كريمة زاهي- مستشارة التوجيه والإرشاد المدرسيّ والمهنيّ- الجزائر
كريمة زاهي- مستشارة التوجيه والإرشاد المدرسيّ والمهنيّ- الجزائر
2022/12/30

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

الوعي بأهمّيّة الشعور الداخليّ بالشغف والرغبة في الالتحاق بالمدرسة يوميًّا، بطريقة متكرّرة دون كلل ولا ملل، بالنسبة إلى طلّاب العلم أو مقدّميه، يستوجب على سياسات المدرسة وإدارتها تحويل هذا الفعل من فعل ميكانيكيّ إلى إراديّ. وبالتالي، الانطلاق من دافع وحاجة ورغبة في التلقّي والعطاء، كما خلق روح الانتماء وإحساس كلّ من التلميذ والمدرّس بأهمّيّة وجوده داخل هذا النسق الذي يخلق النجاح.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

الصفّ المقلوب كاستراتيجيّة بحثيّة تربويّة تُمكّن الطالب من مهارات عديدة، وتصل بنا كنتيجة إلى تعزيز التعلّم الذاتيّ.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

الإصغاء لهم وتشجيعهم ورفع دافعيّتهم للإنجاز، ورفع مستوى تحدّياتهم، وفتح المساحة أمامهم لترك بصمتهم الفنّيّة في المدرسة، خصوصًا عند اكتشاف كلّ طالب للفنّان الذي بداخله، فلا يحتاج سوى إلى يديه لتزيين المحيط المدرسيّ وتنفيذ جداريّات مدرسيّة.

كما أسعى دائمًا للاعتراف بهم وتوجيههم نحو الإنجاز الفعليّ، وفتح آفاق أمامهم لتحقيق ما يحلمون به، وتعريفهم بإنجازات الفنّانين الراشدين في مجتمعهم، والمسارات الحياتيّة والمهنيّة التي مكّنتهم من تحقيق ذواتهم.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

إنّ متابعة مستجدّات علوم التربية عنصر مهمّ في العمليّة التعليميّة، وفي زيادة الفهم وتحيين المعارف، لكنّها ليست الشرط الوحيد لنجاح المعلّم، كون التعليم عمليّة إنسانيّة ديناميّة تتطلّب خصائص متنوّعة لشخصيّة المعلّم، وترتبط بالفئة التي يتعامل معها، وبالمجتمع كذلك. هُنا قد تكون خصوصيّة الأفراد مساحة للمعلّم، ليبتكر طريقة تكيّفيّة للمستجدات التربويّة، وخلق استراتيجيّات ملائمة للفئة أو المجموعة التي يتعامل معها، قد لا تكون نفسها بين قسم وآخر، حتّى في الفترة نفسها.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

التمكّن من التكنولوجيا خارج إطار الألعاب الإلكترونيّة، والمزج بين التعليم الحضوريّ والتعليم عن بُعد، أعدّهما من بين المقاربات الأنجع من أجل تفادي هدر زمن التعليم، وزيادة فاعليّة التعليم الوجاهيّ. تصبح، ضمن هذا السياق وعلى سبيل المثال، استراتيجيّة الصفّ المقلوب مقاربة لا يُمكن الاستغناء عنها، كونها تُمكّن الطلبة من حسن استخدام التكنولوجيا، وزيادة المبادرة الذاتيّة في التعلّم.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

الطالب الشغوف بالتعلّم هو من تكون حاجته إلى التعلّم حيويّة، وهو محرِّك التقدّم في التعلّمات داخل القسم وخارجه، فذلك الشغف أحوّله إلى عطاء، وبذرة تُغرَس في نفسي ونفوس بقيّة الطلبة.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

إنّ ارتداء الزيّ الموحّد، بغضّ النظر على أهمّيّته الاقتصاديّة والاجتماعيّة، يعني أنّ كلّ طالب موجود في أيّ مكان آخر غير المدرسة يستدعي الإعلان عنه، خاصّة بالنسبة إلى التلاميذ الصغار، ويدعو الجميع إلى الإحساس بالمسؤوليّة تجاه الأطفال والتلاميذ.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسي؟

يرتكز الرفاه المدرسيّ على الإمكانيّات المادّيّة التي توفّرها السياسات المدرسيّة. وعلى الرغم من محدوديّة ذلك في مدارس كثيرة، فإنّ القدرة الذاتيّة للمعلّم على خلق روح المشاركة والتبادل بين التلاميذ، تخلق رفاهًا مدرسيًّا لكلّ فئات التلاميذ، لكون هذه الروح تسمح بالوصول إلى جزء كبير من المطلوب تحقيقه، من منطلق أن التعايش الاجتماعيّ من بين الأساسيّات المنتظرة من المدرسة ومن سعيها في تكوين مواطن صالحٍ. وفي شقّ آخر، لا أستطيع تخيّل الرفاه المدرسيّ في عصرنا دون تكنولوجيا، فهي الوسيلة المتداولة ولا يمكن الاستغناء عنها.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

كلّ الممارسات الخاصّة بالتكفّل والمتابعة وتفريد التعليم، من خلال الدورات التكوينيّة، والندوات المرئيّة الدوليّة من أجل تبادل الخبرات، والممارسات الميدانيّة، وفتح الآفاق التي لم نتمكّن من فتحها حتّى الساعة، كما التطلّع لما تقوم به المدرسة كشريك اجتماعيّ في دول أخرى، والاستلهام من هذه النماذج ومحاولة تطبيقها، أو السعي في اكتشاف السبل لذلك.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

أنصحهُ بالتعرّف إلى الصفات الإنسانيّة الجوهريّة في داخله، والتعرّف إلى دافعيّته ودوافعه الشخصيّة، فمهنة المعلّم لم تَعُد، إطلاقًا، مهنة إعادة نسخ المعارف، بل هي مهنة تحتاج إلى الكثير من السمات الشخصيّة والمرتكزات الداخليّة، من أجل مساعدة الآخر على النجاح والتألّق.