"STEAM" ، إطار تعليميّ يدمج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيّات. يهدف هذا المنهج إلى تزويد الطلّاب بمجموعة واسعة من المهارات، تشمل: التفكير النقديّ، والإبداع، وحلّ المشكلات. ويضيف إليه العنصر الفنيّ (الفنون) بُعدًا إبداعيًّا وإنسانيًّا، ما يشجّع على التعبير الذاتيّ والتعاطف عند مواجهة تحدّيات متعدّدة التخصّصات.
أصبح تعليم STEAM ضرورة ملحّة في العصر الحاليّ، إذ يهدف إلى إعداد الطلّاب بمهارات متعدّدة التخصّصات لمواجهة تحدّيات القرن الحادي والعشرين. مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا وتداخل التخصّصات، يُعتبر تعليم STEAM حيويًّا؛ فهو يعزّز القدرة على التكيّف في ظلّ الذكاء الاصطناعيّ المزدهر، ويزيد من استعداد الطلّاب لسوق العمل، ويطوّر مهاراتهم في معالجة المشاكل المعقّدة، ويعزّز تقديرهم للثقافات والفنون. كما يهدف هذا المنهج إلى تزويد الطلّاب بمهارات متعدّدة لتطبيق المعرفة من مجالات مختلفة في حلّ المشكلات.
يهدف منهج STEAM إلى تطوير التفكير النقديّ والإبداعيّ لدى الطلّاب من خلال دمج الفنون مع التخصّصات العلميّة، ما يشجّعهم على استخدام التحليل والإبداع في حلّ المشكلات. يسعى هذا المنهج لإعداد الطلّاب لعالم متعدّد التخصّصات، حيث يزوّدهم بالمهارات اللازمة لمواجهة تحدّيات المستقبل. كما يوفّر تعليمًا مرنًا ومتكاملًا يمكّن الطلّاب من تعلّم المهارات التقنيّة والفنّيّة معًا، ما يعزّز قدرتهم على التكيّف مع بيئات العمل المعقّدة والمتغيّرة. بالإضافة إلى ذلك، يشجّع STEAM على التعاون بين التخصّصات المختلفة، ما يعزّز العمل الجماعيّ وتكامل الأفكار من مجالات متنوّعة. تتيح أنشطة STEAM فرصًا للتعاون بين طلّاب من خلفيّات ثقافيّة وتعليميّة متنوّعة، ما يعزّز الفهم الثقافيّ المتبادل.
يتألّف منهج STEAM من خمسة مكوّنات رئيسة:
العلوم (Science): يشجّع على الفضول العلميّ وتطوير مهارات البحث والتجربة.
التكنولوجيا (Technology): يتعلّم الطلّاب استخدام الأدوات الرقميّة والتقنيّات الحديثة لتحسين تجربة التعلّم وحلّ المشكلات.
الهندسة (Engineering): يعزّز هذا العنصر التفكير التصميميّ وحلّ المشكلات بتطبيق المبادئ الهندسيّة في الأنشطة العمليّة.
الفنون (Arts): تدعم الفنون التفكير الإبداعيّ والتعبير الشخصيّ، ما يساعد في تطوير حلول مبتكرة.
الرياضيّات (Mathematics): توفّر الرياضيّات الأساس المنطقيّ والرياضيّ اللازم لفهم الأنماط وحلّ المشكلات.
ما تعليم STEAM؟ لماذا يعتبر تعليم STEAM مهمًّا في عامنا الحاليّ؟ وكيف يمكن تنفيذ STEAM في الفصل الدراسيّ؟ وما الجديد حول STEAM ++؟
الجذور الأوليّة: STEM وهو أصل لمنهج STEAM
منهج STEAM نتاج تطوّر طويل في تاريخ التعليم، حيث نشأ من مبادرات تربويّة هدفت إلى تطوير فهم الطلّاب للعلوم والرياضيّات والفنون والهندسة بشكل متكامل.
في أواخر القرن العشرين، بدأ التركيز على تعزيز التخصّصات العلميّة والتكنولوجيّة في التعليم الأمريكيّ، لا سيّما بعد سباق الفضاء في الخمسينيّات والستينيّات بين الولايات المتّحدة والاتّحاد السوفييتيّ. شهدت تلك الفترة تطوّرًا سريعًا في المجال التكنولوجيّ، ما جعل من الضروريّ تركيز النظام التعليميّ على العلوم والهندسة والرياضيّات. ومع مرور الوقت، بدأ التفكير في دمج التكنولوجيا والهندسة في التعليم. وفي سنة 2001، أُطلق مصطلح STEM (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الرياضيّات) لأوّل مرة كاستراتيجيّة تعليميّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بواسطة المؤسّسة الوطنيّة للعلوم (NSF). كان هذا التحوّل استجابة للتحدّيات التي تواجه الاقتصاد الأمريكيّ في عالم يتطوّر بسرعة، حيث حُدّدت حاجة قويّة إلى تحسين مهارات القوى العاملة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة.
بدأت فكرة إضافة الفنون (Arts) إلى STEM في الظهور بعد حوالي عقد من الزمن، عندما بدأ العديد من المعلّمين والمربّين يستشعرون وجوب تدريس العلوم والهندسة والرياضيّات بطريقة تشجّع على الإبداع والتفكير النقديّ، وهو ما تقدّمه الفنون.
في سنة 2006، بدأت مجموعة من المنظّمات التعليميّة والفنيّة، مثل مدرسة رود آيلاند للتصميم (RISD) تدعو إلى إدخال الفنون إلى STEM بحلول سنة 2011. بدأت فكرة STEAM تظهر بشكل أكثر وضوحًا، حيث روّجت حركة STEAM لدمج الفنون في منهج STEM، بهدف تعزيز الابتكار والقدرة على التفكير الإبداعيّ.
من بين الروّاد الذين دعموا مفهوم دمج الفنون مع STEM كان جون مايكل فيرتش، أستاذ في مدرسة رود آيلاند للتصميم، حيث أكّد على أهمّيّة دمج الفنون مع العلوم والتكنولوجيا لتطوير المهارات الإبداعيّة لدى الطلّاب. وقد أصبح هذا المفهوم ركيزة أساسيّة للتعليم في العديد من المؤسّسات التعليميّة حول العالم.
استراتيجيّات لتنفيذ منهج STEAM في الفصل الدراسيّ
لتنفيذ منهج STEAM بفعّاليّة في الفصول الدراسيّة، يمكن اتّباع الاستراتيجيّات الآتية:
التعلّم القائم على المشاريع: تشجيع الطلّاب على تنفيذ مشروعات حقيقيّة تتطلّب دمج مهارات متعدّدة، مثل تصميم نماذج هندسيّة باستخدام موادّ معاد تدويرها، أو تطوير تطبيقات بسيطة باستخدام برمجيّات مفتوحة المصدر. هذا النهج يربط المعرفة النظريّة بالتطبيق العمليّ، ما يعزّز فهم الطلّاب ويشجعهم على التعاون في فرق لحلّ تحدّيات واقعيّة.
دمج التكنولوجيا في التعليم: استخدام أدوات رقميّة مثل الواقع المعزّز والافتراضيّ، وبرمجيّات التصميم ثلاثيّ الأبعاد، لتعزيز فهم الطلّاب وجعل عمليّة التعلّم أكثر تفاعليّة وجاذبيّة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الواقع الافتراضيّ لمحاكاة تجارب علميّة، أو برمجيّات التصميم لتعليم مفاهيم الهندسة.
ربط التعليم بالواقع: مساعدة الطلّاب على إدراك أهمّيّة ما يتعلّمونه بتطبيق مفاهيم STEAM في مواقف حياتيّة. يمكن تحقيق ذلك عبر دراسة تأثير التغيّر المناخيّ وتصميم حلول مبتكرة، أو تطبيق مفاهيم الرياضيّات في إدارة ميزانيّة مشروع طلابيّ. هذا النهج يُمكِّن الطلّاب من رؤية الأثر الحقيقيّ لتعلّمهم في العالم من حولهم.
تعزيز التعلّم التعاونيّ: تشجيع الطلّاب على العمل الجماعيّ، ما يساعدهم على تبادل الأفكار وتطوير مهارات الاتّصال. يمكن تحقيق ذلك بمشاريع جماعيّة مثل إنشاء نماذج مستدامة للطاقة، أو تنظيم مسابقات تحفّز التعاون بين الفرق. هذا النهج يعزّز مهارات العمل الجماعيّ والقيادة.
دمج الفنون في التعليم STEAM: إضافة بُعد جديد يُسهم في تطوير الإبداع وحلّ المشكلات. يمكن تحقيق ذلك عبر تصميم لوحات فنيّة تعبّر عن مفاهيم رياضيّة، أو إنتاج فيديوهات توضيحيّة لمشاريع علميّة. هذا الدمج يساعد على بناء منظور شامل ومتوازن لدى الطلّاب.
باستخدام هذه الاستراتيجيّات، يمكن للمعلّمين تقديم تجربة تعليميّة شاملة تعزّز التفكير النقديّ والإبداعيّ لدى الطلّاب، وتُعدّهم لمواجهة تحدّيات العالم الحقيقيّ بمهارات متعدّدة التخصّصات.
تتجلى تطبيقات STEAM في مجالات متعدّدة، مثل تطوير الروبوتات والذكاء الاصطناعيّ، وتصميم الأدوات الطبّيّة المبتكرة، وتقديم حلول مستدامة لحماية البيئة. ومع ذلك، يواجه تطبيق هذا المنهج تحدّيات، منها الحاجة إلى تغيير التفكير التربويّ التقليديّ، وتوفير التدريب المناسب للمعلّمين لضمان دمج فعّال للفنون مع التخصّصات الأخرى.
في ظلّ التقدم التكنولوجيّ، يتوسّع التعليم الرقميّ ليشمل أدوات مثل البرمجيّات الهندسيّة، الواقع الافتراضيّ والمعزّز، ما يوفّر بيئات تعلّم مبتكرة.
كما يُتوقّع تعزيز التعاون العالميّ بين الطلّاب من خلفيّات متنوّعة، ما يتيح تبادل الأفكار وحلّ المشكلات بشكل جماعيّ. ستُسهم التقنيّات التكيّفيّة في تخصيص المحتوى التعليميّ ليتناسب مع احتياجات كلّ طالب، ما يعزّز من فعّاليّة التعلّم. بالإضافة إلى ذلك، سيشمل مستقبل تعليم STEAM دمج قضايا بيئيّة لتشجيع الطلّاب على إيجاد حلول مستدامة، والتوسّع ليشمل تخصّصات إضافيّة مثل الاقتصاد والعلوم الاجتماعيّة والتاريخ، ما يوفّر فهمًا أعمق للتفاعل بين التكنولوجيا والمجتمع. هذا النهج الشامل يُعِدّ الطلّاب لمواجهة تحدّيات المستقبل بمرونة وإبداع.
استُخدِم PedTech بوصفه توجّهًا تربويًّا يركّز على الابتكار مدى الحياة، وتطوير عقليّة الابتكار في التعليم، مع التركيز على استخدام أدوات تكنولوجيا التعليم لمواكبة تحدّيات الثورة الصناعيّة الرابعة والرقمنة. يسهم ذلك في تعزيز النموذج النهائيّ باستخدام البرمجة والروبوتات والذكاء الاصطناعيّ. كما يهدف إلى تطوير وتحديث المناهج، مثل STEAM++ وPedTech ، لمواكبة احتياجات العصر وتطوير التعليم بما يتماشى مع الابتكار وريادة الأعمال.