاداتٍ وبنيةً فريدةً من نوعها، والتي يمكن أن تؤثّر بشكلٍ إيجابيٍّ في مواقف الأطفال تجاه التعليم والانضباط.    القضايا السلوكيّة  تعدّ المشاكل السلوكيّة نتيجةً شائعةً أخرى لغياب الأب. أظهرت الدراسات أنّ الأطفال من المنازل التي ليس فيها أبٌ، أكثر عرضةً لإظهار العدائيّة والانحراف وتعاطي المخدّرات. على سبيل المثال، وجد تقريرٌ صدر سنة 2011 عن وزارة الصحّة والخدمات الإنسانيّة الأمريكيّة، أنّ الأولاد الذين ليس لديهم أبٌ، أكثر عرضةً للانخراط في سلوكٍ إجراميٍّ في المراهقة.  يؤثّر غياب الأب أيضًا في الفتيات، ولكن بطرقٍ مختلفةٍ، إذ ينعكس هذا الغياب على تكوينهنّ النفسيّ وسلوكهنّ الاجتماعيّ. فالفتيات اللواتي يكبرن من دون الأب، قد يعانين حرمانًا عاطفيًّا يدفعهنّ إلى البحث عن تعويضٍ غير واعٍ لهذا الفراغ، ما قد يؤدّي إلى تدنّي تقديرهنّ لذواتهنّ، وقد ينعكس على إنجازهنّ الدراسيّ أو المهنيّ. كما قد يظهر أثر الغياب في سلوكيّاتٍ عدائيّةٍ تجاه الجنس الأخر، أو الشعور بعدم الأمان العاطفيّ، نتيجة افتقارهنّ إلى التوجيه الأبويّ، والدعم الذي يعزّز شعورهنّ بالاستقرار النفسيّ.    التطوّر الاجتماعيّ  غالبًا ما يمثّل الآباء قدوةً في التعامل مع الآخرين، إذ يمكن لوجودهم أن يعلّم الأطفال التواصل بشكلٍ فعّالٍ، وحلّ النزاعات بطرقٍ سلميّةٍ، وبناء علاقاتٍ صحّيّة. غياب شخصيّة الأب يجعل الأطفال يكافحون لتطوير هذه المهارات، خصوصًا الذكور منهم الذين سيفتقدون القدوة الذكوريّة، ما يؤدّي بهم إلى صعوباتٍ في تكوين الصداقات والعلاقات، والحفاظ عليها في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.     الصراعات الماليّة  في كثيرٍ من الحالات، يؤدّي غياب الأب إلى عدم الاستقرار الماليّ، لا سيّما في الأسر التي كان فيها الأب هو المعيل الوحيد، إذ قد يكون لدى الأمّ وصولٌ محدودٌ إلى وظائف ذات رواتب جيّدةٍ، أو أنظمة دعمٍ اجتماعيّ. يمكن أن تؤدّي هذه الصعوبات الماليّة إلى تعطيل أو تأخّر تعليم الطفل، وتقييد وصوله إلى الموارد التي يحتاج إليها لنموّه. كما قد تؤدّي إلى الشعور بالاستبعاد من الأقران القادمين من منازل أكثر استقرارًا. في بعض الحالات، يمكن أن تؤدّي الوصمة المرتبطة بغياب الآباء - سواء بسبب الطلاق أو الهجر أو الوفاة - إلى عزل الأطفال اجتماعيًّا بشكلٍ أكبر، ما يجعلهم يشعرون أنّهم "مختلفون" أو "غير مكتملين" مقارنةً بأقرانهم.    التخفيف من آثار غياب الأب  قد يسبّب وجود الأطفال من دون آباء مجموعةً من المشكلات للأمّ. وعلى الرغم من هذا، فالعديد من الأطفال في الأسر التي ليس فيها أبٌ، يكبرون ليعيشوا حياةً سعيدةً وناجحةً، وذلك بفضل مرونة الطفل، ودعم الأسرة والمجتمع والأنظمة الاجتماعيّة. في الآتي بعض الاستراتيجيّات للمساعدة في التخفيف من آثار غياب الأب:  دورٌ أموميٌّ قويّ  غالبًا ما تتولّى الأمّهات مسؤوليّاتٍ إضافيّةً في الأسر التي ليس فيها أبٌ، فتقدّم الدعم العاطفيّ والعمليّ. وعلى الرغم من أنّ هذا قد يكون مرهقًا، إلّا أنّ وجود الأمّ بحبّها وحنانها، يمكن أن يساعد الأطفال في تطوير شعورٍ آمنٍ بالارتباط والقيمة الذاتيّة.    نماذج الذكور الإيجابيّة  في غياب الأب، يمكن لشخصيّاتٍ ذكوريّةٍ أخرى - مثل الأعمام والأخوال والأجداد والمعلّمين وأصدقاء العائلة - التدخّل لملء الفجوة ولو قليلًا. يمكن أن توفّر نماذج الذكور الإيجابيّة التوجيه والدعم والشعور بالاستقرار، وهذا يساعد الأطفال في التغلّب على التحدّيات، وتطوير سلوكيّاتٍ اجتماعيّةٍ صحّيّة.    المحافظة على الروتين والقواعد في المنزل  يعّد اتّباع روتينٍ منتظمٍ من أفضل الطرق والأساليب لبناء الشعور بالانضباط لدى الأطفال، وجعل الحياة اليوميّة أسهل. فهو يوفّر النظام الذي يتوقّعه الطفل ويحتاج إليه، لتعزيز شعور الأمان داخل المنزل وخارجه. كما يعلّم الأطفال منذ سنٍّ مبكّرةٍ اتّباع القواعد. لذا، من المهمّ أن يكون جميع أفراد الأسرة على درايةٍ بالقواعد التي تضعها الأمّ أو مقدّم الرعاية، وأن يلتزموا بتطبيقها حتّى في غياب الأمّ، وذلك لتوفير جوٍّ من التناسق والانسجام في التعليمات والقواعد، خصوصًا في الأسر الممتدّة.    ***  لا شكّ أنّ غياب الأب يشكّل حياة الطفل بطرقٍ معقّدةٍ، ويؤثّر في رفاهيّته العاطفيّة، ونجاحه الأكاديميّ، وتطوّره الاجتماعيّ. ومع ذلك، من المهمّ بالقدر نفسه إدراك أنّ الأطفال يتمتّعون بالمرونة والقدرة على النجاح، مع وجود العوامل والدعم المناسب. ففي حين يفرض غياب الأب تحدّياتٍ جمّةً، إلّا أنّه يمكن التخفيف من حدّتها بالوجود القويّ والفعّال لدور الأمّ، والقدوة الإيجابيّة، والاستشارة عند الحاجة إلى ذلك.    المراجع https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8    https://www.sehatok.com/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D8%A4%D8%AB%D8%B1-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%AA%D8%9F#:~:text=%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%B7%D8%A8%D9%82%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A8%D8%B4%D9%83%D9%84%20%D8%AE%D8%A7%D8%B5%20%D8%B9%D9%84%D9%89,%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%B5%20%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9%20%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%20%D9%81%D9%8A    https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1_%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8_%D8%B9%D9%84%D9%89_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1    https://en.wikipedia.org/wiki/Father_absence#:~:text=Research%20has%20shown%20that%20children,health%2C%20and%20their%20well%20being. 

كيف أعالج أعراض الخوف عند الأطفال؟

يعدّ الخوف شعورًا طبيعيًّا وشائعًا في مرحلة النموّ، يساعد الأطفال في التعامل مع العالم، ويحميهم من الأذى. يعمد الآباء والأمّهات إلى توليد الخوف من بعض الأمور لدى أطفالهم، مثل عبور الطريق، والغرباء، والحيوانات الضالّة، وفي هذه الحالة يعتبر الخوف مفيدًا، لأنّه يساعد في حماية الطفل من الأذى. ومع ذلك، يمكن أن يخاف الطفل من المواقف أو الأشياء التي لا تشكّل تهديدًا، أو أن تصبح مشاعر الخوف مفرطةً لديه، وفي هذه الحالة يمكن أن تؤثّر في حياته، وتهدّد رفاهيّته العامّة.  لذا، من الضروريّ التفريق بين الخوف الطبيعيّ والخوف غير الطبيعيّ عند الأطفال.    أسباب الخوف عند الأطفال  يعدّ خوف الأطفال أمرًا طبيعيًّا، ولكنّ بعضهم يخافون أكثر من غيرهم. تتعدّد أسباب ذلك، من بينها:  - العوامل الوراثيّة: بعض الأطفال يولدون أكثر حساسيّةً للخوف من أقرانهم.   - الأب والأمّ: يتعلّم الأبناء كيف يتصرّفون بمشاهدة والديهم، فإذا كان أحدهما يعاني خوفًا ما، فإنّ ذلك قد ينتقل إلى أبنائهم.  - الحماية الزائدة للطفل: والتي تجعل الطفل الذي يحظى بحمايةٍ مفرطةٍ، أكثر عرضةً للشعور بالقلق والخوف.  - التجارب السلبيّة: تؤدّي التجارب السلبيّة، مثل انفصال الوالدين أو إصابة الطفل، إلى زيادة قابليّته للشعور بالخوف.    كيف أعرف أنّ طفلي يعاني الخوف الزائد  تتعدّد المؤشّرات التي تدلّ على معاناة الطفل الخوف، والتي تعدّ جرس إنذارٍ للوالدين، وهي:  - مؤشّراتٌ جسمانيّة: مثل اضطرابات الجهاز الهضميّ، وآلام الرأس، ومشاكل التنفّس.  - مؤشّراتٌ نفسيّة: مثل سرعة الغضب، وقلّة الثقة بالنفس، والحزن.  - مؤشّراتٌ سلوكيّة: مثل العلامات الدراسيّة المتدنّية، والتصرّف بعدائيّة، والتمسّك بالنوم مع الوالدين.    أنواع الخوف بحسب عمر الطفل - الخوف عند الرضّع: عندما يصل الرضيع إلى عمر 6 أو 7 أشهر، فإنّه يكوّن ارتباطًا قويًّا بأشخاصٍ بعينهم، مثل والديه أو مقدّمي الرعاية، إذ يمكنه التعرّف إلى وجوههم. فيتسبّب انفصاله عنهم، حتّى لفتراتٍ وجيزةٍ، خوفًا كبيرًا. كما يحبّ الرضّع أن يتواجدوا بصحبة هؤلاء الأشخاص ليشعروا بالأمان، بل ويطوّرون خوفًا من وجوه الغرباء، ولكنّهم يتجاوزونه بمرور الوقت.  - الخوف عند الأطفال من عمر 10 شهور إلى سنتين: يبدأ الأطفال في هذا العمر في الذهاب إلى الحضانة، ما يجعلهم يشعرون بالخوف من الانفصال عن الوالدين، ومن أن يتركوهم وحيدين وقت النوم.  - الخوف عند الأطفال من عمر 4 إلى 6 سنوات: تنمو قدرة الأطفال في هذا العمر على التخيّل، لكنّهم لا يستطيعون التفريق بين الحقيقيّ وغير الحقيقيّ. تبدو لهم الوحوش التي يتخيّلونها حقيقيّةً، ويخافون من الكائنات المرعبة تحت السرير أو داخل خزانة الملابس، إلى جانب خوفهم من الظلام ووقت النوم والكوابيس. كما قد يخافون من الأصوات العالية، مثل صوت الرعد والألعاب الناريّة.  - الخوف عند الأطفال من عمر 7 سنوات فأكثر: في هذا العمر يبدأ الأطفال بالخوف من أمورٍ أكثر واقعيّةً، فقد يخافون من التعرّض للأذى على يد الأشخاص السيّئين، أو من الكوارث الطبيعية، أو الطقس العاصف، أو العنف، أو الجرائم التي تعرضها وسائل الإعلام، وقد يقلق بعضهم من انفصال الوالدين، أو فقدان أحد أفراد الأسرة.  - الخوف عند الأطفال في عمر ما قبل المراهقة والمراهقة: تختلف مخاوف الأطفال في هذا العمر بشكلٍ كبيرٍ، وتأخذ معظمها شكل مخاوف اجتماعيّةٍ من عالم المدرسة والصداقات الذي أصبح يشكّل جزءًا أكبر من حياتهم. كما قد يشعرون بالتوتّر بسبب الواجبات المدرسيّة، والمعدّل الدراسيّ، والأداء الأكاديميّ، وقد يقلقون كثيرًا بشأن مظهرهم، أو تقبّل أقرانهم لهم، أو تعرّضهم إلى التنمّر. ومع ذلك، تتركّز بعض مخاوف هذه المرحلة العمريّة حول قضايا أكبر، مثل المناخ والظلم وتحقيق العدالة.    كيف نعالج مشكلة الخوف عند الأطفال؟  - ساعد طفلك في التعوّد على الأشخاص الجدد، دعهم يقتربون منه وأنت تحمله ليشعر بالأمان، ومع الوقت لن يخاف من هؤلاء الأشخاص.  - عندما يكبر طفلك تعلّم كيف تحاوره وتنصت إليه باهتمامٍ، وساعده في صياغة مشاعره في كلماتٍ، واجعله يجرّب أشياء جديدةً وأنت معه، ليشعر بالأمان.  - ابدأ في تعويد طفلك على أن يكون بعيدًا عنك لأوقاتٍ قصيرةٍ في البداية، فعندما تحتاج إلى تركه لبعض الوقت، أخبره أنّك ستعود، وعانقه وابتسم قبل أن تذهب. بهذا سيعلم أنّك ستعود عندما تتركه، ما سيجعله أقلّ خوفًا من الانفصال.  - إذا كان طفلك يخاف من الظلام، حدّد له روتينًا يهدّئه وقت النوم؛ اقرأ له قصّةً، أو غنِّ له أغنيةً. سيجعله هذا يشعر بالأمان والحبّ.  - ساعد طفلك على مواجهة مخاوفه بالتدريج. اصنع قائمةً بالمخاوف، ورتّبها من الأسهل إلى الأصعب من حيث التعامل معها، وابدأ بالأسهل. على سبيل المثال، انزل معه تحت السرير لتريه أنّ لا وحوش هناك، إذ يمنحه وجودك الدعم النفسيّ الذي يحتاج إليه، ليدرك أنّه لا يوجد ما يخشاه، وشجّعه عندما يواجه مخاوفه.  - تحكّم بالصور أو الأفلام أو الموادّ المخيفة التي يشاهدها الطفل، والتي يمكن أن تسبّب له المخاوف.  - امتنع عن استخدام التخويف أداةً لجعل الطفل يحسن التصرّف، فهذا خطأٌ كبيرٌ يقع فيه الكثير من الآباء والأمّهات، إذ يغرسون الخوف في نفس الطفل من دون الانتباه إلى ذلك، مثل أن تخبره أنّك ستجعل وحشًا يأتي ليلتهمه، أو ستجعل الطبيب يحقنه بالإبرة إذا لم يكمل طعامه، أو ينجز فرضه المدرسيّ. هذه الطريقة تتسبّب في مخاوف يصعب التخلّص منها لاحقًا.   - ساعد ابنك في سنّ المدرسة في تعلّم الاستعداد للتحدّيات، مثل الاختبارات المدرسيّة، أو قراءة الفروض أمام الفصل، وكرّر له أنّك تثق في قدرته على النجاح.  - امدح طفلك وكافئه عندما ينجح في مواجهة موقفٍ يخافه، سيساعده هذا على معرفة أنّه يمكنه تجاوز خوفه.  - لا تعزّز مشاعر الخوف عند طفلك، فإذا كان يخاف من الكلاب، لا تتعمّد المرور بقربها عندما يكون معك، بذلك أنت تؤكّد له أنّ التصرّف الصحيح هو تجنّب ما يخافه. كلّ ما عليك فعله هو البقاء هادئًا عند التعامل مع الأمر الذي يخيف طفلك، وطمأنته أنّك بجانبه، وأنّه لا يوجد ما يؤذيه هنا.    متى تطلب مساعدةً احترافيّةً لعلاج الخوف عند طفلك؟  يحتاج بعض الأطفال إلى مزيدٍ من المساعدة في التعامل مع مخاوفهم التي تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعيّة، الأمر الذي يستدعي الحصول على مساعدةٍ احترافيّة. من العلامات التي تدلّل على حاجة طفلك إلى تدخّلٍ متخصّص:  - استمرار المخاوف المميّزة لمرحلةٍ عمريّةٍ معيّنةٍ، بعد تجاوز الطفل لها.   الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة، أو النوم بمفرده، أو مقاومة الابتعاد عن الوالدين.  - تحدّث الطفل باستمرارٍ عن أمرٍ يخيفه، حتّى من دون وجود أيّ محفّزٍ، مثل الخوف من طبيب الأسنان من دون أن تكون هناك زيارةٌ قريبة.  - الإصابة بنوبات هلع.    تذكّر دائمًا أنه ليس هناك ما يعيب في اصطحاب طفلك إلى أخصائيٍّ أو طبيبٍ نفسيٍّ، قبل أن تخرج مخاوفه عن السيطرة، وتفسد عليه حياته المستقبليّة.    المراجع https://kidshealth.org/en/parents/anxiety.html  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/fear-and-anxiety-children  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-9172 

آثار تأخّر الطفل عن الدراسة نتيجة الحروب

بالنسبة إلى الأطفال، التعليم أكثر من مجرّد طريقٍ للنجاح الأكاديميّ، إنّه شريان حياةٍ للاستقرار والفرص المستقبليّة والنموّ الشخصيّ. ومع ذلك، يُحرم ملايين الأطفال في مناطق النزاع التي مزّقتها الحرب من هذا الحقّ الأساسيّ، إذ تعطّل النزاعات المدارس، وتهدم البُنى التحتيّة، وتشرّد الأسر، وتخلق بيئاتٍ غير آمنة. ينتج عن التأخّر في بدء الدراسة، أو انقطاعها لفترةٍ طويلةٍ بسبب الحروب، عواقب بعيدة المدى على التطوّر المعرفيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ للطفل، وعلى آفاقه المستقبليّة أيضًا.   يستكشف هذا المقال الآثار طويلة الأجل، المترتّبة عن تأخير تعليم الطفل بسبب الحروب، ويسلّط الضوء على الأفكار المستمدّة من الأبحاث حول هذه القضيّة الحرجة.    انقطاع التعليم في مناطق النزاع  وفقًا لليونسكو، يتأثّر أكثر من 222 مليون طفلٍ ومراهقٍ سنويًّا في جميع أنحاء العالم بانقطاعات التعليم، بسبب الحروب والكوارث الطبيعيّة والأزمات الأخرى. من بين هؤلاء الأطفال، يقدّر أنّ 78 مليونًا تركوا المدرسة، أو أنّهم لم يلتحقوا بها على الإطلاق. تجبر الحروب والنزاعات الأطفال على ترك الفصول الدراسيّة بسبب تعرّض المدارس للقصف، أو النزوح القسريّ، أو الحاجة المباشرة للبقاء على قيد الحياة.  بالنسبة إلى العديد من هؤلاء الأطفال، فالتأخير في التعليم ليس مؤقّتًا، بل قد يستمرّ لسنواتٍ عدّةٍ، إن لم يكن طوال مرحلة الطفولة. عندما يعجز الطفل عن بدء المدرسة في الوقت المحدّد، أو يواجه انقطاعاتٍ مطوّلةً، يمكن أن تنتشر التأثيرات في حياته وفي مجتمعاته، ما يؤدّي إلى إدامة دورات الفقر، وعدم الاستقرار، وعدم المساواة.    آثار تأخّر الطفل عن الدراسة في مناطق النزاع  التطوّر المعرفيّ وفقدان التعلّم  للتعليم المبكّر دورٌ محوريٌّ في التطوّر المعرفيّ للطفل. تعتبر السنوات بين 6 و12 سنةً بالغة الأهمّيّة في تطوير المهارات الأساسيّة، في القراءة والكتابة والحساب وحلّ المشكلات. فعندما لا يتمكّن الطفل من الذهاب إلى المدرسة خلال هذه السنوات جرّاء الحرب، يزداد خطر التخلّف الأكاديميّ، وكلّما طال التأخير، أصبح من الصعب على الطفل اللحاق بالركب، واستكمال تعليمه من المرحلة التي توقّف عندها.  فحصت دراسةٌ أجريت سنة 2018، ونشرت في مجلّة لانسيت جلوبال هيلث، التأثيرات المعرفيّة لتأخير التعليم الطويل لدى أطفال اللاجئين السوريّين. ووجدت أنّ الأطفال الذين فاتتهم سنواتٌ عديدةٌ من الدراسة، سجّلوا درجاتٍ أقلّ بكثيرٍ في تقييمات القراءة والكتابة والرياضيّات الأساسيّة، مقارنةً بأقرانهم الذين التحقوا بالمدرسة بانتظامٍ، حتّى بعد الجهود المبذولة لإعادة تسجيلهم. تبرز هذا التحدّيات الكبيرة في معالجة الأضرار الناجمة عن الفجوات التعليميّة وتأثيراتها طويلة الأمد.   عندما يكون الأطفال خارج المدرسة، فإنّهم يحرمون أيضًا من بيئة التعلّم المنظّمة التي تحفّز نموّهم الفكريّ. لا يحصل الأطفال الذين يعيشون في مناطق الحرب على التعليم المناسب، كما لا يحصلون على الكتب أو الدروس أو المحادثات المحفّزة، وبالتالي يفقدون التعزيز المستمرّ اللازم لبناء المعرفة والاحتفاظ بها.    التأثير العاطفيّ والنفسيّ  بالنسبة إلى الأطفال الذين يعيشون في مناطق الحرب، تكون المدرسة أكثر من مجرّد مكانٍ للتعلّم؛ إنّها ملاذٌ من الأذى النفسيّ الذي تسبّبه الحروب والنزاعات. يمكن أن يؤدّي فقدان هذه المساحة الآمنة بسبب التأخير في التعليم، إلى تفاقم الصدمة التي يعانيها الأطفال أثناء الحرب.  غالبًا ما يترك التأخير في التعليم الأطفال في بيئاتٍ محفوفةٍ بالمخاطر، حيث يتعرّضون إلى العنف والاستغلال والإهمال. يمكن أن تكون لعدم الاستقرار المطوّل آثارٌ شديدةٌ على الصحّة العقليّة للطفل. أبرز تقريرٌ صادرٌ عن اليونيسف سنة 2017، أنّ الأطفال في مناطق الحرب معرّضون أكثر لخطر الإصابة بالقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. من دون أنظمة الدعم المصمّمة لأطفال الحروب التي توفّرها المدارس، قد يكافح الأطفال للتعامل مع الضريبة النفسيّة للحرب.  بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما توفّر المدارس الوصول إلى شبكات الدعم الاجتماعيّ، بما في ذلك الأقران والمعلّمين الذين يمكنهم تقديم الراحة والشعور بالحياة الطبيعيّة. يحرم تأخير التعليم الأطفال من هذه العلاقات، وهذا بالطبع يؤدّي إلى العزلة والشعور باليأس.    التنمية الاجتماعيّة والتفاعل بين الأقران  التعليم ضروريٌّ لتنمية المهارات الاجتماعيّة، إذ تعدّ المدارس البيئة الأساسيّة التي يتعلّم فيها الطفل التعاون والتواصل وحلّ المشكلات. عندما يتأخّر التعليم، يفقد الطفل الفرصة لبناء علاقاتٍ مع الأقران، والتي تعدّ ضروريّةً لتنميته العاطفيّة والاجتماعيّة الصحّيّة.  أضف إلى ذلك أنّه غالبًا ما يجد الأطفال الذين تأخّروا عن دخول المدرسة أنفسهم مع زملاء أصغر سنًّا، عندما يعودون أخيرًا إلى مقاعد الدراسة، ما قد يؤدّي إلى شعورهم بالإحراج أو الاغتراب الاجتماعيّ. يمكن أن يعوق هذا التفاوت في العمر ومستويات النضج قدرتهم على تكوين علاقاتٍ صادقةٍ، وقد يدفع بعضهم إلى ترك الدراسة تمامًا.    زيادة خطر الاستغلال وعمالة الأطفال  غالبًا ما يُدفع الأطفال مع غياب المدرسة في المناطق المتضرّرة من الحرب، إلى مسؤوليّات الكبار في وقتٍ مبكّرٍ جدًّا، فقد يضطرّون إلى العمل لدعم أسرهم. الأسوأ من ذلك أنّه قد يتمّ تجنيدهم في الجماعات المسلّحة. وفقًا لتقريرٍ صادرٍ عن هيئة "إنقاذ الطفولة"، فالأطفال غير الملتحقين بالمدارس هم أكثر عرضةً للاستغلال، بما في ذلك عمالة الأطفال والزواج القسريّ والاتّجار.  يؤدّي تأخّر التعليم إلى حرمان الأطفال من قدرتهم على تصوّر مستقبلٍ أكثر إشراقًا، ما يجعلهم محاصرين في دوراتٍ من الفقر والحاجة. فبدلًا من تطوير المهارات والمعرفة اللازمة لرفع أنفسهم من المشقّة، غالبًا ما يتمّ تهميشهم إلى وظائف منخفضة الأجر وغير مستقرّةٍ، ما يؤدّي إلى استمرار التفاوت الاقتصاديّ عبر الأجيال.    التأثيرات الاقتصاديّة والمجتمعيّة طويلة الأمد  تمتدّ آثار تأخّر التعليم إلى ما هو أبعد من الطفل الفرد، إذ له آثارٌ عميقةٌ على المجتمعات والدول. فالأطفال الذين يفوّتون الدراسة فرصهم أقلّ في اكتساب المهارات اللازمة للعمل المربح، ما يؤدّي إلى انخفاض إمكانات الكسب، والحدّ من الحراك الاقتصاديّ.  قدّرت دراسةٌ أجراها البنك الدوليّ سنة 2021، أنّ كلّ عامٍ دراسيٍّ ضائعٍ بسبب الصراع، يقلّل من إمكانات الطفل في دخول عملٍ مربحٍ في المستقبل بنسبة 9٪. على المستوى الوطنيّ، قد يؤدّي هذا الفقدان لرأس المال البشريّ إلى إعاقة النموّ الاقتصاديّ، وتفاقم التفاوت، والمساهمة في عدم الاستقرار المستمرّ.  فضلًا عن ذلك، يعدّ التعليم أداةً قويّةً لتعزيز السلام والتماسك الاجتماعيّ. بتعزيز التفكير النقديّ، والتعاطف والتفاهم المتبادل، يصبح للمدارس دورٌ رئيس في الحدّ من احتمالات نشوب صراعاتٍ في المستقبل. لذا، عندما يتأخّر الطفل في التعليم، أو يُحرم منه تمامًا، تفقد المجتمعات هذه القوّة المستقرّة، ما يؤدّي إلى ديمومة دورات العنف والاضطرابات.    دور المنظّمات الإنسانيّة والحكومات في إعادة التعليم في مناطق النزاع  في حين أنّ آثار تأخّر التعليم بسبب الحروب عميقةٌ وقد تمتدّ لسنواتٍ، إلّا أنّها قابلةٌ للإصلاح، أو للتخفيف من حدّتها على الأطفال. يجب على المنظّمات الإنسانيّة والحكومات إعطاء الأولويّة لتمكين وصول الأطفال إلى تعليمٍ جيّدٍ في مناطق النزاع. في الآتي بعض الاستراتيجيّات المقترحة لمعالجة هذه القضيّة:  - مساحات التعلّم المؤقّتة: يضمن إنشاء فصولٍ دراسيّةٍ آمنةٍ ومؤقّتةٍ في مخيّمات اللاجئين، أو في المناطق المتضرّرة من النزاع، أن يتمكّن الأطفال من مواصلة التعلّم حتّى في البيئات غير المستقرّة.  - برامج التعلّم المرنة والمكثّفة: صُمّمت هذه البرامج لمساعدة الأطفال على اللحاق بالمدرسة، وتعويض المراحل الصفّيّة المفقودة، بتكثيف سنواتٍ متعدّدةٍ من التعليم في فتراتٍ أقصر.  - التعليم المراعي للصدمات: يجب على المنظّمات الدوليّة الاهتمام بدمج خدمات الدعم والإرشاد للصحّة العقليّة في المدارس، لمعالجة الاحتياجات العاطفيّة لدى الأطفال المتضرّرين من الحرب.  - التكنولوجيا في التعليم: يمكن لمنصّات التعلّم الرقميّة، ومبادرات التعليم عبر الهاتف المحمول، أن تساعد الأطفال في المناطق النائية أو الخطرة، ما يضمن استمرار وصولهم إلى التعليم. إذ يمكن تصميم برامج تدريسٍ عبر الإنترنت لمعلّمين من مختلف أنحاء العالم، لتعليم الأطفال في المناطق التي لا تتوافر فيها أماكن مناسبةٌ للدراسة الوجاهيّة.  - التمويل والدعم العالميّين: يجب على المنظّمات الدوليّة والحكومات تخصيص الموارد، لإعادة بناء المدارس، وتدريب المعلّمين، وتوفير الموادّ التعليميّة في مناطق النزاع.   ***  لتأخير تعليم الأطفال بسبب الحروب عواقب مدمّرةٌ على الفرد أو المجتمع، وتأثيراتٌ طويلة المدى، مثل التأخّر المعرفيّ، والصدمات العاطفيّة، وحتّى الركود الاقتصاديّ. ومع ذلك، يمكن التخفيف من هذه التأثيرات، وإعادة الأمل إلى الأطفال الذين تعطّلت حياتهم بسبب الصراع، بالتدخّلات المستهدفة والالتزام العالميّ.   فالتعليم ليس مجرّد حقٍّ تنادي به منظّمات حقوق الإنسان، بل أداةٌ للمرونة والتعافي وإعادة البناء. فمع إعطاء الأولويّة للوصول إلى التعليم حتّى في أكثر الظروف تحدّيًا، يمكننا مساعدة الأطفال المتضرّرين من الحرب، ليس فقط في البقاء على قيد الحياة، ولكن أيضًا في النجاح في مواجهة الشدائد.   المراجع https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000190710  https://arabeducational.com/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85/  https://concernusa.org/news/how-does-war-affect-education/ 

كيفيّة رفع وعي الطفل البيئيّ

من الصعب ألّا نشعر بالقلق عندما نسمع عن تغيّر المناخ وحرائق الغابات والجفاف وذوبان الأنهار الجليديّة، وغير ذلك من الاضطرابات الطبيعيّة التي قد تؤثِّر كثيرًا في صحّة الحياة البشريّة. لكن، كيف يمكنك التحدّث عن الاضطرابات البيئيّة مع طفلك من دون إثارة قلقه؟   هناك بعض الطرق التي تساعد على رفع وعي الطفل البيئيّ بطريقة تربويّة تجعل منه إنسانًا أقرب لبيئته، يعي واجباته تجاهها في المستقبل. هل يهتمّ الطفل بالبيئة؟  في استطلاع أُجرِي حديثًا على 1000 من آباء وأمّهات أطفال تتراوح أعمارهم ما بين سنتين إلى ثماني سنوات، خلصت نتائجه إلى تصريح 25% من الأهل بأنّ أطفالهم قلقون على مستقبل الكوكب. بالإضافة إلى ذلك، ذكر 35% من الأهل أنّ أطفالهم يطرحون الكثير من الأسئلة حول البيئة والتلوّث. لذلك، نجد أنّ للطفل قابليّة عالية جدًّا للاهتمام بالبيئة التي تحتويه.  كيف يمكن رفع وعي الطفل البيئيّ؟ على الرغم من أنّ القرارات الدوليّة تضع حدًّا لمشكلات المناخ، كالاحتباس الحراريّ وغيره، ولكن من الجيّد أن يعرف الطفل أهمّيّة دوره مهما كان صغيرًا. لذلك، يمكنك رفع وعي طفلك البيئيّ بالطرق الآتية: ركِّز على الإيجابيّات بدلاً من التحدّث مع طفلك عن القضايا البيئيّة، أظهر له الأدوار التي يمكنه تأديتها، والتي من شأنها الإسهام في حماية الطبيعة، كأن يرمي النفايات في السلال المخصّصة لها، كسلة النفايات الخاصّة بالبلاستيك أو المعادن أو الورق.  عزِّز انسجامه مع الطبيعة  يتيح اتّصال طفلك المتكرِّر بالطبيعة تعلّم حبّها، وبالتالي تنامي رغبته في حمايتها، لأنّ طفلك فضوليّ بطبيعته تجاه الأشجار والحشرات والنباتات والطيور، كما أنّه يحبّ قضاء الوقت في الخارج. لذلك، يمكن استغلال الوقت الذي تقضيه مع طفلك في أحضان الطبيعة، لتقوية انسجامه مع عناصرها وتأكيد الدروس التي تعلّمها في المدرسة عن البيئة على أرض الواقع، كمعرفة عمر الشجرة وأسباب تساقط أوراقها، وأنواع منازل الحيوانات الصغيرة، واكتشاف المساحات الخضراء الشاسعة بخفاياها المذهلة. يمكنك كذلك ممارسة العديد من الأنشطة التي تثير فضول طفلك البيئيّ، مثل جمع الأوراق ولصقها في دفتر يحمل اسم كلّ نبات أو شجرة، أو مراقبة الحشرات الصغيرة التي تعيش على الأرض بالعدسة المكبِّرة. وعليه، يخلق انسجام طفلك مع الطبيعة شعورًا بالمسؤوليّة تجاهها.  اسأل طفلك عن رأيه  غالبًا ما يزداد تفاعل الأطفال عند الأخذ بآرائهم وإشعارهم بقيمتها. لذلك، يمكنك أن تبني معه حوارًا يقودك إلى سؤاله عن رأيه وأفكاره. علّمه، مثلًا، كيف يؤدّي الهدر إلى مشكلات كبيرة في العالم، بدلًا من إخباره بفوائد تقليل هدر المياه، واعرض عليه صورًا عن الجفاف البيئيّ حول العالم، واسأله كيف يمكنه إحداث فرق؟ قد تفاجئك إجابات طفلك المضحكة والنابعة عن براءته، ولكنّك على الأقل لفتَّ نظره إلى مشكلات حقيقيّة بطريقة غير مباشرة، سيزيد وعيه تجاهها كلّما كبر.  علّمه أسس الاستدامة  ساعد طفلك على فهم مدى هشاشة العالم بتعريفه بمفهوم الاستدامة. وهنا، يمكنك التحدّث عن أشياء، مثل مزارع الرياح ومزارع الطاقة الشمسيّة التي تستغلّ طاقة الأرض المتجدّدة من دون الإضرار بالكوكب وسكّانه، ومقارنتها بمصدر طاقة غير متجدِّد، مثل الوقود الأحفوريّ. عندما تخرج للتسوّق، مثلًا، لشراء البقالة وغيرها من الضروريّات، اسمح لطفلك بمساعدتك في تحديد العلامات التجاريّة العضويّة والصديقة للبيئة. اشرح لطفلك الأسباب والنتائج   تذكّر أنّ طفلك متعطّش للمعرفة، وهذا هو الوقت المثاليّ لرفع وعيه البيئيّ وإشباع فضوله واغتنام الفرصة، لتشرح له أهمّيّة الموارد الطبيعيّة المتجدّدة، مثل الرياح أو الشمس أو الماء أو الغابات، والفرق بينها والموارد غير المتجدّدة، مثل الفحم أو النفط، وكيفيّة الاستفادة منها والترشيد في استهلاكها. اشرح لطفلك مصدر المياه الرئيس الذي يأتي من الصنبور، وكيفيّة صناعة الورق، والعديد من الأمور التي يتساءل طفلك حولها كلّ يوم، من أجل مساعدته على تكوين ضميره البيئيّ. استغلّ أوقات المرح  لا يوجد ما هو أفضل من أوقات المرح لرفع وعي الطفل البيئيّ بتطبيق كلّ ما يجب تعلّمه عن البيئة. على سبيل المثال، يمكن شرح النظافة للأطفال بطريقة أكثر متعة، حيث يتعلّم طفلك مفهوم تدوير النفايات وأهمّيّته بشكل أفضل، عندما تشجّعه على رميها في أماكنها المخصّصة ومنحه الوقت لتخمين السلّة المناسبة لكلّ نوع منها. كن مثالًا يُحتذى به  يعلم الجميع أنّ الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، يتعلّمون بالتكرار. لذلك، يصبح رفع وعي الطفل البيئيّ أكثر سهولة وتلقائيّة عندما يكبر في بيئة منزليّة تشجّع هذا النوع من المسؤوليّة. فيبدأ استيعاب طفلك السلوكيّات البيئيّة الصحّيّة من احترام ذويه للبيئة، باستخدامهم أكياس القماش عند التسوّق من السوبر ماركت، واستهلاك المنتجات المحلّيّة والموسميّة، وإغلاق صنبور المياه عند عدم استخدامه، وإغلاق الإضاءة في الغرفة الفارغة، وما إلى ذلك.    * * * الأطفال مستقبلنا، وبالتالي علينا رفع وعيهم البيئيّ، لأنّ ذلك من مفاتيح صحّة كوكبنا، ودعم هدفنا المتمثِّل في تربية أطفال يحبّون الأرض التي تحتويهم.     المراجع https://bester.energy/en/how-to-create-environmental-awareness-in-our-children/   https://ourgoodbrands.com/tips-motivate-kids-develop-environmental-awareness/   https://naitreetgrandir.com/en/feature/raising-children-environmental-awareness/#:~:text=Instead%2C%20encourage%20them%20to%20do,%2C%20driving%20less%2C%20and%20more.    

مشكلات الأطفال السلوكيّة: الأسباب وطرق العلاج

قد يُظهر جميع الأطفال سلوكيّاتٍ يمكن وصفها بالشقاوة أو التمرّد أو الاندفاع من وقتٍ إلى آخر، وهو أمرٌ طبيعيٌّ تمامًا. لكن عندما يزداد معدّل هذه السلوكيّات، أو عندما تتحوّل إلى نمطٍ ثابتٍ، فإنّ هذا يعني الدخول في مرحلة مشكلات الأطفال السلوكيّة. يعدّ اضطراب التحدّي المعارض (ODD)، واضطراب السلوك (CD)، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، من أكثر اضطرابات السلوك المشاغب شيوعًا. تشترك هذه الاضطرابات في بعض الأعراض، لذلك قد يكون التشخيص صعبًا، ويستغرق وقتًا طويلًا. كما قد يعاني الطفل اضطرابَين في الوقت نفسه. ويعدّ تحديد هذه المشكلات ومعالجتها في وقتٍ مبكّرٍ من أهمّ عوامل رفاهيّة الطفل على المدى الطويل، وتحسين نوعيّة حياة الأسرة.  في هذا المقال سنستعرض أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة، وأنواعها، وطرق علاجها.    أسباب مشكلات الأطفال السلوكيّة  غالبًا ما تحدث مشكلات الأطفال السلوكيّة نتيجة تفاعلٍ معقّدٍ بين عوامل بيولوجيّةٍ، ونفسيّةٍ، وبيئيّة. لذا يجب تحديد الأسباب الكامنة بدقّةٍ، لتوصيف طرق العلاج الناجحة. من هذه الأسباب:    العوامل البيولوجيّة  تعود العديد من المشكلات السلوكيّة إلى الوراثة وكيمياء الدماغ وبنيته، إذ قد يولد بعض الأطفال بسماتٍ وراثيّةٍ معيّنةٍ، أو حالاتٍ عصبيّةٍ، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، أو اضطراب طيف التوحّد، والتي تؤثّر في قدرتهم على التعامل مع المعلومات وإدارة مشاعرهم. كما يمكن أن تسهم اختلالات التوازن الكيميائيّ، مثل انخفاض مستويات السيروتونين، في اضطرابات المزاج التي قد تظهر في صورة مشكلاتٍ سلوكيّة.    البيئة الأسريّة  تؤثّر البيئة الأسريّة بشكلٍ كبيرٍ في سلوك الأطفال، فيمكن أن يؤدّي اضطراب العلاقة بين الوالدين، أو البيئة المنزليّة غير المستقرّة بشكلٍ عامٍّ، إلى شعور الطفل بالخوف والارتباك، والذي قد يتجلّى في شكل سلوكيّاتٍ ضارّة.    الصدمة أو خسارة شخص عزيز  يحمل الأطفال حساسيّةً شديدةً للأحداث المؤلمة، ويمكن أن يترك موت أحد الأحبّاء، أو انفصال الوالدين، أو التعرّض للتنمّر أو الإساءة، ندوبًا عاطفيّةً عميقةً لديهم. في الغالب تؤدّي الصدمة إلى تغييراتٍ سلوكيّةٍ، بسبب عدم قدرة الأطفال على التعامل بشكلٍ سليمٍ مع هذه التجارب. كما قد يعبّرون في بعض الحالات عن افتقارهم إلى المفردات العاطفيّة للتعبير عن مشاعرهم، في شكل سلوكيّاتٍ غير مستحبّة.    التأثيرات الاجتماعيّة وضغوط الأقران  يميل الأطفال إلى تقليد سلوكيّات أصدقائهم وزملائهم في المدرسة، وتصدر عنهم سلوكيّاتٌ سلبيّةٌ للتأقلم، أو الشعور بالقبول بين أقرانهم الذين يتصرّفون بهذه الطريقة. كما يمكن أن يسهم رفض الأقران، أو التعرّض إلى التنمّر، في حدوث مشكلات الأطفال السلوكيّة، إذ قد يلجؤون إلى التصرّف بعدوانيّةٍ، أو إلى العزلة، أو إلى القيام بأفعالٍ لجذب اهتمام الآخرين.     التحدّيات الأكاديميّة والتعليميّة  يمكن أن تؤدّي معاناة الطفل صعوباتٍ في التعلّم إلى الإحباط، ونقص احترام الذات. فعندما تتحوّل المدرسة إلى مصدرٍ للمشاعر السلبيّة لدى الأطفال، قد يجعلهم هذا يتصرّفون بوقاحةٍ، أو يحاولون التقوقع للتعامل مع مشاعر الفشل. أي إنّ المشكلات السلوكيّة قد تكون وسيلةً لإخفاء صعوبات التعلّم، والتي قد لا يفهمها الطفل تمامًا، أو لا يعرف كيف يعبّر عنها.     أنواع المشاكل السلوكيّة  تتضمّن مشكلات الأطفال السلوكيّة الشائعة ما يلي:  - اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط: تنتج عن هذا الاضطراب صعوبةٌ في التركيز لدى الأطفال. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنّه اضطرابٌ يرتبط بسلوك الأطفال بشكلٍ مباشرٍ، فيكونون أكثر اندفاعًا من أقرانهم، وقد يتجاهلون ما يقوله الوالدان، أو يثورون أو يصابون بنوبة غضبٍ، أو يقومون بعكس ما يُطلب إليهم. لذا فإنّ أمورًا بسيطةً، مثل إنجاز الفروض المنزليّة، والذهاب إلى الفراش، وارتداء الملابس، وتناول الطعام، قد تكون محلّ شجارٍ.  - اضطراب التحدّي المعارض: من أكثر الاضطرابات انتشارًا لدى الأطفال تحت عمر 12 سنةً. يتضمّن هذا الاضطراب بعض السلوكيّات الدالّة عليه، مثل سرعة الانفعال، وتكرّر نوبات الغضب، والجدال الدائم مع البالغين، وخصوصًا البالغين الأكثر قربًا منهم، مثل الوالدين، ورفض الالتزام بأيّ قواعد، فيبدو الطفل كما لو أنّه يحاول عمدًا إزعاج الآخرين، أو استفزازهم.  - اضطراب السلوك: يعانيه الكثير من الأطفال، ويعدّ أكثر حدّةً من اضطراب التحدّي المعارض، وتتضمّن مؤشّراته الرفض المتكرّر لطاعة الوالدين والشخصيّات ذات السلطة، والسلوك العدوانيّ، والكذب، والسرقة، والميل إلى التدخين، وتعاطي المخدّرات في عمرٍ مبكّر.  -اضطرابات القلق: قد نخلط بين أعراض القلق والخجل لدى الأطفال، لكنّ المصابين منهم باضطراب القلق يتصرّفون بشكلٍ غير طبيعيٍّ، عندما يكونون في مواقف تثير قلقهم. فقد يثورون، أو يصابون بنوبة غضبٍ، في محاولةٍ للهروب من هذه المواقف، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسديّ على الآخرين.  -اضطراب طيف التوحّد: غالبًا ما يعتمد الأطفال المصابون بالتوحّد على روتينٍ ثابتٍ يشعرهم بالراحة، وأيّ تغييرٍ غير متوقّعٍ يمكن أن يثيرهم، فهم يفتقرون إلى مهارات اللغة والتواصل للتعبير عن حاجاتهم. من الضروريّ أن نتذكّر أنّ بعض مشكلات الأطفال السلوكيّة، يمكن أن تنجم عن أسبابٍ طبّيّةٍ لم يتمّ التعرّف إليها، والتي قد تشمل الارتجاع المريئيّ، والإمساك، والحساسيّة، والتهابات الأذن، وحتّى الكسور. يتصرّف الأطفال عمومًا بشكلٍ سلبيٍّ عندما لا يشعرون أنّهم على ما يرام، وقد ينفجر الأطفال المصابون بالتوحّد لأنّهم يعانون الألم، ولا يعرفون كيف يعبّرون عنه أو يوقفونه.  يعدّ فهم الفئة التي تنتمي إليها المشكلة السلوكيّة أمرًا بالغ الأهمّيّة، لاختيار طريقة العلاج الصحيحة.     طرق علاج مشكلات الأطفال السلوكيّة  بالرغم من أنّ المشكلات السلوكيّة تبدو صعبةً، ومن العسير معالجتها، إلّا أنّ هناك العديد من طرق العلاج الفعّالة للتعامل معها، علمًا أنّه قد يكون علاجًا متعدّد الأوجه، ويتضمّن مزج أكثر من طريقةٍ من الطرق التالية:   التدخّلات غير الدوائيّة  - العلاج السلوكيّ المعرفيّ: أسلوبٌ مثبت الفعاليّة في علاج الأطفال الذين يعانون القلق، والاكتئاب، والمشكلات السلوكيّة المرتبطة بالمزاج، يركّز على تحديد أنماط التفكير السلبيّة التي تنتج سلوكيّاتٍ غير مرغوبةٍ، وتغييرها. كما أنّه يزوّد الأطفال بآليّات تأقلمٍ للتعامل بشكلٍ أفضل مع المواقف التي تثير لديهم ردّ فعلٍ سلبيّ.  - العلاج باللعب: يمكن أن يكون وسيلةً فعّالةً للتعبير عن المشاعر لدى الأطفال الأصغر سنًّا. فمن خلال اللعب، يتمّ توجيه الأطفال للتعامل مع مشاعرهم الداخليّة، وتعلّم معالجة تجاربهم المختلفة داخل بيئةٍ داعمة.  - العلاج السلوكيّ: أسلوبٌ مفيدٌ لعلاج اضطراباتٍ مثل فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطراب التحدّي المعارض، فهو يتضمّن إعداد روتينٍ منظّمٍ، وتوقّعاتٍ واضحةً، ومكافآتٍ لتدعيم السلوك الإيجابيّ. كما يساعد العلاج السلوكيّ في تطوير الانضباط الذاتيّ لدى الأطفال، وتعلّم الاستجابات المناسبة للمواقف المختلفة.  - العلاج الأسريّ: يركّز هذا العلاج على تحسين التواصل وحلّ المشكلات داخل الأسرة، أي إنّه يتعلّق بفهم أفراد الأسرة للتحدّيات التي يواجهها الطفل، وتعلّمهم طرقًا فعّالةً للاستجابة إليها، الأمر الذي يخلق بيئةً أكثر دعمًا، ويقلّل من احتماليّة الشجارات وسوء الفهم.    الأدوية  في بعض الحالات، يمكن أن تكون الأدوية مكمّلةً للعلاج، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة، لعلاج اضطرابات المزاج. ولكن يجب التعامل بحذرٍ مع الأدوية، والحرص على استخدامها تحت إشراف طبيبٍ مختصّ. جديرٌ بالذكر أنّ الأدوية غالبًا ما تكون أكثر فعاليّةً عند دمجها مع أشكالٍ أخرى من العلاج.    تدريب الوالدين ودعمهما  للأهل دورٌ كبيرٌ في تصحيح سلوك أطفالهم السلبيّ، فهناك برامج متخصّصةٌ وقيّمةٌ للغاية، تركّز على الانضباط والتواصل وبناء العلاقات، مثل برنامج الأبوّة الإيجابيّة (Triple P)، والعلاج بالتفاعل بين الوالدين والطفل (PCIT)، وهي أساليب منظّمةٌ، تمكّن الأب والأمّ من استخدام تقنيّاتٍ فعّالةٍ للتعامل مع السلوكيّات غير المرغوبة، وتعزيز السلوكيّات الإيجابيّة.     تعديلات نمط الحياة  يمكن أن تُحدث بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة فرقًا ملحوظًا في سلوك الطفل، مثل تحسين الاستقرار العقليّ، وتقليل الانفعال ونوبات الغضب، ومنها اتّباع نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ، وتشجيع الطفل على ممارسة الرياضة، والحصول على قدرٍ كافٍ من النوم. كما يمكن أن يساعد تقليل تعرّض الطفل للشاشات الإلكترونيّة، وتعزيز الأنشطة الخارجيّة، في حرق الطاقة الزائدة، وإدارة التوتّر بشكلٍ أفضل.     بناء المهارات الاجتماعيّة  يعدّ التدريب على المهارات الاجتماعيّة فعّالًا في مساعدة الأطفال الذين يعانون صعوباتٍ في إقامة علاقاتٍ مع الأقران، إذ يعلّمهم مهارات التواصل الفعّال والتعاطف. يجب أن تنقل هذه المهارات إلى الأطفال ضمن أنشطةٍ جماعيّةٍ، في بيئةٍ منظّمةٍ، ما قد يخفّف من بعض المشكلات السلوكيّة، الناشئة عن ضعف الثقة بالنفس، أو ضغوط الأقران.    ***  يمكن القول إنّ المشاكل السلوكيّة لدى الأطفال قد تكون معقّدةً ومتعدّدة الأوجه، وتتطلّب نهجًا شاملًا للعلاج. لذا فإنّ فهم الأسباب الجذريّة، وتنفيذ العلاجات المستهدفة، والحفاظ على بيئةٍ أسريّةٍ داعمةٍ ومُحبّةٍ، والتواجد في بيئةٍ مدرسيّةٍ إيجابيّةٍ، سيمكّن الأهل من مساعدة أطفالهم في إدارة سلوكيّاتهم، والازدهار في حياتهم الشخصيّة والاجتماعيّة.  بالصبر والتعاطف والموارد المناسبة، يمكن للأطفال الذين يعانون مشاكل سلوكيّةٍ، أن يتعلّموا التغلّب على تحدّياتهم، وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.    المراجع   https://www.webmd.com/parenting/types-of-behavioral-problems-in-children  https://childmind.org/article/common-causes-of-behavior-problems-in-kids/  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/behavioural-disorders-in-children   

تأسيس الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة

مرحلة ما قبل المدرسة فترةٌ يخوض فيها الطفل سلسلةً من التحوّلات والتغيّرات. يشهد الأهل نموّ أطفالهم السريع بين سنّ الثالثة والخامسة، على مستوى تطوّرهم المعرفيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ والجسديّ. تهيّئ هذه المرحلة الحرجة الأطفال للمدرسة ومتطلّباتها الأكاديميّة، وتضع الأساس لتعلّمهم وعلاقاتهم وتقديرهم لذواتهم.   سنناقش في هذا المقال أهمّيّة مرحلة ما قبل المدرسة، واستراتيجيّات تعزيز نموّ الطفل، وحاجاته المختلفة.     تعريف مرحلة ما قبل المدرسة  تشير مرحلة ما قبل المدرسة إلى فترة النموّ في حياة الطفل التي تحدث بين سنّ 3 إلى 5 سنوات تقريبًا، قبل دخولهم المدرسة الرسميّة (وتُسمّى عادةً روضة الأطفال). غالبًا ما يُنظر إلى هذه المرحلة على أنّها الجسر الذي يربط بين مرحلة الطفولة المبكّرة، وبيئة التعلّم المنظّمة في المدرسة الابتدائيّة، وتعدّ مرحلةً حسّاسةً في حياة الطفل، إذ تؤثّر بشكلٍ مباشرٍ في نموّه، وصحّته العقليّة والجسديّة. لذا تعدّ مراقبة نموّ الطفل خلالها من أهمّ أساسيّات طبّ الأطفال، للتأكّد من نموّه بشكلٍ طبيعيٍّ، وضمان سلامته من أيّ مشاكل صحيّةٍ أو نفسيّةٍ جدّيّةٍ، كونها المرحلة التي يكتسب فيها الطفل العديد من عاداته وسلوكيّاته التي ستستمرّ معه طوال حياته.     أهمّيّة مرحلة ما قبل المدرسة  تمثّل سنوات ما قبل المدرسة فرصةً حاسمةً لتشكيل نموّ الطفل، فخلال هذه الفترة، يخضع دماغه لنموٍّ كبيرٍ، ويستقبل التعلّم والتأثيرات البيئيّة من حوله. وفقًا لمركز الطفل النامي في جامعة هارفارد، يتشكّل أكثر من مليون اتّصال عصبيٍّ جديدٍ في دماغ الطفل كلّ ثانيةٍ، خلال السنوات الأولى من حياته. هذه الاتّصالات هي اللبنات الأساسيّة للتطوّر المعرفيّ والعاطفيّ، ما يجعل جودة التجارب خلال هذه المرحلة مهمّةً بشكلٍ خاصّ.  يعدّ التعليم قبل المدرسيّ عاملًا أساسيًّا في تعزيز الاستعداد للمدرسة، إذ يسهم في تطوير المهارات الأساسيّة، مثل اللغة وحلّ المشكلات والتفاعل الاجتماعيّ. والأهمّ من ذلك، أنّ هذه السنوات تضع الأساس لقدرة الطفل على مواجهة العالم بثقةٍ، وبناء علاقاتٍ عميقةٍ وصادقة.    مجالات تطوّر الطفل خلال سنوات ما قبل المدرسة  كما أشرنا، تُعدّ مرحلة ما قبل المدرسة فترةً حاسمةً في نموّ الطفل وتطوّره في مختلف المجالات، والتي يسهم فهمها في تمكين الوالدين والمعلّمين من تصميم أنشطةٍ ملائمةٍ، تعزّز التطوّر الشامل للطفل.    التطوّر المعرفيّ  يتضمّن التطوّر المعرفيّ خلال سنوات ما قبل المدرسة تعلّم التفكير والمنطق وحلّ المشكلات. في هذه المرحلة، يصبح الأطفال أكثر فضولًا بشأن العالم، ويطرحون أسئلةً لا نهائيّةً تبدأ بـ "لماذا؟"، لأنّهم يحاولون فهم محيطهم، وتحليل ما يرونه ويسمعونه. تعدّ الأنشطة، مثل الألغاز ورواية القصص والألعاب التي تشجّع الإبداع والتفكير النقديّ، أمرًا بالغ الأهمّيّة لتحفيز النموّ المعرفيّ.  يعدّ تطوّر اللغة جانبًا رئيسًا آخر من جوانب التطوّر المعرفيّ في مرحلة ما قبل المدرسة، يوسّع الأطفال خلالها مفرداتهم بسرعةٍ، ويتعلّمون تكوين الجمل، ويبدؤون في فهم قواعد الاتّصال. من بين الطرق الفعّالة لتنمية مهارات اللغة، القراءة للأطفال، وإشراكهم في المحادثات، وتقديم كلماتٍ جديدةٍ إليهم، بالأغاني والشعر.     التطوّر الاجتماعيّ والعاطفيّ  غالبًا ما تكون مرحلة ما قبل المدرسة التجربة الأولى للطفل في بيئةٍ اجتماعيّةٍ منظّمةٍ، إذ يساعده التفاعل مع الأقران والمعلّمين، في تطوير مهاراتٍ اجتماعيّةٍ مهمّةٍ، مثل المشاركة واللعب ضمن مجموعاتٍ وحلّ النزاعات. تشكّل هذه التجارب المبكّرة قدرة الطفل على بناء العلاقات، والحفاظ عليها طوال حياته.  عاطفيًّا، يتعلّم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة كيفيّة تحديد مشاعرهم وإدارتها، ومع تعرّضهم إلى مجموعةٍ أوسع من الأطفال في عمرهم، سيفهمون معنى الاختلاف، ويبدؤون في تطوير التعاطف، وفهم كيفيّة تأثير أفعالهم في الآخرين. يمكن لمقدّمي الرعاية تعزيز التطوّر العاطفيّ بتعليم الأطفال تسمية مشاعرهم، وتقديم الدعم عند شعورهم بالانزعاج، ونمذجة طرقٍ صحّيّةٍ للتعبير عن المشاعر.    التطوّر البدنيّ  يشمل النموّ البدنيّ خلال سنوات ما قبل المدرسة جميع المهارات الحركيّة الكبرى، مثل الجري والقفز والتسلّق، وجميع المهارات الحركيّة الدقيقة، مثل الرسم والقصّ واللعب بالأشياء الصغيرة. يساعد تشجيع الأطفال في المشاركة في اللعب النشط، سواء في الداخل أو الخارج، في تحسين تنسيقهم وتوازنهم وقوّتهم. كما يمكن للأنشطة البسيطة، مثل البناء باستخدام المكعّبات أو ربط الخرز، أن تعزّز المهارات الحركيّة الدقيقة، والتي تعدّ ضروريّةً لمهامّ مثل الكتابة والعناية الذاتيّة.    حاجات طفل ما قبل المدرسة  يتطلّب تأسيس طفلٍ في مرحلة ما قبل المدرسة توفير بيئةٍ تشجّع على الاستكشاف والاستقلال والنموّ. في الآتي بعض الاستراتيجيّات التي تلبّي احتياجات أطفال هذه المرحلة، والتي يمكن للأهل والمعلّمين استخدامها لتعزيز تطوّرهم خلال هذه الفترة المهمّة:    التعلّم القائم على اللعب  غالبًا ما يوصف اللعب أنّه "عمل" الطفولة"، ولأنّه النشاط الرئيس الذي يتقن الأطفال فعله، يمكن للأهل تطويره ليصبح ذا معنًى.  يسمح التعلّم القائم على اللعب للأطفال باستكشاف مفاهيم جديدةٍ، وتطوير مهارات حلّ المشكلات، وممارسة التفاعلات الاجتماعيّة بطريقةٍ طبيعيّةٍ وممتعة. سواء باللعب التخيّلي، أو بناء المكعّبات، أو استكشاف الطبيعة، تسهم هذه الأنشطة في تعزيز فهم الأطفال للعالم من حولهم.   وجدت دراسةٌ أجريت سنة 2018، ونشرت في Frontiers in Psychology، أنّ الأطفال الذين شاركوا في اللعب الموجّه أظهروا تحسّنًا أكبر في المهارات المعرفيّة والأكاديميّة، مقارنةً بأولئك الذين شاركوا فقط في الأنشطة المنظّمة التي يقودها المعلّم. وأكّدت الدراسة على أهمّيّة الجمع بين اللعب الحرّ والتوجيه المتعمّد، والذي يسهم في تعظيم نتائج التعلّم.    بناء الروتين   تعزّز الجداول الزمنيّة المتوقّعة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة شعورهم بالأمان، لأنّهم يعرفون ما يتوقّعونه كلّ يوم. يمكن أن يقلّل إنشاء روتينٍ ثابتٍ للوجبات، والقيلولة، ووقت اللعب، والتعلّم، من القلق. كما يمكنه أن يشجّع التعاون. على سبيل المثال، يمكن أن يدعم روتين وقت النوم الثابت، والذي يتضمّن قراءة قصّةٍ، كلًّا من الترابط العاطفيّ وتطوّر اللغة.    تعزيز الاستقلاليّة  تعتبر سنوات ما قبل المدرسة وقتًا يبدأ فيه الأطفال في تأكيد استقلاليّتهم. يبني تشجيع مهارات المساعدة الذاتيّة، مثل ارتدائهم ملابسهم بأنفسهم، أو التنظيف بعد وقت اللعب، أو سكب مشروباتهم بأنفسهم، الثقة والشعور بالإنجاز. من المهمّ التحلّي بالصبر، والسماح للأطفال بتجربة الأشياء بأنفسهم، حتّى لو ارتكبوا الأخطاء، مع تحفيزهم بالتعزيز الإيجابيّ الذي سيشجّعهم على الاستمرار في ممارسة مهاراتٍ جديدة.    دعم التعبير العاطفيّ  تعدّ مساعدة الأطفال في فهم مشاعرهم والتعبير عنها جزءًا أساسيًّا من نموّهم، إذ يمكن للوالدين أن يكونا نموذجًا للذكاء العاطفيّ، بالتحدّث عن مشاعرهم الخاصّة، وإثبات صحّة مشاعر الطفل. على سبيل المثال، إذا كان الطفل محبطًا لأنّ إحدى ألعابه لا تعمل، يمكن أن يقول له أحد والديه: "أرى أنّك تشعر بالانزعاج. لا بأس أن تشعر بهذه الطريقة. دعنا نفكّر في كيفيّة إصلاح الأمر معًا".    ***  تتميّز مرحلة ما قبل المدرسة بأمرَين أساسيَّين، هما النموّ والتعلّم. بلا شكٍّ سيؤتي استثمار الوالدين في أطفالهما خلال هذه الفترة ثماره طوال حياة الطفل.     المراجع https://www.frontiersin.org/research-topics/24841/advancing-research-on-inclusion-and-engagement-in-early-childhood-education-and-care-ecec-with-a-special-focus-on-children-at-risk-and-children-with-disabilities/magazine    https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9_%D9%85%D8%A7_%D9%82%D8%A8%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D8%A9    https://www.earlyadvantagedcc.com/early-advantage-parent-resources/five-ways-to-prepare-your-child-for-preschool/ 

الرياضة وسيلةً لتعزيز صحّة الأطفال النفسيّة

تتجاوز فوائد الرياضة الصحّة البدنيّة، إذ تؤدّي دورًا في تعزيز صحّة الأطفال النفسيّة، حيث يمكن أن يكون للمشاركة في الرياضة تأثير عميق في صحّة الأطفال النفسيّة والعقليّة. لذلك، يُنصَح الوالدان ومقدّمو رعاية الأطفال بتشجيع الأطفال على الانخراط في الأنشطة الرياضيّة والبدنيّة، وتمكن لهم مساعدة الأطفال على تطوير المهارات الأساسيّة، من أجل الصحّة البدنيّة العامّة والرفاه النفسيّ.    دور الرياضة في تعزيز صحّة الأطفال النفسيّة سلّطت الكثير من الأبحاث الأكاديميّة الضوء على الرابط المهمّ بين الرياضة وتحسّن صحّة الأطفال النفسيّة والعقليّة، حيث تؤدّي الرياضة دورًا حاسمًا في تعزيز صحّة الأطفال النفسيّة، وتقدِّم الألعاب الرياضيّة مجموعة من الفوائد التي تؤثِّر في صحّة الطفل تأثيرًا إيجابيًّا. في ما يلي بعض النقاط الرئيسة التي توضِّح كيف تساعد الرياضة في تعزيز صحّة الأطفال النفسيّة:    تحسين الصحّة العقليّة والرفاه  - النشاط البدنيّ وتعزيز المزاج: تؤدّي ممارسة الرياضة إلى إطلاق الإندورفين. ومن المعروف أنّ الإندروفين من مواد الدماغ الكيميائيّة التي تُحسِّن المزاج؛ ممّا يؤدي إلى زيادة السعادة والاسترخاء.  - تحسين جودة النوم: يمكن أن يؤدّي الانخراط في الألعاب الرياضيّة إلى تحسين جودة نوم الأطفال؛ ممّا يؤدّي إلى أنماط نوم أصحّ، وبالتالي صحّة نفسيّة أكثر إيجابيّة.  - تقليل التوتّر والقلق: يمكن أن تساعد المشاركة في الرياضة الأطفال على إدارة التوتّر والقلق بإطلاق الإندورفين، وهي مواد كيميائيّة طبيعيّة تعزِّز الحالة المزاجيّة.  - تقليل معدّلات الاكتئاب: أظهرت الدراسات أنّ ممارسة الرياضة المعتدلة يمكن أن تقلّل من الاكتئاب، ولا سيّما بين المراهقين، والتي قد توصل إلى ظواهر مقلقة، تصل إلى الانتحار في بعض المجتمعات.  - التنظيم العاطفيّ: يمكن أن تساعد التمارين الرياضيّة الأطفال على تنظيم عواطفهم وإدارة تقلّبات المزاج.  - زيادة احترام الذات والثقة: ترتبط ممارسة الرياضة بتحسين احترام الأطفال والمراهقين ذواتهم والثقة بأنفسهم.  - تفاعل اجتماعيّ أفضل: تعزِّز الرياضات الجماعيّة المهارات الاجتماعيّة، مثل التعاطف والثقة والمسؤوليّة، وهي ضروريّة لتعزيز صحّة الأطفال النفسيّة.  - تحسين التركيز: يساعد النشاط البدنيّ المنتظم الأطفال على البقاء حادّين عقليًّا؛ ممّا يعزِّز المهارات المعرفيّة، مثل التفكير والتعلّم والحكم الجيّد. - الحدّ من تعاطي المخدّرات والسلوكات المحفوفة بالمخاطر: ارتبطت المشاركة الرياضيّة بانخفاض معدّلات تعاطي المخدّرات والسلوكات المحفوفة بالمخاطر بين المراهقين.  - تحسين الأداء الأكاديميّ: يمكن للنشاط البدنيّ، بما في ذلك الرياضة، تحسين الأداء العقليّ في المدرسة والإسهام في ارتفاع الأداء المعرفيّ.  - زيادة الإبداع: يمكن للرياضات غير المنظّمة أو غير التنافسيّة أن تعزِّز الإبداع بين الأطفال.    الرياضات الأفيد لصحّة الأطفال النفسيّة أيّ رياضة أو نشاط بدنيّ يجعل الأطفال يتحرّكون، يمكن أن تكون له آثار إيجابيّة في صحّتهم النفسيّة والعقليّة، حيث تساعد الأنشطة البدنيّة على إطلاق الإندورفين وتقليل هرمونات التوتّر. وبعد التعرّف إلى فوائد الرياضة ودور الألعاب الرياضيّة في تعزيز صحّة الأطفال النفسيّة، لا بُدّ للوالدين أو مقدّمي رعاية الأطفال اختيار النوع المناسب من الرياضات التي يمكن لأبنائهم ممارستها للحصول على أعلى إفادة منها. ويمكن تلخيص الرياضات الأفيد لصحّة الأطفال النفسيّة والعقليّة بالآتي:  - الرياضات الجماعيّة: يمكن أن توفِّر المشاركة في الرياضات الجماعيّة، مثل كرة القدم وكرة السلّة والكرة الطائرة، فوائد كبيرة لصحّة الأطفال النفسيّة. فتساعد الرياضات الجماعيّة في تنمية المهارات الاجتماعيّة، وبناء العلاقات وتعزيز الشعور بالمجتمع والانتماء له.  - الرياضة المنظّمة: ثبت أنّ البرامج الرياضيّة المنظّمة، سواء أكانت في المدرسة أم المجتمع، لها تأثير إيجابيّ في صحّة الأطفال النفسيّة والعقليّة. يمكن لهذه الأنشطة المنظّمة تقليل التوتّر والقلق، وخفض معدّلات الاكتئاب، وتحسين احترام الذات والثقة.  - الرياضات غير التنافسيّة: في حين أنّ الرياضات التنافسيّة يمكن أن تكون مفيدة، تشير الأبحاث إلى أنّ الرياضات والأنشطة البدنيّة غير المنظّمة أو غير التنافسيّة يمكن أن تعزِّز الإبداع والتمتّع بالنشاط البدنيّ بين الأطفال. ومن الأمثلة على الرياضات غير التنافسيّة للأطفال ركوب الدرّاجة الهوائيّة، والسباحة، والمشي لمسافات طويلة في الطبيعة، بالإضافة إلى الرقص. - الرياضات التي تحتاج إلى تطوير المهارات: الرياضة التي تتطلّب جهدًا والتزامًا مستمرّين، مثل الرقص أو الجمباز أو فنون الدفاع عن النفس، يمكن أن تساعد الأطفال على تطوير أخلاقيّات عمل قويّة والقدرة على التعامل مع النقد البنّاء. وهي مهارات حياتيّة قيّمة.    اختيار الرياضات المناسبة لتعزيز صحّة الأطفال النفسيّة يقع على الوالدين عاتق تشجيع الأطفال على المشاركة في مجموعة متنوّعة من الأنشطة الرياضيّة والبدنيّة التي يجدونها ممتعة وجذّابة، وذلك بتوفير فرص متنوّعة للأطفال، ليكونوا نشيطين بدنيًّا، سواءً في أماكن منظّمة أم غير منظّمة. ويمكن للوالدين ومقدّمي رعاية الأطفال تعزيز صحّة الأطفال النفسيّة باختيار الألعاب الرياضيّة المناسبة. كما يتضمّن اختيار الرياضات المناسبة لاحتياجات صحّة الأطفال النفسيّة، النظر في عدّة عوامل. في ما يلي بعض النقاط الرئيسة لمساعدة الوالدين ومقدّمي رعاية الأطفال على اختيار الرياضة الصحيحة للطفل:    تقييم اهتمامات الطفل وقدراته يجب على الوالدين السماح للطفل باستكشاف رياضات مختلفة وتجربتها للعثور على ما يستمتع به ويتفوّق فيه، إذ يمكن أن يساعده ذلك على تطوير شغفه بالرياضة مدى الحياة، مع الأخذ بعين الاعتبار قدرات الطفل. فيجب التأكّد من أنّ الرياضة مناسبة لقدراته الجسديّة وعمره، حيث يسهم ذلك في منع الإصابات أو الحدّ منها، والحفاظ على اهتمامه بالرياضة التي اختارها.    الرياضات الجماعيّة مقابل الرياضات الفرديّة يمكن أن توفِّر الرياضات الجماعيّة، مثل كرة القدم وكرة السلّة والكرة الطائرة، فوائد اجتماعيّة، منها: تحسين احترام الذات والتفاعل الاجتماعيّ الأفضل والشعور بالانتماء للفريق. بينما توفِّر الرياضات الفرديّة، مثل التنس أو السباحة أو الجمباز، شعورًا بالإنجاز الشخصيّ والثقة بالنفس، ولا سيّما للأطفال الذين يفضّلون الأنشطة الفرديّة.    الرياضة المنظّمة مقابل الرياضة غير المنظّمة  يمكن للبرامج الرياضيّة المنظّمة، مثل الفرق المدرسيّة أو البطولات المجتمعيّة، أن توفِّر بيئة منظّمة للأطفال لتعلّم الانضباط والعمل الجماعيّ وإدارة الوقت. في حين يمكن للرياضات غير المنظّمة، مثل الرقص أو فنون الدفاع عن النفس أو الأنشطة الترفيهيّة، أن تعزِّز الإبداع والاستمتاع بالنشاط البدنيّ، ولا سيّما للأطفال الذين لا يفضّلون الانضباط التامّ، ويذهبون إلى نشاطات رياضيّة أكثر مرونة.    اختيار البيئة الرياضيّة المناسبة يجب على الوالدين التأكّد من أنّ المدرّبين والبيئة المحيطة بالطفل داعمون له في ممارسة النشاط الرياضيّ، مع التركيز على ضرورة تطوير الطفل المهارات، والتركيز على المتعة، بدلاً من المنافسة والنقد.    المراقبة والتحسين يُنصَح الوالدان بتشجيع الطفل على مشاركة تجاربه ومشاعره حول الرياضة التي يمارسها، حيث تسمح المشاركة بمراقبة تقدّم الطفل وتعديل ممارساته إذا لزم الأمر، للحفاظ على اهتمامه بالرياضة، لتعزيز صحّته النفسيّة.    الحصول على الاستشارات إذا كان الطفل يعاني مشكلات في الصحّة العقليّة، أو لديه احتياجات محدّدة، يجب على الوالدين التشاور مع مدرّبين أو مهنيّين متخصّصين قادرين على تقديم إرشادات حول تكييف الرياضة، لتلبية احتياجات الطفل العقليّة والنفسيّة والبدنيّة.    * * * أخيرًا، النصيحة الأهمّ للوالدين، عدم جعل الوقت والمال أعذارًا لعدم بناء روتين رياضيّ لأطفالهم، إذ ليس مطلوبًا من الوالدين قضاء ساعات طويلة من اليوم في ممارسة الرياضة مع الأطفال. كذلك، هم غير ملزمين بتسجيل أطفالهم في صالات الألعاب الرياضيّة الفاخرة. يمكن للوالدين البدء بنشاطات صغيرة داخل المنزل، أو الخروج للمشيّ والركض في المنطقة المحيطة.    المراجع  https://www.webmd.com/mental-health/benefits-of-sports-for-mental-health  https://parentingnow.org/encouraging-your-child-to-play-sports/  https://www.raisingarizonakids.com/2022/09/5-mental-health-benefits-of-youth-sports/  https://childmind.org/article/what-role-do-sports-play-in-the-mental-health-of-children/  https://www.healthychildren.org/English/healthy-living/sports/Pages/mental-health-in-teen-athletes.aspx  https://www.hamiltonhealthsciences.ca/share/exercise-and-mental-health-in-children/  https://www.healthline.com/health-news/exercise-benefits-children-physically-and-mentally 

أهمّيّة التواصل العائليّ: كيفيّة الحفاظ على التواصل الصحّيّ بين أفراد العائلة

يؤدّي التواصل العائليّ دورًا حيويًّا في تعزيز العلاقات الصحّيّة والمتناغمة داخل الأسرة. ويساعد التواصل الفعّال في فهم أفراد العائلة مشكلات بعضهم فهمًا أفضل، وحلّ المشكلات معًا، والحفاظ على روابط عائليّة قويّة.   فوائد التواصل العائليّ تكمن أهمّيّة التواصل العائليّ الصحّيّ في بناء علاقة صحّيّة ومتينة بين أفراد العائلة، وتشمل بعض فوائد هذا التواصل: - حلّ المشكلات: يساعد التواصل الجيّد على حلّ الخلافات وسوء الفهم بتوضيح المواقف وإيجاد أرضيّة مشتركة.  - تعميق الروابط: تعزِّز مناقشة الآراء الروابط العائليّة، وذلك بالسماح لكلّ فرد من أفراد العائلة فهمَ وجهات النظر المختلفة وتقديرها. - الدعم القويّ: عندما يكون التواصل جيّدًا، يشعر أفراد العائلة بثقة أكبر في مشاركة المشكلات الشخصيّة؛ ممّا قد يؤدّي إلى حصول الفرد على دعم عائليّ قويّ والوصول إلى حلول مشتركة.  - الثقة بالنفس: يخلق التواصل الصحّيّ داخل العائلة جوًّا من الأمن والأمان؛ ممّا يجعل جميع الأعضاء يشعرون بالتقدير ويزيد ثقتهم بأنفسهم.    أنواع التواصل العائليّ  لا يقتصر التواصل بين أفراد العائلة الواحدة على الكلام والحديث في ما بينهم، إذ يُصنِّف المختصّون التواصل العائليّ إلى ثلاثة أنواع: - الاتّصال اللفظيّ: تبادل الأحاديث بالمحادثات المنطوقة، سواء وجهًا لوجه أم بالمكالمات، إن لم تكن العائلة مجتمعة في المكان نفسه. - الاتّصال الكتابيّ: نقل المعلومات باللغة المكتوبة، مثل الرسائل عن طريق تطبيقات التواصل الاجتماعيّ. - التواصل غير اللفظيّ: التعبير عن الذات بإيماءات اليد، وتعبيرات الوجه، ووضع الجسم، وحركات العين.    نصائح لتحسين التواصل العائليّ  مفتاح التواصل العائليّ الصحّيّ جعلُ التواصل أولويّة، وخلق بيئة من التفاهم المتبادل، وممارسة الاستماع النشط والتعبير الواضح عن المشاعر. ويمكن أن يساعد تنفيذ الاستراتيجيّات الآتية على تعزيز العلاقات العائليّة: الاستماع الجيّد  - التركيز مع الفرد المتحدّث، والمحافظة على التواصل البصريّ لإظهار الاهتمام بالحديث.  - إعادة صياغة ما قاله المتحدّث لإظهار الفهم.  - تجنّب المشتّتات أثناء الحديث مثل الهواتف أو التلفاز.    التعبير عن المشاعر والاحتياجات بوضوح  - استخدام ضمير المتكلّم، مثل "أنا أشعر أنّه كذا.."، عوضًا عن إلقاء اللوم على أفراد العائلة الآخرين.  - تجنّب وضع افتراضات مسبقة حول أفكار أفراد العائلة الآخرين ومشاعرهم.   حلّ النزاعات حلًّا صحيًّا  - السماح لأفراد العائلة بالتناوب على التحدّث من دون مقاطعة.  - التركيز على إيجاد الحلول، بدلًا من لوم الآخرين.    خلق فرص للمحادثة  - زيادة وقت التواجد في المنزل، لتوفير وقت للتواصل مع أفراد العائلة.  - تناول وجبات عائليّة منتظمة يجتمع فيها أفراد العائلة مع بعضهم.  - جدولة وقت معيّن لمناقشة قضايا عائليّة.   استخدام التكنولوجيا لتعزيز التواصل العائليّ - إنشاء مجموعة عائليّة على تطبيقات الدردشة الإلكترونيّة.  - إرسال رسائل مشجِّعة أو تسجيل صوتيّ.    إنشاء تقاليد وطقوس عائليّة  - تطوير الروتين والأنشطة المنتظمة التي تجمع الأسرة معًا.    كيف يمكن للتواصل غير اللفظيّ أن يعزِّز الترابط العائليّ  يمكن للتواصل غير اللفظيّ أن يعزِّز الترابط والتواصل العائليّ بالطرق الآتية:  - الاتّصال العاطفيّ: يمكن للإشارات غير اللفظيّة، مثل التواصل البصريّ، وتعبيرات الوجه، ولغة الجسد أن تنقل المشاعر. وهذا التواصل مهمّ في تعزيز الروابط العاطفيّة وتعميقها بين أفراد العائلة.  - تعزيز العلاقات: يساعد الاهتمام بالتواصل غير اللفظيّ أفراد العائلة على فهم مشاعر بعضهم واحتياجاتهم فهمًا أفضل؛ ممّا يؤدّي إلى علاقات أكثر تعاطفًا، وبالتالي علاقات داعمة وقويّة.  - حلّ النزاعات: يمكن أن يوفِّر التواصل غير اللفظيّ سياقًا وفروقًا دقيقة مهمّة أثناء النقاشات العائليّة؛ ممّا يساعد على حلّ المشكلات حلًّا فعّالًا، بالكشف عن المشاعر الكامنة والأحاسيس غير المعلنة.  - زيادة الترابط: يمكن للتفاعلات غير اللفظيّة البسيطة، مثل العناق ومسك الأيدي واللمسات اللطيفة أن تخلق لحظات من العلاقة الحميميّة، والتي تقوّي الروابط بين أفراد العائلة.  - سدّ فجوات التواصل: بالنسبة إلى أفراد العائلة الذين قد يواجهون صعوبة في التعبير عن أنفسهم لفظيًّا، يمكن أن يكون التواصل غير اللفظيّ طريقة بديلة للتواصل ونقل الأفكار والمشاعر.  - نمذجة السلوك الإيجابيّ: يمكن للوالدين اللذَين يظهران تواصلًا إيجابيًّا غير لفظيّ، مثل الحفاظ على التواصل البصريّ واستخدام لغة الجسد، أن يكونا مثالًا يحتذي به أطفالهما؛ ممّا يعزِّز أنماط التواصل العائليّ الصحّيّة.  بالاهتمام بالتواصل غير اللفظيّ ودمجه بالتفاعلات العائليّة، يمكن للعائلات تعزيز شعور أعمق بالفهم والثقة والتقارب بين أفراد العائلة؛ ممّا يعزِّز في النهاية الجودة العامّة للعلاقات العائليّة.    أمثلة على التواصل الأسريّ الفعّال هنا الكثير من الأمثلة على التواصل الصحّيّ والفعّال بين أفراد العائلة، سواء أكان ذلك بين الوالدين وأبنائهما، أو بين الأخوة والأخوات. ومن الأمثلة على التواصل العائليّ الصحّيّ:  - سامية وابنتها: تسأل سامية ابنتها لماذا لا تريد العودة إلى المدرسة، وتكتشف أنّها خائفة من طفل آخر. وتكمن أهمّيّة هذا التواصل في العمل معًا على إيجاد حلّ المشكلة.  - سليم وأبناؤه: يتحدّث سليم مع أبنائه عن أهمّيّة الحفاظ على روابط عائليّة قوّيّة بينهم؛ ممّا يجعلهم يشعرون بالراحة والاطمئنان لوجود العائلة الداعمة.  - عائشة وأختها الصغرى: تطلب الأخت الصغرى من أختها الجامعيّة مساعدتها في الواجب المنزليّ، ونتيجة هذه المساعدة، تشعر الأخت الصغرى أنّ هناك من يدعمها وتزيد ثقتها بنفسها.  * * * باختصار، التواصل العائليّ ضروريّ لفهم أفراد العائلة بعضهم بعضًا، وحلّ النزاعات، والحفاظ على علاقات قويّة ومتينة. فبممارسة التواصل الجيّد، ووضع استراتيجيّات للتحسين، يمكن للعائلات بناء ثقافة الدعم والثقة بالنفس والأمان.    المراجع https://wellbeingmagazine.com/the-importance-of-family-communication/  https://www.onlinecoursesaustralia.edu.au/online-education-blog/4-reasons-why-family-communication-is-really-important/  https://theserenity.org/the-power-of-communication-building-stronger-family-bonds/  https://plantationrelationshipcounseling.com/power-of-non-verbal-communication/ 

أفضل 10 تطبيقات تعليميّة للأطفال الصغار في سنة 2024 

غالبًا ما يتذمّر الأطفال من الدروس المملّة التي يتلقّونها في صفوفهم المدرسيّة بطرق تقليديّة. لذلك، يصبح جذب انتباههم في المساعي التعليميّة مهمّة تقع على عاتق الآباء في المنزل. ومع ظهور تكنولوجيا التعليم، لم تعد هناك حاجة للجري خلف الأطفال لحملهم على الدراسة. تكشف هذه المقالة عن ميزات أفضل 10 تطبيقات تعليميّة موجِّهة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة.     ما أفضل تطبيقات تعليميّة للأطفال؟   يمكنك تحويل ساعات الدراسة المملّة إلى ساعات تعليميّة يستمتع بها طفلك وفق هذه التطبيقات التعليميّة المصمَّمة لتلبية احتياجاته التعليميّة المختلفة:    منصّة ABCmouse   هي منصّة شاملة تُعدّ واحدة من أفضل التطبيقات التعليميّة للأطفال في عمر الأربع سنوات. تُقدِّم هذه المنصّة منهجًا واسعًا يضمن حصول الأطفال على تعليم فريد في مجالات القراءة والرياضيّات والعلوم والفنون. صُمِّمت المنصّة تصميمًا يُقدِّم محتوى يتحدّى معرفة الطفل في كلّ مرحلة، وبفضل الرسومات الملوّنة والأنشطة العديدة، فإنّها تجذب انتباه الطفل لحبّ التعلّم.     تطبيق Endless Alphabet   هو تطبيق تعليميّ يركِّز على الأبجديّة والمفردات بالرسوم المتحرّكة، ممّا يجعل تعلّم المفردات نشاطًا ممتعًا. يقدِّم التطبيق للأطفال عالمًا تكون فيه الحروف جاذبة للانتباه. وتضمن طبيعتها التفاعليّة أن يشارك الطفل مشاركة نشطة في عمليّة التعلّم.      تطبيق Peekaboo Bran   هو تطبيق يزيد معرفة الأطفال الصغار بعالم الحيوانات بطريقة جذّابة، حيث يُرحَّب بالطفل عند دخوله التطبيق من حيوانات مختلفة بأصواتها الفريدة. يشبه التطبيق قصّة رقميّة مليئة بالعلوم المعرفيّة حول عالم الحيوان.     لعبة Sesame Street   شارع سمسم هو تطبيق تعليميّ أطلِق قديمًا، ولا تزال شهرته تزداد مع اكتساب شخصيّاته شهرة واسعة بين الأطفال. يقدِّم التطبيق مزيجًا من مقاطع الفيديو والألعاب التفاعليّة والقصص التي تعزِّز معرفة الطفل بالأبجديّة والأرقام والمهارات الاجتماعيّة والفنون.     تطبيق Monkey Preschool Lunchbox   يُعدّ Monkey Preschool Lunchbox واحدًا من أمتع تطبيقات التعلّم للأطفال في عمر الثلاث سنوات، فيوفِّر بيئة مرحة يمكن للأطفال بها تعلّم مهارات ما قبل المدرسة الأساسيّة، مثل الألوان والأشكال والعدّ والمطابقة، حيث يرشدهم قرد ودود في كلّ لعبة من هذه الألعاب.      تطبيقات المفكِّرون الصغار   تقدِّم شركة المفكِّرون الصغار أو "Little Thinking Minds" مجموعة من التطبيقات التفاعليّة التي تهدف إلى تعزيز مهارات اللغة العربيّة لدى الأطفال. ومع التركيز على القراءة والكتابة والحساب والتطوير المعرفيّ، توفِّر هذه التطبيقات أنشطة وألعابًا ومقاطع فيديو جذّابة تعزِّز حبّ التعلّم. صمّم محتوى هذه التطبيقات خبراء تربويّون للتأكّد من أنّه يناسب أعمار الأطفال ويتّصل بثقافتهم، ممّا يجعل التعلّم نشاطًا ممتعًا وفاعلًا.     لمسة   هو تطبيق تعليميّ شامل للأطفال، ويضمّ مجموعة واسعة من القصص والألعاب والأنشطة التفاعليّة، ويغطِّي موضوعات مختلفة، مثل اللغة والرياضيّات والعلوم والمهارات الاجتماعيّة. صُمِّم ليحتوي رسومًا متحرِّكة ملوّنة وقصصًا جذّابة تأسر حواس الأطفال، وتساعدهم على تحسين مهاراتهم المختلفة، مع تطوير إبداعهم وتفكيرهم النقديّ أيضًا.     نهلة وناهل   هي منصّة تعليميّة تقدِّم مجموعة واسعة من المحتوى المميّز، تقدّمها شخصيّتا "نهلة وناهل" اللتان تجعلان العمليّة التعليميّة للطفل أكثر متعة. تتميّز هذه المنصّة بواجهة سهلة الاستخدام ومحتوى آسر يخدم عدّة مراحل عمريّة للطفل، ويقدِّم أنشطة في مهارات مختلفة.     منصّة كُتبي   هو تطبيق يربط الطفل بمكتبة واسعة من الكتب الإلكترونيّة، ويقدِّم مجموعة متنوّعة من القصص والكتب التعليميّة والمحتوى التفاعليّ الذي يلبّي مختلف الفئات العمريّة، وفق مستويات قراءة متفاوتة. يشجِّع هذا التطبيق على حبّ القراءة بالسماح للأطفال باستكشاف مختلف الأنواع والموضوعات، وتعزيز مهاراتهم في اللغة العربيّة، وتعزيز شغفهم بالتعلّم طويل المدى.     تطبيق إدراك   يعدّ أحد أفضل التطبيقات التعليميّة للكبار والصغار على حدّ سواء. وبتخصيص حديثنا عن الأطفال، هو تطبيق تعليميّ شامل موجَّه إلى مرحلة الروضة، وحتّى الصفّ الثاني عشر. ويوفِّر موارد تعليميّة مجّانيّة وعالية الجودة مصمَّمة للناطقين باللغة العربيّة. طوّرت البرنامج مؤسّسة الملكة رانيا، وهو يقدِّم مجموعة متنوّعة من الموضوعات التعليميّة، بما في ذلك الرياضيّات والعلوم وفنون اللغة، وفق ما يتماشى مع المناهج السارية. كما صُمِّمت الدروس والاختبارات والأنشطة التفاعليّة لهدف رئيس، يتمثّل في زيادة تفاعل الأطفال وتعزيز تجربة تعلّمهم.     * * *  في سنة 2024، تطوّّرت التطبيقات التعليميّة للأطفال الصغار لتقدِّم مجموعة متنوّعة من التجارب التي تلبّي احتياجات الطفل الفريدة في مرحلة مبكرة. توفِّر هذه التطبيقات التوازن بين الترفيه والتعليم، وتدعم الأطفال الصغار في تطوير المهارات الرئيسة مع الحفاظ على عمليّة التعلّم ممتعة.     المراجع  https://www.splashlearn.com/blog/educational-apps-for-preschoolers/   

كيف أكتشف موهبة طفلي؟

يولد كلّ طفل بمجموعة فريدة من القدرات والمواهب التي تتطلّب من الوالدين اكتشافها، وغالبًا ما يكون اكتشاف هذه المواهب تحديًّا ممتعًا يخوضه الشريكان معًا. فالتعرّف إلى مواهب طفلك الفطريّة وتعزيزها يساعده على معرفة طريقه نحو المستقبل بوضوح، وذلك بنحت أفكاره منذ الصغر حول تفضيلاته الشخصيّة؛ ممّا يضعه على طريق الإنجاز والنجاح. ولكن، كيف يمكنك اكتشاف هذه الكنوز المخفيّة داخل طفلك وصقلها؟ نتعمّق في هذا المقال في وسائل اكتشاف مهارة الطفل وتعزيزها.    ما أهمّ استراتيجيّات اكتشاف موهبة الطفل؟  رغم أنّ اكتشاف موهبة طفلك الفريدة ليست مهمّة سلسة، إلّا أنّ هناك بعض الوسائل التي تجعل اكتشافها عمليّة ممتعة على الأقل. إليك أهمّ هذه الاستراتيجيّات والوسائل:    راقب تصرّفاته واستمع إليه  انتبه جيّدًا لاهتمامات طفلك ومهاراته وانجذابه لأنشطة معيّنة دون غيرها. لاحظ، مثلًا، الألعاب التي تجذب انتباهه وتُسعِده، سواء أكانت الرسم أم الغناء أم ممارسة الرياضة أم حلّ الألغاز، وتحدّث معه حول ما يحبّه وما يكرهه، وخذ ردوده دائمًا بعين الاعتبار.    عرّضه لأنشطة مختلفة  عرّف طفلك بمجموعة واسعة من الأنشطة المتنوّعة، وسجّله في الفصول أو النوادي التي تساعده على إطلاق العنان لاهتماماته المختلفة، مثل الموسيقى أو الفنّ أو الرقص أو الرياضة أو الطبخ، لأنّ تعريضه لأنشطة متنوّعة يتيح له اكتشاف اهتمامه اكتشافًا أوضح.    شجِّعه على الاستكشاف والتجريب  هيِّئ بيئة يشعر فيها طفلك بالتشجيع على الاستكشاف والتجربة، وامنحه الحرّيّة لتجربة أشياء جديدة من دون خوف من الحكم أو الفشل. احتفل بالجهود التي يبذلها طوال الطريق، بدلاً من التركيز على النتائج فقط، وتذكّر أنّ رحلة اكتشاف الذات لا تقلّ أهمّيّة عن الوجهة.    وفِّر الموارد والدعم  قدِّم الموارد والدعم اللازمين لمساعدة طفلك على متابعة اهتماماته، سواء أكان الأمر يتعلّق بتوفير لوازم فنّيّة أم آلات موسيقيّة أم كتب حول موضوع معيّن، لأنّ وصول الطفل إلى الأدوات والمواد يغذّي شغفه وإبداعه. ولا تنسَ أن تكون متواجدًا لتشجيعه وتقديم التوجيهات البنّاءة دائمًا.   انتبه إلى الأنماط ونقاط القوّة  ابحث عن الأنماط في سلوك طفلك واهتماماته. هل هناك مواضيع أو أنشطة متكرِّرة يستمتع بها باستمرار؟ لاحظ نقاط قوّته والمجالات التي يتفوّق فيها. يمكن لهذه القرائن توجيهك نحو مواهبه وعواطفه الفطريّة.   عرّفه إلى قدوة  عرِّف طفلك إلى قدوة مُلهِمة تفوّقت في المجالات التي تتماشى مع اهتماماتها. سواء أكان موسيقيًّا أم رياضيًّا أم عالمًا أم فنّانًا مشهورًا، حيث سماع قصص النجاح يمكن أن يشعل تطلّعاتهم ويحفّزهم على تحقيق أحلامهم.    احتضن التجربة والخطأ  اكتشاف موهبة طفلك عمليّة تجربة وخطأ، فقد يجرّب طفلك العديد من الأنشطة قبل أن يجد شغفه الحقيقيّ. لذلك، شجِّعه على تجربة أنشطة مختلفة باعتبارها فرصة للتعلّم.    عزِّز نموّه العقليّ عزِّز نموّ طفلك العقليّ بالتأكيد على أهمّيّة الجهد والمثابرة والمرونة، وعلّمه أنّ الموهبة ليست ثابتة، وإنّما يجب تطويرها بالعمل الجاد. بالإضافة إلى ذلك، شجِّعه على قبول التحدّيات فرصةً للنموّ والتعلّم.   اطلب التوجيه والإرشاد  لا تتردّد في طلب التوجيهات من المعلّمين، أو المدرِّبين، أو الموجِّهين، أو غيرهم من البالغين الموثوقين الذين يتفاعلون مع طفلك. قد تقدِّم الآراء الخاصّة بهم قيمة حول نقاط قوّة طفلك ومجالات التحسين والمواهب المحتملة التي قد لا تلاحظها.    اتبَع قيادتهم  دع طفلك يأخذ زمام المبادرة في استكشاف اهتماماته ومواهبه بدعم رحلته بالحبّ والتشجيع. وتذكّر أنّ اكتشاف شغفه في النهاية تجربة شخصيّة ومفيدة لك ولطفلك.    كيف تعزِّز موهبة طفلك بعد اكتشافها؟  بعد اكتشاف موهبة طفلك، من المهمّ أن توفِّر له الفرص والدعم لتعزيز مهاراته وتطويرها أكثر. إليك أهمّ الوسائل التي يمكنك بها رعاية موهبة طفلك وصقلها:    الاستثمار في التعليم والتدريب الجيّد  سجّل طفلك في الفصول الدراسيّة، أو ورش العمل، أو البرامج التي تناسب موهبته، سواء أكان الأمر يتعلّق بدروس الموسيقى أم الفنون أم المهارات الرياضيّة، فالاستثمار في التعليم الرسميّ والتدريب يمكن أن يوفِّر لطفلك التوجيه الذي يحتاج إليه لتحسين مهاراته.    تشجيع الممارسة والمثابرة  الموهبة وحدها لا تكفي. لذلك، فالممارسة المستمرّة والمثابرة هما مفتاحا الإتقان. شجِّع طفلك على التدرّب بانتظام ووضع أهداف قابلة للتحقيق لتتبّع تقدّمه، وعلِّمه قيمة المثابرة والمرونة في مواجهة التحدّيات والعقبات.    تشجيع التعلّم متعدِّد التخصّصات  شجِّع طفلك على استكشاف الروابط بين موهبته ومجالات التعلّم الأخرى. على سبيل المثال، قد يفيد الفنان الناشئ من التعرّف إلى تاريخ الفن، بينما يمكن للموسيقي الشاب اكتشاف نظريّة متعلّقة بالنغمات والتأليف. وكذلك طفلك، حيث يمكن للتعلّم متعدّد التخصّصات أن يعمِّق فهمه وتقديره مهنته.    * * * في الختام، يعدّ اكتشاف موهبة طفلك رحلة مليئة بالمغامرات والتجارب الثريّة لك ولطفلك، وبتوفير فرص استكشاف الأنشطة المختلفة لطفلك، وتقديم الدعم والموارد، ورعاية نموّه العقليّ، يمكنك مساعدته في إطلاق العنان لإمكاناته الكامنة بداخله ووضعه على الطريق نحو مستقبلٍ ناجح. قبل كلّ شيء، تقبّل هذه العمليّة واستمتع بتفاصيلها واحتفل بالمزايا الفريدة التي تجعل طفلك مميّزًا عن الآخرين.    المراجع https://www.wikihow.com/Discover-Your-Child%27s-Abilities  

أهمّيّة اللعب في الهواء الطلق: تعزيز صحّة الأطفال البدنيّة والعقليّة

في الوقت الذي أصبحت الشاشات فيه المهيمن الرئيس على أنشطة الطفل، أصبح لا بدّ من إيجاد مساحة من الوقت يمارس فيها الطفل أنشطة جديدة في الهواء الطلق. فاللعب الخارجيّ ليس مجرّد وسيلة للتسلية، بل هو أمر أساسيّ للنموّ الشامل لطفلك ورعاية صحّته الجسديّة والعقليّة والعاطفيّة. فمن تسلُّق الأشجار إلى اللعب بالكرة وغيرها، توفِّر الأماكن الخارجيّة الرائعة عددًا لا يحصى من الفرص للاستكشاف والإبداع والنموّ. في هذا المقال، نتعمّق في الدور المحوريّ للعب في الهواء الطلق في تعزيز صحّة طفلك وسعادته.    أهمّيّة اللعب في الهواء الطلق للطفل تؤدّي الأنشطة الخارجيّة دورًا أساسيًّا في تحقيق رفاهية الطفل الصحّيّة من النواحي الجسديّة والعقليّة والنفسيّة. إليك أهمّ الأسباب التي تجعل اللعب في الهواء الطلق ضرورة لا بدّ منها:    الصحّة البدنيّة  من أبرز فوائد اللعب في الهواء الطلق التأثير الإيجابيّ في صحّة الأطفال البدنيّة، حيث توفِّر البيئات الخارجيّة مساحة واسعة للأطفال للتحرّك والجري والقفز والمشاركة في الأنشطة البدنيّة المختلفة. فاللعب في الهواء الطلق يشجِّع الطفل على التحرّك بنشاط، ويعزِّز صحّة قلبه وأوعيته الدمويّة وقوّة عضلاته، سواء أكان الأمر يتعلّق بركوب الدرّاجة أم اللعب أم مجرّد الركض في الحقل. علاوة على ذلك، يسهم التعرّض لأشعة الشمس الطبيعيّة في الحصول على كمّيّة كافية من فيتامين "د" الضروريّ لصحّة العظام وتقوية الجهاز المناعيّ.     الصحّة العقليّة  بالإضافة إلى مزاياه البدنيّة، يُعدّ اللعب في الهواء الطلق نشاطًا في غاية الأهمّيّة لتعزيز صحّة الأطفال العقليّة، حيث ثبت أنّ الوقت الذي يقضيه الطفل في الطبيعة يقلّل من التوتّر والقلق وأعراض الاكتئاب. يساعد التأثير المهدِّئ للمحيط الطبيعيّ على تخفيف التعب العقليّ؛ ممّا يسمح للأطفال بالاسترخاء وإعادة شحن طاقتهم وسط الجمال الطبيعيّ الهادئ.  علاوة على ذلك، يعزِّز اللعب في الهواء الطلق الإبداع والخيال، على عكس البيئات الداخليّة التي غالبًا ما تأتي بقواعد وقيود محدّدة. توفِّر الأماكن الخارجيّة الرائعة مساحة واسعة للأطفال للاستكشاف وإنشاء مغامراتهم الخاصّة، سواء كان ذلك بناء مجسّمات صغيرة بالحجارة، أم الحفر في التراب، أم لعب دور المستكشف؛ ممّا يخلق فرصًا لا حصر لها لتحفيز التفكير الخياليّ ومهارات حلّ المشكلات.    المهارات الاجتماعيّة  بالإضافة إلى فوائده الفرديّة، يساعد اللعب في الهواء الطلق في تنمية مهارات الطفل الاجتماعيّة، حيث توفِّر البيئات الخارجيّة فرصًا للأطفال للتفاعل والتعاون مع أقرانهم في مساحات غير محكومة بقيود. يتعلّم الطفل، باللعب وتبادل الخبرات ومشاركة النشاطات، مهارات اجتماعيّة قيِّمة. علاوة على ذلك، يشجِّع اللعب في الهواء الطلق على الاستقلاليّة والمرونة، لأنّ التغلّب على التحدّيات الجسديّة، والتحدّيات التي تترافق مع الأنشطة الخارجيّة يساعد الطفل على تنمية الثقة في قدراته والشعور باستقلاليّته.    التطوّر المعرفيّ  يحفِّز اللعب الخارجيّ التطوّر المعرفيّ للطفل، وذلك بإشراكه في تجارب تثري حواسه، من مشاهدة الألوان المتغيّرة للأوراق، والاستماع إلى أصوات الطبيعة، إلى لمس الأسطح المختلفة. توفِّر البيئات الخارجيّة فرصًا لا حصر لها للاستكشاف، بحيث تعمل على تعزيز مهارات الإدراك والوعي المكانيّ وفهم العالم من حولهم.    التنظيم العاطفيّ  يرتبط قضاء الوقت في الهواء الطلق بتحسين التنظيم العاطفيّ لدى الأطفال، حيث توفِّر الطبيعة تأثيرًا مهدِّئًا ومستقرًّا؛ ممّا يساعد الأطفال على التحكّم بالتوتّر والقلق والمشاعر المتقلّبة. يتيح اللعب في الهواء الطلق للأطفال إطلاق الطاقة المكبوتة بطريقة إيجابيّة وطبيعيّة؛ ممّا يعزِّز شعورهم بالراحة والمرونة العاطفيّة.   تعزيز الأداء الأكاديميّ تشير الأبحاث إلى أنّ اللعب في الهواء الطلق يمكن أن يكون له تأثير إيجابيّ في الأداء الأكاديميّ، وذلك لارتباط الطبيعة بتحسين مدى الانتباه والتركيز والذاكرة. فالموازنة بين الوقت الأكاديميّ ووقت النشاطات الخارجيّة للطفل يعزِّز حبّ الطفل للتعلّم، لأنّه يدرك أنّ لكلّ واجب ينجزه هناك وقت من المتعة سيحصل عليه.  في عالم يتّسم بالتقدّم التكنولوجيّ وأنماط الحياة المستقرّة، لا يمكن التأكيد بما يكفي على أهمّيّة اللعب في الهواء الطلق في تعزيز صحّة الأطفال ورفاههم، من تعزيز اللياقة البدنيّة إلى تعزيز المرونة العقليّة، وتعزيز المهارات الاجتماعيّة.   * * * يقدِّم اللعب في الهواء الطلق نهجًا شاملًا لتنمية الطفل. فبتسهيل الفرص أمام طفلك للمشاركة في الأنشطة الخارجيّة، تسهم في تحقيق سعادته وصحّته، وتزرع بداخله حبّ المعرفة تجاه العالم الطبيعيّ. لذلك، شجِّع طفلك على الخروج واستنشاق الهواء النقيّ وخوض مغامرات تثرِ عقله وجسده وروحه.     المراجع https://wohum.org/the-benefits-of-nature-play-how-outdoor-exploration-helps-children-thrive/?gad_source=1&gclid=Cj0KCQjwqpSwBhClARIsADlZ_Tn0w9NwEcWi0L8N6WeDzSMQ2Hqn1q1ub1cFi5_Voydu-PuJ_3-A3fYaArjNEALw_wcB