محمّد تيسير الزعبي- خبير تطوير أساليب تدريس اللغة العربيّة- الأردن
محمّد تيسير الزعبي- خبير تطوير أساليب تدريس اللغة العربيّة- الأردن
2021/11/30

كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

أظنّه سيكون أقرب للواقعيّة المجتمعيّة التي يعيش فيها الطفل، فالإنسان ابن بيئته وفيها ينمو ويكبر، ويكتسب عادات من يتعامل معهم، ويعيش في محيطهم، والمدرسة بوصفها مكانًا للتعلّم جاءت استجابة للتطوّرات الحياتيّة، فمثلما يوجد مكان للعبادة ومكان للصناعة صار لا بدّ من وجود مكان للتعلّم، فكانت المدارس، التي تطوّرت من صورة إلى صورة، حتى وصلت إلى ما نجدها اليوم.

وفي ظلّ تجربة التعلّم عن بُعد أظن أن المدرسة اكتسبت قيمة إضافيّة، وأظن أنها كانت متّهمة فيما ليس فيها، وأنها كانت تتحمّل مسؤوليّة عظيمة لا بدّ أن نجد من يشاركها تحمّلها بعد الجائحة، لتحقيق مصلحة الطلبة وفق ما يريدها الأهل والمدرسة معًا.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصح بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

"طوّل بالك على الطلبة". هذا ما أنصح به، والأمر، هُنا، ليس نظريًّا، بل توجد مساقات اليوم لتدريب الناس على التحكّم بالمشاعر وإدارة الغضب، لذلك متى نجح المعلّم بالتحكّم بردّات فعله تجاه تصرفات الطلبة، فإن هذا التحكّم سيساعده على تعليم الطلبة بصورةٍ أفضل.

 

ما هو تعريفك للدهشة؟ وكيف وصلت إلى هذا التّعريف؟

الدهشة هي لذّة اكتشاف جديد.

وصلتُ إلى هذا التعريف عندما لمحتُ في عيون الطلبة أو المتدرّبين فرحة اكتساب تعلّم جديد أو معرفة حديثة، فأنا أؤمن أن الطالب يأتي إلى المدرسة لاكتشاف شيء جديد، وهو بالأساس ليس صفحة بيضاء، فإذا لم يجد ما يكتشفه سيشعر بالإحباط، ويصاب بالخذلان. الأمر ذاته ينطبق على المتدرّبين الذين يسعون للتنمية المهنيّة، يبحثون عمّن يضيف لخبراتهم وينفرون من المدرّب الذي لا يأتي بجديد، أو يضيف إلى معارفهم معارفَ جديدة.   

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتك التعليميّة؟ لماذا؟

التأمّل.

لا أقصد به التعمّق الفلسفيّ بقدر إثارة التساؤلات حول: لماذا حدث ذلك في الغرفة الصفّيّة؟ حصر التأمّل داخل عناصر المجتمع المدرسيّ يُضفي عليه تركيزًا يسهّل الوصول إلى معالجة التحدّيات التي تواجه المعلّمين، فكثير من المعلّمين يبذلون جهدًا كبيرًا في الغرفة الصفّيّة لكن نتائج طلبتهم لا توازي الجهد الذي بذلوه، هُنا، تكمن أهمّيّة التأمّل الذي يفضي إلى إثارة أسئلة تأمّليّة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بما يواجهه المعلّم.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيك؟ لماذا؟ 

الذي يثير الأسئلة، يتمرّد على التلقين، ويحاول دومًا ربط الأفكار للخروج برأي خاصّ مدعّم بأدلّة ومبرّر، يتبنّاه ويدافع عنه.  

 

حسب معاييرك، كيف تصف المُعلّم المُلهم؟  

المعلّم الملهم لطلبته هو الذي يركّز في تعليمه في نقطة تعلّم واحدة في الموقف التعليميّ الواحد، ويعبّر عن نقطة التعلّم هذه بنموذج واقعيّ ضمن سياق اجتماعيّ يشبه السياقات التي يعيش فيها الطلبة، ويلهم بنموذجه الواضح الطلبة لمحاكاة هذا النموذج والاقتداء به. والمعلّم الملهم لزملائه هو المعلّم الذي لا يتذمّر من مهنة التعليم أو يشتكي منها، أو يستسلم للتحدّيات بسهولة، وحتى لو كان في ذهنه رغبة بمهنة أخرى ويسعى إليها، تجده يعلّم من قلبه وروحه ريثما يُحقّق ما في خاطره.

 

ما هو الموقف الذي تندم عليه في مسيرتك التعليميّة؟

أندم على أنني لم أكن قريبًا بالقدر الكافي من الطلبة لأفهم احتياجاتهم وميولهم، وألبّي طموحاتهم بحصص مختلفة. اكتشفت أهمّيّة هذا الأمر الكبير متأخّرًا. اليوم أحاول تعويض هذا الأمر بنصح المعلّمين وتوجيه اهتماماتهم نحوه، دون أن يكون معناه التدخّل في خصوصيّات الطلبة واقتحام عوالمهم الذاتيّة أو الأسريّة.

 

برأيك، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟

تؤثّر بالدرجة التي تتبع فيها نمط الإدارة، فإذا كانت الإدارة مبنيّة على المصالح الشخصيّة والأهواء الذاتيّة وتتبع العلاقات فتكون ذات تأثير سلبيّ، وتُرتّب على المعلّم الماهر عبئًا إضافيًّا بأن يبقى يقنع نفسه، يوميًّا، بألّا ينجرّ إلى عواقب هذا النمط في الإدارة، وما يترتّب عليه من نفاقات ومجاملات لا تفيد بيئة العمل، وتقدّم المقرّبين من الإدارة وتبعد المنتجين المتميّزين، بينما إذا كانت الإدارة قائمة على المهنيّة، وتحقيق مصلحة الطلبة فإنّها ستريح المعلمين جميعًا، وتدفع من تحدّثه نفسه بالتقصير والمداهنة إلى التخلص من هذه السلوكات السلبيّة وإلا سيجد نفسه خارج أسوار المدرسة.

 

ما الذي تُريد أن تمحوهُ من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟

التلقين، وأن يبقى المعلّم يتكلّم ويشرح منذ لحظة دخول الصفّ إلى الخروج منه.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليك وعلى تجربتك في الحياة؟  

"سيرة خليفة قادم" للكاتب: أحمد خيريّ العمريّ.

هذا الكتاب يعرض فكرة أساسيّة في الفكر الإنسانيّ وهي أن لكلّ إنسان دوره في الدنيا، وأثره الذي يجب الذي يكون واضحًا، الكتاب يشبه خريطة تصل إلى مكان محدّد، لكن الوصول يكون بعد عثرات تأمّلها القارئ وعالجها في الطّريق إلى الوصول.