كيف يمكن لكتابة فلسفتك التعليميّة ومراجعتها أن تغذّي ممارستك؟
كيف يمكن لكتابة فلسفتك التعليميّة ومراجعتها أن تغذّي ممارستك؟

"يكتب الكثير منّا فلسفاته التعليميّة في بداية حياته المهنيّة. وتحمل العودة إلى تلك المعتقدات نفسها، بعد سنوات، القدرة على تحديث ممارساتنا"

بقلم: كايسي دوجرتي

10 إبريل 2023 

 

في عامي الثامن والعشرين في التعليم، أجد نفسي أعيد قراءة فلسفة التعليم التي كتبتها بعد تخرّجي من الجامعة سنة 1994. وهي بيان راجعته سنة 2002، ثمّ راجعته مرّة أخرى ما بين سنتي 2012 و2015. والآن، أجلس هنا، سنة 2023، أتذكّر كلّ ما كنت أعتنقه ذات مرّة.

أزعجني قليلًا ما قرأته في بعض الأحيان. يبدو الأمر وكأنّ التعليم يتطوّر ببطء؛ ولكن، في أحيان أخرى، يحصل التقدّم بسرعة كبيرة إلى درجة أنّني لا أعرف ما إذا كانت معتقداتي سنة 1994 قد تجاوزها الزمن. ما الذي لا يزال صحيحًا؟ وما الذي تغيّر خلال السنوات التي قضيتها في التعليم؟

فلسفتي الحاليّة تشبه في جوهرها تلك المسودّة الأولى، وهي بمثابة بوصلة داخليّة تشير إلى الشمال، وتذكير بالهدف. تساعدني إعادة قراءتها على إدراك تغيّر الفصول الدراسيّة والمجتمعات والمحتوى، لكنّ البوصلة الأصليّة لم تتغيّر، بل حفظتني من الضياع.

كنت أميل إلى القيادة في بعض العبارات، مثل "يمكن لجميع الأطفال التعلّم" و"أريد أن أخلق متعلّمين مدى الحياة". ما زلت أتمسّك بهذه المعتقدات، ولكن عندما قرأتها بعينيّ المتمرّستين، أصبحت لديّ رؤية أعمق للـ"كيف"، أي للاستراتيجيّات التي يمكن أن تجعل هذه العناصر وغيرها من فلسفتي ممكنة في الصفّ الدراسيّ.

أدناه، أشارككم مبادئ فلسفتي واستراتيجيّاتي– لتفعيلها المستمَدَّة من عقود الممارسة – مع الدعوة الشاملة إلى كتابة فلسفتك التعليميّة التي قد تكون– كما كانت بالنسبة إليّ – بمثابة دليل إرشاديّ أثناء تطوّرك خلال كلّ مرحلة من مراحل حياتك المهنيّة.

 

وفِّر الاختيار 

نحن نتعلّم عندما نشعر بالتحفيز، وعندما يُثار فضولنا. أعلم ذلك عن نفسي، وأعتقد هذا عن طلّابي، ممّا يجعلني أرغب بأن يُشبِع جميع طلاّبي فضولهم الطبيعيّ. في كثير من الأحيان، في سنوات المراهقة، يحاول الطلّاب الوصول إلى نهاية اليوم المدرسيّ بمحاضرة واحدة، تتلوها ورقة عمل، أو بتحليل الأدب، أو التفكير في مسائل الرياضيّات التي لا تبدو ذات صلة بحياتهم. هل هي مجرّد طقوس للاجتياز؟

لا أعتقد ذلك، توفير الاختيار- مثل تنويع النصوص التي نقدّمها، وتعزيز وكالة الطالب بمهمّات القراءة والكتابة - يؤدّي إلى تعميق الاستقصاء والمشاركة واستمراريّتهما، ووضع الطلّاب في مقعد القيادة. 

 

القيادة بالتعلّم

يعدّ توجيه نفسك، متعلّمًا رئيسًا في الفصل الدراسيّ، أمرًا بالغ الأهمّيّة لمساعدة الطلّاب على التقدّم في تعلّمهم. لاحظت أنّ الطلّاب يشاركون مشاركة تامّة عندما أكون مشاركةً وشفّافةً بشأن فضولي. 

إذا طلبت إلى طلّابي أن يكتبوا، أكتب معهم. إذا طلبت إلى طلّابي أن يقرؤوا، أقرأ معهم. وبالرغم من أنّ هناك العديد من الأيّام التي أعقد فيها اجتماعات مع الطلّاب، أو أقود دورسًا صغيرة، إلّا أنّ قضاء بضع دقائق في القراءة والكتابة معًا، ينتج عنه تعليم متّصل وشعور قويّ بالانتماء المجتمعيّ، يغذّيهما استقصاء أصليّ بأسلوب البالغين. 

 

اطرح الأسئلة، ثمّ المزيد من الأسئلة 

نحن نطرح العديد من الأسئلة، كوننا معلّمين ومتعلّمين مدى الحياة. نحن ندرك بقوّة أنّ الأسئلة الجيّدة ليست مجرّد أسئلة مقيّدة بـ"نعم" أو "لا"، ولكنّها أسئلة استقصائيّة تجعلك تميل برأسك وتفكّر قبل أن تتحدّث. 

أن تطرح أسئلة عميقة لا تؤدّي إلى تحسين التعليم القائم على التأمّل الذاتيّ فحسب (على سبيل المثال: كيف يمكنني أن أصبح معلمًّا أفضل؟ كيف تتغيّر الكتابة إذا بدأنا بالمحادثة أوّلًا؟ ما أفضل الطرائق لبناء المجتمع في فصلي الدراسيّ؟)، بل يحسّن أيضًا التدريب والاجتماع مع الطلاّب (على سبيل المثال: ماذا يحدث إذا عكست هذه الفقر؟ كيف يدفعك سلوك هذه الشخصيّة إلى الاعتقاد بأنّ قبول الذات موضوع كتابك؟ قبل أن تبدأ، كيف يبدو المنتج النهائيّ بالنسبة إليك؟). الأسئلة المفتوحة تدفع إلى تعميق التفكير والمناقشة.

 

تعلّم من الطلّاب 

ربّما أكثر ما أقدّره في التعليم الدروس التي أتعلّمها من الطلّاب عن الحياة في الفصل الدراسيّ أو خارجه. أطلب إليهم التوجيه والنصائح في ما يتعلّق بتعليمي، وأطلب إليهم التفكير في ما يحدث في فصلنا الدراسيّ، وتمنحني هذه الملخّصات نظرة ثاقبة حول كيف يمكنني تغيير أدقّ التفاصيل لتحسين تعلّمهم؟

أمّا بالنسبة إلى الدروس التي تتجاوز بيئة التعلّم، فأتذكّر الوقت الذي بدأ فيه طالب أعرفه جيّدًا بإلقاء خطاب وداعي لزملائه. قال وهو يبكي: "لديّ المزيد ممّا أظهره في هذا الفصل".

فكّرت: "كم صحيح ذلك!". كم صحيحة عبارة هذا الطالب التي تصفنا جميعًا، في كلّ ما نقوم به. هناك ما هو أكثر ممّا نظهره في أيّ موقف معيّن، ولا تزال رؤيته تذكّرني به.

 

كن مرنًا 

في التعليم، كلّ شيء يتغيّر دائمًا. تحتاج الدروس إلى التعديل، والتقييمات إلى ضبط، والمهمّات إلى إلغاء في بعض الأحيان. اليوم فقط، في نهاية الساعة الثالثة، قلت لطلّابي: "لم تكن هذه هي الطريقة التي تصوّرت بها الفصل الدراسيّ اليوم، أريد التغيير..." وشرعت في إجراء التعديلات. 

عندما لا تنجح الخطط، من المهمّ المضيّ مع التيّار. وتذكّر أنّ أفضل المعلّمين يتمتّعون بالمرونة الكافية للاعتراف بعدم نجاح خططهم. فهم منفتحون على التغيير، ويعَدُّون نماذج للتكيّف، ويعلّمون الشباب، بأن يكونوا مثالًا لهم، كيفيّة الاستجابة لكلّ ما هو غير متوقع. 

 

دورك 

في مناخ تعليميّ مشحون سياسيًّا، ومدفوع بالاختبارات الموحَّدة، كيف يمكننا التمسّك بأنّ ما نؤمن به يحدِث فارقًا؟

للفلسفة والتربية أهمّيّة أكبر في مواجهة الصراع والتغيير، ومساعدة الطلّاب على الشعور بالثقّة والقوّة والاستعداد تجعلني جديرة بأن أكون معلّمةً. وبالعودة إلى الـ"لماذا"، تذكّرني بأنّ الفصل الدراسيّ يحمل هذه الإمكانيّة. 

لتأسيس ممارستك الخاصّة، بغضّ النظر عمّا إذا كنت في سنتك الأولى أم الخامسة عشرة في مجال التعليم، اكتب فقرة أو ارسم رسمًا بيانيًّا أو مخطّط رؤوس أقلام يمثّل فلسفتك التعليميّة. هل ما وضعته يتوافق مع نهجك الأصليّ في التعليم؟ ما الذي تغيّر؟ وما الذي ظلّ على حاله؟ كيف يمكنك مشاركة فلسفتك واستراتيجيّاتك لتطبيقها مع الآخرين؟ 

 

Originally published (April 10, 2023) on Edutopia.org. [How Writing and Revisiting Your Teaching Philosophy Can Fuel Your Practice] was translated with the permission of Edutopia. While this translation has been prepared with the consent of Edutopia, it has not been approved by Edutopia and may therefore differ from the authentic text. In cases of doubt the authentic text should be consulted and will prevail in the event of conflict.