مريم المشرفيّة - باحثة تربويّة بوزارة التربية والتعليم - سلطنة عُمان
مريم المشرفيّة - باحثة تربويّة بوزارة التربية والتعليم - سلطنة عُمان
2025/11/21

ما الذي غيّرته الحروب والأزمات المُختلفة في العالم العربيّ، في نظرتكِ إلى التعليم؟

التعليم ليس رفاهية، بل خطّ الدفاع الأوّل في وجه الجهل والتفكّك. الأزمات جعلتني أؤمن أكثر بأنّ بناء الإنسان الواعي أهمّ استثمار لمستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا.

ما الذي تتمنّين لو يعرفهُ صنّاع القرار عن واقع المعلّمين اليوم؟ ولماذا؟

أن يظلّ صنّاع القرار على وعي بالضغوطات التي يواجهها المعلّمون يوميًّا، وأن تستمرّ جهودهم في دعم المعلّمين وتعزيزهم، لأنّ جودة التعليم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى تمكينهم وتحفيزهم، ولأنّهم حجر الأساس لأيّ تطوّر مستدام في المنظومة التعليميّة.

هل ما زال الكتاب المدرسيّ مصدرًا أساسيًّا للتعليم في صفّك؟

خلال عملي في التدريس، وطبيعة تخصّصي في تدريس مادّة تقنيّة المعلومات، لم أعتمد على الكتاب المدرسيّ مصدرًا وحيدًا، بل كان واحدًا من عدّة مصادر تعليميّة. دمجت بين الكتاب والمصادر الرقميّة والأنشطة التفاعليّة، ما أتاح لطالباتي فرصًا أوسع لاكتساب المعرفة بطرق متنوّعة تناسب احتياجاتهنّ التعليميّة المتعدّدة.

هل سبق وفكّرتِ بالاستقالة من المهنة؟ ما الذي جعلكِ تبقين؟

نعم، فكّرت بالاستقالة حين كنت معلّمة، نتيجة الضغوط والتحدّيات اليوميّة. لكنّني لم أترك حقل التعليم، بل انتقلت إلى العمل باحثةً تربويّة في وزارة التربية والتعليم. لإيماني بأنّ التعليم رسالة لا وظيفة، وأنّ العطاء في هذا المجال يستمرّ بأشكال مختلفة، وحرصًا مني على الاستمرار في أداء رسالتي التربويّة.

ما هي أهمّ المهارات التي يجب أن نُدرّب المتعلّم عليها في عصر الذكاء الاصطناعيّ؟

في عصر الذكاء الاصطناعيّ، يحتاج الطلبة إلى مهارات التفكير النقديّ، والتحليل، والتكيّف مع التغيّرات السريعة، وإدارة البيانات، وأخلاقيّات التعامل مع التكنولوجيا، حيث أنّ هذه المهارات تضمن لهم القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعيّ بوصفه أداة تعزّز إمكانيّاتهم وتدعم قدراتهم العقليّة، لا أن تحلّ محلّهم.

ما أهمّ استراتيجيّاتكِ في شدّ انتباه المتعلّمين؟

كنت أعتمد في تدريسي على تنويع الأساليب، كالتعلّم النشط، وربط المحتوى بحياة الطالبات، واستخدام الأسئلة المفتوحة، وتنمية حبّ الاستكشاف لديهنّ. كما كنت أؤمن بأنّ مشاركة الطالبات الفعّالة في العمليّة التعليميّة تمنحهنّ شعورًا بالمسؤوليّة، ما يجعل التعلّم أكثر جاذبيّة وتشويقًا.

هل ما زال تعبير "ضبط الصفّ" مناسبًا برأيكِ؟

اليوم نستخدم مصطلح “الإدارة الصفّيّة” الذي يعبّر عن تهيئة بيئة تعليميّة قائمة على الاحترام المتبادل، وتحفيز الطلبة على تحمّل المسؤوليّة. الإدارة الصفّيّة يجب أن تركّز على التفاعل الإيجابيّ، لا على فرض السيطرة.

ما الذي يجعلك تضحكين في المدرسة على الرغم من الضغوط؟ ولماذا؟

أكثر ما كان يجعلني أضحك في المدرسة عفويّة طالباتي في الصفّ الحادي عشر، وطبيعة هذه المرحلة العمريّة، وتعليقاتهنّ الطريفة التي تضفي على اليوم مرحًا على رغم الضغوط، التدريس مهنة سامية والمعلّم إنسان، والضحك طاقة ضروريّة لإعداد بيئة إيجابيّة، وبهذه الطاقة نقدّم العطاء بحبّ وشغف.

أكثر مقال تربويّ أعجبك قرأتِه في صفّحات مجلّة منهجيّات أو غيرها، ولماذا أعجبك؟

مقال “التعلّم عن قرب: التفاعل المجتمعيّ في تعليمنا وتعلّمنا”، من أكثر المقالات التي أعجبتني بوصفي معلّمة سابقة وباحثة تربويّة حاليًّا، هذا المقال يؤكّد أنّ التعلّم الحقيقيّ لا يحدث فقط داخل جدران الصفّ، بل يتعزّز بالتفاعل مع البيئة المحيطة والتجارب الحياتيّة اليوميّة. أبرز ما أعجبني في هذا المقال دعوته إلى تجاوز النماذج التعليميّة التقليديّة، والتركيز على التعليم الذي ينبع من الواقع، ما يعزّز مهارات التفكير النقديّ والإبداعيّ لدى المتعلّمين.

بصفتي باحثة تربويّة، أرى أنّ هذا التوجّه يتماشى مع أهداف التعليم الحديث الذي يسعى لإعداد جيل قادر على مواجهة تحدّيات العصر بتعليم مرتبط بالحياة، ويعزّز قدرات المتعلّمين على التفكير والتحليل والتطبيق.

إذا كتبتِ يومًا كِتابًا عن تجربتك في التعليم، ماذا سيكون عنوانه؟ ولماذا؟

سيكون العنوان: “مسيرتي في عائشة نبع الخير".

لماذا اخترت هذا العنوان؟

 في زوايا مدرسة حملت اسمًا عظيمًا، “عائشة أم المؤمنين”، تشكّلت ملامح رحلتي الأولى. كنت فيها طالبة من الصفّ الأوّل الابتدائيّ ولمدّة 12 سنة، وعدت إليها معلّمة. لم تكن مجرّد مدرسة، بل كانت نبعًا من الخير لا ينضب، شربت منه العلم واليقين بالعطاء. تحت شعار “عائشة نبع الخير”، غُرست في داخلي معاني الرسالة الحقيقيّة للتعليم: أن تضيء شمعة في درب الآخرين.

سنوات قضيتها بين الصفوف، لم تكن دروسًا تُلقى فحسب، بل كانت أيّامًا من البذل والتضحية، واليقين أنّ الأثر الحقيقيّ لا يُقاس بالدرجات، بل بالقلوب التي تُسقى فيها الأحلام.

واليوم، وأنا أحمل مسمّى “باحثة تربويّة”، أعود بذاكرتي إلى حيث بدأ كلّ شيء. فكلّ فكرة أكتبها، وكلّ موضوع أدرسه، ما هو إلّا امتداد لأوّل الخطوات، ولأوّل ابتسامة رأيتها في عيون معلّماتي وطالباتي.

“مسيرتي في عائشة نبع الخير” ليست حكاية وظيفة، بل قصّة عمر، كتبتها سنوات البذل والإيمان بأنّ التعليم الحقيقيّ يبدأ حين نضع قلوبنا قبل كتبنا.