كيف تتعامل مع غرور الطفل؟
كيف تتعامل مع غرور الطفل؟

يوجّه العديد من خبراء التربية الوالدين نحو أهمّيّة غرس الثقة بالنفس في شخصيّة الطفل، وبناء قناعاته الإيجابيّة تجاه نفسه وقدراته، لبناء شخصيّة قويّة وفعّالة في محيطها. وهي مسألة ذات تأثير عميق بالفعل في حياة الطفل ومستقبله منذ سنواته الأولى. ولكن، ماذا يحدث إذا زادت ثقة الطفل بنفسه ووصلت به إلى الغرور؟ دعونا نساعدكم في التعامل مع غرور الطفل الزائد. 

 

سلوكيّات تدلّ على غرور الطفل

من المهمّ عند مناقشة موضوع غرور الطفل التذكير بأنّ الحكم المطلق على تصرّفات الطفل من دون وعي تصرّفٌ خاطئ، فلا بدّ، أثناء مراقبتنا سلوك الطفل، أن نميّز بين الشقّ الإيجابيّ، وهو حبّ الذات والتصالح معها، والشقّ السلبيّ، وهو الغرور والتكبّر. عادةً ما يتّسم الطفل المغرور بمجموعة محدّدة من الصفات التي تتجلّى في سلوكه، ويمكن بها توصيف حالته، بهدف معالجتها معالجة صحيحة:

السلوكيّات العدوانيّة  

غالبًا ما يتّسم سلوك الطفل المغرور بالاندفاع والتهوّر والعدوانيّة أحيانًا، إذ يحول غروره بينه وتقبّله الخسارة أو الرفض، فيُقابل ذلك بالسلوك العدوانيّ.

التحكّم

غرور الطفل وتسلّطه وجهان لعملة واحدة. لذا، يميل الطفل المغرور دائمًا إلى فرض رغبته على الآخرين والتحكّم بكلّ شيء، وإن كان يتعلّق بالآخرين أيضًا. فيميل الطفل المغرور إلى التحكّم بأقرانه وتوجيههم إلى ما يريد، في حين يقابل الاعتراض على رغباته بالغضب الشديد. 

قلّة الشعور بالمسؤوليّة  

نادرًا ما يبالي الطفل المغرور بمسئوليّته تجاه الآخرين أو احتياجاتهم، وينصبّ تركيزه بالكامل على احتياجاته من دون الاكتراث بالأشياء التي يتوجّب عليه تقديمها إلى الآخرين. ومن أبرز العلامات التي تؤكّد هذه النقطة في شخصيّة الطفل المغرور التهرّب من تحمّل مسؤوليّة أخطائه وتحميلها للآخرين. 

الأنانيّة

الأنانيّة سمة مسيطرة وجوهريّة في شخصيّة الطفل المغرور. فلا ينظر هذا الطفل إلّا إلى احتياجاته ويعطيها الأولويّة، ولو على حساب الآخرين. ولا يميل إلى التنازل أو التضحية من أجل الآخر. 

تعمّد التقليل من شأن الآخرين  

الغرور غلاف لضعف الشخصيّة في الحقيقة. لذا، يشعر الطفل المغرور بالتهديد من تميّز أقرانه ومنافستهم له، فيلجأ إلى التقليل من شأنهم، ومحاولة إضعاف ثقتهم بأنفسهم، لأنّه يستمدّ ثقته من هدم الآخرين، ولا يمكنه التصالح مع نجاحهم. 

التنمّر  

قد يصل مستوى غرور الطفل في بعض الأحيان إلى التنمّر على أقرانه والسخرية منهم، لأنّ الضغط عليهم وإضعافهم يمنحه الشعور بالسلطة عليهم، محاولًا تعويض شعوره بالنقص وانعدام الثقة. 

 

ما سبب غرور الطفل الزائد؟ 

لكي نستطيع معالجة مشكلة غرور الطفل، علينا تسليط الضوء على جذور الغرور النفسيّة. فالغرور حيلة دفاعيّة يُغطِّي بها الطفل مخاوفه وفقده الأمان وتقديره الذاتيّ المنخفض، مثل الخوف من التعرّض للانتقاد أو الرفض أو عدم تقبّل الآخرين. فتترك هذه المخاوف داخله آثارًا شديدة الحساسيّة، ويلجأ إلى التصرّف بتكبّر، عاجزًا عن مواجهتها. 

يجب على الوالدين تذكّر أنّ الطفل يحاكي سلوكهم. لذلك، عليهم أن يرصدوا محيط طفلهم وتصرّفاته ونقاط الضعف الكامنة داخله، والتي تدفعه إلى إظهار الغرور. ويكمن الخطر الأكبر في هذه المسألة في أنّ تصرّفات الطفل المتكبِّرة لن تتوقّف بمرور مرحلة الطفولة، بل ستتضاعف. ومن هنا، يجب أن يتصرّف محيط الطفل بمسؤوليّة تجاهه، والحرص على تعديل سلوكه وتوجيهه، لكي يتمتّع بشخصيّة سويّة. 

 

كيف أعالج غرور الطفل؟ 

كن مصدر الحبّ لطفلك 

يجب أن ينال الطفل الحبّ منك أوّلًا، إذ عندما يستمدّ الطفل الحبّ والاهتمام من والديه، يميل إلى التوازن والثقة في ردود أفعاله، لأنّه يشعر بالاكتفاء ولا يحتاج إلى التصرّف باستفزاز لكي يلفت الأنظار. 

لا تترك طفلك فريسة مخاوفه 

شعور الطفل بالخوف من الإهمال أو تهديد مكانته عندك أساس سلوكيّاته العدوانيّة مع الآخرين، لأنّه ينظر إلى جميع أقرانه كمنافسين له، ولا يستوعب أنّ تميُّزهم لا يعني استبعاده. لذا، فإنّ دور الأسرة المنزليّ ودور المعلّم في مدرسته مهمّان جدًّا، وعلى كلّ منهما طمأنته وإشعاره بالأمان، وملاحظة صفاته الجميلة دائمًا وتقديرها.

كن قدوة طفلك 

أنت المعلّم الأوّل لطفلك، فإن كانت سلوكيّاته تتّسم بالغرور الزائد، فيجب عليك مراجعة تصرّفاتك أمامه جيّدًا. فمن الوارد أن يستوعب الطفل كلمة أو سلوكًا بصورة خاطئة، ويترجمها إلى قناعة في عقله.  

لا تتنازل دائمًا  

لا تتنازل لرغبات الطفل المغرور دائمًا، لأنّ ذلك يُعدّ تشجيعًا ضمنيًّا لتصرّفاته. وعليه، لا بدّ أن يستوعب مسؤوليّة تحقيق الرغبات والجهد المبذول للوصول إليها، وتجنّب تعزيز الاستحقاقيّة لديه. 

وجّه طفلك للعطاء 

بدلًا من نهرِ طفلك بالكلام السلبيّ، من الأفضل أن توجّهه إلى تقديم المساعدة للآخرين. فيمكن للطاقة الإيجابيّة والمشاعر الدافئة التي يحصل عليها من العطاء عندما يتلقّى المحبّة والامتنان على مساعدته، أن تكون حلًّا مثاليًّا لاستبدال حبّ المشاركة بالأنانيّة. 

 

* * *

حبّ الذات ركيزة رئيسة لبناء شخص متّزن، ولكن يجب أن يرافقه حبّ الآخرين وتقدير جهودهم. فمن الطبيعيّ أن يهتمّ الطفل بتلبية احتياجاته، ولكن لا بدّ من بناء قناعته بأنّ احتياجات الآخرين لا تقلّ أهمّيّة عن احتياجاته، وأنّه ربّما يجب عليه الانتظار أحيانًا. وأخيرًا، تنشئة الطفل على ثقافة التعبير عن الحبّ تُعدّ من أكثر مصادر الاتّزان النفسيّ لمعالجة غروره، والتي يستمدّ منها الأطفال الأسوياء تقديرهم أنفسهم والآخرين. 

 

اقرأ أيضًا:

كيفيّة التعامل مع الطفل الذي يريد كلّ شيء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

كيفيّة التعامل مع الطفل العصبيّ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

 

المراجع

https://youaremom.com/children/what-should-you-know/childhood-behavior/arrogance-in-children-what-to-do/  

https://kidsactivitiesblog.com/119383/arrogant-child/  

https://youaremom.com/children/what-should-you-know/childhood-behavior/how-to-control-your-childs-ego/