والديّة

والديّة

تستكمل منهجيّات مقاربتها العمليّة التربويّة والاهتمام بالأطفال والشباب المتعلّمين عبر إطلاق قسم الوالديّة. فالمجلّة والمنصّة تنطلقان/ تستهدفان الممارسين التربويّين في المدارس، من معلّمين وواضعي سياسات. ودائرة الموضوعات تشمل كلّ قضايا الاهتمام بالمدرسة، ممارسة وتخطيطًا. لكنّنا شعرنا دائمًا انّ حلقةً ناقصةٌ في هذه المقاربة، تتعلّق بـ"الممارسين التربويّين" في البيت، قبل أن يذهب الأولاد إلى المدارس، وبعد أن يعودوا منها. ولاستكمال اهتمامنا بصحّة الأولاد الجسديّة والنفسيّة، ومحاولتنا لفت النظر إلى من هم بحاجة إلى عناية خاصّة منهم، نطلق قسم الوالديّة ليصير واحدًا من أبواب المنصّة الدائمة.

تتوجّه مقالات الوالديّة الى أهالي المتعلّمين، المهتمّين بالتعليم بشكل عامٍّ، وبتعليم أبنائهم وتأمين نموّ سليم لهم على كلّ الصعد. وتنطلق المقالات ممّا يكثر البحث عنه في محرّكات البحث، لتقدّم للقرّاء/ الأهل مواضيع تربوية تهمّهم، وتزيد من وعيهم بخصائص مراحل نموّ أبنائهم، وتساعدهم في التعرّف إلى أساليب التعامل مع بعض المشاكل السلوكيّة التي من الممكن أن تظهر عند أبنائهم، وإلى برامج تعليميّة تساعدهم على اتّخاذ قرارات تخصّ تعليمهم. 

وقد اهتممنا بأن تكون المقالات سهلة سلسة، واضحة ومباشرة، تساعد على فهم الموضوع وإثارة النقاشات بين الأهالي المهتمّين. كما اعتمدنا على أكثر من مصدر لكتابة كلّ مقال، وأثبتنا هذه المصادر في ختام المقالات لتزويد الأهل الراغبين بمعرفة أشمل بالموضوع المقروء.

وأخيرًا، نلفت الانتباه إلى قضيّة شديدة الأهمّيّة: الكثير من المقالات تقارب قضايا ومؤشّرات لها علاقة بأنماط نفسيّة خاصّة بالأطفال والمراهقين، أو قضايا المتعلّمين ذوي الصعوبات التعلّميّة. إنّنا نشدّد على أنّ المقالات تقدّم إلى الأهل نصائح وإرشادات تساعدهم أو تحثّهم على طلب مساعدة الاختصاصيين، ولا تقدّم معالجات أو مبادرات للأهل كي يقوموا بها بأنفسهم حين رصد ظواهر تستدعي الانتباه. 

المزيد

استراتيجيّات تربية الطفل على الاستقلال الذاتيّ

أحد أهمّ أهدافك، أبًا أم أمًّا، تربية طفلك ليصبح شخصًا مستقلًّا ومعتمِدًا على نفسه. لا يمكن إنكار حاجة طفلك إليك في بداية حياته، ولكن، عندما يصل طفلك إلى مرحلة المراهقة، ويقلّ اعتماده عليك، يكتسب قدرًا أكبر من الاستقلال في جميع جوانب حياته، حيث تُعدّ هذه المرحلة بالذات تمهيدًا يهيِّئه للتعامل مع متطلّبات الحياة. لذلك، من الأهمّيّة بمكان أن تبني لدى طفلك أسس الاستقلال الذاتيّ والاعتماد على النفس منذ الصغر. من هنا، نناقش في هذا المقال كيفيّة تربية الطفل على الاستقلال الذاتيّ.   كيفيّة تربية الطفل على الاستقلال الذاتيّ؟  يستغرق توجيه طفلك نحو الاستقلاليّة وقتًا وجهدًا وثقة، ولأنّ النتيجة تستحقّ العناء، عليك البدء بتعليم طفلك الاستقلاليّة منذ الصغر. إليك أهمّ الوسائل التربويّة التي تبني في طفلك الشخصيّة المستقلّة:    لا توبّخه على ارتكاب الأخطاء رحّب بأخطاء طفلك فرصةً لتعلّمه، قد يبدو الأمر غير منطقيّ في البداية، لكنّ السماح لطفلك بارتكاب الأخطاء يعلّمه كيفيّة النجاح في الحياة. ذكِّر طفلك بأنّه لا بأس من ارتكاب الأخطاء، وساعده على تبادل الأفكار حول كيفيّة تصحيح تصرّفه في المرّات القادمة. أشركه في المهمّات المنزليّة  شجّع طفلك على القيام بمهمّات صغيرة، مثل وضع ألعابه في مكانها بعد انتهائه من اللعب، أو المساعدة في تفريغ أكياس البقالة، أو ترتيب غرفته. تأكّد من قيامه بالأعمال الروتينيّة الأساسيّة والمناسبة لعمره، لأنّ طفلك يكون أكثر استعدادًا للمساعدة عندما يشعر أنّه مسهِم فعّال في المنزل.  أعطه حريّته ضمن حدود  منح طفلك مستوى معقولًا من الحرّيّة يساعده على بناء مهاراته في اتّخاذ القرار، كما يعزّز فيه الشعور بالمسؤوليّة. يمكن أن يعني ذلك أن تطلب إلى طفلك أن يقرّر إذا كان يريد أن يرتدي قميصًا أحمر أو أزرق، أو السماح له، مثلًا، بزيارة صديقه بعد المدرسة. عندما يتمكّن طفلك من اتّخاذ خياراته بنفسه، تزداد فرص تفكيره بالتجارب والعواقب.  امنحه بعض الخصوصيّة  يحتاج الأطفال إلى مساحة للتعلّم والتطوّر، فمن الصعب أن يصبح طفلك أكثر استقلالًا إذا استمررت بإعطائه الأوامر من دون أن تسمع رأيه أو تعطيه فرصة للتفكير. لذلك، شجّع طفلك على الاعتماد على ذاته بمنحه بعض الخصوصيّة للتفكير في قراراته وتمييز الخطأ من الصواب. إذا وجدت طفلك يتجادل مع أخ أو صديق، أعطه الفرصة لإيجاد حلّ للمشكلة بنفسه.  تجنّب الإفراط في تصحيح أخطائه   تجنّب توجيه طفلك باستمرار عند محاولته الحصول على بعض الاستقلاليّة. على سبيل المثال، إذا طلبت إلى طفلك أن يرتّب سريره، ولم يرتّبه كما يجب، قاوم الرغبة في إصلاحه بنفسك بعد انتهائه. حاول دائمًا أن تضع في اعتبارك أنّ إنجاز مهمّاته بكفاءة ليس الهدف الذي يجب أن تسعى له، بل السماح له بتولّي المسؤوليّة في الدرجة الأولى. اعلم أنّ طفلك لن يرغب في الاستمرار بالمحاولة إذا شعر، في كلّ مرّة، أنّه لا ينجز ما تطلبه وفق معاييرك.  نظّم منزلك تنظيمًا يدعم استقلاليّته   تؤثِّر كيفيّة تنظيم المساحة التي تجمعك بطفلك في قدرته على ممارسة استقلاليّته. اسأل نفسك دائمًا: هل يستطيع طفلك إيجاد أيّ شيء يخصّه بسهولة؟ هل يستطيع الوصول إلى طعامه وشرابه بسهولة؟ هل يمكنه الوصول إلى المغسلة والصابون لغسل يديه من دون طلب المساعدة؟ عندما تهيِّئ له البيئة المناسبة ستلاحظ تطوّر مهاراته في الاعتماد على ذاته كثيرًا. أنشئ لطفلك جدول أعمال   يحتاج الأطفال الذين يتعلّمون مهارة جديدة إلى خطوات عمل محدّدة تشرح بالضبط ما يجب أن يقوموا به. لذلك، من الأفضل أن تقسّم تلك الأوامر الكبيرة إلى أوامر أصغر، كأن يضع ملابسه المتّسخة في السلّة ويرتّب كتبه على الرفّ، إذ يسهِل عليه ذلك إنجاز مهمّاته من دون أن يشعر بعبء المهمّات الكبيرة.  لا تُصرّ على إنجاز مهمّاته   قد تعتقد بأنّ تكرار الأوامر يدفع طفلك إلى الانصياع لها، إلّا أنّ لهذا ردّ فعل عكسيّ يتمثّل في زيادة اعتماد طفلك عليك. لذلك، من الأفضل أن تتجنّب الإصرار على إنجاز طفلك مهمّاته. قدِّم له، بدل ذلك، التوجيهات مرّة واحدة، وامنحه فرصة لإظهار قدرته على أن يكون مستقلًّا.     * * * ينضج كلّ طفل بمعدّل مختلف عن الآخر. لذلك، لا تدع شعور الخيبة يتسلّل إلى داخلك عندما يبدو أنّ أحد أطفالك يجب أن يكون أكثر استقلاليّة ممّا هو عليه. مع القليل من الدعم والتوجيه الإضافيّ، يمكن لطفلك تعلّم المهارات واكتساب الثقة التي يحتاج إليها لتأدية المزيد من الأشياء بنفسه، كي تكون تربية الطفل على الاستقلال الذاتيّ استراتيجيّة ناجحة.     أقرأ أيضًا: أهمّيّة تنظيم وقت الأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) دور اللعب في تنمية شخصيّة الطفل وتطوير مهاراته | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://www.todaysparent.com/kids/teaching-kids-to-be-more-independent/   https://www.verywellfamily.com/how-to-teach-your-kids-to-be-more-independent-4779863   https://www.mommynearest.com/article/10-tips-for-raising-independent-children          

كيف أدعم طفلي في مواجهة مخاوفه؟

العائلة مصدر الأمان الأوّل للطفل. لذلك، يؤثِّر الدعم الأسريّ للطفل في مدى تأثير المخاوف والهواجس النفسيّة في سلوكه ووتيرة تطوّره الشخصيّ وانفتاحه على التجارب، فضلًا عن مدى قدرته على مواجهة التحدّيات عامّةً. فلدعم الطفل العائليّ الأثر البالغ في مدى قدرته على كسر حواجز الخوف ومواجهة التجارب غير المألوفة في حياته مستقبلًا. نتناول في هذا المقال بعض الطرق التربويّة التي تساعد المربّي على العبور بطفله إلى برّ الأمان، من دون أن تكون مخاوفه عائقًا يحول بينه وأحلامه.    ما أكثر الأسباب شيوعًا لخوف الأطفال؟  تتعدّد الأسباب التي من شأنها تنمية المخاوف في شخصيّة الطفل، وتختلف من حالة إلى أخرى، ومن ظروف عائليّة واجتماعيّة إلى أخرى. من هنا، تؤدّي البيئة المحيطة بالطفل دورًا رئيسًا في تعزيز ثقته بنفسه أو تحطيمها، لأنّ الأطفال يتأثّرون بحديث الآخرين معهم أو عنهم، ويعتبرونه مصدر شعورهم بالاستحقاق، إن كان إيجابيًّا، أو مثبّطًا القيمة الذاتيّة، إن كان سلبيًّا. إليك بعض الأسباب التي تؤدّي إلى تنامي مخاوف الطفل:  النقد المستمرّ كثرة إلقاء اللوم على الطفل ونقد سلوكه نقدًا لاذعًا ومستمرًّا يؤثِّر سلبًا في نفسيّته، ويضعف ثقته بنفسه، ممّا يبني لديه قناعة خاطئة بضعف قدراته وعجزه عن تطويرها، ويجعل صورته الذاتيّة هشّة وضعيفة أمام نفسه. تؤثِّر تلك الانتقادات سلبيًّا في وتيرة نضج الطفل وإقباله على التجربة عامّة، فيُفضِّل بعدها البقاء في منطقة الراحة، بدلًا من المغامرة والتعرّض للفشل الذي يعدّ أكبر مخاوف الطفل الذي يتعرّض للنقد واللوم، لأنّه يعتاد على محاسبة نفسه بقسوة كما يفعل الآخرون، ويسعى إلى الكماليّة ورفض تقبّل الخطأ من نفسه أو الآخرين.  الفقد   يعاني الأطفال المتعرّضين للفقد، أيًّا كان نوعه، الخوفَ من تكوين العلاقات. فدائمًا ما يعاني هؤلاء الأطفال التعلّق بالأشياء والأشخاص لخوفهم من الفقدان. من هنا، تؤدِّي صدمة الفقد إلى قلّة شعور الطفل بالأمان، ممّا يصيبه بالهشاشة النفسيّة ويخلّ باتزانه النفسيّ ونضجه العاطفيّ مستقبلًا. ومن الآثار المؤلمة للخوف من الفقد لدى الطفل عدوانيّته أحيانًا ضد الآخرين، خوفًا على ممتلكاته، ويؤدّي خوفه من الارتباط بالأشخاص والأشياء إلى تشييد الحواجز بينه والعالم الخارجيّ. العنف  يُعدّ التعرّض للعنف في الطفولة من أكثر الجروح النفسيّة التي تتحوّل إلى مخاوف عميقة في حياة الطفل وتستمرّ معه، فلا يكون من السهل تجاوز تلك الصدمة وإعادة بناء الثقة في الناس مرّة أخرى، ولا سيّما إن كان المُعنِّف فردًا من العائلة أو من المقرّبين، أي ضمن دائرة الأمان التي تُمثِّل مصدر الثقة للطفل. الأمر الذي يعكس العدوانيّة التي تعرّض إليها على سلوكه، ويفقده الثقة في قبول الآخرين وحبّهم.   كيف أدعم طفلي في مواجهة مخاوفه؟  يتمثّل دورك، كونك أحد الوالدين، في مساعدة طفلك على تطوير المهارات والمرونة اللازمة لمواجهة مخاوفه والتغلّب عليها. إليك أهمّ الطرق التربويّة السليمة لتساعد طفلك على التغلّب على مخاوفه.   كوّن معه علاقة آمنة  من أهمّ الطرق التي تساعد طفلك على البوح بمخاوفه ونقاط ضعفه بارتياح، وجود مساحة آمنة بينكما. فعند شعور طفلك بالثقة والأمان يتمكّن من الإفصاح لك عمّا يعانيه من آلام نفسيّة ومخاوف، ممّا يساعدك على تفهّم ردود أفعاله وتصرّفاته ومساعدته على تخطّيها بسهولة. فكلّما اتضحت لديك الصورة استطعت استيعاب الطفل أسرع.  ادعمه نفسيًّا للتشجيع والرسائل الإيجابيّة وقع جميل وأثر إيجابيّ في مسامع طفلك. لذا، عليك دعم طفلك نفسيًّا باستمرار، وتسليط الضوء على محاسنه ونقاط قوّته ومواهبه وإقناعه بها، لأنّ تعزيز صورته الذاتيّة الإيجابيّة وثقته بنفسه يؤول، لا محالة، إلى اكتسابه الشجاعة الكافية لهزيمة مخاوفه، وتقبّل أخطائه والعمل على إصلاحها من دون حساسيّة أو هشاشة نفسيّة.  شجّعه على تكوين صداقات  دائرة العلاقات وسيلة علاجيّة لا غنى عنها في حياة الطفل، لأنّ الأصدقاء هم الداعم الأوّل للطفل، وأكثر العوامل تأثيرًا في تكوين شخصيّته المستقلّة. فالأطفال يتأثّرون بأقرانهم وبما يجمعهم من تجارب مرتبطة بمرحلتهم العمريّة. وبقدر أهمّيّة العلاقة الأسريّة في تعزيز نقاط القوّة في شخصيّة الطفل، فإنّ تفاعل الطفل الاجتماعيّ مع محيطه، بعيدًا عن عالمه المغلق في المنزل، خطوة مهمّة للغاية في طريق اكتسابه الشجاعة وقوّة الشخصيّة اللازمين لهزيمة المخاوف.  تقبّل مخاوفه  شعور الطفل بتقبّل الآخرين له ومحبّتهم غير المشروطة مفتاح أساسيّ لاكتسابه الثقة في قدرته على اجتياز التحدّيات، والخروج عن المألوف من دون الخوف من العواقب، أو التعرّض إلى الرفض أو الفشل. امنحه الوقت الذي يحتاج إليه يجب أن يعرف الولدان أنّ خوف الأطفال شعور قويّ جدًّا يستغرق تجاوزه وقتًا. لذلك، دع طفلك يعرف أنّك تؤمن بقدرته على تجاوز مخاوفه مع مرور الوقت. ومن هنا، كن صبورًا معه واستغلّ كلّ تصرّف يؤدّيه لمنحه الثقة بنفسه. قد يحتاج الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، إلى بضع محاولات قبل أن تتحسّن الأمور. لذا، لا تستسلم إذا لم تختفِ مخاوف طفلك بسرعة.  ضعه في المقدّمة   ضع طفلك دائمًا في المقدّمة وأشعِره بأنّه سيّد الموقف. قد تبدو هذه الطريقة غير اعتياديّة، ولكنّها تأتي بنتائج إيجابيّة على المدى البعيد. فعند زيارتكم، مثلًا، أحد الأشخاص قدِّمه أولًا وأشعره بأهمّيّته، وعندما يخرج معك دعه يجلس في المقعد الأماميّ للسيّارة. تُعدّ هذه استراتيجيّة نفسيّة تشعره بالأهميّة وتمنحه فرصة الاندماج مع العالم الخارجيّ والتمعّن بتفاصيله.     * * * تعدّ مساعدة الطفل على التغلّب على مخاوفه عمليّة تدريجيّة تتطلّب بذل جهدٍ لا بأس به من الصبر والتعاطف والتفهّم. يمكنك تمكين طفلك من تطوير المهارات اللازمة لمواجهة مخاوفه، بخلق بيئة داعمة وتقديم التوجيه الصحيح، ليصبح فردًا منفتحًا وواثقًا. وتذكّر أن مخاوف الطفولة هي جزء من النموّ، ودورك، والدًا ووالدة، أو مقدّم رعاية، هو أن تكون لطفلك مصدرًا للراحة والتشجيع طوال الوقت.   العائلة مصدر الأمان الأوّل للطفل. لذلك، يؤثِّر الدعم الأسريّ للطفل في مدى تأثير المخاوف والهواجس النفسيّة في سلوكه ووتيرة تطوّره الشخصيّ وانفتاحه على التجارب، فضلًا عن مدى قدرته على مواجهة التحدّيات عامّةً. فلدعم الطفل العائليّ الأثر البالغ في مدى قدرته على كسر حواجز الخوف ومواجهة التجارب غير المألوفة في حياته مستقبلًا. نتناول في هذا المقال بعض الطرق التربويّة التي تساعد المربّي على العبور بطفله إلى برّ الأمان، من دون أن تكون مخاوفه عائقًا يحول بينه وأحلامه.    ما أكثر الأسباب شيوعًا لخوف الأطفال؟  تتعدّد الأسباب التي من شأنها تنمية المخاوف في شخصيّة الطفل، وتختلف من حالة إلى أخرى، ومن ظروف عائليّة واجتماعيّة إلى أخرى. من هنا، تؤدّي البيئة المحيطة بالطفل دورًا رئيسًا في تعزيز ثقته بنفسه أو تحطيمها، لأنّ الأطفال يتأثّرون بحديث الآخرين معهم أو عنهم، ويعتبرونه مصدر شعورهم بالاستحقاق، إن كان إيجابيًّا، أو مثبّطًا القيمة الذاتيّة، إن كان سلبيًّا. إليك بعض الأسباب التي تؤدّي إلى تنامي مخاوف الطفل:  النقد المستمرّ كثرة إلقاء اللوم على الطفل ونقد سلوكه نقدًا لاذعًا ومستمرًّا يؤثِّر سلبًا في نفسيّته، ويضعف ثقته بنفسه، ممّا يبني لديه قناعة خاطئة بضعف قدراته وعجزه عن تطويرها، ويجعل صورته الذاتيّة هشّة وضعيفة أمام نفسه. تؤثِّر تلك الانتقادات سلبيًّا في وتيرة نضج الطفل وإقباله على التجربة عامّة، فيُفضِّل بعدها البقاء في منطقة الراحة، بدلًا من المغامرة والتعرّض للفشل الذي يعدّ أكبر مخاوف الطفل الذي يتعرّض للنقد واللوم، لأنّه يعتاد على محاسبة نفسه بقسوة كما يفعل الآخرون، ويسعى إلى الكماليّة ورفض تقبّل الخطأ من نفسه أو الآخرين.  الفقد   يعاني الأطفال المتعرّضين للفقد، أيًّا كان نوعه، الخوفَ من تكوين العلاقات. فدائمًا ما يعاني هؤلاء الأطفال التعلّق بالأشياء والأشخاص لخوفهم من الفقدان. من هنا، تؤدِّي صدمة الفقد إلى قلّة شعور الطفل بالأمان، ممّا يصيبه بالهشاشة النفسيّة ويخلّ باتزانه النفسيّ ونضجه العاطفيّ مستقبلًا. ومن الآثار المؤلمة للخوف من الفقد لدى الطفل عدوانيّته أحيانًا ضد الآخرين، خوفًا على ممتلكاته، ويؤدّي خوفه من الارتباط بالأشخاص والأشياء إلى تشييد الحواجز بينه والعالم الخارجيّ. العنف  يُعدّ التعرّض للعنف في الطفولة من أكثر الجروح النفسيّة التي تتحوّل إلى مخاوف عميقة في حياة الطفل وتستمرّ معه، فلا يكون من السهل تجاوز تلك الصدمة وإعادة بناء الثقة في الناس مرّة أخرى، ولا سيّما إن كان المُعنِّف فردًا من العائلة أو من المقرّبين، أي ضمن دائرة الأمان التي تُمثِّل مصدر الثقة للطفل. الأمر الذي يعكس العدوانيّة التي تعرّض إليها على سلوكه، ويفقده الثقة في قبول الآخرين وحبّهم.   كيف أدعم طفلي في مواجهة مخاوفه؟  يتمثّل دورك، كونك أحد الوالدين، في مساعدة طفلك على تطوير المهارات والمرونة اللازمة لمواجهة مخاوفه والتغلّب عليها. إليك أهمّ الطرق التربويّة السليمة لتساعد طفلك على التغلّب على مخاوفه.   كوّن معه علاقة آمنة  من أهمّ الطرق التي تساعد طفلك على البوح بمخاوفه ونقاط ضعفه بارتياح، وجود مساحة آمنة بينكما. فعند شعور طفلك بالثقة والأمان يتمكّن من الإفصاح لك عمّا يعانيه من آلام نفسيّة ومخاوف، ممّا يساعدك على تفهّم ردود أفعاله وتصرّفاته ومساعدته على تخطّيها بسهولة. فكلّما اتضحت لديك الصورة استطعت استيعاب الطفل أسرع.  ادعمه نفسيًّا للتشجيع والرسائل الإيجابيّة وقع جميل وأثر إيجابيّ في مسامع طفلك. لذا، عليك دعم طفلك نفسيًّا باستمرار، وتسليط الضوء على محاسنه ونقاط قوّته ومواهبه وإقناعه بها، لأنّ تعزيز صورته الذاتيّة الإيجابيّة وثقته بنفسه يؤول، لا محالة، إلى اكتسابه الشجاعة الكافية لهزيمة مخاوفه، وتقبّل أخطائه والعمل على إصلاحها من دون حساسيّة أو هشاشة نفسيّة.  شجّعه على تكوين صداقات  دائرة العلاقات وسيلة علاجيّة لا غنى عنها في حياة الطفل، لأنّ الأصدقاء هم الداعم الأوّل للطفل، وأكثر العوامل تأثيرًا في تكوين شخصيّته المستقلّة. فالأطفال يتأثّرون بأقرانهم وبما يجمعهم من تجارب مرتبطة بمرحلتهم العمريّة. وبقدر أهمّيّة العلاقة الأسريّة في تعزيز نقاط القوّة في شخصيّة الطفل، فإنّ تفاعل الطفل الاجتماعيّ مع محيطه، بعيدًا عن عالمه المغلق في المنزل، خطوة مهمّة للغاية في طريق اكتسابه الشجاعة وقوّة الشخصيّة اللازمين لهزيمة المخاوف.  تقبّل مخاوفه  شعور الطفل بتقبّل الآخرين له ومحبّتهم غير المشروطة مفتاح أساسيّ لاكتسابه الثقة في قدرته على اجتياز التحدّيات، والخروج عن المألوف من دون الخوف من العواقب، أو التعرّض إلى الرفض أو الفشل. امنحه الوقت الذي يحتاج إليه يجب أن يعرف الولدان أنّ خوف الأطفال شعور قويّ جدًّا يستغرق تجاوزه وقتًا. لذلك، دع طفلك يعرف أنّك تؤمن بقدرته على تجاوز مخاوفه مع مرور الوقت. ومن هنا، كن صبورًا معه واستغلّ كلّ تصرّف يؤدّيه لمنحه الثقة بنفسه. قد يحتاج الأطفال، ولا سيّما الصغار منهم، إلى بضع محاولات قبل أن تتحسّن الأمور. لذا، لا تستسلم إذا لم تختفِ مخاوف طفلك بسرعة.  ضعه في المقدّمة   ضع طفلك دائمًا في المقدّمة وأشعِره بأنّه سيّد الموقف. قد تبدو هذه الطريقة غير اعتياديّة، ولكنّها تأتي بنتائج إيجابيّة على المدى البعيد. فعند زيارتكم، مثلًا، أحد الأشخاص قدِّمه أولًا وأشعره بأهمّيّته، وعندما يخرج معك دعه يجلس في المقعد الأماميّ للسيّارة. تُعدّ هذه استراتيجيّة نفسيّة تشعره بالأهميّة وتمنحه فرصة الاندماج مع العالم الخارجيّ والتمعّن بتفاصيله.     * * * تعدّ مساعدة الطفل على التغلّب على مخاوفه عمليّة تدريجيّة تتطلّب بذل جهدٍ لا بأس به من الصبر والتعاطف والتفهّم. يمكنك تمكين طفلك من تطوير المهارات اللازمة لمواجهة مخاوفه، بخلق بيئة داعمة وتقديم التوجيه الصحيح، ليصبح فردًا منفتحًا وواثقًا. وتذكّر أن مخاوف الطفولة هي جزء من النموّ، ودورك، والدًا ووالدة، أو مقدّم رعاية، هو أن تكون لطفلك مصدرًا للراحة والتشجيع طوال الوقت.     اقرأ أيضًا صعوبات التعلّم عند الأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) ابني لا يحبّ الدراسة... ماذا أفعل؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://wordfromthebird.blog/the-blog/how-to-deal-with-insecure-child/   https://www.psychologytoday.com/us/blog/understand-other-people/201507/teenage-insecurities        

كيف توفِّر الرعاية لطفلك في ظلّ الكوارث الطبيعيّة؟

يمكن للكوارث الطبيعيّة، مثل الأعاصير والزلازل وحرائق الغابات والفيضانات، أن تضرب بشكل غير متوقع، ممّا يترك العائلات في حالة من الفوضى والضيق. وعندما يشارك الأطفال، تصبح الحاجة إلى التخطيط والدعم الدقيقين أكثر أهمّيّة. يعدّ ضمان سلامة طفلك ورفاهيّته وصحّته العاطفيّة خلال هذه الأوقات الصعبة أولويّة قصوى. نناقش في هذا المقال كيفيّة تقديم الرعاية لطفلك أثناء الكوارث الطبيعيّة، وفق ما يساعدك على الاستعداد لما هو غير متوقّع.    أنواع الكوارث الطبيعيّة يمكن أن تسبّب الكوارث الطبيعيّة الكثير من الأضرار، وتدمّر المنازل والأشياء الثمينة. كما تؤدّي إلى وقوع إصابات وخسائر في الأرواح، تتطلّب منك قوّة في التعامل معها، مع توفير الرعاية لطفلك. ومن أكثرها شيوعًا:   - الزلازل  - الفيضانات  - العواصف  - الأعاصير  - حرائق الغابات  - الجفاف  - تفشّي الأمراض المعدية    ردود فعل الطفل العاطفيّة أثناء وقوع كارثة طبيعيّة تتباين طريقة تعبير الطفل عن مشاعره في ظلّ الكوارث الطبيعيّة، إلّا أنّ المشاعر بحدّ ذاتها تبقى مشتركة بين معظم الأطفال. إليك أهمّ ردود الفعل العاطفيّة التي تصدر من طفلك في ظلّ الكوارث الطبيعيّة:   - الحزن الشديد على فقدان المنزل أو أحد أفراد العائلة أو الممتلكات.  - الشعور بالمسؤوليّة عن الكارثة والارتباك والشعور بالذنب، ولا سيّما إذا تجاوز الطفل الكارثة دون الآخرين.  - الشعور بالوحدة.  - الغضب وسرعة الانفعال.  - صعوبة في النوم.    كيف تدعم طفلك أثناء الكارثة؟  يحتاج طفلك إلى مساعدتك لفهم ما يحدث أثناء وقوع كارثة طبيعيّة، فقد تكون لديه مخاوف خفيّة لا تتوقّعها، أو قد يعبِّر عن مخاوفه بطرق جديدة. وقد يكون من الصعب على طفلك أن يشرح ما الذي يثير قلقه.  طمئنه   قبل أيّ شيء ذكّر طفلك بحبّك ورعايتك له، ودعه يعرف أنّك ستستمرّ بدعمه حتّى انتهاء الكارثة، وأنّك، بغض النظر عن حجم الكارثة، موجود لحمايته.  اخلق مساحة آمنة  يعدّ إنشاء بيئة آمنة أمرًا بالغًا في الأهمّيّة لحماية طفلك. لذلك، حاول تخصيص مساحة آمنة داخل منزلك، بعيدًا عن النوافذ والمخاطر المحتمَلة، واضمن راحته وشعوره بالحياة الطبيعيّة.  حافظ على التواصل معه  من أهمّ خطوات دعم طفلك أثناء الكوارث الطبيعيّة بدء التواصل المفتوح والصادق، بشرح الوضع بما يناسب عمره، والردّ على أسئلته ومخاوفه. كما أنّه من الضروريّ استخدام لغة مطمئنة والتأكيد على وجودك الدائم للحفاظ على سلامته.  اهدأ أمام طفلك  من الطبيعيّ جدًا أن تشعر أنت أيضًا بالتوتّر والقلق، ولكن حاول قدر المستطاع أن تحافظ على هدوئك وتماسكك عندما تكون مع طفلك. يمكن أن يساعد استقرارك العاطفيّ في طمأنته وتهدئته.  عالج احتياجاته العاطفيّة قد يشعر الأطفال بمجموعة من المشاعر المتضاربة أثناء وقوع كارثة طبيعيّة، بما في ذلك الخوف أو الغضب أو الحزن. حاول تشجيع طفلك على التعبير عن مشاعره، بالتحدّث أو الفنّ أو الكتابة، وأكّد له بأنّ هذه المشاعر طبيعيّة للغاية، وذكّره بوقوفك بجانبه وقتما أراد التحدّث عنها.   أشركه في الاستعداد  يمكن لإشراك طفلك في عمليّة الاستعداد أن يحدّ من قلقه. تدرّب معه على طريقة الإخلاء الآمن، وما يجب فعله في حالات الطوارئ المختلفة، حيث تساعده هذه المعرفة على شعوره بالسيطرة على الموقف والطمأنينة.  لا تعرّضه كثيرًا للمصادر الإخباريّة  قد يكون التعرّض المستمرّ للتغطية الإخباريّة والصور أمرًا مربكًا طفلك. لذلك، حدّ من تعرّضه لوسائل الإعلام، وانتقِ المعلومات التي تشاركها معه، وركّز على الجوانب الإيجابيّة للدعم المجتمعيّ.   كيف تدعم طفلك بعد الكارثة؟   في الوقت الذي قد يبدو فيه طفلك على ما يرام أثناء الكارثة الطبيعيّة، قد يواجه صعوبة في التأقلم بعد وقوعها. حاول أن تفهم كيف يشعر طفلك، وزوّده بالمعلومات المناسبة لعمره ومرحلة نموّه. من الأفضل له أن يعرف الحقائق، بدلاً من أن يترك خياله يصوِّر له الأسوأ. في ما يلي بعض الطرق لرعاية طفلك بعد وقوع الكارثة الطبيعيّة:  - شجّع طفلك على تناول الطعام والحصول على قسط جيّد من النوم.  - حافظ على الروتين قدر الإمكان لمساعدة طفلك على الشعور بالأمان.  - اسأل طفلك عن شعوره وأفكاره.  - شجّع طفلك على اللعب والمرح، حيث يمكن أن يساعده ذلك على الشفاء.  - مارس مع طفلك أنشطة لطيفة كلّما استطعت ذلك.  - ساعد طفلك على البقاء على اتّصال مع أصدقائه قدر المستطاع.   - حاول استخدام تقنيات التهدئة مع طفلك، مثل اليقظة الذهنية أو التنفّس المريح.    * * * بينما تسعى جاهدًا إلى دعم صغيرك في أعقاب الكارثة وأثنائها، لا تنسَ نفسك من بعض الاهتمام. يمكنك، بطلب المساعدة وممارسة الرعاية الذاتيّة والتواصل مع شبكات الدعم، التأكّد من جهوزيّتك العاطفيّة والجسديّة لتوفير الحبّ والطمأنينة التي يعتمد عليها طفلك في ظلّ الأوضاع الصعبة.  اقرأ أيضًا أثر الحرب في الطفل بين الفقر والحرمان من الطفولة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيفيّة التعامل مع الطفل العنيد والعصبيّ في عمر الثالثة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.seattlechildrens.org/health-safety/keeping-kids-healthy/development/coping-with-trauma-disaster/  https://www.savethechildren.org/us/charity-stories/help-children-cope-with-disaster      

المهارات الحياتيّة العشر الأهمّ للأطفال

مع تطوّر العالم بسرعة، يمتدّ دور التعليم إلى ما وراء الجانب الأكاديميّ. بينما تظلّ موضوعات، مثل الرياضيّات والعلوم والأدب، ضروريّة. ويبقى الاعتراف المتزايد بالحاجة إلى تزويد الأطفال بالمهارات الحياتيّة الأساسيّة للنموّ في مجتمع دائم التغيّر ضروريًّا أيضًا. تتجاوز هذه المهارات الحياتيّة التعلّم التقليديّ في الفصول الدراسيّة، وتشمل مجموعة متنوّعة من القدرات التي تعزِّز النموّ الشخصيّ والاعتماد على الذات، من التواصل وحلّ المشكلات، إلى محو الأمّيّة الماليّة والذكاء العاطفيّ، حيث يمكِّن تعليم الأطفال هذه المهارات من التغلّب على تحدّيات الحياة واغتنام الفرص بثقة. في هذا المقالة نكتشف المهارات الحياتيّة للأطفال التي يجب أن يعرفها كلّ طفل لكي يزدهر أكاديميًّا.   أهمّ المهارات الحياتيّة للأطفال يجب عليك، أكنت أبًا أم أمًّا، غرس بعض المهارات الحياتيّة الأساسيّة في طفلك، بما في ذلك المهارات الاجتماعيّة والشخصيّة والتنسيق وحلّ المشكلات والمهارات الإبداعيّة. في ما يلي قائمة من المهارات الحياتيّة الأساسيّة التي يجب عليك مساعدة طفلك على اكتسابها:  الاستقلاليّة  اسمح لطفلك بفهم بعض الأشياء بنفسه، بمنحه فرص القيام بالمهمّات والنشاطات من دون مساعدته. يساعد ذلك في بناء الثقة بالنفس واحترام الذات، ويشجّعه على القيام بمهمّات بسيطة، بالاعتماد على نفسه. اتّخاذ القرارات   اتّخاذ القرارات المناسبة مهارة حياتيّة رئيسة يجب أن يتعلّمها كلّ طفل ويمارسها منذ الصغر. على سبيل المثال، اسمح لطفلك بالاختيار بين أنواع مختلفة من الملابس والطعام والألعاب. يمكن أن يؤدّي تشجيع طفلك على فهم نتائج اختياراته إلى تحسين قدراته على الإدارة الذاتيّة، ولا سيّما عندما يكون اتّخاذ القرارات ناتجًا عن تعلّمه من أخطائه. ولكن، عليك تأدية دورك بإرشاد طفلك خلال هذه العمليّة لمساعدته على الموازنة بين الإيجابيّات والسلبيّات قبل اتّخاذ أيّ قرار.  الدفاع عن النفس  تساعد مهارات الدفاع عن النفس الطفل على اكتساب الثقة بالنفس والقوّة الداخليّة، وتخدمه جيّدًا في حياته. لا يقتصر الدفاع عن النفس على حماية نفسه جسديًّا فحسب، بل يتضمّن أن يكون استباقيًّا لمنع المشكلات واستخدام الحزم للردّ على التنمّر، كما أنّه يعلّم الأطفال كيفيّة التعرّف إلى المواقف الخطرة وتقييمها قبل التعامل معها بالقوّة الجسديّة. التفاهم  عندما يشرح طفلك بعض المواقف الصعبة التي واجهها هو أو أصدقاؤه، شجِّعه على النظر إلى الموقف من منظور شخص آخر، وعلّمه ردود الفعل العاطفيّة التي ينقلها الناس في المواقف المختلفة. يمكن أن يؤدّي ذلك إلى تحسين مهارات حلّ المشكلات لديهم، وقدرتهم على فهم الأشخاص من حولهم، بالإضافة إلى تطوير ذكائه العاطفيّ.  إدارة الوقت   إدارة الوقت مهارة تساعد الأطفال في كلّ نشاط يقومون به. يعلّمهم التفريق بين العمل المهمّ والعمل العاجل وتحديد أولويّات مهمّاتهم وواجباتهم. لمعرفة بعض النصائح حول كيفيّة تعليم إدارة وقت الأطفال. وللمزيد ننصحك بقراءة هذا المقال: أهمّيّة تنظيم وقت الأطفال. المسؤوليّة الماليّة  تُعدّ الخبرة بالمال مهارة حيويّة يجب أن يمتلكها كلّ فرد. علِّم طفلك إدارة الأموال، وكيفيّة إنفاقها بمسؤوليّة، والاستثمار بها من أجل مستقبله في سنّ مبكرة. يمكنك إعطاء طفلك مبلغًا معيّنًا من المال مرّة واحدة كلّ خمسة عشر يومًا، أو مرّة واحدة في الشهر. إذا كان طفلك يرغب في شراء شيء باهظ الثمن، فاطلب إليه توفير المال وشرائه. ستضمن هذه الممارسة تخطيط طفلك الصحيح لميزانيّته ​​وعدم الانغماس في الشراء العاطفيّ أو الاندفاعيّ.  النظافة الشخصيّة والاهتمام بالذات   من الضروريّ تعليم طفلك أهمّيّة الصحّة والنظافة الشخصيّة منذ صغره. علِّمه، مثلًا، أهمّيّة تنظيف أسنانه بالفرشاة مرّتين يوميًّا، وغسل يديه، والاستحمام، وتناول الطعام الصحّيّ. يمكنك كذلك إدخال فوائد الطعام في عنايته الجماليّة. على سبيل المثال، إذا كان طفلك يحبّ العناية بشعره، فتحدّث عن الأطعمة التي تحتوي على البروتينات والبوتاسيوم. إذا كان طفلك يحبّ النشاط البدنيّ والرياضة، فتحدّث عن الأطعمة التي تزيد من اللياقة والقدرة على التحمّل.  آداب الطعام  علِّم طفلك آداب المائدة الأساسيّة، مثل استخدام السكين والشوكة أثناء تناول الطعام، وغسل اليدين قبل تناول الطعام، وإغلاق فمه أثناء مضغ الطعام. بالإضافة إلى تعليمه كيفيّة التصرّف في المطعم وكيفيّة طلب الطعام.  استخدام الخرائط  أرشد طفلك في طريق المنطقة التي يسكن فيها، وساعده على تذكِّر الطرقات المختلفة حول المعالم. يمكنك أيضًا أن تطلب إلى طفلك أن يوجّهك إلى منزلك في كلّ مرّة تخرج فيها للتأكّد من أنّه يتذكّر الطريق. علِّمه كيفيّة قراءة الخريطة واستخدام نظام تحديد المواقع العالميّ (GPS).  إجراءات السفر  من المهمّ أن يعرف طفلك أساسيّات السفر، بدءًا من استخدام وسائل النقل العام إلى ركوب الدراجات، تأكّد من أنّ طفلك على دراية جيّدة بكيفيّة الانتقال من مكان إلى آخر. على سبيل المثال، علّمه كيفيّة شراء تذكرة حافلة أو تذكرة قطار، واشرح له الوسيلة التي تساعده على الوصول إلى المنزل.    * * * تؤدّي المهارات الحياتيّة للأطفال دورًا مكثفًّا في نموّهم وتطوّرهم بشكل عام، لأنّها تساعدهم على النجاح في مشاريع الحياة المختلفة بالطريقة الصحيحة. يسمح تعليم المهارات الحياتيّة لطفلك بإدراك إمكاناته الحقيقيّة وتحسين احترامه ذاته بجعله يشعر بمزيد من الاستقلال. يمكن أن يؤدِّي تعلّمه وتكيّفه أيضًا إلى تعزيز قدرته على اتّخاذ القرار للعيش في تناغم مع الآخرين في المجتمع. لذلك، يجب أن تفكّر في تدريس طفلك هذه المهارات الحياتيّة في سنّ مبكِرة، بطرق تجدها ممتعة ومسلّيّة. وأخيرًا، تذكّر أنّ تعليم طفلك المهارات الحياتيّة يتطلّب جهدًا وصبرًا ووقتًا وعملًا متّسقًا، لا يتحقّق إلّا بدعمك المستمر.    اقرأ أيضًا كيف تخطّط للسفر مع طفلك؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) دور اللعب في تنمية شخصيّة الطفل وتطوير مهاراته | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المرجع https://www.momjunction.com/articles/life-skills-for-kids-students-to-learn_00763227/

كيف نطوِّر ذكاء الأطفال العاطفيّ؟

أصبح الذكاء العاطفيّ معروفًا، مهارةً رئيسةً للنجاح في الحياة. لذلك، من أهمّ الهدايا التي يمكن أن تقدّمها لطفلك، أبًا كنت أم أمًّا، تنمية ذكائه العاطفيّ، بمساعدته على فهم عواطفه وإدارتها، إذ تمكّنه من التغلّب على تحدّيات الحياة بالمرونة والتعاطف والوعي الذاتيّ. في هذه المقالة، سوف نكتشف الاستراتيجيّات والنصائح العمليّة لتعزيز ذكاء طفلك العاطفيّ. ما الذكاء العاطفيّ عند الأطفال؟  الذكاء العاطفيّ عند الأطفال هو قدرتهم على فهم مشاعرهم ومشاعر الآخرين، بما يمكّنهم من التعامل معها بطرق فعّالة.     لماذا نهتمّ بالذكاء العاطفيّ عند الأطفال؟  تنمية ذكاء طفلك العاطفيّ منذ سنّ مبكِرة يؤسِّس لرفاهه العام، ويعزِّز نموّه الاجتماعيّ والعاطفيّ. أمّا أسباب اهتمامنا به فتتمثّل بالآتي: بناء علاقات قويّة أحد الجوانب الرئيسة للذكاء العاطفيّ قدرة طفلك على فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معها. يكتسب الطفل، بتطوير الذكاء العاطفيّ، فهمًا أعمق لنفسه والآخرين، ويبني علاقات قويّة وصحّيّة، ويصبح أكثر انسجامًا مع الإشارات غير اللفظيّة. بالإضافة إلى تعلّمه الاستماع بنشاط، وإظهار التعاطف تجاه تجارب الآخرين وعواطفهم. تشكّل هذه المهارات الحجر الأساس لقدرة طفلك على حلّ الخلافات سلميًّا، وتطوير شبكة اجتماعيّة داعمة.  تحسين صحّته العقليّة  يزوّد الذكاء العاطفيّ الطفل بالأدوات اللازمة لتنظيم مشاعره وإدارة توتّره بشكل فعّال، والحفاظ على صحّة عقله الإيجابيّة والتقليل من الاكتئاب والتوتّر. يصبح طفلك، بمساعدته على تطوير وعيه بذاته، قادرا على تحديد مشاعره والتعبير عنها بشكل أفضل، ممّا يقلّل من احتماليّة إيذاء صحّته النفسيّة بسبب كبت مشاعره. ويفضَّل أن تعلّم طفلك استراتيجيّات تنظيم مشاعره، مثل التنفّس العميق، أو أخذ قسط من الراحة لمساعدته على التعامل مع المواقف الصعبة. تعزيز احترام الذات والثقة بالنفس يتمتّع الأطفال الذين يتحلّون بذكاء عاطفيّ متطوّر بتقدير ذواتهم والثقة بأنفسهم. عندما يفهم طفلك مشاعره ويكون قادرًا على إدارتها بفعّاليّة يؤمن تلقائيًّا بقدراته وخياراته، لأنّ الذكاء العاطفيّ يساعد طفلك على التعرّف إلى نقاط قوّته، وتقبّل نقاط ضعفه، واحتضان صفاته الفريدة. تشجّعه ثقته بنفسه على المخاطرة واستكشاف فرص جديدة والاستمرار في مواجهة العقبات، ممّا يؤدّي في النهاية إلى تعزيز النموّ الشخصيّ والمرونة.  رفع قدرته على صنع القرارات وحلّ المشكلات  للذكاء العاطفيّ دور مهمً في صقل مهارات الطفل في صنع القرار وحلّ المشكلات. يمكن لطفلك، بفهم عواطفه، تقييم خياراته بشكل أفضل واتّخاذ قرارات مستنيرة. يساعد الذكاء العاطفيّ طفلك على التفكير في وجهات نظر الآخرين ومشاعرهم عند حلّ النزاعات، أو إيجاد الحلول بشكل تعاونيّ. كما يمكن لطفلك، بالتفكير الناقد المعزَّز والتعاطف، التنقّل في المواقف المعقَّدة بمزيد من الوضوح والإبداع، ممّا يمهِّد الطريق لاتّخاذ قرارات فعّالة وحلّ المشكلات، على الصعيدين الشخصيّ والأكاديميّ.  تعزيز النجاح في المستقبل  يضع تطوير الذكاء العاطفيّ الأطفال على طريق النجاح في المستقبل، إذ يدرك أرباب العمل والجامعات قيمة الذكاء العاطفيّ لدى الأفراد. يكون الأطفال، بالذكاء العاطفيّ، مجهّزين بشكل أفضل للتنقّل في الديناميكيّات الاجتماعيّة، والعمل بفعّاليّة، وإيصال أفكارهم بوضوح وتعاطف. هذه المهارات مطلوبة بشدّة في أماكن العمل والأوساط الأكاديميّة، ممّا يمنح الأفراد الأذكياء عاطفيًا ميزة تنافسيّة. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الذكاء العاطفيّ في تعزيز مرونة الطفل وقدرته على التكيّف والتعلّم من الفشل، وهي سمات أساسيّة للنجاح.  بناء الوعي الذاتيّ   يبدأ الذكاء العاطفيّ بالوعي الذاتيّ، والقدرة على التعرّف إلى مشاعر المرء وفهمها، وكيف تؤثّر في الأفكار والأفعال والعلاقات. تمكِّن مساعدة طفلك على تطوير الوعي الذاتيّ من التعرّف إلى مشاعره واحتياجاته ونقاط قوّته. يمكِّنه هذا الفهم من اتّخاذ قرارات أفضل، وإدارة توتّره وتنظيم عواطفه بشكل فعّال. كما ينمّي التعاطف مع الآخرين ويعزّز احترامه الصحّيّ لذاته.    ما مقياس الذكاء العاطفيّ عند الأطفال؟ يُربَط الذكاء العاطفيّ عند الأطفال بمجموعة من القدرات التي تتضمّن إدراك مشاعر الذات والآخرين وفهمها وإدارتها. يعزِّز الذكاء العاطفيّ التكيّف الناجح بمجالات الحياة الاجتماعيّة المتنوِّعة، بالإضافة إلى دعم مهارات الذكاء العاطفيّ والنجاح الأكاديميّ.  يقيس اختبار ماير وكاروسو وسالوفي (MSCEIT) ذكاء الطفل العاطفيّ بقدرته على إدراك المعلومات العاطفيّة وفهمها والتصرّف وفقها، ويحتوي الاختبار على مجموعة من الأدوات التي تتضمّن أسئلة عن مقاطع موسيقيّة وقصص وأشخاص، وأسئلة أخرى تتعلّق بالفهم والإدارة.    كيف تنشئ طفلًا يتمتّع بذكاء عاطفيّ؟ تعدّ تنمية ذكاء الأطفال العاطفيّ استثمارًا قيِّمًا في شخصيّتهم ونجاحهم في التعامل مع الظروف والأحداث. ومن الجدير بالذكر أنّ جميع الأطفال يمتلكون قابليّة تعلّم الذكاء العاطفيّ وتطبيقه، إلّا أنّهم يحتاجون إلى التوعية من والديهم. إليك وسائل تربويّة تساعدك على تنمية ذكاء طفلك العاطفيّ:   ساعد طفلك على تحديد مشاعره  يحتاج الأطفال إلى أن يجيدوا التعرّف إلى شعورهم. يمكنك مساعدة طفلك بتعريف مشاعره، أو المشاعر التي تشكّ في شعور طفلك بها. عندما يكون طفلك مستاءً، يمكنك أن تقول له: "يبدو أنّك تشعر بالغضب حقًا الآن. هل هذا صحيح؟" يمكن للمصطلحات الشعوريّة، مثل "غاضب" و"مستاء" و"خجول" و"متألِّم" أن تبني مفردات التعبير عن المشاعر. ولا تنسَ مشاركة كلمات المشاعر الإيجابيّة أيضًا، مثل "الفرح" و"الإثارة" و"الأمل".  أظهر التعاطف  عندما يكون طفلك منزعجًا، لا تحاول التقليل من شعوره، لأنّ النهج التربويّ الأفضل هو مساعدته على التحقّق من صحّة مشاعره بإظهار التعاطف، حتّى لو لم تفهم سبب انزعاجه الشديد.  ساعد طفلك على التعبير عن مشاعره  يحتاج الأطفال إلى أن يعرفوا كيفيّة التعبير عن مشاعرهم بطريقة مناسبة اجتماعيًّا. استخدم المصطلحات التي تعبِّر عن الشعور في محادثتك اليوميّة، وتدرّب على الحديث عنها. تشير الدراسات إلى أنّ الأهل الأذكياء عاطفيًّا أكثر عرضة لإنجاب أطفال أذكياء عاطفيًّا بالفطرة. لذا، اجعل من المعتاد التركيز بوضوح على بناء مهاراتك، حتّى تكون أنموذجًا يحتذي طفلك به.  طوِّر لديه مهارة التأقلم الصحّيّة  بمجرد أن يفهم طفلك عواطفه، يصبح بحاجة إلى تعلّم كيفيّة التعامل مع تلك المشاعر بطريقة صحّيّة. قد تكون معرفة كيفيّة تهدئة نفسه أو مواجهة مخاوفه أمرًا معقَّدًا، وهنا تحتاج إلى تعليمه المهارة المناسبة للتغلّب على هذه الصعوبة. على سبيل المثال، قد يفيد طفلك تعلّم كيفيّة أخذ أنفاس عميقة قليلة عندما يكون غاضبًا لتهدئة جسده، حيث يأخذ شهيقًا من أنفه ويخرجه ببطء من فمه. يمكنك كذلك مساعدة طفلك على إنشاء مجموعة تساعده على تنظيم مشاعره. تعدّ كتب التلوين، والكتب القصصيّة المختلفة، والموسيقى الهادئة، والمستحضرات التي تفوح منها رائحة طيّبة، بعض العناصر التي يمكن أن تساعد طفلك على تهدئة عواطفه.  ساعِده على تطوير مهارة حلّ المشكلات   يعدّ تعلّم حلّ المشكلات جزءًا من عمليّة بناء ذكاء طفلك العاطفيّ. ساعده على تحديد خمس طرق على الأقل يستطيع بها حلّ المشكلة بهدف تبادل الأفكار معه وتقديم العون له، من دون تقديم مساعدة مباشرة منك. عندما يرتكب طفلك خطأ ما، مثلًا، تعامل معه بالطريقة التي تريده أن يتعامل بها مع مشكلاته، وقدّم له التوجيه عند الضرورة، مع دعمه في اكتشاف قدرته على حلّ المشكلات بشكل فعّال بمفرده.  اجعل الذكاء العاطفيّ هدفًا مستمرًّا  لا تنتهي تنمية ذكاء الطفل العاطفيّ بعد وصوله إلى مرحلة عمريّة معيّنة، لأنّه، وبغضّ النظر عن مستوى ذكاء طفلك العاطفيّ، هناك دائمًا مجال للتحسين. مع تقدّمه بالعمر، من المحتمل أن يواجه عقبات تتعلّق بمهاراته. لذلك، اجعل بناء مهارات طفلك العاطفيّة عمليّة مستمرّة، وتحدّث دائمًا عن المشاعر التي قد تشعر بها أمامه، وخذ وقتًا للتحدِّث عن كيفيّة تحسين أدائه في المستقبل. وعليه، يمكن لطفلك، بدعمك المستمرّ، تطوير الذكاء العاطفيّ والقوّة العقليّة التي يحتاج إليها للنجاح في الحياة.    * * * الاستثمار في ذكاء طفلك العاطفيّ أعظم هديّة تقدّمها إليه. تستطيع أن تضع أساسًا متينًا لإدراك طفلك العاطفيّ ونجاحه في المستقبل، بتنمية وعيه العاطفيّ، ومساعدته على دمج التعاطف والرحمة في تعاملاته، وتعليمه مهارات حلّ المشكلات، وتعزيز التواصل الفعّال لديه. نعلم أنّ بناء الذكاء العاطفيّ عمليّة مستمرّة تتطلّب الصبر والاتّساق، ولكن بتوجيهك ودعمك، سوف يطوِّر طفلك المهارات اللازمة للتعامل مع مواقف الحياة بمرونة ووعي وتعاطف.    أقرأ أيضًا أهمّيّة تنظيم وقت الأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) أسس تنشئة الطفل الاجتماعيّة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://www.understood.org/en/articles/the-importance-of-emotional-intelligence-for-kids-with-learning-and-thinking-differences   https://www.standrewsdusit.com/how-you-can-help-your-child-develop-emotional-intelligence/   

علامات نموّ الطفل العقليّ في مرحلة الطفولة المبكِرة

يمرّ الطفل في سنواته الأولى برحلة من النموّ العقليّ، يتخلّلها العديد من التجارب التي تسهم في صناعة شخصيّته وعلاقاته مع بيئته والآخرين. تتّسم هذه المرحلة بعلامات مميَّزة تدلّ على مدى تطوِّره وإفادته من الخبرات التي يمرّ فيها.    ما علامات نموّ الطفل العقليّ في مرحلة الطفولة المبكِرة؟ تُحدَّد الطفولة المبكِرة بأنّها الفترة الممتدّة من الولادة إلى سنّ الثامنة، ورغم أنّنا ندرك أهمّيّة الرعاية الجيّدة قبل الولادة في نتائج الطفولة المبكِرة، إلّا أنّ فهم علامات نموّ الطفل العقليّ والتعرِّف إليه في هذه الفترة الحاسمة يعدّ مفيدًا جدًّا للآباء. يمكننا، بمراقبة هذه العلامات، ضمان تزويد الطفل بالدعم الذي يحتاج إليه لتحقيق الازدهار. إليك أهمّ علامات نموّ الطفل العقليّ في مرحلة الطفولة المبكِرة: الفضول  يُعدّ الفضول من أوائل العلامات التي تشير إلى نموّ الطفل العقليّ في مرحلة الطفولة المبكِرة. فالطفل، في هذه المرحلة، يكون متطلّعًا إلى اكتشاف العالم من حوله، وما يحتويه من أشخاص وأشياء، ولا سيّما الأشياء المجهولة التي يصعب عليه الوصول إليها، أو التي ينهره الوالدان عن الاقتراب منها. يسهم الفضول وحبّ المعرفة في تنمية ذكاء الطفل الإدراكيّ، ولكنّه يعدّ مصدر قلق للوالدين، نظرًا للمخاطر التي يعرّض الطفل نفسه لها أثناء مغامراته داخل المنزل أو خارجه.  الشعور والإدراك  تنمو قدرة الحواس على إدراك الأشياء في مرحلة الطفولة المبكِرة، وتتطوّر قدرة الطفل على تمييز الطعم والأصوات والألوان المختلفة. كما تتطوّر قدرته على تمييز الاختلافات بين الأشياء المادّيّة وتصنيفها بصورة عامّة، بسبب قوّة ارتباطات الخلايا العصبيّة، ممّا يؤدِّي إلى تأدية المخّ وظائفه التنفيذيّة والحسيّة تأدية صحيحة. النموّ اللغويّ يُعدّ النموّ اللغويّ من أكثر علامات نموّ الطفل العقليّ، تميّزًا ووضوحًا، وهو من اتّجاهات النموّ المهمّة، لأنّ اللغة أساس علاقة الطفل بالعالم، تنشأ بها علاقاته مع الآخرين ويستطيع إدراك المفاهيم واكتساب المعرفة. يبدأ الطفل بنطق الأسماء، ثمّ الصِفات لاحقًا، ثمّ يتطوّر الأمر إلى نطق جملة كاملة. عادةً ما يصل عدد المفردات اللغويّة التي يكتسبها الطفل في هذه المرحلة إلى 2000 كلمة، ويتمكّن من عدّ حوالي خمس جمل أو أكثر. كما يظهر النموّ اللغويّ في عدّة سلوكيّات، مثل التعبير عن الأفكار وإمكانيّة الحوار مع الأقران، ومجاملة الآخرين، وربط الأشياء المادّيّة بأسمائها، وتمييز الكلمات الواجب قولها في مناسبة معيّنة حسب المكان والزمان. بالإضافة إلى بناء قواعد المفردات اللغويّة وسرعة اكتسابها من المواد المرئيّة والتفاعلات الاجتماعيّة. اتّباع التعليمات يُعدّ استيعاب الطفل النظام والتوجيهات التي يوجّهها له الآخرون من أدلّة نموّ الطفل العقليّ، والجانب الأهمّ في هذه النقطة أن يكون الطفل واعيًا سبب اتّباعه التعليمات، مثل العائد الذي يحقّقه أو المشكلات التي يمنع حدوثها عند التزامه بالسلوك الصحيح. يغرِس ذلك فيه الانضباط الذاتيّ والرغبة في التصرّف تصرّفًا صحيحًا، فلا يتحوّل إلى إنسان آليّ يُحاكي أوامر الآخرين، ولا يملك رأيًا أو شخصيّة مستقلِّة. الرفض  من علامات نموّ الطفل العقليّ إبداء آرائه المستقلّة، فلا توافق رؤيتهم الأشياء مع رؤية محيطهم دائمًا، ولا يمانعون رفض بعض الطلبات التي لا يحبّونها. ورغم أنّ أغلب الآباء يعتبرون مجادلة الطفل لهم حالة سلبيّة، إلّا أنّها في الحقيقة دلالة على تكوّن شخصيّة قويّة قادرة على اتّخاذ القرار، وكثيرًا ما تكون إيجابيّة. الطفل المطيع دائمًا، رغم أنّه مُحبَّب لوالديه، قد يعاني مستقبلًا نقص التقدير الذاتيّ وقلّة الخبرة والعجز في التعامل مع مشكلات حياته المستقلّة، بعيدًا عن والديه، لأنّه لم يختبر تجارب تُشكِّل شخصيّته خارج نطاق الأسرة.  حلّ المشكلات   تعدّ مهارة حلّ المشكلات من علامات نموّ الطفل العقليّ، وتتمثّل في القدرة على أخذ القرار وحسن التصرّف والتفكير المنطقيّ. بالإضافة إلى تحليل المشكلات ومهارات النقد البنّاء. الطفل القادر على ابتكار حلول وأساليب جديدة لتجاوز العقبات التي يمرّ بها من دون استسلام من المرّة الأولى، يتمتّع بمستوى عال من النموّ العقليّ. هي مهارة كفيلة بأن تبني شخصيّته ورؤيته الخاصّة في التعامل مع المواقف الصعبة.  المواهب والاهتمامات  يتميّز الأطفال ذوو النموّ العقليّ السليم بتنامي ميولهم واهتماماتهم الخاصّة في تلك المرحلة، مثل ميل الطفل إلى الرسم أو الرياضة أو الغناء أو الرقص أو الذكاء الرياضيّ النابغ، أو حتّى مخيّلته الواسعة وأفكاره الإبداعيّة. وليس شرطًا أن يملك الطفل موهبة فنّيّة شائعة للدلالة على نموّه العقليّ، إذ يعدّ ذلك من الأخطاء الشائعة في الحكم على قدرات الأطفال، حيث القدرات عالم واسع يندرج تحته العديد من المهارات التي قد لا تظهر فورًا ظهورًا واضحًا. تكوين الصداقات  يميل الطفل ذو المستوى المرتفع من النموّ العقليّ إلى التفاعل الاجتماعيّ، ويظهر ذلك جليًّا في سلوكه، حيث يحتاج تكوين دوائر الأصدقاء إلى مستوى إدراك عالٍ يمكِّن الطفل من التواصل مع الآخر، والمبادرة بالتعريف عن نفسه، أو الاستجابة لمحاولة الأقران التواصل معه، أيًّا كان شكل التواصل، حيث تحتاج مساحة مشتركة من الاهتمامات بينه والوسط المحيط إلى قدر مبدئيّ من الذكاء الاجتماعيّ في تلك الفترة. كما أنّ التعاطف وفهم احتياجات الآخرين عند الطفل - مثل مساعدة أصدقائه في المدرسة، أو مواساته صديقًا حزينًا، أو رغبته في التعبير لمعلّمته عن امتنانه - سمة مميّزة تدلّ على نموّ الطفل العقليّ نموًّا سليمًا وسويًّا. تمييز الحقائق  التفكير المنطقيّ هو أحد العلامات الواضحة المعبِّرة عن مستوى نموّ الطفل العقليّ، حيث يتمكّن الطفل ذو المهارات الإدراكيّة العالية من تحليل المواقف وربطها، ووضع الاحتمالات للوصول إلى نتيجة نهائيّة تتمثّل في تمييز الحقائق. يصعب خداع هذا الطفل بالافتراضات الساذجة لتبرير موقف ما أو إخفاء حقيقة عنه. إن لم يكتشف الحقيقة فلن يكون الحديث غير المنطقيّ محلّ ثقة بالنسبة إليه، وربّما من أكثر السمات التي تميّز هذا الطفل كثرة طرحه الأسئلة المنطقيّة، وعدم تقبّله كلّ ما يُقال له فورًا كمسلّمات.     * * * يعدّ التعرّف إلى علامات نموّ الطفل العقليّ في مرحلة الطفولة المبكِرة أمرًا ضروريًّا لتزويده بالدعم المناسب ورعاية نموّه. مهارات اللغة والتواصل والقدرات المعرفيّة والتنمية الاجتماعيّة والعاطفيّة والمهارات الحركيّة والفضول للتعلّم، كلّها مؤشّرات واعدة لتقدّم الطفل العقليّ. يمكن للوالدين ومقدّمي الرعاية والمعلّمين، بتعزيز هذه المجالات، خلق بيئة تشجِّع على النموّ العقليّ والصحيّ، تعد الأطفال بالنجاح في المستقبل.    اقرأ أيضًا كيف أجيب على أسئلة الأطفال المحرِجة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) دور اللعب في تنمية شخصيّة الطفل وتطوير مهاراته | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://www.cnbc.com/2023/03/26/psychotherapist-shares-what-mentally-strong-kids-never-do.html   https://www.psychologytoday.com/us/basics/child-development/early-childhood   https://www.hellomotherhood.com/physical-cognitive-psychosocial-development-5161885.html      

الصدمة النفسيّة عند الطفل

تُعدّ الصدمة النفسيّة عند الطفل من الحالات المعقَّدة التي تطول فترتها، والتي تختلف أعراضها وأسبابها من طفل إلى آخر. قد يصعب اكتشافها في البداية بسهولة، ولا سيّما في المرحلة العمريّة الحسّاسة الممتدّة من الولادة إلى سنّ الثماني سنوات، والتي يتأثّر فيها الطفل بالتجارب النفسيّة والعاطفيّة تأثّرًا عميقًا، قد يصعب التعافي منه عمرًا طويلًا. يحتاج السلوك الدالّ على الصدمة النفسيّة إلى مراقبة الطفل عن قُرب، ويمكن ألّا يُلاحَظ ذلك بوضوح، لا سيّما أنّ الطفل قد يبدو في حالة متَّزنة لا تثير القلق، ولكنّه يعاني الصدمة النفسيّة وآثارها.   ما عوامل حدوث الصدمة النفسيّة عند الطفل؟  تختلف طبيعة الاستجابة للصدمة النفسيّة عند الطفل من حالة إلى أخرى، ويعود هذا الاختلاف إلى عدّة عوامل:    المرحلة العُمريّة   يؤثِّر العُمر في درجة تأثير الصدمة النفسيّة في الطفل. يختلف ردّ فعل المراهق عن الطفل في سنواته المبكِرة، ويؤثِّر هذا العامل في أسلوب علاج الصدمة النفسيّة لاحقًا.  مرحلة النموّ  يؤثِّر مدى نضج الطفل الاجتماعيّ وقوّة مهارات التواصل عنده في استطاعته التعبير عن معاناته مع الصدمة النفسيّة التي تعرّض لها. يعدّ ذلك تحديًّا رئيسًا أمام الوالدين أو المعالِج.  بيئة الطفل  البيئة أو الوسط المحيط بالطفل عامل مؤثِّر للغاية في تعامله مع الصدمة النفسيّة أو العاطفيّة. كلّما دعم الوالدان الطفل ووفّرا له البيئة الآمنة للتعبير، وكلّما زاد وعيهم بالصدمة النفسيّة لدى الطفل وكيفيّة التعامل معها وآليّات العلاج، كانت استجابة الطفل للعلاج أسرع وأكثر فاعليّة.   العوامل الجينيّة  يزيد العامل الجينيّ من احتماليّة إصابة الطفل بالصدمة النفسيّة، ورغم أنّها ليست مسبِّبًا رئيسًا إلّا أنّ إحدى الدراسات أشارت مؤخّرًا إلى أنّ الصدمات النفسيّة قد تكون موروثة. إذا كانت الأمّ، مثلًا، مصابة بصدمة نفسيّة خلال فترة حملها بالطفل، فمن المرجَّح أن يولد طفلها مصابًا بصدمة نفسيّة.     ما أسباب الصدمة النفسيّة عند الطفل؟  لا يُمكننا تحديد أسباب حتميّة للصدمة النفسيّة، إذ ليس هناك مقياس محدّد لأسباب الصدمة؛ حيث تتفاوت حسب التاريخ المَرضيّ للصدمة، والتاريخ العائليّ، والبيئة المحيطة، والأوضاع الاجتماعيّة سواء في المنزل أم في مؤسّسات المجتمع كالمدرسة والروضة وغيرها، من العوامل التي تجعل من حدث ما صادمًا بالنسبة إلى طفل وطبيعيًّا بالنسبة إلى آخر. لكن، ذلك لا يمنع وجود أسباب شائعة ومحفِّزة لإصابة الطفل بالصدمة النفسيّة، نذكر من بينها:   الفقد  موت أو هجر شخص عزيز، مثل أحد أفراد العائلة – ولا سيّما الوالدين- أو الأصدقاء.  الخلافات الأسريّة   مثل انفصال الوالدين أو سوء علاقتهما، والضغط النفسيّ المستمرّ على الطفل.  الكوارث الطبيعيّة   مثل تعرّض المنزل للزلازل أو الحريق، وتعرّض حياة الطفل للخطر.  الاعتداء أو العنف  يتعرّض عدد لا بأس به من الأطفال للعنف الجسديّ والجنسيّ والنفسيّ، سواءً أكان ذلك في المدرسة أم المنزل. يعدّ ذلك من أبرز أسباب حدوث الصدمات النفسيّة الغائرة لدى الطفل.  الجوع العاطفيّ يؤدّي إهمال احتياجات الطفل النفسيّة والعاطفيّة وعدم اكتفائه من الحبّ والاهتمام إلى ميله إلى العلاقات السامّة والتعلّق المَرضيّ بها، أملًا في إشباع احتياجاته.  العنصريّة يعيش الأطفال الذين تربّوا في غير مجتمعاتهم العرقيّة الأصليّة تجارب نفسيّة مؤلِمة، بسبب التمييز والتفرقة التي يتعرّضون لها من الأشخاص المختلفين عنهم.  التنمّر  يُعدّ من أكثر الأسباب شيوعًا لحدوث الصدمة النفسيّة عند الطفل، لأنّ تعرّضه للسخرية من شكله أو طبيعته أو أيّة عوامل خارجة عن إرادته يُدمرّ ثقته بنفسه.  الحروب  يُعاني ضحايا الحروب من الأطفال الصدمات الشديدة والذعر، بسبب الأحداث القاسية والأهوال التي لا تتحمّلها عقولهم ومشاعرهم. يعدّ هذا النوع من الصدمات من أصعب الحالات التي تواجه المختصّين على الإطلاق.    ما الآثار الشائعة للصدمة النفسيّة عند الطفل؟  يمكن أن يكون للصدمة النفسيّة تأثير عميق ودائم في رفاهية الطفل ونموّه عامّةً. لكن، في الوقت الذي قد يستجيب الأطفال فيه للصدمة النفسيّة استجابات مختلفة، يمكن أن تشير بعض الأعراض الشائعة إلى وجودها. أهمّها: - الخوف الشديد وسهولة إثارة حفيظة الطفل. - التعلّق المرضيّ، ولا سيّما بالوالدين. - تشتّت الانتباه الحادّ. - صعوبة الثقة في الآخرين. - حالات الاكتئاب المستمرّة. - ردود الأفعال العنيفة وصعوبة المسامحة. - اختلال عاداته الغذائيّة، كفقد الوزن أو اكتسابه بشكل زائد. - تعمّد إيذاء النفس. - الميل إلى الانتحار. - الاندفاع وكثرة المخاطرات غير المحسوبة. - القلق المَرضيّ. - قابليّة البكاء بشكل سريع وشديد. - الأرق وصعوبات النوم. - الرهاب الاجتماعيّ. - الدونيّة وانعدام الثقة بالنفس. - التبلّد واللامبالاة تجاه الأحداث المؤثِّرة. - التفكير السلبيّ الدائم. - عدم تخطّي السلوكيّات الصبيانيّة الطفوليّة مع تقدّم العمر.   كيف يمكننا التصرّف تجاه الصدمة النفسيّة عند الطفل؟ رغم أنّ الصدمة النفسيّة عند الطفل مسألة معقَّدة وتحتاج إلى وقت وجهد لنتمكَّن من تفسيرها والوصول إلى أسبابها الحقيقيّة، إلّا أنّ طرق المساعدة والتخفيف من آثارها لدى الطفل تبقى ممكنة. انطلاقًا من تلقّي الطفل المساعدة من المعالج النفسيّ، وصولًا إلى زيادة الوعي عند الآباء، يمكن أن يستجيب الطفل ويبدأ برحلة التعافي التي تزداد فعّاليّتها كلّما كانت أبكر في حياته.     استمع جيّدًا إلى طفلك شجّع الطفل على التعبير عن مشاعره والإفصاح عن أسراره التي قد تتضمّن مصدر الصدمة الأساسيّ، مع توفير المحيط الآمن له من دون الحكم عليه، أو لومه، أو إشعاره بأنّ نظرتك له ستتغيّر إن أفصح عمّا في داخله.  ساعده في التخلّص من عقدة الذنب  ساعد الطفل على التخلّص من الشعور بالذنب، وأنّه ليس مسؤولًا عمّا حدث له.   لا تتعجّل  لا تتعجّل لترى النتيجة، حيث يتطلّب تجديد الشعور بالأمان لدى الطفل الجهد وتراكم التجارب المطمئنة، لكي تتصدّى لأثر التجارب المؤلمِة.  أجبه عن تساؤلاته لا تترك لدى الطفل أسئلة معلَّقة أو مساحات غامضة، لأنّه يحتاج الآن إلى الصدق والإجابات الوافية التي تُطمئِنه وتبني الثقة عنده، ليعبِّر عن الموضوعات الحسّاسة والعميقة داخله.  استعن بالعلاج النفسيّ  يُعدّ العلاج المعرفيّ - السلوكيّ من أكثر أنواع العلاج النفسيّ شيوعًا، حيث يتحدّث المعالج النفسيّ مع الطفل في عدّة جلسات، يستمع خلالها إلى أفكاره ويحاول فهمها، ويعدِّل بالتالي سلوك الطفل. كما يعدّ العلاج باللعب وسيلة علاج نفسيّ فعّالة، حيث يُسمَح للطفل باللعب في بيئة آمنة تُلاحَظ فيها تصرّفاته، ويدخل المعالج النفسيّ معه في نقاش لمحاولة الوصول إلى أفكاره عندما يكون في أكثر حالاته هدوءً وسكينة.   العلاج بالأدوية  قد يطلب الطبيب النفسيّ إلى طفلك اللجوء إلى العلاج بالأدوية. رغم أنّ الوصول إلى هذه الخطوة مرحلة متقدِّمة، إلّا أنّ الطبيب قد يرى أنّه أمر ضروريّ لمصلحته. * * * التعرّف إلى أعراض الصدمة النفسيّة عند الطفل أمر ضروريّ لتوفير الدعم والتدخّل المناسبين. إذا كنت تشكّ في أنّ طفلك يعاني صدمة، فمن الضروريّ طلب المساعدة المهنيّة من ذوي الخبرة في العمل مع الأطفال المصابين بصدمات نفسيّة. يمكن أن يُحدِث التدخّل المبكِر والرعاية الواعية بالصدمات فرقًا كبيرًا في مساعدة الأطفال على الشفاء واستعادة شعورهم بالرفاهية. تذكَّر أنّه بالتعاطف والتفاهم والدعم المناسب، يمكن للأطفال التغلّب على آثار الصدمات والنموّ مرّة أخرى.      أقرأ أيضًا المشكلات الأسريّة وأثرها في الأبناء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) مشكلات المراهقين النفسيّة وكيفيّة التعامل معها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://www.verywellmind.com/what-are-the-effects-of-childhood-trauma-4147640   https://arabic.rt.com/health/1316650-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%A3%D9%86-%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%AB%D8%A9/#  

كيف تهيِّئ طفلك للعودة إلى المدرسة؟

تُمثِّل العودة إلى المدارس مرحلة انتقاليّة لتغيير مرهِق، وتحدّيًا للخروج من منطقة الراحة عند الطفل، بعد فترة تمتدّ أشهرًا من نظام الحياة المليء بالفراغ والمتعة. الأمر الذي يصعِّب على الطفل العودة إلى أسلوب الحياة المُتَّسِم بالجديّة والالتزام. لذلك، من المهمّات التربويّة الرئيسة مساعدة الطفل على التأقلم نفسيًّا وعاطفيًّا مع أسلوب الحياة المدرسيّة من جديد. نعرض في هذا المقال طرقًا تربويّة فعّالة تمكِّن الوالدين من تهيئة نظام حياة أطفالهم، لاستقبال السنة الدراسيّة الجديدة بهمّة عالية.    كيف تُهيِّئ طفلك للعودة إلى المدرسة؟  لا تبدأ تهيئة طفلك للعودة إلى المدرسة مع نهاية العطلة، بل قبل موعد المدرسة بفترة، إذ ليس من المهمّ التأكّد من جاهزيّة الأدوات المدرسيّة فحسب، بل لا بدّ من التأكّد من جاهزيّة طفلك النفسيّة أيضًا. إليك أهمّ خطوات تهيئة طفلك للسنة الدراسيّة الجديدة:   اجعله يحظى بإجازة استثنائيّة لكي يستطيع طفلك أن يبدأ سنة دراسيّة جديدة بنشاط، لا بدّ أن تكون فترة إجازته ممتعة وحيويّة قدر الإمكان، ليتمكّن من تفريغ طاقته وتجديد نشاطه، فيستطيع استقبال السنة الدراسيّة الجديدة بنشاط ويقظة ذهنيّة. لذا، على الوالدين الاهتمام ببرنامج العطلة ومحاولة التجديد والإبداع فيه، ليقضي الطفل وقتًا استثنائيًّا يمتدّ أثره النفسيّ الإيجابيّ مدّة كافية، من أجل التعامل مع ضغوط بداية السنة الدراسيّة.    عوّده على النظام  من أهمّ الخطوات لتهيئة طفلك للعودة إلى الحياة المدرسية إرساء القواعد وفرض نظام حياتيّ مُلزِم وجادّ، يساعده على تنظيم واجباته والموازنة بين مهمّاته اليوميّة وأوقات فراغه وراحته، حتّى يحافظ على وتيرة إنجازه من دون الشعور بالضغط أو الضجر بسهولة. ومن المتوقّع عدم استقبال الطفل محاولة تطبيق النظام برحابة في البداية، وسوف يعاند محاولًا عدم الالتزام به والاستسلام لرغبته في اللهو. لكنّ ترويضه على الالتزام بهذا النظام أهمّ عوامل تأقلمه مع الحياة المدرسيّة.  حفِّزه باستمرار تُعدّ عمليّة التحفيز وخلق الدوافع المشجِّعة على استقبال الحياة المدرسيّة أهمّ العوامل النفسيّة التي يمكن أن تحوِّل هذه المهمّة الشاقّة على الطفل إلى رحلة مليئة بالإثارة ينتظر عودتها. فشعور طفلك بتقديرك تفوّقه وأداءه المدرسيّ يدفعه إلى مواصلة الاجتهاد، لتحصيل دعمك وتشجعيك، ودعم معلّميه وزملائه وتشجيعهم. يُمكنك كذلك تشجيع الطفل على الالتزام والتأقلم مع التغيّرات المصاحبة عودة الحياة المدرسيّة بمكافأته بالحصول على الهدايا المفضّلة لديه، أو تحقيق أمنية كان يرغب بها منذ وقت طويل، في نهاية الفصل الدراسيّ، إذا حصّل درجات عالية. ولا يعني ذلك، بالطبع، أن يكون الدعم مشروطًا طيلة الوقت، بل يُعدّ هذا النوع من التحفيز وسيلة لغرس روح التحدّي في الطفل، وإضفاء المتعة على الحياة المدرسيّة. اضمن أن يكون في مجتمع مدرسيّ آمن   تُسهِم البيئة المدرسيّة المحيطة بالطفل كثيرًا في مدى انفتاحه على العودة إلى المدرسة. فعلاقة الطفل بزملائه ومعلّميه ومدى شعوره بالانتماء إلى مدرسته تؤثِّر في مستوى دافعيّته للعودة إلى المدرسة. ينبع هذا الشعور بالانتماء من مدى شعور الطفل بقبول معلّميه وتقديرهم، والتفاعل الاجتماعيّ مع زملائه. كما تظهر خطورة هذه النقطة عندما تكون بيئة المجتمع المدرسيّ سلبيّة ومؤذية الطفل، لأيّ سبب من الأسباب، كالتنّمر أو التسلّط، أو غيرها من الممارسات الكفيلة بأن تقلّل ثقة الطفل بنفسه وتنفّره من مجتمع المدرسة. لذا، يقع على عاتق الوالدين مراقبة بيئة أطفالهم المدرسيّة ومحاولة حمايتهم وضمان بيئة آمنة لهم في رحلتهم التعليميّة. ادعَمه عندما تجد ردود أفعال طفلك متحفّظة وعدوانيّة تجاه التغييرات المصاحبة عودته إلى المدرسة، عليك مراقبة طفلك ومحاولة اكتشاف المشكلات التي يعانيها، لأنّه غالبًا ما يعاني مخاوف القلق ومثيراته بشأن المدرسة. من هنا، يجب على الوالدين دعم الطفل نفسيًّا، لكي يستطيع تجاوز المشكلات التي تسبّب له القلق، سواء أكانت متعلّقة بمستواه الدراسيّ، أم تعرّضه للنقد، أم عجزه عن التصرّف في موقف ما. يساعد هذا الدعم الطفل على الشعور بالأمان والطمأنينة والإقبال على الحياة المدرسيّة، ولكن يتطلّب ذلك من الوالدين بذل الجهد لإذابة الجليد بينهم وطفلهم، وبناء مساحة آمنة للحوار تشجِّع الطفل على الإفصاح عن مخاوفه، والمواقف التي قد تعرّض لها مسبقًا ولم يستطع مواجهتها.  شاركه الأفكار والمشاعر  شعور الطفل بالوحدة أو تجاهل الوالدين يدفعه إلى الدخول في كهف منعزل والشعور بالغربة في مجتمع المدرسة. لذلك، يجب على الوالدين دفع الطفل إلى مشاركتهم يوميّاته المدرسيّة باستمرار، إذ تجعل هذه الرقابة الأمور تحت سيطرتهم، وتمكِّنهم من التعامل السريع مع أيّ بوادر سلبيّة قد تؤدّي إلى إعراض الطفل عن الالتزام بالحياة المدرسيّة. يسهم الحوار المستمرّ والتفاعل الإيجابيّ مع مشكلات الطفل وتقدير نجاحاته الصغيرة في تعزيز ارتباطه بالمدرسة، وشعوره بالقوّة الكافية لمواجهة أيّ موقف سلبيّ قد يواجهه في المدرسة من دون خوف، لأنّه يشعر باهتمام والديه بالاستماع إلى همومه، ودعمه للتفاعل وتأدية الأنشطة داخل المدرسة.    * * * التحضير المعنويّ مفتاح سنة دراسيّة جديدة وناجحة لطفلك، وباتّباع هذه النصائح، يمكنك مساعدة طفلك على إنشاء أساس قويّ للتعلّم، وإدارة وقته بفعّاليّة، والتغلّب على تحدّيات السنة الدراسيّة بثقة. تذكّر أنّ مشاركتك ودعمك لا يقدّران بثمن في رحلة طفلك التعليميّة، ويمكنك تحضير طفلك لسنة من النموّ والتعلّم والإنجاز.    اقرأ أيضًا ابني لا يحبّ الدراسة... ماذا أفعل؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) ابني لا يحفظ بسرعة ولا يتذكّر، فما الحل؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.usm.org/about/blog/post/~board/blog/post/helping-your-child-transition-from-summer-vacation-to-back-to-school   https://www.ldonline.org/ld-topics/teaching-instruction/summer-learning-loss-problem-and-some-solutions    

كيف أعلّم طفلي المسؤوليّة الماليّة؟

يعدّ تعليم طفلك المسؤوليّة الماليّة أحد أهمّ المهارات الحياتيّة التي تفيده. فهو يزوّده بالمعرفة والعادات التي يحتاج إليها لاتّخاذ قرارات ماليّة مستنيرة في المستقبل. وبغرس هذه القيم في وقت مبكِر من حياة طفلك، فإنّك تمكنّه من أن يصبح شخصًا بالغًا يتمتّع بالذكاء الماليّ. من هنا، عليك أن تعلِمه بقيمة المال بمجرّد أن يتمكّن من العدّ، لأنّ طفلك يجب أن يكون حذرًا في ما يتعلّق بالمال. نناقش في هذه المقالة استراتيجيّات ونصائح فعّالة لمساعدتك في توجيه طفلك نحو طريق المسؤوليّة الماليّة.     ما أهمّيّة تعليم الطفل المسؤوليّة الماليّة؟   يُعدّ غرس عادات ماليّة جيّدة في وقت مبكِر من حياة طفلك، أي منذ دخوله المدرسة الابتدائيّة وحصوله على مصروفه الشخصيّ، جانبًا تربويًّا يبقى معه حتّى مرحلة البلوغ. من المهمّ إجراء هذه الأنواع من المحادثات والسماح لطفلك بطرح الأسئلة حولها، حتّى يتمكّن في النهاية من بدء الإسهام في نجاحه الماليّ.  تسهيل المحادثات الماليّة مع الطفل في المستقبل    بالنسبة إلى العديد من الوالدين اليوم، يعدّ المال موضوعًا محظورًا قبل سنّ الرشد، فلم يعرف الكثير منّا مقدار الأموال التي كسبها والدونا أو أنفقوها، وفي ما كانوا يدّخرون أو يستثمرون، أو مقدار الأموال التي استهلكوها حتّى وصلوا إلى سنّ التقاعد. الشيء الوحيد الذي كنّا نعرفه هو أنّ والدينا كانا يجنيان ما يكفي لرعاية عائلتنا، لكن لم يكن لدينا أدنى فكرة عن حالتهما المالّيّة. لذلك، يكسر الحديث عن الجوانب الماليّة مع طفلك منذ الصغر الجليد ويسهّل النقاش معه في المستقبل.    مساعدة الطفل على اتّخاذ قرارات ماليّة أفضل    يمكن أن يساعد تعليم الأطفال أسس إدارة الأموال على تطوير المهارات اللازمة، لتحقيق النجاح الماليّ في وقت لاحق من الحياة. يمكن للدروس الماليّة المبكِرة أن تمنح طفلك الدعم عندما يحين الوقت لاتّخاذ قرارات ماليّة أكثر أهمّيّة، من الادّخار والاستثمار إلى إنشاء ميزانيّة والالتزام بها.   تقليل تكرار الطفل الأخطاء الماليّة السابقة    من المحتمل أنّك ارتكبت أخطاءً في إدارة أموالك في الماضي، وفي مرحلة النقاش مع طفلك تتحوِّل هذه الأخطاء إلى دروس مستفادة لمساعدته على اتّخاذ خيارات أفضل. قد لا يواجه طفلك الصغير قرارات ماليّة تغيّر حياته، لكنّه سيواجهها مع تقدّمه في السنّ، بما في ذلك تعلّم استخدام بطاقات الائتمان بمسؤوليّة وتجنّب الديون.   قد لا يتعلّم الطفل بطريقة أخرى   إذا كنت تعتقد أنّ المدرسة ستعدّ طفلك للعديد من القرارات الماليّة التي سيواجهها عندما يصبح شابًّا بالغًا، فأنت مخطئ. لذلك، إذا لم تجد الوقت الكافي لتعليمه المهارات الماليّة، فمن المهمّ جدًّا أن تلحِقه بإحدى الدورات الماليّة.     كيف تغرس في طفلك المسؤوليّة الماليّة؟   كلّما بدأت في تعليم طفلك كيفيّة إدارة الأموال في وقت مبكِر، أصبح أكثر ذكاءً ماليًا عندما يبلغ. لست بحاجة إلى أن تكون خبيرًا ماليًّا لتحدث فرقًا في مستقبل طفلك، ولكن بخطوات بسيطة يمكنك وضعه على الطريق الصحيح في ما يتعلّق بالمسؤوليّة الماليّة:   استخدم المواقف اليوميّة  استفد من الفرص العاديّة للتحدّث عن المال مع طفلك. سواء كنت تدفع فاتورة المياه الخاصّة بك أو تخطّط ميزانيّتك الشهريّة، استخدم المهمّات الشائعة فرصًا لمشاركة الأفكار، أو طرح الأسئلة، أو حتّى الحصول على مداخلات حول كيفيّة إنفاق أموالك.   استفد من التكنولوجيا   تساعد العديد من تطبيقات الهاتف المحمول والموارد الأخرى في تعليم الثقافة الماليّة لجميع الأعمار. نحن نعيش في عالم رقميّ، فلماذا لا تستخدمه لتعليم أطفالك عن المال؟ حيث يوفّر الإنترنت ألعابًا تناسب الأطفال حول المال والحساب وشراء الممتلكات، بالإضافة إلى التطبيقات التي تساعد على إنشاء ميزانيّة.   اتّبع الوسائل المرحة    حوّل سيناريوهات الحياة الواقعيّة إلى ألعاب ممتعة مع طفلك. على سبيل المثال، عندما تصطحب طفلك إلى متجر البقالة امنحه ميزانيّة صغيرة واسمح له بالتخطيط والتسوّق لتناول وجبة عائليّة. واسمح له أيضًا بالمشاركة في تحديد الأنشطة التي ستخطّطون لها في الإجازة العائليّة القادمة. دعه يقارن التكاليف ويجد أفضل عرض. نعلم أنّ الكلمة الأخيرة ليست لطفلك، ولكنّ السماح له بالمشاركة في القرارات الماليّة العائليّة الصغيرة يمنحه شعورًا بالأهمّيّة باتّباع طرق تربويّة ممتعة.   استخدم الحصّالات الشفّافة   تشير الأبحاث إلى أنّ الحصّالات الشفّافة حافز أفضل للادّخار للعديد من الأطفال. اشترِ لطفلك حصّالة شفّافة وشجّعه على وضع مدّخراته داخلها، حيث يستطيع طفلك، بجدران وعاء الادّخار الشفّاف، رؤية الأموال التي ادّخرها جانبًا ومشاهدتها وهي تزداد بمرور الوقت، فتكون دليلًا حيًّا على إنجازه في جمع المال.   علّمه الفرق بين الحاجات والرغبات   يقودنا هذا إلى جانب آخر من أسلوب التربية الماليّة الذي تحتاج إلى وضعه بعين الاعتبار، حيث يحتاج طفلك إلى معرفة الفرق بين الحاجات والرغبات قبل إجراء عمليّة الشراء. ثقّف طفلك حول الاختلاف بين الحاجات والرغبات، ثمّ علّمه كيفيّة الوثوق في غريزته والسماح له باتّخاذ قرارات الشراء، سواء كانت جيّدة أم سيّئة. وإذا قرّرت تحميله المسؤوليّة الماليّة، عليك في الوقت ذاته إعلامه بعواقب قراراته.     علّمه الخدمات المصرفيّة  تُعدّ زيارة البنك تجربة أساسيّة لتعليم طفلك المسؤوليّة، ليدرك أنّ الأموال ليست مجرّد ورق، وإنّما نظام بأكمله. عليك أن تعرّف طفلك بالأعمال المصرفيّة وخدماتها منذ سنّ مبكِرة، بالسماح له بالذهاب معك عند قيامك بأيّ إجراء بنكيّ، إذ من الممكن أن تكون إجراءات البنك معقّدة إذا لم تكن لديه خبرة سابقة.  اصطحب طفلك إلى التسوّق   زيارة متجر البقالة من الأنشطة المفضّلة لطفلك. لذلك، اصطحب طفلك إلى متجر البقالة وحدّد الميزانيّة له وأعلمه بها. وعليه، سيختار طفلك معك البقالة ضمن الميزانيّة التي حدّدتها، ما يعلّمه معنى الميزانيّة وأهمّيّة الالتزام بها.   امنحه كمّيّة من المال لإدارتها   لا شيء يتفوّق على دروس الحياة على أرض الواقع. فبإشراك طفلك بالتعاملات الماليّة البسيطة ورحلات التسوّق، لا يتعلّم كيفيّة هذه التعاملات وحسب، وإنّما يشعر أيضًا بالثقة عند تأدية ذلك. أعطِ طفلك مبلغًا محدّدًا عند خروجه في رحلة مدرسيّة مثلًا، وراقب كيف يدير هذه الكمّيّة من المال، ووجّهه عند اقترافه أيّ خطأ.      * * *  يعدّ تعليم طفلك المسؤوليّة الماليّة هدية قيّمة ستخدمه جيّدًا طوال حياته. فيمكنك مساعدته على تطوير المعرفة والعادات التي يحتاج إليها لاتّخاذ قرارات ماليّة حكيمة وتأمين مستقبله الماليّ، بالبدء مبكِرًا وزيادة مسؤوليّاته الماليّة تدريجيًّا. تذكّر أنّ الصبر والمحادثات المستمرّة مفتاح بناء طفل مسؤول ماليًّا.    المراجع  https://www.ramseysolutions.com/relationships/how-to-teach-kids-about-money    https://www.merrilledge.com/article/teaching-kids-about-money-financial-responsibility    https://www.realsimple.com/work-life/money/how-to-teach-financial-responsibility            

أهمّيّة الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة وأمثلتها

تبدو الفصول الدراسيّة اليوم مختلفة تمامًا عمّا كانت عليه قبل عشرين سنة، ذلك أنّ التعلّم القائم على الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة أصبح الآن طريقة تعليم بارزة بفضل التكنولوجيا التي أصبحت متاحة في الفصول الدراسيّة اليوم. الأمر الذي أدّى إلى تغيير جذريّ في كيفيّة تعليم الطلّاب وفهمهم المعلومات. نسلّط الضوء في هذا المقال على الجوانب المختلفة للتعلّم القائم على الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة، وكيف يمكن لطفلك الإفادة منها؟   خصائص الألعاب الإلكترونيّة التعليمّية للطفل؟  في العصر الرقميّ اليوم، حيث ينشأ الأطفال وهم محاطون بالتكنولوجيا، ظهرت الألعاب الرقميّة كأدوات تعليميّة قويّة، تقدِّم تجارب تفاعليّة ومزيجًا فريدًا من الترفيه والتعلّم، ممّا يجعلها وسيلة فعّالة لإشراك العقول الشابّة وتثقيفها. نقدِّم فيما يلي أهمّ ميّزات الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة لطفلك:    الكفاءة في إيصال المعلومة  مقارنةً بالتعليم التقليديّ، أظهر التعلّم القائم على الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة أنّه أكثر فعّاليّة في تحسين استيعاب الطفل مادّة الرياضيات، والمواد الأخرى التي تتطلّب مهارات ذهنيّة تحليليّة وتفكيرًا منطقيًّا. إمتاع الطفل  أشارت عدّة دراسات إلى أنّ الطفل يستمتع ويتفاعل أكثر مع المحتوى التعليميّ عندما يكون بألعاب إلكترونيّة، لأنّها تقدِّم مكافآت فوريّة تشعرهم بالإنجاز. الأمر الذي يحفِّز الأطفال على الاستمرار في رحلة التعلّم الخاصّة بهم. من المرجّح أن يكون تركيز الأطفال وحماسهم عاليًا، بدمج الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة في مجال التعليم. تحفيز الإبداعيّة   غالبًا ما تحفِّز الفرص العمليّة التي تعكس تجارب التعلّم الواقعيّة الأطفالَ على القيام بعمل أفضل. تعدّ ممارسة الألعاب طريقة ممتعة لمساعدة الطلّاب على تطوير دافع التعلّم الذاتيّ. تعزِّز البيئة التفاعليّة أيضًا المنافسة الصحّيّة، ممّا يوجِّه الطلّاب نحو النتائج. يُحفَّز الطلّاب لتحمّل مسؤوليّة عمليّة التعلّم الخاصّة بهم، لاعبين منفردين، أو أعضاءً في الفريق. كما أنّ إنجاز مهمّة ما، أو التقدّم إلى مستوى جديد من اللعب يُشعر الطالب بالإنجاز، ويحفِّزه على تأدية مهمّات أخرى. تحسين الإدراكيّة تساعد الألعاب الرقمّيّة الطلّاب على تطوير مهارات التفكير المعرفيّ والنقديّ وحلّ المشكلات. يحلّ الطلّاب الذين يحقِّقون أداءً جيّدًا في الألعاب الرقمّيّة المشكلات بطريقة ملحميّة، ويتعاملون مع التحدّيات بثقة، ويظلّون مرنين في مواجهة العقبات. مع تقدّمهم في اللعبة، يحصّلون آراء مدروسة لا تنذر بتحيِّز. بمعنى آخر، يطوِّر الطلّاب القدرة على التفكير بأنفسهم وخارج الصندوق عند إكمال المستويات وحلّ المشكلات في الألعاب.  تطوير المهارات الاجتماعيّة والشخصيّة  يمكن لهذه الألعاب أن تحسّن رفاهية الطلّاب الاجتماعيّة والنفسيّة، وتعزِّز التواصل الفعّال والعمل الجماعيّ والقيادة. غالبًا ما يعمل اللاعبون معًا أو يتنافسون ضدّ بعضهم البعض في لعبة ما، ما يحدّد قدرتهم على تطوير علاقات صحّيّة واحترام الذات والمشاركة. يتعيّن على الأطفال، في بعض الألعاب الرقميّة، التناوب على اللعب، حيث يتعلّون الصبر وعدم مقاطعة زملائهم أثناء اللعب.  تسهيل نيل وظيفة مستقبليّة  تتطلّب معظم الوظائف هذه الأيّام استخدام الأجهزة الإلكترونيّة، وأصبح رفع مهارة محو الأميّة الرقميّة ضرورة. لا يقتصر ذلك على مجرّد القدرة على التحقّق من رسائل البريد الإلكترونيّ، بل يحتاج الطلّاب إلى المهارات اللازمة لاستخدام التقنيّات الرقميّة بطرق تساعدهم على تحقيق مهمّات محدّدة.    أمثلة الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة للطفل للألعاب الإلكترونيّة التعليميّة نتائج إيجابيّة مختلفة للأطفال. إليك خمس ألعاب رقميّة للاستمتاع بها مع طفلك: لعبة Prodigy  هي لعبة رياضيّات جذّابة مصمَّمة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-12 سنة، فهي تجمع بين عناصر لعب الأدوار والتحدّيات الرياضيّة. الأمر الذي يساعدهم على بناء مهاراتهم في الرياضيّات أثناء الشروع في مهمّات ومغامرات مثيرة. تتكيّف اللعبة مع تقدّم الطفل، ما يضمن التعلّم المخصَّص.  لعبة Minecraft  تعدّ هذه اللعبة من أكثر الألعاب شهرة ومتعة للصغار والكبار، حيث تعزِّز الإبداع وحلّ المشكلات والتعاون. هي لعبة رمليّة تقوم على مبدأ اكتشاف عوالم افتراضيّة وبنائها، وتعزيز الخيال والوعي المكانيّ. تُستخدَم هذه اللعبة أداةً تعليميّةً في العديد من الموضوعات، بما في ذلك العلوم والتاريخ والترميز.  ألعاب تطبيق Duolingo  يقدِّم تطبيق Duolingo مجموعة ألعاب لتعلّم اللغات المختلفة. كما يقدِّم التطبيق دروسًا تفاعليّة وتمارين ألعاب إلكترونيّة تعليميّة تجعل تعلّم اللغة ممتعًا ومتاحًا لجميع الأطفال، بحيث يسمح لهم بتعلّم مفردات جديدة وممارسة القواعد وتطوير الكفاءة اللغوية، وفق سلسلة من التحدّيات الشبيهة باللعبة.  منصّة Code.org  منصّة تعرِّف الأطفال إلى عالم البرمجة بالألعاب الممتعة والتفاعليّة. تُقدِّم مجموعة من أنشطة الترميز المناسبة لمختلف الفئات العمريّة، ممّا يساعد الأطفال على تطوير التفكير الحسابيّ ومهارات حلّ المشكلات.  لعبة Vocabulary Spelling City  هي لعبة مصمَّمة لمساعدة طفلك على تعلّم الإملاء وصقل مهاراته في القواعد وتحسين قراءته، لما تحتويه من 40 لعبة هجاء مجّانيّة. يمكن لطفلك الإفادة منها خلال إنجازه واجباته المنزليّة أو في أوقات فراغه.  ألعاب موقع Learning Games For Kids: Health  من المهمّ أن يتعرّف الأطفال إلى أجسامهم مبكرًا. لذلك، صُمِّم هذا الموقع الذي يحتوي على 36 لعبة تتعلّق بالصحّة، ضمن أربع فئات. ورغم قِدم هذا الموقع، فإنّه يساعد طفلك على الاهتمام بصحّته، بدءًا من الحساسيّة وأجزاء الجسم، وصولًا إلى نظافة أسنانه والحفاظ على لياقة جسده. الأمر الذي يعزِّز ما تعلّمه في المدرسة.  ألعاب موقع PBS Kids Games  يحتوي موقع PBS Kids Games على مجموعة من الألعاب العلميّة، ببطولة بعض الشخصيّات الكرتونيّة المفضَّلة لطفلك، والتي يكتشف طفلك بها معلومات تتنوّع ثقافاتها وبيئاتها وعلومها. لعبة History for Kids: All Civilizations Learning Games  من المهمّ أن يتعرّف طفلك إلى الحضارات والتاريخ القديم. تثري هذه اللعبة معلومات طفلك التاريخيّة حول حضارات مختلفة حول العالم. يجد طفلك نفسه منخرطًا في تاريخ 14 حضارة مختلفة ومصوَّرة بالألوان عالية الجودة.  لعبة Carmen Sandiego يساعد طفلك بطلة اللعبة "كارمن ساندييغو" في تعقّب اللصوص الذين يعملون لصالح منظّمة إجراميّة عالميّة تسمى "VILE". أثناء التنقّل من قارّة إلى أخرى، يخوض طفلك مقابلات مع الشخصيّات لاكتساب أدلّة تساعده في تعقّب اللصوص باختبار معرفته الجغرافيّة. ألعاب مجلّة National Geographic Kids  من منّا لا يعرف قناة National Geographic بنسختها المخصَّصة للأطفال، والتي صَمَّمت مجلّة إلكترونيّة تحتوي على ألعاب ممتِعة للأطفال؟ اسمح لطفلك بالحصول على المعلومات والحقائق المُثرِية بالاختبارات التعليميّة وألعاب المغامرة والحركة. * * * تعدّ الألعاب الإلكترونيّة التعليميّة أداة قويّة تشرِك طفلك في خبرات تعلّم تفاعليّة، حيث تعزِّز الدافع الذاتيّ، والمهارات المعرفيّة، والمحتوى الأكاديميّ، والخبرات التعليميّة الفرديّة التي قد لا يكتسبها طفلك بطرق التعلّم التقليديّة. ومع ذلك، من الضروريّ تحقيق التوازن الصحّيّ لمعدّل جلوس طفلك أمام الشاشة. وفي الوقت الذي تتنقل فيه وطفلك في المشهد الرقميّ المتطوِّر باستمرار، من المهمّ أن تتذكّر أنّ الاعتدال مفتاح حصول طفلك على تعليم شامل، يشمل أنشطة العالم الرقميّ والعالم الواقعيّ على حدّ سواء.   اقرأ أيضًا أضرار الألعاب الإلكترونيّة على الأطفال وسُبُل تجنّبها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) ألعاب الذكاء للأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://teacherpedia.net/2021/12/22/examining-the-benefits-of-digital-games-for-learners/   https://www.prodigygame.com/main-en/blog/educational-games-for-kids/      

فوائد الحوار مع الطفل ودوره في تنمية شخصيّته

هل تعلم أنّ من أهمّ طرق مساعدة الأطفال على الاستعداد للمدرسة، من عمر سنتين إلى أربع سنوات، هو التحدّث إليهم دائمًا؟ أظهرت دراسة شهيرة أنّ هناك ارتباطًا وثيقًا بين عدد الكلمات التي يسمعها الطفل وتطوّر معرفته بالقراءة والكتابة، والتي يشار إليها غالبًا باسم "فجوة الكلمات". كما أثبتت هذه الدراسة، وغيرها من الدراسات، وجود علاقة بين ضعف مهارات القراءة والكتابة المبكِرة، والتحدّيات الأكاديميّة، فضلًا عن التفاوتات الاجتماعيّة والاقتصاديّة. نطرح اليوم فوائد الحوار مع الطفل ودوره في تنمية شخصيّته.     ما فوائد الحوار مع الطفل؟  التواصل وسيلة حاسمة لضمان تكوين علاقة مستمرّة مع طفلك. هناك العديد من الفوائد لمشاركة أفكارك مع طفلك بانتظام، ومنحه فرصة للتعبير عن آرائه. إليك بعض أهمّ فوائد الحوار مع الطفل:  الفوائد اللغويّة   يضمن التحدّث إلى طفلك بانتظام تعلّمه أكثر عن لغته الأمّ، وتحسين استخدامه المفردات في مواقعها المناسبة، وتعزيز قدرته على النطق الصحيح، ممّا يعزّز بدوره قدراته العقليّة.  تعزيز ذكاء طفلك العاطفيّ قد يكون طفلك غير قادر على التعبير عمّا يشعر به بسهولة، ولكن إذا تمكّن من التعرّف إلى مرادفات لغويّة عن العواطف، سيقدر حينها التحدّث براحة وصراحة. وبالتالي، سيجد الطفل حلولًا لمشكلاته المتّصلة بعواطفه.  فهم نفسه فهمًا أفضل  يشجِّع التحدّث مع طفلك على مشاركة آماله وأحلامه ومخاوفه، ما يساعده على فهم ذاته فهمًا أفضل. وعلى الرغم من أنّ العديد من الآباء يعيشون حياة مليئة بالضغوطات والمسؤوليّات، إلّا أنّ تخصيص قدر صغير من وقتك للتحدّث إلى الطفل في المدرسة، أو على مائدة العشاء، يشعره بقيمته وقدرته على التحدّث بحرّيّة عن أفكاره.   فهم التعليمات فهمًا أفضل يتلقّى طفلك باستمرار التعليمات، سواء في المنزل أم في المدرسة. الأمر الذي قد يكون مربِكًا في بعض الأحيان. قد يكون من السهل على الأطفال فهم التعليمات القصيرة والمباشرة لفترات منتظمة، بينما يعني التواصل المنتظِم إمكانيّة استعلام الأطفال عن أيّ شيء لا يفهمونه.  تتبّع تطوّر طفلك  مع انتقال الأطفال في المراحل الرئيسة، يتغيّر عبء العمل والكفاءات لديهم. يشير التحدّث عن أهداف الأطفال ومشاريع الواجبات المنزليّة ونتائج الاختبارات إلى امتلاك الآباء فكرة جيّدة عن كيفيّة تقدّم أطفالهم.  تهذيب سلوك الطفل  يُتوقَّع من الأطفال في المدرسة أن يتفاعلوا مع أقرانهم ومعلّميهم وغيرهم من الموظّفين بطريقة مهذَّبة. تساعد ممارسة هذه المهارات في الاتّصالات المنتظِمة مع أطفالك على وضع حدود ثابتة لسلوكهم.    كيف تخلق حوارًا مثمرًا مع طفلك؟  من أهمّ الأشياء التي يمكنك القيام بها لطفلك إنشاء تواصل مفتوح معه منذ صغره، إذ يساعده ذلك على تطوير مهاراته الاجتماعيّة. وعليه، كيف يمكنك إنشاء حوار مثمر وفعّال مع طفلك؟ إليك بعض النصائح:  ابدأ منذ سنّ مبكِرة  ليس من السابق أوانه أبدًا البدء في تعليم طفلك قيمة التواصل المفتوح. عندما تتحدّث إلى طفلك، استخدم لغة بسيطة ومناسبة لعمره، وشجِّعه على طرح الأسئلة ومشاركة أفكاره ومشاعره. يمكنك أيضًا تجربة قراءة الكتب مع طفلك التي تعزِّز التواصل المفتوح والتعبير العاطفيّ والصحيّ.  كن مستمعًا   عندما يتحدّث إليك طفلك، ابذل جهدًا في الإصغاء إليه بكلّ حواسك. أظهر له اهتمامك بما يقوله بالحفاظ على التواصل البصريّ والإيماء، وطرح أسئلة للمتابعة. تجنّب مقاطعة طفلك أو التحدّث إليه، ولا تحاول حلّ مشكلاته فورًا، لأنّ مجرّد استماعك وتقديم الدعم له، قد يكون هو كلّ ما يحتاج إليه الطفل. دع طفلك يثق بمشاعره  من المهمّ أن تدع طفلك يعرف أنّ مشاعره صحيحة ومهمّة، حتّى وإن كنت لا تراها منطقيّة من وجهة نظرك. احترامك مشاعر طفلك يساعده على الشعور بفهمك ودعمك. على سبيل المثال، إذا كان طفلك منزعجًا من أيّ سبب كان، أظهر تعاطفك وتوكيدك على مشاعره وتفهمّك الكامل. قل له، مثلًا، "من الطبيعيّ أن تشعر بهذه الطريقة". كن أنموذجًا جيّدًا  يتعلّم الأطفال عادةً بمَن هم أكبر منهم. لذلك، من المهمّ أن ترسم السلوك الذي تريد أن تراه في طفلك. إذا كنت تريد أن يتواصل طفلك معك بصراحة، فابذل جهدًا لفعل الشيء نفسه معه. هذا يعني أن تكون منفتحًا وصادقًا بشأن أفكارك ومشاعرك، وأن تدع تصرّفاتك تخبر طفلك أنّه لا بأس في التعبير عن كلّ ما يشعر به.  استخدم الأسئلة المفتوحة  حاول استخدام أسئلة مفتوحة لتشجيع طفلك على التحدّث بشكل أعمق حول أفكاره ومشاعره. على سبيل المثال، بدلاً من طرح السؤال: "هل استمتعت في حصص المدرسة اليوم؟" اسأله: "ما أفضل جزء في يومك في المدرسة؟" ما يمكن أن يساعد ذلك طفلك على الشعور براحة أكبر في الانفتاح ومشاركة المزيد عن تجاربه. اخلق بيئة آمنة وداعمة  من المهمّ خلق بيئة آمنة وداعمة يشعر طفلك فيها بالراحة في التعبير عن نفسه، باحترام خصوصيّته والاستماع إليه من دون حكم أو نقد. يقتضي ذلك وضع حدود تتوافق مع توقّعاتك وانضباطك، حتّى يفرّق طفلك بين السلوك المقبول وغير المقبول.    * * * يعدّ التواصل الفعّال مع الأطفال الأساس الذي تقوم عليه قدرتهم على تكوين علاقات صحّيّة وشخصيّات قويّة، حيث يعزِّز الأمن العاطفيّ الثقة، ويغذِّي مهارات الطفل اللغويّة والمعرفيّة والاجتماعيّة. وكونك والدًا، عليك أن تبني التواصل المنفتح والعاطفيّ مع طفلك، إذ يعدّ ذلك أحد أعمق الهدايا التي يمكن أن تقدّمها له، لأنّها ستشكِّل حياته وتمكِّنه من الازدهار.    اقرأ أيضًا كيف أجيب على أسئلة الأطفال المحرِجة؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) كيف أربّي طفلي على احترام الآخرين؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)   المراجع https://www.kumon.co.uk/blog/the-importance-of-communicating-with-your-child/#:~:text=Speaking%20to%20your%20child%20regularly,absorbing%20a%20wealth%20of%20language.&text=their%20verbal%20competency-,Speaking%20to%20your%20child%20regularly%20will%20ensure%20that%20they%20are,their%20grasp%20of%20sentence%20structures.     https://weecare.co/blog/posts/creating-an-open-dialogue-with-your-child-tips-for-parents/#:~:text=When%20children%20feel%20that%20they,cope%20with%20challenges%20in%20life.  

متى تنتهي مرحلة المراهقة؟

المراهقة مرحلة انتقاليّة في حياة الطفل، وهي نقطة التحوّل التي يبحث فيها الطفل عن هويّته، إنسانًا راشدًا يملك مساحته الشخصيّة المستقلّة واختياراته الخاصّة. حازت مسألة مناقشة وقت نهاية مرحلة المراهقة وعلاماتها اهتمام الكثير من التربويّين والآباء، نظرًا إلى اتّسامها بطبيعة متقلِّبة وحرجة، وتستغرق بعض الوقت من المراهق حتّى يصل إلى برّ النضج بأمان. في هذه المقالة، تشرح لكم منهجيّات المراحل التي يمرّ فيها المراهق حتّى يكتمل بناء شخصيّته الراشدة، ويصبح مؤهَّلًا ليتحمّل مسؤوليّة الخروج من عباءة الطفولة، وتشكيل حياته المستقلِّة.   هل يمكن تحديد نهاية مرحلة المراهقة؟ تختلف مرحلة المراهقة من شخص إلى آخر، ويعتمد تحديدها على مرور الشخص في مراحل محدّدة ومليئة بالتطوّرات والتغيّرات الهرمونيّة والعقليّة والجسديّة. لذلك، قبل تحديد نهاية مرحلة المراهقة، من المهمّ تحديد مراحل سنّ المراهقة.   ماذا يحدث قبل نهاية مرحلة المراهقة؟   يبدأ سنّ المراهقة من العاشرة، ويمرّ المراهق، بدءًا من هذا السنّ، بالعديد من التغيّرات الفسيولوجيّة والاجتماعيّة والعاطفيّة التي تسهم بشدّة في تشكيل شخصيّته الراشدة. وحتّى يصل المراهق أخيرًا إلى مرحلة النضج، تطرأ عليه العديد من السمات الجديدة التي لم يعتد محيطه الأسريّ عليها سابقًا. من ناحية أخرى، ونظرًا إلى تراجع مفهوم المسؤوليّة لدى الشباب عامّةً، بات المجتمع يعزو العديد من السلوكيّات إلى مرحلة المراهقة، لذلك أصبح من المهمّ مناقشة ماهيّة السنّ الفاصلة بين المراهقة والرشد، والتي أصبحت محلّ خلاف في المجتمع.     ما مراحل سنّ المراهقة؟   تنقسم فترة المراهقة عمريًّا إلى ثلاث مراحل:    المراهقة المبكِّرة   تمتدّ مرحلة المراهقة المبكِرة من سنّ 10 إلى 13 سنة، وتُمثِّل هذه الفترة تحديًّا كبيرًا بالنسبة إلى الطفل، لأنّها مرحلة انتقاليّة من الطفولة الآمنة والخالية من المسؤوليّات الكبيرة، إلى بداية الرشد ومحاسبة الآخرين له على تصرّفاته، بحكم تعدّيه مرحلة الطفولة، حين كان معتمدًا على القوّة البدنيّة لمن هم أكبر منه، وعلى حنكة والديه في التصرّف، ليدخل مرحلة جديدة يطبّق فيها ما تعلمّه خلال 10 سنوات من التربية المستمرِّة. تتّسم هذه المرحلة عمومًا بكثرة التغيّرات الفجائيّة اللافتة للنظر في الهيئة والتصرّفات، كما يتّسم المراهقون في هذه المرحلة بالعصبيّة وردود الأفعال الانفعاليّة، وقلّة المرونة في الاستجابة إلى المواقف، والتي قد تكون على عكس طبيعتهم الشخصيّة قبل هذا العمر.   المراهقة الوسطى   في مرحلة المراهقة الوسطى الممتدّة من سنّ 14 إلى 17 سنة، تستمرّ التغيّرات الطارئة على مظهر المراهقين وطبيعتهم الفسيولوجيّة، مثل تغيّر نبرة الصوت لدى الذكور وانتظام الدورة الشهريّة لدى الإناث. كما يبدأ تشكّل حياة المراهقين العاطفيّة وفضولهم نحو الجنس الآخر في هذه المرحلة. يمرّ المراهقون بكثرة الخلافات العائليّة، لأنّ ميولهم نحو الاستقلال وصناعة هويّتهم واهتماماتهم الخاصّة، بعيدًا عن والديهم، يبدأ في هذه المرحلة. يبحث المراهقون عن الشعور بالقيمة الذاتيّة ولو على حساب الآخرين، ولا يهتمّون إلّا بأنفسهم. لذلك، يجدون في التمرّد على قيم الكيان العائليّ والندّيّة المستمرّة مع والديهم مصدرًا لتحقيق هذا الشعور.  المرحلة النهائيّة  أصبحت نهاية مرحلة المراهقة مصطلحًا واسعًا بعض الشيء، إذ باتت تشمل فئة الشباب أكثر من الأجيال السابقة. غدا انتقال الشباب، ولا سيّما أبناء مرحلة ما بعد الألفيّة، من مرحلة المراهقة إلى النضج، مسألة أكثر تعقيدًا من ذي قبل، نظرًا إلى زيادة الرفاهية في العصر الحديث، وتغيّر التسلسل الطبيعيّ الذي يرتِّب المسؤوليّات والأدوار الجديدة. أصبحت المجتمعات الآن تتعامل مع مرحلة أوائل العشرينات حتّى منتصفها، مرحلةً تابعة للمراهقة على عكس الأجيال السابقة التي كانت تُحمِّل الشباب في هذا العمر قدرًا أكبر من المسؤوليّات، وترى أنّهم مستعدّون للقيام بأدوارهم الاجتماعيّة اللاحقة.   بالإضافة إلى ذلك، للفروق الفردية أثر في تحديد نهاية مرحلة المراهقة، حيث يؤثِّر اختلاف الشخصيّات والطباع وطريقة النشأة وعدد التجارب الواقعيّة ورصيد الخبرة الحياتيّة لدى المراهق، في سرعة انتقاله إلى مرحلة النضج. في المقابل، كلّما قلّ احتكاك الشاب بواقع الحياة العمليّة والمسؤوليّات التي تتطلّب اتّخاذ القرارات الناضجة أو المواقف الحاسمة، توقّف نضجه الفكريّ عند مرحلة المراهقة مدّة أطول.  متى تنتهي مرحلة المراهقة؟  تبدأ مرحلة المراهقة، وفق ما بيّنه علم النفس، من عمر 10 سنوات، ولم يحدث أيّ إجماع على عمر محدّد لنهايتها. لكن، في بعض الأحيان، قد تنتهي بين عمري 21 و25 عامًا، وفي هذه الحالة تُسمَّى بفترة المراهقة المتأخِّرة. عند انتهاء مراهقة ابنك يكتمل لديه النضج العقليّ والجسديّ وتستقرّ حالته النفسيّة والعاطفيّة وعلاقاته الاجتماعيّة، وتبدأ ملامح شخصيّته الراشدة بالظهور.   ما علامات انتهاء مرحلة المراهقة؟  هناك عدّة علامات رئيسة تشير إلى نهاية مرحلة المراهقة. قد تختلف هذه العلامات مع اختلاف المراهق وبيئته، ولكن تعدّ العلامات الآتية هي الأكثر شيوعًا:  تحمّل المسؤوليّة  يبدأ ابنك بتحمّل الأعباء الاجتماعيّة التي قد تتطلّب منه التنازل أو التضحية برغباته أحيانًا، مثل الزواج أو العمل. بالإضافة إلى تحمّله مسؤوليّة الأخطاء من دون التهرّب منها، أو تحميلها لشخص آخر، واغتنامه الفرص لاتّخاذ خيارات مستنيرة والتعلّم من أخطائه.  التأمّل الذاتيّ والنموّ يستمرّ ابنك في عمليّة اكتشاف الذات والنموّ الشخصيّ التي بدأها خلال فترة المراهقة، ويستمرّ بوضع أهداف محدّدة واكتشاف اهتمامات جديدة. فضلًا عن الاستثمار في تطوير المهارات التي تتوافق مع تطلّعاته.  بناء شبكات داعمة من العلاقات  أثناء انتقال ابنك إلى مرحلة البلوغ، يبدأ بتكوين علاقات ذات مغزى مع الأقران والموجِّهين من النماذج التي يُحتذى بها، لتقديم التوجيه والدعم خلال مراحل حياته المحوريّة.   التأنّي  بفضل الوعي، يبدأ ابنك في مرحلة الرشد بدراسة قراراته بتأنٍّ، ويبتعد عن القرارات الفجائيّة الناتجة عن الاندفاع والتهوّر.   الاتّزان النفسيّ والعاطفيّ  يصبح الشاب الناضج قادرًا على تحديد ميوله وقياس مشاعره بلا تهويل، ومواجهة المواقف الصعبة بعقلانيّة. كما تصبح ردود أفعاله أكثر نضجًا وعقلانيّة بتقبّله الرأي الآخر برحابة صدر، عكس ما كان يحدث في مرحلة المراهقة من تمسّك شديد برأيه.  إدراك التبعات السلبيّة التي تتبع خياراته   يُفضِّل المراهق التجوّل مع أصدقائه على الدراسة، من دون مبالاة لما يتسبّب له ذلك من تأخّر دراسيّ. في حين يبدأ، عند دخوله مرحلة الرشد، بمنح الأولويّة لعمله وتقدّمه المهنيّ.    * * * تعدّ نهاية مرحلة المراهقة علامة فارقة في رحلة ابنك أو ابنتك نحو سنّ الرشد، حيث يمثّل تتويجًا للتطوّر الشخصيّ المنوط بتحمّل المسؤوليّة والاستقلاليّة على نطاق أكبر. يتضمّن تبنّي هذا التحوّل قبول التحدّيات والفرص التي تطرحها مرحلة البلوغ، ورعاية النموّ الشخصيّ، وبناء أساس حياة مُرضية وهادفة. عندما يدخل ابنك سنّ الرشد يشرع في فصل جديد من اكتشاف الذات والسعي خلف تطلّعاته.    اقرأ أيضًا طرق التعامل مع المراهق العنيد | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) مشكلات المراهقين النفسيّة وكيفيّة التعامل معها | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com) المراجع https://www.hup.harvard.edu/catalog.php?isbn=9780674916500   https://www.bbc.com/news/health-42732442