والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

أهمّ العادات التي يجب تعليمها لطفلك في السنوات الأولى

تُعرف المرحلة الممتدّة من الولادة وحتّى سنّ السادسة غالبًا بـ "السنوات التأسيسيّة"، وليس في هذا الوصف مبالغة، بل هو علامة على أهمّيّتها الفريدة. ففي هذه السنوات تتسارع وتيرة نموّ دماغ الطفل على نحو مدهش، مُشكّلة شبكات عصبيّة معقّدة ترسم ملامح تفكيره، وتُحدّد سلوكيّاته، وتصقل تفاعله مع العالم من حوله. يمكننا أن نطلق على هذه السنوات الفترة الذهبيّة؛ فهي الوقت المثاليّ الذي يُمكن فيه غرس بذور العادات الإيجابيّة التي ستنمو لتُشكّل شخصيّته، وتُرسي دعائم قيمه، وتمهّد طريقه نحو حياة مزدهرة.  فالطفل في هذه المرحلة أرض خصبة تستجيب سريعًا لما يُزرع فيها، والعادات التي يكتسبها الآن تميل إلى الثبات والرسوخ مع مرور الوقت. لذا، فإنّ ما يُقدّمه الوالدان من توجيه وتربية في هذه السنوات ليس مجرّد تأثير عابر، بل استثمار طويل الأمد، يُثمر في تحصيله الدراسيّ، وفي قدرته على بناء علاقات صحّيّة، وفي مواجهته لتحدّيات الحياة. وفي السطور الآتية، نسلّط الضوء على أبرز العادات التي يجدر بكلّ أب وأمّ ومربٍّ أن يُنمّيها في نفس طفله منذ نعومة أظفاره.    أهمّ العادات التي يجب تعليمها للطفل في السنوات الأولى  الاحترام واللطف  يُعدّ تعليم الأطفال احترام الآخرين والتعامل بلطف معهم، من القيم الأساسيّة التي تُسهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعيّة في وقت مبكّر. ويبدأ هذا التعلّم من خلال الملاحظة، فالطفل يتأثّر بسلوك من حوله، ويتعلّم كيف يتعامل مع الآخرين برؤية والديه ومقدّمي الرعاية وهم يتحدّثون بلطف، ويتشاركون، ويُظهرون تفهّمهم للغير.  طرق تعزيز هذه العادة:  - شجّع استخدام العبارات المهذّبة مثل "من فضلك"، و"شكرًا"، و"عذرًا"، واجعلها جزءًا من الحديث اليوميّ.  - قدّر التصرّفات الإيجابيّة، كأن يساعد الطفل أحد أفراد الأسرة، أو يُظهر تعاطفه في موقف ما.  - علّمه أن يُعبّر عن مشاعره بطريقة محترمة، وأن يستمع للآخرين من دون أن يُقاطعهم أو يسيء إليهم.  - اقرأ له كتبًا تتناول موضوعات عن التعاون واللطف، وناقش معه تصرّفات الشخصيّات وما يمكن تعلّمه منها.  بناء هذه العادة يحتاج إلى توجيه مستمرّ، ومواقف واقعيّة يتعلّم منها الطفل بالتجربة والملاحظة.    النظافة الشخصيّة  لا تقتصر أهمّيّة النظافة على الحفاظ على الصحّة البدنيّة، بل تمتدّ إلى تعلّم الطفل العناية بنفسه، وتُعزّز شعوره بالمسؤوليّة تجاه جسده. كلّما بدأ الطفل في ممارسة عادات النظافة في سنّ مبكّرة، أصبحت جزءًا طبيعيًّا من يومه، لا سيّما مع اقتراب دخوله إلى بيئة مدرسيّة أكثر استقلالًا.  عادات النظافة التي ينبغي غرسها:  - تنظيف الأسنان صباحًا ومساءً.  - غسل اليدين جيّدًا قبل تناول الطعام وبعد استخدام الحمّام.  - الاستحمام بانتظام، والتدرّب على تنظيف الجسم والاهتمام بالمظهر الشخصيّ.  - تغطية الفم عند العطس أو السعال، للوقاية من انتقال العدوى.    تعليم النظافة لا يجب أن يكون صارمًا أو مملًّا، إذ يمكن تحويله إلى نشاط ممتع باستخدام أناشيد الأطفال، أو الرسوم الملوّنة، أو القصص التي تساعد الطفل على فهم السلوك وتذكّره بسهولة.    المسؤوليّة والتنظيم  على الرغم من أنّ قيام الأهل بأداء المهامّ نيابة عن أطفالهم قد يبدو أسرع وأسهل، إلّا أنّ السماح لهم بتحمّل بعض المسؤوليّات اليوميّة يُنمّي لديهم حسّ الاستقلال، ويُشجّعهم على المشاركة في محيطهم بطريقة إيجابيّة.  خطوات عمليّة لبناء هذه العادة:  - اجعل ترتيب الألعاب بعد وقت اللعب جزءًا من الروتين اليوميّ.  - شارك الطفل في مهامّ بسيطة، مثل ترتيب المائدة أو سقي النباتات.  - استخدم التعزيز الإيجابيّ، مثل الثناء أو وضع ملصقات تشجيعيّة عند إتمام المهامّ.  - أنشئ مخطّطًا بصريًّا يُظهر المهامّ اليوميّة بشكل واضح وسهل التتبّع.    بهذه الخطوات، يبدأ الطفل في فهم أهمّيّة النظام والتعاون، ما يُمهّد لبناء سلوك منظّم وأخلاقيّات عمل قويّة مع مرور الوقت.    العادات الغذائيّة الصحّيّة  تتشكّل علاقة الطفل بالطعام بما يراه ويختبره في المنزل. غرس عادات غذائيّة متوازنة منذ البداية لا يساعد فقط على النموّ السليم، بل يقلّل من احتماليّة ظهور مشكلات غذائيّة في المستقبل، مثل الانتقائيّة أو الاعتماد على الأطعمة غير الصحّيّة.  عادات غذائيّة يُستحسن ترسيخها:  - تناول الفواكه والخضروات المتنوّعة ضمن الوجبات اليوميّة.  - اختيار الماء مشروبًا أساسيًّا، بدلًا من العصائر والمشروبات المحلّاة.  - الأكل ببطء، والانتباه إلى الشعور بالشبع من دون الحاجة إلى الإفراط.  - الجلوس على المائدة أثناء تناول الطعام، بعيدًا عن الشاشات والمشتّتات.    إشراك الطفل في تحضير بعض الوجبات البسيطة أو اختيار مكوّنات الطعام، يعزّز حماسه لتجربة أطعمة جديدة، ويُقرّبه من مفاهيم التغذية الصحّيّة بشكل عمليّ وممتع.    النشاط البدنيّ المنتظم  الحركة اليوميّة ضروريّة لنموّ الطفل الجسديّ وتطوّره الحركيّ، كما تسهم بشكل كبير في تحسين حالته النفسيّة. عندما يصبح النشاط البدنيّ جزءًا من روتين الطفل، تترسّخ لديه عادة الحركة والرياضة لتصبح وسيلة للتعبير عن الطاقة والتخفيف من التوتّر.  طرق دمج الحركة في الحياة اليوميّة:  - خصّص وقتًا يوميًّا للعب في الخارج، سواء كان ذلك بالجري، أو ركوب الدرّاجة، أو التسلّق، أو حتّى الرقص.  - في الأيّام التي يصعب فيها الخروج، ابتكر ألعابًا حركيّة داخل المنزل، تُبقي الطفل نشيطًا ومتحمّسًا.  - شارك الطفل في أنشطة بسيطة، مثل المشي أو تمارين التمدّد، أو حتّى اليوغا المناسبة للأطفال.    الحدّ من وقت الشاشة مقابل تعزيز اللعب الحركيّ يساعد في تطوير التوازن، والقوّة الجسديّة، والقدرة على تنظيم الطاقة.    الوعي العاطفيّ والتعبير عنه  لكي يتعامل الطفل مع مشاعره بطريقة صحّيّة، يحتاج إلى من يعلّمه كيف يلاحظ هذه المشاعر ويسمّيها ويفهمها. تطوير هذا الوعي يُعدّ خطوة أساسيّة نحو بناء علاقات متوازنة وإدارة الانفعالات.  خطوات لتعزيز الذكاء العاطفيّ:  - سمِّ المشاعر عندما يمرّ فيها طفلك: "يبدو أنّك محبط لأنّ اللعبة كُسرت".  - علّمه طرقًا لتهدئة نفسه، مثل التنفّس العميق أو العدّ ببطء.  - شجّعه على التعبير بالكلمات عمّا يشعر به، بدلًا من الغضب أو البكاء.  - تقبّل مشاعره من دون الحاجة إلى تغيير الموقف فورًا، فالاعتراف بوجود المشاعر يُشعر الطفل بالأمان.    المقصود ليس إخفاء المشاعر، بل فهمها والتعامل معها بطريقة مناسبة.    الاستماع واتّباع التوجيهات  الاستماع مهارة أساسيّة يتعلّم بها الطفل فهم الآخرين، وتلقّي التعليمات، والتفاعل مع البيئة من حوله. غرس هذه المهارة في سنّ مبكّرة يدعم نموّه الأكاديميّ والاجتماعيّ.  نصائح لبناء مهارات الاستماع:  - قبل إعطاء التعليمات، احرص على التواصل البصريّ مع الطفل، ولفت انتباهه بالنداء على اسمه.  - اجعل التعليمات واضحة ومناسبة لعمره، مع كلمات بسيطة ومباشرة.  - اطلب منه تكرار ما سمعه لضمان فهمه، وشجّعه على طرح الأسئلة إن لزم الأمر.  - امدحه عندما يُظهر انتباهًا جيّدًا، أو ينفّذ التوجيهات بدقّة.    الصبر والاتّساق في التوجيه يساعدان على ترسيخ هذه المهارة بشكل طبيعيّ في الحياة اليوميّة.  القراءة وحبّ التعلّم  يبدأ حبّ التعلّم من البيت، لا من المدرسة. ومن أبسط الطرق لترسيخ هذا الحبّ، جعل القراءة جزءًا من الروتين اليوميّ. فالقراءة لا تنمّي المفردات والخيال فقط، بل تعزّز التركيز والتفكير.  وسائل لتعزيز حبّ القراءة:  - اقرأ مع طفلك بصوت عالٍ يوميًّا، ولو لبضع دقائق.  - اترك له حرّيّة اختيار الكتب التي يحبّها، حتّى يشعر بالاهتمام والمشاركة.  - زُر المكتبات أو شارك في أنشطة مرتبطة بالقراءة.  - اطرح عليه أسئلة عن القصّة لتشجيعه على التفكير والتفاعل.    الطفل الذي يرى التعلّم ممتعًا ومتاحًا في حياته اليوميّة، سيكون أكثر استعدادًا للتعلّم والانفتاح على المعرفة مستقبلًا.    الامتنان والنظرة الإيجابيّة  تعليم الطفل تقدير ما لديه يُساعده في تكوين نظرة أكثر اتّزانًا نحو الحياة، ويقلّل من التذمر والشعور المستمرّ بالحاجة. كما إنّ تعليم الطفل الامتنان لا يقتصر على توجيهه لشكر الآخرين، بل هو أيضًا مدخل لغرس قيمة دينيّة عميقة: شكر اللّه على النعم. فحين يعتاد الطفل على ملاحظة الخير في يومه، ويتعلّم أنّ كلّ نعمة، كبيرة كانت أو صغيرة، فضل من اللّه، يترسّخ لديه شعور بالرضا، وتقلّ شكواه، ويزداد تقديره لما يملكه.  فالشكر ليس فقط خُلقًا محمودًا، بل سببًا في دوام النعم وزيادتها، قال تعالى: "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".    حلّ المشكلات والصبر  ليس من الضروريّ أن يتدخّل الأهل في حلّ كلّ عقبة يواجهها الطفل. من المفيد أحيانًا ترك مساحة له ليُجرّب بنفسه، حتّى يتعلّم التفكير والمثابرة وتحمّل الإحباط.  كيف تُشجّع طفلك على حلّ المشكلات؟  - اطرح أسئلة تساعده على التفكير: "ما الحلّ الذي يخطر في بالك؟".  - أفسح له المجال ليُجرّب، حتّى لو استغرق وقتًا أطول في إيجاد الحلّ.  - شجّعه على المحاولة من جديد عند الفشل، بدلًا من تقديم الحلّ مباشرة.    هذه التجارب البسيطة تُنمّي قدرته على اتّخاذ القرار، وتُعلّمه أنّ الصبر والتفكير يؤدّيان إلى نتائج أفضل.    ***  لا تقوم تربية الطفل على السعي للكمال، بل على الوعي والنيّة الصادقة. حين يحرص الوالدان على غرس عادات صحّيّة وسليمة في سنوات الطفولة المبكّرة، فإنّهما يبنيان أساسًا متينًا لحياة تُصاحبها الثقة بالنفس، والقدرة على التفاعل بتعاطف، والانضباط في السلوك، وحبّ الاستكشاف والتعلّم.  هذه العادات لا تتطلّب إمكانيّات كبيرة، ولا نظامًا مثاليًّا، بل تعتمد على الاستمراريّة والهدوء والقدوة اليوميّة في بيئة آمنة ومشجّعة.  تذكّر أنّ الأطفال ينظرون قبل أن يسمعوا، ويقلّدون قبل أن يفهموا. لذلك، فتصرّفاتك اليوميّة، حتّى البسيطة منها، أوّل دروسهم، وأكثرها رسوخًا. قد تبدو بعض العادات التي تُعلَّم في الطفولة صغيرة في ظاهرها، لكنّها تترك أثرًا عميقًا يستمرّ مدى الحياة، ويُسهم في تكوين شخصيّة متّزنة، وسلوك إيجابيّ، وصحّة نفسيّة مستقرّة.  التربية رحلة، والعادات الطيّبة فيها بمثابة البذور التي تنبت مع الأيّام، فاختر ما تزرع، وامنحه وقتًا، وسترى الثمار بإذن اللّه.    المراجع  https://hudhuduae.com/%D8%A3%D9%87%D9%85-%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/  https://www.sayidaty.net/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1793434-%D8%A3%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D9%85%D8%B9-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89  https://www.smartivity.in/blogs/future-makers/7-healthy-habits-to-teach-your-kids-in-2024?srsltid=AfmBOopxxs71pzqjGvIwTWMa02Adn6UEbBcmQUI3Lm6ieS6eiRoC2YzV  https://www.footprintseducation.in/blog/essential-healthy-habits-every-child-should-learn/ 

كيف أعالج أعراض الخوف عند الأطفال؟

يعدّ الخوف شعورًا طبيعيًّا وشائعًا في مرحلة النموّ، يساعد الأطفال في التعامل مع العالم، ويحميهم من الأذى. يعمد الآباء والأمّهات إلى توليد الخوف من بعض الأمور لدى أطفالهم، مثل عبور الطريق، والغرباء، والحيوانات الضالّة، وفي هذه الحالة يعتبر الخوف مفيدًا، لأنّه يساعد في حماية الطفل من الأذى. ومع ذلك، يمكن أن يخاف الطفل من المواقف أو الأشياء التي لا تشكّل تهديدًا، أو أن تصبح مشاعر الخوف مفرطةً لديه، وفي هذه الحالة يمكن أن تؤثّر في حياته، وتهدّد رفاهيّته العامّة.  لذا، من الضروريّ التفريق بين الخوف الطبيعيّ والخوف غير الطبيعيّ عند الأطفال.    أسباب الخوف عند الأطفال  يعدّ خوف الأطفال أمرًا طبيعيًّا، ولكنّ بعضهم يخافون أكثر من غيرهم. تتعدّد أسباب ذلك، من بينها:  - العوامل الوراثيّة: بعض الأطفال يولدون أكثر حساسيّةً للخوف من أقرانهم.   - الأب والأمّ: يتعلّم الأبناء كيف يتصرّفون بمشاهدة والديهم، فإذا كان أحدهما يعاني خوفًا ما، فإنّ ذلك قد ينتقل إلى أبنائهم.  - الحماية الزائدة للطفل: والتي تجعل الطفل الذي يحظى بحمايةٍ مفرطةٍ، أكثر عرضةً للشعور بالقلق والخوف.  - التجارب السلبيّة: تؤدّي التجارب السلبيّة، مثل انفصال الوالدين أو إصابة الطفل، إلى زيادة قابليّته للشعور بالخوف.    كيف أعرف أنّ طفلي يعاني الخوف الزائد  تتعدّد المؤشّرات التي تدلّ على معاناة الطفل الخوف، والتي تعدّ جرس إنذارٍ للوالدين، وهي:  - مؤشّراتٌ جسمانيّة: مثل اضطرابات الجهاز الهضميّ، وآلام الرأس، ومشاكل التنفّس.  - مؤشّراتٌ نفسيّة: مثل سرعة الغضب، وقلّة الثقة بالنفس، والحزن.  - مؤشّراتٌ سلوكيّة: مثل العلامات الدراسيّة المتدنّية، والتصرّف بعدائيّة، والتمسّك بالنوم مع الوالدين.    أنواع الخوف بحسب عمر الطفل - الخوف عند الرضّع: عندما يصل الرضيع إلى عمر 6 أو 7 أشهر، فإنّه يكوّن ارتباطًا قويًّا بأشخاصٍ بعينهم، مثل والديه أو مقدّمي الرعاية، إذ يمكنه التعرّف إلى وجوههم. فيتسبّب انفصاله عنهم، حتّى لفتراتٍ وجيزةٍ، خوفًا كبيرًا. كما يحبّ الرضّع أن يتواجدوا بصحبة هؤلاء الأشخاص ليشعروا بالأمان، بل ويطوّرون خوفًا من وجوه الغرباء، ولكنّهم يتجاوزونه بمرور الوقت.  - الخوف عند الأطفال من عمر 10 شهور إلى سنتين: يبدأ الأطفال في هذا العمر في الذهاب إلى الحضانة، ما يجعلهم يشعرون بالخوف من الانفصال عن الوالدين، ومن أن يتركوهم وحيدين وقت النوم.  - الخوف عند الأطفال من عمر 4 إلى 6 سنوات: تنمو قدرة الأطفال في هذا العمر على التخيّل، لكنّهم لا يستطيعون التفريق بين الحقيقيّ وغير الحقيقيّ. تبدو لهم الوحوش التي يتخيّلونها حقيقيّةً، ويخافون من الكائنات المرعبة تحت السرير أو داخل خزانة الملابس، إلى جانب خوفهم من الظلام ووقت النوم والكوابيس. كما قد يخافون من الأصوات العالية، مثل صوت الرعد والألعاب الناريّة.  - الخوف عند الأطفال من عمر 7 سنوات فأكثر: في هذا العمر يبدأ الأطفال بالخوف من أمورٍ أكثر واقعيّةً، فقد يخافون من التعرّض للأذى على يد الأشخاص السيّئين، أو من الكوارث الطبيعية، أو الطقس العاصف، أو العنف، أو الجرائم التي تعرضها وسائل الإعلام، وقد يقلق بعضهم من انفصال الوالدين، أو فقدان أحد أفراد الأسرة.  - الخوف عند الأطفال في عمر ما قبل المراهقة والمراهقة: تختلف مخاوف الأطفال في هذا العمر بشكلٍ كبيرٍ، وتأخذ معظمها شكل مخاوف اجتماعيّةٍ من عالم المدرسة والصداقات الذي أصبح يشكّل جزءًا أكبر من حياتهم. كما قد يشعرون بالتوتّر بسبب الواجبات المدرسيّة، والمعدّل الدراسيّ، والأداء الأكاديميّ، وقد يقلقون كثيرًا بشأن مظهرهم، أو تقبّل أقرانهم لهم، أو تعرّضهم إلى التنمّر. ومع ذلك، تتركّز بعض مخاوف هذه المرحلة العمريّة حول قضايا أكبر، مثل المناخ والظلم وتحقيق العدالة.    كيف نعالج مشكلة الخوف عند الأطفال؟  - ساعد طفلك في التعوّد على الأشخاص الجدد، دعهم يقتربون منه وأنت تحمله ليشعر بالأمان، ومع الوقت لن يخاف من هؤلاء الأشخاص.  - عندما يكبر طفلك تعلّم كيف تحاوره وتنصت إليه باهتمامٍ، وساعده في صياغة مشاعره في كلماتٍ، واجعله يجرّب أشياء جديدةً وأنت معه، ليشعر بالأمان.  - ابدأ في تعويد طفلك على أن يكون بعيدًا عنك لأوقاتٍ قصيرةٍ في البداية، فعندما تحتاج إلى تركه لبعض الوقت، أخبره أنّك ستعود، وعانقه وابتسم قبل أن تذهب. بهذا سيعلم أنّك ستعود عندما تتركه، ما سيجعله أقلّ خوفًا من الانفصال.  - إذا كان طفلك يخاف من الظلام، حدّد له روتينًا يهدّئه وقت النوم؛ اقرأ له قصّةً، أو غنِّ له أغنيةً. سيجعله هذا يشعر بالأمان والحبّ.  - ساعد طفلك على مواجهة مخاوفه بالتدريج. اصنع قائمةً بالمخاوف، ورتّبها من الأسهل إلى الأصعب من حيث التعامل معها، وابدأ بالأسهل. على سبيل المثال، انزل معه تحت السرير لتريه أنّ لا وحوش هناك، إذ يمنحه وجودك الدعم النفسيّ الذي يحتاج إليه، ليدرك أنّه لا يوجد ما يخشاه، وشجّعه عندما يواجه مخاوفه.  - تحكّم بالصور أو الأفلام أو الموادّ المخيفة التي يشاهدها الطفل، والتي يمكن أن تسبّب له المخاوف.  - امتنع عن استخدام التخويف أداةً لجعل الطفل يحسن التصرّف، فهذا خطأٌ كبيرٌ يقع فيه الكثير من الآباء والأمّهات، إذ يغرسون الخوف في نفس الطفل من دون الانتباه إلى ذلك، مثل أن تخبره أنّك ستجعل وحشًا يأتي ليلتهمه، أو ستجعل الطبيب يحقنه بالإبرة إذا لم يكمل طعامه، أو ينجز فرضه المدرسيّ. هذه الطريقة تتسبّب في مخاوف يصعب التخلّص منها لاحقًا.   - ساعد ابنك في سنّ المدرسة في تعلّم الاستعداد للتحدّيات، مثل الاختبارات المدرسيّة، أو قراءة الفروض أمام الفصل، وكرّر له أنّك تثق في قدرته على النجاح.  - امدح طفلك وكافئه عندما ينجح في مواجهة موقفٍ يخافه، سيساعده هذا على معرفة أنّه يمكنه تجاوز خوفه.  - لا تعزّز مشاعر الخوف عند طفلك، فإذا كان يخاف من الكلاب، لا تتعمّد المرور بقربها عندما يكون معك، بذلك أنت تؤكّد له أنّ التصرّف الصحيح هو تجنّب ما يخافه. كلّ ما عليك فعله هو البقاء هادئًا عند التعامل مع الأمر الذي يخيف طفلك، وطمأنته أنّك بجانبه، وأنّه لا يوجد ما يؤذيه هنا.    متى تطلب مساعدةً احترافيّةً لعلاج الخوف عند طفلك؟  يحتاج بعض الأطفال إلى مزيدٍ من المساعدة في التعامل مع مخاوفهم التي تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعيّة، الأمر الذي يستدعي الحصول على مساعدةٍ احترافيّة. من العلامات التي تدلّل على حاجة طفلك إلى تدخّلٍ متخصّص:  - استمرار المخاوف المميّزة لمرحلةٍ عمريّةٍ معيّنةٍ، بعد تجاوز الطفل لها.   الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة، أو النوم بمفرده، أو مقاومة الابتعاد عن الوالدين.  - تحدّث الطفل باستمرارٍ عن أمرٍ يخيفه، حتّى من دون وجود أيّ محفّزٍ، مثل الخوف من طبيب الأسنان من دون أن تكون هناك زيارةٌ قريبة.  - الإصابة بنوبات هلع.    تذكّر دائمًا أنه ليس هناك ما يعيب في اصطحاب طفلك إلى أخصائيٍّ أو طبيبٍ نفسيٍّ، قبل أن تخرج مخاوفه عن السيطرة، وتفسد عليه حياته المستقبليّة.    المراجع https://kidshealth.org/en/parents/anxiety.html  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/fear-and-anxiety-children  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-9172 

هل يحتاج الطفل إلى مكمّلات غذائيّة

بصفتنا آباء وأمّهات، فإنّ ضمان حصول أطفالنا على العناصر الغذائيّة المناسبة لنموّهم وتطوّرهم دائمًا أولويّة قصوى. منذ اللحظة الأولى التي يضع فيها الوالدان طفلهما بين أذرعهم، يبدأ شعورهم بالمسؤوليّة تجاهه والرغبة في حمايته بالنموّ، لا سيّما في ما يتعلّق بصحّته.   يوفّر النظام الغذائيّ المتوازن الغنيّ بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات والدهون الصحّيّة، معظم الفيتامينات والمعادن الأساسيّة التي يحتاج إليها الأطفال. ومع ذلك، مع تناول الطعام الانتقائيّ وحساسيّة الطعام والقيود الغذائيّة وأنماط الحياة المزدحمة، يتساءل العديد من الأهل: هل يحتاج طفلي إلى مكمّلات غذائيّة؟  تعتمد الإجابة على عوامل مختلفة، بما في ذلك جودة النظام الغذائيّ والعمر والحالات الطبّيّة والاحتياجات الغذائيّة الفرديّة. وبينما قد يستفيد بعض الأطفال من المكمّلات الغذائيّة، إلّا أنّه قد يحصل آخرون على جميع العناصر الغذائيّة الضروريّة من الطعام.   في هذا المقال، سوف نستكشف متى تكون المكمّلات الغذائيّة ضروريّة، وأيّها مفيد. كما سنناقش أفضل الطرق لضمان حصول طفلك على العناصر الغذائيّة التي يحتاج إليها للنموّ والصحّة المثلى.    متى يحتاج الأطفال إلى المكمّلات الغذائيّة؟  في حين يمكن لمعظم الأطفال الحصول على العناصر الغذائيّة الأساسيّة من الطعام، فقد تتطلّب بعض الحالات، المكمّلات الغذائيّة. في ما يأتي، الحالات التي قد تكون فيها المكمّلات الغذائيّة ضروريّة:  الأطفال الذين يصعب إرضاؤهم في تناول الطعام  يمرّ العديد من الأطفال الصغار في مراحل من الأكل الانتقائيّ، وهذا قد يؤدّي إلى نقص العناصر الغذائيّة. إذا رفض الطفل باستمرار الخضار أو منتجات الألبان أو الأطعمة الغنيّة بالبروتين، فقد يفتقر إلى الفيتامينات والمعادن الأساسيّة، مثل فيتامين د أو الحديد أو الكالسيوم.  الأطفال الذين يعانون من حساسيّة الطعام أو عدم تحمّله  قد يواجه الأطفال الذين يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، أو حساسيّة الألبان، أو عدم تحمّل الغلوتين، أو غير ذلك من القيود الغذائيّة، صعوبة في الحصول على ما يكفي من الكالسيوم أو فيتامين د أو فيتامينات ب من الطعام. في مثل هذه الحالات، يمكن أن تساعد المكمّلات الغذائيّة في سدّ الفجوات الغذائيّة التي حصلت بسبب هذه الاضطرابات.  الأنظمة الغذائيّة النباتيّة الصرفة*  قد تكون الأنظمة الغذائيّة القائمة على النباتات صحّيّة للأطفال، ولكنّها قد تفتقر إلى بعض العناصر الغذائيّة، مثل فيتامين ب 12 والحديد والزنك وأحماض أوميجا 3 الدهنيّة، والتي توجد بشكل أساسيّ في المنتجات الحيوانيّة. يجب على الأهل التفكير في الأطعمة المدعّمة أو المكمّلات الغذائيّة لتلبية هذه الاحتياجات.   * النظام الغذائيّ النباتيّ الصرف: هو الذي يقوم على عدم تناول اللحوم والدواجن والأسماك، وكلّ مشتقّات الحيوانات، بما فيها البيض ومنتجات الحليب والجيلاتين.    الحالات الطبّيّة أو ضعف الامتصاص  قد يعاني الأطفال المصابون باضطرابات الجهاز الهضميّ، مثل مرض الاضطرابات الهضميّة أو مرض كرون أو التليّف الكيسيّ، من صعوبة في امتصاص العناصر الغذائيّة، ما يجعل المكمّلات ضروريّة. بالإضافة إلى ذلك، قد يحتاج الأطفال الذين يتناولون بعض الأدوية (مثل مضادّات الاختلاج) إلى فيتامينات إضافيّة.  قلّة التعرّض إلى أشعّة الشمس (نقص فيتامين د)  فيتامين د ضروريّ لصحّة العظام ووظيفة المناعة، ويأتي في المقام الأوّل من التعرّض إلى أشعّة الشمس. قد يحتاج الأطفال الذين يعيشون في مناطق ذات ضوء شمس محدود، أو يقضون معظم وقتهم في الداخل، أو لديهم بشرة داكنة (ما يقلّل من تخليق فيتامين د) إلى مكمّلات فيتامين د.  الأطفال الخُدّج أو منخفضو الوزن عند الولادة  قد يحتاج الأطفال الخُدّج إلى الحديد والكالسيوم وفيتامين د الإضافيّ، لأنّهم يفتقدون نقل العناصر الغذائيّة أثناء الأسابيع الأخيرة من الحمل. غالبًا ما يوصي أطبّاء الأطفال بالمكمّلات الغذائيّة في مثل هذه الحالات.    ما المكمّلات الغذائيّة الآمنة والمفيدة للأطفال؟  إذا أُوصي للوالدين بتقديم المكمّلات الغذائيّة لطفلهما، فمن المهمّ اختيار خيارات آمنة ومناسبة. في الآتي بعض المكمّلات الغذائيّة الأكثر شيوعًا الموصى بها للأطفال:  الفيتامينات المتعدّدة Multi Vitamins  يمكن أن تساعد الفيتامينات المتعدّدة اليوميّة في تعويض النقص لبعض الفيتامينات لدى الأطفال الذين يتّبعون نظامًا غذائيًّا محدودًا. ومع ذلك، من الضروريّ اختيار الفيتامينات المتعدّدة المصمّمة للأطفال، مع جرعات مناسبة من الفيتامينات والمعادن الأساسيّة.  فيتامين د  توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال (AAP) بأن يحصل جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و18 عامًا على 600 وحدة دوليّة (وحدات دوليّة) من فيتامين د يوميًّا. إذا لم يحصل الطفل على ما يكفي من فيتامين د من الأطعمة المدعّمة أو أشعّة الشمس، فينصح بضرورة تناول المكمّلات الغذائيّة لفيتامين د.  الحديد  الحديد ضروريّ لنموّ الدماغ ومنع فقر الدم، إذ توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال بتقديم مكمّلات الحديد للأطفال الرضّع الذين تزيد أعمارهم عن 4 أشهر، والذين يرضعون رضاعة طبيعيّة حصريّة. قد يحتاج الأطفال الصغار والأطفال الأكبر سنًّا الذين يعانون من سوء التغذية أو فقر الدم إلى مكمّلات الحديد أيضًا.  أحماض أوميجا 3 الدهنيّة (DHA وEPA)  تدعم أحماض أوميجا 3 نموّ الدماغ والتركيز وصحّة القلب. قد يستفيد الأطفال الذين لا يتناولون الأسماك الدهنيّة (مثل السلمون أو التونة) من زيت السمك أو مكمّلات أوميجا 3 النباتيّة.  البروبيوتيك  تعزّز البروبيوتيك صحّة الأمعاء، وقد تساعد الأطفال الذين يعانون مشاكل في الجهاز الهضميّ، أو الاستخدام المتكرّر للمضادّات الحيويّة. يتواجد البروبيوتيك في الزبادي والأطعمة المخمّرة، ولكنّ المكمّلات الغذائيّة للبروبيوتيك متوفّرة أيضًا.  محاذير استخدام المكمّلات الغذائيّة لطفلك  إذا أوصى طبيب الأطفال بمكمّل غذائيّ، فمن المهمّ اختيار المكمّل الغذائيّ المناسب. وفي ما يأتي بعض العوامل الرئيسة التي تجب مراعاتها:  - اختيار المكمّلات الغذائيّة المناسبة للعمر: اختر دائمًا المكمّلات الغذائيّة التي تناسب الفئة العمريّة لطفلك، للتأكّد من حصوله على الجرعة الصحيحة.  - تجنّب الإضافات الصناعيّة: تأتي العديد من الفيتامينات المخصّصة للأطفال في أشكال حلوى قابلة للمضغ، ولكن بعضها يحتوي على كمّيّات عالية من السكّر والألوان الصناعيّة والإضافات غير الضروريّة. ابحث عن العلامات التجاريّة الطبيعيّة عالية الجودة.  - تحقّق من الاختبارات التي تجريها جهات خارجيّة معتمدة: تخضع العلامات التجاريّة المشهورة للمكمّلات الغذائيّة لاختبارات من جهات خارجيّة، للتأكّد من نقائها وجودتها. ابحث عن شهادات من منظّمات مثل USP (دستور الأدوية الأمريكيّ) أو NSF International.  - تجنّب الجرعات الزائدة: الأكثر ليس دائمًا أفضل. يمكن أن تكون بعض الفيتامينات (مثل الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون A وD وE وK) ضارّة بكمّيّات زائدة. التزم بالقيم اليوميّة الموصى بها، وتجنّب الجرعات الزائدة.    كيف تضمن حصول طفلك على ما يكفي من العناصر الغذائيّة عن طريق الطعام  بدلًا من الاعتماد على المكمّلات الغذائيّة، يمكن للوالدين التركيز على إنشاء نظام غذائيّ غنيّ بالعناصر الغذائيّة لطفلهما. وإليك الطريقة:  - قدّم طبقًا ملوّنًا: توفّر الفواكه والخضروات ذات الألوان المختلفة مجموعة متنوّعة من الفيتامينات ومضادّات الأكسدة. قطّعها بطريقة لافتة لنظر الطفل، تجعله يرغب أكثر بتذوّقها وتناولها.  - دمج الأطعمة الكاملة: قدّم الحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان (أو البدائل) والدهون الصحّيّة.  - حدّ من الأطعمة المصنّعة: غالبًا ما تفتقر الوجبات الخفيفة المصنّعة والوجبات السريعة إلى العناصر الغذائيّة الأساسيّة، وتحتوي على إضافات غير صحّيّة.  - شجّع الترطيب: الماء ضروريّ للهضم والصحّة العامّة، لذا شجّع طفلك على شرب الكثير منه.    ***  بالنسبة إلى معظم الأطفال، يوفّر النظام الغذائيّ المتوازن جميع العناصر الغذائيّة الأساسيّة التي يحتاجون إليها للنموّ والتطوّر الصحّيّ. ومع ذلك، فإنّ بعض الحالات للأطفال، مثل الطعام الانتقائيّ والاضطرابات الغذائيّة مختلفة الأسباب، تتطلّب تناول الطفل مكمّلات غذائيّة لتساعده في التمتّع بصحّة جيّدة.   لكن من المهمّ أن تدرك قبل إعطاء طفلك أيّ مكمّل غذائيّ، أنّه تجب استشارة طبيب الأطفال لتحديد ما إذا كان ذلك ضروريًّا. لا ينبغي للمكمّلات الغذائيّة أن تحلّ محلّ النظام الغذائيّ الصحّيّ أبدًا، بل تعمل نسخة احتياطيّة عندما يكون المدخول الغذائيّ غير كافٍ.    المراجع https://www.eatright.org/health/essential-nutrients/supplements/does-my-child-need-a-supplement  https://www.nhs.uk/conditions/baby/weaning-and-feeding/vitamins-for-children/  https://health.clevelandclinic.org/multivitamin-for-kids  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%83%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B0%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-2224 

معاقبة الأطفال: كيف أعاقب طفلي؟

هل ينمّي العقاب المسؤوليّة الذاتيّة لدى أطفالنا؟   تأديب الأطفال أحد أصعب جوانب تربية الأبناء، لأنّه يُعنى في تعليم الطفل تحمّل المسؤوليّة والتحكّم في الذات. فمن الطبيعيّ أن يرغب الوالدان في تصحيح سلوك طفلهم بسرعة عندما يسيء التصرّف. ومع ذلك، فإنّ العقاب يمكن أن يؤدّي إلى عواقب غير مقصودة، مثل الاستياء أو الخوف أو توتّر العلاقة بين الوالدين والطفل، إذا لم يتمّ التعامل معه بعناية. فقد يفقد بعض الآباء أعصابهم، ويعاقبون الأطفال بطرق غير صحيحة تأتي بنتائج عكسيّة، بل وسلبيّة على الأطفال إلى الحدّ الذي قد تطال معه احترام الطفل لذاته وثقته بنفسه. يتعلّق التأديب الفعّال بالتعليم، وليس فقط بالعقاب، وينبغي أن يوجّه الأطفال نحو فهم الفرق بين الصواب والخطأ، مع تعزيز ضبط النفس والمساءلة والاحترام.  في هذا المقال، سوف نستكشف كيف يمكن للوالدين استخدام العقاب بشكل بنّاء، وأيّ المواقف تستحقّ التأديب، ولماذا لا تستحقّ بعض السلوكيّات العقاب بالضرورة، بل تتطلّب اتّباع نهج مغاير.    متى تجب معاقبة الطفل؟  لا تتطلّب كلّ السلوكيّات السيّئة العقاب؛ فقد تتطلّب بعض المواقف التصحيح أو التوجيه فقط، بدلًا من اللجوء إلى العقاب الحادّ. في الآتي أنواع السلوكيّات التي قد تستحقّ العقاب:  العصيان المتعمّد  عندما يتجاهل الطفل القواعد عمدًا، أو يتحدّى التعليمات المباشرة، فمن المناسب فرض العقاب في هذه الحالة. على سبيل المثال، إذا طلبت من طفلك التوقّف عن رمي الألعاب واستمرّ في ذلك عمدًا، فإنّ العواقب الصارمة مثل أخذ اللعبة بعيدًا تكون مبرّرة.  الأفعال غير الآمنة أو الضارّة  السلوكيّات التي تعرّض الطفل أو الآخرين إلى الخطر، مثل الضرب أو العضّ أو الجري في الشارع أو تسلّق الهياكل غير الآمنة، خصوصًا إذا كانت متعمّدة وبعد توجيه متكرّر، تتطلّب تصحيحًا فوريًّا، إذ تجب معالجة هذه الأفعال لمنع الضرر وتعليم السلامة.  الكذب  الكذب أو السرقة أو إخفاء الحقيقة يمكن أن تزعزع الثقة، وتؤدّي إلى عواقب طويلة الأجل إذا لم تُعالج. يجب أن تركّز عقوبة الكذب على إصلاح الثقة وفهم أهمّيّة الصدق.  عدم الاحترام أو السلوك المؤذي  إذا كان الطفل فظًّا أو غير محترم أو مؤذٍ للآخرين عمدًا، مثل استخدامه الشتائم أو السخرية من شخص ما، فمن المهمّ معالجة السلوك، وتعليم الطفل معنى التعاطف.  سوء السلوك المتكرّر  عندما يكرّر الطفل باستمرار السلوك غير المقبول نفسه، على الرغم من التحذيرات أو التذكير المتكرّر، فإنّ العقوبة المناسبة يمكن أن تعزّز أهمّيّة اتّباع القواعد.    ما المواقف التي لا تنبغي معاقبة الطفل عليها؟  في حين أنّ العقاب ضروريّ في بعض الأحيان، فإنّ بعض السلوكيّات لا تستحقّ العقاب، ومن الأفضل معالجتها بأساليب أخرى من التأديب، مثل:  السلوكيّات المرافقة للعمر  هل قام طفلك بكسر كوب من الزجاج لأنّه لم يلاحظه بسبب اندفاعه؟ هذا هو المقصود، فغالبًا ما يُظهر الأطفال الصغار سلوكيّات، مثل نوبات الغضب أو النسيان أو التهوّر، لأنّهم ما زالوا يتعلّمون ضبط النفس والانفعال. هذه التصرّفات طبيعيّة من الناحية التنمويّة، وتجب مواجهتها بالصبر والتوجيه بدلًا من العقاب.  الأخطاء أو الحوادث  غالبًا ما تكون الحوادث مثل انسكاب الحليب أو كسر لعبة أو نسيان الواجبات المنزليّة غير مقصودة. يمكن أن تجعل معاقبة الأخطاء الأطفالَ خائفين من تجربة أشياء جديدة، أو الصدق بشأن الحوادث. بدلًا من العقاب، ركّز على مساعدتهم في حلّ المشكلة، مثل تنظيف ما سُكب على الأرض معًا، مع توضيح ما حصل ولماذا حصل، فهذا سيجعل الطفل أكثر إدراكًا للأشياء من حوله.  الانفجارات العاطفيّة  قد يبكي الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، أو يصرخون أو يتصرّفون بشكل غير لائق عندما تطغى عليهم المشاعر. بدلًا من معاقبة تعبيراتهم العاطفيّة، ساعدهم في تسمية مشاعرهم ومعالجتها. على سبيل المثال، قل: "أرى أنّك منزعج. دعنا نتحدّث عمّا يزعجك".  الاستكشاف والفضول  الفضول جزء طبيعيّ من الطفولة، ويؤدّي أحيانًا إلى سلوكيّات مثل تفكيك الألعاب، أو تجربة أشياء لا ينبغي لمسها. بدلًا من معاقبة الفضول، قم بإعادة توجيهه نحو أنشطة أكثر أمانًا وملاءمة.  الطرق الفعّالة لمعاقبة الأطفال  الهدف من العقاب هو تعليم الأطفال درسًا وتقويم سلوكهم، لذا يجب أن يكون العقاب بنّاءً، ويساعد الأطفال في التعلّم من أخطائهم، بدلًا من زرع الخوف أو المشاعر السلبيّة في أنفسهم. لذا، نستعرض بعض الاستراتيجيّات للانضباط الفعّال والإيجابيّ:  استخدام العقوبات المنطقيّة  ترتبط العقوبات المنطقيّة بشكل مباشر بسوء السلوك، ما يساعد الأطفال على ربط أفعالهم بالنتائج. فعلى سبيل المثال:  - إذا رفض الطفل تنظيم ألعابه أو تركها مبعثرة في غرفته، فيكون العقاب المنطقيّ حرمانه من هذه الألعاب لمدّة يوم كامل.  - إذا كسر الطفل لعبة شقيقه أو شقيقته، فيكون العقاب المنطقيّ أن يساعد في إصلاحها، فيدخّر من مصروفه لشراء لعبة بديلة.  يتميّز هذا النهج من العقاب بتعليم الطفل مبدأ المسؤوليّة، من دون أن يجعله يشعر بالظلم.  الحفاظ على الهدوء وعدم التمييز  يكون الانضباط أكثر فعّاليّة عندما يتمّ تطبيقه بهدوء؛ فالصراخ على الطفل أو تفريغ شحنة الغضب فيه يضيّع الرسالة التربويّة، ويتسبّب في خوفه أو محاولته الدفاع عن نفسه، حتّى لو كان يشعر بخطئه. يكمن الحلّ في تطبيق القواعد نفسها مهما اختلفت المواقف، حتّى يستطيع طفلك توقّع عواقب أفعاله بوضوح، وإدراك أنّه يستحقّ العقاب عندما يخالف القواعد.  استخدم الوقت التأديبيّ المستقطع بالشكل المناسب  يمكن أن يكون الوقت المستقطع وسيلة فعّالة لمنح الأطفال مساحة للهدوء والتفكير في سلوكهم، ولكن يجب الحرص على تناسب الوقت المستقطع مع عمر الطفل (على سبيل المثال يمكن إضافة دقيقة واحدة في مقابل كلّ سنة من عمر الطفل)، واستخدامه أسلوبًا تعليميًّا وليس عقابًا في حدّ ذاته، ويجب أن يتبعه التحدّث إلى الطفل حول ما قام به، وكيف يتصرّف بشكل أفضل في المرّة القادمة ليكون طفلًا مطيعًا، وليس لتجنّب العقاب نفسه.  التركيز على تهذيب الطفل وليس إشعاره بالذنب  يجب تجنّب العقاب الذي يهين الطفل أو يشعره بالخجل، مثل توجيه الشتائم أو النقد الشديد أو توبيخه أمام الناس؛ فهذه التصرّفات تدمّر تقديره لذاته. وبدلًا من ذلك عليك التركيز على مساعدة طفلك في فهم سبب خطأ سلوكه وكيفيّة تعديله.  تعزيز السلوك الإيجابيّ  من المهمّ الموازنة بين العقاب والتعزيز الإيجابيّ، فمثلًا، يجب عقاب الطفل عندما يخطئ، ويجب أيضًا مدحه ومكافأته عندما يحسن السلوك؛ سيساعده هذا في معرفة السلوكيّات المرغوبة التي تحظى بالتقدير، ويحفّزه على تكرارها للتمتّع بالمكافأة.  عرض الخيارات وإشراك الطفل في حلّ المشكلات  قد تقتضي بعض المواقف إشراك الطفل في حلّ المشكلة؛ على سبيل المثال، إذا اعترض على قصر وقت استخدام الحاسوب أو الهاتف الذكيّ خلال اليوم، فاعرض عليه سبب تخصيص وقت لاستخدام الشاشات، واطلب منه أن يختار بنفسه الحلّ المناسب لضمان عدم التأثير في نومه وتركيزه في المذاكرة. يعمل هذا النهج على تعزيز التفكير النقديّ والتعاون، وتقليل تحدّي الطفل للوالدين.    بدائل العقاب  في بعض المواقف لا يعدّ العقاب هو الحلّ الأفضل، وهناك العديد من البدائل التي تحقّق نتائج أفضل في التعامل مع سوء السلوك، مثل:  - تحويل الانتباه: بالنسبة إلى الأطفال الصغار، يمكن توجيه انتباههم إلى سلوك أكثر ملاءمة.  - العواقب الطبيعيّة: وتتلخّص في السماح للأطفال بتجربة النتائج الطبيعيّة لأفعالهم؛ على سبيل المثال، إذا أهملوا فروضهم المدرسيّة أو تكاسلوا في التحصيل الدراسيّ، حينها قد يحصلون على درجات متدنيّة أو يرسبون في اختباراتهم.  - تقديم القدوة: يمكن للآباء والأمهات أن يقوموا بالسلوك الذي يريدون أن يقوم به أطفالهم، مثلًا إذا كنت تريد أن يتحدّث طفلك باحترام، فتحدّث إليه باحترام، أو دعه يراك تحدّث الآخرين باحترام.  - حوار حلّ المشكلات: ساعد طفلك في التفكير في سلوكه بطرح أسئلة عليه، مثل: ماذا يمكنك أن تفعل بشكل مختلف في المرة القادمة؟    ***  العقاب جزء أساسيّ وضروريّ في تربية الأطفال، ولكن يجب أن يكون مدروسًا وعادلًا وبنّاءً على الدوام. بالتركيز على تعليم الطفل درسًا بدلًا من مجرّد عقابه، يمكن للآباء والأمّهات مساعدة أطفالهم في تطوير مهارات حياتيّة مهمّة، مثل المسؤوليّة والتعاطف والانضباط الذاتيّ.  لكنّ العقاب ليس صالحًا لكلّ الحالات، فبعض السلوكيّات يمكن التعامل معها بشكل أفضل بالصبر، أو تحويل الانتباه، أو العواقب الطبيعيّة، أو الحوار، أو غيرها. ففي نهاية المطاف، يتلخّص الانضباط الفعّال في مساعدة الأطفال في التعلّم من أخطائهم، مع الشعور بالأمان بالحصول على الحبّ والدعم من الأب والأمّ، واللذَين يمكنهما أن يربّيا أطفالًا يتمتّعون بالثقة بالنفس، والمرونة العاطفيّة، والاحترام لذواتهم والآخرين، باستخدام العقاب الذكيّ، وتجاوزه عندما يقتضي الأمر.     المراجع   https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/discipline-and-children  https://www.healthychildren.org/English/family-life/family-dynamics/communication-discipline/Pages/Disciplining-Your-Child.aspx  https://www.unicef.org/parenting/ar/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%A4%D8%AF%D9%91%D8%A8-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%A9/%D8%B1%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 

متى تتكوّن شخصيّة الطفل؟

لعلّ الشخصيّة واحدة من أكثر الجوانب إثارة للاهتمام في علم النفس البشريّ، وذلك لتأثيرها في تفكيرنا وشعورنا وسلوكنا، وتشكّل علاقاتنا ومساراتنا المهنيّة، وحتّى كيفيّة إدراكنا للعالم. ولكن متى بالضبط تتشكّل شخصيّة الإنسان؟ أثار هذا السؤال فضول علماء النفس والمعلّمين والآباء لعقود من الزمن. إنّ فهم متى وكيف تتشكّل شخصيّة الطفل لا يمنحنا نظرة ثاقبة حول التطوّر البشريّ فحسب، بل يقدّم أيضًا أدوات عمليّة لتعزيز النموّ العاطفيّ والاجتماعيّ الصحّيّ لدى الأطفال.    ما الشخصيّة؟  قبل الخوض في الرحلة الزمنيّة لتكوين الشخصيّة، من المهمّ معرفة ماهيّة الشخصيّة. تشير الشخصيّة في علم النفس إلى المجموعة الفريدة من الأفكار والعواطف والسلوكيّات التي تميّز الفرد باستمرار، والتي غالبًا ما يتمّ وصفها بسمات مثل الانفتاح على الخبرة والتجارب؛ وتوصف كالتالي (مبدِع، فضوليّ مقابل متجانس، حذِر)، ويقظة الضمير والوعي؛ وهو أن يكون للشخص دور فعّال في المواقف الحياتيّة المختلفة، وتوصف كالتالي (فعّال، منظّم مقابل غير منضبط، وغير مبالٍ)، والانبساطيّة التي تعود للصفات الاجتماعيّة للشخص الذي يسعى خلف الأشياء المثيرة، وتوصف كالتالي (غير متحفّظ، مفعم بالطاقة مقابل منعزل، متحفّظ)، والطيبة والطبع اللطيف، والتي تتجلّى في الخصائص السلوكيّة الفرديّة، وتوصف كالتالي (ودود، شغوف مقابل متحَدٍ، منفصل)، وأخيرًا العصابيّة، والتي توصف كالتالي (حسّاس، قلق مقابل مطمئنّ، واثق) - والمعروفة باسم سمات الشخصيّة الخمس. يمكن لهذه السمات التنبّؤ بجوانب مختلفة من السلوك والتفاعل، وتتضمّن الاستقرار العاطفيّ، والتواصل الاجتماعيّ، وأخلاقيّات العمل.    العوامل المؤثّرة في شخصيّة الطفل  تشير الأبحاث إلى أنّ الشخصيّة تتأثّر بكلّ من الاستعدادات الوراثيّة والعوامل البيئيّة، كما تشير إلى أنّ حوالي 40-60% من سمات شخصيّتنا قد تكون وراثيّة، أي إنّها تتأثّر بتركيبتنا الجينيّة. أمّا الباقي فيتشكّل بالتجارب البيئيّة، مثل التنشئة والثقافة والتفاعلات الاجتماعيّة.  لنستعرض أهمّ العوامل التي تؤثّر في شخصيّة الطفل:  تأثير الوالدين  من أهمّ العوامل التي تؤثّر في شخصيّة الطفل ما يصدر عن والديه؛ فهما الأكثر تفاعلًا معه والتصاقًا به. ويظهر تأثيرهما بطريقة تعاملهما معه، والأجواء الأسريّة التي يوفّرانها، وتصرّفاتهما وطريقة تعاملهما مع الآخرين، إذ يتعلّم الطفل منهما مباشرة، ويكتسب كثيرًا من سلوكيّاته من علاقته معهما.  بيئة المنزل  يعدّ وجود الاستقرار في المنزل الذي ينشأ فيه الطفل أساسًا لتنشئة طفل ذي صحّة عقليّة سليمة، ومن أشكاله الاستقرار النفسيّ والاستقرار المادّيّ.  البيئة المدرسيّة  تؤثّر البيئة المدرسيّة أيضًا في شخصيّة الطفل، باعتبار أنّه يقضي في المدرسة معظم وقته مختلطًا مع أقرانه ومعلّميه. ولهذا، من المهمّ أن يحرص الوالدان على التحاق طفلهما بمدرسة تدمج في مقرّراتها بين المناهج الصفّيّة واللاصفّيّة، لضمان نموّ شخصيّته بشكل سليم.  الثقافة  تؤدّي ثقافة الأسرة دورًا محوريًّا في تكوين شخصيّة الطفل وتشكيل نظرته إلى العالم، إذ تُنقل إليه القيم والممارسات الاجتماعيّة السائدة في بيئته بالتربية اليوميّة والتقاليد التي يعيشها داخل المنزل. فعندما ينشأ الطفل في بيئة تضمّ ثقافات متعدّدة، فإنّه يتعرّض إلى مزيج من المؤثّرات. فالثقافة المحيطة تقدّم له القيم والمعايير المجتمعيّة العامّة، بينما تغرس ثقافة العائلة المبادئ والعادات التي تعكس هويّة الأسرة. مع مرور الوقت، يتداخل هذا التأثير المتبادل، ليشكّل مجموعة من الأفكار والمعتقدات والسلوكيّات التي تميّز شخصيّة الطفل.  أساليب التربية  شخصيّة الطفل نتاج الأساليب التربويّة التي يطبّقها عليه والداه؛ فإذا كانت هذه الأساليب تتضمّن ممارسات سلبيّة، مثل الإفراط في الحماية مثلًا، فقد يكتسب الطفل سلوكيّات سلبيّة، مثل الأنانيّة أو عدم تحمّل المسؤوليّة، والأمر نفسه ينطبق على أساليب التربية الإيجابيّة، والتي تكسب الطفل سلوكيّات إيجابيّة، مثل الصدق والانضباط.    متى تتكوّن شخصيّة الطفل؟  إنّ تكوين الشخصيّة ليس حدثًا منفردًا يحدث بشكل مفاجئ، بل عمليّة تدريجيّة تتكشّف وتتغيّر بمرور الوقت. يتّفق علماء النفس عمومًا على أنّ أساس الشخصيّة يبدأ في الظهور في مرحلة الطفولة، لكنّه يستمرّ في التطوّر حتّى مرحلة البلوغ. دعونا نقسم هذا إلى مراحل رئيسة:  الطفولة (من الولادة إلى عمر السنتين)  تعدّ أوّل سنتين من حياة الطفل من أكثر المراحل أهمّيّة لتطوّر شخصيّته. فأثناء هذا الوقت، يبدأ الطفل في التعبير عن مزاجه، وهو مقدّمة للشخصيّة التي سيكوّنها مع الوقت. يشير المزاج إلى أنماط السلوك الفطريّة للطفل وردود فعله العاطفيّة، مثل كونه سهل الانقياد، أو صعب الإرضاء، أو شديد الحساسيّة، أو سريع الانفعال. في حين أنّ المزاج ليس هو نفسه الشخصيّة، إلّا إنّه يؤسّس للبِنات الأساسيّة لسمات الشخصيّة اللاحقة.  تُعدّ نظريّة "مراحل النموّ النفسيّ الاجتماعيّ" لإريك إريكسون من النظريّات المؤثّرة في علم النفس التنمويّ. وفي مرحلتها الأولى، "الثقة مقابل عدم الثقة"، التي تحدث في الطفولة المبكّرة، يرى إريكسون أنّ تلبية الوالدين لاحتياجات الطفل الأساسيّة بشكل منتظم تُنمّي لديه شعورًا بالثقة، ما يشكّل الأساس لشخصيّة صحّيّة. وتُعدّ الأمّ بطلة هذه المرحلة، كونها المصدر المباشر للطعام والراحة. أمّا في حال فشل الوالدين في توفير بيئة آمنة وتلبية تلك الاحتياجات، فقد ينشأ لدى الطفل شعور بعدم الثقة، ما قد يتطوّر لاحقًا إلى إحساس بالخيبة والشكّ والعزلة وانعدام الأمان.  مرحلة الطفولة المبكّرة (من 2 إلى 6 سنوات)  بحلول الوقت الذي يصل فيه الطفل إلى مرحلة الطفولة المبكّرة، تصبح سمات شخصيّته أكثر وضوحًا. تتميّز هذه الفترة بظهور الاستقلال والوعي الذاتيّ والتفاعل الاجتماعيّ. يبدأ الأطفال في هذه المرحلة في تأكيد استقلاليّتهم - أحيانًا بنوبات الغضب والتحدّي - ولكنّ هذا جزء طبيعيّ من نموّهم. إذ يعتقد علماء النفس أنّ التفاعلات المبكّرة مع الوالدين والعائلة في هذه المرحلة، تؤدّي دورًا مهمًّا في تشكيل الشخصيّة.  عنوان هذه المرحلة وفقًا لنظريّة مراحل النموّ النفسيّ الاجتماعيّ: "الاستقلاليّة مقابل الشكّ". إذا شجّع الوالدان الطفل على سلوك الاكتفاء الذاتيّ، سيجعله هذا يطوّر شعورًا بالاستقلاليّة، وهو الإحساس بالقدرة على التعامل مع مشاكل عديدة بنفسه. ولكن إذا طلب الوالدان من الطفل أن يتقدّم بسرعة كبيرة في هذا الجانب في وقت قصير، أو رفضا تركه يؤدّي مهامه التي يقدر عليها، أو تهكّما على محاولاته الأولى بالاكتفاء الذاتيّ، قد يطوّر الأطفال شعورًا بالخزي والشكّ في قدرتهم على معالجة المشاكل.  مرحلة الطفولة الوسطى (من 6 إلى 12 سنة)  في مرحلة الطفولة الوسطى، تصبح شخصيّات الأطفال أكثر استقرارًا وصقلًا، فيبدؤون في مقارنة أنفسهم بالآخرين، وينمو شعورهم بالهويّة والإنجاز. لذلك يتجلّى عنوان هذه المرحلة بسؤال: "هل يمكن أن أنجز في عالم الناس والأشياء من حولي؟" وتصبح بيئات المدرسة والعلاقات مع الأقران مؤثّرة بشكل كبير في هذا الوقت. على سبيل المثال، قد يطوّر الطفل الذي يتلقّى الثناء والتشجيع على جهوده في المدرسة شعورًا بالكفاءة والثقة. من ناحية أخرى، قد يؤدّي النقد أو الرفض إلى الشعور بعدم الكفاءة. لذلك، فإنّ الأزمة أو السمة النفسيّة التي يواجهها الطفل في هذه المرحلة هي الجدّ مقابل الدونيّة.  تمثّل هذه المرحلة أيضًا تطوّر التفكير الأخلاقيّ والتعاطف، وهما جزء لا يتجزّأ من الشخصيّة. يمكن أن تؤثّر قدرة الطفل على فهم وجهات نظر الآخرين وتنظيم عواطفهم في علاقاته الاجتماعيّة وشخصيّته بشكل عامّ.    مرحلة المراهقة (من 13 إلى 19 سنة)  المراهقة فترة تحوّليّة تترسّخ أثناءها سمات الشخصيّة، وهي المرحلة التي تتمحور حول سؤال: "من أنا، ومن يمكن أن أكون؟" تتميّز هذه المرحلة بالتغيّرات الجسديّة والعاطفيّة والإدراكيّة السريعة، فضلًا عن البحث عن الهويّة. ووفقًا لإريكسون، فالأزمة النفسيّة التي يواجهها الطفل في هذه المرحلة المهمّة من حياته تتمثّل في "الهويّة مقابل التشوّش في فهم الدور في الحياة"، والتي على ضوئها تتطوّر شخصيّة الطفل. يجرّب المراهقون أدوارًا ومعتقدات وقيمًا مختلفة لتكوين شعور متماسك بالذات.    ***  تكوين الشخصيّة عمليّة ديناميكيّة ومعقّدة، تبدأ في الطفولة وتستمرّ طوال الحياة. وفي حين أنّ الاستعدادات الوراثيّة تضع الأساس للشخصيّة، إلّا أنّ العوامل البيئيّة وتجارب الحياة تؤدّيان دورًا حاسمًا في تشكيل الشخصيّة التي سنصبحها.     المراجع https://dunedinstudy.otago.ac.nz/studies#:~:text=Sub%2DStudies%20of%20the%20Dunedin%20Study&text=The%20aim%20is%20to%20identify,by%20the%20Study%20members%20themselves.  https://trbeyah.com/r/%D9%85%D8%AA%D9%89-%D8%AA%D8%A8%D9%86%D9%89-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84#:~:text=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D8%AA%D8%A8%D9%86%D9%89%20%D9%81%D9%8A%D9%87%20%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84,-%D9%85%D9%86%20%D8%A3%D9%87%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA&text=%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84%20%D9%87%D8%B0%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA%20%D8%A3%D9%8A%D8%B6%D9%8B%D8%A7%D8%8C%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A,%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81%D8%8C%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B2%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D8%8C%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3.  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%85%D9%88_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A  https://www.cliffsnotes.com/study-guides/psychology/development-psychology/psychosocial-development-age-26/personality-development-age-26 

متى تبدأ تربية الطفل؟

رحلة الأبوّة والأمومة واحدة من أعمق رحلات الحياة وأصعبها. ومع هذا، فإنّ العديد من الناس يفاجؤون عندما يعلمون أنّ تربية الطفل تبدأ قبل وقت طويل من صرخاته الأولى. في حين أنّ معظم الناس يربطون تربية الطفل بتغيير الحفّاضات، وقصص ما قبل النوم، وتعليم آداب السلوك، إلّا أنّ الأساس لتربية فرد سليم ومتكامل يبدأ قبل ذلك بكثير.     مراحل تربية الطفل  التربية ما قبل الحمل  بالنسبة إلى العديد من الناس، تبدأ فكرة الأبوّة والأمومة بالقرار الواعي بإنجاب طفل. غالبًا ما يؤدّي هذا القرار وحده إلى سلسلة من التغييرات في حياة كلا الزوجين. غالبًا ما يفكّر الأزواج الذين يخطّطون لإنجاب طفل في صحّتهم البدنيّة، ورفاهتهم العاطفيّة، واستقرارهم الماليّ، وغيرها من العوامل التي يمكن أن تشكّل قدرتهم على رعاية الطفل.  تظهر الدراسات أنّ صحّة الوالدين ونمط حياتهما قبل الحمل يمكن أن يؤثّرا في نموّ الطفل. على سبيل المثال، تؤدّي التغذية الأموميّة، ومستويات التوتّر، وتجنّب الموادّ الضارّة مثل التبغ والكحول، دورًا في تحديد جودة صحّة الطفل في المستقبل. وعلى نحوٍ مماثل، يُشجَّع الآباء المحتملون على الحفاظ على نمط حياة صحّيّ، إذ تؤثّر صحّة الأب في جودة الحيوانات المنويّة، وبالتالي في المخطّط الجينيّ للطفل.  وبعيدًا عن الجاهزيّة البدنيّة، فالاستعداد العقليّ والعاطفيّ أمر بالغ الأهمّيّة، إذ إنّ الطريقة التي يفكّر فيها الأفراد في تربية الأبناء - سواء نظروا إليها باعتبارها تحدّيًا أو واجبًا، أو حتّى أمرًا مخيفًا - يمكن أن تؤثّر بشكل كبير في كيفيّة إدارتهم دورهم المستقبليّ وتعاملهم معه، باعتبارهم مقدّمي رعاية.     تربية الجنين  منذ اللحظة التي يعرف فيها الزوجان أنّهما ينتظران مولودًا، ستّتخذ التربية شكلًا ملموسًا أكثر أثناء هذه المرحلة، إذ سيعتبر رحم الأمّ "البيئة الأولى" للطفل، وهي البيئة التي تؤثّر بشكل عميق في النموّ المبكّر. فأثناء مرحلة الحمل، لا يقتصر دور الأمّ على توفير الغذاء للطفل فحسب، بل سيوفّر له أيضًا جوًّا عاطفيًّا يمكن أن يشكّل تجاربه الأولى، ويعكس إلى حدٍّ ما حالته في أيّامه الأولى بعد الولادة. وقد أثبتت الأبحاث في مجال برمجة الجنين أنّ الإجهاد أثناء الحمل يمكن أن يؤثّر في نموّ دماغ الطفل، ومرونته العاطفيّة في المستقبل.  كما أنّ أهمّيّة الروابط التي يبدأ الوالدان في تكوينها مع أطفالهما الذين لم يولدوا بعد، توازي بالفعل أهمّيّة جودة بيئته الأولى. فتحدُّث الوالدين مع أطفالهما المنتظرين، أو غناء التراتيل، أو قراءة القصص أثناء الحمل، من شأنه أن يشكّل الرابط العاطفيّ بين الأب والأمّ وطفلهما. صحيح أنّ الطفل قد لا يفهم الكلمات، لكنّه يستجيب للأصوات والإيقاعات والاهتزازات، لذلك تعتبر هذه المرحلة حسّاسة في حياة الطفل، إذ تضع هذه التفاعلات الأساس للرابطة العاطفيّة التي ستستمرّ في النموّ بعد الولادة.  بالإضافة إلى ذلك، فإنّ مرحلة الحمل فرصة رائعة للوالدين للتعلّم، وإعداد نفسيهما للمسؤوليّات المقبلة، إذ تسهم الكتب المتعلّقة بنموّ الطفل، ودروس تربية الأبناء، والمحادثات مع الأهل ذوي الخبرة في خلق رؤية واضحة لتربية الطفل.    التربية في الأشهر الأولى من عمر الطفل  تكتسب تربية الطفل أبعادًا جديدة خلال المرحلة العمريّة التي يطلق عليها العديد من الخبراء "الفصل الرابع"؛ وهي الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة، إذ يكون الطفل ما يزال يتكيّف مع الحياة خارج الرحم. كما يعتبر الخبراء هذه المرحلة بمثابة امتداد للحمل، إذ يعتمد الأطفال على الاتّصال الجسديّ الوثيق، والتغذية، والراحة والشعور بالأمان.  وبالتوازي مع تلبية الاحتياجات الجسديّة، يبدأ الوالدان أيضًا في تشكيل العالم العاطفيّ لأطفالهما؛ إذ تساعد الاستجابة للبكاء، وتعزيز التواصل بالعين، والمشاركة في اللمس الحنون والمهدّئ، في بناء أساس من الثقة. وعلى الرغم من أنّ الأطفال يولدون بمهارات تواصل محدودة، لكنّ استجابات والديهم تعلّمهم أنّ احتياجاتهم مهمّة، وأنّ العالم مكان آمن.    تربية الطفل أثناء مرحلة الصراع على الاستقلاليّة   في اللحظة التي ينظر إليك فيها طفلك الصغير، وتظهر على وجهه البريء علامات الصرامة، ويردّ بـ "لا" على طلب منك، فاعلم أنّك أصبحت الآن في مرحلة الصراع على الاستقلاليّة. ستلاحظ أنّ طفلك قد تغيّر فجأة، وها هو يحقّق الآن ما كان يتدرّب عليه في المراحل السابقة، وهو أن يتعلّم التعبير عن أفكاره وآرائه الخاصّة. في هذه المرحلة من التربية، هناك الكثير من الأمور المطلوبة من الوالدين، وأهمّها أن يتعلّما فهم تطوّر المهارات المعرفيّة لدى طفلهما، وحاجته إلى تأكيد ذاته. كما سيتعلّمان كيفيّة تجنّب معارك العناد، والعمل مع طفلهما لإدارة الرغبات المتضاربة بينهم.  بعد هذه المرحلة، ستدخل التربية في حالة من الانتقالات المستمرّة، بين الإجابة على الاستفسارات التي يطرحها الأبناء أثناء استكشافهم للحياة من حولهم، والرغبة في الاستقلاليّة، وما بعدها من التوجيه والإرشاد إلى أن يكبروا.  ولكن، إن كنت تتساءل كيف تبدو مراحل تربية الأطفال، وكيف تتعامل مع طفلك في كلّ منها، فهذا المقال بعنوان "أصعب مرحلة في تربية الأطفال" سيساعدك في فهم طفلك، والتغلّب على المصاعب التي قد تواجهك أثناء التربية.    التفاعل بين الطبيعة الجينيّة والتنشئة  عند التفكير في سؤال متى فعليًّا تبدأ تربية الطفل، فمن الضروريّ أن ندرك التفاعل بين طبيعة الطفل جينيًّا وتنشئته. تتشكّل بعض جوانب شخصيّة الطفل ومواهبه، وحتّى نقاط ضعفه وقوّته، عن طريق الجينات المكتسبة من والديه. ومع ذلك، فإنّ هذه السمات، والطريقة التي يُعبّر بها عنها - وكيف تؤثّر في التطوّر العامّ للطفل - تتأثّر بشكل عميق بالبيئة المحيطة به.  على سبيل المثال، قد يرث الطفل استعدادًا للقلق، لكنّ البيئة الداعمة يمكن أن تعلّمه استراتيجيّات التأقلم وتهدئة النفس. وعلى العكس من ذلك، قد يكافح الطفل الموهوب بطبيعته، ويجد صعوبة في الوصول إلى إمكاناته وتوظيف موهبته، إذا كان يفتقر إلى التشجيع أو الدعم. وبالتالي، فإنّ تربية الأطفال لا تتعلّق بالتحكّم في من يصبح عليه الطفل، بل تتعلّق أكثر بتهيئة الظروف التي تسمح له بالتطوّر والنموّ بشكل صحّيّ.    ***  لنعد إلى السؤال مرّةً أخرى: متى تبدأ تربية الأطفال؟ الإجابة بسيطة وعميقة في الوقت ذاته: تبدأ التربية في اللحظة التي يبدأ فيها الوالدان بالاهتمام بإنجاب طفل. وقد يتجلّى هذا الاهتمام في التخطيط قبل الحمل، أو الأفكار والتحضيرات أثناء الحمل، أو اللحظات الرقيقة من التواصل مع الطفل في أيّامه الأولى. إنّ بذور الأبوّة والأمومة تُزرع قبل وقت طويل من نطق الطفل كلماته الأولى، أو مشيه خطواته الأولى.   كما أنّ تربية الأطفال رحلة طويلة تمتدّ بامتداد الحياة، وتبدأ باختيارات تبدو صغيرة وعاديّة، مثل تناول فيتامين ما قبل الولادة، وحضور دورة تدريبيّة في تربية الأطفال، وتتطوّر مدى الحياة بالتوجيه والدعم والحبّ.   المراجع    https://trbeyah.com/r/%D9%85%D8%AA%D9%89-%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://nurturednoggins.com/stages-of-parenting/  https://www.tuw.edu/school-news/what-is-child-rearing/ 

ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟

تربية الأطفال رحلة مليئة بالحبّ والضحك، ولكنّها بالطبع لا تخلو من الصعوبات، بدءًا من ليالي السهر مع المولود الجديد، إلى مواجهة تقلّبات المراهقة العاطفيّة. كلّ مرحلة من مراحل الأبوّة والأمومة تأتي بتجاربها الخاصّة ونجاحاتها المتفرّدة. ولكن، يبقى السؤال الذي يتبادر إلى ذهن الأهل منذ اللحظة التي يعرفون فيها أنّهم سيرزقون بمولود، ألا وهو: ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  الإجابة عن هذا السؤال ليست بسيطة كما تبدو، فغالبًا ما يظنّ الأهل أنّ المراهقة أصعب مرحلة. لكنّ هذا الأمر متفاوت أيضًا، إذ يجد بعض الأهل أنّ مراحل معيّنة أصعب من غيرها، حسب عوامل مثل طبع الطفل، وديناميكيّة الأسرة، والظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة. ومع ذلك، يتّفق الكثير من الأهل وخبراء تنمية الطفل على أنّ هناك مراحل معيّنة تفرض تحدّيات خاصّة. في هذه المقالة، سنستعرض بعضًا من هذه المراحل، موضّحين لماذا تُعتبر صعبة، مع تقديم بعض النصائح لمساعدة الآباء والأمّهات في تجاوز كلّ منها.    مرحلة الطفولة المبكّرة: مرحلة الإرهاق الجسديّ  تعتبر الأشهر الأولى من حياة الطفل من الأكثر إرهاقًا للوالدين جسديًّا؛ ففي هذه المرحلة يحتاج الأطفال إلى اهتمام ورعاية مستمرّين، فهم يستيقظون عدّة مرّات في الليل، ويحتاجون إلى التغذية كلّ بضع ساعات، ولا يستطيعون التعبير بوضوح عن احتياجاتهم، ما يجعل الأمور تعتمد على التخمين أحيانًا، وكثيرًا ما ستنتهي محاولات فهم الطفل إلى الشعور بالإحباط.  بالإضافة إلى الإرهاق الجسديّ، تصطحب هذه المرحلة معها العديد من الصعوبات العاطفيّة. فالانتقال إلى دور الوالديّة قد يثير مشاعر معقّدة، مثل الفرح الممزوج بالقلق، والرضا المقرون بالشكّ الذاتيّ؛ إذ يشعر الكثير من الأهل بمسؤوليّة كبيرة، ويخشون عدم قدرتهم على تلبية احتياجات أطفالهم. وتزداد صعوبة هذه المرحلة بالنسبة للأهل الذين لا يتمتّعون بدعم كافٍ، سواء من شريك، أو من عائلتهم الكبيرة، أو من مجتمع داعم.  ومع ذلك، وعلى رغم صعوبة هذه المرحلة جسديًّا، فإنّه يُنظر إليها عادةً على أنّها مرحلة بسيطة من حيث فهم احتياجات الطفل، إذ تكون التحدّيات في هذه المرحلة لوجستيّة وجسديّة في الغالب؛ فالأطفال الرضّع يحتاجون إلى النوم والغذاء والحبّ، وليس لديهم بعدُ التعقيد العاطفيّ الذي يؤدّي إلى مشكلات سلوكيّة أو نفسيّة.    مرحلة الطفولة: مرحلة الصراع على الاستقلال  بمجرّد أن يصل الأطفال إلى مرحلة الطفولة – تقريبًا بين عمر سنة وثلاث سنوات – تبدأ شخصيّاتهم في الظهور، مع اكتشافهم الشعور بالاستقلاليّة. فمن جهة، تتميّز هذه المرحلة بلحظات اكتشاف وتطوّر رائعة، لكن من جهة أخرى، تغلب عليها نوبات الغضب والتصرّفات التي قد تبدو غير منطقيّة. ففي هذا العمر، يبدأ الأطفال بفهم مشاعرهم واستكشاف حدودهم، ما يؤدّي إلى صراعات على السلطة تتعلّق بكلّ شيء، من مواعيد النوم إلى أوقات الطعام.  يواجه الأطفال الصغار تحدّيًا في التعبير عن رغباتهم واحتياجاتهم بالكلمات، ما يؤدّي إلى الشعور بالإحباط من كلا الجانبين. بالنسبة إلى الأهل، تصبح الأمور أشبه بعمليّة توازن دقيقة، إذ يحاولون الموازنة بين فرض الحدود وتشجيع استقلاليّة الطفل. ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المرحلة تتطلّب صبرًا واستمراريّة، إذ يميل الأطفال إلى التمرّد على القواعد، واختبار الحدود باستمرار.  تبرز صعوبة هذه المرحلة بشكل خاصّ لدى الأهل الذين اعتادوا على المزيد من السيطرة على حياتهم اليوميّة، لكنّ أساس تجاوزها بطريقة سليمة هو إدراك أنّ سلوكيّات الأطفال أثناءها مؤشّرات طبيعيّة على تطوّرهم، إذ يحتاجون إلى مساحة للاستكشاف، والوقوع في الأخطاء، وتحدّي القواعد من حين إلى آخر، فكلّ هذه الأمور مهمّة لنموّهم.    الطفولة المبكّرة: مرحلة "لماذا؟"  في سنّ 4 إلى 6 سنوات، يدخل الأطفال في مرحلة فضول كبير، ويبدؤون بطرح أسئلة لا حصر لها، تبدأ غالبًا بكلمة "لماذا؟". تُعتبر الطفولة المبكّرة مرحلة تطوّر سريع على الصعيدين المعرفيّ والاجتماعيّ، إذ يبدأ الأطفال في التساؤل عن العالم من حولهم. وعلى الرغم من أنّ فضولهم محبّب، إلّا أنّه قد يكون مرهقًا للأهل الذين يجدون أنفسهم مضطرّين إلى الإجابة عن كلّ سؤال تارةً، وتجنّب الأسئلة المحرجة تارةً أخرى.  في هذه المرحلة، يبدأ الأطفال بتكوين صداقات، وتطوير حسّ التعاطف، وتعلّم أساسيّات التعاون وحلّ النزاعات. يصبح الأطفال في هذه المرحلة أكثر اهتمامًا بالديناميكيّات الاجتماعيّة، وقد يواجهون أولى تجارب الرفض أو التنمّر، ما قد تكون مشاهدته مؤلمة للأهل. كما يبدأ الأطفال في هذه المرحلة فهم القواعد والأخلاق، ما يعني أنّها مرحلة حسّاسة للأهل، وتفرض عليهم الاستمراريّة في توجيه أطفالهم وتعليمهم.  يواجه الأهل في هذه المرحلة تحدّيًا في تحقيق التوازن بين التأديب والحريّة، إذ يرغبون في أن يستكشف أطفالهم ويتعلّموا الأشياء من حولهم، ويختبروا قدرتهم على التعامل مع مختلف المواقف الحياتيّة، ولكن عليهم أيضًا فرض الحدود وتعليمهم المسؤوليّة. يكمن التحدّي في دعم فضول الطفل واستقلاليّته، من دون أن يفقدهم ذلك شعورهم الطبيعيّ بالدهشة والحبّ للاكتشاف.    الطفولة المتوسّطة: مرحلة قلق الأقران  بين سنّ 6 و12 سنة، يدخل الأطفال ما يُعتبر غالبًا مرحلة "الهدوء قبل العاصفة"، أي مرحلة المراهقة. لكنّ الهدوء أثناءها لا يعني أنّها ستكون سهلة تمامًا. مع دخول الأطفال إلى المدرسة، يصبحون أكثر تأثّرًا بأقرانهم، وتصبح الحاجة إلى القبول الاجتماعيّ جزءًا مهمًّا من حياتهم؛ فتتعمّق الصداقات، ويبدأ الأطفال في تطوير هويّتهم الخاصّة خارج نطاق الأسرة.  في هذه المرحلة، قد يواجه الأهل قلقًا بشأن تأثير الأقران، والثقة بالنفس، والأداء الأكاديميّ لأطفالهم. قد يصارع الأطفال للاندماج في مجتمعهم الصغير في المدرسة، أو يواجهون التنمّر، أو يمرّون بضغط للتفوّق في المدرسة أو الأنشطة اللاصفّيّة. كما تبدأ المقارنات بين الذات والآخرين، ما قد يؤثّر في ثقتهم بأنفسهم.  يواجه الأهل مهمّة صعبة في تقديم التوجيه من دون فرض سيطرة مفرطة. يحتاج الأطفال إلى مساحة لاتّخاذ قراراتهم الخاصّة، حتّى لو كانت تلك القرارات تؤدّي أحيانًا إلى خيبات أمل صغيرة. التحدّي في هذه المرحلة يكمن في دعمهم وتشجيعهم بينما يتعلّمون كيفيّة التنقّل بين تعقيدات الصداقات والمنافسة واكتشاف الذات.    المراهقة: مرحلة الاستقلال  اسأل معظم الأهل، وستجد أنّ الكثير منهم يعتبرون المراهقة، من سنّ 13 إلى 18 سنة، المرحلة الأكثر تحدّيًا في تربية الأطفال. تتميّز هذه المرحلة بتغيّرات سريعة على المستوى الجسديّ والعاطفيّ والمعرفيّ. يسعى المراهقون للاستقلال، وغالبًا ما يتمرّدون على السلطة الأبويّة أثناء محاولتهم تأسيس هويّتهم الخاصّة. قد تكون النزاعات التي تنشأ في هذه المرحلة قويّة ومشحونة عاطفيًّا.  تأتي المراهقة مع مجموعة من التحدّيات الجديدة، بما في ذلك الضغط الأكاديميّ، وصراعات الصحّة النفسيّة، وتأثير الأقران، وفي بعض الحالات التجارب التي قد تكون خطرة. يشعر الأهل في هذه المرحلة أنّ القرارات التي يتّخذها أبناؤهم قد تؤثّر بشكل كبير في مستقبلهم، ما يجعل الصراع على الحريّة وحدود السلطة أكثر تعقيدًا من المراحل السابقة.    مرحلة البلوغ الناشئ: مرحلة التخلّي والاعتماد على الذات  لا تنتهي تحدّيات الأبوّة والأمومة عند بلوغ الطفل سنّ الثامنة عشرة. في الواقع ستندهش من هذا، ولكن قد تكون مرحلة الانتقال إلى البلوغ – من عمر 18 إلى 25 سنة – من أصعب المراحل. في هذه المرحلة، يستمرّ الأبناء في اكتشاف أنفسهم، ويبحثون عن مكانهم في الحياة، وبالنسبة إلى الكثير من الأهل، يُعدّ التخلّي عن دورهم باعتبارهم أصحاب السلطة إلى دور داعم أكثر التحدّيات صعوبة.    إذًا، ما أصعب مرحلة في تربية الأطفال؟  في النهاية، تعتمد الإجابة عن هذا السؤال على الوالدين والطفل وظروفهم الفريدة. قد يجد بعض الأهل أنّ المتطلّبات الجسديّة للطفولة هي الأكثر إرهاقًا، بينما يعاني آخرون التعقيدات العاطفيّة لمرحلة المراهقة. كلّ مرحلة ترتبط بها مجموعة خاصّة من التجارب، وما قد يكون سهلًا بالنسبة إلى عائلة، قد يكون صعبًا للغاية بالنسبة إلى أخرى.   وإن كنت تتساءل عن أيّهما أصعب: تربية الولد أم البنت، فإنّه من الصعب تحديد ذلك، لأنّ التحدّيات التي يواجهها الأهل تختلف باختلاف شخصيّة الطفل، والمرحلة العمريّة، وظروف الأسرة. لكن تقليديًّا، يعتقد البعض أنّ تربية الأولاد قد تكون أصعب في مرحلة الطفولة، بسبب نشاطهم الزائد وتحدّيهم للقواعد، بينما تعتبر تربية البنات أكثر تعقيدًا في مرحلة المراهقة، إذ تنشأ قضايا الثقة بالنفس والضغوط الاجتماعيّة. ومع ذلك، فإنّ كلًّا من الأولاد والبنات يواجه صعوبات فريدة تتطلّب اهتمامًا وتفهّمًا من الأهل، وبالتالي فإنّ الصعوبة تعتمد على كيفيّة تفاعل الأهل مع احتياجات طفلهم الفرديّة، بغضّ النظر عن جنسه.    ***  تُعدّ الأمومة والأبوّة رحلة متطوّرة، وكلّ مرحلة من مراحلها تجلب نوعًا مختلفًا من المصاعب والمكافآت، لكن تذكّر أنّ الأساس هو تقبّل التحدّيات واعتبارها فرصًا للنموّ - لكلّ من الوالدين والطفل. وفي حين أنّه لا توجد مرحلة "سهلة"، فإنّ الحبّ والتعلّم والمرونة المكتسبة على طول الطريق تجعل الرحلة تستحقّ العناء.    المراجع   https://blog.takalm.com/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/#:~:text=%D8%A3%D8%B5%D8%B9%D8%A8%20%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84%20%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84,-%E2%80%8F%D8%AA%D9%88%D8%AC%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D8%AF&text=%D9%88%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%AF%20%D8%B9%D8%AF%D8%AF%20%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1,%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D8%AA%D9%84%D9%83%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9.  https://mcaresforkids.com/parenting-hardest-stages/#:~:text=The%20parenting%20hardest%20stages%20are,stage%20of%20their%20child's%20development.  https://madamenoire.com/1137107/the-hardest-stages-of-parenting-ranked/

ما تأثير غياب الأمّ عن الطفل؟

يُعتبر وجود الأمّ في حياة الطفل أمرًا لا غنى عنه لتطوّره العاطفيّ والنفسيّ الصحّيّ والسليم. فعندما تغيب الأمّ لفترة طويلة أو بشكل دائم، سواء كان ذلك بسبب ظروف العمل أو المرض أو الطلاق أو الوفاة أو غيرها، يمكن أن يترك هذا الغياب تأثيرات عميقة على الطفل. وتختلف طرق تأثّر الطفل بغياب الأمّ بناءً على عوامل، مثل عمر الطفل، وطبيعة الغياب وسببه، ووجود مقدّمي رعاية آخرين يوفّرون له الدعم. وعلى رغم أنّ الأطفال يمتلكون القدرة على التكيّف، إلّا أنّ غياب الأمّ قد يلقي بظلاله على جوانب مختلفة من حياتهم، بدءًا من أنماط التعلّق العاطفيّ، وصولًا إلى تقديرهم لذواتهم وعلاقاتهم الاجتماعيّة.   ويجدر الذكر أنّ غياب الأمّ أو الأب له تأثيرات عميقة في الأطفال، إذ يتسبّب اختفاء دور أيّ منهما في ترك فراغ خاصّ، يؤثّر في النموّ العاطفيّ والاجتماعيّ للطفل بطرق مختلفة. ومع أنّ غياب الأب يحمل تحدّيات وتأثيرات فريدة، سنركّز في هذا المقال على أثر غياب الأمّ تحديدًا، وسنعود إلى مناقشة تأثير غياب الأب بالتفصيل في مقال منفصل.  نستعرض هنا بعض الآثار الشائعة لغياب الأمّ على الأطفال، بالإضافة إلى بعض الحلول الممكنة لتخفيف هذه التحدّيات، وتعزيز المرونة لديهم.    آثار غياب الأمّ عن الطفل  التعلّق والأمان العاطفيّ  يُعدّ ارتباط الطفل بأمّه أولى العلاقات الأساسيّة التي يشكّلها الطفل في حياته؛ هذا الارتباط أو "التعلّق" يُعتبر جوهريًّا، ومصدرًا لشعوره بالأمان العاطفيّ. وفقًا لنظريّة التعلق، فإنّ التعلّق الآمن يتطوّر عندما يكون مُقدّم الرعاية متاحًا ومتجاوبًا باستمرار مع احتياجات الطفل، ما يوفّر للطفل الشعور بالأمان والثقة. ولكن عندما تغيب الأمّ، لا سيّما في السنوات الأولى من نموّ الطفل، فقد يضطرب هذا المسار التعلّقيّ، ويتطوّر بطريقة غير صحّيّة.  حينها قد يعاني الطفل القلق، وانعدام الأمان، والخوف من الهجر بسبب عدم وجود الأمّ بشكل دائم، وربّما يصبح أكثر "تشبّثًا" بمقدّمي الرعاية الآخرين، أو يُظهر اعتمادًا زائدًا على الآخرين لتلبية احتياجاته العاطفيّة. ومن ناحية أخرى، قد يطوّر بعض الأطفال أسلوبًا "تجنّبيًّا" في التعلّق، فيبتعدون عن بناء العلاقات العميقة وذات المعنى لتجنّب ألم الفقدان المحتمل. ومع ذلك، فالحلّ لمعالجة هذا التأثير يكمن في تواجد مقدّمي رعاية آخرين يتميّزون بالموثوقيّة والتواجد المستمرّ، ما يعمل على تعزيز الشعور بالأمان، ويوفّر للأطفال الدعم العاطفيّ، ويسمح لهم بتطوير تعلّق آمن، مع ملاحظة أنّ هذا قد يتطلّب مزيدًا من الجهد. ومن أمثلة مقدّمي الرعاية المناسبين في هذه الحالة: الآباء والأجداد والجدّات والأعمام والعمّات وأصدقاء العائلة.    التأثير في تقدير الذات والهويّة  تؤدّي الأمّ دورًا رئيسيًّا في تعزيز شعور الطفل بقيمته الذاتيّة وهويّته؛ إذ يساعد تشجيعها وتوجيهها الطفل في بناء ثقته بنفسه، وفهم مشاعره، ومواءمة سلوكه. ولكن عندما تغيب الأمّ، يعاني الأطفال مشاعر النقص أو الرفض، خصوصًا إذا شعروا أنّ غيابها شكل من أشكال الهجر. قد يكون هذا الشعور أكثر عمقًا إذا لم يفهم الطفل أسباب غياب الأمّ، أو إذا كان الغياب مفاجئًا وغير مبرّر.  أمّا في مرحلة المراهقة، فيمكن أن يؤدّي غياب الأمّ إلى حدوث اضطرابات في الهويّة، فالواقع أنّ المراهقين في الأصل يواجهون أسئلة تتعلّق بهويّتهم، ومن دون توجيه الأمّ، سيشعرون بالفراغ والضياع عندما يتعلّق الأمر بتحديد قيمهم ومعتقداتهم وإحساسهم بذواتهم. وقد يسعى بعض المراهقين للحصول على التقدير من مصادر خارجيّة، بينما قد يصبح البعض الآخر أكثر اعتمادًا على أنفسهم في محاولة للتكيّف.  بشكل عامّ يجب توفير التواصل المفتوح، فالأطفال يحتاجون إلى تفسيرات صادقة ومناسبة لأعمارهم حول أسباب غياب الأمّ، والتي يمكن أن تساعد في منع مشاعر الرفض أو الهجران، ومعالجة مشاعرهم بطريقة إيجابيّة وصحّيّة.  كما يمكن تحسين الشعور بالذات لدى الأطفال بالمشاركة في الأنشطة التي تركّز على نقاط القوّة، أي تشجيع الأطفال على ممارسة هواياتهم واهتماماتهم التي تعينهم على تعزيز شعورهم بالإنجاز ورفع قيمتهم الذاتيّة، ما يوازن أيّ مشكلات تتعلّق بتقدير الذات قد تنشأ عن غياب الأمّ.    المشكلات الأكاديميّة والسلوكيّة  تقول القاعدة إنّ الأطفال الذين يعانون غياب الأمّ أكثر عرضة لمواجهة تحدّيات في البيئة الأكاديميّة. وقد أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين يفتقدون إلى حضور الأمّ الدائم يُظهرون صعوبات في التركيز، وانخفاضًا في الأداء الأكاديميّ، وقلّة الدافعيّة إلى التعلّم. وقد يعانون أيضًا مشكلات سلوكيّة، مثل العدوانيّة أو التمرّد أو الانطواء، لا سيّما إذا كان الطفل يكافح لمعالجة مشاعر معقّدة، مثل الغضب أو الحزن أو الاضطراب.  قد تنجم هذه التغيّرات السلوكيّة عن صراع داخليّ يعيشه الطفل أثناء محاولته فهم غياب أمّه. وإذا شعر الطفل أنّ الغياب شكل من أشكال الهجر أو الإهمال، فقد يتجلّى ذلك من خلال تصرّفات عدوانيّة، إمّا نداءً للمساعدة، أو وسيلة للتعبير عن غضب مكبوت. وهنا يأتي دور الدعم العاطفيّ وتأكيد المشاعر، بتشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم، حتّى لو كانت هذه المشاعر تتضمّن الحزن أو الغضب أو الحيرة. كما أنّ الاستماع من دون إطلاق أحكام يمكن أن يساعد الأطفال في الشعور بأنّ هناك من يفهمهم، وأنّهم ليسوا بمفردهم.    العلاقات الاجتماعيّة والتفاعل مع الأقران  يمكن أن يؤثّر غياب الأمّ أيضًا في علاقات الطفل الاجتماعيّة، إذ يتعلّم الأطفال في مرحلة الطفولة المبكّرة كيفيّة تكوين العلاقات بالملاحظة والتفاعل مع مقدّمي الرعاية الأساسيّين، وفي مقدّمتهم الأمّ. وعندما تغيب هذه القدوة، يجد الطفل صعوبة في تكوين صداقات صحّيّة، ويعاني مشاكل في الثقة بالآخرين. لذلك، إمّا إنّه سيعتمد بشكل زائد على صداقاته للحصول على الدعم العاطفيّ، أو يبتعد عن التفاعلات الاجتماعيّة تمامًا.  في بعض الحالات، قد يشعر الطفل "بالاختلاف" عن أقرانه، لا سيّما إذا كان الأطفال الآخرون يمتلكون حضورًا قويًّا للأمّ في حياتهم. هذا الشعور بالعزلة يمكن أن يحدّ من تطوير المهارات الاجتماعيّة، ويزيد من مشاعر الوحدة، وبالتالي يمكن أن تصبح العلاقات مع الأقران مصدرًا للتوازن العاطفيّ، فالأصدقاء الداعمون يمكن أن يساعدوا الطفل في الشعور بالانتماء والتقدير، حتّى إذا كان يفتقد وجود الأمّ في حياته.  ولكن هذا لا يحلّ مشكلة غياب القدوة، والتي يمكن تعويضها بتوفير قدوة إيجابيّة نسائيّة، من بين النساء اللواتي يمكن أن يقدّمن التوجيه والدعم، والمساعدة في سدّ الفراغ الذي يتركه غياب الأمّ. فيمكن للقريبات والمعلّمات والمدرّبات وصديقات العائلة أن يؤدّين دورًا في توفير الإرشاد العاطفيّ، ومساعدة الطفل في تشكيل هويّته.    التأثيرات العاطفيّة طويلة الأمد  تختلف التأثيرات طويلة الأمد لغياب الأمّ بشكل كبير من طفل إلى آخر، وفقًا لظروفهم الشخصيّة. بالنسبة إلى البعض، قد يترجم ردّ الفعل على هذا الغياب في صورة بناء قدرة للتعامل مع العواطف والتمتّع بالاستقلاليّة مدى الحياة، لا سيّما إذا كان لديهم أشخاص داعمون في حياتهم. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أنّ بعض الأطفال الذين يعانون غياب الأمّ، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والصعوبة في بناء العلاقات في مراحل لاحقة من حياتهم.  إذًا، قد يعاني الأبناء في مرحلة البلوغ مشاكل في الثقة بالشريك العاطفيّ، أو يخافون من الهجر، أو حتّى قد يشعرون بانعدام الأمان بشأن قيمتهم الذاتيّة. يمكن أن يساعد الدعم العلاجيّ، بما يشمل العلاج النفسيّ والتأمّل الذاتيّ، في معالجة هذه القضايا، إذ يوفّر المعالجون والأطبّاء استراتيجيّات للتكيّف والتعامل مع صدمات الطفولة العاطفيّة، وتعزيز الذكاء العاطفيّ، ومساعدة الأطفال في فهم تجاربهم بشكل بنّاء، ما يسمح لهم في بناء علاقات صحّيّة، ويمنحهم شعورًا أقوى بالذات. لذا، يمكن أن يعتبر بعض البالغين غياب الأمّ في طفولتهم مصدرًا للقوّة، بعد أن تعلّموا كيف يتعاملون مع الحياة بقدر أكبر من الاستقلاليّة.     ***  يمكن أن يكون غياب الأمّ، سواء كان مؤقّتًا أو دائمًا، تجربة صعبة للطفل تؤثّر في تطوّره العاطفيّ، ومهاراته الاجتماعيّة، وأدائه الأكاديميّ، وحتّى شعوره بالهويّة. ومع ذلك، يتمتّع الأطفال بقدرة مذهلة على تكييف مشاعرهم، ومع توفّر الدعم الصحيح يمكنهم النموّ ليصبحوا بالغين قادرين على التحكّم بعواطفهم بشكل جيّد.    المراجع   https://trbeyah.com/r/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D9%85%D9%87#:~:text=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%83%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%88%D9%83%D9%8A%D8%A9%3A%20%D8%A5%D9%86%D9%91%20%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF,%D8%AA%D8%B2%D8%AC%20%D8%A8%D9%87%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9.  https://english.elpais.com/lifestyle/2023-11-28/the-absent-parent-syndrome-and-its-impact-on-child-development.html 

كيف تمكن تنمية المهارات المعرفيّة لدى الأطفال؟

تُعرّف المهارات المعرفيّة على أنّها العمليّات العقليّة التي تتيح لنا التفكير والتعلّم والتذكّر وحلّ المشكلات. بالنسبة إلى الأطفال، يعتبر تطوير هذه المهارات أساسًا ضروريًّا للتعلّم، ولتعزيز الذكاء العاطفيّ والصحّة العقليّة الشاملة. هذه المهارات مسؤولة عن معالجة المعلومات الحسّيّة التي تساعد الطفل في التعلّم والتقييم والتحليل والتذمّر وإجراء المقارنات وتحليل الأسباب والنتائج. كما أنّها ترتبط بالتركيب الجينيّ، ومع ذلك يمكن تعلّم بعضها وتنميتها والتحسين منها بالممارسة والتدريب.  يؤدّي الآباء والأمّهات ومقدّمو الرعاية والمعلّمون دورًا أساسيًّا في مساعدة الأطفال في تقوية هذه المهارات. لذا، سنتعرّف في هذا المقال إلى طرق عمليّة لتعزيز التطوّر الإدراكيّ والمعرفيّ لدى الأطفال، عن طريق الأنشطة والعادات والبيئات التي تحفّز الفضول، وتقوّي الذاكرة، وتنمّي القدرة على حلّ المشكلات والتفكير الناقد.    كيف يتعلّم الأطفال المهارات المعرفيّة؟  تشجيع الفضول والاستكشاف  يولد الأطفال بطبيعة فضوليّة، ويعدّ تشجيع هذا الفضول من أهمّ الوسائل لدعم نموّهم المعرفيّ. فعندما يستكشفون محيطهم، ويطرحون الأسئلة، ويبحثون عن تجارب جديدة، فإنّهم يمارسون نشاطات عقليّة تعزّز التفكير والإدراك.  - خلق بيئة تعليميّة مفتوحة الخيارات: بدلًا من توجيه كلّ خطوة يقوم بها الطفل أثناء اللعب أو التعلّم، امنحه مساحة لاستكشاف الأمور بنفسه. وفّر له مجموعة متنوّعة من الألعاب والكتب والموادّ التي تشجّع على الاستكشاف، مثل مكعّبات البناء، أو أدوات الرسم، أو أدوات الاستكشاف في الطبيعة؛ سيمنحه هذا فرصة لاتّخاذ القرارات وتطوير مهارات حلّ المشكلات.  - الاستجابة لأسئلة الأطفال بعمق: عندما يسأل الأطفال "لماذا؟" أو "كيف؟" فإنّه من المغري إعطاؤهم إجابة سريعة، لكنّ الإجابة العميقة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا. شجّعهم على التفكير عن طريق طرح أسئلة مثل "ما رأيك؟"، أو "كيف يمكننا اكتشاف ذلك؟". هذا يعزّز لديهم مهارات التفكير الناقد، ويحافظ على اهتمامهم.  - تنظيم رحلات ميدانيّة: يمكن للزيارات إلى المتاحف والمراكز العلميّة والحدائق الطبيعيّة أن تقدّم للأطفال معلومات وتجارب جديدة. هذه الرحلات يمكن أن تثير فضولهم، وتعرّفهم إلى مفاهيم جديدة، وتساعدهم في ربط الأفكار المجرّدة بأمثلة من الحياة الواقعيّة.    تعزيز المهارات اللغويّة والتواصل  يُعدّ تطوّر اللغة عنصرًا أساسيًّا في النموّ الإدراكيّ لدى الأطفال، فهي الأداة الرئيسة للتعبير عن الأفكار، واستيعاب المفاهيم، وبناء الذاكرة وتقويتها.  - القراءة مع الأطفال يوميًّا: توسّع القراءة آفاق الأطفال، وتزيد مفرداتهم، وتعزّز مهارات الاستماع لديهم. اختر كتبًا تناسب أعمارهم، على أن تحمل نوعًا من التحدّي لتقديم مفردات وأفكار جديدة. لا تتردّد في إعادة قراءة الكتب المفضّلة، إذ إنّ التكرار يقوّي الذاكرة والفهم.  - تشجيع رواية القصص: اطلب من أطفالك أن يرووا قصصًا، أو يصفوا أحداث يومهم. هذا يساعدهم في تنظيم أفكارهم بشكل منطقيّ، ويحسّن قدرتهم على التعبير اللفظيّ، ويقوّي ذاكرتهم. أمّا إذا كان طفلك خجولًا، فقم أنت بالمبادرة واسرد قصّة عن يومك، ثمّ افتح له المجال لينضمّ إلى الحديث.  - العبوا ألعاب الكلمات: الألعاب مثل "أنا أرى" و"20 سؤالًا"، أو ألعاب القوافي يمكن أن تكون وسيلة ممتعة لتقديم مفردات ومفاهيم جديدة. حتّى وصف الأشياء أو الحيوانات بشكل مفصّل يمكن أن يساعد الأطفال في تعلّم اللغة الوصفيّة وتوسيع مفرداتهم.    تنمية الذاكرة باللعب  تعتبر الذاكرة جزءًا أساسيًّا من النموّ المعرفيّ لأنّها تدعم التعلّم، وحلّ المشكلات، والقدرة على الاحتفاظ بالمعلومات. يمكن أن تكون تمارين الذاكرة جزءًا من وقت اللعب بسهولة.  - اللعب بألعاب التطابق: الألعاب التي تستفزّ الذاكرة، أو ألعاب التطابق التي تتطلّب من الأطفال مطابقة الأزواج من البطاقات أو الصور، تساعد بشكل كبير في تحسين الذاكرة البصريّة والتركيز. كما أنّ الألعاب اللوحيّة التقليديّة التي تتطلّب تذكّر خطوات أو قواعد معيّنة يمكن أن تكون مفيدة لتطوير الذاكرة.  - سرد القصص باستخدام بطاقات التسلسل: تعرض بطاقات التسلسل صورًا بترتيب معين، مثل "أوّلًا، ثم، وأخيرًا". ترتيب الأطفال للبطاقات بالشكل الصحيح يبني مهارات الذاكرة، ويساعدهم في فهم السبب والنتيجة.  - ممارسة ألعاب الرياضيّات البسيطة: ألعاب العدّ والألغاز والأنشطة التي تتضمّن الأرقام يمكن أن تساعد الأطفال في تحسين الذاكرة. جرّب أنشطة مثل عدّ الخطوات أثناء المشي، أو جمع الأجسام الصغيرة مثل الحصى أو الألوان، لجعل الرياضيّات جزءًا من الحياة اليوميّة.    تشجيع حلّ المشكلات والتفكير النقديّ  يساعد حلّ المشكلات الأطفال في تعلّم كيفيّة مواجهة التحدّيات واتّخاذ القرارات والتفكير النقديّ. هذه المهارة ضروريّة للنجاح الأكاديميّ المستقبليّ والمرونة في الحياة.  - تقديم الألغاز والألعاب الذهنيّة: الألغاز المناسبة للعمر، مثل ألغاز الصور المتقطّعة، والألغاز المنطقيّة، والمستوى المبتدئ من سودوكو، يمكن أن تحسّن الوعي المكانيّ والصبر ومهارات حلّ المشكلات. ابدأ بألغاز أبسط، ثمّ قدّم الأصعب تدريجيًّا مع نموّ الطفل.  - إتاحة الفرصة للعب المستقلّ: عندما يشارك الأطفال في اللعب المستقلّ، يتعلّمون اكتشاف الأمور بأنفسهم. أنشئ منطقة يمكنهم فيها التجربة والبناء والإبداع. السماح لهم بالمحاولة والفشل والمحاولة مرّة أخرى يعزّز المرونة، ويقوّي مهارات حلّ المشكلات بشكل مستقلّ.  - طرح أسئلة افتراضيّة: اطرح أسئلة تشجّعهم على التفكير في نتائج أو حلول مختلفة، مثل "ماذا سيحدث إذا لم يعُد لدينا ماء بعد الآن؟"، أو "كيف ستشعر إذا كنت مكان تلك الشخصيّة؟". هذه الأسئلة تطوّر القدرة على التفكير المنطقيّ والتعاطف، وتحثّ الأطفال على التفكير في سيناريوهات متعدّدة.    تشجيع النشاط البدنيّ لتحسين وظائف الدماغ  النشاط البدنيّ ليس مهمًّا فقط للصحّة الجسديّة، بل يعزّز أيضًا الوظائف الإدراكيّة. فممارسة الرياضة تزيد من تدفّق الدم إلى الدماغ، وتحسّن التركيز، وتساعد في تنظيم الحالة المزاجيّة.  - الدمج بين الحركة والتعلّم: يمكن أن تكون الأنشطة التي تجمع بين الحركة والتعلّم مفيدة جدًّا. على سبيل المثال، الألعاب التي تتضمّن الركض والعدّ (مثل لعبة "الحجلة بالأرقام") يمكن أن تعزّز مهارات الرياضيّات.  - الاستمتاع بالطبيعة واللعب في الهواء الطلق: يعزّز الوقت الذي يقضيه الأطفال في الطبيعة التركيز والرفاهيّة النفسيّة. الأنشطة الخارجيّة مثل المشي والتسلّق والاستكشاف تدعم أيضًا حلّ المشكلات والوعي المكانيّ.  - تجربة تمارين التأمّل واليوغا للأطفال: تمارين التأمّل البسيطة، مثل التنفّس العميق أو التأمّل الموجّه، يمكن أن تساعد الأطفال في التركيز وتنظيم مشاعرهم وإدارة التوتّر. كما أنّ أوضاع اليوغا التي تتطلّب التوازن والتركيز تعتبر طريقة ممتعة لتقوية الرابط بين العقل والجسد.    تحديد وقت الشاشة وتعزيز الأنشطة العمليّة  بينما يمكن للتكنولوجيا أن تكون تعليميّة، فإنّ الاستخدام المفرط للشاشات يمكن أن يؤثّر سلبًا في النموّ المعرفيّ. وتشير الأبحاث إلى أنّ الأنشطة العمليّة أكثر فعّاليّة في بناء المهارات الإدراكيّة لدى الأطفال الصغار.  - تشجيع التعلّم العمليّ: امنح الأطفال الفرصة لاستكشاف العالم المادّيّ. الأنشطة مثل الطهو والبستنة، وحتّى الأعمال المنزليّة البسيطة، يمكن أن تعلّمهم دروسًا قيّمة في الرياضيّات والعلوم والمسؤوليّة.  - استخدام التكنولوجيا بشكل واعٍ: عندما يستخدم الأطفال الشاشات، اختر برامج تعليميّة أو تطبيقات ذات جودة عالية، تشجّع على التفاعل وحلّ المشكلات. ابحث عن تطبيقات تعزّز الإبداع والتفكير النقديّ أو تعلّم لغات جديدة، بدلًا من الترفيه السلبيّ.  - إنشاء روتين يومي متوازن بعيدًا عن الشاشات: أسّس روتينًا يتضمّن أنشطة غير مرتبطة بالشاشات، مثل القراءة، واللعب في الهواء الطلق، والمشاريع الإبداعيّة. هذا التوازن يساعد الأطفال في بناء الانتباه والانضباط، وهما عنصران أساسيّان للنموّ الإدراكيّ.    توفير الدعم العاطفيّ  تتّصل الصحّة العاطفيّة ارتباطًا عميقًا بالنموّ الإدراكيّ. فالطفل الذي يشعر بالأمان والدعم والحبّ، يكون أكثر قابليّة للتعلّم والتفاعل مع التحدّيات بطريقة إيجابيّة.    ***  لا يتعلّق تطوير المهارات المعرفيّة لدى الأطفال بحفظ الحقائق أو تحقيق الأهداف الأكاديميّة، بل بخلق بيئة تعزّز الفضول، وتدعم الصحّة العاطفيّة، وتشجّع الاستكشاف واللعب. عن طريق دمج هذه الاستراتيجيّات في الحياة اليوميّة، يمكن للأهل ومقدّمي الرعاية والمعلّمين مساعدة الأطفال في بناء الأدوات العقليّة التي يحتاجون إليها مدى الحياة من التعلّم. تذكّر أنّ كلّ طفل فريد من نوعه. لذا، كُن مرنًا، ولاحظ الأنشطة التي تتوافق أكثر مع طفلك، فالهدف يكمن في رعاية عقل متكامل وواثق وفضوليّ، ومستعدّ لمواجهة العالم.    المراجع   https://positivepsychology.com/cognitive-development-activities/  https://www.lillio.com/blog/preschool-cognitive-activities-overview  https://mawdoo3.com/%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://simimamaarabia.com/eg/ar/feeding-my-baby/cognition/enhance-cognitive-development 

هل يجب أن يكون الطفل مطيعًا دائمًا، أم من حقّه الاعتراض؟

يعتبر الكثيرون أنّ الطاعة تشكّل ركنًا أساسيًّا في التربية الجيّدة وتكوين السلوك السليم لدى الأطفال، إذ يتعلّمون منذ الصغر الاستماع إلى آبائهم وأمّهاتهم، واتّباع القواعد التي يضعها الكبار، وبالتالي احترام السلطة. وبشكل عامّ، تُعدّ الطاعة عنصرًا بالغ الأهمّيّة في المراحل المبكّرة من النموّ، إذ يعتمد الأطفال اعتمادًا كبيرًا على البالغين في التوجيه، ما يسهم في الحفاظ على السلامة والانضباط والنظام. وقد كان هذا التصوّر مقبولًا على نطاق واسع في معظم المجتمعات، لكن مع تزايد الاهتمام بالديمقراطيّة والذكاء العاطفيّ في التنشئة، بدأ يبرز سؤال جدير بالتأمّل: هل ينبغي أن يكون الأطفال مطيعين على الدوام، أم من حقّهم أن يعترضوا ويتساءلوا ويُعبّروا عن آرائهم المختلفة مع الكبار؟  ولكنّ الإجابة أعقد من مجرّد الاختيار بين نعم أو لا، فالتربية الحديثة تتطلّب إحداث توازن مدروس بين احترام استقلاليّة الطفل المتنامية، والحفاظ على الحدود والنظام وتوجيه البالغين. لذا، سنتعرّف في هذه المقالة إلى قيمة الطاعة، وأهمّيّة تعليم الأطفال التفكير النقديّ، بجانب كيفيّة تعزيز الحوار القائم على الاحترام بدلًا من الطاعة العمياء.    النظرة التقليديّة إلى الطاعة   لطالما اعتُبرت الطاعة علامة على نجاح تربية الطفل، عندما نرى أنّه ينفّذ كلّ ما يُقال له من دون معارضة أو تحدٍّ للسلطة، وبالتالي يُعتبر محترمًا وحَسَن الخُلق. ونرى أنّه في العديد من الثقافات لا تزال هذه النظرة راسخة الجذور، وتمثّل تجسيدًا لقيم احترام الكبير والانضباط والتسلسل داخل الأسرة.    أسباب تعليم الأطفال طاعة والديهم  هناك العديد من الأسباب الوجيهة لغرس الطاعة في نفوس الأطفال، مثل:  - الحفاظ على السلامة: يحتاج الأطفال إلى الاستماع إلى الكبار في مواقف قد يكون فيها تصرّفهم فاصلًا بين الحياة والموت، مثل عبور الشارع، أو اتّباع تعليمات الطوارئ في المدرسة، أو تجنّب الاختطاف.  - الأداء الاجتماعيّ: تُعدّ قدرة الطفل على إطاعة التوجيهات واحترام الشخصيّات التي تمثّل السلطة، أمرًا أساسيًّا للحفاظ على التعاون والانسجام داخل المجتمعات التي يغشاها الطفل، مثل الفصول الدراسيّة والنوادي والمجموعات الاجتماعيّة.  - بناء الشخصيّة: تُوفّر الطاعة للطفل إطارًا يستطيع بواسطته فهم الحدود والقواعد المقبولة في المجتمع، ما يساعد الأطفال في تعلّم ضبط النفس وتحمّل المسؤوليّة.  ولكن، في حين أنّ الطاعة قد تكون مفيدة، إلّا أنّ المشاكل تنشأ عندما تصبح التوقّع الوحيد، فلا تترك مجالًا للحوار، أو التعبير عن المشاعر، أو التفكير المستقلّ.    أخطار الطاعة العمياء  قد يبدو للبعض أنّ امتثال الأطفال من دون نقاش لكلّ ما يُقال لهم بمثابة طريق مختصر للحياة السلسة، والحفاظ على النظام والراحة، ولكنّه قد يؤدّي على المدى الطويل إلى عواقب غير مرغوبة، مثل:  الكبت وضعف الثقة  قد يواجه الأطفال الذين يُتوقّع منهم باستمرار فعل ما يُطلب إليهم، صعوبة في بناء ثقة في أفكارهم ومشاعرهم، وقد يبدؤون في الشكّ بغرائزهم، أو يعملون على كبت آرائهم خوفًا من التعرّض إلى العقاب أو الرفض.  ضعف مهارات اتّخاذ القرار  عندما لا يشجّع الآباء والأمّهات أطفالهم على ممارسة التفكير النقديّ أو تقييم المواقف، فقد يكبرون من دون تطوير المهارات اللازمة لاتّخاذ القرارات السليمة، وقد يستجيبون لضغوط أقرانهم، أو يمتنعون عن التعبير عن آرائهم في المواقف المختلفة، وذلك ببساطة لأنّهم لم يتعلّموا أنّ التساؤل والشك جزءان أساسيّان من التفكير السليم، بل ومن ضرورات الحياة أيضًا.   التعرّض إلى الإساءة  قد يصبح الأطفال الذين يتعلّمون طاعة جميع الشخصيّات التي تمثّل السلطة أكثر عرضة إلى الإساءة أو التلاعب من الآخرين. لهذا، يجب أن يتعلّموا كيف يقولون "لا"، وكيف يميّزون السلوك غير اللائق، ومن دون ذلك فقد لا يعرفون كيفيّة حماية أنفسهم.    تعليم حقّ الاعتراض باحترام  وهنا يكون السؤال: هل ينبغي أن نسمح للأطفال بالاعتراض؟ والجواب المختصر: نعم. ولكن يجب أيضًا أن نعلّمهم كيفيّة القيام بذلك بشكل بنّاء، فالطاعة والاحترام يختلفان بالتأكيد عن الصمت والخنوع، إذ يمكن للطفل أن يحافظ على الاحترام للكبار، مع التعبير عن اختلافه معهم.  خطوات تعليم الأطفال الاعتراض بشكل صحّيّ:  سنستعرض تاليًا خطوات تمكّن الوالدين من تشجيع أطفالهم على الاعتراض بشكل صحّيّ:  خلق مساحة آمنة للحوار   يحتاج الأطفال إلى إدراك أهمّيّة أفكارهم ومشاعرهم، لذا يجب أن نشجّعهم على مشاركة أفكارهم، حتّى لو اختلفت مع أفكارنا. فعلى سبيل المثال، إذا عبّر الطفل عن اعتراضه على أمر ما، فيمكن بدلًا من إسكاته أن نجري معه حوارًا، مثل أن نسأله: "ما الذي جعلك تشعر بهذه الطريقة؟"، أو "ما الحلّ المناسب في رأيك؟". بهذه الطريقة نستطيع تعليم الأطفال أنّ الاحترام أمر متبادل، وأنّهم قادرون على مواجهة السلطة في إطار معيّن، ولكن من دون إساءة.  تقديم القدوة في الاختلاف باحترام   تقول القاعدة إنّ الأطفال يتعلّمون كلّ شيء بالمراقبة، لذلك إذا عبّرت عن اختلافك مع الآخرين بهدوء واحترام أمامهم، فسيكتسبون هذه المهارة بسهولة. وبالتالي، تذكّر وأنت تتعامل مع الآخرين أنّك تقدّم لطفلك النموذج الذي يجب أن يحتذيه في التعبير عن آرائه من دون عنف أو ازدراء.   التفريق بين القواعد المرنة والقواعد غير القابلة للنقاش  عندما نتحدّث عن القواعد، يجب أن نتذكّر أنّها مختلفة؛ فهناك ما هو ضروريّ من بينها، مثل تلك المتعلّقة بالسلامة أو القيم العائليّة الأساسيّة، وهناك ما هو مُستحبّ، مثل الحفاظ على الروتين حتّى خلال الإجازة. لذا، قدّم للطفل خيارات قدر الإمكان. فمن القواعد غير القابلة للنقاش مثلًا: "يجب عليك ربط حزام الأمان عند ركوب السيارة"، ومن القواعد المرنة: "ذاكر دروس السنة القادمة خلال الإجازة". ويجب أن نتذكّر أنّ منح الأطفال شعورًا بقدرتهم على الاختيار وتمييز المطلوب منهم بأنفسهم، يُعلّمهم المسؤوليّة ويشجّعهم على التعاون.  تعليم الأطفال الجرأة وليس التحدّي  هناك فرق كبير بين طفل يسأل الكبير باحترام: "هل يمكنني شرح وجهة نظري من فضلك؟"، وبين طفل يصرخ فيه بوقاحة: "لن أفعل ما طلبته منّي". إذن، فتعليم الطفل كيف يكون جريئًا يتضمّن القدرة على التعبير عن احتياجاته، والرفض بأدب، وتقديم الحلول البديلة من وجهة نظره.  وجدت دراسة نُشرت في مجلة التربية الأخلاقيّة (2009)، للدكتورة نانسي آيزنبرغ - وهي خبيرة رائدة في تنمية الطفل - أنّ الأطفال الذين يُشجّعون على المشاركة في اتّخاذ القرار، ويُمنحون مساحة كافية للتعبير عن آرائهم، ينجحون في تطوير عقليّة تجمع بين الحفاظ على الأخلاق والتنظيم الذاتيّ، بشكل أقوى من أقرانهم الذين ينشؤون في بيئات منزليّة استبداديّة.  وأبرزت الدراسة أيضًا أنّ التربية السلطويّة - وهي نهج متوازن يجمع بين الدفء ووضع حدود حازمة - تؤدّي إلى تحقيق نتائج أفضل على المدى الطويل، بما في ذلك ارتفاع تقدير الذات، وتحسّن الأداء الأكاديميّ، والقدرة على بناء علاقات صحّيّة.    إيجاد التوازن: الطاعة + الاستقلاليّة  ليس هدف التربية بالتأكيد أن نجعل الطفل يطيع الجميع بشكل دائم، ولا أن يتحدّى السلطة على الدوام. وبما أنّ خير الأمور الوسط، فالتربية تهدف إلى جعل الطفل يعرف متى يتبع القواعد، ومتى يشكّك فيها، وكيف يفعل الأمرين بكلّ احترام وذكاء وثقة بالنفس.  ولكن، كيف يمكن تحقيق هذا التوازن بشكل عمليّ؟  - استمع إلى طفلك أكثر ممّا تتكلّم.  - ضع حدودًا واضحة للطفل، ولكن اسمح له بمساحة للمرونة والمشاركة.  - امدح طفلك في كلّ المواقف المرغوبة، عندما يطيع القواعد، وعندما يتواصل باحترام حتّى مع الاختلاف.  - صحّح سلوك الطفل من دون كبت صوته.    ***  لا ينبغي أن تطغى الطاعة على مساحة الطفل للتعبير. يجب علينا تعليم الأطفال اتّباع القواعد واحترام السلطة، ولكن ليس على حساب أفكارهم أو ثقتهم بأنفسهم أو هويّاتهم الفرديّة. فالطاعة لها دورها في تنشئة أطفال مسؤولين وواعين اجتماعيًّا، وفي تشجيعهم على التفكير والتساؤل والدفاع عن أنفسهم عند الحاجة.  يساعد الآباء أطفالهم على النموّ ليصبحوا أفرادًا بالغين مفيدين للمجتمع، بتهيئة بيئة منزليّة تتعايش فيها الطاعة مع الاختلاف المحترم، ما يجعلهم يتمتّعون بالثقة في النفس، ويعرفون متى يتبعون الآخرين، ومتى يقودونهم، وكيف يتحدّثون بلطف وإقناع، وكيف يتّخذون مواقف حاسمة. هذا هو المستقبل الذي نتمنّاه جميعًا لأطفالنا.    المراجع   https://www.mondaymorningmomschildcare.com/post/the-most-effective-way-to-teach-kids-respectful-behavior-is-to-model-it-yourself  https://www.notconsumed.com/teaching-children-to-want-to-obey/  https://www.thechildrenstrust.org/news/parenting-our-children/teaching-kids-to-respect-authority-without-quashing-their-natural-curiosity/   

أفضل الأنشطة المنزليّة لتنمية مهارات الأطفال

يتعلّم الأطفال بشكل أفضل عن طريق اللعب والاستكشاف والتجارب العمليّة، والمنزل هو المكان المثاليّ لرعاية نموّهم. كلّ لحظة يقضونها في المساعدة في المهامّ المنزليّة، أو في اللعب المنزليّ بعيدًا عن الشاشات، تقدّم فرصة لتطوير مهارات الحياة الأساسيّة لديهم. إذ يمكن للأنشطة المناسبة تعزيز الإبداع وقدرات حلّ المشكلات والتواصل، وحتّى الذكاء العاطفيّ،  كلّ ذلك مع إبقاء الأطفال منخرطين ومستمتعين.  مع القليل من التخطيط، يمكن للوالدين تحويل اللحظات اليوميّة إلى تجارب تعليميّة قيّمة، تُعِدّ الأطفال للنجاح في المدرسة وخارجها. في هذا المقال، سنستكشف بعضًا من أفضل الأنشطة المنزليّة لدعم التطوّر المعرفيّ والحركيّ والاجتماعيّ والعاطفيّ لدى الأطفال، ما يجعل التعلّم جزءًا طبيعيًّا وممتعًا من حياتهم اليوميّة.    القراءة معًا – بناء اللغة والخيال  القراءة واحدة من أكثر الطرق فعّاليّة لتطوير المهارات المعرفيّة والمفردات والفهم لدى الطفل. وقد أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين يقرؤون بانتظام يطوّرون مهارات القراءة والكتابة وقدرات التفكير النقديّ.  كيف تساعد القراءة في نموّ الطفل؟  - توسّع القراءة المفردات وتحسّن مهارات الاتّصال.  - تعزّز الخيال والإبداع.  - تشجّع على حبّ التعلّم.  كيف تمارس القراءة بفعّاليّة؟  - اقرأ الكتب المناسبة لعمر طفلك، من الكتب المصوّرة إلى كتب الفصول القصيرة.  - شجّع طفلك على توقّع ما سيحدث بعد ذلك في القصّة.  - اطرح أسئلة مفتوحة مثل: "ماذا ستفعل إذا كنت الشخصيّة في هذه القصّة؟"، لتعزيز التفكير النقديّ لدى طفلك.  - دع طفلك يعيد سرد القصّة بكلماته الخاصّة، لتحسين الذاكرة والفهم لديه.    الفنون والحرف اليدويّة – تشجيع الإبداع والمهارات الحركيّة الدقيقة  تسمح الأنشطة الإبداعيّة، مثل الرسم والتلوين والحرف اليدويّة مثل الخياطة على القماش، للأطفال بالتعبير عن أنفسهم، مع تحسين مهاراتهم الحركيّة الدقيقة، مثل التناسق بين حركات اليد والعين.  كيف تساعد الحرف اليدويّة في نموّ الطفل؟  - تعزّز الإبداع والتعبير عن الذات.  - تعزّز المهارات الحركيّة الدقيقة (مهمّة للكتابة والتحكّم في اليد).  - تبني الصبر والتركيز.  كيف يمارس طفلك الحرف اليدويّة بفعّاليّة؟  - وفّر موادّ مثل الورق والأقلام الملوّنة والدهانات والغراء والأشياء المُعاد تدويرها.  - شجّع طفلك على إنشاء قصصه الخاصّة عن طريق الرسم.  - شارك طفلك في الحرف اليدويّة ذات الطابع الخاصّ، مثل صنع بطاقات المعايدة، أو الدُّمى، أو مشاريع العلوم البسيطة التي يصنعها بنفسه.  - اعرض أعماله الفنّيّة في جميع أنحاء المنزل، لتعزيز ثقته بنفسه وتقديره لذاته.    الطبخ والخَبز – تعليم مهارات الحياة ومفاهيم الرياضيّات  يُعدّ الطبخ وسيلة رائعة لتعريف الأطفال بمهارات الحياة الأساسيّة، مثل التعاون والتعاطف والعطاء والإيثار. كما يحسّن فهمهم للرياضيّات والعلوم من ناحية أخرى.  كيف يساعد الطهو في تعليم الطفل مهارات الحياة؟  - يطوّر مهارات الرياضيّات الأساسيّة عن طريق قياس المكوّنات.  - يعلّم الصبر واتّباع التعليمات ومهارات حلّ المشكلات.  - يشجّع عادات الأكل الصحّيّة والوعي الغذائيّ.  - يعلّم الطفل بعض الأخلاقيّات.    كيف تجعل الطهو نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - ابدأ بوصفات بسيطة مثل البيتزا المصنوعة منزليًّا، أو السندويشات، أو سلطات الفاكهة.  - دع ​​طفلك يقيس المكوّنات بنفسه لممارسة حساب الأرقام والكسور.  - ناقش قوام الطعام وروائحه ومذاقه لتعزيز التطوّر الحسّيّ.  - كلّفه بمهامّ صغيرة، مثل التقليب أو السكب أو إعداد الطاولة، لتعزيز حسّ المسؤوليّة لديه.  - أخبره أنّ قضاء الوقت في إعداد الطعام لأهل المنزل نوع من العطاء والإيثار، وأنّها خصال حميدة.    ألعاب الألغاز وألعاب الطاولة – تعزيز المنطق والمهارات الاجتماعيّة  توفّر ألعاب الطاولة والألغاز طريقة ممتازة للأطفال لتطوير مهارات حلّ المشكلات، والتفكير المنطقيّ، والعمل الجماعيّ.  كيف تساعد الألعاب في نموّ الطفل؟  - تعزّز الألعاب والألغاز التفكير النقديّ والتخطيط الاستراتيجيّ.  - تحسّن الصبر والمثابرة.  - تعزّز المهارات الاجتماعيّة عن طريق تبادل الأدوار والتعاون.  كيف تجعل الألعاب نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - اختر الألغاز المناسبة لعمره، من الألغاز الخشبيّة البسيطة للصغار، إلى الألغاز المعقّدة للأطفال الأكبر سنًّا.  - شاركه ألعاب الطاولة، مثل الشطرنج أو السكرابل أو المونوبولي، لتطوير تفكيره الاستراتيجيّ.  - شجّع لديه مهارات حلّ المشكلات والتفكير التحليليّ، بطرح أسئلة مثل: "ما خطّتك للفوز بهذه اللعبة؟"    لعب الأدوار وتقمّصها - بناء الذكاء الاجتماعيّ والعاطفيّ  يسمح اللعب التظاهريّ أو تقمّص الأدوار للأطفال باستخدام خيالهم، وتطوير المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة الأساسيّة.  كيف يساعد تقمّص الأدوار في تنمية مهارات الطفل؟  - يحسّن مهارات التواصل ورواية القصص.  - يشجّع التعاطف والفهم السليم لردود الفعل العاطفيّة التي تصدر عنه وعن الآخرين من حوله.  - يساعد الأطفال في ممارسة سيناريوهات الحياة الواقعيّة في بيئة آمنة.  كيف تجعل من اللعب التظاهريّ نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - وفّر الأزياء والدعائم لألعاب لعب الأدوار، مثل التظاهر بأنّك طبيب أو مدرّس أو طاهٍ.  - استخدم الدُّمى أو الحيوانات المحشوّة لإنشاء ألعاب سرد القصص.  - مثّل المواقف الاجتماعيّة، مثل الطلب من المطعم أو زيارة الطبيب، لتحسين ثقة طفلك وسلوكيّاته، وتعليمه كيف يتعامل في مختلف المواقف اليوميّة، وماذا يتوقّع من الناس كذلك.    البستنة – تعليم المسؤوليّة والعلوم  تُعرّف البستنة الأطفال بالطبيعة والصبر والمسؤوليّة، مع تطوير فهمهم لكيفيّة نموّ الأشياء.  كيف تساعد البستنة في تنمية مهارات الطفل؟  - تُعلّم المسؤوليّة عن طريق رعاية النباتات والاهتمام بها.  - تُحسّن استيعاب المفاهيم العلميّة، مثل دورات حياة النبات والبناء الضوئيّ.  - تشجّع الوعي البيئيّ.  كيف تجعل البستنة نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - ابدأ بالنباتات سهلة النموّ، مثل الطماطم أو الأعشاب أو الزهور.  - علّم طفلك كيفيّة ريّ النباتات، ومراقبة نموّها، وإزالة الأعشاب الضارّة.  - ناقش دور ضوء الشمس والتربة والمياه في نموّ النباتات.    البناء باستخدام المكعّبات والليغو – تعزيز المهارات الهندسيّة والمكانيّة  تساعد أنشطة البناء باستخدام المكعّبات أو الليغو الأطفال في تطوير المهارات الإبداعيّة والابتكار والوعي المكانيّ.  كيف يساعد الليغو في تنمية مهارات الطفل؟  - يعزّز الإبداع والابتكار.  - يحسّن التنسيق بين اليد والعين.  - يشجّع الصبر والمثابرة.  - يحسّن المهارات التحليليّة بالتجربة والخطأ.  كيف تجعل الليغو وألعاب البناء نشاطًا فعّالًا لطفلك؟  - تحدَّ طفلك لبناء هيكل معيّن، مثل جسر أو منزل بشروط معيّنة.  - اطلب منه شرح خيارات التصميم الخاصّة به، لتطوير مهارات الاتّصال لديه.  - ادمج مفاهيم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات، عن طريق مناقشة التوازن والاستقرار.    ***  توفّر الأنشطة المنزليّة فرصًا رائعة للأطفال لتطوير مهاراتهم الحياتيّة الأساسيّة بطريقة ممتعة وجذّابة. سواء بالقراءة أو الطهو أو لعب الأدوار أو الاهتمام بالنباتات، فكلّ نشاط سيؤدّي دورًا في تشكيل نموّهم المعرفيّ والعاطفيّ والاجتماعيّ.  إذا قمت بدمج مجموعة متنوّعة من أنشطة بناء المهارات في الحياة اليوميّة، يمكنك إنشاء بيئة محفّزة تغذّي الإبداع ومهارة حلّ المشكلات والثقة لدى أطفالك؛ ما يُعدّهم للنجاح في العالم الحقيقيّ.  أفضل جزء في كلّ هذا، أنّ هذه الأنشطة تعمل أيضًا على تقوية الروابط الأسريّة؛ ما يجعل التعلّم تجربة ممتعة لكلّ من الوالدين والأطفال على حدّ سواء. لذا، في المرّة القادمة التي يقول فيها طفلك: "أنا أشعر بالملل"، سيكون لديك الكثير من الأنشطة المفيدة والمثرية لتقدّمها إليه!    المراجع   https://www.sitters.co.uk/blog/the-15-best-activities-for-children-to-help-them-learn-through-play.aspx  https://blog.brookespublishing.com/24-at-home-learning-activities-to-share-with-parents-of-young-children/  https://kids1st.org/educational-activities-for-kids-at-home/ 

أخطاء شائعة في تربية الأطفال وكيفيّة تجنّبها

تُعدّ تربية الأبناء واحدة من أكثر الرحلات متعةً في الحياة، ومن بين أكثرها تحدّيًا أيضًا. يسعى كلّ والدَين لتنشئة أطفال سعداء وناجحين ومسؤولين، ومع ذلك تبقى الأخطاء جزءًا لا مفرّ منه في هذا المسار. من الضروريّ أن نُدرك أنّه ليس هناك آباء وأمّهات مثاليّون، لكن ثمّة أخطاء شائعة قد تترك أثرًا سلبيًّا في النمو العاطفيّ والاجتماعيّ والإدراكيّ لدى الطفل. والخبر السارّ أنّه يمكن للوالدَين، بالتعرّف إلى هذه الأخطاء وتعلّم سبل تجنّبها، أن يوفّرا بيئة داعمة تُعزّز نموّ أطفالهم، وتمنحهم الثقة والمرونة في مواجهة الحياة. في هذا المقال، نستعرض أبرز هذه الأخطاء، ونقترح خطوات عمليّة لتجاوزها.    الإفراط في الحماية   إنّ رغبة الوالدَين في إبقاء فلذات أكبادهم سعداء وآمنين قد تدفعهم – بشكل غريزيّ – إلى التدخّل المستمرّ في حياتهم لتكون أسهل. وهذا ما يجعل الأمّ والأب أشبه بطائرة مروحيّة تحوم حول الأبناء طوال الوقت، وتتدخّل في شؤون حياتهم صعودًا وهبوطًا، ومن هنا جاء المصطلح الذي يُطلق على هذا النوع من الأهل: " الأهل الهليكوبتر".  الخطأ:  يتمتّع الكثير من الأهل بغريزة طبيعيّة لحماية أطفالهم من الأذى وخيبة الأمل والفشل. ومع ذلك، فالإفراط في الحماية يمكن أن يمنع الأطفال من تطوير الاستقلال ومهارات حلّ المشكلات والمرونة.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - اسمح لطفلك بالمخاطرة بما يتناسب مع عمره، مثل السماح له بتجربة أنشطة جديدة، أو اتّخاذ القرارات، أو التعامل مع النزاعات بمفرده.  - شجّع لدى طفلك القدرة على حلّ المشكلات، بطرح أسئلة مثل: "ماذا تعتقد أنّه يجب عليك فعله في هذا الموقف؟" بدلًا من تقديم الحلول الفوريّة.  - دع طفلك يختبر الإخفاقات الصغيرة، مثل خسارة اللعبة أو ارتكاب خطأ في الواجبات المنزليّة، لمساعدته في التعلّم من التحدّيات وبناء المرونة.    الانضباط غير المتّسق أو المتقطّع  الخطأ:  يتعامل بعض الأهل بصرامة في أحد الأيّام، ثمّ يتساهلون في اليوم التالي، ما يؤدّي إلى إرباك الطفل بشأن القواعد والتوقّعات. وقد يمارس آخرون الانضباط بشكل غير متّسق بين الأشقّاء، ما يجعل أحد الأطفال يشعر بأنّه يُعامَل بشكل غير عادل.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ضع قواعد واضحة ومتّسقة تنطبق في جميع الأوقات، وعلى جميع الأطفال في الأسرة.  - اتّبع العواقب في كلّ مرّة، سواء كانت العواقب في فقدان الامتيازات، أو مناقشة حول السلوك.  - تجنّب التهديدات الفارغة مثل: "إذا لم تتوقّف، فلن آخذك إلى الحديقة مرّة أخرى". بدلًا من ذلك، استخدم عواقب واقعيّة مثل: "إذا لم تشارك، فسوف نأخذ استراحة من اللعب حتّى تصبح مستعدًّا".   تحميل الأطفال مسؤوليّة التوقّعات المبالغ فيها  الخطأ:  يضع الكثير من الأهل، من دون وعي منهم، ضغوطًا مفرطة على أطفالهم للتفوّق في الدراسة أو الرياضة أو الأنشطة اللامنهجيّة. وفي حين أنّ التوقّعات العالية أمر جيّد، إلّا أنّ الضغط الزائد قد يؤدّي إلى التوتّر والقلق والإرهاق.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ركّز على الجهد بدلًا من النتائج. امدح طفلك على العمل الجادّ، وليس فقط على الفوز أو الحصول على أعلى الدرجات.  - شجّع الأنشطة التي يستمتع بها طفلك، بدلًا من دفعه إلى أشياء لا يحبّها فقط لأنّك ترى أنّ عليه القيام بها.  - امنح طفلك وقت فراغ للعب غير المنظّم، لتحقيق التوازن بين التعلّم والاسترخاء.    عدم وضع الحدود  الخطأ:  يتجنّب بعض الأهل وضع حدود صارمة لأنّهم لا يريدون إزعاج طفلهم، أو أن ينظر إليهم على أنّهم "صارمون للغاية". ومع ذلك، ستتفاجأ أنّ الأطفال يفضّلون حياة منضبطة، ويحتاجون إلى إرشادات واضحة ليشعروا بالأمان.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ضع قواعد صارمة، ولكن عادلة، للسلوك ووقت الشاشة ووقت النوم والمسؤوليّات.  - استخدم الانضباط اللطيف، مثل العواقب المنطقيّة، بدلًا من العقوبات القاسية.  - علّم طفلك سبب وجود القواعد. فبدلًا من أن تقول: "لأنّني قلت ذلك"، اشرح له بالقول: "نحن نحدّ من وقت الشاشة، لأنّ إمضاء الوقت الكثير أمامها يمكن أن يؤثّر في نومك وصحّتك".    عدم الاستماع إلى طفلك  الخطأ:  غالبًا ما يتجاهل الآباء والأمّهات مشاعر أو آراء طفلهم من دون أن يدركوا ذلك. فقول "أنت بخير، توقّف عن البكاء"، أو "هذا ليس بالأمر الكبير"، يمكن أن يجعل الطفل يشعر أنّه ليس هناك من يسمعه، وبالتالي يشعر بالإحباط.   كيفيّة تجنّب ذلك:  - مارس الاستماع النشط بالحفاظ على التواصل البصريّ والإيماء والاستجابة بالتعاطف.  - اعترف بمشاعر طفلك، حتّى ولو لم توافق. بدلًا من أن تقول: "من السخافة أن تشعر بالخوف"، قل: "أتفهّم أنّ الظلام مخيف. ماذا يمكننا أن نفعل لنجعلك تشعر بالأمان؟".  - شجّع التواصل المفتوح، حتّى يشعر طفلك بالراحة في مشاركة أفكاره من دون خوف من الحكم.    مقارنة طفلك بالآخرين  الخطأ:  من الشائع أن يقارن الآباء والأمّهات أطفالهم بالإخوة أو الأصدقاء أو زملاء الدراسة، بقول أشياء مثل: "لماذا لا يمكنك أن تكون أكثر شبهًا بأخيك؟" أو "صديقك يقرأ بالفعل، فلماذا لا تقرأ أنت؟".هذه واحدة من أكثر السلوكيّات التي من شأنها أن تُفقد الطفل احترامه لذاته وثقته بنفسه.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - أدرك أنّ كلّ طفل يتطوّر بوتيرته الخاصّة، ولديه نقاط قوّة فريدة.  - احتفل بإنجازات طفلك الفرديّة، بدلًا من مقارنتها بإنجازات الآخرين.  - ركّز على التقدّم بدلًا من الكمال. شجّع طفلك على التحسّن بناءً على أدائه السابق.    استخدام العقاب القاسي بدلًا من التأديب الإيجابيّ  الخطأ:  قد يؤدّي الصراخ أو الضرب أو استخدام العقوبات المفرطة إلى إيقاف السلوك السيّئ مؤقّتًا، ولكنّه قد يؤدّي إلى خلق مشاعر الخوف والاستياء، ومشاكل سلوكيّة طويلة الأمد.  كيفيّة تجنّب ذلك:  استخدم تقنيّات التأديب الإيجابيّة، مثل تحديد التوقّعات الواضحة، وتقديم الخيارات، واستخدام فترات الاستراحة للتفكير.  علّم طفلك العواقب بدلًا من العقاب. مثل أن تقول: "إذا نسيت القيام بواجبك المنزليّ، فسيتعيّن عليك تعويض الوقت لاحقًا"، بدلًا من معاقبته فقط.  كُن قدوة في التواصل الهادئ والمحترم، حتّى يتعلّم طفلك كيفيّة التعامل مع النزاعات بطريقة صحّيّة.    إهمال الآباء والأمّهات للرعاية الذاتيّة  الخطأ:  يركّز العديد من الآباء والأمّهات كثيرًا على أطفالهم، لدرجة أنّهم يهملون رفاهيّتهم الخاصّة. يمكن أن يؤدّي هذا إلى التوتّر والإرهاق، ما يؤثّر في جودة الأبوّة والأمومة والتربية.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - ضع رعاية الذات ضمن أولويّاتك، بتخصيص وقت للاسترخاء والهوايات والنموّ الشخصيّ.  - اطلب المساعدة عند الحاجة إليها، سواء من شريك أو صديق أو من الأهل.  - تذكّر أنّ الاعتناء بنفسك يشكّل قدوة لطفلك حول كيفيّة الحفاظ على حياة متوازنة وصحّيّة.    عدم تشجيع الاستقلال  الخطأ:  قد يبدو القيام بكلّ شيء لطفلك وسيلة لإظهار الحبّ، لكنّه قد يمنعه من تطوير الاستقلال ومهارات الحياة.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - اسمح لطفلك بأداء المهامّ المناسبة لعمره بمفرده، مثل ارتداء الملابس، أو التنظيف، أو اتّخاذ قرارات بسيطة.  - شجّع حلّ المشكلات بطرح السؤال مثل: "ماذا تعتقد أنّه يجب عليك فعله؟" بدلًا من تقديم حلول فوريّة.  - علّم طفلك المسؤوليّة بتكليفه بمهامّ صغيرة، ومساعدته في أن يشعر بالقدرة والثقة.    تجاهُل التطوّر العاطفيّ  الخطأ:  يركّز بعض الآباء فقط على الدراسة والانضباط، متجاهلين تنمية الذكاء العاطفيّ لدى أطفالهم. قد يواجه الأطفال الذين لا يتعلّمون كيفيّة إدارة مشاعرهم صعوبات في بناء العلاقات، والتعامل مع التوتّر، واتّخاذ القرارات أثناء مراحل نموّهم وتطوّرهم.  كيفيّة تجنّب ذلك:  - علّم طفلك كيف يحدّد مشاعره، ويعبّر عنها بطرق صحّيّة.  - استخدم التدريب العاطفيّ بقول: "أرى أنّك تشعر بالإحباط. دعنا نتحدّث عن ذلك".  - ساعده في تنمية التعاطف بمناقشة كيف يمكن أن يشعر الآخرون في مواقف مختلفة.    ***  تربية الأبناء تجربة تعليميّة تستمرّ مدى الحياة، والأخطاء جزء طبيعيّ من الرحلة. لكنّ المفتاح هو التعرّف إلى الأخطاء الشائعة، وإجراء تعديلات بسيطة تُحدث فرقًا في الطريقة التي نوجّه بها أطفالنا.  وتذكّر، لا يوجد أهل مثاليّون، وهذا أمر طبيعيّ. الأهمّ هو الاستمرار في التعلّم والتكيّف، وإظهار حبّك ودعمك وتقديرك لطفلك في كلّ الظروف.    المراجع    https://childrencentral.net/parenting-mistakes/  https://www.shichida.com.au/blog/5-common-parenting-mistakes/  https://trbeyah.com/r/%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A1-%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84