منار الزريعي- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين
منار الزريعي- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين
2022/11/25

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

سياسات المدرسة وإدارتها تخلق الفرص وتهيّئ الظروف التي تدعم تكامل العمليّة التعليميّة؛ فالمدرسة التي تتبنّى سياسة التعليم الجامع والتعلّم النشط ودمج حقوق الإنسان في العمليّة التعليميّة، وتهدف إلى تعزيز مهارات التفكير الناقد، وتأخذ دور البرلمان الطلّابي بجدّيّة، وتفعّل المجلس المدرسيّ لإشراك أولياء الأمور في العمليّة التعليميّة، وتعزّز الصلات مع المجتمع، وتستثمر في النمو المهنيّ للمعلّمين هي مدرسة متكاملة تجعل من الطالب محور العمليّة التعليميّة، وتخلق بيئة مدرسية آمنة تُمكِّن الطالب من تنمية معارفه ومهاراته، وتعزّز نموّه الشخصيّ الاجتماعيّ، وتشجع المعلّم على تحقيق ذاته وتطوير نفسه، وتنجح في إعداد جيل يقود المجتمع نحو مستقبل مزدهر ومستدام.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

خلال التعلّم عن بعد استخدمت تطبيق Zoom لتنفيذ دروس مباشرة مع طلّابي، وحاليًّا أستخدم التطبيق في عمل لقاءات توعويّة وإرشاديّة لأولياء الأمور، خاصّة الأمّهات العاملات اللّاتي لا يتسنّى لهنّ الحضور للمدرسة للمشاركة في الندوات وورش العمل.

استخدمت خلال التعليم عن بُعد الألعاب الإلكترونيّة التي يمكنني من خلالها مراجعة المفردات وتنفيذ مسابقات، مثل تطبيق Kahoot، وحاليًّا أوظّفها مع طالبات نادي اللغة الإنجليزيّة، حيث لدينا فريق للنادي على تطبيق Microsoft Teams أستطيع من خلاله تنفيذ أنشطة مستندة إلى الإنترنت.

استخدمت أيضًا تطبيق Google Forms لعمل مسابقات واختبارات إلكترونيّة خلال التعلّم عن بُعد، وما زلت أستخدمه في عمل مسابقات إلكترونيّة لسهولة الحصول على النتائج، وإمكانيّة مشاركة أكبر عدد من الطلّاب. كما وظّفت خلال التعلّم عن بعد الـتسجيلات الصوتيّة، حيث يرسل لي الطلاب تسجيل صوتيّ بقراءة الدرس، أو فقرة مختارة أو قصيدة باللغة الإنجليزيّة، وحاليًّا أوظّف هذه التسجيلات على شكل برنامج إذاعيّ إلكترونيّ Podcast، ونشاركه مع مجتمع المدرسة على مواقع التواصل، بحيث أستطيع من خلاله تعزيز المهارات اللغويّة والمعرفة الرقميّة لدى الطالبات المشاركات.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

أحاول مخاطبة الجوانب الشخصيّة لدى طالباتي، وخلق الفرص التي يمكن لهنّ من خلالها التعبير عن أنفسهنّ والاحتفاء بمواهبهنّ، من خلال مشاريع الوحدة أو أنشطة النادي. فالتعليم القائم على المشاريع يجعل الطالب محور العمليّة التعليميّة، ويدمج التعليم بالحياة. وعلى سبيل المثال، لدينا في كتاب اللغة الإنجليزيّة درس عن الأولمبياد الصغير، قمت في نهاية الوحدة بتنفيذ حصّة في الساحة المدرسيّة، وعقد أولمبياد فعليّ وظّفت خلاله الطالبات مفردات وتعابير الوحدة. وبزرت، في هذا النشاط، مواهب الطالبات الرياضيّة، ومهاراتهنّ القياديّة، وتعززت لديهنّ روح العمل في فريق.

وفي نادي اللغة الإنجليزيّة، أعمل مع طالباتي على العديد من المسرحيات والأناشيد والقصائد والعروض التقديميّة. هذه الأنشطة تتيح الفرصة أمام الطالبات لتنمية مواهبهنّ المسرحيّة والغنائيّة والشعريّة والخطابيّة. كما تتضمّن أنشطة النادي عمل لوحات جداريّة ودفتر قصاصات Scrapbooks ومجلّات، ما يدعم تنمية مهارات الطالبات في الكتابة والرسم وتنسيق الصور، إلى جانب إثراء حصيلتهنّ اللغويّة وتوسيع آفاقهنّ.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

لا. برأيي المعلّم الناجح إنسان يمتلك المعرفة والمهارة والسمات الشخصيّة والظروف الداعمة التي تسمح له بالنجاح والتميّز. من المهم أن يتابع المعلّم مستجدّات علوم التربية، لكن هذا غير كافٍ. يجب أن يتوفّر لدى المعلم رؤية واضحة، وأن يعمل ضمن مؤسّسة ذات سياسات داعمة وأهداف محدّدة وخطط مناسبة، وأن يمتلك المعرفة والمهارات التربويّة، والرغبة والاستعداد للانخراط في برامج تطوير مهنيّ من خلال المؤسّسة التعليميّة التي يعمل بها، أو أي مؤسّسة أخرى ذات علاقة. ينبغي أن تكون له علاقات مهنيّة واسعة تمكّنه من مشاركة تجاربه والاستفادة من تجارب الآخرين، وأن يمتلك سمات شخصيّة، مثل العطاء والمثابرة والصبر والانتماء، بحيث يتعامل مع مهنته ليس كوسيلة لكسب الرزق، إنّما كرسالة سامية، وأن يعتبر طلّابه مسؤوليّة؛ بصلاحهم يصلح المجتمع، لا مجرّد إحصائيّات في سجلّ الدرجات.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

ما لاحظته بعد العودة للتعلم الوجاهيّ هو الاتجاهات الإيجابيّة نحو التعلّم الإلكترونيّ، ودافعيّة الطلّاب وتحمّسهم للانضمام للتجمّعات الإلكترونيّة الخاصّة بالمادّة، أو بالنادي، على مواقع التواصل أو منصّات التعلّم الرسميّة. هذا لم يكن موجودًا قبل جائحة كورونا. ولاحظت أيضًا زيادة المعرفة الرقميّة، digital literacy، ووجود الدافعيّة نحو "التعلّم الذاتيّ"، واكتساب مهاراته، مثل البحث على الإنترنت، واستخدام تطبيقات الترجمة، والوصول للمادّة السمعيّة الخاصّة بالمنهاج، وتوظيف الفيديوهات الشارحة للمنهاج، والمتوفّرة على يوتيوب في مراجعة الدروس وحلّ الواجبات.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطالب الشغوف بالتعلّم دائمًا متحمّس لمعرفة المزيد، ولتجربة أشياء جديدة، ولديه ما يكفي من الصلابة النفسيّة للنهوض في حال الفشل والاستمرار في المحاولة حتى ينجح. وأوظّف هذا الشغف من خلال الأنشطة الإضافيّة، مثل البحوث والتقارير والمهام، بحيث أخلق فرصًا للطالب لكي يستكشف ويجرّب ويتعلّم وينمّي مهاراته.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

برأيي الزيّ الموحّد مناسب جدًّا للطلّاب، إذ يمكنني أن أعتبره رمزًا للطالب؛ فالممرّض لديه زيّ موحّد يعبّر عنه، والمحاميّة لديها زيّ معيّن في المحكمة وهكذا. ويمكنني القول إنّ الزيّ الموحّد يمثّلُ تجسيدًا لمبدأ المساواة في الفرص، حيث أن الطلبة، على اختلاف خلفيّاتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة، لديهم فرصة متساوية لتلقّي التعليم الأساسيّ.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسي؟

أعتبر أوّل خمس دقائق في الحصّة التي يتم تخصيصها، بطبيعة الحال، لتهيئة الطلّاب في بداية الموقف التعليميّ، جزئي المفضّل في الحصّة، وفرصتي لخلق جوّ من المرح، وفتح المجال أمام الطلاب للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ انفعالاتهم، فمثلًا قد أستهلّ الحصّة بنشيد، أو بنشاط حركيّ، أو بلعبة تليها أسئلة بسيطة، مثل "مين متحمّس لحصّة اليوم؟ مين قام بتحضير الدرس؟ هل واجهتكم صعوبة أثناء حلّ الواجب؟ مين عنده خبر حلو بيحبّ يشاركنا ياه؟ مين عيد ميلاده اليوم؟" كما أنني أدير الحصّة وفقًا لمبدأ دمج أكبر عدد ممكن من الطلّاب في الحصّة، بحيث أصمّم أنشطة تساعدني في إشراك جميع طلاب الصفّ، على اختلاف مستوياتهم التحصيليّة ومهاراتهم.

أما الممارسات غير اليوميّة التي أسعى من خلالها إلى تحقيق الرفاه المدرسيّ، فتتضمّن تنفيذ أنشطة وفعاليّات احتفاليّة في مناسبات المدرسة، مثل: احتفال العودة إلى المدرسة، واحتفال وداع الصفّ التاسع، واحتفال نهاية العام، أو في مناسبات وطنيّة أو عالميّة، مثل اليوم العالميّ لحقوق الإنسان وغيرها. ويساعدني في ذلك عملي كمنسّقة للبرلمان الطلّابي في المدرسة، بحيث أستطيع تحديد احتياجات الطلبة من خلال الجلسات الحواريّة مع أعضاء البرلمان الطلابيّ، وتصميم أنشطة والتخطيط لمبادرات وحملات وتنفيذها بقيادة طلاب البرلمان على مستوى الفصول والمدرسة، ما يعزّز المشاركة الحقيقيّة للطلّاب في تحديد الأولويّات واتخاذ القرارات ووضع الخطط وتنظيم الحملات وتنفيذ الأنشطة، وهذا بدوره يساهم في تحقيق الرفاه المدرسيّ.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

أرغب في إثراء معرفتي في مجال التعليم والتنمية المستدامة، وتطوير مهارات الإدارة التربويّة لديّ. 

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

لا تتوقّف عن التعلّم. عندما تنخرط بصفوف المعلّمين وتتولّى تدريس مرحلة عمريّة معيّنة، قد تمرّ عدّة سنوات وأنت تشرح الدروس نفسها في الغرفة الصفّيّة نفسها باستخدام الوسائل التعليميّة نفسها، وهذا قد يصيبك بالملل ويضعف همّتك. ولكن إذا واصلت التعلّم واكتساب مهارات جديدة، ستجد أنك قادر على العطاء والتجديد باستمرار، بحيث لا تشعر أن السنة السابقة هي نسخة عن السنة الحاليّة، وستجد أن هناك متّسع للتأمّل الذاتيّ والتحسين والإبداع وتجربة استراتيجيّات جديدة، والاستفادة من تجارب الآخرين.