كريمة زاهي- مستشارة التوجيه والإرشاد المدرسيّ والمهنيّ- الجزائر
كريمة زاهي- مستشارة التوجيه والإرشاد المدرسيّ والمهنيّ- الجزائر
2022/06/24

كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترين مستقبل المدرسة كمكانٍ؟

يجرّني هذا السؤال إلى تخيُّل حالتين للتعليم دون مدارس، قبل وبعد التكنولوجيا؛ فالتعليم، في غياب المدارس والتكنولوجيا، برأيي، سيكون أقرب للتعليم الارتجاليّ، أو سوف يتصف بعدم تكافؤ الفرص، وقد يقتصر على التعليم الدينيّ أكثر من التعليم الأكاديميّ، ويقتصر، كذلك، على النقل والتلقين فحسب. أما في ظلّ وجود تكنولوجيا الإعلام والاتصال، فسيكون التعليم تكنولوجيًّا ذاتيًّا، يحتاج إلى تنظيم وتأطير من أساتذة، وسيعطي فرصة أكثر للتعلُّم والتعليم، ويمكن من خلاله إدماج الأطفال، ممّن لا يستطيعون الالتحاق بمقاعد الدراسة لسبب من الأسباب.

أرى أنّ على المدرسة والقائمين عليها، تفعيل وسائل الإعلام والاتصال بنسبة كبيرة، للمُساهمة في الرفع من عدد الملتحقين في المدرسة، وتقليص نسبة العزوف، سواء عن الالتحاق بها أو التخلّي عن التمدرس، كما تصبح المدرسة الرقميّة فضاءً لتصحيح استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال للأجيال الحالية والقادمة، فيتمكّن التلاميذ من تطوير ورفع كفاءاتهم عن طريق التعلّم الذاتيّ والفاعليّة في التعلم.

فالمدرسة كمكان ستصبح مكانًا لتأطير توجيه مثير ومحفّز للتعلّم، ومكانًا لتبادل المعارف والخبرات، كما أنني أرى أنها تصبح مساحةً للتواصل، وتتخلّص من الكثير من المشكلات المعروفة.

 

كيف تصفين تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟

إن التعليم الحضوريّ يدفع بالمدرسة إلى الهدر في الزمن والدخول في مشكلات عديدة، منها الاكتظاظ. كما أنّ افتقار المدرسة للوسائل البيداغوجيّة، من أجل تطبيق الاستراتيجيّات الحديثة في التعليم والتعلّم، يجعلها عاجزة عن تمكين المتعلّمين من التعلُّم الفعّال واكتساب التفكير الناقد والوصول إلى اكتساب المهارات والكفاءات المنتظرة. لذا، فإن التعليم عن بُعد هو مستقبل التعليم الذي لا مفرّ منه.  

 

اختاري شيئًا واحدًا تودّين تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟

زمن التعليم الحضوريّ، لأنه عبارة عن إهدار للجهد والوقت، خاصّة أن معظم المدارس تتم فيها عمليّة التعليم والتعلّم بطريقة كلاسيكيّة، عن طريق التلقين، لافتقارها للوسائل البيداغوجيّة للتعليم.   

 

برأيكِ، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟

يمكن توظيف الفنون والموسيقى من خلال إدراجها كمواد تعليميّة، وكطرق تعبير فنّيّة عن مختلف الأشياء أو التعلُّمات، ذلك من كونها مساحة تسمح بالتنوّع والاختلاف والإبداع النوعيّ، وتسمح بانفتاح المدرسة على الحضارات، واكتشاف المواهب كشعبة في التعليم الثانويّ، وبالتالي صقل المواهب وزرع القيم وترسيخ الفنون المحلّيّة والعالميّة وزرع الإبداع الفنّيّ في نفوس الأفراد والمجتمعات.    

 

إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟

سوف أعتمد في تقييم الطلبة على الخرائط الذهنيّة والمفاهيميّة في الموادّ ذات المحتوى. أما موادّ المنطق، فسوف أعتمد على الاستنتاج والاستنباط في حلّ المشكلات. كما سأعتمد على التقييم الذاتيّ، وتفادي متلازمة السيالة الحمراء مثلما أشار البيداغوجيّ والباحث الفرنسيّ أستولفي في كتابه "الخطأ طريقة للتعلّم".

 

كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟

إن توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التعليم يبدأ من بناء المنهاج، فلا بدّ من وجود تقارب بين ما يتعلّمه التلميذ وحياته اليوميّة. كما يمكن إدراج مختلف النشاطات الحياتيّة في المعاش اليوميّ للتلميذ في المدرسة، مثلما فعل جون ديوي في الورشات الحياتيّة، وذلك انطلاقًا من قناعته بأن التربية ليست مجرد إعداد لحياة مستقبليّة، بل هي الحياة ذاتها وعمليّة من عمليّاتها.

 

ما هو التعبير الذي تُحبّين رؤيته على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّين أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟

الارتياح، والذي يعبّر عن التوافق المدرسيّ والدراسيّ والشعور بالانتماء، والتعطّش للمزيد.

 

من هو الطالب المُلهم؟

هو الطالب الذي يبني نفسه بنفسه، والذي يرغب في خوض تحدّيات علميّة.

 

كصديقةٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟

حبّ العلم. وأقول لهم إنّه عاصفة الأكسجين التي نحسُّ من خلالها بالانتعاش.

 

إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختارين؟

سوف تكون دون تردّد سنغافورة، مدينة كلّ التحدّيات، التي انتقلت في ظرف 50 سنة من مدينة البعوض إلى مدينة التكنولوجيا بدون أيّة موارد إلّا المورد البشريّ، دولة أعطت للعلم عنوان تطوّرها، تجربة رائدة في التعليم والتعلّم، استخدام التكنولوجيا، في كلّ المجالات معادلة نجاح.