لور عبد الخالق الأعور- مدرّبة ورئيس قسم لغة عربيّة- لبنان
لور عبد الخالق الأعور- مدرّبة ورئيس قسم لغة عربيّة- لبنان
2023/03/31

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

الإدارة المدرسيّة التي تعي أنّها وسيلة لتنمية شخصيّة المتعلّم، والتي ترتكز على أصول علميّة وأخلاقيّة، لا شكّ أنّها ستكون مميّزة في سياستها. وهي التي توفّر القوى البشريّة والإمكانيّات الماديّة حتّى تتمكّن من تأدية وظائفها لتحقيق أهدافها. كما تعتبر التلميذ المحور فتزوّده بالخبرات، وتقوم بتهيئة الظروف، وتساعد في سبيل تحقيق النموّ المتكامل لشخصيّته، وتعمل على رفع أداء المعلّمين للقيام بتنفيذ مهامهم وتطبيق المناهج، واطلاعهم على كلّ مستجدّ من معلومات ومعرفة ووسائل وطرق تدريس حديثة.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

في التّعليم عن بعد كما في التّعليم الوجاهيّ، على المعلّم استخدام طرق وأساليب متنوّعة، ووسائل وتقنيّات لجذب الطّلّاب وشدّ انتباههم، فما زلت أوظف العديد من التقنيات كلًّا بما يتلائم مع المرحلة التي أعلّمها؛ فهناك (Google Forms) و(Nearpod) و(Quizizz) و(Live worksheets) و(Flip) و(Wakelet)، و(Wizer me)، وغيرها بما يخدم الأهداف وللتنويع في محاكاة مهارات التفكير العُليا.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

نظريّات الذّكاءات المتعدّدة تساعد على فهم قدرات واهتمامات وميول التّلاميذ، وتوظيفها في تنمية مهارات القراءة والكتابة، وتحديد نقاط القوّة والضّعف عندهم أكثر من مهمّة. ولذا، قمت بالعمل على معرفة اهتمامات كلّ طالب وتحديدها. ثمّ وظفت في تخطيطي ما يتناسب مع شغفه، أخذًا بعين الاعتبار ذكاء كلّ منهم سواء رياضيًّا، وموسيقيًّا، ولغويَّا، ومنطقيًّا، ومكانيًّا، وحركيًّا، واجتماعيًّا... وكنت أعطي النشاطات التي تساعد في إبراز ذكاء كلّ منهم.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

المعلّم النّاجح هو المعلّم المتمرّس في طريقة تعامله مع الطلّاب لجعلهم أكثر تفاعلًا، وذلك من خلال اختياره لطرق شرحه الدّروس، وكمّ المعلومات التي يضعها ليس فقط بين أيديهم، بل تلك التي ترسخ في أذهانهم ليوظّفوها في حياتهم. هو يوظّف الطّرق الواعية والأساليب الناّضجة والاستراتيجيّات الفعّالة، ويتمكّن من معرفة طلّابه وأنماطهم، ويحدّد أهدافه من العمليّة التعلّميّة.

ما أقصده: لا يمكن أن تكون علوم التربية الوحيدة التي تجعل المعلم ناجحًا. أمّا عن لماذا، فهذا يعتمد على مستجدّات كثيرة على المعلّم التمتّع بها في العصر الرقميّ، لناحية الاستراتيجيّات المبتكرة والتّقنيات الحديثة لتعليم المواد والمهارات بشكل أكثر فعاليّة، إلى جانب غرس مبادئ البحث والنظريّة لتوصيف التنبؤ والتعامل مع السلوك، أو لناحية رفع مستوى مهارات التفكير الناقد.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

للتعليم عن بُعد سلبيّاته وإيجابيّاته. ظهر ذلك بشكل واضح بعد العودة للتعليم الوجاهيّ، خصوصًا عند تلامذة الروضات والحلقتين الأولى والثانية؛ فقد حَرَمَ التّعليم عن بُعد الطالب من التفاعل المفيد لبناء شخصيّته إلى حدّ ما. ولكن في المقابل، ظهرت عنده تلك الاتّجاهات الإيجابيّة نحو التعلّم الإلكترونيّ، ومنهم من كان متحمّسًا للإبقاء على التقنيّات، كما ظهر الإلمام أكثر بالعالم الرقميّ، وصاروا يعرفون معنى التعلّم الذاتيّ، وكيفيّة البحث عن المعلومات من دون الاعتماد على المعلّم في تلقينهم إيّاها. أحببت إبداعهم في العروض التقديميّة، وتصوير الفيديوهات، ومشاركاتهم في لقاءات وتدريبات في البرمجة، مثل "سكراتش" و"بلوتاغون". وظلّ البعض منهم يستخدم تطبيقات حسب نمطه التعليمي، كمثل استخدام (Coggle) لرسم الخرائط الذهنيّة. أقصد أنّ البعض اكتشف الطريقة التي يتعلّم بها بحسب نوع ذكائه.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطّالب الشّغوف بالتّعليم هو الذي يبذل مجهودًا كبيرًا لتعلّم الموادّ، ويسعى لتحسين مستواه مهما كانت الظروف، وكيفما كان وضع التعلّم. يكون لديه حسّ المبادرة الفوريّة، والابتكار لأساليب تناسبه. وهو الذي يمتلك عقليّة النّمو، ويتّصف بالشجاعة، والتفكير الإيجابيّ، يواجه التّحديات الصّعبة، والشّعور بالخوف من كلّ جديد. لا بدّ أنّ الاجتهاد والمثابرة والقدرة على التعامل مع الفشل والقدرة على وضع الأهداف تعتبر أساسيّات في شخصيته. هو كالمعلّم الصغير، أو الباحث أو القائد المدرّب، أو المشرف والميسّر. أنا أؤمن أنّ على المعلّم جعل الطالب في مكان المدافع عن حلمه ومستقبله، حتّى يُقبل بشغفٍ على العلم والمعرفة.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

 أنا مع الحرّيّة الفرديّة، لكنّني مع الإبقاء على الزّيّ المدرسيّ لما يعكس من ترتيب وتناغم وانضباط داخل المدرسة. وأرى أنّ الالتزام بالزّي المدرسيّ يجعل التّعليم والدّراسة أكثر جديّة بالنّسبة إلى الطالب، ويحسّن من انضباطه ويشعره بالعدل والمساواة، فلا يقارن نفسه بزملائه الذين يرتدون ملابس باهظة الثمن أو بخسة. ولا شكّ أنّ الالتزام بالزيّ المدرسيّ يقلّل من العنف والتنمّر بين التلامذة من حيث المظهر الخارجيّ.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟

أنقل الانتماء إلى طلّابي، وأجعلهم يشعرون بالأمان والرضا، أعكس لهم الهدوء والسعادة وحبّ العطاء، وأشعرهم براحتي النفسيّة والاجتماعيّة والعاطفيّة... أسمح للطلّاب بالتعبير عن رغباتهم، فهذا يجعلهم يشعرون بالمسؤوليّة. وأوظّف مختلف الطرق والأساليب التي تبعد الملل، مثل تعلم الأقران، ربط المادّة بالحياة الاجتماعيّة، النشاطات المتنوّعة وريعها للمسنّين، أو مرضى السرطان، أو المساعدة في ترميم أو تقديم المساعدة لأسرٍ محتاجة.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

حاليًّا أنا مدرّبة استراتيجيّات وتقنيّات، شاركت في ملتقيات ومؤتمرات خاصّة بتحدّيات التعليم الإلكترونيّ، والتخطيط الفعّال، والمرأة والتكنولوجيا، وما زلت أتابع شغفي وأودّ المتابعة في التدريب.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

نصيحتي أن يعرف نفسه تمامًا، يفهم رسالته في الحياة، يكون قائدًا محبًّا للعطاء صبورًا، شغوفًا بما يفعل، فخورًا بكونه معلّمًا/ معلّمة، ساعيًا دومًا إلى التطوّر، مدركًا خطورة الدور الذي يقوم به، فعليه تقع مسؤوليّة بناء الأجيال، والأوطان.