ندوة: تعليم العربيّة لغير الناطقين بها.. مقاربات نظريّة وممارسات عمليّة
ندوة: تعليم العربيّة لغير الناطقين بها.. مقاربات نظريّة وممارسات عمليّة

عقدت منهجيّات ندوتها لشهر آب 2023، بعنوان "تعليم العربيّة لغير الناطقين بها: مقاربات نظريّة وممارسات عمليّة". وركّزت على محاور ثلاثة رئيسة، هي:

1. مدخل إلى تعليم العربيّة لغير الناطقين بها.
2. مصادر المعلّمين وخصائصها.
3. استراتيجيّات ناجعة في تعليم العربيّة لغير الناطقين بها.

 

استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هُم: أ. درصاف الكوكي، مستشارة تربويّة منظّمة البكالوريا الدوليّة، وعضو هيئة استشاريّة في مجلّة منهجيّات؛ د. ابتهاج السنّ، مستشارة ومطوّرة ومدرّبة دوليّة في العديد من المدارس؛ أ. ديالا كمال، منسّقة اللغة العربيّة ورئيسة قسم اللغات الحديثة في مدرسة الجالية الأمريكيّة في عمّان؛ أ. علي أمين، معلّم لغة عربيّة في الصين ومؤسّس أكاديميّة رحّال لتعليم العربيّة عن بُعد.

أدار الندوة أ. يسري الأمير، رئيس تحرير مجلّة منهجيّات، والذي استهلّ الندوة بالإشارة إلى أنّ تعليم العربيّة لغير الناطقين بها ينتشرُ انتشارًا مردّه تعرّف العالم إلى الحضارة واللغة، وأحيانًا أُخرى مردّه هجرة الناطقين بالعربيّة إلى خارج العالم العربيّ. وبغضّ النظر عن الأسباب، أكّد أ. الأمير على انتشار تعليم العربيّة لغير الناطقين بها، إذ لم يعد المفهوم/ المصطلح غريبًا. وأكمل أنّه مع هذا الانتشار، تمكن ملاحظة مشاكل تعليم العربيّة العديدة، على الرغم من انتشار هذا التعليم والكثير من المحاولات، منها ما هو على صعيد المناهج، أو مقاربات المؤسّسات التعليميّة لهذا التعليم وتقديرها لدوره وأهمّيّته، سواء على مستوى مواكبة هذا التعليم أكاديميًّا، أو المصادر المُساعدة، أو اختيار المعلّمين وتأمين التدريب والدعم اللازم لهم.

 

حول العلاقة بين تعليم العربيّة لُغة أولى وتعليمها لغير الناطقين بها: أوجه التماثل والاختلاف

بدأت د. السنّ حديثها بالإشارة إلى أنّ تعليم العربيّة للناطقين بها وللناطقين بغيرها يشهد اختلافات وتماثلات مهمّة. من أوجه الاختلاف: توفّر البيئة اللغويّة الطبيعيّة، إذ لدى ناطقي اللغة العربيّة بيئة لغويّة تساعدهم على تعلّم اللغة بشكلٍ تلقائيّ وعفويّ؛ اللهجات والتنوّع اللغويّ، حيث يواجه الناطقون باللغة العربيّة القياسيّة صعوبة في فهم اللهجات المحكيّة المُختلفة، بينما يشكّل هذا الأمر تحدّيًا للناطقين بغيرها بين اللهجات واللغة القياسيّة؛ مشاكل النطق والتهجئة، وهي صعوبة تعلّم بعض أصوات العربيّة؛ التواصل الثقافيّ، فعلى غير الناطقين بالعربيّة، تعلّم سياقات اللغة الثقافيّة والاجتماعيّة. أمّا عن أوجه التماثل: الأدوات التعليميّة، فيمكن استخدام الكتب المدرسيّة، والموادّ التعليميّة، لتعليم المفردات ومهارات القراءة والكتابة، والتي تعدّ جزءًا مهمًّا من عمليّة التعلّم. وأنهت مداخلتها بأنّ تعلّم اللغة عمليّة شخصيّة تعتمد على الجهود الفرديّة والبيئة التعليميّة المتاحة في المدرسة. 

من جهتها، أضافت أ. كمال أنّ التعرّض إلى اللغة موجود في تعليم الناطقين وغير الناطقين، وفي الحالتين، يجب توفير بيئة تعلّم، وتطوير المهارات الأربع الأساسيّة، ما يُساعد على تحقيق توازن شامل في تعلّم اللغة. وأشارت إلى أهمّيّة استخدام التكنولوجيا والمصادر التعليميّة في تعليم العربيّة. وعن أوجه الاختلاف، بيّنت أ. كمال هذا الاختلاف عند الاستثمار في المهارات الأربع الأساسيّة؛ فعند الناطقين بالعربيّة، يُمكن التركيز على القراءة والمحادثة للتحدّث بشكلٍ فعّال وصحيح، بالإضافة إلى تعزيز الفهم اللغويّ وتنمية المفردات. أمّا عند غير الناطقين، فيتعيّن أن يشمل التدريس تطوير المهارات مع التركيز على استخدام اللغة في سياقات اجتماعيّة وتواصليّة. وذكرت أنّ وجهًا آخر للاختلاف، هو التعامل مع تحدّيات البداية، فالناطقون بالعربيّة لديهم خبرة مسبقة وفهم للثقافة والسياق، وهذا ما يُمكّن من تجاوز بعض الخطوات في تعليم اللغة، بينما يتطلّب الأمر عند غير الناطقين البدء من الصفر، ما يتطلّب جهدًا أكبر.

 

عن العلاقة بين الفصحى والمحكيّات

ركّزت أ. الكوكي على أنّ الهدف من تعليم اللغة هو التواصل. ومن هُنا، يتوجّب تحديد ما هي حاجات المتعلّم واهتماماته. وأشارت إلى ضرورة التركيز على أهمّيّة اللغة العامّيّة أو المحكيّة أو الدارجة، كونها الربط بين حياة الطالب وهويّته، وتثمينه لعلاقته مع أجداده وثقافته. أمّا عند الحديث عن الطلبة الأجانب، فركّزت على ضرورة المزج بين تعليم الفصحى والمحكيّة، كون المحكيّة هي واقع الفُصحى، وهي التعامل اليوميّ الواقعيّ. وأشارت أ. الكوكي إلى أنّ المحكيّة مدخل شفويّ مهمّ، لها حمولة ثقافيّة تُثرى بالاختلاف وبالتعلّم.

أمّا أ. أمين فداخل حول فكرة الفُصحى كلغة مشتركة في تعليم اللغة، نظرًا إلى الاختلاف الثقافيّ الكبير. ولكنّ توظيف العامّيّة يتمّ في بعض السياقات لاحقًا لعلاقة الطفل بالعائلة. أمّا المتحدّرون من عائلات غير عربيّة، فيمثّل الانطلاق من الفصحى عاملًا مهمًّا وضروريًّا. وأضاف أ. أمين، عن تعليم خصائص اللغة، أنّ تعليم العربيّة لغير الناطقين بها يبدأ من الصوتيّات، وبالنسبة إلى خصائص العربيّة الأُخرى، مثل الاشتقاق، فالأفضل بدء التعليم بالفعل الحاضر المحسوس والمُعاش، ومن ثمّ الماضي وهكذا.

وعادت أ. الكوكي للإشارة إلى تعليم العربيّة لغير الناطقين بها باستراتيجيّة التدرّج، من الأبسط إلى الأكثر تعقيدًا، وهكذا يصبح تعلّم اللغة مثل اللعبة التفاعليّة، والمخزون اللغوي الكبير الذي يفتخرُ به الطلّاب ويتحمّسون لاستخدامهِ. كما داخلت حول تعلّم الصوتيّات، مُعرّجة على فكرة قابليّة تعلّم الأطفال الصوت أكثر من الكِبار؛ فتعرّض الطفل، سمعيًّا، إلى مساحة من المنطوق، يؤسّس لمرحلة مهمّة من تعلّم اللغة صوتيًّا.

 

دور المعلّم في تعليم العربيّة لغير الناطقين بها

داخلت أ. كمال حول الدور الحاسم للمعلّم في تعليم اللغات، فعليه التحلّي بصفات ومميّزات، منها احترافيّة التعليم. وأن تكون لديه القدرة على تصميم الدروس، وإتقان اللغة والتواصل غير اللفظيّ، وأيضًا الفهم العميق للثقافة والقيم العربيّة، والقدرة على التخصيص والتركيز على احتياجات المتعلّمين، والصبر والتفهّم، وتشجيع الحوار والمحادثة، وهذا مهمّ لهذا النوع من التعليم بشكلٍ خاصّ، واستخدام وسائل تعليميّة متنوّعة، وتعزيز روح التحفيز والثقة.

أمّا د. السنّ فأضافت أنّ على معلّم اللغة العربيّة لغير الناطقين بها، أن يكون متفهّمًا للخلفيّات الثقافيّة المُختلفة للطلّاب، واحترام تنوّعهم، إلى جانب استخدام منهج مناسب للطلّاب، إلى جانب استخدام التكنولوجيا لتكون عاملًا مساعدًا في تجربة التعليم، بالإضافة إلى طريقة تقديم الملاحظات والتقييم للمتعلّمين، ما يساعدهم على تحسين مهاراتهم. وذكرت د. السنّ مشكلة النظر إلى تعليم اللغة العربيّة لغير الناطقين بها كأمر يسير، حيث تلجأ بعض المدارس أحيانًا إلى اختيار معلّم ناطق بالعربيّة لا متخصّص، وتغيب الاستراتيجيّات المناسبة لكلّ مرحلة.

هُنا، شاركت أ. الكوكي فكرة أنّ لمعلّم العربيّة حقوقًا، ومن الضروريّ أن يتعرّض إلى ورش وتدريبات مختصّة في تعليم اللغات الثانية، كون الاستراتيجيّات هي ذاتها. وأكّدت على أهمّيّة تزويد المعلّمين بموارد ومصادر من أجل تحسين نوعيّة تعليم الطلّاب. كما أشارت إلى ضرورة التفاعل بين معلّمي العربيّة وبقيّة معلّمي الموادّ المُختلفة.

 

مصادر المعلّمين وخصائصها: ماذا عن المعايير العربيّة في بناء المناهج

داخلت أ. الكوكي بأنّ هُناك مُحاولات ترجمة سياقيّة عربيّة لبعض المناهج، على غرار المُشاركة في AERO World Language Standard، برفقة د. هنادي ديّة، عضو الهيئة الاستشاريّة في منهجيّات، لتحويل الوحدات والمناهج وتطويعها لجعلها مناسبة للسياق العربيّ. وأشارت إلى استخدام كُتب الألكسو، وهي كتب مهمّة قادت إلى نتائج جميلة مع الطلبة، إلى جانب تعزيز مهارة التفكير الناقد لدى الطلبة، ومن ثمّ تعريضها إلى مصادر ومناهج مُختلفة، وبالتالي تتشكّل لديهم قدرات على الاختيار منها ما يلائم المراحل الدراسيّة.

وشاركت د. السنّ بأنّه إلى يومنا هذا، وللأسف، لا توجد معايير عربيّة موحّدة لتعليم اللغة العربيّة لغير الناطقين بها، أو حتّى للناطقين بها، مُشيرة إلى وجود موارد وإطارات توجيهيّة تستخدمها المؤسّسات التعليميّة.  وداخلت حول التعلّم المفاهيميّ، وحول أهمّيّة بناء الوحدات بطريقة تُحاور الإشكالات، وهُنالك بعض الكتب شكّلت مصادر ضمن هذا المجال، وهي كتاب "يا هلا"، و"كلمن"، ومشروع "طلاقة"، هذه المشاريع حاولت بناء مرجع ضمن التعلّم المفاهيميّ الذي نسعى إلى تحقيقه.

وشارك أ. أمين تجربة بناء منهج ووحدات تعليميّة عند بدء تجربة تعليمه في الصين، ودأبه على بناء منهاج ووحدات خاصّة دائمًا، لما يشكّل هذا الأمر من تحديث في المضامين يتجدّد من خلاله المعلّم. وأشار، ضمن هذا السياق، إلى أهمّيّة مشاركة المعلّمين مصادر مُختلفة غنيّة وثريّة، ولكنّ على كلّ معلّم أن يبني وحداته موظّفًا هذه المصادر، ومراعيًا سياقه المُختلف.

 

عن بناء الوحدة التعلّميّة

أشار أ. الأمير إلى مقال أ. الكوكي "تعليم العربيّة لغة ثانية وعناصر تصميم وحداتها التعلّميّة" ضمن ملفّ عدد مجلّة منهجيّات 13، صيف 2023، والذي يحمل عنوان "تعليم اللغة العربيّة في المدارس: مداخل واستراتيجيّات"، داعيًا أ. الكوكي إلى الحديث عن بناء الوحدة التعلّميّة.

تحدّثت أ. الكوكي عن أهمّيّة وضع نقاط بدء، ونقاط انتهاء. وعلى معلّمي العربيّة تحديد مستوى الطلّاب بعد ثلاث سنوات، هذا التحديد الاستراتيجيّ، يساعد على بناء الوحدات تدريجيًّا كلّ سنة، بشكلٍ جماعيّ، وصولًا إلى نقطة البداية. وأشارت إلى ضرورة النظر إلى حاجات الطالب، وما يتعلّم في الموادّ الثانية، ومن ثمّ البناء بناءً تكامليًّا، حتّى نعزّز مهارات الطالب، وتأمين مشاركته في تصميم الوحدات المعلّمين، من خلال ما يستجدّ من أحداث وظروف، بالنظر إلى المحاور والأهداف المُحدّدة سابقًا.

أكّد أ. أمين على نقطتين: الأولى محوريّة الطالب في تعلّمه. الثانية أهمّيّة التكامل في الموادّ في إكساب اللغة، ما يعمّق المفاهيم عند الطلبة.

 

بين تعليم اللغة والتعليم عن اللغة... تزامن أم تراتبيّة؟

أشارت أ. كمال إلى أنّ العلاقة بين تعليم اللغة وتعليم الثقافة في سياق تعليم لغة جديدة، علاقةٌ مترابطة ومتداخلة، وهي ليست علاقة تزامنيّة وتراتبيّة بشكلٍ صريح. وأضافت أنّ التواصل يعزّز الثقافة، فيمكن للمتعلّمين التفاعل مع النصوص والمحادثات الثقافيّة، وهذا يساعدهم على فهم العادات والتصوّرات الثقافيّة للمجتمعات التي تتحدّث هذه اللغة. ومن ناحية أُخرى، الثقافة تعزّز التواصل الفعّال، ففهم الثقافة المتعلّقة باللغة يساعد على تحسين التواصل. وفي هذا، شرحت أنّ تعليم بعض المصطلحات يُمكن أن يتمّ من خلال وضعها في سياق ثقافيّ، ما يخلق فهمًا أوسع لهذه المصطلحات، ويعزّز تعلّمها.

ضمن السياق ذاته، تحدّثت د. السنّ عن الدوائر الثلاث في نظام البكالوريا الدوليّة، وهي تعلّم اللغة، والتعلّم عن اللغة، والتعلّم من خلال اللغة، ومن خلال هذه الدوائر، يُمكن بناء أهداف الوحدة. وأكّدت على أنّ تعلّم اللغة للتواصل وتعلّمها للثقافة لا ينفصلان.

وهُنا، أشار أ. الأمير أنّ ما يُطبّق ضمن نظام البكالوريا الدوليّة، يُمكن تطبيقه في أيّ نظام آخر، ذلك من خلال الاستفادة من المهارات والمصادر.

 

ماذا عن السياق، خصوصًا للطلّاب خارج العالم العربيّ؟

تحدّث أ. أمين عن مشكلتين: الأولى البيئة، والثانية تعدّد اللهجات. ومن هُنا، أشار إلى محاولته بناء بيئة تعليميّة يستطيع الطالب التطبيق من خلالها، أو من خلال التعاون مع أولياء الأمور، فيحاورهم الطالب بالفصحى ويعرض هذا الحوار. وأشار إلى نقطة أُخرى، هي استغلال الاحتفالات والمناسبات، كاليوم العالميّ للغة العربيّة، ما يحمّس الطلبة للتفاعل مع الثقافات للتعبير عن ثقافتهم، وفي الوقت نفسه، التعلّم أكثر عنها. وأكّد على فكرة البيئة، والمحاولات الدائمة لخلق بيئات صغيرة؛ واقعيّة أو افتراضيّة، في السوق أو في البيت أو في المدرسة، من أجل مُمارسة العربيّة مُمارسةً أدائيّة واقعيّة.

هُنا ركّزت أ. كمال على أهمّيّة التوازن في تعليم اللغة بين الفُصحى والمحكيّات، لدور هذا التوازن في تعزيز التواصل الشفهيّ. إلى جانب بناء بيئة تعليميّة تُحاكي البيئة الواقعيّة، مع جمهور حقيقيّ حتّى يتمكّن الطلبة من تحقيق تفاعل فعليّ يزوّدهم بالثقة، والشغف لعرض المزيد، ما يزيد من مهارات التواصل. وشدّدت على ضرورة عمليّة التخطيط، لبناء الوحدات تجاوبًا مع أهداف هذه العمليّة، موظّفين الأدوات والمصادر والأنشطة من أجل ذلك.

 

تفاوت مستويات المتعلّمين اللغويّة: صفوف تتبع المرحلة أم بحسب المستوى اللغويّ

تحدّثت د. السنّ عن العقبات التي تبدأ باختيار معلّم غير متخصّص لتعليم العربيّة لغير الناطقين، ما يقود إلى عمليّة تقييم غير دقيقة للطلبة. ومع تحليل البيانات والامتحانات، لا نلامس الواقع ضمن هذا السياق، فمكن المُمكن تشابه المستوى بين طالب في الصفّ الأوّل وطالب في الصفّ السابع، ولكنّ النقطة أنّ لكلّ مرحلة استراتيجيّاتها المُختلفة. ودعت د. السنّ المؤسّسات إلى النظر في توزيع الطلبة في الصفوف عن طريق المستويات، تُحاكي واقع المُدرّس، وبطبيعة الحال، لا تُهمل المرحلة العُمريّة اهمالًا تامًّا. 

هُنا أكّد أ. الأمير على صعوبة الوصول للصفّ الحُلم، ولكنّنا نسعى إلى تضييق الهوامش بين المستويات في الصفّ الواحد، ما يسهّل تعامل المعلّم مع مستويين أو ثلاثة، لا مع سبعة أو ثمانية.

وأشار أ. أمين إلى ضرورة تقريب الفجوة بين المستويات المُختلفة بين الطلبة، كون وجودها يثقل كاهل المعلّم في تحضير كمّ كبير من المصادر للتجاوب للمستويات المُختلفة.

 

استراتيجيّات تعليم اللغة العربيّة: من أين نبدأ مع المبتدئين؟

أشار أ. أمين أنّ البداية بالنسبة غليه، تكون من الحرف بأشكاله وأصواته، وبهذا يشكّل المقروء قاعدة للانطلاق إلى التحدّث والاستماع. مع التأكيد على عدم إهمال التواصل الشفهيّ.

وشاركت د. السنّ وجهة نظرها التي تؤكّد على التعليم من أجل الفهم، ويستطيع التلميذ أن يفهم حتّى لو لم تكن لديه مفردات، لأنّ الفهم يتجاوز الموادّ. لذا، ترى أنّ التعلّم يبدأ من التعلّم المفاهيميّ ومن ثمّ تُترجم هذه المفردات إلى صيغ وتراكيب وقوانين وقواعد.

وأضافت أ. الكوكي أنّ الاستراتيجيّة الناجحة كانت التواصل الشفويّ. وتحدّثت عن استخدام الكتابة للتعبير عمّا يجول في خاطر المتعلّمين، ومن ثمّ ربط الصوت بالحرف، مازجين التعلّم باللعب والغناء والشغف، ما يسهم في تعزيز تعلّم العربيّة عند الطالب. كما أشارت إلى محاورة د. هنادي ديّة في عدد منهجيّات 13، والتي تُلخّص جزءًا كبيرًا من مواضيع هذا الحوار، وتتطرّق إلى استراتيجيّات ومساحات جميلة.

وأمّا أ. كمال، فشاركت فكرة تعليم مهارات اللغة الأربع في الصفّ الواحد، فتبدأ بالحوارات البسيطة من خلال الصور والرسومات التوضيحيّة، وخلال تعليم هذه الحوارات البسيطة تُعرّض الطلبة إلى بعض الحروف، وبعد ذلك يتمكّنون من تكوين مقاطع، ومن ثمّ كلمات، فعبارات؛ أي تدريس شفهيّ مكتوب مربوط باستمتاع وتفاعل، يخلق تمييزًا بصريًّا للحروف والكلمات بشكلٍ غير مباشر. وأكّدت أ. كمال أنّ تعليم العربيّة يتمّ بالتركيز على المهارات الأربع في الوقت ذاته، وبهذا أيضًا نستطيع مراعاة المستويات المُختلفة للطلّاب.

 

أسئلة الجمهور

- كيف نُقدّم تقويمًا قبليًّا للطلّاب يراعي الفروق الفرديّة مدّته ثلاث دقائق؟

أجابت أ. كمال أنّها تؤيّد فكرة التقييم المستمرّ، وأن تكون التغذية الراجعة فوريّة وفعّالة. ولكن في سياق السؤال، علينا تحديد مستوى الطالب، وبناءً على المستوى نُصمّم هذا التقويم من أجل معرفة المستوى.

- هل يجب أن أكون متمكّنا من لغة المتعلّم؟

أجاب أ. أمين أنّه ليس شرطًا إتقان لغة المتعلّم، بل يجب أن تكون بعيدًا عنها، إلّا في الحالات الضروريّة جدًّا. وذلك من أجل تحقيق هدف تمكين الطالب من اللغة، لئلّا نُعلّمهم ترجمةَ اللغة.

- ماذا يجب أن يدرس المعلّم؟

أجابت د. السنّ بأنّ عليه أن يكون متخصّصًا أوّلًا، ومن ثمّ دارسًا لاستراتيجيّة تعليم القرن الحادي والعشرين، في التعلّم المفاهيميّ، وفي التعلّم المبني على الفهم والتساؤل.

- هل يجب على معلّم العربيّة لغير الناطقين أن يتقن لُغة أُخرى؟

أجابت أ. الكوكي أنّ تجربة هذا المعلّم ستساعده على أن يفهم هذا التحدّي. فتعلّم لغة ثانية يخلق فهمًا أوسع للآخر، وعلى هذا التعلّم أن يتجاور مع التقييم التكوينيّ، والتشجيع، ومواكبة العصر.
وأضاف أ. الأمير أنّ أي معلّم في هذا العصر، عليه أن يتقن لغة ثانية غير لغتهِ، وأن يتطلّع إلى المصادر المُختلفة.
وأضافت أ. كمال عن أهمّيّة استخدام اللغة الثانية داخل الغرفة الصفّيّة، من الأفضل الحديث بالعربيّة، ولكن لا يخلو الأمر من توضيح بعض الإرشادات، وبالتالي توزيع الوقت90% بالعربيّة و10% أُخرى.