إيناس حامد الجلّاد- معلّمة لغة إنجليزيّة- الأردن
إيناس حامد الجلّاد- معلّمة لغة إنجليزيّة- الأردن
2021/07/27

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

إجابتي للجزئيّة الأولى من السؤال هي أن المدرسة تُعدّ جزءًا لا يتجزّأ من المجتمع، وهي عبارة عن كينونة لا يمكن الاستغناء عنها في حياة الفرد منّا، وخصوصًا في مراحل حياته منذ الصغر حتى سنّ النضج، ومنها للانطلاق للجامعات وكلّيّات المجتمع المختلفة أو حتى الإبداع بمناحٍ أُخرى حياتيّة غير ذلك، لذلك، ومع الظروف التي فرضتها الجائحة، وما حدث ويحدث إلى هذه اللحظة من أحداث، إلّا أنّ التعليم غير محدود بمكان وزمان، وأنا لست ضدّ التعلّم عن بُعد، ولكن من خبرتي مع اللاجئين السوريّين وصعوبة توفّر مصادر التكنولوجيا أو الاتصال بشبكة الإنترنت عند بعض الطلبة، تتصادم العمليّة التعليميّة والتعلُّميّة بعراقيل وتحديات كثيرة. من هُنا، سعينا جاهدين كأفراد وكادر وإدارة وقيادة رائعة، وما زلنا نقوم بما يجب على أكمل وجه لضمان مصلحة الطالب السوريّ والأردنيّ على حدٍّ سواء.

أمّا بالنسبة للجزئيّة الثانية من السؤال، فلا بدّ من استمراريّة المدرسة كما كانت وأفضل، وما قد حدث ما هو إلّا خبرات وتجارب تم الاستفادة من خلالها، وعادت بالفائدة الجمّة رغم تحدياتها ذات الحدَّين، ويستمرّ المُضيّ لمزيد من التقدّم والاستمراريّة بخططٍ مستقبليّة تعلُّميّة تعليميّة تدمج وتوظّف التكنولوجيا بالتعليم التقليديّ؛ ما يسمى بالتعليم المتمازج (Blended Learning).

 

ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلّمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

لا بدّ من إدارة الصّفّ وضبطه، والمرونة والصبر والابتسامة وكسر جمود المادّة، ومحاولة فهم الطلبة باختلاف شخصيّاتهم ومستوياتهم، بالإضافة لأخذ دورات تدريبيّة في مجالك ومجالات تهتمين/ تهتمّ بها كمعلّمة/ مُعلّم لتمكّنك من التعامل مع الطلبة بسلاسة وذكاء، ومع الممارسة كل شيء يصبح أسهل وممتعًا أكثر إذا فعلًا أحببت ما تقوم به ستُبدع.

 

ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟

توصلت من خبرتي المتواضعة في مجال التعليم، الذي ما زلت أتعلم منه كإنسانة ومعلّمة، أنّ الدهشة هي شعور لا إرادي يثير نشوة في هاجس الشخص، إمّا الاستغراب أو السعادة العارمة التي من الصعب تحليلها حينها أو الصدمة من شيء، لا قدّر الله. وكمعلّمة أقول إنّني أُدهش أحيانًا من طاقات الطلبة وإمكاناتهم التي تستحق فعلًا أن تبوّب وتُدعم وتُعزّز.

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟

ليس لديّ مصدرٌ واحدٌ في مسيرتي المتواضعة في التعليم، فلقد كان الملهم الأوّل لي هُما والديَ لمواصلة الطريق ورحلة التعليم المستمرّة، ثم الطالب الذي عزَّزَ لديّ حسّ الصبر والمرونة والفكر البنّاء ومواجهة الشدائد فأبدعت وما زلت، ثم القائدات الرائعات اللواتي عملت معهنّ وما زلت، ثم تدريبات مهنيّة حصلت عليها، وأخيرًا وجود الشغف الروحيّ والجوع المتعطّش لمعرفة وتعلُّم المزيد.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟ 

أؤمنُ أن كلّ طالب لديه ما يميّزه بشكلٍ ما وبمنحى ما وبمادّة ما، وليس هناك طالبٌ مميزٌ إلّا بما هو مبدع به ويشعر بنفسه به، لذلك فالتميُّز ليس مجرّد أرقام وأوراق فقط!

 

حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟  

أؤمن بمقولة من زاد علمه وقدره بين الناس زاد تواضعه، لذلك، ومن وجهة نظري، أنّ المعلّم الملهم هو من يُعين المتعلّم ويفيده بشتّى الطرق من فيض علمه، وهو الحكيم والمستمع الجيّد والمتعاون مع الطلبة لجذبهم للمادة وله. وأُفكّر بهذه الطّريقة لأنّني كإنسانة ما زلتُ أحافظ على علاقات تربطني بمعلّماتي منذ أيّام الإعداديّة وأتمنّى أن أكون كذلك مع طالباتي كأخت لهم أيضًا وقت الحاجة.

 

ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟ 

في بداية مشواري التدريسيّ من فرط الطموح والشغف، كنت كالإسفنجة أمتصّ أيّ شيء، الأمر الذي جعلَ منّي شخصًا لا يشبهني نوعًا ما؛ وأخرجني من منطقة راحتي وجعلني أمارس أساليب تدريس لا تناسبني فقط من أجل إرضاء أرباب العمل، وقد عشت ضغطًا شديدًا أثّر عميقًا في مسيرتي التدريسيّة ونفسيتي آنذاك، لأنّني لم أكن قادرة فعلًا على التعبير عن شخصي وأساليبي التدريسيّة آنذاك، ولكن كما يقول المثل "الضربة إلّي ما بتموّتك بتقويك"، وها أنا الآن أتعلّم وأُعلِّم وأُبدع والمسيرة مستمرّة بإذن الله.

 

برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟  

ممكن أن تؤثّر سلبًا بالتأكيد على أريحيّة المعلّم ضمن المكان، وتثبيط إبداعه وطريقة تقديمه المعلومة للطلبة، خصوصًا إذا كان القائد التربويّ غير متسامح في الحالات الإنسانيّة، ولا يُعزّز ويقدّر جهد المعلّم.

ولكن كمعلّمة، ومن تجربتي الشخصيّة، أقول إنّني محظوظة الحمد لله بوجود نموذج قياديّ تربويّ مشرق لي وللكادر وللمدرسة، إنسانة قياديّة ماهرة وأُم وأُخت لنا جميعًا حيث تسعى دومًا لتطوير ودعم شغفي كمعلّمة وكإنسانة.

 

ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟  

التلقين وتحديد مناهج للجميع، وهذا لا يراعي الفروق الفرديّة بحيث أنّني كمعلّمة لغة إنجليزيّة أُفضّل أن يمارس الطالب اللغة ويكسر جمود اللغة ويكسر الجمود من زخم المادة والخوف من اللغة الإنجليزيّة، فهناك طالبات يفضّلن الكتابة وأُخريات المحادثة والإلقاء وهكذا.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟  

لديّ من كلّ بستان زهرة ومن كتاب الله رسائل روحانيّة وقت الشدّة ومن الحياة 365 يومًا، وفي كلّ يوم درس وعبرة، الفطين فقط من يتعلّم منها ويجاريها.

أكثر كتاب أثّر بي هو كتاب "ابقَ قويًّا" (Staying Strong - 365 Days a year) للكاتبة Demi Lovato -  ديمي لوفاتو، وهو مزيج بين التنمية والسيرة الذاتيّة، وعبارة عن مذكرات تمّت كتابتها بشكلٍ مستمرٍّ لـمدّة سنة، الكتاب خاطبني عندما احتجت للراحة والإلهام والدافع لأبقى قويّةً كلّ يوم وأتجاوز مشاكل كانت تعيق حياتي وجعلتني أواجهها وأتجاوزها بعدم الخوف.