منى صوان- قائدة تربويّة- لبنان
منى صوان- قائدة تربويّة- لبنان
2025/04/17

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

من تجربتي، أعتبر أنّ الاستراتيجيّة الأكثر فعّاليّة تتمثّل في تعزيز ثقافة التعلّم التعاونيّ بين المعلّمين والطلّاب. هذه الطريقة جعلت التفاعل في المدرسة أكثر نشاطًا، إذ تبادل الطلّاب الأفكار والمعرفة مع بعضهم البعض، ما أثّر إيجابيًّا في مستوى تحصيلهم الدراسيّ. أبدى الطلّاب استجابة إيجابيّة، خصوصًا عندما شعروا أنّ رأيهم مهمّ في العمليّة التعليميّة. وهنا يطرأ سؤال جوهريّ: كيف يمكننا تعزيز هذه الثقافة بشكل أكبر في مدارسنا؟

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

بخصوص التوازن بين التكنولوجيا والتفاعل البشريّ، أعتقد أنّ النجاح يكمن في استخدام التكنولوجيا أداة داعمة للجانب الإنسانيّ في التعليم. بالاستفادة من الذكاء الاصطناعيّ والأدوات الرقميّة في تخصيص التعليم، يمكننا توفير وقت ثمين للتركيز على بناء علاقات شخصيّة مع الطلّاب، وتعزيز مهاراتهم الاجتماعيّة.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

في بداياتي القياديّة في المجال التربويّ، كنت أركّز بشكل كبير على الهيكليّة والتنظيم، ما جعلني أفرط أحيانًا في التركيز على التفاصيل، وإهمال احتياجات المعلّمين الفرديّة. بعد فترة، بدأت أتبنّى نهجًا أكثر مرونة، وأعطي الأولويّة لدعم المعلّمين في فهم احتياجات طلّابهم. تعلّمت أنّ القيادات التربويّة بحاجة إلى تقديم الدعم المستمرّ لمعلّميهم.

 

افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

عند التفكير في ورش عمل المعلّمين، أرى أنّ التركيز يجب أن يكون على تطوير مهارات التفاعل مع الطلّاب باستخدام أدوات تكنولوجيّة مبتكرة، إضافة إلى تعزيز المهارات في إدارة الصفّ، وبناء بيئة تعليميّة تشجّع على التفكير النقديّ. يمكننا أيضًا أن نركّز على كيفيّة إدارة الضغوط والتحدّيات اليوميّة في العمل.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

بالنسبة إليّ، أعتقد أنّ التشبيك بين المعلّمين في العالم العربيّ أصبح ضرورة ملحّة في ظلّ الأزمات التي يواجهها التعليم. يمكن أن يكون التبادل المعرفيّ بورش عمل مشتركة أو منصّات رقميّة، فرصة هائلة لتعزيز قدرات المعلّمين وتوسيع آفاقهم. من الممكن أيضًا تنظيم منتديات حواريّة تجمع المعلّمين من مختلف الخلفيّات التعليميّة.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

من خلال موقعي، أعمل على بناء علاقة مستدامة مع أولياء الأمور بالتواصل المستمرّ حول تقدّم الطلّاب، وتحديد السبل التي يمكن أن يسهموا بها في تعزيز عمليّة التعليم. أؤمن أنّ إشراك أولياء الأمور في الأنشطة المدرسيّة بشكل دوريّ يزيد من تعاونهم في تحقيق أفضل النتائج.

في إحدى المرّات، قرّرت تنظيم اجتماع دوريّ عبر الإنترنت مع أولياء الأمور، لمناقشة تقدّم الطلّاب في الموادّ المختلفة. في الاجتماع، لم أكتفِ بعرض التقارير الأكاديميّة وحسب، بل قمت أيضًا بتقديم استراتيجيّات بسيطة يمكن لأولياء الأمور تنفيذها في المنزل لدعم تعلّم أبنائهم، مثل تخصيص وقت محدّد للقراءة، أو مشاركة الأنشطة التعليميّة معهم. كما طلبت منهم مشاركة أفكارهم واقتراحاتهم حول كيفيّة تحسين تجربة تعلّم أبنائهم في المنزل.

أضفت إلى ذلك تنظيم ورش عمل تفاعليّة، تمكّن أولياء الأمور من تعلّم تقنيّات جديدة لدعم عمليّة التعلّم في المنزل، مثل استخدام تطبيقات تعليميّة، أو تعزيز مهارات التفكير النقديّ لدى الطلّاب. هذا النوع من التواصل المنتظم عزّز الثقة بين المدرسة وأولياء الأمور، وجعلهم شركاء فاعلين في عمليّة التعليم.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

الحفاظ على الصحّة النفسيّة في بيئة تعليميّة مليئة بالتحدّيات، يتطلّب تخصيص أوقات للراحة، وتنظيم الأنشطة التي تسهم في الاسترخاء، مثل التأمّل، أو الخروج في نزهات قصيرة. كما أنّ الدعم المتبادل بين الأعضاء في الفريق التعليميّ يساعد في تخفيف الضغوط.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

في تجربتي، أتّبع استراتيجيّة لتنظيم الوقت بفعّاليّة في ظلّ الأعباء المتزايدة، تعتمد على تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر قابلة للتحقيق، ما يجعل من السهل التعامل معها يوميًّا. بداية كلّ أسبوع، أخصّص ساعة للتخطيط الأسبوعيّ، فأراجع جدول الأعمال، وأحدّد أولويّات المهامّ. على سبيل المثال، إذا كنت مشغولة بالتحضير لورشة عمل، أو تقييمات مع المعلّمين، أو مراجعة تقارير الأداء، أخصّص وقتًا محدّدًا لكلّ منها، وأحدّد مواعيد نهائيّة واضحة.

لضمان سير العمل بسلاسة، أستخدم أدوات رقميّة مثل "Outlook" أو "Google Calendar"، حيث أضع خططًا واضحة للمواعيد والمهامّ. على سبيل المثال، إذا كان لديّ اجتماع مع المعلّمين، أضع تذكيرًا قبل الموعد بوقت كافٍ. كما أنّني دائمًا ما أتابع التقدّم، وأراجع المهامّ المنجزة مع نهاية كلّ يوم لضمان التقدّم المستمرّ. بهذه الطريقة، أتمكّن من إدارة مسؤوليّاتي المتعدّدة بفعّاليّة، مع التأكّد من أنّ كلّ جزء يحصل على الاهتمام المناسب، من دون أن أشعر بالإرهاق.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

ساعدتني مهنة التعليم في تطوير مهاراتي القياديّة بشكل غير مسبوق، فقد تعلّمت كيف أكون مرنة ومتفاعلة مع المتغيّرات في بيئة العمل. أمّا التحدّي الأكبر فهو الضغط المستمرّ لتحقيق النتائج العالية، مع الحفاظ على جودة التعليم.

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

أحد المواقف الطريفة التي أذكرها أنّه كان لدينا نقاش مكثّف في أحد اجتماعات التخطيط، حول كيفيّة تحسين بيئة التعلّم الرقميّة. وبينما كنت أشرح فكرة عن استخدام الأدوات التكنولوجيّة بشكل مبتكر، دخل أحد الزملاء في حديث حول كيف أنّ الطلّاب يفضّلون دائمًا استخدام الألعاب في التعلّم. ومن هنا بدأنا جميعًا في المزاح حول تحويل اجتماعاتنا إلى "ورشة لعب"، بدلًا من التخطيط المعتاد. ما كان طريفًا هو أنّ أحد الزملاء بدأ في التحدّث عن "استراتيجيّات الألعاب" التي نحتاج إلى تطبيقها، مثل "لعبة الغزاة" لتحفيز الطلّاب على التفاعل. كان هذا المزاح بمثابة استراحة خفيفة وسط النقاش الجادّ، وأسهم في تخفيف الضغط عن الجميع، وجعل الاجتماع يمرّ بشكل أكثر راحة، وبتفاعل إيجابيّ.