والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

تمارين القوّة للأطفال… ما العمر المناسب للبدء بها؟

عندما يذكر مصطلح تدريب القوّة، غالبًا ما نتخيّل أشخاصًا رياضيّين محترفين في منتصف العمر، يرفعون أوزانًا ثقيلة. على الرغم من أنّ هذه الصورة تبدو السائدة إلى حدّ كبير، إلّا أنّ تدريب القوّة ليس مخصّصًا للبالغين فقط، لكنّه مفيد للأطفال أيضًا، إذا ما تمّ بشكله الصحيح. ضع في اعتبارك أنّ تدريب القوّة يساعد في تقوية عظام الطفل، وتعزيز ضغط الدم ومستويات الكوليسترول في الدم، ويساعده في الحفاظ على وزن صحّيّ، ويعزّز لديه الثقة واحترام الذات.  نظرًا إلى ما يقدّمه تدريب القوّة من فرصة مميّزة لدعم نموّ الأطفال الجسديّ على أسس صحّيّة ومتينة، شهدنا في السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في الاهتمام بتعزيز لياقة الأطفال البدنيّة منذ سنّ مبكّرة.  ومع هذا الاهتمام المتنامي، بدأت تبرز بعض الأسئلة الشائعة، مثل: ما العمر المناسب لبدء تدريب القوّة؟ هل يعدّ آمنًا للأطفال؟ ما فوائده المتوقّعة؟ وكيف تمكن ممارسته بطريقة آمنة ومدروسة؟  في هذه المقالة، نستعرض مختلف جوانب تدريب القوّة للأطفال، ونوفّر للآباء والمعلّمين وأخصائيّي اللياقة البدنيّة المعلومات الأساسيّة التي تساعدهم في اتّخاذ قرارات مستنيرة لدعم صحّة الأطفال ونموّهم.    ما تدريب القوّة؟  يتضمّن تدريب القوّة الذي يُشار إليه أيضًا باسم تدريب المقاومة، تمارين تستخدم المقاومة لبناء قوّة العضلات والقدرة على التحمّل والقوّة. يمكن أن تأتي هذه المقاومة من الأوزان (مثل الدمبل أو أشرطة المقاومة)، أو تمارين وزن الجسم (مثل تمارين الضغط)، وغيرها.  من المهمّ ألّا نخلط بين تمارين القوّة ورياضات رفع الأثقال أو كمال الأجسام أو رفع الأحمال الثقيلة. فمحاولة بناء عضلات ضخمة قد تضع ضغطًا كبيرًا على العضلات الصغيرة والأوتار، ومناطق الغضاريف التي لم تتحوّل بعد إلى عظام (صفيحات النموّ)، وهو ما يرتبط بشكل خاصّ برياضة كمال الأجسام. أمّا تدريب القوّة للأطفال، فيتمحور حول تعزيز اللياقة البدنيّة والتنسيق والقوّة بشكل آمن ومدروس.  ومن الأفضل أن تكون تمارين المقاومة خفيفة، وأن تُنفّذ بحركات مضبوطة، مع التأكيد على عنصر السلامة والتقنيّة الملائمة. يمكن لطفلك أداء العديد من تمارين القوّة باستخدام وزن جسمه أو أحزمة المقاومة، كما تُعدّ الأوزان الحرّة وأجهزة التدريب خيارات ممكنة أخرى، شرط أن تُستخدم بإشراف مناسب.  في أيّ عمر يستطيع الطفل ممارسة تمارين القوّة؟  لا يوجد عمر محدّد يجب أن يبدأ فيه الأطفال تدريب القوّة، ولكن يتّفق معظم الخبراء على أنّه يمكن البدء في سنّ ٧ أو ٨ سنوات، بشرط أن يكون الطفل ناضجًا بما يكفي لاتّباع التعليمات، والالتزام بالوضعيّة الصحيحة أثناء التمارين. ففي هذا العمر، يكون الأطفال قد طوّروا عادة قدرًا كافيًا من التوازن والتنسيق والتحكّم في حركاتهم. ووفقًا للأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال (AAP)، يمكن للأطفال قبل سنّ البلوغ المشاركة بأمان في تمارين القوّة، طالما أنّ البرامج الرياضيّة المصمّمة مناسبة لعمرهم، وخاضعة للإشراف الجيّد، وتركّز على التقنيّة المناسبة بدلًا من التركيز على رفع الأثقال.    ما فوائد تمارين القوّة للأطفال؟  يوفّر تمرين القوّة للأطفال مجموعة واسعة من الفوائد البدنيّة والعقليّة والاجتماعيّة، بعض أهمّها:  1. تحسين قوّة العضلات والقدرة على التحمّل  تعمل تمارين القوّة على زيادة قوّة عضلات الأطفال، ما يساعدهم في أداء الأنشطة اليوميّة بسهولة أكبر ومخاطر إصابة أقلّ. كما إنّها تعزّز القدرة على التحمّل، وهو أمر مهمّ للأطفال المشاركين في الرياضة، أو أيّ أنشطة تتطلّب مجهودًا بدنيًّا.  2. تحسين المهارات الحركيّة والتنسيق  يعمل تمرين القوّة على تحسين التنسيق والتوازن والمهارات الحركيّة بشكل عامّ. يساعد هذا الأطفال في إتقان الحركات المختلفة، ليصبحوا بالتالي أكثر رشاقة وثقة جسديّة، وهو أمر مفيد بشكل خاصّ للأطفال الذين يشاركون في الرياضة.  3. زيادة كثافة العظام  تضع تمارين القوّة ضغطًا على العظام، ما يحفّز نموّها ويزيد من كثافتها. وهذا مفيد للأطفال على وجه الخصوص، إذ كلّما كانت العظام أقوى، قلّ خطر الإصابة بالكسور والإصابات الأخرى في وقت لاحق من الحياة.  4. السيطرة على الوزن الصحّيّ  في الوقت الذي تزيد فيه معدّلات السمنة باستمرار، تأتي تمارين القوّة لتؤدّي دورًا رئيسًا في مساعدة الأطفال في إدارة وزنهم والسيطرة عليه. تسيطر تمارين القوّة على نسبة الدهون في الجسم، وتساعد في بناء الكتلة العضليّة، ما يعزّز عمليّة التمثيل الغذائيّ، ويدعم تكوين الجسم الصحّيّ.  5. تعزيز الصحّة النفسيّة  لا تقتصر فوائد تمارين القوّة على الفوائد البدنيّة فحسب، بل يمكن أن تكون عاملًا أساسيًّا في تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال. إنّ رؤيتهم لأنفسهم يزدادون قوّة وقدرة على التحمّل، يمكن أن يمنحهم شعورًا بالإنجاز، وهو ما يولّد لديهم شعورًا بالراحة تجاه أنفسهم. أضف إلى ذلك أنّ التمرين والنشاط البدنيّ عمومًا يقلّل من القلق، ويحسّن المزاج، ويزيد من احترام الذات.  6. تقليل مخاطر الإصابة  تساعد التمارين في تقوية العضلات والأوتار والأربطة، وهذا يقلّل من المخاطر التي قد تنتج عن إصابة الأطفال، سواء أثناء أنشطتهم اليوميّة أو ممارسة الرياضة.     هل تمارين القوّة آمنة للأطفال؟  أحد أكثر المخاوف شيوعًا بين الآباء بشأن تمارين القوّة للأطفال هو ما إذا كانت هذه التمارين آمنة أم لا. والإجابة المختصرة هي: نعم، عندما تُمارَس بالشكل الصحيح. فقد أظهرت العديد من الدراسات أنّه، مع الإشراف المناسب، يمكن للأطفال المشاركة في تدريب القوّة بأمان، من دون زيادة في خطر الإصابة.  ومع ذلك، هناك اعتبارات أمان مهمّة يجب أخذها في الحسبان:  الإشراف المناسب: يجب أن يشرف على تدريب الطفل مدرّب متخصّص في تشريح الأطفال وأنماط نموّهم؛ لأنّه سيتمكّن من مراقبة الطفل، وتحديد الشكل والتقنيّة المناسبين له أثناء التمرين لتجنّب الإصابات، لا سيّما مع الأطفال الصغار.  تجنّب الأوزان الثقيلة: يجب ألّا يرفع الأطفال أوزانًا ثقيلة، لأنّها تضع ضغطًا مفرطًا على العضلات والمفاصل التي ما تزال في طور النموّ. بدلًا من ذلك، يجب أن يبدؤوا بتمارين وزن الجسم والمقاومة الخفيفة، ليتمكّنوا من السيطرة على حركة أجسامهم.  الراحة والتعافي: كما هو الحال مع البالغين، يحتاج الأطفال إلى وقت للراحة والتعافي بين جلسات تدريب القوّة. يمكن أن يؤدّي الإفراط في التدريب إلى الإرهاق وزيادة احتماليّة الإصابة، لذلك يجب ألّا يتدرّب الأطفال أكثر من مرّتين أو ثلاث مرّات في الأسبوع، مع ضمان الراحة الكافية بينها.  التمارين المناسبة للعمر: يجب أن تكون تمارين القوّة للأطفال مصمّمة لتتناسب مع أعمارهم ومرحلة نموّهم. إذ يُنصح أن تكون التمارين وظيفيّة وممتعة، مع التركيز على حركات الجسم بالكامل، والتي تشرك مجموعات عضليّة متعدّدة.  الإحماء والتمدّد: يعدّ الإحماء الحركيّ قبل ممارسة الرياضة والتمدّد الثابت بعدها أمران ضروريّان؛ إذ يمكن أن تساعد التمدّدات الديناميكيّة أو الأنشطة الهوائيّة الخفيفة قبل التدريب في تحضير العضلات وتهيئتها، وتقليل خطر الإصابة، بينما تساعد التمدّدات الثابتة بعد التمرين في الاستشفاء العضليّ، وتقليل وجع العضلات الناتج عن التمرين.    خطوات لبدء برنامج تمارين القوّة للأطفال  إذا كنت تفكّر أن تبدأ بتدريب طفلك على تمارين القوّة، فمن الضروريّ التعامل معه بطريقة تضمن له السلامة والمتعة معًا.   إليك هذه الطريقة:  - ابدأ بتمارين وزن الجسم  يمكن للأطفال أن يبدؤوا تدريب القوّة بتمارين وزن الجسم البسيطة، مثل تمارين الضغط والقرفصاء، وتمرين الاندفاع (Lunges)، والبلانك، والقفز. تساعد هذه التمارين في تطوير القوّة والتوازن من دون الحاجة إلى الأوزان.  - ابدأ بتمارين المقاومة تدريجيًّا  بمجرّد أن يتقن طفلك تمارين وزن الجسم، يمكنك البدء بتمارين المقاومة باستخدام الأوزان الخفيفة، أو أشرطة المقاومة، أو حتّى زجاجات المياه. ابدأ دائمًا بأوزان خفيفة لضمان تمكّنه من أداء التمارين بالشكل الصحيح.  - ركّز على الأداء الصحيح  سرّ تدريب القوّة الآمن يكمن في إتقان الأداء أو الشكل الصحيح قبل زيادة وزن المقاومة. علّم طفلك كيفيّة أداء كلّ تمرين بالوضعيّة والتقنيّة الصحيحة، ومن الضروريّ إشراف شخص بالغ أو مدرّب مطّلع، لمنع العادات السيّئة أو الإصابات.  - اجعل الأمر ممتعًا  قد لا يبدو التمرين فكرة رائعة للأطفال، إلّا إذا كان ذلك يتضمّن بعضًا من الترفيه. أدرج الألعاب أو التحدّيات أو الأنشطة التي تجعل جلسات التدريب ممتعة. على سبيل المثال، شجّعهم عن طريق التحدّيات أو استخدم مسابقات ودّيّة لإبقائهم متحفّزين.  - حافظ على الاستمراريّة والمرونة  الاستمراريّة ستضمن لك ولطفلك الحصول على فوائد طويلة الأمد. شجّع طفلك على التدرّب مرّتين إلى ثلاث مرّات في الأسبوع، مع السماح بأيّام راحة بين حصص التمرين. ومع ذلك، من الضروريّ أيضًا أن تكون مرنًا، وأن تدرك أنّ الأطفال قد يفقدون الاهتمام أو ينشغلون بأنشطة أخرى، لذلك شجّعه على العودة إلى التمرين إذا انشغل عنه لأيّ سبب كان.   - استشر أخصّائيًّا  إذا لم تكن متأكّدًا من كيفيّة البدء في التمارين مع طفلك، أو من تصميم برنامج تدريبيّ مناسب له، فكّر في استشارة أخصّائيّ في اللياقة البدنيّة يمتلك خبرة في العمل مع الأطفال، ليساعدك في بناء خطّة آمنة وفعّالة ومستدامة.  ***  عندما تُمارس تمارين القوّة في بيئة خاضعة للرقابة والإشراف، يمكن أن تساعد الأطفال والمراهقين، على اختلاف قدراتهم الرياضيّة، في تحسين قوّتهم وصحّتهم ورفاهيّتهم بشكل عامّ. إنّ الفوائد الصحّيّة لتمارين القوّة تفوق بكثير المخاطر المحتملة، لا سيّما في مجتمعات اليوم التي تستمرّ فيها معدّلات السمنة بين الأطفال في الارتفاع.  طالما أنّ التركيز ينصبّ على المتعة والسلامة والتقدّم التدريجيّ، فإنّ تمارين القوّة توفّر للأطفال فوائد بدنيّة ونفسيّة مدى الحياة، وهذا يعدّهم لحياة أكثر صحّة ونشاطًا.    المراجع https://www.nationwidechildrens.org/specialties/sports-medicine/sports-medicine-articles/strength-training-for-children-can-we-do-that  https://www.verywellfit.com/a-weight-training-workout-for-children-3498516  https://health.choc.org/is-strength-training-safe-for-kids-and-teens/ 

العزلة الاجتماعيّة عند الأطفال: متى تصبح مُقلقة؟

الأطفال بذور إنسانيّة تنمو بالحبّ والتواصل، فهم منذ أولى خطواتهم في الحياة يبحثون بفطرتهم عن الروابط الإنسانيّة؛ بالضحكات البريئة، وفرحة المشاركة، وحواراتهم الصغيرة. هذه التفاعلات ليست مجرّد وسيلة يستخدمونها لتكوين الصداقات، بل اللبنات الأولى لبناء شخصيّة متوازنة، تكتسب ذكاء المشاعر وبلاغة الكلمات والثقة بالنفس.  لكنّ عالم الطفولة يزخر بالتنوّع، إذ يختلف الأطفال في طرق تعبيرهم عن أنفسهم؛ فبعضهم يفضّل مراقبة الحياة من زاوية هادئة، أو يجد متعته في العزلة. وغالبًا ما يكون هذا الخجل مجرّد ظاهرة عابرة، وسحابة صيف سرعان ما تتبدّد. لكن أحيانًا، قد تُخفي هذه العزلة وراءها مشكلات نفسيّة تحتاج إلى العناية والعلاج.  تسبر هذه المقالة أغوار العزلة الاجتماعيّة عند الأطفال، وترسم الحدّ الفاصل بين الخجل الطبيعيّ والانطواء المُقلق، وترسم خارطة طريق للوالدين في إدراك هذه المشكلة ودعم أطفالهم.     تعريف العزلة الاجتماعيّة عند الأطفال  يمكن تعريف العزلة الاجتماعيّة عند الأطفال بأنّها نمط مستمرّ من الانسحاب من التفاعل الاجتماعيّ، ومحدوديّة في علاقات الأقران، وقلّة المشاركة في الأنشطة الجماعيّة. وهنا، من المهمّ التمييز بين العزلة الاجتماعيّة وبين العزلة المؤقّتة، والتي قد تُشكّل جزءًا صحّيًّا من شخصيّة الطفل. فبعض الأطفال يستمتعون بقضاء الوقت بمفردهم، خصوصًا بعد فترات الدراسة أو التحفيز المفرط، وقد يكون بعضهم انطوائيًّا بطبيعته، لذا يجد متعة في الهدوء بدلًا من الضوضاء. وقد يمرّ أطفال بفترات قصيرة من الانسحاب بسبب تغيّرات في الحياة؛ مثل الانتقال إلى منزل جديد، أو تغيير المدرسة، أو معاناة مشكلات داخل الأسرة.   وببساطة نقول: عندما تكون العزلة شديدة ومستمرّة، بحيث تؤثّر في نموّ الطفل بشكل عامّ، فإنّها تصبح علامة تحذيريّة.    متى تصبح العزلة الاجتماعيّة مصدرًا للقلق؟  نؤكّد من جديد: لا يُشترط أن تكون عزلة الطفل في جميع الأحيان ضارّة، ولكن هناك علامات تشير إلى أنّ الانسحاب الاجتماعيّ لدى الطفل، يُعدّ مؤشّرًا على مشكلة أعمق، ومن العلامات المهمّة على ذلك:    التجنّب المستمرّ للمواقف الاجتماعيّة: إذا كان الطفل يتجنّب باستمرار قضاء الوقت مع أقرانه، أو الاشتراك في الأنشطة الجماعيّة أو الفعاليّات المدرسيّة، أو حتّى يتغيّب عن المدرسة نفسها، فقد يشير ذلك إلى مشكلة تتجاوز الخجل.  قلّة الصداقات: لا يُشترط أن تكون علاقات الأطفال الاجتماعيّة كبيرة، فقد يكون لدى الطفل صديق أو صديقان، ولكن بشكل عامّ، إذا كان الطفل لا يتحدّث عن أصدقائه على الإطلاق، أو لا يدعوهم إلى اللعب، أو يبدو أنّ أقرانه يستبعدونه من اللعب، فهي علامة جديرة بالقلق.  الألم العاطفيّ: قد يُظهر الأطفال المعزولون اجتماعيًّا علامات على الحزن أو القلق أو الانفعال أو نقص في احترام الذات، إذ قد يكرّرون عبارات مثل "لا أحد يحبّني"، أو "لا أحبّ فصلي"، أو "الأطفال لا يشركونني في اللعب".  المعاناة من مشكلات دراسيّة وعمريّة: يمكن أن تؤثّر العزلة الاجتماعيّة في جوانب أخرى من حياة الأطفال، إذ قد يفقدون اهتمامهم بالمدرسة، أو يظهرون تراجعًا في الأداء الدراسيّ، أو ينكصون إلى سلوكيّات كانوا يمارسونها في عمر أصغر.  زيادة استخدام الهاتف والحاسوب: في حين أنّ التفاعل في العالم الرقميّ يمكن أن يكون بديلًا للتواصل الاجتماعيّ، فإنّ الأطفال الذين ينكبّون بشكل كبير على الشاشات، يكون هدفهم تعويض صداقات العالم الحقيقيّ التي لا يحصلون عليها.        الأسباب المحتملة للعزلة الاجتماعيّة  يُعدّ فهم جذور عزلة الطفل الخطوة الأولى لتقديم الدعم الذي يحتاج إليه، وتشمل الأسباب الشائعة للعزلة الاجتماعيّة عند الأطفال:   - الخجل أو القلق الاجتماعيّ: يميل بعض الأطفال بطبيعتهم إلى تجنّب المواقف الاجتماعيّة. وقد يعاني البعض الآخر القلق عند مقابلة أشخاص جدد، أو دخول بيئات غير مألوفة بالنسبة إليهم.   - التنمّر أو الرفض من الأقران: يمكن أن يؤدّي تعرّض الأطفال إلى التجارب الاجتماعيّة السلبيّة - مثل التنمّر والمضايقات الجسديّة - إلى الانطواء ومحاولة تجنّب أقرانهم تمامًا.  - تدنّي احترام الذات: يفكّر الأطفال الذين يعانون الشعور بقلّة قيمتهم أو تدنّي الثقة بأنفسهم، أنّ الآخرين لن يحبّوهم، لأنّهم لا يملكون ما يُقدّمونه لنيل إعجاب الآخرين.  - الاختلافات في النموّ: قد تؤدّي معاناة الأطفال من مشكلات مثل اضطراب طيف التوحّد، أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو تأخّر الكلام ومشكلات اللغة، إلى عدم قدرتهم على تكوين علاقات اجتماعيّة مع أقرانهم أو الحفاظ عليها.   - دور الأسرة: يمكن أن تؤدّي العلاقات المضطربة في المنزل، أو التربية المفرطة في الحماية، إلى تقليل تعرّض الطفل إلى المواقف الاجتماعيّة، وبالتالي ضعف ثقته بنفسه.     دور الوالدين في الكشف المبكّر والدعم  الأب والأمّ الأكثر قدرة على رصد العزلة الاجتماعيّة لدى الأطفال ومساعدتهم في التعافي منها، ويمكن القيام بذلك بعدّة خطوات مثل:   مارس الملاحظة من دون إصدار أحكام: أي الانتباه الجيّد لعادات طفلك الاجتماعيّة ومزاجه وسلوكه بشكل عامّ. حاول الإجابة على أسئلة مثل: هل يقضي طفلك معظم وقته بمفرده؟ هل يتجنّب الحديث مثلًا عن المدرسة أو زملائه؟ هل يظهر علامات ضيق عند ذكر أيّ مكان يتردّد إليه، مثل المدرسة أو النادي؟ ولكن، تذكّر أنّك، وبدلًا من أن تحاول الحصول على إجابات فوريّة لأسئلتك، وفّر مساحة للحوار، مثل أن تسأله: "لماذا تقضي وقتًا طويلًا بمفردك؟" أو "كيف تشعر تجاه المدرسة وأصدقائك في الفترة الأخيرة؟" وهذا قد يفتح بابًا للنقاش تحصل منه على معلومات قيّمة.   تجنّب إطلاق الأوصاف: يجب الامتناع تمامًا عن وصف الطفل بأيّ صفة سلبيّة، حتّى لو على سبيل المزاح، مثل أنّه خجول أو غير اجتماعيّ أو لا يعرف كيف يتكلّم، لأنّها تزرع في نفس طفلك تصوّرات سلبيّة عن نفسه، أو تُعزّزها. وبدلًا من ذلك، حاول أن تُطمئن طفلك أنّه ليس من العيب أن يكون مختلفًا، فكلّ شخص يتواصل اجتماعيًّا بطرق مختلفة.   شجّعه على التفاعل الاجتماعيّ بالتدريج: يمكن أن يكون التدرّج حلًّا سحريًّا للعزلة الاجتماعيّة، لذا حاول مساعدة طفلك على التأقلم مع المواقف الاجتماعيّة. والأفكار كثيرة هنا، مثل أن تسجّله في نادٍ أو صفّ يناسب اهتماماته، أو أن تجد مجتمعًا يشعر فيه بفرصة للتفاعل من دون ضغوط، ويمكنك مصاحبته في البداية حتّى يشعر بالأمان. فالهدف هو أن يبني ثقة في نفسه تدريجيًّا، وليس فرض سلوك منفتح عليه.   تذكّر أنّك قدوة: يحاول الأطفال على الدوام تقليد سلوك البالغين، وبالذات سلوك الوالدين، لذا دع طفلك يراك تتفاعل في المواقف الاجتماعيّة بإيجابيّة وثقة، وتعمّد إظهار التعاطف والانفتاح في تفاعلاتك مع الآخرين، حتّى يدرك حلاوة الاندماج مع أقرانه.   علّمه المهارات الاجتماعيّة: وهذا أمر شديد الأهمّيّة، ففي بعض الأحيان لا ينعزل الأطفال بشكل متعمّد، بل إنّهم قد يفتقرون ببساطة إلى أدوات التواصل الاجتماعيّ. وهنا يكون دورك في تدريب طفلك على التفاعل مع الآخرين، مثل إلقاء التحيّة، والتواصل البصريّ، والابتسام، واختيار الكلمات وغيرها، وذلك عن طريق لعب الأدوار أو سرد القصص. يمكنك أن تقول له: "لنتخيّل أنّك قابلت زميلًا جديدًا في المدرسة، ماذا ستقول له؟".     متى تطلب المساعدة المهنيّة؟  إذا كانت عزلة طفلك الاجتماعيّة تؤثّر بشكل كبير في مزاجه أو نموّه أو ممارسة حياته اليوميّة، ولم تجد الخطوات السابقة نفعًا، فقد يكون الوقت قد حان لاستشارة اختصاصيّ الصحّة النفسيّة أو طبيب الأطفال. إذ يمكن للاختصاصيّين تقييم المشكلات الكامنة، مثل اضطراب الرهاب الاجتماعيّ، واضطراب طيف التوحّد، والصدمات الناجمة عن التجارب السلبيّة، وغيرها من المشكلات.  وتذكّر دائمًا أنّ التدخّل المبكر يوفّر الكثير من الوقت والجهد في ما بعد، إذ يمكن للأطفال، مع الحصول على الدعم المناسب، تعلّم كيفيّة مواجهة التحدّيات الاجتماعيّة، وبناء علاقات اجتماعيّة قويّة مع مرور الوقت.  لماذا يجب معالجة العزلة الاجتماعيّة عند الأطفال؟  تجب الإشارة إلى مفهوم مغلوط هنا، وهو أنّ الهدف النهائيّ من معالجة العزلة الاجتماعيّة هو تحويل كلّ طفل إلى شخص منفتح، بل الهدف مساعدته في بناء الثقة في نفسه، ومعرفة كيفيّة التواصل الفعّال. وكلّ طفل يختلف عن أقرانه، فبعضهم يحبّ التواجد في مجموعات كبيرة، والبعض الآخر يبحث عن الصداقات الفرديّة والهدوء، والأهمّ للجميع هو أن يشعروا بالانتماء والدعم والتقدير.  وعلى الجانب الآخر، من الطبيعيّ أن يمرّ الأطفال في فترات من الهدوء، أو أن يفضّلوا اللعب المنفرد بين الحين والآخر. ولكن من جديد، عندما يكون الانسحاب الاجتماعيّ طويل الأمد، أو شديدًا، أو يعوق ممارسة الطفل لحياته، فينبغي عدم تجاهله.    ***  وفي النهاية، دور الأب والأمّ محوريّ في مساعدة أطفالهم في تعلّم بناء الصداقات والتواصل مع العالم خارج البيت. فبالصبر والتعاطف وتقديم الدعم في الوقت المناسب، يمكن حتّى لأكثر الأطفال انطوائيّة أن يتعلّموا التفاعل مع العالم من حولهم، بطريقة تشعرهم بالأمان والرضا عن أنفسهم.    المراجع  https://www.scielo.br/j/rpp/a/ZjJsQRsTFNYrs7fJKZSqgsv/?lang=en  https://socialworker2009.ahlamontada.net/t1684-topic

ما الأفضل: تشجيع الطفل على تحقيق التفوّق، أم تركه يستكشف شغفه؟

جميعنا نحمل في قلوبنا تلك الأمنية الدافئة: أن نرى أبناءنا يحقّقون ما لم نحقّقه، وأن يكبروا بثقة، ويشقّوا طريقهم نحو النجاح بإرادة صلبة وأحلام كبيرة. نأمل أن نراهم يزهرون، لا في أعين الآخرين وحسب، بل في أعين أنفسهم. لكن كيف يمكننا أن نكون عونًا حقيقيًّا في هذه الرحلة؟ هل يكمن الدعم في دفعهم نحو التفوّق الأكاديميّ بتوقّعات عالية ونتائج ملموسة؟ أم الأفضل أن نمنحهم المساحة الكافية لاكتشاف شغفهم الفريد، حتّى لو خرج هذا الشغف عن إطار النجاح التقليديّ؟  يحتلّ هذا السؤال مركز النقاش في التربية الحديثة، وهو ليس مجرّد مفاضلة بين نهجَين متعارضَين، بل دعوة للبحث عن توازن حكيم. فالتربية الفعّالة لا تتطلّب التضحية بأحد الجانبَين، بل تمزج بين التحفيز نحو الإنجاز، والاحتفاء بما يجعل الطفل متفرّدًا ومندفعًا من الداخل.  في سطور هذا المقال، سنغوص في كلا الاتّجاهَين، ونستكشف كيف يمكن لروح التفوّق وحيويّة الشغف أن يتكاملا لبناء شخصيّة متوازنة ومستقلّة، وقادرة على رسم مسارها الخاصّ نحو النجاح الحقيقيّ.    فوائد تشجيع الطفل على السعي نحو التفوّق  تشجيع الأطفال على السعي نحو التفوّق، سواء في الدراسة أو الرياضة أو الفنون أو أيّ مجال يبرعون فيه، ليس مجرّد دفع نحو النجاح، بل هو غرس لقيم راسخة تُشكّل جوهر شخصيّتهم. فالتفوّق لا يعني الكمال، بقدر ما يعني تعلّم الانضباط والتركيز والعمل الهادف. كثير من المبدعين والقادة ينسبون إنجازاتهم إلى من آمنوا بهم، ووضعوا لهم سقفًا طموحًا، ودفعوهم إلى تجاوز حدودهم المألوفة.   وهذه بعض أهمّ فوائد تشجيع الطفل على السعي نحو التفوّق:  - بناء أخلاقيّات العمل والمثابرة: حين يُحفَّز الطفل على التميّز، يتعلّم منذ سنّ مبكّرة أنّ الإنجاز لا يأتي صدفة، بل هو ثمرة جهد وصبر. يتدرّب على مواجهة الصعوبات، وتنمو لديه القدرة على تجاوز العقبات بثبات، وهو ما يُكوّن شخصيّة مرنة، قادرة على المضيّ قدمًا على رغم التحدّيات.  - فتح الأبواب نحو الفرص: التميّز غالبًا ما يخلق مسارات جديدة. فقد يفتح لطفلك أبواب منح دراسيّة، أو فرصًا في مسابقات محلّيّة وعالميّة، أو يمنحه موقعًا قياديًّا في فريق أو نشاط. مثل هذه الفرص لا تكتفي بتكريمه على جهده، بل توسّع آفاقه وتغني تجربته الشخصيّة.  - تعزيز الثقة بالنفس: لا شيء يُشعل شرارة الثقة داخل الطفل مثل شعوره بأنّه قادر، وبأنّ جهده يُثمر، وأنّه يستطيع تحقيق ما يسعى له. هذا الإحساس بالقدرة يُشكّل درعًا داخليًّا يرافقه مدى الحياة، في وجه الشكوك والتحدّيات.    لكن، وبينما يحمل السعي نحو التفوّق فوائد كبيرة، لا بدّ من التحذير من الوجه الآخر للمبالغة فيه. فعندما يصبح الإنجاز المعيار الوحيد للتقدير والحبّ، قد يبدأ الطفل بربط قيمته الذاتيّة بما يحقّقه، لا بما هو عليه. حينها، قد يخشى الفشل، أو يتردّد في خوض تجارب جديدة خوفًا من ألّا يكون "جيّدًا بما يكفي". بل قد يُصاب بالقلق، أو يفقد الشغف بما كان يحبّه يومًا.    فوائد اتّباع الشغف في حياة الطفل  على الجانب الآخر من معادلة التربية، هناك من يؤمن بأنّ الأطفال يزدهرون حين يُمنحون الحرّيّة لاكتشاف عوالمهم الداخليّة، وأنّ الشغف، لا الضغط، هو ما يُشعل شرارة التعلّم الحقيقيّ. فحين ينبع الدافع من الداخل، يصبح الطفل أكثر حيويّة، وأكثر قدرة على التعلّم والنموّ من دون انتظار مكافأة أو تصفيق خارجيّ.  وهذه بعض أهمّ فوائد غرس الشغف في حياة الطفل:  - تعزيز الدافعيّة والانخراط الحقيقيّ: عندما يسير الطفل خلف ما يُحبّ، لا يحتاج إلى من يدفعه أو يُذكّره. يصبح شغوفًا بالتعلّم من أجل المعرفة ذاتها، لا من أجل علامة أو جائزة. يطرح الأسئلة، ويغوص في التفاصيل، ويبحث، لا لأنّه مضطرّ، بل لأنّه مستمتع.  - تشجيع الإبداع والابتكار: يُحرّر الشغف الفكر من القيود، ويفتح أبواب الخيال، ويدفع الطفل إلى التفكير بطرق غير تقليديّة. معه يبتكر الطفل ويجرّب، ويكتشف إمكانات لم يكن ليراها في بيئة قائمة على الأداء وحده.  - تعزيز الصحّة النفسيّة والهويّة الشخصيّة: حين يجد الطفل ما يُلهب حماسه، يشعر بالانتماء وبوجود الهدف، ويتكوّن لديه تصوّر أعمق عن "من هو". يمنحه الشغف ملاذًا آمنًا يُخفّف عنه التوتّر، ويمنح ليومه معنى.  ومع ذلك، لا يكفي الشغف وحده لبناء مسار متين. فمن دون التوجيه، قد يتنقّل الطفل بين الاهتمامات من دون تركيز أو عمق، ما قد يُفقده فرصة تنمية مهارات أساسيّة تتطلّب التزامًا طويل الأمد، وصبرًا وجهدًا.    تحقيق التوازن بين السعي نحو التفوّق واتّباع الشغف  في الحقيقة، لا ينبغي أن نُجبر أنفسنا على الاختيار بين تشجيع التفوّق أو ترك مساحة للشغف، فالتربية الحكيمة تحتضن كلا الجانبَين. فكم من شخص ناجح وُلد إنجازه من تلاقي شغفه العميق بدعم منضبط من بيئته!   لا يقتصر دور الأهل على التوجيه، بل يتّسع ليشمل الاستماع والملاحظة والدعم، من دون فرض أو إملاء. نحن لا نبني نسخًا منّا، بل نُساعدهم في أن يصبحوا أفضل نسخة من أنفسهم.  كيف نحقّق هذا التوازن؟  - راقب وأصغِ بعمق: انتبه إلى ما يجذب طفلك من دون توجيه، وإلى ما يكرّس له وقته بشغف، وما يُضيء عينيه. هذا هو خيط الشغف الأوّل، فتمسّك به.  - صِغ الأهداف معه، لا بالنيابة عنه: إذا أبدى طفلك اهتمامًا بمجال معيّن، ساعده في تحويله إلى خطوات قابلة للتنفيذ. أهداف صغيرة تكبر مع الوقت، لتبني الثقة والمهارة في آنٍ واحد.  - ركّز على الجهد لا على الكمال: علّمه أنّ القيمة في السعي لا في النتائج، وأنّ الخطأ ليس نهاية، بل خطوة على طريق التعلّم. هذا يُخفّف من الضغط، ويُعزّز لديه حبّ التحدّي.  - وسّع آفاقه عن طريق تجارب متعدّدة: الطفل لا يدرك شغفه من أوّل لحظة. وفّر له فرصًا لتجربة أنشطة متنوّعة، من الرياضة إلى الفنّ، ومن القراءة إلى الاستكشاف. فالتجربة هي بوّابة الاكتشاف.  - كُن أنت المثال الحيّ: "التعلّم بالملاحظة" جزء أساسيّ في نموّ الأطفال، خصوصًا في السنوات الأولى من عمره. إذا رؤوك تمارس شغفك، وتسعى وراء أهدافك، وتنهض من فشلك، سيتعلّمون منك أكثر ممّا قد تُعلّمهم بالكلمات.  - ادعم، لكن لا تفرض: قدّم الموارد، وكُن حاضرًا للتشجيع، لكن من دون أن تتحكّم في اختياراته. أعطه مساحة ليكون مسؤولًا عن اهتماماته، وساعده ليحوّل هذا الحماس إلى طريق منتج.    أمثلة من الحياة الواقعيّة  - طفل يحبّ الرسم، ويقضي وقته في رسم بعض الخربشات على الدفاتر. في البداية، هو يفعل ذلك فقط لأنّه يستمتع بذلك. لكن مع دعم بسيط وتشجيع من والديه، قد يأخذ دروسًا في الرسم، ويبدأ بتعلّم تقنيّات جديدة. مع مرور الوقت يتحسّن مستواه، ويكوّن مجموعة من أعماله الفنّيّة. هذا التطوّر يمكن أن يفتح أمامه مستقبلًا في التصميم أو الرسوم المتحرّكة.  - طفل آخر يحبّ ألعاب الفيديو. قد يبدو للبعض أنّه يضيّع وقته، لكنّه مهتمّ فعلًا بتفاصيل الألعاب وطريقة عملها. أحد والديه يلاحظ هذا، ويعرّفه إلى البرمجة وتصميم الألعاب. من هنا يتحوّل حبّه للألعاب إلى مهارة عمليّة، وقد يدخل مستقبلًا في مجال تطوير الألعاب أو التكنولوجيا.  - ومن زاوية أخرى، قد لا يكون هناك شغف واضح في البداية، بل طفل مثابر، يُنجز فروضه بإتقان، ويحرص على التعلّم، وينجح في بيئة أكاديميّة. دعم هذا النوع من الجهد يفتح له فرصًا كبيرة: منحًا دراسيّة، وإنجازات علميّة، وتقديرًا ذاتيًّا مبنيًّا على العمل والاجتهاد، بينما يواصل بهدوء استكشاف ما يُلهم قلبه.  كلّ هذه الأمثلة تُظهر لنا حقيقة بسيطة وعميقة: حين ندمج بين التشجيع والاستكشاف، نُطلق طاقات النموّ، ونُمهّد الطريق لاكتشاف الذات والنجاح الهادف.    ***    إذًا، أيّهما أفضل: تشجيع طفلك على التفوّق، أم تركه يستكشف شغفه؟ الإجابة: كلاهما، عندما يتمّ ذلك بتوازن وتعاطف وإرادة.  السعي الحثيث نحو التميّز، إذا أُفرط فيه من دون اعتبار لميول الطفل، قد يؤدّي إلى التوتّر، أو حتّى إلى الرفض والانسحاب. وفي المقابل، ترك الطفل يتنقّل بين الاهتمامات بلا توجيه باسم الحرّيّة، قد يُفقده مهارات الانضباط والالتزام الضروريّة لأيّ إنجاز حقيقيّ.  النهج الأمثل أن نكون مرشدين ومُلهمين، نرعى اهتمامات أطفالنا الفريدة، ونُعلّمهم في الوقت نفسه قيمة الجهد والمثابرة والنموّ الشخصيّ. بهذا التوازن، نُساعد أبناءنا لا فقط في تحقيق "النجاح" كما يراه العالم، بل في بناء حياة متكاملة، يشعرون فيها بالرضا والتحفيز والمرونة، مهما كان المسار الذي يختارونه.    المراجع https://academyofscholars.com/the-spark-effect-10-ways-to-help-children-discover-and-explore-their-passions/  https://www.educationnext.in/posts/how-to-help-kids-find-their-interests-and-develop-their-passion  https://www.investopedia.com/articles/pf/12/passion-success.asp  https://niuversity.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%BA%D9%81/ 

مشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة... إيجابيّات وسلبيّات

الأعمال المنزليّة جزء من الحياة اليوميّة لكلّ أسرة، وقد تتفاجأ أنّ مسألة ما إذا كان ينبغي مشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة أم لا، لطالما أثارت الكثير من الجدل. فمن ناحية، يمكن أن يغرس تكليف الأطفال بالأعمال المنزليّة شعورًا بالمسؤوليّة، ويعلّمهم مهارات الحياة الأساسيّة. ولكن من ناحية أخرى، يزعم البعض أنّ الأعمال المنزليّة قد تنتقص من الأنشطة القيّمة الأخرى، مثل الدراسة الأكاديميّة أو الأنشطة اللامنهجيّة، أو حتّى وقت اللعب الضروريّ في مرحلة الطفولة. إنّ فهم مزايا إشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة وعيوبه يمكن أن يساعد الأهل في إيجاد توازن صحّيّ بين المسؤوليّة واللعب.  إيجابيّات إشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة  هناك حجّة قويّة لصالح مشاركة الأطفال في الأعمال المنزليّة، مدعومة بالبحث النفسيّ والأدلّة القصصيّة. تمتدّ الفوائد إلى ما هو أبعد من الحفاظ على المنزل مرتّبًا؛  فمشاركة الطفل تسهم في تطوّره الاجتماعيّ والعاطفيّ والإدراكيّ بطرق ذات مغزى.  الأعمال المنزليّة تبني المسؤوليّة والاستقلاليّة  واحدة من الفوائد الأكثر شيوعًا للأعمال المنزليّة أنّها تعلّم الأطفال المسؤوليّة. عندما يُعهد إلى الأطفال بمهامّ مثل غسل الأطباق أو طيّ الملابس أو تنظيف غرفهم، فإنّهم يتعلّمون تحمّل مسؤوليّة مساحاتهم وأغراضهم الشخصيّة في المنزل، وتتوسّع مع الوقت لتشمل تحمّل مسؤوليّات ما هو أكبر من مجرّد المستوى الشخصيّ. فغالبًا ما ينتقل هذا الشعور بالمسؤوليّة إلى جوانب أخرى من الحياة، مثل العمل المدرسيّ والعلاقات الشخصيّة.  وإذا تعلّم الطفل أن يُتمّ المهامّ المطلوبة منه بشكل منفرد، فهو بذلك يطوّر أيضًا شعورًا بالاستقلاليّة. ومعرفة أنّه قادر على إنجاز شيء ما، من دون إشراف مستمرّ يبني الثقة والاعتماد على الذات، وهي المهارات التي تعدّ ضروريّة للتعامل مع مرحلة البلوغ.    تعزّز الأعمال المنزليّة العمل الجماعيّ ووحدة الأسرة  عندما يشارك الأطفال في الأعمال المنزليّة، فإنّهم يختبرون بشكل مباشر ما يعنيه الإسهام في تحقيق هدف مشترك على مستوى الأسرة. فعندما تعمل الأسرة فريقًا واحدًا، بحيث تشرك الأطفال في إتمام بعض المهامّ لصيانة المنزل وتنظيمه. سيساعدهم ذلك في فهم قيمة التعاون والعمل الجماعيّ. يمكن للأعمال المنزليّة أن تعزّز الشعور بالانتماء والوحدة داخل الأسرة، إذ يدرك الطفل أنّ له دورًا مهمًّا في المحافظة على سير أمور المنزل بصورة جيّدة.  على سبيل المثال، يرى الطفل الذي يساعد في إعداد طاولة العشاء أو إخراج القمامة، أنّ جهده له تأثير مباشر في راحة الأسرة وسعادتها. يمكن أن يخلق هذا شعورًا بالفخر، وبالتالي يعزّز السلوك الإيجابيّ.    الأعمال المنزليّة تعلّم مهارات الحياة  المهامّ المنزليّة مثل الطبخ والتنظيف والترتيب مهارات أساسيّة، يحتاج إليها الجميع في مرحلة ما من الحياة. لذلك فإنّ تعلّم الطفل المهامّ المنزليّة في وقت مبكّر، يزوّده بالمعرفة العمليّة التي سيحتاج إليها لإدارة منزله في المستقبل.  يمكن أن يعلّم طهو العشاء مع أحد الوالدين مهارات الطهو الأساسيّة، في حين أنّ تخصيص ميزانيّة شهريّة لشراء حاجيّات المنزل الأساسيّة، يمكن أن يقدّم معرفة في الإدارة الماليّة. مع تقدّم الأطفال في السنّ، يمكن للأعمال المنزليّة الأكثر تعقيدًا، مثل التسوّق أو العمل في الفناء، أن تعدّهم لمسؤوليّات الكبار.    الأعمال المنزليّة تنمّي أخلاقيّات العمل القويّة  تساعد مشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة في غرس أخلاقيّات العمل القويّة لدى الطفل، لأنّه سيتعلّم أنّ الجهد المبذول في مكانه الصحيح لا بدّ وأن يؤدّي إلى نتائج. فقد يتعلّم الطفل الذي يرتّب سريره بانتظام، أو يرتّب منطقة اللعب الخاصّة به، قيمة المثابرة والاستمراريّة. بمرور الوقت، يمكن أن تترجم هذه العقليّة إلى نجاح في المدرسة والعمل والمساعي الأخرى.  أشارت دراسة أجراها مارتي روسمان، الباحث في جامعة مينيسوتا، أنّ الأطفال الذين كُلّفوا بأعمال منزليّة في وقت مبكّر من حياتهم، كانوا أكثر قدرة على النجاح في حياتهم المهنيّة، وإقامة علاقات قويّة، بل وكانوا أكثر اكتفاءً ذاتيًّا عندما أصبحوا بالغين.    يمكن أن تعزّز الأعمال المنزليّة مهارات إدارة الوقت  عندما يُطلب من الأطفال إكمال الأعمال المنزليّة جنبًا إلى جنب مع التزامات أخرى، مثل الواجبات المدرسيّة أو ممارسة الرياضة أو تعلّم مهارة ما، فإنّهم يتعلّمون كيفيّة إدارة وقتهم بشكل فعّال. هذه المهارة مهمّة بشكل خاصّ مع تقدّم الأطفال في السنّ، ومواجهتهم لجداول زمنيّة متزايدة الصعوبة، إن كان في مرحلة الجامعة أو في العمل.  وفي هذا، على الوالدين الانتباه إلى عدم إرهاق الطفل إلى الحدّ الذي يجعله غير قادر على التركيز في أيّ من مهامّ يومه. فتكليف الأطفال بالأعمال المنزليّة المناسبة لعمرهم، مع مراعاة جدول مهامّهم الأخرى، سيساعدهم في موازنة مسؤوليّاتهم مع ترك الوقت للراحة والاستجمام.    سلبيّات محتملة لمشاركة الطفل في الأعمال المنزليّة  على الرغم من وجود العديد من المزايا لإشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة، فمن المهمّ أن ندرك أنّ هناك أيضًا جوانب سلبيّة محتملة. لا تعني هذه العيوب بالضرورة منع الأطفال من القيام بالأعمال المنزليّة، لكنّها تسلّط الضوء على المجالات التي تتطلّب دراسة متأنّية وتوازنًا.    قد تسبّب الأعمال المنزليّة التوتّر أو الإرهاق  إذا كُلّف الأطفال بالعديد من الأعمال المنزليّة أو المهامّ التي تتجاوز قدراتهم التنمويّة، فقد يشعرون بالتوتّر أو الإرهاق. على سبيل المثال، قد تكون مطالبة طفل صغير بتنظيف منطقة كبيرة ومكدّسة من دون إشراف، أمرًا شاقًّا ويؤدّي إلى الإحباط والإرهاق.  من الضروريّ أن يراعي الأهل المهامّ المناسبة للعمر وتقديم المساعدة عند الحاجة، وإلّا فستبدو الأعمال المنزليّة وكأنّها عبء أكثر من كونها فرصة للتعلّم.    قد تخلق الأعمال المنزليّة صراعًا  قد تؤدّي الأعمال المنزليّة أحيانًا إلى التوتّر بين الوالدين والأطفال. قد يقاوم الأطفال القيام بالأعمال المنزليّة، ما يؤدّي إلى الخلافات، ويعود ذلك إلى أنّ الأعمال المنزليّة تؤطّر باعتبارها عقوبات بدلًا من كونها إسهامًا إيجابيًّا، وبالتالي ربطها الطفل بالسلبيّة بدلًا من المسؤوليّة.  لتخفيف هذا الصراع، يمكن للوالدين التعامل مع الأعمال المنزليّة بشكل تعاونيّ، عن طريق تقديم تفسيرات حول أهمّيّتها، وإشراك الأطفال في اختيار المهامّ التي تتوافق مع تفضيلاتهم أو نقاط قوّتهم.    خطر السلامة الشخصيّة  قد يشكّل تكليف الأطفال بمهامّ مثل الطبخ أو المهامّ المتعلّقة بالنار أو رفع الأشياء الثقيلة خطرًا على سلامتهم، إذا لم يعلّمهم الأهل التقنيّات المناسبة ويراقبوهم عن كثب أثناء قيامهم بها لأوّل مرّة، أو إن كُلّفوا بمهامّ تتجاوز قدراتهم البدنيّة. على سبيل المثال، قد يفتقر الأطفال الأصغر سنًّا إلى الوعي الكافي اللازم للتعامل مع الأسطح الساخنة أو الأدوات الحادّة بأمان، ما يزيد من خطر الحروق أو الجروح. وبالمثل، فإنّ رفع الأشياء الثقيلة من دون توجيه مناسب يمكن أن يجهد عضلاتهم المتنامية أو يؤذي ظهورهم. للتخفيف من هذه الأخطار، من الضروريّ تكليف الأطفال بمهامّ مناسبة للعمر، وتقديم تعليمات واضحة، والإشراف عن كثب أثناء تأديتهم الأنشطة التي قد تنطوي على أخطار محتملة. ومن الضروريّ أيضًا تعليم الأطفال تدابير السلامة، مثل استخدام قفّازات الفرن، ورفع الأشياء الثقيلة بركبهم بدلًا من ظهورهم، والحذر من اللهب المكشوف وغيرها.    قد تتداخل الأعمال المنزليّة مع أولويّات أخرى  غالبًا ما يكون أحد المخاوف التي تنتاب الأهل أنّ الأعمال المنزليّة قد تستغرق وقتًا بعيدًا عن الأنشطة المهمّة الأخرى، مثل العمل المدرسيّ أو الهوايات أو الاسترخاء. قد يجد الطفل الذي لديه جدول زمنيّ مزدحم، صعوبة في موازنة الأعمال المنزليّة مع المسؤوليّات الأكاديميّة واللامنهجيّة.  لذلك، ولتجنّب إرهاق الأطفال، من المهمّ أن ينتبه الأهل إلى مقدار ما يُطلب منهم. يمكن أن يساعد تحديد المهامّ الواقعيّة والحفاظ على المرونة في ضمان عدم تقاطع الأعمال المنزليّة أو تأثيرها في الأولويّات الأخرى.    خطر التوزيع غير المتكافئ  في بعض الأسر، قد تُوزّع الأعمال المنزليّة بشكل غير متساوٍ، فيتحمّل بعض الأطفال عبئًا أكبر من غيرهم. قد يؤدّي هذا إلى الاستياء، وخصوصًا إذا كان تقسيم العمل غير عادل أو قائم على أدوار جنسيّة عفا عليها الزمن.  ولمنع ذلك، على الأهل أن يهدفوا إلى تحقيق المساواة في تعيين المهامّ، والتأكّد من أنّ جميع الأطفال يسهمون بطرق مناسبة لأعمارهم وقدراتهم.    ***  قرار إشراك الأطفال في الأعمال المنزليّة في النهاية قرار شخصيّ، ويؤخذ بناءً على القيم والروتين والظروف الخاصّة بكلّ أسرة. ففي حين أنّ هناك فوائد لا يمكن إنكارها - مثل تعليم المسؤوليّة وتعزيز العمل الجماعيّ وتطوير مهارات الحياة - فمن المهمّ التعامل مع الأعمال المنزليّة بطريقة عادلة ومناسبة للعمر، ومتوازنة مع الأولويّات الأخرى.    https://raisingchildren.net.au/preschoolers/family-life/routines-rituals-rules/chores-for-children#:~:text=Doing%20chores%20helps%20children%20learn,%2C%20cleaning%2C%20organising%20and%20gardening.    https://www.gohenry.com/uk/blog/chores/what-are-the-pros-and-cons-of-giving-kids-chores    https://playmatters.org.au/blog/9-reasons-to-involve-children-in-household-chores 

ما أبرز مخاطر الإنترنت على الأطفال؟

يشكّل الإنترنت أداة لا غنى عنها للأطفال في العصر الحديث، إذ يوفّر لهم موارد تعليميّة وترفيهيّة غنيّة، كما يسهّل التواصل مع الأصدقاء والعائلة. لكن، إلى جانب هذه الفوائد، يخبّئ الإنترنت مجموعة من المخاطر التي لا ينبغي تجاهلها. من التنمّر الإلكترونيّ، والتعرّض إلى محتوى غير لائق، إلى تهديدات الخصوصيّة والاستغلال من قبل الغرباء، تظهر الحاجة الملحّة إلى وعي أكبر من قبل الأهل والمربّين. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على أبرز هذه المخاطر، وتقديم خطوات عمليّة لحماية الأطفال، وجعل تجاربهم الرقميّة أكثر أمانًا.    6 مخاطر للإنترنت على الأطفال  1. التنمّر الإلكترونيّ  يُعدّ التنمّر الإلكترونيّ من أكثر التجارب السلبيّة شيوعًا بين الأطفال والمراهقين في بيئة الإنترنت. فمع انتشار تطبيقات المراسلة، ومنصّات التواصل الاجتماعيّ، والألعاب التفاعليّة، أصبحت فرص التعرّض إلى الإساءة الرقميّة أكبر من أيّ وقت مضى. وقد يكون المعتدون من المحيط القريب، أو من غرباء لا يعرفهم الطفل في الواقع.  تشير دراسة نُشرت في مجلّة JAMA Pediatrics إلى أنّ ما بين 15% و30% من الأطفال والمراهقين تعرّضوا إلى التنمّر الإلكترونيّ، وهو ما يرتبط بزيادة معدّلات القلق والاكتئاب، وحتّى الأفكار الانتحاريّة.  ما التنمّر الإلكترونيّ؟   التنمّر الإلكترونيّ شكل من أشكال الإساءة النفسيّة التي تحدث عبر الأجهزة الرقميّة، مثل الهواتف والحواسيب والأجهزة اللوحيّة، باستخدام الرسائل النصيّة، أو تطبيقات الدردشة، أو منصّات التواصل الاجتماعيّ، أو حتّى الألعاب الإلكترونيّة. وقد يتّخذ هذا التنمّر صورًا مختلفة، مثل إرسال رسائل جارحة، أو نشر محتوى مسيء أو محرج أو كاذب عن الطفل، أو مشاركة معلوماته وصوره الخاصّة من دون إذنه. وتكمن خطورته في أنّه غير مرتبط بزمان أو مكان، وقد يحدث في أيّ لحظة، ويصل بسرعة إلى عدد كبير من الأشخاص، ما يضاعف أثره النفسيّ، ويجعل من الصعب على الطفل الشعور بالأمان بعده، أو التخلّص من تبعاته بسهولة.    2. التعرّض إلى محتوى غير لائق  يعدّ التعرّض إلى محتوى غير لائق أحد أخطار الإنترنت الأساسيّة على الأطفال. يمكن أن يشمل ذلك الموادّ العنيفة، أو الجنسيّة، أو خطاب الكراهيّة، أو المواقع الإلكترونيّة التي تروّج لسلوكيّات ضارّة، مثل تعاطي المخدّرات، أو اضطرابات الأكل، أو إيذاء النفس. ووفقًا لدراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث، أفاد نحو 46٪ من الآباء بأنّ أطفالهم واجهوا محتوى غير لائق أثناء استخدامهم للإنترنت. وقد يخلّف التعرّض إلى مثل هذه الموادّ آثارًا نفسيّة ضارّة على الأطفال، من بينها القلق والخوف وتشكّل تصوّرات مشوّهة عن الواقع.  برغم توفّر ميزات مثل البحث الآمن، وضوابط الرقابة الأبويّة، ومرشّحات المحتوى، لا يزال الأطفال غالبًا عرضة للمحتوى غير المناسب. ويكمن التحدّي الأكبر في أنّ هذه الوسائل قد تفقد فعّاليّتها حين يكون الطفل أكثر إلمامًا بالتكنولوجيا من وليّ أمره، ما يمكّنه من تجاوزها بسهولة.    يُظهر الواقع المؤسف أنّ أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم الثامنة أو التاسعة قد يصادفون محتوى غير مناسب، ما يعرّضهم إلى أخطار نفسيّة وسلوكيّة قد تمتدّ آثارها إلى مراحل لاحقة من حياتهم، منها مثلًا:  - القلق والخوف: قد يشعر الأطفال الذين يتعرّضون إلى صور العنف بالقلق أو الخوف، ويخشون أن تقع لهم أو لأحبّائهم الأحداث المصوّرة.  - وجهات نظر مشوّهة عن الواقع: يمكن أن يؤدّي التعرّض المتكرّر إلى صور غير واقعيّة للعلاقات أو العنف أو السلوكيّات الضارّة، إلى تحريف تصوّر الطفل للواقع، وقد يصعب عليه التمييز بين ما هو حقيقيّ وما هو غير حقيقيّ، ما قد يؤدّي به إلى سلوكيّات غير متكيّفة مع مواقف الحياة الواقعيّة.  - انخفاض مستوى العاطفة: قد يصبح الأطفال الذين يشاهدون محتوى عنيفًا بشكل متكرّر غير حسّاسين، ويظهرون استجابة عاطفيّة منخفضة تجاه هذه الأمور في مواقف الحياة المختلفة. وقد يؤثّر ذلك في قدرتهم على التعاطف مع الآخرين، وعلى ردود أفعالهم في المواقف المؤلمة أو المتضاربة في الحياة الواقعيّة.  - ضعف تطوير العلاقات الصحّيّة: قد يؤثّر التعرّض إلى المحتوى الجنسيّ في سنّ مبكّرة على تطوّر فهم الطفل للجنس والعلاقات. فالأطفال الذين يتعرّضون إلى هذا النوع من المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعيّ، يكونون أكثر عرضة لممارسة الجنس في وقت مبكّر من الحياة، إذ غالبًا ما تُطبّع هذه الوسائل التجارب الجنسيّة المبكّرة، وتُصوّر الجنس على أنّه عرضيّ، وخالٍ من العواقب.    3. التحرّش عبر الإنترنت  غالبًا ما يستغلّ المتحرّشون عبر الإنترنت وسائل التواصل الاجتماعيّ وغرف الدردشة ومنصّات الألعاب، لاستهداف الأطفال الضعفاء، متنكّرين في هيئة أصدقاء، أو مستخدمين أساليب خادعة لكسب ثقتهم. وكما ينبغي على الأطفال أن يكونوا حذرين من الغرباء في الحياة الواقعيّة ممّن قد يشكّلون خطرًا عليهم، فإنّه من الضروريّ أيضًا أن يتحلّوا باليقظة والحذر عند التعامل مع الغرباء على الإنترنت.  قد يسعى هؤلاء المتحرّشون لإشراك الأطفال في محادثات غير لائقة، أو طلب صور صريحة، أو حتّى محاولة ترتيب لقاءات مباشرة. وقد أفاد المركز الوطنيّ للأطفال المفقودين والمستغلّين، بأنّه تلقّى أكثر من 29.3 مليون تقرير يتعلّق بالاستغلال الجنسيّ المشتبه به للأطفال في عام واحد فقط، وهو ما يسلّط الضوء على حجم هذه المشكلة واتّساع نطاقها.    4. أخطار الخصوصيّة وأمن البيانات  غالبًا ما يفتقر الأطفال إلى الوعي الكافي بأهمّيّة حماية معلوماتهم الشخصيّة على الإنترنت، ما يجعلهم عرضة لانتهاكات الخصوصيّة وسرقة الهويّة وتسريب البيانات. وتُعدّ سرقة الهويّة من المشكلات الخطيرة، إذ أتاح الإنترنت فرصًا واسعة للمحتالين لسرقة المعلومات التعريفيّة، وهو ما قد يعرّض الطفل إلى عواقب طويلة الأمد، خصوصًا إذا كانت البيانات المسروقة حسّاسة.  كما يمكن أن يقع الأطفال بسهولة في فخّ هذه الاحتيالات، لا سيّما إذا لم يكونوا على دراية بكيفيّة التصرّف أو ما ينبغي الانتباه له. لذلك، من الضروريّ تعليم الطفل أساليب الاحتيال الشائعة وكيفيّة تجنّبها، والتأكيد على أهمّيّة عدم مشاركة معلومات حساسّة، مثل اسمه الكامل، وعنوانه، وكلمات المرور، ووسائل الاتّصال الخاصّة به.  تقوم العديد من المواقع الإلكترونيّة والتطبيقات بجمع البيانات الشخصيّة، والتي قد يُساء استخدامها إذا وقعت في الأيدي الخطأ. ووفقًا لتقرير صادر عن Common Sense Media، فإنّ نحو 60% من المراهقين لا يدركون كيف يتمّ استخدام بياناتهم، في حين أنّ كثيرًا من التطبيقات لا توفّر سياسات خصوصيّة واضحة، ما يعرّض معلومات الأطفال إلى أخطار حقيقيّة.    5. الإدمان والإفراط في الاستخدام  تُعدّ الطبيعة الإدمانيّة للإنترنت، ولا سيّما إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ والألعاب الإلكترونيّة، مصدر قلق متزايد. فقد يؤثّر الاستخدام المفرط للشاشات في الأداء الأكاديميّ للطفل، ويقلّل من نشاطه البدنيّ، كما يضعف تفاعلاته الاجتماعيّة المباشرة. وتشير دراسة أجرتها الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال إلى أنّ الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًّا في أنشطة قائمة على الشاشة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشكلات نفسيّة، مثل القلق والاكتئاب. يعزى ذلك إلى التنوّع الهائل في خيارات الترفيه المتوفّرة عبر الإنترنت، بما في ذلك منصّات التواصل والألعاب التفاعليّة، والتي تجعل من السهل على الطفل الانغماس فيها لفترات طويلة. وغالبًا ما تُصمّم هذه الوسائط لاستغلال آليّات نفسيّة تُحفّز الإدمان، مثل نظام المكافآت في الألعاب، أو البحث عن القبول الاجتماعيّ بواسطة الإعجاب والتعليقات. ومع الوقت، قد يجد الطفل صعوبة في الانفصال عن عالمه الرقميّ، وقد يُفضّل التفاعل عبر الإنترنت على خوض التجارب الواقعيّة.    6. الأخطار المتعلّقة بالصحّة العقليّة والجسديّة  إن كنت تظنّ أنّ التكنولوجيا قد تكون صديقة جيّدة، فهي مع الأسف ليست كذلك عندما يتعلّق الأمر بصحّتك العقليّة أو الجسديّة؛ فالأطفال على وجه الخصوص معرّضون إلى العديد من المخاطر، مثل إدمان الإنترنت، والآثار المترتّبة عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، مثل القلق والاكتئاب.  وخلال السنوات القليلة الماضية، ازداد الاهتمام بدراسة العلاقة بين الإفراط في استخدام الإنترنت والاضطرابات النفسيّة، وقد صيغ مصطلح "إدمان الإنترنت" (Internet Addiction - IA) في دراسة تعود إلى العام 1998، وعرّف على أنّه اضطراب في ضبط الدوافع لا ينطوي على تعاطي مادّة، بل يتمثّل في اعتماد نفسيّ على الإنترنت. لا يميّز هذا الاضطراب بين نوع الأنشطة التي تتمّ عبر الإنترنت، بل يركّز على الاستخدام المفرط في حدّ ذاته. وقد تمّ إدراج إدمان الإنترنت باعتباره اضطرابًا معترفًا به في الإصدار الأحدث من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات العقليّة (DSM-5)، إذ تتركّز معاييره التشخيصيّة على ضعف قدرات التخطيط والسيطرة، والاستخدام المفرط للإنترنت.  وبالمثل، يمكن أن يؤثّر قضاء وقت طويل على الإنترنت في الصحّة الجسديّة للطفل، ما يؤدّي إلى مشكلات متعدّدة، مثل الإجهاد، وعدم وضوح الرؤية، وآلام الرقبة والظهر، وارتفاع ضغط الدم. وأظهرت إحدى الدراسات أنّ ازدياد الوقت الذي يقضيه الأفراد على الإنترنت يرتبط بزيادة احتماليّة تعرّضهم إلى مشكلات صحّيّة، أو معاناتهم منها.  كما أنّ انخفاض مستوى النشاط البدنيّ يؤدّي بدوره إلى تقليل السعرات الحراريّة المحروقة، وهو ما يُفضي بطبيعة الحال إلى زيادة الوزن. ومع استبدال الأطفال للأنشطة الحركيّة بألعاب الكمبيوتر ومشاهدة التلفاز وتصفّح الإنترنت، باتت ظاهرة السمنة لدى الأطفال أكثر وضوحًا وانتشارًا.    كيف تحمي طفلك من الإنترنت؟  نظرًا للطبيعة الإدمانيّة للإنترنت، من الضروريّ أن يتّخذ الآباء خطوات استباقيّة للحدّ من هذه المخاطر، وتعزيز عادات صحّيّة في استخدام الإنترنت. وفي الآتي أبرز الاستراتيجيّات التي يمكن أن تساعد في حماية الأطفال من أخطار البيئة الرقميّة:  غرس الوعي لدى الطفل  يُعدّ غرس الوعي الدينيّ والأخلاقيّ لدى الطفل من أهمّ الركائز التي ينبغي التركيز عليها منذ سنواته الأولى. فبناء هذا الوعي المبكّر يساعد الطفل في تنمية القدرة على التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضارّ من تلقاء نفسه، ما يعزّز لديه حسّ المسؤوليّة في التعامل مع المحتوى والأفكار التي يواجهها، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة اليوميّة. ولتحقيق ذلك، لا بدّ أن يكون التواصل المستمرّ والحوار المفتوح بين الوالدين والطفل عنصرًا أساسيًّا، إذ يُمكّنه من التعبير بحرّيّة عن المواقف والتجارب التي يتعرّض إليها، ويشجّعه على مشاركة ما يراه أو يتفاعل معه في التطبيقات والمنصّات الرقميّة. فبيئة الحوار والدعم هذه تسهم في تنمية شخصيّة الطفل بشكل متوازن، وتحصّنه ضدّ التأثيرات السلبيّة المحتملة في هذا العصر الرقميّ المتسارع.  تشجيع الأنشطة غير المتّصلة بالإنترنت  عزّز نمط الحياة المتوازن بتشجيع الأطفال على الانخراط في أنشطة لا تتطلّب استخدام الإنترنت، مثل ممارسة الرياضة، أو القراءة، أو الرسم، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. وحرصًا على جذب اهتمام الطفل، حاول أن توفّر له بدائل ممتعة فعليًّا، تحفّزه على تجربتها، وتُسهم في تنمية مجموعة متنوّعة من الهوايات والاهتمامات. إنّ تنظيم أنشطة عائليّة منتظمة لا تشمل استخدام الشاشات، يمكن أن يعزّز قيمة التفاعل الواقعيّ، ويساعد الطفل في إدراك أهمّيّة التواصل الإنسانيّ المباشر في حياته اليوميّة.  كن قدوة في السلوك الصحّيّ  غالبًا ما يقتدي الأطفال بسلوك والديهم، لذا من الضروريّ أن يكون الأهل قدوة في الاستخدام الصحّيّ للشاشات. يبدأ ذلك بالحدّ من الوقت الذي يقضونه أمام الأجهزة، لا سيّما أثناء الجلسات العائليّة. ومن المهمّ أيضًا إظهار قيمة التواجد الحقيقيّ مع العائلة، والتفاعل مع المحيطين من دون انشغال دائم بالأجهزة، ما يرسّخ لدى الطفل أهمّيّة التواصل المباشر والانتباه الكامل للحظات المشتركة.  راقب النشاط عبر الإنترنت  راقب استخدام طفلك للإنترنت، ليس فقط من حيث الوقت الذي يقضيه فيه، بل أيضًا من حيث نوعيّة الأنشطة التي يشارك فيها. واستخدم أدوات الرقابة الأبويّة وبرامج المراقبة لتتبّع سلوكه الرقميّ، وفرض قيود على المحتوى غير الملائم، بما يضمن بيئة أكثر أمانًا أثناء تصفّحه.  علّم طفلك إدارة الوقت وضبط النفس  علّم طفلك أهمّيّة إدارة الوقت، وكيفيّة وضع حدود شخصيّة لاستخدام الشاشات. شجّعه على إعطاء الأولويّة لمسؤوليّاته، مثل أداء الواجبات المدرسيّة، أو المشاركة في الأعمال المنزليّة، قبل الانشغال بأوقات الترفيه أمام الشاشة. كما أنّ توعيته بتأثيرات الاستخدام المفرط للإنترنت على صحّته ورفاهيّته النفسيّة، يمكن أن تعزّز قدرته على اتّخاذ قرارات أكثر وعيًا بشأن عاداته الرقميّة.  تشجيع فترات تنقية من السموم الرقميّة  يمكن توظيف مفهوم التنقية من السموم الرقميّة بتخصيص فترات منتظمة تأخذ فيها الأسرة استراحة جماعيّة من استخدام الشاشات. قد يكون ذلك باعتماد يوم خالٍ من الأجهزة، مثل يوم الجمعة، أو بتقليل استخدام التكنولوجيا أثناء العطلات العائليّة. تتيح هذه الفترات فرصة لإعادة تنظيم العادات الرقميّة، وتخفيف التعلّق المفرط بالتواصل المستمرّ عبر الإنترنت، لا سيّما لدى الأطفال.    ***  برغم ما يقدّمه الإنترنت من فوائد جمّة، فإنّ طبيعته الإدمانيّة تفرض أخطارًا جدّيّة على الأداء الأكاديميّ للأطفال، وصحّتهم البدنيّة، ومهاراتهم الاجتماعيّة، ورفاههم النفسيّ. بوضع حدود واضحة، وتقديم نموذج سلوكيّ صحّيّ، وتشجيع نمط حياة متوازن، يستطيع الوالدان التخفيف من هذه الأخطار، ومرافقة أطفالهم نحو استخدام أكثر وعيًا وسلامة للتكنولوجيا. فالهدف لا يكمن في منع استخدام الإنترنت، بل في تبنّي نهج متوازن يُمكّن الأطفال من الاستفادة من مزايا العالم الرقميّ، مع الحفاظ في الوقت نفسه على صحّتهم الشاملة.    المراجع   https://me-en.kaspersky.com/resource-center/threats/top-seven-dangers-children-face-online  https://milwaukee-criminal-lawyer.com/what-are-the-dangers-of-using-the-internet-for-kids/  https://www.humanium.org/en/the-risks-for-children-surfing-the-internet/  https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/4885626-%D9%87%D9%84-%D9%86%D8%AD%D9%86-%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%9F  https://www.annajah.net/%D9%85%D8%AE%D8%A7%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AA%D8%B1%D9%86%D8%AA-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%87%D9%85-article-26759 

متى يكون تدخّل الأهل في قرارات الأطفال ضروريًّا؟

تعدّ التربية عمليّة توازن بين الحرص على توجيه الطفل من ناحية، وبين منحه مساحته الخاصّة للنموّ من ناحية أخرى. فالآباء والأمّهات يملكون الخبرة الحياتيّة المطلوبة لمساعدة أطفالهم في تجنّب الأخطاء واتّخاذ قرارات صحيحة، ولكنّ الأطفال من جانبهم يحتاجون إلى فرص لتعلّم الاستقلاليّة، وبناء مهارات الحكم الذاتيّ.  لذا، أصعب ما في الأمر تقدير متى يكون تدخّل الأهل ضروريًّا، ومتى يتجاوز حدوده ويتحوّل إلى سيطرة زائدة. في هذه المقالة سنستكشف متى يجب على الآباء والأمّهات المساعدة في تشكيل قرارات أطفالهم، ومتى عليهم ترك القرار في يد الأطفال، وطرق تحقيق التوازن المطلوب بين التوجيه البنّاء والتحكّم المفرط.     ما أسباب أهمّيّة مشاركة الأب والأمّ في قرارات الطفل؟  الإجابة بسيطة، فالأطفال لا يولدون بالمعرفة أو المهارات اللازمة للتعامل مع الخيارات المعقّدة في الحياة، لذا فهم يعتمدون على الوالدين - خصوصًا في السنوات الأولى - في اكتساب القيم والخبرات، إلى جانب الأمان العاطفيّ والقيم والتوجيه. وهنا تكون مشاركة الوالدين ضروريّة في مجالات عديدة، منها على سبيل المثال:  - النموّ الأخلاقيّ: بما يشمل تعلّم الصواب والخطأ، وبالتالي مساعدة الأطفال في فهم عواقب أفعالهم.  - ضمان السلامة: بما يشمل تعليم عواقب السلوكيّات الخطرة، مثل عبور الشارع بمفردهم، أو ركوب الدرّاجة من دون خوذة الأمان.  - السلامة على الإنترنت: بما يشمل تحديد وقت استخدام الشاشة، وتصفّح الإنترنت تحت إشراف الأب والأمّ.  - اتّخاذ قرارات الرعاية الصحّيّة: بما يشمل تلقّي التطعيمات وتناول الأدوية وزيارات الطبيب.  - توفير الدعم العاطفيّ: بما يشمل توفير النصائح لبناء الصداقات، ومواجهة التحدّيات المدرسيّة، والتعامل مع التغيّرات العاطفيّة.  - تحديد الأهداف: بما يشمل مساعدة الأطفال في اكتشاف اهتماماتهم، وتحديد نقاط قوّتهم، ووضع أهداف واقعيّة للدراسة والحياة.     في هذه السياقات وغيرها، تكون مشاركة الوالدين شديدة الأهمّيّة، للحرص على نموّ الأطفال الصحّيّ، مع الانتباه إلى أنّ حاجة الأطفال إلى مساحة أكبر لبناء آرائهم وممارسة أحكامهم الخاصّة، تزداد مع الوقت، وبالتالي يمكن للوالدين إشراكهم تدريجيًّا في القرارات المختلفة.     متى تتحوّل المشاركة إلى سيطرة؟  تنبع مشاركة الوالدين في حياة أطفالهم من الحبّ والرعاية، إلّا أنّها قد تنزلق أحيانًا لتتحوّل إلى حماية زائدة أو سيطرة مفرطة، مثل ما يحدث عند:  - اتّخاذ جميع القرارات نيابة عن الطفل، من دون إعطائه فرصة للمشاركة.  - التحكّم الدقيق في كلّ تفاصيل يوم الطفل.  - ممارسة ضغوط على الطفل لتحقيق أحلام وتطلّعات الأب والأمّ، والتي تتعارض مع تفضيلاته وميوله.  - تأنيب الطفل أو معاقبته عندما يتّخذ قرارات مستقلّة.  وهنا تكون النتيجة أنّ الأطفال سيعانون تدنّي احترام الذات والقلق، ويصبحون أشخاصًا مهووسين بإرضاء الآخرين، يسعون باستمرار لكبت تميّزهم من أجل التوافق مع الناس، أو أنّهم سيذهبون إلى الاتّجاه المعاكس، ويصبحون أشخاصًا متمرّدين، يقاومون أيّ شكل من أشكال السلطة. فالهدف توجيه الطفل، وتزويده بالأدوات اللازمة ليعيش حياة سعيدة، لا إملاء ما عليه فعله في كلّ المواقف.      متى يجب أن يترك الأب والأمّ حرّيّة الاختيار للطفل؟  تكمن أهمّيّة هذا السؤال من أنّ معرفة متى يتراجع الوالدان ويتركان للطفل مساحة أكبر، لا تقلّ أهمّيّة عن معرفة متى يجب أن يتدخّلا. فكما قلنا، الإفراط في التدخّل قد يعوق نموّ الطفل، ويحرمه من تعلّم مهارات المرونة واتّخاذ القرارات والمسؤوليّة. وسنعرض تاليًا بعض المجالات التي ينبغي على الآباء والأمّهات منح أطفالهم مزيدًا من الاستقلاليّة فيها:  1. الاهتمامات والهوايات الشخصيّة: يجب على الوالدين ترك الأطفال يختارون الأنشطة التي يحبّونها، حتّى لو لم تكن الأنشطة التي يفضّلها الوالدان. على سبيل المثال، قد يريد الوالد الشغوف بالرياضة أن يكون طفله مثله، بينما يفضّل الطفل الفنون أو الموسيقى.  2. الصداقات والخيارات الاجتماعيّة: يجب على الوالدين تقديم التوجيه للطفل بشأن بناء العلاقات مع أقرانه، ولكن ينبغي السماح له باختيار أصدقائه وفهم الديناميكيّات الاجتماعيّة، فمنح الطفل الشعور بالثقة في إدارة هذه الخيارات، يعمل على بناء شخصيّة سويّة على المستوى الفرديّ والاجتماعيّ.  3. القرارات اليوميّة: تكمن أهمّيّة منح الحرّيّة للأطفال في اتّخاذ القرارات اليوميّة، مثل ما يرتدونه، أو كيف يزيّنون غرفهم، أو كيف يمشّطون شعرهم، في أنّها تعمل على تمكين الأطفال، وتمنحهم شعورًا بالاستقلاليّة والاعتداد بالنفس.  4. ارتكاب الأخطاء: يجب على كلّ أب وأمّ السماح للأطفال بارتكاب الأخطاء، البسيطة منها بالتأكيد، واختبار عواقب أفعالهم، لأنّها من أفضل الطرق لتعلّم مهارات الحياة. فبينما يمكن للوالدين تقديم المساعدة في حلّ المشكلات، سيؤدّي التدخّل لإنقاذ الطفل من كلّ إخفاق صغير إلى حرمانه من اكتساب مهارات المرونة والثقة بالنفس.    كيف نوازن بين المشاركة والاستقلاليّة؟  على الوالدين بذل جهد كبير وممارسة وعي ذاتيّ، من أجل تحقيق التوازن الصحّيّ بين التدخّل في قرارات الأطفال ومنحهم الاستقلاليّة. وسنقدم لكم بعض الاستراتيجيّات الفعّالة للوصول إلى حالة التوازن المطلوبة:  1.  ممارسة الاستماع الفعّال: عندما تجد أنّ طفلك قد اتّخذ قرارًا، مهما بدا لك هذا القرار خاطئًا، حاول أن تستمع إليه أوّلًا، واطرح عليه أسئلة مفتوحة لتتمكّن من فهم أفكاره ومشاعره التي جعلته يتّخذ هذا القرار، ليتقبّل منك النصيحة أو الحلّ الذي تقدّمه إليه.  2. قدّم لطفلك خيارات لا أوامر: إذا كنت تريد أن يقوم طفلك بإنجاز أمر ما، قم بصياغته في شكل خيارات وليس أمرًا، مثل: "هل تريد إنجاز واجبك المنزليّ الآن أم بعد الغداء؟" النقطة هنا أنّ إعطاء الطفل خيارات في حدود معيّنة يعزّز استقلاليّته، مع الحفاظ على نظام صحيح لحياته.  3. اشرح أسباب القواعد: يجب أن تدرك أنّ احتمال تعاون الأطفال يزداد، عندما يفهمون الأسباب الكامنة وراء القواعد في المنزل والقرارات التي تتّخذها.  4. تعديل دور الوالدين مع نموّ الطفل: يجب أن تتطوّر مشاركة الأب والأمّ في حياة الطفل مع مرور الوقت، فمثلًا قد يحتاج الطفل في الخامسة إلى إشراف دقيق، بينما يحتاج في الخامسة عشرة إلى مساحة لبناء استقلاليّته. بكلمة أخرى: التراجع التدريجيّ لدورك، يسمح لطفلك بممارسة اتّخاذ القرارات ضمن بيئة آمنة.  5. احترام الفرديّة: يجب إدراك أنّ الطفل ليس امتدادًا لك، حتّى لو كان يشبهك في الشكل والاهتمامات. يجب عليك دعم شخصيّته الفريدة، وتعزيز مواهبه وأحلامه، حتّى لو لم تتوافق مع شخصيّتك.  نستخلص من هذا أنّ التربية لا تعني التحكّم في كلّ قرار يتّخذه طفلك، بل هي عمليّة متدرّجة تهدف إلى إعداده لاتّخاذ قراراته الخاصّة بحكمة. وهذا الأمر يعني معرفة متى تتدخّل بقوّة، ومتى تقدّم توجيهًا بلطف، ومتى تأخذ مقعد المتفرّج وأنت واثق أنّ طفلك سيتّخذ القرار الصحيح.  فتدخّل الآباء والأمّهات بشكل صحّيّ وسليم في حياة أطفالهم، يوفّر لهم الأمان والحبّ، بالتوازي مع إتاحة مساحة مناسبة لهم ليكبروا ويصبحوا أفرادًا واثقين من أنفسهم، وقادرين على إنجاز ما يريدون. وتذكّر دائمًا أنّك باحترام استقلاليّة طفلك، فإنّك تُظهر له ثقتك به وإيمانك بقدراته، ما يُعزّز علاقتكما، ويُجهّزه لمرحلة البلوغ.    المراجع https://digitalcommons.unf.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=2091&context=etd  https://www.hellooha.com/articles/1776-%D8%AA%D8%B3%D9%84%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%A8%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1  https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC6279730/#:~:text=%E2%80%9CYou%20become%20involved%20and%20informed,of%20their%20child's%20health%20care. 

أهمّيّة الروتين اليوميّ في تربية طفل سعيد ومنظّم

ينمو الأطفال ويزدهرون في بيئات يمكنهم التنبّؤ بها، حيث يشكّل الروتين اليوميّ ركيزة أساسيّة تمنحهم شعورًا بالأمان والاستقرار، وسط عالم كثيرًا ما يتّسم بالتقلّب والفوضى. تمامًا كما يعتمد الكبار على الجداول والخطط لضبط إيقاع يومهم وتحقيق التوازن بين المسؤوليّات، يحتاج الأطفال إلى نمط حياة منتظم يُعزّز لديهم الإحساس بالاتّساق والطمأنينة.  الروتين ليس مجرّد ترتيب للأنشطة، بل أداة تربويّة فعّالة تُسهم في بناء شخصيّة الطفل وتعزيز استقلاليّته، كما تهيّئ له بيئة منزليّة يسودها الهدوء والتناغم. ومن المدهش أنّ هذه العادة اليوميّة البسيطة في ظاهرها، تحمل بين طيّاتها قدرة هائلة على تربية طفل سعيد، واثق من نفسه، قادر على التكيّف مع تحدّيات الحياة.  في هذا المقال، نُسلّط الضوء على أهمّيّة الروتين اليوميّ في حياة الأطفال، ونستعرض أبرز فوائده النفسيّة والسلوكيّة، إلى جانب نصائح عمليّة تساعد الآباء في تصميم روتين يناسب احتياجات أسرهم.    لماذا الروتين مهمّ في حياة الأطفال؟  في عالم لا يزال غامضًا ومعقّدًا بالنسبة إلى الأطفال، يلعب الروتين دور البوصلة التي تهديهم وتمنحهم شعورًا بالثبات والأمان. يعيش الأطفال في طور مستمرّ من الاكتشاف والتعلّم، ويخطون خطواتهم الأولى نحو فهم العالم من حولهم. لكن على عكس البالغين، فإدراكهم للزمن لا يزال في مراحله الأولى، ما يجعل غياب الروتين عن يومهم سببًا في شعورهم بالارتباك وعدم الأمان. هذا الشعور قد يظهر على هيئة قلق أو مقاومة، أو حتّى سلوكيّات غير مرغوبة.  هنا يأتي دور الروتين اليوميّ بوصفه إطارًا داعمًا ومنظّمًا يوفّر للأطفال:  - إحساسًا بالسيطرة: عندما يعرف الطفل ما الذي سيحدث بعد قليل، يقلّ لديه القلق، ويزداد شعوره بالثقة والاطمئنان في بيئته.  - قدرة على التنبّؤ: تُقلل الروتينات الثابتة من الصراعات ونوبات الغضب، لأنّها تضع حدودًا واضحة وتوقّعات ثابتة.  - تنظيمًا للوقت: بوضع روتين محدّد، تُمنح الأنشطة المهمّة، مثل الوجبات والدراسة واللعب والنوم، مساحتها المناسبة ضمن اليوم، ما يُعزّز التوازن والانتظام.    فوائد الروتين في نموّ الطفل:  الأمان والاستقرار العاطفيّ  من أولى احتياجات الطفل النفسيّة أن يشعر بأنّ عالمه مستقرّ ويمكن الوثوق به. الروتين اليوميّ يُعزّز هذا الشعور، لا سيّما في فترات التغيير، مثل الانتقال إلى منزل جديد أو بداية المدرسة. فحين يعرف الطفل تسلسل يومه، يتولّد لديه شعور بالثبات والاستقرار، وهو أمر حاسم، خصوصًا أثناء الفترات الانتقاليّة، مثل دخول المدرسة أو استقبال مولود جديد في الأسرة.  فعلى سبيل المثال، عندما يتكرّر كلّ مساء التسلسل نفسه: عشاء، استحمام، قراءة قصّة، يبدأ دماغ الطفل بربط هذه الخطوات بالراحة والاستعداد للنوم، ما يساعده في الاسترخاء والنوم بسلام.    تعزيز الاستقلاليّة والثقة بالنفس  يسعى الأطفال مع تقدّمهم في العمر للاعتماد على أنفسهم. يمنحهم الروتين فرصة مثاليّة لممارسة الاستقلال ضمن إطار آمن ومشجّع. فعندما يعرف الطفل ما الذي يجب عليه فعله في الصباح – من تنظيف الأسنان إلى ارتداء الملابس – يبدأ بتحمّل المسؤوليّة عن مهامّه اليوميّة. هذا الشعور بالقدرة الذاتيّة يُنمّي ثقته بنفسه، ويُعزّز مهاراته الحياتيّة.   وحتّى الأطفال الأصغر سنًّا يمكنهم المشاركة باستخدام جداول مرئيّة بسيطة، تُرشدهم أثناء خطوات اليوم.    دعم السلوك الإيجابيّ  الكثير من المشكلات السلوكيّة لدى الأطفال تعود إلى الشعور بعدم الوضوح أو الفوضى في البيئة من حولهم. الروتين يُقلّل من هذا الغموض، ويُقدّم إطارًا واضحًا لما هو متوقَّع.  على سبيل المثال، إذا كان وقت مشاهدة الشاشة محدّدًا بوضوح بعد أداء الواجبات، ولفترة زمنيّة معلومة، فلن يكون هناك مجال كبير للنقاش أو الجدال. تتّضح القواعد وتُصبح غير قابلة للتفاوض، ما يُخفّف من الصراعات ويُعزّز الانضباط الذاتيّ.    تعزيز العادات الصحّيّة  يُمهّد الروتين الطريق لتبنّي عادات صحّيّة بشكل طبيعيّ ومنتظم، مثل تناول وجبات متوازنة، والحفاظ على النظافة الشخصيّة، والنشاط البدنيّ، والنوم الكافي.  على سبيل المثال، اتّباع جدول نوم ثابت يُساعد في تنظيم الساعة البيولوجيّة للطفل، ويُحسّن من جودة نومه واستقراره خلال الليل. كما أنّ إدخال أوقات محدّدة للنشاط الحركيّ يُسهم في تحسين المزاج، وزيادة التركيز، ودعم الصحّة البدنيّة والعقليّة.    تنمية مهارات إدارة الوقت والتنظيم  بالتكرار اليوميّ، يبدأ الطفل بتكوين وعي داخليّ بالوقت، وفهم لكيفيّة تقسيمه وتنظيمه. يتعلّم كم من الوقت تستغرقه المهامّ، وكيفيّة ترتيب أولويّاته، والاستعداد للأنشطة القادمة.  هذه المهارات تزداد أهمّيّة مع دخول الطفل المدرسة، حيث تُطلب إليه موازنة واجباته الدراسيّة، وأنشطته الخارجيّة، والتزاماته الاجتماعيّة. الطفل الذي يترعرع في بيئة منظّمة، غالبًا ما يُصبح بالغًا منظّمًا، واعيًا بوقته، وأكثر قدرة على التخطيط وإدارة حياته بثقة واستقلال.    نصائح ذكيّة لبناء روتين يوميّ فعّال لطفلك  إنشاء روتين ناجح لا يعني فرض جدول صارم، بل هو عمليّة تدريجيّة تُبنى بمحبّة ووعي، تهدف إلى خلق بيئة متّزنة تُعزّز نموّ الطفل النفسيّ والسلوكيّ. إليك مجموعة من النصائح العمليّة التي تساعدك في تصميم روتين يناسب أسرتك ويواكب احتياجاتها:  - ابدأ بخطوات بسيطة وثابتة: ليست هناك حاجة لإعادة تشكيل يومك بالكامل دفعة واحدة. ابدأ بالمحطّات الأساسيّة التي تمنح الطفل شعورًا بالاستقرار، مثل وقت النوم ووجبات الطعام، ثمّ أضف الأنشطة الأخرى تدريجيًّا مع مرور الوقت. التدرّج سرّ النجاح.  - دع طفلك يكون جزءًا من الخطّة: كلّما شارك الطفل في وضع الروتين، زاد التزامه به. يمكنك، حسب عمره، أن تسأله عن رأيه في ترتيب الأنشطة، أو تتيح له اختيار بعض التفاصيل. عندما يفهم "لماذا" وراء كلّ خطوة، يتعامل معها بوعي ومسؤوليّة.  - اجعل الروتين مرنًا وليس صارمًا: الروتين الجيّد الذي يوجّه، لا الذي يُقيّد. ستأتي أيّام تتطلّب التغيير، سواء كانت عطلات، أو حالات مرضيّة، أو مناسبات خاصّة. لا بأس بكسر القاعدة حين يستدعي الأمر، الأهمّ هو العودة بسلاسة إلى الإيقاع المعتاد بعد ذلك.  - استخدم الوسائل البصريّة لإشراك الأطفال الصغار: الصور والجداول المرئيّة أدوات رائعة لجعل الروتين أكثر وضوحًا وجاذبيّة. يمكن أن تصنع مع طفلك لوحة أنشطة برسومات مُلوّنة، تعزّز استقلاله وتشجّعه على اتّباع النظام بطريقة ممتعة ومحفّزة.  - الاستمراريّة المفتاح: الاتّساق يمثّل العمود الفقريّ لأيّ روتين ناجح. قد يكون من المرهق أحيانًا الالتزام بالجدول، خصوصًا في نهاية يوم طويل، لكنّ كلّ لحظة من الالتزام تُعزّز لدى الطفل شعورًا بالأمان، وتُرسّخ العادات الإيجابيّة في سلوكه على المدى البعيد.    ***  الروتين سرّ الطمأنينة والنموّ السليم  تزدهر الطفولة بالخيال والعفويّة، إلّا أنّ الروتين اليوميّ المتوازن يُشكّل الإطار الذي يحتاج إليه الأطفال لينموا بثقة واستقرار. إنّه أكثر من مجرّد جدول؛ إنّه لغة غير منطوقة تقول للطفل: "أنت في أمان، عالمك مفهوم، مكانك محفوظ".  لسنا بحاجة إلى أن نُصمّم أيّامًا مثاليّة، أو أن نملأ كلّ لحظة بالأنشطة؛ يكفي أن نُقدّم إلى أطفالنا الاتّساق، ذلك الخيط الذهبيّ الذي يربط تفاصيل يومهم، ويمنحهم الشعور بالانتماء واليقين. ومن هذا اليقين، ينطلقون بثقة نحو العالم، يكتشفونه بخطى واثقة، ويكبرون ليُصبحوا نُسخًا قويّة ومُتّزنة من أنفسهم.    المراجع https://zerotothrive.org/routines-for-kids/  https://www.rawahel.org/public/articles/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D9%88%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87-120  https://etallem.com/%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84-%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/  https://www.kinderpedia.co/en/school-and-nurseries-resources/blog/early-childhood-education/daily-routine-children 

أهمّ العادات التي يجب تعليمها لطفلك في السنوات الأولى

تُعرف المرحلة الممتدّة من الولادة وحتّى سنّ السادسة غالبًا بـ "السنوات التأسيسيّة"، وليس في هذا الوصف مبالغة، بل هو علامة على أهمّيّتها الفريدة. ففي هذه السنوات تتسارع وتيرة نموّ دماغ الطفل على نحو مدهش، مُشكّلة شبكات عصبيّة معقّدة ترسم ملامح تفكيره، وتُحدّد سلوكيّاته، وتصقل تفاعله مع العالم من حوله. يمكننا أن نطلق على هذه السنوات الفترة الذهبيّة؛ فهي الوقت المثاليّ الذي يُمكن فيه غرس بذور العادات الإيجابيّة التي ستنمو لتُشكّل شخصيّته، وتُرسي دعائم قيمه، وتمهّد طريقه نحو حياة مزدهرة.  فالطفل في هذه المرحلة أرض خصبة تستجيب سريعًا لما يُزرع فيها، والعادات التي يكتسبها الآن تميل إلى الثبات والرسوخ مع مرور الوقت. لذا، فإنّ ما يُقدّمه الوالدان من توجيه وتربية في هذه السنوات ليس مجرّد تأثير عابر، بل استثمار طويل الأمد، يُثمر في تحصيله الدراسيّ، وفي قدرته على بناء علاقات صحّيّة، وفي مواجهته لتحدّيات الحياة. وفي السطور الآتية، نسلّط الضوء على أبرز العادات التي يجدر بكلّ أب وأمّ ومربٍّ أن يُنمّيها في نفس طفله منذ نعومة أظفاره.    أهمّ العادات التي يجب تعليمها للطفل في السنوات الأولى  الاحترام واللطف  يُعدّ تعليم الأطفال احترام الآخرين والتعامل بلطف معهم، من القيم الأساسيّة التي تُسهم في تطوير مهاراتهم الاجتماعيّة في وقت مبكّر. ويبدأ هذا التعلّم من خلال الملاحظة، فالطفل يتأثّر بسلوك من حوله، ويتعلّم كيف يتعامل مع الآخرين برؤية والديه ومقدّمي الرعاية وهم يتحدّثون بلطف، ويتشاركون، ويُظهرون تفهّمهم للغير.  طرق تعزيز هذه العادة:  - شجّع استخدام العبارات المهذّبة مثل "من فضلك"، و"شكرًا"، و"عذرًا"، واجعلها جزءًا من الحديث اليوميّ.  - قدّر التصرّفات الإيجابيّة، كأن يساعد الطفل أحد أفراد الأسرة، أو يُظهر تعاطفه في موقف ما.  - علّمه أن يُعبّر عن مشاعره بطريقة محترمة، وأن يستمع للآخرين من دون أن يُقاطعهم أو يسيء إليهم.  - اقرأ له كتبًا تتناول موضوعات عن التعاون واللطف، وناقش معه تصرّفات الشخصيّات وما يمكن تعلّمه منها.  بناء هذه العادة يحتاج إلى توجيه مستمرّ، ومواقف واقعيّة يتعلّم منها الطفل بالتجربة والملاحظة.    النظافة الشخصيّة  لا تقتصر أهمّيّة النظافة على الحفاظ على الصحّة البدنيّة، بل تمتدّ إلى تعلّم الطفل العناية بنفسه، وتُعزّز شعوره بالمسؤوليّة تجاه جسده. كلّما بدأ الطفل في ممارسة عادات النظافة في سنّ مبكّرة، أصبحت جزءًا طبيعيًّا من يومه، لا سيّما مع اقتراب دخوله إلى بيئة مدرسيّة أكثر استقلالًا.  عادات النظافة التي ينبغي غرسها:  - تنظيف الأسنان صباحًا ومساءً.  - غسل اليدين جيّدًا قبل تناول الطعام وبعد استخدام الحمّام.  - الاستحمام بانتظام، والتدرّب على تنظيف الجسم والاهتمام بالمظهر الشخصيّ.  - تغطية الفم عند العطس أو السعال، للوقاية من انتقال العدوى.    تعليم النظافة لا يجب أن يكون صارمًا أو مملًّا، إذ يمكن تحويله إلى نشاط ممتع باستخدام أناشيد الأطفال، أو الرسوم الملوّنة، أو القصص التي تساعد الطفل على فهم السلوك وتذكّره بسهولة.    المسؤوليّة والتنظيم  على الرغم من أنّ قيام الأهل بأداء المهامّ نيابة عن أطفالهم قد يبدو أسرع وأسهل، إلّا أنّ السماح لهم بتحمّل بعض المسؤوليّات اليوميّة يُنمّي لديهم حسّ الاستقلال، ويُشجّعهم على المشاركة في محيطهم بطريقة إيجابيّة.  خطوات عمليّة لبناء هذه العادة:  - اجعل ترتيب الألعاب بعد وقت اللعب جزءًا من الروتين اليوميّ.  - شارك الطفل في مهامّ بسيطة، مثل ترتيب المائدة أو سقي النباتات.  - استخدم التعزيز الإيجابيّ، مثل الثناء أو وضع ملصقات تشجيعيّة عند إتمام المهامّ.  - أنشئ مخطّطًا بصريًّا يُظهر المهامّ اليوميّة بشكل واضح وسهل التتبّع.    بهذه الخطوات، يبدأ الطفل في فهم أهمّيّة النظام والتعاون، ما يُمهّد لبناء سلوك منظّم وأخلاقيّات عمل قويّة مع مرور الوقت.    العادات الغذائيّة الصحّيّة  تتشكّل علاقة الطفل بالطعام بما يراه ويختبره في المنزل. غرس عادات غذائيّة متوازنة منذ البداية لا يساعد فقط على النموّ السليم، بل يقلّل من احتماليّة ظهور مشكلات غذائيّة في المستقبل، مثل الانتقائيّة أو الاعتماد على الأطعمة غير الصحّيّة.  عادات غذائيّة يُستحسن ترسيخها:  - تناول الفواكه والخضروات المتنوّعة ضمن الوجبات اليوميّة.  - اختيار الماء مشروبًا أساسيًّا، بدلًا من العصائر والمشروبات المحلّاة.  - الأكل ببطء، والانتباه إلى الشعور بالشبع من دون الحاجة إلى الإفراط.  - الجلوس على المائدة أثناء تناول الطعام، بعيدًا عن الشاشات والمشتّتات.    إشراك الطفل في تحضير بعض الوجبات البسيطة أو اختيار مكوّنات الطعام، يعزّز حماسه لتجربة أطعمة جديدة، ويُقرّبه من مفاهيم التغذية الصحّيّة بشكل عمليّ وممتع.    النشاط البدنيّ المنتظم  الحركة اليوميّة ضروريّة لنموّ الطفل الجسديّ وتطوّره الحركيّ، كما تسهم بشكل كبير في تحسين حالته النفسيّة. عندما يصبح النشاط البدنيّ جزءًا من روتين الطفل، تترسّخ لديه عادة الحركة والرياضة لتصبح وسيلة للتعبير عن الطاقة والتخفيف من التوتّر.  طرق دمج الحركة في الحياة اليوميّة:  - خصّص وقتًا يوميًّا للعب في الخارج، سواء كان ذلك بالجري، أو ركوب الدرّاجة، أو التسلّق، أو حتّى الرقص.  - في الأيّام التي يصعب فيها الخروج، ابتكر ألعابًا حركيّة داخل المنزل، تُبقي الطفل نشيطًا ومتحمّسًا.  - شارك الطفل في أنشطة بسيطة، مثل المشي أو تمارين التمدّد، أو حتّى اليوغا المناسبة للأطفال.    الحدّ من وقت الشاشة مقابل تعزيز اللعب الحركيّ يساعد في تطوير التوازن، والقوّة الجسديّة، والقدرة على تنظيم الطاقة.    الوعي العاطفيّ والتعبير عنه  لكي يتعامل الطفل مع مشاعره بطريقة صحّيّة، يحتاج إلى من يعلّمه كيف يلاحظ هذه المشاعر ويسمّيها ويفهمها. تطوير هذا الوعي يُعدّ خطوة أساسيّة نحو بناء علاقات متوازنة وإدارة الانفعالات.  خطوات لتعزيز الذكاء العاطفيّ:  - سمِّ المشاعر عندما يمرّ فيها طفلك: "يبدو أنّك محبط لأنّ اللعبة كُسرت".  - علّمه طرقًا لتهدئة نفسه، مثل التنفّس العميق أو العدّ ببطء.  - شجّعه على التعبير بالكلمات عمّا يشعر به، بدلًا من الغضب أو البكاء.  - تقبّل مشاعره من دون الحاجة إلى تغيير الموقف فورًا، فالاعتراف بوجود المشاعر يُشعر الطفل بالأمان.    المقصود ليس إخفاء المشاعر، بل فهمها والتعامل معها بطريقة مناسبة.    الاستماع واتّباع التوجيهات  الاستماع مهارة أساسيّة يتعلّم بها الطفل فهم الآخرين، وتلقّي التعليمات، والتفاعل مع البيئة من حوله. غرس هذه المهارة في سنّ مبكّرة يدعم نموّه الأكاديميّ والاجتماعيّ.  نصائح لبناء مهارات الاستماع:  - قبل إعطاء التعليمات، احرص على التواصل البصريّ مع الطفل، ولفت انتباهه بالنداء على اسمه.  - اجعل التعليمات واضحة ومناسبة لعمره، مع كلمات بسيطة ومباشرة.  - اطلب منه تكرار ما سمعه لضمان فهمه، وشجّعه على طرح الأسئلة إن لزم الأمر.  - امدحه عندما يُظهر انتباهًا جيّدًا، أو ينفّذ التوجيهات بدقّة.    الصبر والاتّساق في التوجيه يساعدان على ترسيخ هذه المهارة بشكل طبيعيّ في الحياة اليوميّة.  القراءة وحبّ التعلّم  يبدأ حبّ التعلّم من البيت، لا من المدرسة. ومن أبسط الطرق لترسيخ هذا الحبّ، جعل القراءة جزءًا من الروتين اليوميّ. فالقراءة لا تنمّي المفردات والخيال فقط، بل تعزّز التركيز والتفكير.  وسائل لتعزيز حبّ القراءة:  - اقرأ مع طفلك بصوت عالٍ يوميًّا، ولو لبضع دقائق.  - اترك له حرّيّة اختيار الكتب التي يحبّها، حتّى يشعر بالاهتمام والمشاركة.  - زُر المكتبات أو شارك في أنشطة مرتبطة بالقراءة.  - اطرح عليه أسئلة عن القصّة لتشجيعه على التفكير والتفاعل.    الطفل الذي يرى التعلّم ممتعًا ومتاحًا في حياته اليوميّة، سيكون أكثر استعدادًا للتعلّم والانفتاح على المعرفة مستقبلًا.    الامتنان والنظرة الإيجابيّة  تعليم الطفل تقدير ما لديه يُساعده في تكوين نظرة أكثر اتّزانًا نحو الحياة، ويقلّل من التذمر والشعور المستمرّ بالحاجة. كما إنّ تعليم الطفل الامتنان لا يقتصر على توجيهه لشكر الآخرين، بل هو أيضًا مدخل لغرس قيمة دينيّة عميقة: شكر اللّه على النعم. فحين يعتاد الطفل على ملاحظة الخير في يومه، ويتعلّم أنّ كلّ نعمة، كبيرة كانت أو صغيرة، فضل من اللّه، يترسّخ لديه شعور بالرضا، وتقلّ شكواه، ويزداد تقديره لما يملكه.  فالشكر ليس فقط خُلقًا محمودًا، بل سببًا في دوام النعم وزيادتها، قال تعالى: "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".    حلّ المشكلات والصبر  ليس من الضروريّ أن يتدخّل الأهل في حلّ كلّ عقبة يواجهها الطفل. من المفيد أحيانًا ترك مساحة له ليُجرّب بنفسه، حتّى يتعلّم التفكير والمثابرة وتحمّل الإحباط.  كيف تُشجّع طفلك على حلّ المشكلات؟  - اطرح أسئلة تساعده على التفكير: "ما الحلّ الذي يخطر في بالك؟".  - أفسح له المجال ليُجرّب، حتّى لو استغرق وقتًا أطول في إيجاد الحلّ.  - شجّعه على المحاولة من جديد عند الفشل، بدلًا من تقديم الحلّ مباشرة.    هذه التجارب البسيطة تُنمّي قدرته على اتّخاذ القرار، وتُعلّمه أنّ الصبر والتفكير يؤدّيان إلى نتائج أفضل.    ***  لا تقوم تربية الطفل على السعي للكمال، بل على الوعي والنيّة الصادقة. حين يحرص الوالدان على غرس عادات صحّيّة وسليمة في سنوات الطفولة المبكّرة، فإنّهما يبنيان أساسًا متينًا لحياة تُصاحبها الثقة بالنفس، والقدرة على التفاعل بتعاطف، والانضباط في السلوك، وحبّ الاستكشاف والتعلّم.  هذه العادات لا تتطلّب إمكانيّات كبيرة، ولا نظامًا مثاليًّا، بل تعتمد على الاستمراريّة والهدوء والقدوة اليوميّة في بيئة آمنة ومشجّعة.  تذكّر أنّ الأطفال ينظرون قبل أن يسمعوا، ويقلّدون قبل أن يفهموا. لذلك، فتصرّفاتك اليوميّة، حتّى البسيطة منها، أوّل دروسهم، وأكثرها رسوخًا. قد تبدو بعض العادات التي تُعلَّم في الطفولة صغيرة في ظاهرها، لكنّها تترك أثرًا عميقًا يستمرّ مدى الحياة، ويُسهم في تكوين شخصيّة متّزنة، وسلوك إيجابيّ، وصحّة نفسيّة مستقرّة.  التربية رحلة، والعادات الطيّبة فيها بمثابة البذور التي تنبت مع الأيّام، فاختر ما تزرع، وامنحه وقتًا، وسترى الثمار بإذن اللّه.    المراجع  https://hudhuduae.com/%D8%A3%D9%87%D9%85-%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84/  https://www.sayidaty.net/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1793434-%D8%A3%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A3-%D9%85%D8%B9-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89  https://www.smartivity.in/blogs/future-makers/7-healthy-habits-to-teach-your-kids-in-2024?srsltid=AfmBOopxxs71pzqjGvIwTWMa02Adn6UEbBcmQUI3Lm6ieS6eiRoC2YzV  https://www.footprintseducation.in/blog/essential-healthy-habits-every-child-should-learn/ 

كيف أعالج أعراض الخوف عند الأطفال؟

يعدّ الخوف شعورًا طبيعيًّا وشائعًا في مرحلة النموّ، يساعد الأطفال في التعامل مع العالم، ويحميهم من الأذى. يعمد الآباء والأمّهات إلى توليد الخوف من بعض الأمور لدى أطفالهم، مثل عبور الطريق، والغرباء، والحيوانات الضالّة، وفي هذه الحالة يعتبر الخوف مفيدًا، لأنّه يساعد في حماية الطفل من الأذى. ومع ذلك، يمكن أن يخاف الطفل من المواقف أو الأشياء التي لا تشكّل تهديدًا، أو أن تصبح مشاعر الخوف مفرطةً لديه، وفي هذه الحالة يمكن أن تؤثّر في حياته، وتهدّد رفاهيّته العامّة.  لذا، من الضروريّ التفريق بين الخوف الطبيعيّ والخوف غير الطبيعيّ عند الأطفال.    أسباب الخوف عند الأطفال  يعدّ خوف الأطفال أمرًا طبيعيًّا، ولكنّ بعضهم يخافون أكثر من غيرهم. تتعدّد أسباب ذلك، من بينها:  - العوامل الوراثيّة: بعض الأطفال يولدون أكثر حساسيّةً للخوف من أقرانهم.   - الأب والأمّ: يتعلّم الأبناء كيف يتصرّفون بمشاهدة والديهم، فإذا كان أحدهما يعاني خوفًا ما، فإنّ ذلك قد ينتقل إلى أبنائهم.  - الحماية الزائدة للطفل: والتي تجعل الطفل الذي يحظى بحمايةٍ مفرطةٍ، أكثر عرضةً للشعور بالقلق والخوف.  - التجارب السلبيّة: تؤدّي التجارب السلبيّة، مثل انفصال الوالدين أو إصابة الطفل، إلى زيادة قابليّته للشعور بالخوف.    كيف أعرف أنّ طفلي يعاني الخوف الزائد  تتعدّد المؤشّرات التي تدلّ على معاناة الطفل الخوف، والتي تعدّ جرس إنذارٍ للوالدين، وهي:  - مؤشّراتٌ جسمانيّة: مثل اضطرابات الجهاز الهضميّ، وآلام الرأس، ومشاكل التنفّس.  - مؤشّراتٌ نفسيّة: مثل سرعة الغضب، وقلّة الثقة بالنفس، والحزن.  - مؤشّراتٌ سلوكيّة: مثل العلامات الدراسيّة المتدنّية، والتصرّف بعدائيّة، والتمسّك بالنوم مع الوالدين.    أنواع الخوف بحسب عمر الطفل - الخوف عند الرضّع: عندما يصل الرضيع إلى عمر 6 أو 7 أشهر، فإنّه يكوّن ارتباطًا قويًّا بأشخاصٍ بعينهم، مثل والديه أو مقدّمي الرعاية، إذ يمكنه التعرّف إلى وجوههم. فيتسبّب انفصاله عنهم، حتّى لفتراتٍ وجيزةٍ، خوفًا كبيرًا. كما يحبّ الرضّع أن يتواجدوا بصحبة هؤلاء الأشخاص ليشعروا بالأمان، بل ويطوّرون خوفًا من وجوه الغرباء، ولكنّهم يتجاوزونه بمرور الوقت.  - الخوف عند الأطفال من عمر 10 شهور إلى سنتين: يبدأ الأطفال في هذا العمر في الذهاب إلى الحضانة، ما يجعلهم يشعرون بالخوف من الانفصال عن الوالدين، ومن أن يتركوهم وحيدين وقت النوم.  - الخوف عند الأطفال من عمر 4 إلى 6 سنوات: تنمو قدرة الأطفال في هذا العمر على التخيّل، لكنّهم لا يستطيعون التفريق بين الحقيقيّ وغير الحقيقيّ. تبدو لهم الوحوش التي يتخيّلونها حقيقيّةً، ويخافون من الكائنات المرعبة تحت السرير أو داخل خزانة الملابس، إلى جانب خوفهم من الظلام ووقت النوم والكوابيس. كما قد يخافون من الأصوات العالية، مثل صوت الرعد والألعاب الناريّة.  - الخوف عند الأطفال من عمر 7 سنوات فأكثر: في هذا العمر يبدأ الأطفال بالخوف من أمورٍ أكثر واقعيّةً، فقد يخافون من التعرّض للأذى على يد الأشخاص السيّئين، أو من الكوارث الطبيعية، أو الطقس العاصف، أو العنف، أو الجرائم التي تعرضها وسائل الإعلام، وقد يقلق بعضهم من انفصال الوالدين، أو فقدان أحد أفراد الأسرة.  - الخوف عند الأطفال في عمر ما قبل المراهقة والمراهقة: تختلف مخاوف الأطفال في هذا العمر بشكلٍ كبيرٍ، وتأخذ معظمها شكل مخاوف اجتماعيّةٍ من عالم المدرسة والصداقات الذي أصبح يشكّل جزءًا أكبر من حياتهم. كما قد يشعرون بالتوتّر بسبب الواجبات المدرسيّة، والمعدّل الدراسيّ، والأداء الأكاديميّ، وقد يقلقون كثيرًا بشأن مظهرهم، أو تقبّل أقرانهم لهم، أو تعرّضهم إلى التنمّر. ومع ذلك، تتركّز بعض مخاوف هذه المرحلة العمريّة حول قضايا أكبر، مثل المناخ والظلم وتحقيق العدالة.    كيف نعالج مشكلة الخوف عند الأطفال؟  - ساعد طفلك في التعوّد على الأشخاص الجدد، دعهم يقتربون منه وأنت تحمله ليشعر بالأمان، ومع الوقت لن يخاف من هؤلاء الأشخاص.  - عندما يكبر طفلك تعلّم كيف تحاوره وتنصت إليه باهتمامٍ، وساعده في صياغة مشاعره في كلماتٍ، واجعله يجرّب أشياء جديدةً وأنت معه، ليشعر بالأمان.  - ابدأ في تعويد طفلك على أن يكون بعيدًا عنك لأوقاتٍ قصيرةٍ في البداية، فعندما تحتاج إلى تركه لبعض الوقت، أخبره أنّك ستعود، وعانقه وابتسم قبل أن تذهب. بهذا سيعلم أنّك ستعود عندما تتركه، ما سيجعله أقلّ خوفًا من الانفصال.  - إذا كان طفلك يخاف من الظلام، حدّد له روتينًا يهدّئه وقت النوم؛ اقرأ له قصّةً، أو غنِّ له أغنيةً. سيجعله هذا يشعر بالأمان والحبّ.  - ساعد طفلك على مواجهة مخاوفه بالتدريج. اصنع قائمةً بالمخاوف، ورتّبها من الأسهل إلى الأصعب من حيث التعامل معها، وابدأ بالأسهل. على سبيل المثال، انزل معه تحت السرير لتريه أنّ لا وحوش هناك، إذ يمنحه وجودك الدعم النفسيّ الذي يحتاج إليه، ليدرك أنّه لا يوجد ما يخشاه، وشجّعه عندما يواجه مخاوفه.  - تحكّم بالصور أو الأفلام أو الموادّ المخيفة التي يشاهدها الطفل، والتي يمكن أن تسبّب له المخاوف.  - امتنع عن استخدام التخويف أداةً لجعل الطفل يحسن التصرّف، فهذا خطأٌ كبيرٌ يقع فيه الكثير من الآباء والأمّهات، إذ يغرسون الخوف في نفس الطفل من دون الانتباه إلى ذلك، مثل أن تخبره أنّك ستجعل وحشًا يأتي ليلتهمه، أو ستجعل الطبيب يحقنه بالإبرة إذا لم يكمل طعامه، أو ينجز فرضه المدرسيّ. هذه الطريقة تتسبّب في مخاوف يصعب التخلّص منها لاحقًا.   - ساعد ابنك في سنّ المدرسة في تعلّم الاستعداد للتحدّيات، مثل الاختبارات المدرسيّة، أو قراءة الفروض أمام الفصل، وكرّر له أنّك تثق في قدرته على النجاح.  - امدح طفلك وكافئه عندما ينجح في مواجهة موقفٍ يخافه، سيساعده هذا على معرفة أنّه يمكنه تجاوز خوفه.  - لا تعزّز مشاعر الخوف عند طفلك، فإذا كان يخاف من الكلاب، لا تتعمّد المرور بقربها عندما يكون معك، بذلك أنت تؤكّد له أنّ التصرّف الصحيح هو تجنّب ما يخافه. كلّ ما عليك فعله هو البقاء هادئًا عند التعامل مع الأمر الذي يخيف طفلك، وطمأنته أنّك بجانبه، وأنّه لا يوجد ما يؤذيه هنا.    متى تطلب مساعدةً احترافيّةً لعلاج الخوف عند طفلك؟  يحتاج بعض الأطفال إلى مزيدٍ من المساعدة في التعامل مع مخاوفهم التي تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعيّة، الأمر الذي يستدعي الحصول على مساعدةٍ احترافيّة. من العلامات التي تدلّل على حاجة طفلك إلى تدخّلٍ متخصّص:  - استمرار المخاوف المميّزة لمرحلةٍ عمريّةٍ معيّنةٍ، بعد تجاوز الطفل لها.   الامتناع عن الذهاب إلى المدرسة، أو النوم بمفرده، أو مقاومة الابتعاد عن الوالدين.  - تحدّث الطفل باستمرارٍ عن أمرٍ يخيفه، حتّى من دون وجود أيّ محفّزٍ، مثل الخوف من طبيب الأسنان من دون أن تكون هناك زيارةٌ قريبة.  - الإصابة بنوبات هلع.    تذكّر دائمًا أنه ليس هناك ما يعيب في اصطحاب طفلك إلى أخصائيٍّ أو طبيبٍ نفسيٍّ، قبل أن تخرج مخاوفه عن السيطرة، وتفسد عليه حياته المستقبليّة.    المراجع https://kidshealth.org/en/parents/anxiety.html  https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/fear-and-anxiety-children  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-9172 

هل يحتاج الطفل إلى مكمّلات غذائيّة

بصفتنا آباء وأمّهات، فإنّ ضمان حصول أطفالنا على العناصر الغذائيّة المناسبة لنموّهم وتطوّرهم دائمًا أولويّة قصوى. منذ اللحظة الأولى التي يضع فيها الوالدان طفلهما بين أذرعهم، يبدأ شعورهم بالمسؤوليّة تجاهه والرغبة في حمايته بالنموّ، لا سيّما في ما يتعلّق بصحّته.   يوفّر النظام الغذائيّ المتوازن الغنيّ بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات والدهون الصحّيّة، معظم الفيتامينات والمعادن الأساسيّة التي يحتاج إليها الأطفال. ومع ذلك، مع تناول الطعام الانتقائيّ وحساسيّة الطعام والقيود الغذائيّة وأنماط الحياة المزدحمة، يتساءل العديد من الأهل: هل يحتاج طفلي إلى مكمّلات غذائيّة؟  تعتمد الإجابة على عوامل مختلفة، بما في ذلك جودة النظام الغذائيّ والعمر والحالات الطبّيّة والاحتياجات الغذائيّة الفرديّة. وبينما قد يستفيد بعض الأطفال من المكمّلات الغذائيّة، إلّا أنّه قد يحصل آخرون على جميع العناصر الغذائيّة الضروريّة من الطعام.   في هذا المقال، سوف نستكشف متى تكون المكمّلات الغذائيّة ضروريّة، وأيّها مفيد. كما سنناقش أفضل الطرق لضمان حصول طفلك على العناصر الغذائيّة التي يحتاج إليها للنموّ والصحّة المثلى.    متى يحتاج الأطفال إلى المكمّلات الغذائيّة؟  في حين يمكن لمعظم الأطفال الحصول على العناصر الغذائيّة الأساسيّة من الطعام، فقد تتطلّب بعض الحالات، المكمّلات الغذائيّة. في ما يأتي، الحالات التي قد تكون فيها المكمّلات الغذائيّة ضروريّة:  الأطفال الذين يصعب إرضاؤهم في تناول الطعام  يمرّ العديد من الأطفال الصغار في مراحل من الأكل الانتقائيّ، وهذا قد يؤدّي إلى نقص العناصر الغذائيّة. إذا رفض الطفل باستمرار الخضار أو منتجات الألبان أو الأطعمة الغنيّة بالبروتين، فقد يفتقر إلى الفيتامينات والمعادن الأساسيّة، مثل فيتامين د أو الحديد أو الكالسيوم.  الأطفال الذين يعانون من حساسيّة الطعام أو عدم تحمّله  قد يواجه الأطفال الذين يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، أو حساسيّة الألبان، أو عدم تحمّل الغلوتين، أو غير ذلك من القيود الغذائيّة، صعوبة في الحصول على ما يكفي من الكالسيوم أو فيتامين د أو فيتامينات ب من الطعام. في مثل هذه الحالات، يمكن أن تساعد المكمّلات الغذائيّة في سدّ الفجوات الغذائيّة التي حصلت بسبب هذه الاضطرابات.  الأنظمة الغذائيّة النباتيّة الصرفة*  قد تكون الأنظمة الغذائيّة القائمة على النباتات صحّيّة للأطفال، ولكنّها قد تفتقر إلى بعض العناصر الغذائيّة، مثل فيتامين ب 12 والحديد والزنك وأحماض أوميجا 3 الدهنيّة، والتي توجد بشكل أساسيّ في المنتجات الحيوانيّة. يجب على الأهل التفكير في الأطعمة المدعّمة أو المكمّلات الغذائيّة لتلبية هذه الاحتياجات.   * النظام الغذائيّ النباتيّ الصرف: هو الذي يقوم على عدم تناول اللحوم والدواجن والأسماك، وكلّ مشتقّات الحيوانات، بما فيها البيض ومنتجات الحليب والجيلاتين.    الحالات الطبّيّة أو ضعف الامتصاص  قد يعاني الأطفال المصابون باضطرابات الجهاز الهضميّ، مثل مرض الاضطرابات الهضميّة أو مرض كرون أو التليّف الكيسيّ، من صعوبة في امتصاص العناصر الغذائيّة، ما يجعل المكمّلات ضروريّة. بالإضافة إلى ذلك، قد يحتاج الأطفال الذين يتناولون بعض الأدوية (مثل مضادّات الاختلاج) إلى فيتامينات إضافيّة.  قلّة التعرّض إلى أشعّة الشمس (نقص فيتامين د)  فيتامين د ضروريّ لصحّة العظام ووظيفة المناعة، ويأتي في المقام الأوّل من التعرّض إلى أشعّة الشمس. قد يحتاج الأطفال الذين يعيشون في مناطق ذات ضوء شمس محدود، أو يقضون معظم وقتهم في الداخل، أو لديهم بشرة داكنة (ما يقلّل من تخليق فيتامين د) إلى مكمّلات فيتامين د.  الأطفال الخُدّج أو منخفضو الوزن عند الولادة  قد يحتاج الأطفال الخُدّج إلى الحديد والكالسيوم وفيتامين د الإضافيّ، لأنّهم يفتقدون نقل العناصر الغذائيّة أثناء الأسابيع الأخيرة من الحمل. غالبًا ما يوصي أطبّاء الأطفال بالمكمّلات الغذائيّة في مثل هذه الحالات.    ما المكمّلات الغذائيّة الآمنة والمفيدة للأطفال؟  إذا أُوصي للوالدين بتقديم المكمّلات الغذائيّة لطفلهما، فمن المهمّ اختيار خيارات آمنة ومناسبة. في الآتي بعض المكمّلات الغذائيّة الأكثر شيوعًا الموصى بها للأطفال:  الفيتامينات المتعدّدة Multi Vitamins  يمكن أن تساعد الفيتامينات المتعدّدة اليوميّة في تعويض النقص لبعض الفيتامينات لدى الأطفال الذين يتّبعون نظامًا غذائيًّا محدودًا. ومع ذلك، من الضروريّ اختيار الفيتامينات المتعدّدة المصمّمة للأطفال، مع جرعات مناسبة من الفيتامينات والمعادن الأساسيّة.  فيتامين د  توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال (AAP) بأن يحصل جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و18 عامًا على 600 وحدة دوليّة (وحدات دوليّة) من فيتامين د يوميًّا. إذا لم يحصل الطفل على ما يكفي من فيتامين د من الأطعمة المدعّمة أو أشعّة الشمس، فينصح بضرورة تناول المكمّلات الغذائيّة لفيتامين د.  الحديد  الحديد ضروريّ لنموّ الدماغ ومنع فقر الدم، إذ توصي الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال بتقديم مكمّلات الحديد للأطفال الرضّع الذين تزيد أعمارهم عن 4 أشهر، والذين يرضعون رضاعة طبيعيّة حصريّة. قد يحتاج الأطفال الصغار والأطفال الأكبر سنًّا الذين يعانون من سوء التغذية أو فقر الدم إلى مكمّلات الحديد أيضًا.  أحماض أوميجا 3 الدهنيّة (DHA وEPA)  تدعم أحماض أوميجا 3 نموّ الدماغ والتركيز وصحّة القلب. قد يستفيد الأطفال الذين لا يتناولون الأسماك الدهنيّة (مثل السلمون أو التونة) من زيت السمك أو مكمّلات أوميجا 3 النباتيّة.  البروبيوتيك  تعزّز البروبيوتيك صحّة الأمعاء، وقد تساعد الأطفال الذين يعانون مشاكل في الجهاز الهضميّ، أو الاستخدام المتكرّر للمضادّات الحيويّة. يتواجد البروبيوتيك في الزبادي والأطعمة المخمّرة، ولكنّ المكمّلات الغذائيّة للبروبيوتيك متوفّرة أيضًا.  محاذير استخدام المكمّلات الغذائيّة لطفلك  إذا أوصى طبيب الأطفال بمكمّل غذائيّ، فمن المهمّ اختيار المكمّل الغذائيّ المناسب. وفي ما يأتي بعض العوامل الرئيسة التي تجب مراعاتها:  - اختيار المكمّلات الغذائيّة المناسبة للعمر: اختر دائمًا المكمّلات الغذائيّة التي تناسب الفئة العمريّة لطفلك، للتأكّد من حصوله على الجرعة الصحيحة.  - تجنّب الإضافات الصناعيّة: تأتي العديد من الفيتامينات المخصّصة للأطفال في أشكال حلوى قابلة للمضغ، ولكن بعضها يحتوي على كمّيّات عالية من السكّر والألوان الصناعيّة والإضافات غير الضروريّة. ابحث عن العلامات التجاريّة الطبيعيّة عالية الجودة.  - تحقّق من الاختبارات التي تجريها جهات خارجيّة معتمدة: تخضع العلامات التجاريّة المشهورة للمكمّلات الغذائيّة لاختبارات من جهات خارجيّة، للتأكّد من نقائها وجودتها. ابحث عن شهادات من منظّمات مثل USP (دستور الأدوية الأمريكيّ) أو NSF International.  - تجنّب الجرعات الزائدة: الأكثر ليس دائمًا أفضل. يمكن أن تكون بعض الفيتامينات (مثل الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون A وD وE وK) ضارّة بكمّيّات زائدة. التزم بالقيم اليوميّة الموصى بها، وتجنّب الجرعات الزائدة.    كيف تضمن حصول طفلك على ما يكفي من العناصر الغذائيّة عن طريق الطعام  بدلًا من الاعتماد على المكمّلات الغذائيّة، يمكن للوالدين التركيز على إنشاء نظام غذائيّ غنيّ بالعناصر الغذائيّة لطفلهما. وإليك الطريقة:  - قدّم طبقًا ملوّنًا: توفّر الفواكه والخضروات ذات الألوان المختلفة مجموعة متنوّعة من الفيتامينات ومضادّات الأكسدة. قطّعها بطريقة لافتة لنظر الطفل، تجعله يرغب أكثر بتذوّقها وتناولها.  - دمج الأطعمة الكاملة: قدّم الحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون ومنتجات الألبان (أو البدائل) والدهون الصحّيّة.  - حدّ من الأطعمة المصنّعة: غالبًا ما تفتقر الوجبات الخفيفة المصنّعة والوجبات السريعة إلى العناصر الغذائيّة الأساسيّة، وتحتوي على إضافات غير صحّيّة.  - شجّع الترطيب: الماء ضروريّ للهضم والصحّة العامّة، لذا شجّع طفلك على شرب الكثير منه.    ***  بالنسبة إلى معظم الأطفال، يوفّر النظام الغذائيّ المتوازن جميع العناصر الغذائيّة الأساسيّة التي يحتاجون إليها للنموّ والتطوّر الصحّيّ. ومع ذلك، فإنّ بعض الحالات للأطفال، مثل الطعام الانتقائيّ والاضطرابات الغذائيّة مختلفة الأسباب، تتطلّب تناول الطفل مكمّلات غذائيّة لتساعده في التمتّع بصحّة جيّدة.   لكن من المهمّ أن تدرك قبل إعطاء طفلك أيّ مكمّل غذائيّ، أنّه تجب استشارة طبيب الأطفال لتحديد ما إذا كان ذلك ضروريًّا. لا ينبغي للمكمّلات الغذائيّة أن تحلّ محلّ النظام الغذائيّ الصحّيّ أبدًا، بل تعمل نسخة احتياطيّة عندما يكون المدخول الغذائيّ غير كافٍ.    المراجع https://www.eatright.org/health/essential-nutrients/supplements/does-my-child-need-a-supplement  https://www.nhs.uk/conditions/baby/weaning-and-feeding/vitamins-for-children/  https://health.clevelandclinic.org/multivitamin-for-kids  https://altibbi.com/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%83%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B0%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-2224 

معاقبة الأطفال: كيف أعاقب طفلي؟

هل ينمّي العقاب المسؤوليّة الذاتيّة لدى أطفالنا؟   تأديب الأطفال أحد أصعب جوانب تربية الأبناء، لأنّه يُعنى في تعليم الطفل تحمّل المسؤوليّة والتحكّم في الذات. فمن الطبيعيّ أن يرغب الوالدان في تصحيح سلوك طفلهم بسرعة عندما يسيء التصرّف. ومع ذلك، فإنّ العقاب يمكن أن يؤدّي إلى عواقب غير مقصودة، مثل الاستياء أو الخوف أو توتّر العلاقة بين الوالدين والطفل، إذا لم يتمّ التعامل معه بعناية. فقد يفقد بعض الآباء أعصابهم، ويعاقبون الأطفال بطرق غير صحيحة تأتي بنتائج عكسيّة، بل وسلبيّة على الأطفال إلى الحدّ الذي قد تطال معه احترام الطفل لذاته وثقته بنفسه. يتعلّق التأديب الفعّال بالتعليم، وليس فقط بالعقاب، وينبغي أن يوجّه الأطفال نحو فهم الفرق بين الصواب والخطأ، مع تعزيز ضبط النفس والمساءلة والاحترام.  في هذا المقال، سوف نستكشف كيف يمكن للوالدين استخدام العقاب بشكل بنّاء، وأيّ المواقف تستحقّ التأديب، ولماذا لا تستحقّ بعض السلوكيّات العقاب بالضرورة، بل تتطلّب اتّباع نهج مغاير.    متى تجب معاقبة الطفل؟  لا تتطلّب كلّ السلوكيّات السيّئة العقاب؛ فقد تتطلّب بعض المواقف التصحيح أو التوجيه فقط، بدلًا من اللجوء إلى العقاب الحادّ. في الآتي أنواع السلوكيّات التي قد تستحقّ العقاب:  العصيان المتعمّد  عندما يتجاهل الطفل القواعد عمدًا، أو يتحدّى التعليمات المباشرة، فمن المناسب فرض العقاب في هذه الحالة. على سبيل المثال، إذا طلبت من طفلك التوقّف عن رمي الألعاب واستمرّ في ذلك عمدًا، فإنّ العواقب الصارمة مثل أخذ اللعبة بعيدًا تكون مبرّرة.  الأفعال غير الآمنة أو الضارّة  السلوكيّات التي تعرّض الطفل أو الآخرين إلى الخطر، مثل الضرب أو العضّ أو الجري في الشارع أو تسلّق الهياكل غير الآمنة، خصوصًا إذا كانت متعمّدة وبعد توجيه متكرّر، تتطلّب تصحيحًا فوريًّا، إذ تجب معالجة هذه الأفعال لمنع الضرر وتعليم السلامة.  الكذب  الكذب أو السرقة أو إخفاء الحقيقة يمكن أن تزعزع الثقة، وتؤدّي إلى عواقب طويلة الأجل إذا لم تُعالج. يجب أن تركّز عقوبة الكذب على إصلاح الثقة وفهم أهمّيّة الصدق.  عدم الاحترام أو السلوك المؤذي  إذا كان الطفل فظًّا أو غير محترم أو مؤذٍ للآخرين عمدًا، مثل استخدامه الشتائم أو السخرية من شخص ما، فمن المهمّ معالجة السلوك، وتعليم الطفل معنى التعاطف.  سوء السلوك المتكرّر  عندما يكرّر الطفل باستمرار السلوك غير المقبول نفسه، على الرغم من التحذيرات أو التذكير المتكرّر، فإنّ العقوبة المناسبة يمكن أن تعزّز أهمّيّة اتّباع القواعد.    ما المواقف التي لا تنبغي معاقبة الطفل عليها؟  في حين أنّ العقاب ضروريّ في بعض الأحيان، فإنّ بعض السلوكيّات لا تستحقّ العقاب، ومن الأفضل معالجتها بأساليب أخرى من التأديب، مثل:  السلوكيّات المرافقة للعمر  هل قام طفلك بكسر كوب من الزجاج لأنّه لم يلاحظه بسبب اندفاعه؟ هذا هو المقصود، فغالبًا ما يُظهر الأطفال الصغار سلوكيّات، مثل نوبات الغضب أو النسيان أو التهوّر، لأنّهم ما زالوا يتعلّمون ضبط النفس والانفعال. هذه التصرّفات طبيعيّة من الناحية التنمويّة، وتجب مواجهتها بالصبر والتوجيه بدلًا من العقاب.  الأخطاء أو الحوادث  غالبًا ما تكون الحوادث مثل انسكاب الحليب أو كسر لعبة أو نسيان الواجبات المنزليّة غير مقصودة. يمكن أن تجعل معاقبة الأخطاء الأطفالَ خائفين من تجربة أشياء جديدة، أو الصدق بشأن الحوادث. بدلًا من العقاب، ركّز على مساعدتهم في حلّ المشكلة، مثل تنظيف ما سُكب على الأرض معًا، مع توضيح ما حصل ولماذا حصل، فهذا سيجعل الطفل أكثر إدراكًا للأشياء من حوله.  الانفجارات العاطفيّة  قد يبكي الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، أو يصرخون أو يتصرّفون بشكل غير لائق عندما تطغى عليهم المشاعر. بدلًا من معاقبة تعبيراتهم العاطفيّة، ساعدهم في تسمية مشاعرهم ومعالجتها. على سبيل المثال، قل: "أرى أنّك منزعج. دعنا نتحدّث عمّا يزعجك".  الاستكشاف والفضول  الفضول جزء طبيعيّ من الطفولة، ويؤدّي أحيانًا إلى سلوكيّات مثل تفكيك الألعاب، أو تجربة أشياء لا ينبغي لمسها. بدلًا من معاقبة الفضول، قم بإعادة توجيهه نحو أنشطة أكثر أمانًا وملاءمة.  الطرق الفعّالة لمعاقبة الأطفال  الهدف من العقاب هو تعليم الأطفال درسًا وتقويم سلوكهم، لذا يجب أن يكون العقاب بنّاءً، ويساعد الأطفال في التعلّم من أخطائهم، بدلًا من زرع الخوف أو المشاعر السلبيّة في أنفسهم. لذا، نستعرض بعض الاستراتيجيّات للانضباط الفعّال والإيجابيّ:  استخدام العقوبات المنطقيّة  ترتبط العقوبات المنطقيّة بشكل مباشر بسوء السلوك، ما يساعد الأطفال على ربط أفعالهم بالنتائج. فعلى سبيل المثال:  - إذا رفض الطفل تنظيم ألعابه أو تركها مبعثرة في غرفته، فيكون العقاب المنطقيّ حرمانه من هذه الألعاب لمدّة يوم كامل.  - إذا كسر الطفل لعبة شقيقه أو شقيقته، فيكون العقاب المنطقيّ أن يساعد في إصلاحها، فيدخّر من مصروفه لشراء لعبة بديلة.  يتميّز هذا النهج من العقاب بتعليم الطفل مبدأ المسؤوليّة، من دون أن يجعله يشعر بالظلم.  الحفاظ على الهدوء وعدم التمييز  يكون الانضباط أكثر فعّاليّة عندما يتمّ تطبيقه بهدوء؛ فالصراخ على الطفل أو تفريغ شحنة الغضب فيه يضيّع الرسالة التربويّة، ويتسبّب في خوفه أو محاولته الدفاع عن نفسه، حتّى لو كان يشعر بخطئه. يكمن الحلّ في تطبيق القواعد نفسها مهما اختلفت المواقف، حتّى يستطيع طفلك توقّع عواقب أفعاله بوضوح، وإدراك أنّه يستحقّ العقاب عندما يخالف القواعد.  استخدم الوقت التأديبيّ المستقطع بالشكل المناسب  يمكن أن يكون الوقت المستقطع وسيلة فعّالة لمنح الأطفال مساحة للهدوء والتفكير في سلوكهم، ولكن يجب الحرص على تناسب الوقت المستقطع مع عمر الطفل (على سبيل المثال يمكن إضافة دقيقة واحدة في مقابل كلّ سنة من عمر الطفل)، واستخدامه أسلوبًا تعليميًّا وليس عقابًا في حدّ ذاته، ويجب أن يتبعه التحدّث إلى الطفل حول ما قام به، وكيف يتصرّف بشكل أفضل في المرّة القادمة ليكون طفلًا مطيعًا، وليس لتجنّب العقاب نفسه.  التركيز على تهذيب الطفل وليس إشعاره بالذنب  يجب تجنّب العقاب الذي يهين الطفل أو يشعره بالخجل، مثل توجيه الشتائم أو النقد الشديد أو توبيخه أمام الناس؛ فهذه التصرّفات تدمّر تقديره لذاته. وبدلًا من ذلك عليك التركيز على مساعدة طفلك في فهم سبب خطأ سلوكه وكيفيّة تعديله.  تعزيز السلوك الإيجابيّ  من المهمّ الموازنة بين العقاب والتعزيز الإيجابيّ، فمثلًا، يجب عقاب الطفل عندما يخطئ، ويجب أيضًا مدحه ومكافأته عندما يحسن السلوك؛ سيساعده هذا في معرفة السلوكيّات المرغوبة التي تحظى بالتقدير، ويحفّزه على تكرارها للتمتّع بالمكافأة.  عرض الخيارات وإشراك الطفل في حلّ المشكلات  قد تقتضي بعض المواقف إشراك الطفل في حلّ المشكلة؛ على سبيل المثال، إذا اعترض على قصر وقت استخدام الحاسوب أو الهاتف الذكيّ خلال اليوم، فاعرض عليه سبب تخصيص وقت لاستخدام الشاشات، واطلب منه أن يختار بنفسه الحلّ المناسب لضمان عدم التأثير في نومه وتركيزه في المذاكرة. يعمل هذا النهج على تعزيز التفكير النقديّ والتعاون، وتقليل تحدّي الطفل للوالدين.    بدائل العقاب  في بعض المواقف لا يعدّ العقاب هو الحلّ الأفضل، وهناك العديد من البدائل التي تحقّق نتائج أفضل في التعامل مع سوء السلوك، مثل:  - تحويل الانتباه: بالنسبة إلى الأطفال الصغار، يمكن توجيه انتباههم إلى سلوك أكثر ملاءمة.  - العواقب الطبيعيّة: وتتلخّص في السماح للأطفال بتجربة النتائج الطبيعيّة لأفعالهم؛ على سبيل المثال، إذا أهملوا فروضهم المدرسيّة أو تكاسلوا في التحصيل الدراسيّ، حينها قد يحصلون على درجات متدنيّة أو يرسبون في اختباراتهم.  - تقديم القدوة: يمكن للآباء والأمهات أن يقوموا بالسلوك الذي يريدون أن يقوم به أطفالهم، مثلًا إذا كنت تريد أن يتحدّث طفلك باحترام، فتحدّث إليه باحترام، أو دعه يراك تحدّث الآخرين باحترام.  - حوار حلّ المشكلات: ساعد طفلك في التفكير في سلوكه بطرح أسئلة عليه، مثل: ماذا يمكنك أن تفعل بشكل مختلف في المرة القادمة؟    ***  العقاب جزء أساسيّ وضروريّ في تربية الأطفال، ولكن يجب أن يكون مدروسًا وعادلًا وبنّاءً على الدوام. بالتركيز على تعليم الطفل درسًا بدلًا من مجرّد عقابه، يمكن للآباء والأمّهات مساعدة أطفالهم في تطوير مهارات حياتيّة مهمّة، مثل المسؤوليّة والتعاطف والانضباط الذاتيّ.  لكنّ العقاب ليس صالحًا لكلّ الحالات، فبعض السلوكيّات يمكن التعامل معها بشكل أفضل بالصبر، أو تحويل الانتباه، أو العواقب الطبيعيّة، أو الحوار، أو غيرها. ففي نهاية المطاف، يتلخّص الانضباط الفعّال في مساعدة الأطفال في التعلّم من أخطائهم، مع الشعور بالأمان بالحصول على الحبّ والدعم من الأب والأمّ، واللذَين يمكنهما أن يربّيا أطفالًا يتمتّعون بالثقة بالنفس، والمرونة العاطفيّة، والاحترام لذواتهم والآخرين، باستخدام العقاب الذكيّ، وتجاوزه عندما يقتضي الأمر.     المراجع   https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/healthyliving/discipline-and-children  https://www.healthychildren.org/English/family-life/family-dynamics/communication-discipline/Pages/Disciplining-Your-Child.aspx  https://www.unicef.org/parenting/ar/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%A4%D8%AF%D9%91%D8%A8-%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83-%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%B0%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%A9/%D8%B1%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84 

كيف تمكن تنمية المهارات المعرفيّة لدى الأطفال؟

تُعرّف المهارات المعرفيّة على أنّها العمليّات العقليّة التي تتيح لنا التفكير والتعلّم والتذكّر وحلّ المشكلات. بالنسبة إلى الأطفال، يعتبر تطوير هذه المهارات أساسًا ضروريًّا للتعلّم، ولتعزيز الذكاء العاطفيّ والصحّة العقليّة الشاملة. هذه المهارات مسؤولة عن معالجة المعلومات الحسّيّة التي تساعد الطفل في التعلّم والتقييم والتحليل والتذمّر وإجراء المقارنات وتحليل الأسباب والنتائج. كما أنّها ترتبط بالتركيب الجينيّ، ومع ذلك يمكن تعلّم بعضها وتنميتها والتحسين منها بالممارسة والتدريب.  يؤدّي الآباء والأمّهات ومقدّمو الرعاية والمعلّمون دورًا أساسيًّا في مساعدة الأطفال في تقوية هذه المهارات. لذا، سنتعرّف في هذا المقال إلى طرق عمليّة لتعزيز التطوّر الإدراكيّ والمعرفيّ لدى الأطفال، عن طريق الأنشطة والعادات والبيئات التي تحفّز الفضول، وتقوّي الذاكرة، وتنمّي القدرة على حلّ المشكلات والتفكير الناقد.    كيف يتعلّم الأطفال المهارات المعرفيّة؟  تشجيع الفضول والاستكشاف  يولد الأطفال بطبيعة فضوليّة، ويعدّ تشجيع هذا الفضول من أهمّ الوسائل لدعم نموّهم المعرفيّ. فعندما يستكشفون محيطهم، ويطرحون الأسئلة، ويبحثون عن تجارب جديدة، فإنّهم يمارسون نشاطات عقليّة تعزّز التفكير والإدراك.  - خلق بيئة تعليميّة مفتوحة الخيارات: بدلًا من توجيه كلّ خطوة يقوم بها الطفل أثناء اللعب أو التعلّم، امنحه مساحة لاستكشاف الأمور بنفسه. وفّر له مجموعة متنوّعة من الألعاب والكتب والموادّ التي تشجّع على الاستكشاف، مثل مكعّبات البناء، أو أدوات الرسم، أو أدوات الاستكشاف في الطبيعة؛ سيمنحه هذا فرصة لاتّخاذ القرارات وتطوير مهارات حلّ المشكلات.  - الاستجابة لأسئلة الأطفال بعمق: عندما يسأل الأطفال "لماذا؟" أو "كيف؟" فإنّه من المغري إعطاؤهم إجابة سريعة، لكنّ الإجابة العميقة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا. شجّعهم على التفكير عن طريق طرح أسئلة مثل "ما رأيك؟"، أو "كيف يمكننا اكتشاف ذلك؟". هذا يعزّز لديهم مهارات التفكير الناقد، ويحافظ على اهتمامهم.  - تنظيم رحلات ميدانيّة: يمكن للزيارات إلى المتاحف والمراكز العلميّة والحدائق الطبيعيّة أن تقدّم للأطفال معلومات وتجارب جديدة. هذه الرحلات يمكن أن تثير فضولهم، وتعرّفهم إلى مفاهيم جديدة، وتساعدهم في ربط الأفكار المجرّدة بأمثلة من الحياة الواقعيّة.    تعزيز المهارات اللغويّة والتواصل  يُعدّ تطوّر اللغة عنصرًا أساسيًّا في النموّ الإدراكيّ لدى الأطفال، فهي الأداة الرئيسة للتعبير عن الأفكار، واستيعاب المفاهيم، وبناء الذاكرة وتقويتها.  - القراءة مع الأطفال يوميًّا: توسّع القراءة آفاق الأطفال، وتزيد مفرداتهم، وتعزّز مهارات الاستماع لديهم. اختر كتبًا تناسب أعمارهم، على أن تحمل نوعًا من التحدّي لتقديم مفردات وأفكار جديدة. لا تتردّد في إعادة قراءة الكتب المفضّلة، إذ إنّ التكرار يقوّي الذاكرة والفهم.  - تشجيع رواية القصص: اطلب من أطفالك أن يرووا قصصًا، أو يصفوا أحداث يومهم. هذا يساعدهم في تنظيم أفكارهم بشكل منطقيّ، ويحسّن قدرتهم على التعبير اللفظيّ، ويقوّي ذاكرتهم. أمّا إذا كان طفلك خجولًا، فقم أنت بالمبادرة واسرد قصّة عن يومك، ثمّ افتح له المجال لينضمّ إلى الحديث.  - العبوا ألعاب الكلمات: الألعاب مثل "أنا أرى" و"20 سؤالًا"، أو ألعاب القوافي يمكن أن تكون وسيلة ممتعة لتقديم مفردات ومفاهيم جديدة. حتّى وصف الأشياء أو الحيوانات بشكل مفصّل يمكن أن يساعد الأطفال في تعلّم اللغة الوصفيّة وتوسيع مفرداتهم.    تنمية الذاكرة باللعب  تعتبر الذاكرة جزءًا أساسيًّا من النموّ المعرفيّ لأنّها تدعم التعلّم، وحلّ المشكلات، والقدرة على الاحتفاظ بالمعلومات. يمكن أن تكون تمارين الذاكرة جزءًا من وقت اللعب بسهولة.  - اللعب بألعاب التطابق: الألعاب التي تستفزّ الذاكرة، أو ألعاب التطابق التي تتطلّب من الأطفال مطابقة الأزواج من البطاقات أو الصور، تساعد بشكل كبير في تحسين الذاكرة البصريّة والتركيز. كما أنّ الألعاب اللوحيّة التقليديّة التي تتطلّب تذكّر خطوات أو قواعد معيّنة يمكن أن تكون مفيدة لتطوير الذاكرة.  - سرد القصص باستخدام بطاقات التسلسل: تعرض بطاقات التسلسل صورًا بترتيب معين، مثل "أوّلًا، ثم، وأخيرًا". ترتيب الأطفال للبطاقات بالشكل الصحيح يبني مهارات الذاكرة، ويساعدهم في فهم السبب والنتيجة.  - ممارسة ألعاب الرياضيّات البسيطة: ألعاب العدّ والألغاز والأنشطة التي تتضمّن الأرقام يمكن أن تساعد الأطفال في تحسين الذاكرة. جرّب أنشطة مثل عدّ الخطوات أثناء المشي، أو جمع الأجسام الصغيرة مثل الحصى أو الألوان، لجعل الرياضيّات جزءًا من الحياة اليوميّة.    تشجيع حلّ المشكلات والتفكير النقديّ  يساعد حلّ المشكلات الأطفال في تعلّم كيفيّة مواجهة التحدّيات واتّخاذ القرارات والتفكير النقديّ. هذه المهارة ضروريّة للنجاح الأكاديميّ المستقبليّ والمرونة في الحياة.  - تقديم الألغاز والألعاب الذهنيّة: الألغاز المناسبة للعمر، مثل ألغاز الصور المتقطّعة، والألغاز المنطقيّة، والمستوى المبتدئ من سودوكو، يمكن أن تحسّن الوعي المكانيّ والصبر ومهارات حلّ المشكلات. ابدأ بألغاز أبسط، ثمّ قدّم الأصعب تدريجيًّا مع نموّ الطفل.  - إتاحة الفرصة للعب المستقلّ: عندما يشارك الأطفال في اللعب المستقلّ، يتعلّمون اكتشاف الأمور بأنفسهم. أنشئ منطقة يمكنهم فيها التجربة والبناء والإبداع. السماح لهم بالمحاولة والفشل والمحاولة مرّة أخرى يعزّز المرونة، ويقوّي مهارات حلّ المشكلات بشكل مستقلّ.  - طرح أسئلة افتراضيّة: اطرح أسئلة تشجّعهم على التفكير في نتائج أو حلول مختلفة، مثل "ماذا سيحدث إذا لم يعُد لدينا ماء بعد الآن؟"، أو "كيف ستشعر إذا كنت مكان تلك الشخصيّة؟". هذه الأسئلة تطوّر القدرة على التفكير المنطقيّ والتعاطف، وتحثّ الأطفال على التفكير في سيناريوهات متعدّدة.    تشجيع النشاط البدنيّ لتحسين وظائف الدماغ  النشاط البدنيّ ليس مهمًّا فقط للصحّة الجسديّة، بل يعزّز أيضًا الوظائف الإدراكيّة. فممارسة الرياضة تزيد من تدفّق الدم إلى الدماغ، وتحسّن التركيز، وتساعد في تنظيم الحالة المزاجيّة.  - الدمج بين الحركة والتعلّم: يمكن أن تكون الأنشطة التي تجمع بين الحركة والتعلّم مفيدة جدًّا. على سبيل المثال، الألعاب التي تتضمّن الركض والعدّ (مثل لعبة "الحجلة بالأرقام") يمكن أن تعزّز مهارات الرياضيّات.  - الاستمتاع بالطبيعة واللعب في الهواء الطلق: يعزّز الوقت الذي يقضيه الأطفال في الطبيعة التركيز والرفاهيّة النفسيّة. الأنشطة الخارجيّة مثل المشي والتسلّق والاستكشاف تدعم أيضًا حلّ المشكلات والوعي المكانيّ.  - تجربة تمارين التأمّل واليوغا للأطفال: تمارين التأمّل البسيطة، مثل التنفّس العميق أو التأمّل الموجّه، يمكن أن تساعد الأطفال في التركيز وتنظيم مشاعرهم وإدارة التوتّر. كما أنّ أوضاع اليوغا التي تتطلّب التوازن والتركيز تعتبر طريقة ممتعة لتقوية الرابط بين العقل والجسد.    تحديد وقت الشاشة وتعزيز الأنشطة العمليّة  بينما يمكن للتكنولوجيا أن تكون تعليميّة، فإنّ الاستخدام المفرط للشاشات يمكن أن يؤثّر سلبًا في النموّ المعرفيّ. وتشير الأبحاث إلى أنّ الأنشطة العمليّة أكثر فعّاليّة في بناء المهارات الإدراكيّة لدى الأطفال الصغار.  - تشجيع التعلّم العمليّ: امنح الأطفال الفرصة لاستكشاف العالم المادّيّ. الأنشطة مثل الطهو والبستنة، وحتّى الأعمال المنزليّة البسيطة، يمكن أن تعلّمهم دروسًا قيّمة في الرياضيّات والعلوم والمسؤوليّة.  - استخدام التكنولوجيا بشكل واعٍ: عندما يستخدم الأطفال الشاشات، اختر برامج تعليميّة أو تطبيقات ذات جودة عالية، تشجّع على التفاعل وحلّ المشكلات. ابحث عن تطبيقات تعزّز الإبداع والتفكير النقديّ أو تعلّم لغات جديدة، بدلًا من الترفيه السلبيّ.  - إنشاء روتين يومي متوازن بعيدًا عن الشاشات: أسّس روتينًا يتضمّن أنشطة غير مرتبطة بالشاشات، مثل القراءة، واللعب في الهواء الطلق، والمشاريع الإبداعيّة. هذا التوازن يساعد الأطفال في بناء الانتباه والانضباط، وهما عنصران أساسيّان للنموّ الإدراكيّ.    توفير الدعم العاطفيّ  تتّصل الصحّة العاطفيّة ارتباطًا عميقًا بالنموّ الإدراكيّ. فالطفل الذي يشعر بالأمان والدعم والحبّ، يكون أكثر قابليّة للتعلّم والتفاعل مع التحدّيات بطريقة إيجابيّة.    ***  لا يتعلّق تطوير المهارات المعرفيّة لدى الأطفال بحفظ الحقائق أو تحقيق الأهداف الأكاديميّة، بل بخلق بيئة تعزّز الفضول، وتدعم الصحّة العاطفيّة، وتشجّع الاستكشاف واللعب. عن طريق دمج هذه الاستراتيجيّات في الحياة اليوميّة، يمكن للأهل ومقدّمي الرعاية والمعلّمين مساعدة الأطفال في بناء الأدوات العقليّة التي يحتاجون إليها مدى الحياة من التعلّم. تذكّر أنّ كلّ طفل فريد من نوعه. لذا، كُن مرنًا، ولاحظ الأنشطة التي تتوافق أكثر مع طفلك، فالهدف يكمن في رعاية عقل متكامل وواثق وفضوليّ، ومستعدّ لمواجهة العالم.    المراجع   https://positivepsychology.com/cognitive-development-activities/  https://www.lillio.com/blog/preschool-cognitive-activities-overview  https://mawdoo3.com/%D9%83%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84  https://simimamaarabia.com/eg/ar/feeding-my-baby/cognition/enhance-cognitive-development