مرسال حطيط- أستاذة تعليم ثانويّ- لبنان
مرسال حطيط- أستاذة تعليم ثانويّ- لبنان
2022/11/04

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

تعدّ المدرسة المكان الأساسيّ لمكوّنات المجتمع بكلّ أطيافه، وتقع عليها تبعات كثيرة ومسؤوليّات متعدّدة. لذا عندما تضع الحكومات ضمن برامجها وخططها تطويرَ المجتمع والنهوض به، عليها أن ترسم في سلّم أولوياتها السياسة العامّة للإدارة التربويّة، وذلك بهدف خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة. وتعتمد هذه السياسة على: 

  • - التخطيط: من خلال وضع أهداف وجدول أعمال، والعمل على توظيف الإمكانات البشريّة والمادّيّة الموجودة في المدرسة.
  • - تنظيم الموارد المتاحة لدى المدرسة: العامل البشريّ، والوقت، والموادّ التعليميّة... من أجل تحقيق الأهداف المرجوّة بشكل غير مكلف، وضمن الموازنة والموارد المتاحة للمدرسة. 
  • - وجود نظام ديمقراطيّ حقيقيّ داخل المؤسّسة، مبنيّ على أسس التفاهم والمعرفة والاحترام بين الموظّفين والإدارة المدرسيّة.
  • - دمج الخبرات بين أطراف المنظومة التعليميّة كاملة: المعلّمين والإداريّين والطلّاب وأولياء الأمور، وغيرهم من السلطات المحلّيّة والجمعيّات الخاصّة والرسميّة، وجعلهم شركاء في وضع الرؤية المدرسيّة، ورسم الخطط وتنفيذها. وذلك بهدف خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؛ فتصبح المدرسة المكان الرئيس لبناء التواصل المجتمعيّ وبناء الإنسان.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

لقد استخدم المعلّمون خلال فترة التعليم عن بُعد وسائل وتقنيّات حديثة، لم تكن متوفّرة لهم في التعليم الوجاهيّ بشكلٍ عام، بالرغم من كلّ الصعوبات اللوجستيّة والمادّيّة وحتّى البشريّة؛ وحيث وجدنا أنفسنا أمام تحدّيات عديدة دفعت بنا إلى البحث عن وسائل وتقنيات للتطوير الذاتيّ للمعلّم وللمتعلّم. لذا، وبعد العودة إلى التعليم الوجاهيّ، وجد المعلّمون أنّهم باتوا يستخدمون هذه الوسائل في حياتهم اليوميّة والعمليّة، وبالتالي أصبحت جزءًا من عملهم، ومن التقنيّات والوسائل المعتمدة في التعليم: الأجهزة التكنولوجيّة التي تُستخدم فيها الوسائل البصريّة والسمعيّة، واستعمال استراتيجيّات تعليميّة ناشطة: كالتعلّم من خلال المناقشة، والتعلّم التعاونيّ، وتعلّم الأقران، والتعلّم المتبادل، والتعلّم من خلال الاستقصاء والبحث وغيرها.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

لقد كانت فترة التعليم عن بُعد فرصة لاكتشاف العديد من المواهب والاهتمامات لدى المتعلّمين، لم تكن تحاكي قدراتهم سابقًا. كما منحت هذه الفترة التلاميذ الفرصة لاكتشاف ما لديهم من قدرات، فقد دفعت بالعديد منهم إلى ابتكار أبحاث تضمنّت، في العديد منها، تقنيّات تمكّن المتعلّمون من تطويرها للوصول إلى تقديم إنتاج أفضل. ومن هذه المواهب: تحضير الأفلام وعرضها، وعزف الموسيقى، وحتّى الأنشطة الرياضيّة والفنّيّة، كالتمثيل وإلقاء الشعر. وقد كان للعديد من المعلّمين الدور الأهمّ في اكتشاف هذه المواهب وصقلها ورعايتها رغم كلّ الصعوبات التي واجهتهم.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

المعلّم الناجح هو الذي يعمل على تطوير قدراته والعمل بشكلٍ دائم على متابعة المستجدات في علوم التربية، وكلّ ما يتضمّنها من اطّلاع على التقنيّات والاستراتيجيّات المعتمدة محلّيًّا وعالميًّا، لتمكين مكتسباته العلميّة والتربويّة والنفسيّة، وذلك لأنّ المعلّم تقع على عاتقه تنشئة الأجيال وبناء المجتمعات. 

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

يمكننا لحظ العديد من المتغيّرات لدى الطلبة في فترة التعليم عن بُعد، ويمكننا أن نشير إلى البعض منها: متغيّرات سلوكيّة، وتعليميّة، ونفسيّة.

1. السلوكيّة: ظهرت من خلال تصرّفات الطلبة كالفوضى، والاستهتار، والشغب...
2. التعليميّة: وتفاوتت بين طالب وآخر، البعض طوّر قدراته التقنيّة حتى جاوز معلّميه، وآخرون تراجعت مكتسباتهم وتدّنت مستوياتهم، بسبب عدم القدرة على المتابعة، أو لعدم المتابعة من الأهل.
3. النفسيّة: ربّما تعتبر التغيّرات النفسيّة من أكثر الصعوبات التي واجهت المعلّمون والطلبة والأهل خلال فترة التعليم عن بعد، وذلك بسبب الضغوط التي تعرّض لها الجميع؛ إذ فُرضت الجائحة بذيولها وانعكاساتها على الجميع، وقد ترتّب على عاتق المدرسة والأهل الكثير من المسؤوليّات والإلتزامات، لم يكن سهلًا وضع حلول سريعة لها.

لذا، كان على الإدارة المدرسيّة العمل على وضع خطط للتعامل مع ما تطلّبته الأزمة، من خلال التواصل مع الأهل للتعاون في تخفيف الصعوبات، والعمل على بناء علاقة متينة بين الأهل من جهة، وبين المعلّمين والطلبة من جهة ثانية. أضف إلى ذلك بناءَ جسور للتواصل، وجعل المنظومة المدرسيّة بكلّ مكوّناتها قابلة للتغيير والتعديل بناءً على الظروف المستجدّة، وخصوصًا ما يتطلّبه التطوّر التكنولوجيّ، أو ما يسمّى بالعصر الرقميّ.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطالب الشغوف هو من يمتلك الطاقة، ولديه شعور قويٌّ نابع من التركيز على ما يثير حماسه وانتباهه. وهو من يهتّم بأدّق التفاصيل في ما يتعلّق بدرسه ليس من أجل النجاح وحسب، بل من أجل الوصول إلى يرضي طموحه وشغفه بالتعلّم. ومن هُنا، تقع على المعلّم المسؤوليّة في كيفيّة توظيف هذا الشغف وتقديره، والعمل على تشجيع الطلبة الشغوفين بالتعلّم وتوجيههم إلى الإبداع والتميّز ومساعدة زملائهم في البحث والابتكار.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

هناك نظريّتان حول الزيّ، الأولى تعتبر الزيّ الموحّد ضرورة معنويّة لأهمّيّته في المساواة بين الطلبة، ومراعاة الفروقات المادّيّة بينهم. والثانية تربويّة، من حيث أنّه يحافظ على الشعور بالارتباط بالمؤسّسة التربويّة؛ إذ يحمل شعار المؤسّسة ويزيد من حسّ الإنتماء إليها. لذا، يُعتبر الزيّ المدرسيّ ضروريًّا لما يحمله من رمزيّة توّحد الطلّاب، وتشدّ ولاءهم لمدرستهم.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسي؟

  • - تأمين بيئة ملائمة للطلّاب من خلال العمل على توفير فرص التكافؤ في ما بينهم.
  • - تشجيع الطلّاب على القيام بالأنشطة المحفّزة.
  • - اعتماد النقاش والحوار للاستماع إلى مشاكلهم من خلال التواصل الإيجابيّ، ومنحهم الفرص لاقتراح الحلول.
  • - مشاركة الطلاب باقتراح المشاريع، والعمل على وضع الخطط والبرامج لتنفيذها.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

هناك مجالات عديدة للتطوير المهنيّ للمعلّم، وذلك بهدف رسم هويّة خاصّة به، ولتحقيق ذلك علينا اعتماد الخطوات الآتية:

  • - التمكين من خلال الدراسة المستمرّة للحصول على المعرفة واكتساب الكفايات اللازمة.
  • - تطوير المهارات الشخصيّة من خلال حضور الدورات التدريبيّة (التدريب المستمرّ)، والمشاركة في المؤتمرات العلميّة والثقافيّة وغيرها.
  • - التزوّد بالمهارات التقنيّة، والتعرّف إلى أهمّ الوسائل التربويّة والأكاديميّة المعاصرة.
  • - الاطّلاع على الأبحاث العلميّة والأدبيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، والإلمام بكلّ التطوّرات المهنيّة ومعرفة كيفيّة استخدامها في تطوير هويّته التعليميّة.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

أن تصبح معلّمًا، يعني أن تعمل على كل ما ورد ذكره سابقًا، والتزوّد بالصفات الآتية:

  • - حب المعرفة والبحث، والاهتمام بالمظهر الخارجيّ، والتزوّد بالخبرات المهنيّة والعلميّة والسلوكيّة، وأهمّها: المهنيّة، والتواضع، والاحترام، والتواصل الإيجابيّ مع الآخرين، والتطوير الذاتيّ المستمرّ.

ولكي تصبح معلّمًا، عليك أن تحبّ هذه المهنة بكلّ ما فيها من صعوبات قد تعترضك، وأن تضع هدفًا واحدًا أمامك، ألا وهو "بناء الإنسان".