هل المتعلّم مستعد للتعامل مع التّقويم بالملف التَّتبُّعيّ؟
هل المتعلّم مستعد للتعامل مع التّقويم بالملف التَّتبُّعيّ؟
2023/03/12
نسرين كزبور | معلّمة رياضيّات- لبنان

تجربة أُقيمت في ثانويّة المربّي سابا زريق الرسميّة للبنين مع متعلّمي الصّف الثّانوي الثّاني العلميّ.

يُعدُّ التقويم عنصًرا أساسيًّا في منظومة العمليّة التعليميّة، فهو يؤدّي دورًا فاعلًا في إنجاحها لما يُحدِثه من توازن وتكامل بين عناصرها المُختلفة. كما يُعدُّ تقويم تعلّم المتعلّمين من أهمّ مراحل العمليّة التعلّميّة، وأكثرها ارتباطًا بالتطوير التربويّ.

بدأت فكرة الملفّ التَّتبُّعيّ في المملكة المتّحدة سنة 1983، كأداة تقويم خلال وحدة تعليم وتعلّم أو في نهايتها، ثمّ انتقلت إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة لتُستعمل في موادّ متعدِّدة، إلى أن أصبحت أداة تقويم مميّزة، مع بقاء أهدافها غير موحَّدة.

والملفّ التعلّميّ (التَّتبُّعيّ): هو مجموعة أعمال، كالمستندات المختارة من قبل المتعلّم بمساعدة المعلّم أو من دونها، تُبيِّن تقدُّم قدرات المتعلّم ومعارفه في مجال أو أكثر، ويعتمد معايير أداء محدّدة بوضوح، مع الاحتفاظ بآثار تفكير المتعلّم وتقويمه الذاتيّ. وهو أداة غير تقليديّة، ويُعدُّ من الاختبارات الوظيفيّة التي تهتم بقياس ما يستطيع أن يستخدمه المتعلّم ويفعله، لا ما يعرفه فقط.

أمّا الهدف من ملفّ الإنجاز (التَّتبُّعيّ)، فهو إبراز نقاط القوّة لدى المتعلّم وتعزيزها، وتطوّر الحصيلة العلميّة لديه، والمهارات الّتي اكتسبها، والتعرّف إلى ميوله واتّجاهاته نحو المادّة الدراسيّة، من خلال اختباره للموضوع، واستخدامه للمفاهيم، وإنجازه للعمل، ومقدرته على الاستماع والمناقشة. وتظهر أهمّيّة ملفّ الإنجاز، في تنمية التّفكير النّاقد لدى المتعلّمين، من خلال تقويم المتعلّم لعيّنات أدائه ونقد أعمال الملفّ، وتنمية الشّعور بمسؤوليّة التعلّم لدى المتعلّمين، وتطوير التأمّل الذاتيّ للمتعلّم وزيادة دافعيّة المتعلّم.

 

ومن وظائف التَّقويم بالملفّ التَّتبُّعيّ:

  • - بناء ثقة المتعلّم بنفسه.
  • - مساعدة المتعلّمين على التعرّف إلى أنفسهم.
  • - تحقيق الرضا الشخصيّ للمتعلِّم، وتحسين الأداء من خلال المراجعة المستمرّة للملفّ.
  • - تحميل المتعلّم أكبر قدر من المسؤوليّة ما يساعده على التمكُّن في تعلُّمه.
  • - تعزيز التقويم الذاتيّ والتفكير التأمُّليّ لدى المتعلّمين.
  • - تطوير القدرة الذاتيّة على الارتقاء بالعمل.

بناءً على ما سبق، فقد قمنا باعتماد تقويم الملفّ التَّتبُّعيّ (portfolio) لتقييم المتعلّمين، لما يتناسب مع طبيعة العمل ضمن استراتيجيّة الصفّ المقلوب، كونها تتطلّب، يوميَّا بعد مشاهدة الفيديو، ملء استمارة يلخِّص فيها المتعلّمون ما فهموه، وطرح أسئلة تفكُّريّة واستفساريّة بالإضافة إلى تنفيذ أنشطة وحلّ مسائل داخل غرفة الصفّ ضمن عمل المجموعات. تفسح طريقة العمل هذه المجال أمام المتعلّمين لمراقبة تطوّرِهم وتقدّمهم تدريجيَّا، إذ يُطلب من المتعلّم حفظ جميع المستندات في ملفٍّ مع كتابة التّاريخ لكلِّ مستندٍ، مع تدوين ملاحظات المتعلّم والمعلّم.

 

وبعد الانتهاء من المحور المخصّص لتطبيق استراتيجيّة الصفّ المقلوب والتّقويم بالملفّ التَّتبُّعيّ، ظهرت بعض النّقاط الإيجابيّة والسلبيّة:

  • - في بداية الأمر، ظهر عدم تكيّف المتعلّمين مع الملفّ التَّتبُّعيّ، من ناحية كيفيّة إعداده، وأيضًا من ناحية كتابة ملاحظاتهم عن أنفسهم أو عن زملائهم، ويُعزى ذلك إلى عدم إفساح المجال للمتعلّم في التَّعبير عن رأيه في العمليّة التعليميّة.
  • - من جهة أخرى استطعنا التّعرّف إلى ميول المتعلّم واتّجاهاته نحو مادّة الرياضيّات من خلال المتابعة اليوميّة، بالإضافة إلى اكتشاف مواطن القوّة لدى المتعلّم والعمل على تعزيزها ومواطن الضّعف والعمل على علاجها.
  • - وأخيرًا، بعد أن تمرّس المتعلّمون في تنظيم الملفّات وآليّة العمل لإعداد هذا الملفّ، استطاع كلّ متعلّم أن يثمِّن جُهده المبذول، مع اقتناعه الكامل بضرورة المثابرة لتحسين مستواه المعرفيّ.

 

من خلال ما سبق، على المعلّم أن يُنوّع في عمليّة تقويم أداء المتعلّمين، وألّا يقتصر تقويمه لأدائهم على الاختبارات التحصيليّة فقط. هذا التَّنوع يُغني العمليّة التعليميّة، وله فوائد كبيرة للمتعلّم وعلى عدّة أصعدة، خصوصًا على صعيد تنمية مهارات التنظيم الذاتيّ والتّفكير النّاقد لدى المتعلّمين، ولا سيَّما أنّ هذه المهارات تُعدُّ من مهارات القرن الحادي والعشرين.