عقدت منهجيّات ندوتها لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بعنوان "التنمّر في الحياة المدرسيّة: أسباب ونتائج ومعالجات". وركّزت على محاور مختلفة، هي:
1. التنمّر في المدارس- المفهومات والأسباب
2. تأثيرات التنمّر في الطلّاب والمجتمع المدرسيّ
3. في مواجهة التنمّر
استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثين، هم: د. جالا رزق، محاضرة وباحثة في علم النفس الإكلينيكيّ في جامعة غلاسكو، فلسطين؛ أ. أميرة فهمي، مساعدة مدير عام مجموعة مدارس أوازيس الدوليّة، مصر؛ أ. أنضوني عطالله هنديلة، مرشد في المرحلة المتوسّطة في مدرسة الأهليّة والمُطران، الأردن؛ أ. شادي عمّاري، مشرف الإرشاد المدرسيّ في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، قطر/ الأردنّ.
أدار الندوة د. مروان حسن، كاتب ومؤلّف متخصّص في مجال التربية والعلوم الاجتماعيّة، وعضو هيئة تحرير مجلّة منهجيّات. استهلّ د. حسن الندوة بالتعريف بمنهجيّات مجلّة تربويّة إلكترونيّة دوريّة، موجّهة لكلّ العاملين في القطاع التربويّ في السياق المجتمعيّ. تعمل المجلّة على نشر المساهمات العربيّة والعالميّة المثرية والملهمة دوريًّا، وبأشكال تعبير مختلفة ووسائط متعدّدة، وتتابع المستجدّات في الحقل، وتشجّع الحوار الذي يثري التجربة التربويّة في العالم العربيّ، ويجعل منها مصدرًا إنسانيًّا ومعرفيًّا قيّمًا للأفراد والمؤسّسات. ودعا جمهور الندوة إلى متابعتها والمُشاركة في أقسامها.
المحور الأوّل: التنمّر في المدارس- المفهومات والأسباب
قدّم د. حسن للمحور بأنّ هُناك خلطًا للمفاهيم في أوساط الأهالي والمعلّمين والطلبة، بين التنمّر ظاهرةً مُحدّدة وسلوك عدوانيّ بين الطلّاب. يؤثّر هذا الخلط في حلّ المشكلة الموجودة، ما يؤدّي إلى طرح حلول أقلّ فعّاليّة لحلّها، ومن هُنا، طرح د. حسن سؤالًا تأطيريًّا للمحور، هو:
ما مفهوم التنمّر في المدارس؟ وكيف يمكن تميّيز التنمّر عن السلوك العدوانيّ بين الطلّاب؟
قدّمت د. رزق تعريفًا للتنمّر على أنّه "الأذى المُتكرّر والمُتعمّد لشخص أو مجموعة، أو من قِبل شخص أو مجموعة، حيثُ تعرّف العلاقة باختلال توازنيّ في القوى". وأشارت إلى أنّ التنمّر قد يكون جسديًّا أو لفظيًّا أو نفسيًّا، وقد يحدث وجهًا لوجه، أو عبر الإنترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ. وأطّرت العناصر الأساسيّة لمفهوم التنمّر على أنّها التكرار، والنيّة المتعمّدة، والاختلال في توازن القوى. ومن هذا المنطلق، تطرّقت د. رزق إلى ضرورة الاعتماد على هذه العناصر للتفريق بين سلوك تنمّر أو سلوك غير تنمّر، فالتدخّل المُناسب مبنيّ على تحديد السلوك وتأطيره. وأضافت أنّه لا يمكننا اعتبار أيّ سلوك غير مرغوب بهِ أو عدوانيّ تنمّرًا. وفي الوقت نفسه، على المجتمع المدرسيّ أن يكون حذرًا وأن يتعامل مع التنمّر، كون تجاهل التعامل مع التنمّر يعزّز وجوده وانتشاره. وعند النظر إلى العناصر الأساسيّة المذكورة، نرى أنّ تكرار السلوك مهمّ، فلا نعتبر، مثلًا، خلافًا بين أصدقاء سببه اختلاف وجهات نظر تنمّرًا. وكذلك، هناك عنصر الاختلال في توازن القوى في العلاقات، على سبيل المثال، قد يكون هذا الاختلال بين طلبة من أعمار أو أحجام مختلفة، وقد يقع ضمن أشكال أُخرى أكثر صعوبةً في تحديدها وتمييزها، مثل الطلبة الذين يعانون صعوبات تعلّميّة أو احتياجات خاصّة، وهذا قد يخلق اختلالًا في توازن القوى. وذكرت مواقف مختلفة للتمييز بين السلوك غير مقبول، والتنمّر أخذًا بعين الاعتبار العناصر الأساسيّة المذكورة إطارًا مُعرّفًا للتنمّر، وتمييزه عن سلوكيّات أُخرى.
ما أنواع التنمّر الشائعة التي نراها في المدارس؟ وما أشكاله؟
أجابت أ. فهمي أنّ المتنمّر شخص عانى خللًا في التربية أو في البيئة التي نشأ ضمنها. وأشارت إلى أنّ سلوك التنمّر يعودُ إلى أسباب مختلفة، منها الاختلال في التوازن، أو الرغبة بلفت الانتباه، أو الانتقام، أو الشعور بالعجز. ومن هُنا، يختار المُتنمّر أن يُمارس سلوكه بناءً على الاختلاف في المظهر أو الجنس أو العمر أو الديانة أو الجنسيّة أو الحالة الاجتماعيّة، أو ممّن لديهم مشاكل صحّيّة أو إعاقات، ويكون هذا السلوك مدفوعًا برغبة في إظهار القوّة وفرضها عبر اختيار أشخاص محدّدين لإشعارهم بنقطة العجز عندهم. وقد يكون التنمّر نتيجةً لإحساس بالغيرة من المتفوّقين أو الموهوبين، أو المنطوين والخجولين، أو وافدين جدد إلى بلد جديد أو مدرسة جديدة. ولفتت أ. فهمي الانتباه إلى أنّ التنمّر قد يمتدّ إلى مختلف فئات المجتمع المدرسيّ، فقد يُمارس من قِبل طالب تجاه معلّم، أو من معلّم تِجاه طالب. وذكرت أشكال التنمّر، فمنها تنمّر بدنيّ أو لفظيّ أو اجتماعيّ أو نفسيّ أو إلكترونيّ.
هُنا، أشار د. حسن إلى أنّ سلوك التنمّر دخيل على الطلّاب، وطرح سؤالًا:
ما العوامل النفسيّة والاجتماعيّة التي قد تدفع الطالب إلى التنمّر على زملائه؟
تحدّث أ. عمّاري حول أنّ الأطفال أو الطلبة يُمارسون التنمّر لاعتقادهم بأنّه وسيلة فعّالة للحصول على ما يريدون، أو لعدم تفهّمهم مشاعر الآخرين، أو لإثبات الهيمنة الاجتماعيّة. ومع مرور الوقت، يصبح التنمّر حالة غير صحّيّة وغير تكيّفيّة بشكلٍ متزايد. وأشار إلى أنّ عدم التعامل مع السلوك العدوانيّ عند الأطفال بطريقةٍ سليمة، يفشل الأطفال لاحقًا في تطوير كوابح داخليّة لسلوكيّات عدوانيّة، فتصبح نمطًا أو أسلوبًا دائمًا.
وفي مداخلته حول العوامل، ذكر أ. عمّاري أنّ العوامل الاجتماعيّة، كنقص المهارات، أو المنافسة الاجتماعيّة غير السويّة، أو الرغبة في السيطرة على الآخرين، كلّها أسباب تدفع الطالب إلى التنمّر على زملائهِ. وأضاف أنّ ضغوطات الأقران، كون الأطفال في سنّ المدرسة يتعرّضون إلى ضغوطات كبيرة ليظهروا بمظهر مرغوب لدى أقرانهم، واعتقادهم بأنّهم إن لم يُمارسوا التنمّر سيصبحون ضحيّة لهُ في ما بعد.
وأشار إلى مجموعة عوامل عائليّة أُخرى، مثل سوء المعاملة أو الإهمال أو الطلاق؛ فالتنمّر طريقة الأطفال للتعبير عن غضبٍ مكبوت أحيانًا، أو عدم تقديم الأهل الدعم العاطفيّ والتواصليّ المُناسب إليهم. كما ذكر مجموعة عوامل نفسيّة - عاطفيّة، كتدنّي احترام/ اعتبار الذات، أو تضخّم لاحترام/ اعتبار الذات تصل بالفرد إلى الغرور والتعالي، وعدم إحاطة الطفل ولفت انتباهه إلى أهمّيّة التعاطف ومراعاة مشاعر الآخرين، إلى جانب أنّ التنمّر قد يكون نتيجة رغبة بإظهار الذات أو الغيرة، والتي تُنتج فروقات قوّة متخيّلة غير واقعيّة. وتحدّث أ. عمّاري حول دراسات تُشير إلى مشاكل سلوكيّة، مثل فرط الحركة، أو نقص الانتباه، على أنّ الأعراض المُبكرة قد تكون مرتبطة بالتنمّر نتيجةً.
وذكر أ. عمّاري أنّ العوامل المدرسيّة مهمّة في هذا السياق، وشدّد على أهمّيّة معالجة السلوكيّات العدوانيّة مُعالجةً سليمة من أجل تجنّب الأثر والضرر الناتج عنها على المُتنمِّر والمُتنمَّر عليه. كما تحدّث عن الإعلام والثقافة المجتمعيّة على أساس أنّها عوامل مُسبّبة للتنمّر، فالأفلام العنيفة، وبعض الألعاب الإلكترونيّة، قد يكون لها دور في التأثير في سلوك بعض الطلبة ليصبحوا متنمّرين. وأشار أ. عمّاري إلى أنّ المتنمّر غالبًا ما يكون شخصًا ضعيفًا، يشعر بتدنّي أو تضخّم في اعتبار الذات، وهو بحاجة إلى دعم ومساعدة بشكلٍ حقيقيّ. واختتم أ. عمّاري بالإشارة إلى عدم وجود سبب وحيد يفسّر حدوث التنمّر، إذ يمكن أن يكون الطفل/ الطالب مُتنمّرًا لأسباب عديدة ومختلفة.
كيف تسهم بيئة المدرسة والثقافة المجتمعيّة في انتشار ظاهرة التنمّر؟
داخل أ. هنديلة حول أهمّيّة النظر إلى بيئة المدرسة والثقافة المُجتمعيّة كأساسين للتأثير في شخصيّة الطفل/ الطالب. فأشار إلى أهمّيّة النظر إلى بيئة المدرسة، والتي لها دور هامّ بالشراكة مع الأهل في الحدّ من ظاهرة التنمّر، من مناحٍ مختلفة: الأوّل وقائيّ، فمن المهم أن يكون للمدرسة قيم واضحة، كالاحترام وتقبّل الآخر، ورفع الوعي بهذه القيم، وهذه مهمّة لجميع أعضاء المجتمع المدرسيّ لحماية هذه القيم، وتطبيقها من خلال الأنشطة والمناهج، وفي الوقت نفسه، إيمان الأهل بهذه القيم وتطبيقها في البيت.
والثاني تطبيق حصص تعلّم المهارات الاجتماعيّة الانفعاليّة، وهي مهارات متكاملة عبر السنوات، تهدف إلى رفع الوعي النفسيّ والاجتماعيّ للطلّاب، وتساعدهم على فهم التنمّر، وإيجاد حلول لمواجهة التنمّر، وأيضًا معرفة الوِجهة التي عليه أن يلجأ لها في حال احتاج إلى تدخّل. بالإضافة إلى أنّ هذه المهارات تُساعد الطالب على التعرّف إلى مشاعرهِ ووضع حدود شخصيّة ويحترمها، ما يُشكّل بمجملهِ أساسًا لبيئة مدرسيّة آمنة.
والثالث تسليط الضوء على رفع مستويات تقدير الذات، من خلال مساعدة الطلبة على اكتشاف مواهبهم، وهذا دورٌ أساسيّ للأهل كذلك. ومن منحى آخر، رفع مستوى تقدير الذات للطالب يُساعده عند التعرّض إلى موقف تنمّر، على أن يتعامل مع هذا الموقف بكفاءة، من دون أن يقلّل هذا الموقف من تقديرهِ لذاته.
وأضاف أ. هنديلة أنّه من المهم أن تتوفّر لدى المدرسة سياسة واضحة للضبط المدرسيّ، ما توفّر بُعدًا وقائيًّا تنظيميًّا لحياة الطلبة في المدرسة، وتساعد الطالب على معرفة التفاعلات الاجتماعيّة المقبولة في المدرسة، وتمييزها عن تلك غير المقبولة. وفي الوقت نفسه، للسياسة بُعدٌ يُساعد في تدخّل كوادر المدرسة عند وقوع سلوك تنمّر، للمحافظة على بيئة آمنة للطلّاب.
وأمّا عن الثقافة المجتمعيّة، فسلّط أ. هنديلة الضوء على نقطة مهمّة في المجتمع العربيّ، وهي تطبيع المزاح القاسي، ما يقلّل من شأن الشكوى بخصوص هذا المزاح مثلًا، ما يحدّ، كذلك، من التعبير عن المشاعر والمواقف التي يتعرّض إليها الطلبة. وأشارَ إلى أزمة أمام المشكلة التعبيريّة عند الذكور، ما يحدّ من تعبيرهم عن مواقف تعرّضوا فيها إلى تنمّر، كونها وفقًا لصورة مجتمعيّة، تُقلّل من "رجوليّة" الطالب، وفيها اعتراف ضمنيّ بالضعف، وهذا أمرٌ خطأ.
المحور الثاني: تأثيرات التنمّر في الطلّاب والمجتمع المدرسيّ
افتتح د. حسن المحور بالإشارة إلى أنّ ظاهرة التنمّر لا تؤثّر في الفرد وحسب، إنّما يمتدّ هذا التأثير ليشكّل تهديدًا للمُجتمع المدرسيّ بأكمله، وهو ما يثير عدّة تساؤلات، منها:
من الفئات الأكثر عرضة إلى التنمّر في مدارسنا في العالم العربيّ؟
أكّدت د. رزق أنّ الحديث عن الفئة الأكثر تعرّضًا إلى التنمّر يهدف إلى تمكين الكادر التربويّ من حماية هذه الفئة، لتصبح البيئة المدرسيّة بيئة دامجة وشاملة وآمنة لجميع الطلّاب وقدراتهم. كما يهدف الحديث عن الفئات إلى رفع الوعي حولهم والانتباه إليهم، ولا يأتي ضمن إطار التعميم.
ووفقًا للدراسات والخبرات، هناك فئات من الطلّاب يتعرّضون إلى التنمّر أكثر من غيرهم، وهم الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصّة، أو الذين يعانون اضطرابات النموّ العصبي، مثل التوحّد، واضطراب نقص الانتباه، أو فرط الحركة (ADHD). وهنالك أبحاث طويلة المدى، يتابع فيها الباحثون تطوّر الطلّاب على مدى سنوات، تؤكّد أنّ شدّة هذه الاضطرابات تزيد من عرضة الطلّاب للتنمّر والصعوبات الاجتماعيّة. وأشارت د. رزق إلى أنّ الأبحاث تدرس أسباب عرضة هذه الفئات، وما العوامل المؤثّرة في تعرّضهم إلى التنمّر، وكيف تُمكننا مساعدتهم من خلال هذه العوامل، ومنها نقص الثقة بالنفس، وصعوبة التحكّم بالعواطف والسلوك، وصعوبات في المهارات الاجتماعيّة. هذه العوامل، والتي قد تُؤدّي إلى أن يكون الطالب مُتنمرًّا أو مُتنمَّرًا عليه، تقودُ إلى اختلال توازن القوى في العلاقات الاجتماعيّة.
وأضافت د. جالا، أنّه على المجتمع المدرسيّ الانتباه إلى فئات الطلّاب الذين يتعرّضون إلى عُنف في منازلهم، أو إلى الطلبة اللاجئين، أو طلبة يعانون أوضاعًا اقتصاديّة صعبة، وهُنا تؤدّي هذه الاختلافات إلى حدوث التنمّر بناءً على الاختلاف. وهُنا، أكّدت د. جالا على أهمّيّة تحديد هذه العوامل ومناقشتها بين المعلّمات والمعلّمين، كون هذا التحديد والنقاش سيساعد في توفير دعم للطلّاب، وتدخّلات مختلفة لمعالجة سليمة وصحّيّة للظاهرة، عبر نمذجة سلوكيّات تعاطفيّة وترحيبيّة وتقبّليّة، تُسهم في تعزيز بيئة آمنة تحترم الجميع.
كيف يمكن أن يؤثّر التنمّر في الطالب الذي يتعرّض إليه؟
أشارت أ. فهمي إلى مجموعة آثار يُسبّبها التنمّر، وهي:
- - آثار نفسيّة، مثل القلق والاكتئاب، والشعور بالعجز وفقدان الثقة، وهو ما قد يؤدّي إلى تدهور الصحّة العقليّة والانطواء الاجتماعيّ، والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى الانتحار.
- - آثار اجتماعيّة، مثل العزلة، وصعوبة التواصل مع الآخرين، وتدهور العلاقات الاجتماعيّة.
- - آثار أكاديميّة، مثل التوتّر والتشتّت الذهنيّ، وضعف التركيز، وانعدام الرغبة في الذهاب إلى المدرسة.
- - آثار جسديّة: ندبات وجروح طويلة الأمد.
وشاركت فكرة، هي احتماليّة أن يكون التنمّر مصدرًا لطاقة إيجابيّة تدفع إلى الأمام، وذكرت أمثلةً مختلفة من شخصيّات اعتبرتها ناجحة، تعرّضت إلى التنمّر، مُشيرةً إلى ضرورة معالجة من يتعرّض إلى التنمّر من خلال تحويل الإحساس بالذات إلى قوّة تدفع إلى الأمام.
ما الآثار النفسيّة والاجتماعيّة التي يسبّبها التنمّر في الطلّاب المتنمّرين أنفسهم؟
وذكر أ. عمّاري مجموعة آثار على الطلبة المُتنمّرين أنفسهم:
- - صعوبة في التنظيم العاطفيّ، والتحكّم في الغضب. وقد تتصاعد هذه السلوكيّات العدوانيّة، إن لم تُعالج، إلى أفعال مُعادية للمُجتمع، مثل الإيذاء الجماعيّ، أو تخريب المُمتلكات العامّة، أو إشعال الحرائق، أو إيذاء الحيوانات.
- - قد يصيرون أكثر عُرضة لمشاكل الصحّة النفسيّة، مثل الاضطرابات أو القلق.
- - قد يصيرون أكثر عُرضة إلى مواجهة المشاكل القانونيّة والإدانات الجنائيّة، نتيجةً لمُمارسات مختلفة، مثل تعاطي المخدّرات.
- - صعوبات في تكوين علاقات صحّيّة حالية، وفي المُستقبل قد تتطوّر إلى إساءات وعنف تِجاه الشريك.
- - نتيجةً لسلوكيّاتهم، تُمارَس عليهم سياسات عزل وإقصاء من الطلبة، ما يؤثّر في حالتهم الشعوريّة تجاه المدرسة، والسعي للتسرّب منها.
- - قد يواجهون فشلًا في الاستمرار في الوظائف مُستقبلًا، وعلاقات متوتّرة مع أولياء الأمور.
وأشار إلى ضرورة الانتباه إلى سلوك التنمّر، ومعالجته فورًا، لئلّا يتطوّر إلى أشكال وأنماط مختلفة. وأظهرت دراسات المركز الوطنيّ الأمريكيّ، أنّ أي شخص متنمّر أو متنمّر عليه، معرّض لخطر متزايد للإصابة بالاكتئاب. وأكّد على ضرورة تركيز التدخّلات على التعاطف والتفهّم في أثناء المعالجة، وأنّ نمكّنهم من آليّات تكيُّف ومعالجة أيّ مشاكل صحّيّة كامنة.
كيف يؤثر التنمّر في المناخ العام في المدرسة وفي أداء الهيئة التدريسيّة (الطالب – الطالب؛ المعلّم – الطالب؛ الطالب – المعلّم؛ الإدارة – الطالب)؟
استهلّ أ. هنديلة مداخلته بعبارة أنّ التنمّر يؤثّر بشكلٍ سلبيّ في المناخ العام في المدرسة، كون التنمّر يجعل الطلبة غير مرتاحين في المدرسة، ويقلّل من دافعيّتهم إلى التعلّم. هذه النتيجة معاكسة لمعنى المدرسة، فالمدرسة عليها أن توفّر بيئة آمنة، تُشجّع الطلّاب على التجريب، والتعلّم من الخطأ.
أمّا عن التنمّر من طالب إلى طالب، فيؤدّي إلى جعل المدرسة مكانًا غير مُريح للطلبة المُتنمَّر عليهم، ويُشعرهم بالاغتراب. ومن معلّم إلى طالب، والذي قد يأخذ شكل تواصل غير مهنيّ ومدروس، وهو نوع خطير جدًّا لأنّ للمعلّم سُلطة تجعل من الطلّاب يتّخذونهُ قدوةً. كما إنّ المعلّم هو المَرجِع عند تعرّض الطالب إلى مثل هذي المواقف. وأشارَ أ. هنديلة إلى التنمّر من الطالب إلى المعلّم، مُتطرّقًا إلى الدور المهمّ الذي على المدرسة تأديته في اختيار المعلّم، وتمكينه من أجل التعامل بطريقة مهنيّة مع هكذا مواقف، وعدم التهاون مع الإساءة إلى المعلّم. وأمّا عن تنمّر من الإدارة إلى الطالب، فعلى الإدارة أن تكون بابًا مفتوحًا من أجل بناء علاقة سليمة بين عناصر مجتمع المدرسة.
المحور الثالث: في مواجهة التنمّر
أشار د. حسن إلى أنّ مواجهة التنمّر بحاجة إلى تضافر جهود، واستراتيجيّات واضحة تحمي الطلّاب، وتعزّز بيئة تعليميّة آمنة. وطرح أوّل أسئلة المحور:
ما الخطوات التي يجب على الإدارة المدرسيّة اتّخاذها للتصدّي لظاهرة التنمّر؟
داخلت أ. فهمي حول مجموعة إجراءات، على المدرسة اتّخاذها للتصدّي لظاهرة التنمّر، وبناء مساحة آمنة للطلبة، وهي:
1. التعليم والتوعية
- - تعريف الطلبة إلى مفهوم التنمّر وأهمّيّة المساحة الشخصيّة التي لا يجوز اختراقها.
- - توعية الطلبة إلى أهمّيّة اللطف والتعاطف والاحترام من خلال الأنشطة وتبادل الأدوار.
- - تعليم الطلّاب كيفيّة حلّ النزاعات سلميًّا.
- - تنظيم حملات توعية ممتدّة متزامنة للمجتمع المدرسيّ بكلّ مركّباته.
2. سياسات واضحة
- - وضع قواعد وعواقب لمكافحة التنمّر.
- - وضع سياسات واضحة لدمج الطلّاب الجدد والأجانب والموهوبين.
- - وضع سياسات واضحة لمتابعة الصحّة النفسيّة للطلّاب الذين تمّ التنمُّر عليهم، وذلك من خلال الاختصاصيّين النفسيّين في المدرسة، بالتعاون مع المعلّمين وأولياء الأمور.
- - تحليل سلوك الطالب المُتنمِّر للوصول إلى الدافع وراء السلوك.
3. بيئة داعمة
- - إنشاء مساحة آمنة حيث يُمكن للطلّاب الإبلاغ عن التنمُّر من دون خوف. وتحديد معلّم داعم/ مرجعيّ، يختاره الطالب بحرّيّة ويثق في اللجوء إليه وقت الحاجة.
4. تشجيع التواصل المفتوح
- - تشجيع الطلّاب وتدريبهم على التعبير، إذا تعرّضوا أو شاهدوا سلوك تنمّر.
كما شاركت أ. فهمي ظاهرةً، هي معالجة المعلّمين مشاكل الطلّاب بأنفسهم، وبالتالي عدم توفير فرصة لتدريب الطلّاب على التفكير، وحلّ المشكلات والتعاون معًا. وأشارت إلى ضرورة تشجيع الطلّاب وتدريبهم على التحدّث والتعبير المفتوح والمشاركة، وأشارت إلى استراتيجيّة محدّدة، هي:
اجتماع الفصل
- - يعتبر أداةً من أدوات الانضباط الإيجابيّ لتدريب الطلّاب على التواصل وحلّ المشكلات.
- - وتخصّص له حصّة ثابتة أسبوعيًّا.
- - يديره الطلّاب ويكون المعلّم عضوًا من أعضاء الاجتماع، مثل الطالب.
- - له خطوات ثابتة.
- - له أدوات خاصّة به: أداة التحدّث؛ أجندة الأعمال؛ صندوق المشكلات.
- - توكل المسؤوليّات إلى الطلبة: قائد الاجتماع؛ الميسّر؛ مسؤول الوقت؛ الكاتب.
وأشارت إلى أنّ دور هذا الاجتماع مهمّ في تعليم الطلّاب ملاحظة الجوانب الإيجابيّة في بعضهم، وتعزيز الروابط بين الطلّاب والمعلّمين، ورفع شعورهم بالانتماء، وتشجيعهم على التعبير عن المشاكل التي تواجههم، وبالتالي، المساعدة على حلّ المشكلات على جوّ من الاحترام الإيجابيّ.
كيف للمعلّمين أن يؤدّوا دورًا فعّالًا في رصد حالات التنمّر والتدخّل للحدّ منها؟
تحدّث أ. هنديلة أنّ دور المعلّم هو الأساسيّ في رصد الحالات، كونه المتفاعل الأوّل مع الطلّاب. ومن هُنا، من الضروريّ على المعلّم فهم إطار مفهوم التنمّر، والمحاور المذكورة من قِبل د. رزق تمهيدًا لعمليّة الرصد والمعالجة. كما عليه التعرّف إلى أنواع التنمّر، والانتباه إلى هذه الأنواع، كما إلى تكرار سلوك التنمّر وشدّته. كما أشار أ. هنديلة إلى ضرورة متابعة المعلّم النماء العاطفيّ والاجتماعيّ للطلبة، وإن لم توفّر الإدارة ذلك، على المعلّم أن يبحث ويطوّر من نفسه في هذا المجال. وقدّمَ شُكرًا لمنهجيّات كونها توفّر عددًا كبيرًا من المصادر بشكلٍ مجّانيّ ومفتوح.
وداخل أ. هنديلة حول أهمّيّة الحديث مع الضحية، وتشجيعه على التعبير بأمان، من أجل أن تكون المدرسة مكانًا مريحًا له. وحتّى إن لم توفّر المدرسة سياسةً واضحة، على المعلّم إشراك الإدارة المدرسيّة، وتوجيهاتهم، والمبادرة إلى بناء سياسة استباقيّة إرشاديّة توجيهيّة لمساعدة المعلّمات والمعلّمين على التعامل مع هكذا مواقف، ورفع وعيهم لما يقع تحت التنمّر ويحتاج إلى تدخّل ومعالجة. كذلك، أهمّيّة الحديث مع المُتنمِّر لمساعدته ودعمه لتغيير السلوك إلى الأفضل. وفي الوقت نفسه، من الضروريّ إشراك أولياء الأمور، فهم ركن أساسيّ في معالجة المشكلة بالشراكة مع المدرسة.
هل من الممّكن أن يؤدّي أولياء الأمور دورًا في التصدّي إلى التنمّر؟ وكيف يُمكن للمدرسة التنسيق معهم لتحقيق ذلك؟
أكّدت د. رزق على أهمّيّة دور أولياء الأمور في التصدّي للتنمّر، فبإمكانهم تقديم المساعدة في تحديد سلوك التنمُّر ومراقبته. وهم شركاء نستطيع الاستعانة بهم لتعزيز استراتيجيّات التصدّي للتنمّر مع الأطفال في المنزل. وأشارت إلى أكثر من جانب تجعل من الأهل شركاء للمدرسة، منها:
1. إشراك الأهل ببناء سياسة المدرسة للتصدّي لظاهرة التنمّر.
- - من المهمّ اعتبار الأهل شركاء أساسيّين للحدّ من ظاهرة التنمّر.
- - تشكيل لجنة مدرسيّة تهتمّ بشؤون التنمّر ومعالجته، هذه اللجنة تشمل معلّمات ومعلّمين وأهل، وبالتالي يكون لهم دور أساسيّ في السياسة، وتطبيقها.
- - أن تعقد المدرسة مجموعة فعاليّات لتساعد أولياء الأمور على مراقبة سلوكيّات أبنائهم، وتقويّ قنوات التواصل بين المدرسة والأهل.
2. من المهمّ إبلاغ الأهل عند تعرّض الطالب إلى التنمّر، أو مشاركته في فعل تنمّر. ومن المهم أن يشعر الأهل أنّ المدرسة تعمل معهم، وستساعدهم في معالجة المشكلة.
وشاركت د. جالا، في هذا السياق، مجموعة نصائح رئيسيّة مُحدّدة من تحالف مكافحة التنمّر، حول كيفيّة التعامل مع الأهل:
1. التعامل مع أهل الأطفال الذين يظهرون سلوك تنمّر
- - تجنّب وصف الطالب بالمتنمّر، ووصف السلوك، وإبداء الرغبة والشراكة لمعالجة هذا السلوك.
- - إعطاء الأهل مساحة تعبيريّة وافية.
- - التأكيد للأهل على صعوبة الموقف، والالتزام بإيجاد حلول لتحسين الوضع للجميع.
- - الوضوح بشأن سياسات المدرسة وتوقّعاتها، وتوضيح آليّات التعامل.
2. التعامل مع أهل الأطفال المتعرّضين للتنمّر
- - فتح المجال للإبلاغ عن التنمّر، وأخذ الموضوع بجدّيّة.
- - التأكيد على أنّ الأهل شركاء دائمًا، وسماع وجهات نظر الأهل والأطفال.
- - المحافظة على تواصل واضح ومستمرّ على أولياء الأمور، وهذا تأكيد ومصداقيّة على شراكة المدرسة.
ما الاستراتيجيّات التي يمكن استخدامها لزيادة الوعي بين المجتمع المدرسيّ (الإدارة – المعلّمين – الطلّاب) وأولياء الأمور حول مخاطر التنمّر وضرورة التكاتف لمكافحته؟
ذكر أ. عمّاري أهمّيّة وجود سياسات، ونشر هذه السياسات وتطبيقها، كسياسة الإرشاد، وسياسة حماية الطفل، والسياسة الإصلاحيّة. كما أشار إلى أهمّيّة النظر إلى الإشارات المفتاحيّة، كدلائل أوّليّة على احتماليّة حدوث تنمّر، ورفع الوعي للمعالجة المبكرة، أو الوقائيّة. وتحدّث عن ضرورة تركيز الإشراف على بؤر ينتشر فيها الطلبة دون هيكليّة الصفّ، كالكافتيريا، وأماكن اللعب، والذهاب والإياب إلى المدرسة، فغالبًا ما يحصل التنمّر في هذه الأمكنة.
ولفت أ. عمّاري النظر إلى الشاهدين على التنمّر، وأهمّيّة تحويل دورهم إلى دور إيجابيّ في إيقاف التنمّر، والدفاع عن المتنمّر عليهم. وعرّج على أهمّيّة عقد أنشطة مدرسيّة، وحملات وفعاليّات، لرفع الوعي بالتنمّر والحدّ من حدوثه، على سبيل المثال عقد مسرحيّات داخليّة بالتعاون مع معلّمي الدراما، والتعهّد بعدم التنمّر والبصمة المُشتركة الملوّنة لهذا التعهّد، وعقد دروس صفّيّة عن التنمّر وآثاره، ونشر توعية للأهل وكيف يكونون جزءًا من تجربة الطفل عبر الإنترنت، وكيف يُشكّل أولياء الأمور قدوة يُحتذى بها من خلال سلوكيّات لطيفة عمليّة، وتضمين موادّ الصحّة النفسيّة في المناهج الدراسيّة.
وأضاف أ. عمّاري عن منهج مُعتمد في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة في قطر، يقوم على اللطف كمنطلق للتأثير الإيجابيّ في الصحّة النفسيّة، وهو منهج العاطفيّ الاجتماعيّ، من مؤسّسة "أفعال عفويّة لطيفة"، ونالت الأكاديميّة ترخيصًا من هذه المؤسّسة، لمُمارسات مُستمرّة تجعل من اللطف مُمارسة سائدة. يركّز المنهج على ستّة عناصر أساسيّة، هي: احترام الذات والآخرين، والاهتمام بالرعاية والعناية بالذات والتعبير عن الامتنان، والنزاهة والأمانة، والمسؤوليّة والالتزام والانضباط، والشجاعة؛ أن تكون شجاعًا لتكون لطيفًا، والكره والتنمّر أسهل من اللطف والتواضع، والتي بحاجةٍ إلى شجاعة.
أسئلة الجمهور
- سلوك التنمّر سلوك طبيعيّ، وهو ردّ فعل لسلوك عدوانيّ، وبالتالي هل من المبرّر مُمارسة سلوك التنمّر؟
أجابت د. رزق أنّ التنمّر سلوك منتشر، ولكن هذا لا يعني أنّه سلوك طبيعيّ. أمّا عن كونه ردّ فعل لسلوك عدوانيّ، فهو أمرٌ غير دقيق، كون هناك دراسات كثيرة لا تحدّد أسباب ينطلق منها سلوك التنمّر. وأشارت إلى أنّنا علينا الحدّ سلوك التنمّر، لنتائجه السلبيّة على المدى القصير والطويل.
- كيف تمكن مواجهة التنمّر عبر الإنترنت، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعيّ عبر عبارات صعبة أو تعليقات مسيئة على صور؟
أجاب أ. هنديلة أنّ في هذا الجانب الشراكة مهمّة بين المدرسة والأهل، وخصّ الأهل بفترة ما بعد الظهر، كون عليهم تأدية دور توجيهيّ لمسألة الهواتف النقّالة، خصوصًا بين أعمار 12-14، والذين يجب أن يتحمّلوا مسؤوليّة الهاتف النقّال، وإلّا فعلى الأهل سحب هذا الهاتف منهم، حتّى يتعاملوا بكلّ جدّيّة مع وجوده في حياتهم، والحرص على تعبيراتهم المُختلفة.
في الخِتام، قدّم د. حسن تلخيصًا للندوة، التي سلّطت الضوء على قضيّة التنمّر المدرسيّ، بجوانبها المُختلفة. وشكرَ المُشاركات والمُشاركين على مداخلاتهم المهمّة، والجمهور على تفاعله واستفساره. ودعا إلى أن تشكّل الندوة أساسًا لاتّخاذ خطوات فعليّة وعمليّة لمواجهة ظاهرة التنمّر.