نانسي القاروط- معالجة نفسيّة- لبنان
نانسي القاروط- معالجة نفسيّة- لبنان
2023/05/05

برأيكِ، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟

إنّ البيئة التعليميّة والمناخ الإيجابيّ الآمن والتحفيزيّ إلى جانب المنهج، هي من مسؤوليّات إدارة المدرسة. وكلّما كان روّاد التعليم وكل شخص لديه علاقة مباشرة مع المتعلّم، وسياسات المدرسة تتعلّق بكيفيّة التعلّم، وما يجب تعلّمه، وكيفيّة التقييم، وسياسات الرفاه المدرسيّ والدمج، واضحةً وقابلة للتطبيق، كان التدريس والتعلّم أكثر سهولة وذا معنى. السياسات المدرسيّة توحّد اللغة، وبالتالي، تصبح الرؤية والأهداف مشتركة.

 

بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم من بُعد وأبقيتِ عليها الآن؟

أعمل معالجة نفسيّة في المدرسة، وفي عيادتي الخاصّة. لذلك سنحت لي الفرصة للعمل مع الطلّاب عن بعد، أثناء الحجر الصحّيّ من أجل منحهم الدعم النفسيّ. وفي الوقت الحاليّ، أعمل معهم وجهًا لوجه من خلال التدخّلات في الفصول الدراسيّة من أجل تقديم الدعم النفسيّ، وإدارة جلسات تفريغ وتوعية. أسلوبي دائمًا هو السماح للطلّاب بالتحرّك والتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم ومشاركتها، وخلق فرص للتفاعل معي ومع رفاقهم.

 

كيف تخاطِبين الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟

بالنسبة إليّ، استخدام تقنيات الموسيقى والدراما والفنّ، بشكل عامّ، من الأمور الأساسيّة في عملي؛ فاستخدام الفنون يسهّل عليّ وعلى التلاميذ الوصول إلى الأهداف المتعلّقة بالتعرّف إلى المشاعر، والتعبير عنها بهدف الوصول إلى صحّة نفسيّة متوازنة. كما إنّها تسمح بالتنوّع، وتُغني الإبداع، وتعطي الأشخاص فرصة للتعبير عن تفرّدهم، خصوصًا أولئك الشغوفون بالفنون.

أما عن التعلّم القائم على اللعب، فهو يتوجّه إلى كلّ المتعلّمين، ولكن يساعد الأشخاص الشغوفين بالرياضة في أن يتحرّكوا ويفرّغوا طاقتهم. بالإضافة إلى ذلك، الحركة الممنهجة والهادفة تساعد الأشخاص على التخلّص من الهرمونات المسؤولة عن التوتّر والقلق.

 

هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟

بالنسبة إليّ، لا يعتمد كونك مدرّسًا ناجحًا على تعزيز المهارات المتعلّقة بالموضوع الذي تُدرّسه فقط. المُدرّس الناجح هو المُدرّس الفريد، والذي يستثمر الخبرة والقراءة والتساؤل والبحث عن المساعدة. لكي نكون مدرّسين ناجحين، نحتاج إلى التفكير والتأمّل بشكل دائم في ممارساتنا المتعلّقة بالموضوع نفسه، وكيف نقوم بتدريسه، وأيضًا في خلق مناخ إيجابيّ في الفصل الدراسيّ، إضافةً إلى إيجاد رابط بيننا وبين الطلّاب والأقران في ما بينهم. لكي تكون معلّمًا ناجحًا، عليك أن تبحث عن شخصيّة متوازنة لإظهارها في كلّ ممارسة تقوم بها مع طلّابك.

 

ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمرين هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟

بالطبع لا يمكننا التعميم، فهناك دائما استثناءات، لكنّني لاحظت ازدياد القلق الاجتماعيّ والعزلة، كما انحسار الدافعيّة، إلى جانب تراجع الانتباه والتركيز. ولكن، لوحظ تحسّن في المهارات التكنولوجيّة عند معظم التلاميذ. بالنسبة إليّ، يجب أن آخذ في الاعتبار جميع هذه العوامل، وأعطي نصائح قابلة للتطبيق للطلّاب وأولياء الأمور والمعلّمين في كلّ مناسبة، من أجل تعزيز نقاط الضعف، واستخدام نقاط القوّة لدفع الطلّاب إلى مستوى أعلى في عمليّة التعلّم.

 

من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّفين هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟

المتعلّم الشغوف هو من يمتلك شعورًا داخليّا قويّا حقيقيّا مقنعًا، ورغبة في اكتساب المعرفة. المتعلّمون الشغوفون يبحثون بفضول عن المعرفة، ويثابرون في استكشافاتهم. كلّ طالب ممكن أن يكون شغوفًا إذا مُنِحَ فرصةً للتعبير، وإذا توجّه المعلّم في الاستراتيجيات التي يستخدمها لكلّ أنواع الذكاءات والأنماط التعلّميّة، مع الابتعاد عن الرتابة والملل.

 

ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟

هذا موضوع ثانويّ ولا يصبّ بشكلٍ مباشرٍ في بناء شخصيّة المتعلّم، أو في صلب العمليّة التعلّميّة. ويتمّ اعتماده، من عدمه، وفقًا لثقافة المدرسة ورؤيتها. لذلك، إذا كان وجوده، أو عدم وجوده، جزءًا من سياسة المدرسة، يصبح أمرًا طبيعيًّا، فلن يؤثّر في الطلّاب إيجابًا أو سلبًا.

أؤمن بحرّيّة كلّ شخص في اختيار كيفيّة تقديم نفسه للمجتمع، ولكن بعض الناس يشعرون بالأمان عندما تكون هناك قواعد وحدود. وارتداء زيّ مدرسيّ قد يخلق مجالًا متكافئًا بين الطلّاب، ما يقلّل من ضغط الأقران والتنمّر. كأمّ لمراهقين، اعتماد الزيّ المدرسيّ مريح لي ولأولادي في ما يخصّ الوقت والمال.

 

ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفينها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟

أسعى من خلال عملي وممارساتي اليوميّة إلى:

  • - تقديم الإرشاد والتوجيه للطلّاب الذين يعانون مشاكل اجتماعيّة وعاطفيّة وسلوكيّة.
  • - زيادة الإنجاز من خلال تقييم الحواجز العاطفيّة للتعلّم.
  • - تعزيز فهم وقبول الثقافات والخلفيّات المتنوّعة للحدّ من التنمّر وتعزيز التعاطف والرحمة في المجتمع المدرسيّ.
  • - تعليم مهارات الأبوّة والأمومة وتعزيز التعاون بين المنزل والمدرسة.
  • - إجراء الإحالات والمساعدة في تنسيق خدمات دعم المجتمع.
  • - تعزيز السياسات والممارسات المدرسيّة التي تضمن سلامة جميع الطلّاب، من خلال الحدّ من العنف المدرسيّ والتنمّر وما إلى ذلك.
  • - توفير التطوير المهنيّ للموظّفين من أجل تعزيز رفاهيّة الطالب.

 

ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمحين إلى أن تشاركي بها؟ لماذا؟ 

في الوقت الحاليّ، أنا مهتمّة بالتعلّم الاجتماعيّ العاطفيّ في المدارس، وأسعى لحضور ورش عمل ومؤتمرات في هذا المجال لأهمّيّته، خصوصًا في ظلّ الأزمات التي نمرُّ بها في بلدي الحبيب لبنان. على مستوى آخر، أقوم بالتدرّب على علاج الصدمات في أحد المراكز المختصّة بذلك خارج لبنان.

 

بماذا تنصحين شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟ 

اعمل على خلق شخصيّة خاصّة بك كمعلّم. كن متفرّدًا لا تشبه أحدًا. كن ملهمًا وقم بعملك بحبٍّ وشغف وستحدث المعجزات كلّ يوم!