ناهل الدخيل- معلّم لغة عربيّة- سوريّا/ تركيّا
ناهل الدخيل- معلّم لغة عربيّة- سوريّا/ تركيّا
2023/10/12

لو كنت طالبًا اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟

سيكون التعليم القائم على توظيف أساليب التعليم الحديثة واستراتيجيّاته، من خلال الأنشطة الصفيَّة واللاصفيَّة، فكل ما سبق سيكسر النمط التقليديّ للتعليم.

 

إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟

المهارات الاجتماعيّة جزء لا يتجزّأ من المهارات والمعارف العلميّة. يخلق توظيفها بشكل صحيح ومثمر في الميدان العمليّ جوًّا من التعاون بين الطلّاب والمعلِّم والمدرسة، فينعكس ذلك إيجابًا على العمليّة التعليميّة بكاملها.

 

كيف تحدّد أهمّيّة دورك، معلّمًا، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟

التكنولوجيا بشكل عامّ، والذكاء الاصطناعيّ بشكل خاصّ، لا يستطيعان أن يأخذا دور الإنسان بشكل كامل. لكنَّنا نستطيع الاستفادة منهما بشكل كبير وضمن حدود المنطق. أرى، بصفتي مدرِّسًا للغة العربيّة، أنَّ الذكاء الاصطناعيّ لا يمكنه تغطية الجوانب الإبداعيّة والجماليَّة للغة؛ فالذكاء الاصطناعيّ يُمكنه أنْ يُقدِّم إليّ رأيًا ونتيجة، لكن ليس بالضرورة أن أعتمد على هذا الرأي وتلك النتيجة، فكلّ طالب يستطيع أن يعطي رأيه في الجوانب الإبداعيّة والجماليَّة للغة. اللغة ليست كقوانين الرياضيّات والفيزياء، نتائجها ثابتة ومحدودة، بل هي تعتمد على الذوق والتذوُّق، وبالتالي لا يمكن حصرها بنتائج ومعادلات ثابتة ومحدودة.

البعض قال لي إنَّ الذكاء الاصطناعيّ يكتبُ شعرًا. فقلتُ له: وهل كلّ من كتب شعرًا أصبح شاعرًا؟ وهل كل من كتب شعرًا استطاع أن يصل إلى أعلى مراتب الجودة في الشعر؟ وقِسْ على ذلك الجودة والجمال والإبداع في اللغة.

أرى أنَّ الاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ، تكون ضمن حدود المنطق وحدود ما ذكرته أعلاه؛ فإذا اعتمدنا على الذكاء الاصطناعيّ في كل شاردة وواردة، سيكون هذا بداية دخولنا في ما يُسمَّى الكسل المعرفيّ والذهنيّ والعلميّ، وسيؤثِّر ذلك في المعلِّم قبل الطالب. وعلينا انتظار القادم لنرى إلى أين سيرسو بنا مركب الذكاء الاصطناعيّ المتسارع بشدَّة في انتشاره.

 

متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟

عندما تتمُّ مراقبة سلوك الطالب، بالإضافة إلى مراقبة المناخ التعليميّ في الصفّ والمدرسة، فإنَّ ذلك سيخلُق جوَّا تربويًّا وعلميًّا يسهم في تطوير العمليّة التعليميّة بكلِّ أركانها.

 

ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟

أوّلًا، على المعلِّم أنْ ينشر روح المحبّة والتعاون والاحترام داخل الصفّ، وألّا يظهر الفروق الفرديّة بين الطلّاب، لأنَّ ذلك سيسهم في خَلق النزاعات بين الطلاب. وفي حال كان النزاع بسبب سلوك معيَّن، أحاول عرض هذا النزاع امام الطلاب -إذا كان هذا النزاع لا يمسُّ خصوصيّة الطالب طبعًا- وإيجاد الحلول المناسبة له، وذلك حتى يكون هذا النزاع مثالًا للطلّاب على رفض المعلِّم والمدرسة لمثل هذه النزاعات، ولعدم تكرارها، أو التفكير بها.

بالنسبة إلى الأطراف المشاركة: فأنا أفضِّل حلّ النزاعات داخل الصفّ وعدم إخراجها خارج حدوده، لأنَّ ضبط الصفّ من المهمَّات الرئيسة للمعلّم. وإذا اقتضى الأمر، أحاول إشراك الموجِّه المختصّ والمسؤول. أمّا بالنسبة إلى المدير، ومن بعده أولياء الأمور، فإشراكهم يكون في الحالات الطارئة جدًّا جدًّا.

 

هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟

بلا شكّ، لأنّ استخدام التكنولوجيا يساعد في شرح معلومة وتوضيح فكرة وتعزيزها، بالإضافة إلى أنَّ التكنولوجيا تُسهم في المتعة البصريّة والسمعيّة لدى الطالب، وخَلق مناخ نَشط داخل الصفّ.

لكنّ استخدامها يجب أن يكون ضمن حدود المنطق وعدم الإسهاب والمبالغة في ذلك، حتّى لا تأخذ وقت الدرس كاملًا؛ فالمعلّم يجب أن يختبر فهم الطلاب للدرس نتيجة مشاهدته وسماعه وفهمه من خلال هذه الأدوات.

 

هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟

اسمحوا لي أن أستخدم كلمة "مشاركة" بدلًا من كلمة "تدخّل"، لأنّني أرى في مشاركة الأهل ابنهم واجبًا عليهم فعله؛ فهذه المشاركة بمثابة تغذية راجعة للطالب في كلّ ما درسه في المدرسة، وبالتالي سيكون الأهل شريكًا رئيسًا للمعلِّم في عملية التعليم، ممَّا يسهم في سدِّ الثغرات لدى الطالب من جانب، وتعزيز تعلُّمه من جانب آخر.

 

هل تجد أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟

الكتاب المدرسيّ هو العقد العلميّ والتعليميّ بين الطالب والمعلِّم والمدرسة، لذا لا يمكن التخلِّي عنه.

لكن، في المقابل، يجب على المعلِّم أن يدعم هذا الكتاب ومحتواه بمصادر خارجيّة تُسهم في التوسُّع في الدرس، وفي تعزيز فهم المعلومات لدى الطالب، وعدم الاكتفاء بمضمون الكتاب وحدود صفحاته ومعلوماته.

 

كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟

يجب أن تتراوح بين خمسة إلى ستة دروس يوميًّا، وذلك لأنّ الطالب في كلّ درس يبدأ تركيزه يَقلُّ بعد الدقيقة الخامسة والعشرين، وكذلك الأمر في عدد الدروس اليوميّة، فالطالب سيقلُّ تركيزه وإدراكه أكثر وأكثر كلَّما زاد عدد الدروس.

 

صِف لنا مسار التعليم في مدرستك مُستخدمًا عنوان رواية لذلك، وأخبرنا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.

رواية "إيكادولي" للروائيّة المصريّة حنان لاشين.

هي رواية خياليّة، ولكنّها تسعى إلى تحقيق نتائج حقيقيّة. تسعى الرواية إلى نشر الحبّ والخير ومحاربة الشرّ، وتحدِّي الصِّعاب والعَقبات وعدم الاستسلام لها حتّى تحقيق الغاية المنشودة. وكذلك الأمر في المدرسة وفي مجال التعليم؛ يجب أن نعمل دائمًا على نَشر الحبّ والخير بين الطلّاب وبين الكادر التدريسيّ وفي عموم المدرسة والتعليم. وعلينا جميعًا أنْ نتحدَّى الصِّعاب ولا نستسلم لها حتى تحقيق غايتنا المنشودة في النجاح والتفوُّق.