عادل إضريسي- كاتب مسرحيّ ومعلّم مادّة المسرح- المغرب
عادل إضريسي- كاتب مسرحيّ ومعلّم مادّة المسرح- المغرب
2023/08/25

برأيك، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

من المفروض طبعًا أن تقوم المدرسة بدورها في تنزيل غايات المناهج المُختلفة ومراميها، وفق سياسات الدولة واختياراتها تربويًّا. لكنّ عمليّة الانتقال من الغايات الكبرى إلى مستوى المتعلّمين، تحتاج إلى تحويل المدرسة - بشكل من الأشكال - إلى "مستشفى" لعلاج مختلف التعثّرات التربويّة والنفسيّة لدى المتعلّمين. وهذا لن يتمّ من دون اشتغال المكوّنات التربويّة والإداريّة في جوّ من الانسجام والتعاون ووفق فلسفة موحّدة وواضحة.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم عن بُعد وأبقيت عليها الآن؟

طبيعة الاشتغال في مركز للإبداع والفنون، مع ما تتميّز به الفنون من خصوصيّة تطبيقيّة، تحتاج إلى التلاقي والتفاعل. كان إيجاد بدائل تربويّة في فترة كورونا صعبًا جدًّا، لكن حُوِّلت صفحة المؤسّسة إلى منصّة للتنافس في مجالات الإبداع، ولعرض الإنتاجات الفنّيّة. والأجمل كان قدرة أكبر عدد من الفاعلين على تَتبُّع هذه الأنشطة، والانخراط فيها أحيانًا مشاركةً أو تصويتًا، وهو الأمر الذي لا يتيحه الاشتغال حضوريًّا داخل مقرّ العمل.

 

كيف تخاطِب الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

توفّر ورشة المسرح باعتباره أب الفنون، العديد من محاور الاشتغال، والتي تجعل مختلف التلاميذ ينخرطون حسب ميولهم: ورشة إعداد الممثّل مفتوحة للشغوفين بالتمثيل؛ ورشة البحث المسرحيّ والكتابة المسرحيّة مفتوحة للشغوفين بالمطالعة؛ ورشة إعداد السينوغرافيا يشارك بها الشغوفون بالأعمال اليدويّة والتشكيل؛ ورشة إعداد موسيقى العروض للمهووسين بالموسيقى. وهكذا تشتغل الورش المُختلفة في أفق تصوّرات متعدّدة، لكنّها تخدم الغايات التربويّة والجماليّة نفسها، وتستجيب في الوقت ذاته، إلى مختلف ميولات المتعلّمين وذكاءاتهم.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

أبدًا، الاقتصار على المستجدّات التربويّة وحدها يخلّف معلّمًا جافًّا يكتفي بنقل المعارف وتلقينها للمتعلّمين. على المعلّم الناجح إتقان المهارات الناعمة (Soft skills)، من تواصل وقيادة وتفكير إبداعيّ. وهذا يحتاج منه دائمًا إلى الانخراط في الورش والتكوينات والبحث، والتمتّع دائمًا بحسّ التعلّم والنقد الذاتيّ ومواكبة تطوّرات العصر واختلافات التلاميذ عبر الأجيال، حتّى تكون ممارسته التربويّة أكثر نجاعة.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمر هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

في الحقيقة لم يكن التعليم عن بعد بتلك الدقّة المطلوبة، ولا يمكن بأيّ شكل من الأشكال أن يحلّ محلّ التعليم الحضوريّ، خصوصًا في المجالات التي تتطلّب اشتغالًا مخبريًّا أو عمليًّا. وفي الوقت نفسه، كان سببًا لاستمرار التواصل وتربية التلاميذ أكثر على البحث والتعلّم الذاتيّ، وأيضًا انفتاح المدرّسين، ولا سيّما لمن لم يكن لهم دراية بتقنيّات التنشيط إلكترونيًّا، على مواكبة هذه التطبيقات، والانفتاح عليها، واستثمارها إيجابيًّا في عمليّات التدريس أثناء كورونا وبعدها.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّف هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

أعتقد أنّ التعليم حقيقة لا ينبغي أن يرتبط بمزاجيّة المتعلّمين ومدى رغبتهم في التعلّم؛ المدرّس الناجح يوفّر جوًّا إيجابيًّا للتعلّم، ويخلق هذه الرغبة وهذا الشغف عند الجميع. التغيير المستمرّ والإبداع في طرائق التدريس، تجعل الشغف حاضرًا عند الجميع، لكن الاشتغال بالطرق التقليديّة نفسها سيخلق، لا بدّ، جمودًا وركودًا ويقتل الشغف عند الجميع.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

أعتقد أنّ اللباس الموحّد داخل المؤسّسات التعليميّة من شأنه إذابة الاختلافات الطبقيّة بين المتعلّمين، والإسهام بشكل كبير في محاربة الكثير من الممارسات المرتبطة بالتنمّر والاستهزاء من المظهر وغيرها. كما سيسهم بشكل فعّال في تنظيم ضبط المتعلّمين تربويًّا وإداريًّا، ناهيك عن الجماليّة التي ستكتسيها مختلف الأنشطة بسبب اللباس الموحّد.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟

أحاول قدر الإمكان توظيف الفنون في العمليّات التربويّة، فهي في اعتقادي كفيلة بخلق الحياة والمتعة التي قد تغيب في الأساليب الأخرى.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمح أن تشارك بها؟ لماذا؟

أؤمن بالتكوين المستمرّ، ومنفتح على المشاركة في أيّ دورة تكوينيّة لها صلة بتطوير مجالات التربية، ومشاركة قدراتي في هذا الباب، وأيضًا لنقل تجربتي للآخرين.

 

بماذا تنصح شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟

التعليم ليس مجرد مهنة، يحتاج النجاح فيه إلى الكثير من الحُبّ.