ندوة: تعلّم العربيّة وتعليمها.. نحو إيقاد الشغف مجدّدًا
ندوة: تعلّم العربيّة وتعليمها.. نحو إيقاد الشغف مجدّدًا

 

جاءت ندوة منهجيّات الشهريّة لشهر كانون الأوّل 2021، بالشراكة مع منظّمة البكالوريا الدوليّة، بعنوان "تعلّم العربيّة وتعليمها: نحو إيقاد الشغف مُجدّدًا"، حاورت فيها هنادي ديّه، والتي عملت منسّقة وإداريّة ومستشارة لمناهج اللغة العربيّة في المدارس الأميركيّة والدوليّة في دول عدّة: لبنان، والأردن، ومصر، وعُمان، والإمارات، وقطر، وعضو الهيئة الاستشارية في منهجيات، المُتحدّثات والمُتحدّثين حول محاور أربعة، هي: العربيّة لغة تواصل وثقافة، واستراتيجيّات تعليم العربيّة، ومصادر تعلّم العربيّة، وإيقاد شغف المعلّم أيضًا.

استضافت ندوة هذا الشّهر مجموعة من المتحدّثات والمُتحدّثين تتنوّع تخصّصاتهم ومجالات اهتمامهم، هُم: ماهر منصور، مُدرّس بكالوريا دوليّة في قطر. ودرصاف كوكي، مستشارة لدى منظّمة البكالوريا الدوليّة في أوروبّا وإفريقيا والشرق الأوسط، وعضو الهيئة الاستشاريّة لمنهجيّات. ومحمّد عصام، رئيس قسم اللغة العربيّة للمرحلة المتوسّطة والدبلوما بمدرسة دار المعرفة الخاصّة في دبي. وغدير حطبة، مستشارة تربويّة لإحدى المؤسّسات العاملة في مجال إنتاج محتوى تعليميّ تعلّميّ رقميّ باللغة العربيّة.

قدّمت ديّه ندوة الشّهر عبر التعريف بمنهجيّات والمتحدّثات والمُتحدّثين، كما أضاءت على فكرة بنيويّة أساسيّة، هي حاجة الطلبة، خلال العمليّة التربويّة، لمعرفة لماذا يتعلّمون مادّة مُعيّنة، من هُنا، يُطرح سؤال هامّ مُتعلّق بالأساس باللّغة العربيّة، هو "لماذا علينا تعلّم اللغة العربيّة؟"، فإنّ على إجاباتنا أن تشمل توظيف اللّغة في الحياة اليوميّة؛ بأنّها، بادئ ذي بدء، أداة تواصل وتفكير وتعبير، وهي بالتّالي لُغة حيّة.

 

العربيّة لُغة تواصل وثقافة

بدأ عصام حديثه بالتأكيد على كون اللغة العربيّة لغة تواصل وثقافة، وعندما ندرُس اللغة العربيّة، كمتخصّصين، فإنّ هناك شعور وإحساس بجماليّات اللغة العربيّة، ولكن لا بدّ من نقل هذه الجماليّات إلى الطلبة، عبر العديد من الوسائل. وعَرَضَ عصام هُنا مثالًا يُسهّل طريقة التعلّم عبر ربطها بالحياة، وهي عندَ تدريس وحدة مُعيّنة، فإنّه من المُمكن تطبيقها خارج حدود الصفّ، ذلك عبر تقمّص شخصيّات روائيّة أو عالميّة، والحديث، أي من قِبل الطلبة، عن حلم هذه الشخصيّات، ومن ثمّ عقد ندوةً لعرض هذا المشروع، وتوصيل فكرتهم للآخرين. وأشارَ عصام أنّ ربط الوحدة التعليميّة بالحياة خارج الصفّ تُشعر الطلبة بسعادة غامرة، وتقوّي أداة التّواصل بينهم.

 

أشارت حطبة هُنا إلى أنّ اللغة والتواصل والثقافة هي حلقات متداخلة، عبر قولها: "لا يُمكن أن ندرس اللغة بمعزل عن الثقافة أولًا، ومن ثمّ تحويل هذه الثقافة لأداة تواصل ثانيًا". وأوضحت حطبة أهمّيّة عدم تدريس النصّ كقالب لغويّ أو لغة فارغة من محتوى تاريخيّ جغرافيّ إنسانيّ، سواء كان النصّ من الموروث الشعبيّ أو من الشعر، فبهذا الربط وكسر القالب نستطيع نقل المعنى عبر التّواصل، فعندما يقرأ الطالب فهو يتعرّف على تجربة إنسانيّة ومن ثمّ يُساهم بنقلها، فيشعر هُنا بأنّ هذه التجربة تشبهه، ويستطيع رصد التطوّر الطبيعيّ للحياة، وقد يتحوّر هذا الشعور إلى كتابة عبر التشجيع على عقد ورش كتابة أو حلقات بحثيّة حول ما ندرسه، بالتّالي، يتحوّل النصّ إلى حالة من التواصل والتفاعل الإنسانيّ عبر تفاعل الطلبة، وكذلك هو تواصل مع تاريخ اللغة العربيّة وإنسانيّتها عبر العصور.

سعت ديّه هُنا لربط فكرتين أساسيّتين، هُما: فكرة كون اللّغة أداة تواصل حيّة، وهي، في الوقت ذاته، ذات حمولة ثقافيّة. وأشارت إلى أهمّيّة توظيف اللّغة خارج الصفّ، خصوصًا وأنّها تعكس موروث ثقافيّ مدموج من حيث البُنية باللّغة. كما أضاءت على مشكلة يوميّة مع اللغة العربيّة، هي فكرة اعتقاد الطلبة بأنّهم لن يحتاجوا هذه اللغة ولن يكون لها أيّ أهمّيّة في سياق حياتهم، وهذا مفهوم مغلوط من وجهةِ نظرها. 

 

تحدّثَ منصور، ضمن المحور ذاته، حول أهمّيّة إعادة إحياء الشغف باللّغة العربيّة، وقد يكون المُنطلق عبر النّظر إلى حال المُجتمع العربيّ الآن ومقارنته بباقي المُجتمعات. وأكّد على فكرة أنّ العلوم الحديثة اليوم تقول أنّ الإنسان عندما يُفكّر بلغته الأمّ يسهل عليه التعمّق بمُختلف المفاهيم والتمكّن من المهارات والتعرّف على المعارف بشكلٍ أكثف. وأشار منصور إلى أنّ اللغة العربيّة تتحوّل شيئًا فشيئًا إلى لغة يوميّة فقط، قد لا نحتاجها عندما ندرُس الطبّ مثلًا، وهذه إشكاليّة علينا مواجهتها بأهمّيّة وضرورة أن يشعر الجيل بالاعتزاز باللّغة، والإدراك بأنّ لغته الأمّ هي شيء أساسيّ يجب التمسّك به مع الانفتاح على مُختلف الثقافات. هُنا، يرى منصور أنّ على المُختصّين باللّغة العربيّة البدء بالانفتاح على الثقافات، وتعزيز دور اللغة العربيّة في المجالات المُختلفة، وجذب الجيل لاستخدام اللغة استخدامًا حيًّا في مواضيع مُعاصرة، مثل الذكاء الصناعيّ، والهندسة، والألعاب الإلكترونيّة، لتصبح اللغة جزءًا لا يتجزّأ من حياتهم اليوميّة، فيتعزّز شعورهم بأنّها لغة حيّة وليست فقط لغة التاريخ والثقافة والأدب.

 

عرضت كوكي مثالًا هو عند دخول الطلبة المدرسة فإنّهم يتعرّضون لصدمة؛ يتكلّمون اللغة العامّيّة ويُفاجئون باللّغة الفصحى، ويتفاجئون بأنّ استخدام العامّيّة يُصبح خطًأ. هذه النظرة الدونيّة للعامّيّة تُشكّل أوّل عقدة أو صدمة بين الطلبة واللغة. وتحدّثت حول السياسات اللغويّة في مدارس البكالوريا الدوليّة، وأشارت إلى سياسة لغويّة تتمحور حول أهمّيّة إعطاء الحقّ للغة الأُمّ للبلد، حتّى يبقى الطالب على تواصل واعتزاز بهويّته وثقافته. هُنا ركّزت كوكي على أهمّيّة أن يتعلّم الطلبة لغتهم الأمّ بطرقٍ مُشجّعة، وعلينا من أجل تحقيق ذلك معرفة الطلبة، ومعرفة اهتماماتهم، ما الذي يُمكن أن يجلبهم للمشاريع التي سنقوم بتعليمها لهم، ومن المهم، ضمن هذا السّياق، أن يكون الطلبة بمثابة شركاء في عمليّة التعلّم، مثل أن يأتوا بمصادر حول موضوع ما، وعبر تشجيعهم على الحديث، والاستماع لهم، لأنّهم سيقومون ببحوث وزيارات ميدانيّة، هذه المسؤوليّة المُتشكّلة لدى الطلبة عبر مناهج تساؤليّة مع هامش حرّيّة مهمّة جدًّا في تعزيز علاقة الطلبة باللّغة، ذلك كلّه بالإضافة إلى أهمّيّة إدخال مجالات، مثل الأدب المقارن والتكنولوجيا، ودفع الطلبة للبحث عن معاني عربيّة لكلّ المُصطلحات الجديدة.

 

استراتيجيّات تعليم العربيّة

قدّمت ديّه لهذا المحور بأهمّيّة فتح حوار بين متعلّمي اللّغة العربيّة، والمتعلّمين الذين دخلوا مجال اللغة العربيّة من مجالات تعليم مُغايرة، للانفتاح على طرائق وأدوات مُختلفة قادمة من لغات أُخرى، ستساعد على بناء استراتيجيّات أو توظيف استراتيجيّات جديدة في تعليم العربيّة، كما ركّزت على بناء تشاركيّ لاستراتيجيّات تعليم العربيّة سواء للنّاطقين بها، أو لغير النّاطقين بها على حدٍّ سواء.

استهلّ منصور الحديث بتقديم نقد حول أساليب تعليم اللغة العربيّة، من تجربته الشخصيّة، التي كان خلالها تعليم العربيّة، عندما كان تلميذًا، تعليمًا جافًّا، ما خلق ردّة فعل عكسيّة عنده، خصوصًا مع مقارنة أساليب تعليم العربيّة مع تعليم موادّ أُخرى أو لغات أُخرى. ركّز منصور عبر مثاله على أهمّيّة تحويل العربيّة من لغة تلقّي إلى لغة تواصل، يكون فيها الطالب فاعلًا، لا متلقّيًا فقط. وقال منصور: "بخصوص الاستراتيجيّات، أرى أن تكون قائمة على نظريّة البنائيّة الاجتماعيّة، حيث يكون مجتمع المتعلّمين هم الفاعلين في عمليّة التعلّم"، وأشار إلى أهمّيّة توظيف استراتيجيّات وأدوات تعليم مُختلفة حديثة تدور حول إعطاء الفاعليّة لكلّ طالب، فيشاركون أفكارهم وإنتاجاتهم، وأكّد أن على المعلّم أخذ خطوة إلى الخلف وترك المنصّة للطلبة؛ أن يكون للطلبة 80% من وقت الحصّة، و20% للمعلّم تتمثّل بدور إرشاديّ إشرافيّ توجيهيّ.

 

داخلت حطبة في حديثها عن الاستراتيجيّات حول عدم فصل استراتيجيّات التعليم والتعلّم من لُغة إلى أُخرى، إنّما هي عمليّة انتقاء ما يتناسب من الاستراتيجيّات مع طبيعة المادّة التي تُطرح. وأشارت إلى أن واحدة من الاستراتيجيّات الضروريّة لتعليم اللغة العربيّة هي أن يبني المتعلّم مُعجمًا لغويًّا مُتخصّصًا للدراسة، خصوصًا أنّنا نفتقد لمعجم اللغة، وهذا ما يقف عائقًا عند الطلبة عند الحديث أو الكتابة. من هُنا، أشارت إلى ضرورة أن يكون لكلّ طالب معجمه الخاصّ، يبنيه خلال سنوات الدراسة من خلال التعرّض إلى نصوص مُختلفة. وذكرت حطبة استراتيجيّات أُخرى، مثل النمذجة، فيُمكن القيام من خلال هذه الاستراتيجيّة بنمذجة، سواء في الكتابة أو الحديث، بعض الأمثلة، ليعتمد عليها الطالب حتّى يصل إلى مرحلة يشعر فيها بالثّقة فيما يقرأ أو يكتب. واستراتيجيّة أُخرى هي حلقات القراءة، يختار الطلبة هُنا مجموعة نصوص، ثمّ يعملون على قراءة نصّ كلّ شهر، ومناقشة هذا النصّ، إلى الوصول لمرحلة ترشيح طلبة صفّ عاشر، مثلًا، لزملائهم من الصفّ التاسع نصوصًا وقصصًا لقراءتها، فتصبح هذه الحلقة مجموعة من حلقات قراءة داخل المدرسة، وكذلك نوادي الكتابة، تعزّز فنّيّات الكتابة وطريقة الكتابة، ومن ثمّ نشر هذه النصوص المُنتجة على مجلّة أو على حائط الصفّ أو ضمن مدوّنة.

 

أشارَ عصام في هذا المحور إلى أهمّيّة تحديد عُمر الطالب القرائيّ، ذلك عبر أدوات ترميز معيّنة، لمساعدته على اختيار نصوص يُمكنه فهمها، وبالتّالي نقاشها. أمّا عن الاستراتيجيّات، ذكر عصام استراتيجيّات مُختلفة، منها التعليم الصامت؛ بحيث يدخل المعلّم الحصّة، يعلّق بعض الصور ويقوم ببعض الإيماءات، ويترك للطلبة استنتاج الدرس أو الأفعال.

بدأت كوكي حديثها هُنا بالإشارة إلى أن الاستراتيجيّات تبقى ذاتها، أمّا المحتوى هو ما يتغيّر. في هذا السّياق، بإمكان المعلّم منح الطلبة، من الناطقين بالعربيّة ومن غير الناطقين بها، فرصًا مُتساويةً عبر الارتكاز إلى حياتهم واهتماماتهم الخاصّة، كلّ هذا يُمكن تطويره حسب حاجات الطالب وقدراته اللغويّة، والانتباه إلى الرصيد اللغويّ عند كلّ طالب، هذا الاختلاف بالمستويات يحتّم تقسيم مجموعات والعمل معها كلّ على حدةٍ، وتحديد هدف لكلّ منها. وبالنّسبة لغير الناطقين على وجه الخصوص، تحدّثت كوكي عن أهمّيّة دفعهم نحو استخدام اللغة في حياتهم اليوميّة، عبر أنشطة تواصل مع المُجتمع، وعبر أنشطة للتعرّف على ثقافة البلد.

 

مصادر تعلّم العربيّة

باشرت ديّه هذا المحور بتأكيدها على فكرة عطش لدى المعلّمات والمعلّمين للتعرّف على مصادر جديدة، خصوصًا وأنّ تنوّع كبير يحدث مؤخّرًا بنشر المصادر باختلاف أشكالها، وهُنا أوقفتنا ديّه أمام تساؤل هو "هل هذه الطفرة في المصادر أمّنت لمعلّم اللغة العربيّة ما يحتاج إليه ليقدّم الاستراتيجيّات اللّازمة؟"

تحدّث منصور حول تنوّع مصادر تعلّم العربيّة اليوم مقارنةً بالسّابق، مصادر تنتبه إلى مراحل مُختلفة من الطلبة، وتتنوّع بين المقالات ومقاطع الفيديو وغيرها. هُنا، أشار لأهمّيّة تقديم دعم دائم لمُنتجي المحتوى والرّياديّين الذين ينتبهون ويعملون على مصادر تعلّم للغة العربيّة، كما أشارَ إلى أنّ هُناك نهضة حول المصادر بدأت وتمتدّ.

بدأ عصام حديثه حول أهمّيّة إشراك الطلبة في اختيار المناهج والمصادر التي يرون أنّها مُناسبة. هذا الحوار يجعل الطلبة شركاء في اختيار المصادر، وتنوّع المصادر، وتناسب هذه المصادر بالفئة العُمريّة. أمّا في المرحلة الثانويّة، فيكون الانتباه في اختيارات المصادر إلى تنوّع جنس الكاتب، وخلق توازن في المضامين والأشكال، ذلك ليتعرّف الطالب على أكبر قدر ممكن من الأشكال والمضامين المكتوبة من مُختلف المناطق.

أشارت حطبة إلى مشكلة موجودة هي قلّة ما يُكتب للناشئة من أدب، وتحدّثت حول أهمّيّة إيلاء اهتمامًا أكبر بهذه الفئة لأنّ المصادر والكتب الموجّهة لهذه الفئة قليلة وقد تكون معدومة. وفيما يخصّ الأدب، داخلت حطبة أنّ علينا أخذ التنوّع الزمانيّ والجغرافيّ بعين الاعتبار، فلا يُمكن أن يدرس الطالب في مرحلة المدرسة مرحلة أدبيّة ويتخصّص بها. تأتي، في هذا السّياق، أهمّيّة اطلاع واسع للطلبة خلال سنوات المرحلة الثانويّة، خاصّة لمن يختارون الأدب كمادّة للدراسة. أمّا عن عمليّة التناول، فتحدّثت حطبة عن أهمّيّة الجمع بين الأصيل والمُترجَم، كوننا لا ندرس محتوى بعيدًا عن ثقافته. وعلينا هُنا تقديم الأدب الحديث على القديم، لكونه أقرب لوقع الطالب وقضاياه.

 

إيقاد شغف المعلّم أيضًا

استهّلت ديّه تقديم هذا المحور بالإشارة إلى أنّ الشغف والحبّ لتعليم اللّغة العربيّة كبير، ولكنه في ظلّ تحدّيات مُختلفة يمرّ بها المعلّم، ومنها أنّ الطلبة يبتعدون أكثر عن اللغة العربيّة، والمستويات القرائيّة للطلبة التي لا تناسب توقّعاتنا، علينا السّعي لإيقاد شغف المعلّم، والإبقاء على هذا الإيقاد كفعلٍ مستمرّ من خلال أدوات واستراتيجيّات مختلفة.

بدأت كوكي حديثها حول أهمّيّة التواصل بين المعلّمين أنفسهم، ومشاركة التجارب المُختلفة عبر منصّات عدّة، تجعل المعلّم ضمن شبكة من المعلّمين ومتطلع على ما يحدث في المجال التعليميّ اليوم. هذا يدفع المعلّم لئلّا يكون معلّم مادّة واحدة، إنّما معلّم لبرنامج شاملٍ كاملٍ متعدّد الجوانب يفتح باب اللقاء مع الطلبة لغايات مُختلفة عن التعليم كذلك. وعلى مستوى رسميّ، يجب أن يكون هناك صوت للمعلّمين، وفتح المجال أمامهم للقيام بزيارات ميدانيّة والسفر للتعرّف على تجارب مُختلفة. وأشارت كوكي إلى أهمّيّة أن يكون للمعلّمين أوقات مخصّصة، خلال الدوام المدرسيّ، يجتمعون فيها ويصمّمون ويخطّطون ويشاركون ويطوّرون مساقاتهم فتصبح مساقات متداخلة.

 

تحدّث منصور حول الشغف كموضوع شخصيّ، وقال: "ما أعتقد أنّه من الممكن أن يوقد شغف المعلّم هي أمور مختلفة، مثل الحرّيّة، والثقة، والتطوير المهنيّ اللّازم". وأشار إلى أنّ هذه الأمور توقد شغف المعلّم ما يُمكّنه من نقل هذا الشغف لطلبته. وعكس هذا الأمر، بحصر المعلّم ضمن مناهج، فإنّه سرعان ما سينطفئ هذا الشغف.

أمّا عصام، فتحدّث عن فكرة أنّ معلّم اللغة العربيّة سيكون شغوفًا إن وجد الطلبة أمامه هم أيضًا على نفس الدرجة من الشغف، وعندما يرى المعلّم نفسه أمام بيئة منافسة تتحدّاه، فإنّ هذا سيدفعه لتطوير ذاته كلّ يوم. وأضاف أنّ التطوير المهنيّ للمعلّم هو أمر مهمّ لإيقاد شغفه نحو أدوات جديدة وأساليب جديدة وأفكار جديدة من الممكن تطبيقها والتشارك في التفكير حولها.

هُنا، أشارت حطبة إلى الحاجة لتغيير النظرة إلى المُعلّم، ومعاملته معاملة مُختلفة، مثل أن يكون هناك كلّ سنة أو سنتين دراسة بحثيّة يكتبها، وأن يكون هُناك تطوير مهنيّ يرتبط بدرجات أستاذيّة. هُنا، عندما تضعنا المؤسّسات في تحدٍّ مع الذّات، سنُبدع في تطوير ذواتنا وسنعمل على بناء مُجتمعات تعليم وتعلّم، فإنّ هذه السياقات والتطوّرات ستعزّز مفهوم الشغف، وستعطي مفهوم التعليم ذائقة جديدة، خصوصًا وأنّ التعليم يمرّ في تحدّيات جديدة في هذه المرحلة.