ياسمين العويسي- معلّمة علوم- فلسطين
ياسمين العويسي- معلّمة علوم- فلسطين
2023/02/23

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

تمثّل الإدارة المدرسيّة رأس الهرم في خلق بيئة مدرسيّة مشوّقة، وتوفير جوّ مدرسيّ محفّز للعمليّة التعليميّة وخلق اتّجاهات إيجابيّة نحو التعليم. وتؤدّي، ضمن هذا السياق، سياسات المدرسة دورًا كبيرًا في تحقيق إطار تواصل نفسيّ ووجدانيّ بين الطلبة والمعلّمين، وتنمية إشراكهم في بناء الهرم التعليميّ والمنظومة الفكريّة وتعزيز ذلك.

الفرق واضح بين إدارة مدرسيّة توفّر البيئة الفيزيقيّة المناسبة والبيئة النفسيّة المريحة، وبين إدارة وسياسة مدرسيّة لا تهتمّ بذلك.

فالأثر يظهر جليًّا على تقدّم أداء الطلبة، ورفع تحصيلهم الأكاديميّ، وزيادة نشاطاتهم وإبداعاتهم الفكريّة في مجالات مختلفة؛ فبيئة الطالب الفيزيقيّة داخل المدرسة تحفّز الطالب على التفكّر، وتشجّعه على عالم أخضر نظيف. أمّا هذه البيئة فتتكوّن من غرف صحّيّة وإضاءة متوفّرة وتهوية جيّدة، ومرافق تخدم العمليّة التعليميّة وتخدم الطالب نفسه من مكتبة مجهّزة بكتب في مجالات شتّى، ومختبر مدرسيّ يضمّ أجهزة وأدوات مخبريّة لإجراء الطالب التجارب والتوجّه نحو الابتكار والاكتشاف، وملاعب مجهّزة مسبقًا لممارسة رياضات مختلفة، وحديقة خضراء للراحة النفسيّة والبيئيّة.

ويلزم لتكامل نجاح الجوّ التعليميّ في المدرسة، الاهتمام بالجانب السلوكيّ والاجتماعيّ للطالب، والاطلاع على مشاكله والبحث عن أسبابها، ومساعدته في حلّها عن طريق المختصّ النفسيّ. ومن الضروريّ إشراك المتعلّم بفعاليّات وأنشطة ترفيهيّة وتفريغ نفسيّ، لنخرج بطالب متكامل نفسيًّا ومبدع يستطيع الخروج إلى العالم بفكر علميّ ناضج ومواكب لتطوّرات العصر.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

في ظلّ جائحة كورونا والتعلّم عن بعد، أطلقتُ مبادرة "تجربتي من داخل منزلي" في مادّة العلوم، لتشجيع الطالبات على إجراء التجارب والنشاطات العلميّة، والخلوص للاستنتاجات بأنفسهنّ. حوّلتُ منهاج العلوم إلى دروس مصوّرة من إعدادي وتقديمي، وبثثتها على قناة "يوتيوب" خاصّة. صنعتُ فيديوهات تعليميّة مصوّرة باستخدام برنامج (Camtasia)، لشرح دروس العلوم وبثّها للطالبات. ووظّفت تطبيق (PhET) لإجراء التجارب العلميّة، وهو تطبيق يقوم على تقنيّة المحاكاة، حيث تنفّذ الطالبة التجربة افتراضيًّا من دون الحاجة إلى توفّر الأدوات.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

عملت على توظيف الفنون من خلال تشجيع الطالبات على استخدام برنامج (Toontastic) لإنشاء الرسوم المتحرّكة؛ حيث تقوم الطالبة بتكوين قصّة متحرّكة، تضيف إليها صورة وصوتًا وجرافيك من تصميمها. ساعد هذا البرنامج الطالب الشغوف بالفنّ والموسيقى، على تعلّم المادّة من خلاله، إذ قامت الطالبات، مثلًا، باستعماله لتلخيص الدروس.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

متابعة مستجدّات علوم التربية ليست الشرط الوحيد لتكون معلمًا ناجحًا؛ فالحاجة إلى تنمية ثقافتك التكنولوجيّة، ومواكبة التطوّر والتقدم في عالم الرقمنة باتت أمورًا ضروريّة وأساسيّة، إلى جانب تمتّعك بالمرونة، والتواصل الفعّال مع الطلّاب، والعمل وفق خطّة منهجيّة مسبقة.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

هناك تغيرات إيجابيّة بعد تجربة التعليم عن بعد عند الطلبة، وهو اتّجاههم إلى برامج العالم الافتراضيّ وتوظيفها في التعلّم. وكان أثر هذه البرامج واضحًا في ترسيخ المعلومات، كونها خاطبت ذكاءات سمعيّة وبصريّة لديهم، ما يمثّل مواكبة لتطوّرات العصر، وتحضير الطلبة للولوج في عالم الرقمنة.

أما الجانب الآخر فهو ملاحظة الفاقد التعليميّ، فهناك بعض الضعف في المهارات الأساسيّة لدى الطلبة، نعمل كمعلّمين على معالجتها من خلال إعداد موادّ تدريبيّة علاجيّة.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطالب الشغوف بالتعلّم هو الطالب الذي يُظهر اهتمامًا بالتعلّم داخل وخارج الغرفة الصفّيّة، ويشارك بالأنشطة المتنوّعة.

أنا كمعلّمة لمادّة العلوم، أقوم باستثمار طاقة الطالب الشغوف في إشراكه بأنشطة البحث العلميّ، وتوجيهه إلى البحث عبر الإنترنت عن أسئلة إثارة التفكير، كما عبر تنظيم المسابقات العلميّة المنهجيّة، إلى جانب أنشطة تعليميّة ترفيهيّة، مثل تصنيف الأدوات المخبريّة في غرفة المختبر المدرسيّ.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

أتوافق مع فكرة ارتداء الزيّ الموحّد، لأنّه يُعلي من مظاهر ترتيب الطلبة داخل المدرسة وتناغمهم، كما من الشعور بالعدل والمساواة بينهم. وهو برأيي، يقلّل ظاهرة التنمّر، ما يخفّف من مُمارسات العنف والمُشكلات السلوكيّة، بل ويعمل على نشر جوّ من الودّ والمحبّة، ما يؤدّي إلى بيئة تعليميّة ناجحة ومُثمرة.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسي؟

يرتبط مفهوم الرفاه المدرسيّ بشعور الطالب بالرضا وحبّ التواجد في المدرسة. من ممارساتي اليوميّة: خلق علاقة ودّيّة بيني وبين الطلّاب، والقيام بتنفيذ مبادرات وأنشطة خارج الغرفة الصفّيّة، وإشراك الطلّاب فيها لخلق جوّ من المرح والتفريغ النفسيّ.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

أسعى دائمًا إلى أن أكون شخصيّة تمتلك ملكات إبداعيّة، وأن أكون مؤثّرة في بيئة العمل بشكلٍ إيجابيّ.

لذلك، أطمح للمُشاركة في ورش عمل ودورات خاصة بالتكنولوجيا، لامتلاك مهارات جديدة، خصوصًا أنّنا في عصرٍ رقميّ. وأيضًا في دورات في مجال تنمية الذكاء العاطفيّ، إذ يساعد الذكاء العاطفيّ على فهم مشاعر الطلّاب، وكيفيّة التعامل معهم، والتعامل مع المواقف الصعبة داخل بيئة العمل بعقلانيّة.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

مهنة التعليم من أشرف المهن وأجلّها، فقد كان النبيّ محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، أوّل معلّم لأمّته.

المعلّم يجب أن يمتاز بشخصيّة قويّة قابلة للتغيير والتكيّف مع تطوّرات البيئة المحيطة، وقادرة على التنويع في الأساليب. وعليه استخدام استراتيجيّات حديثة وطرائق تدريسيّة جذّابة تناسب المتعلّمين والمرحلة العمريّة، وخلق بيئة إيجابيّة متكاملة تمتاز بالرفاه المدرسيّ.

لا تقف عند شهادتك الجامعيّة، بل اعمل على تطوير نفسك دائمًا بالبحث العلميّ، والالتحاق بدورات تدريبيّة، واركب موجة التطوّر العلميّ، وانهل العلم لتعلي من شأنك ولتنفع به طلّابك، وادفع طلّابك إلى الاستكشاف والتفكير الإبداعيّ، والتفكير خارج الصندوق عبر توظيف استراتيجيّات تعلّم نشط، وألعاب تربويّة.