هل التكنولوجيا وسيلة أم هدف في العمليّة التعليميّة؟
هل التكنولوجيا وسيلة أم هدف في العمليّة التعليميّة؟
2025/07/27
فراس شواخ | معلّم لغة عربيّة - الإمارات/ سوريا

في العصر الرقميّ الذي نعيشه، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة، وامتدّ تأثيرها إلى جميع مجالات الحياة، بما في ذلك التعليم. ومع ذلك يثار سؤال أساسيّ في الأوساط التربويّة: هل تُعدّ التكنولوجيا وسيلة تُستخدم لتحسين العمليّة التعليميّة، أم إنّها غاية يُسعى لتحقيقها بحدّ ذاتها؟

التكنولوجيا وسيلةً:

عندما تُعامل التكنولوجيا بوصفها وسيلة في التعليم، يكون الهدف الرئيس تحسين جودة التعليم وتسهيل التعلّم للطلّاب. في هذا السياق، تُوظَّف التكنولوجيا أداةً لدعم العمليّة التعليميّة وتوفير وسائل مبتكرة تعزّز من فهم الطلّاب للمفاهيم. ومن الأمثلة على ذلك:

  • - توفير مصادر تعليميّة متنوّعة: مثل المنصّات الإلكترونيّة التي تقدّم موادّ تعليميّة تفاعليّة، والفيديوهات التعليميّة، والكتب الإلكترونيّة.
  • - تعزيز التفاعل: بالتطبيقات التفاعليّة التي تشجّع الطلّاب على المشاركة النشطة داخل الفصول الدراسيّة وخارجها.
  • - التعليم المخصّص: استخدام الذكاء الاصطناعيّ لتقديم خطط تعليميّة مخصّصة، وفقًا لاحتياجات كلّ طالب وقدراته.

التكنولوجيا هدفًا:

في بعض الحالات، تُعامل التكنولوجيا غايةً في حدّ ذاتها، حيث يُركّز على إدخال أحدث الأدوات والبرامج في المدارس من دون دراسة جدوى استخدامها أو تأثيرها الحقيقيّ في التعلّم. في هذا المنظور، قد تتحوّل الجهود إلى سباق لاقتناء التكنولوجيا بدلًا من استخدامها بفعّاليّة لتحقيق أهداف تعليميّة واضحة. ومن السلبيّات المحتملة لهذا النهج:

  • - الاعتماد الزائد على التكنولوجيا: الذي قد يؤدّي إلى تقليل التفاعل الإنسانيّ بين المعلّمين والطلّاب.
  • - إهمال الهدف التربويّ: حيث يصبح التركيز على التقنيّة بحدّ ذاتها أكثر من النتائج التعليميّة المرجوّة.

التوازن بين الوسيلة والهدف

التكنولوجيا في التعليم يجب أن تُعامل بوصفها وسيلة لتحقيق أهداف تعليميّة محدّدة وواضحة. فمن المهمّ أن يكون هناك توازن بين استخدام الأدوات التقنيّة والاعتماد على الأساليب التقليديّة التي تحافظ على الجوانب الإنسانيّة في التعليم، والتفاعل الشخصيّ بين المعلّم والطالب، وتطوير مهارات التفكير النقديّ والإبداعيّ. فهذه كلّها عناصر لا يمكن أن تعوّضها التكنولوجيا.

توصيات لتحقيق التوازن

  • - وضع أهداف تعليميّة واضحة: يجب أن تكون التكنولوجيا وسيلة لتحقيق أهداف تعليميّة قابلة للقياس.
  • - تدريب المعلّمين: على استخدام التكنولوجيا بطرق مبتكرة تسهم في تحسين جودة التعليم.
  • - التقييم المستمرّ لمدى تأثير التكنولوجيا على مستوى التحصيل الدراسيّ للطلّاب.
  • - تشجيع الابتكار: مع الحفاظ على القيم الإنسانيّة والاهتمام بتطوير المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة للطلّاب.

خلاصة

تظلّ التكنولوجيا أداة قويّة يمكن أن تُحدث تحوّلًا إيجابيًّا في التعليم، إذا استُخدمت بشكل صحيح. إلّا أنّ استخدامها يجب أن يكون دائمًا وسيلة لتحقيق غايات تربويّة وإنسانيّة أسمى، وليس هدفًا بحدّ ذاته. فالعمليّة التعليميّة يجب أن تبقى في جوهرها إنسانيّة، تسعى لبناء العقول وتنمية الشخصيّة، وليس فقط إلى إدخال أحدث الأجهزة والبرامج.