مجد مالك خضر- كاتب ومعلّم- الأردن
مجد مالك خضر- كاتب ومعلّم- الأردن
2022/02/23

كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترى مستقبل المدرسة كمكانٍ؟

لا يمكنُ بسهولةٍ تخيّل شكلٍ آخر للتعليم في غياب المدارس، فإنّ البحث عن أي بديلٍ، يتطلّب دراسة جدوى وتفكيرًا عميقًا. من هُنا تظلُّ المدرسة المكان المناسب والأفضل لتدريس وتنشئة الطلاب. وكذلك من الصعب تخيّل التعليم خارج المدارس لأسباب كثيرة، لعل من أهمّها الحاجة إلى أسلوب تعلّم جديد قادر على تعويض دور المدارس، الذي، برأيي، لا يمكن تعويضه.

أما عن رؤيتي لمستقبل المدرسة كمكان، أعتقدُ أنها ستبقى بمبناها مؤسّسة تعليميّة وتربويّة لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن مع عصر تكنولوجيا المعلومات والإنترنت، قد يتّجهُ التعليم، مع مرور الوقت، إلى الاعتماد على المنصّات التعليميّة الإلكترونيّة، والانتقال إلى مرحلة التعليم المدمج، الذي يجمعُ بين التعلّم الوجاهيّ والتعلّم عن بُعد.

 

كيف تصف تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟

أرى أن انقطاع الطلاب عن التعليم الوجاهيّ، والتحوّل إلى التعليم عن بُعد أثناء جائحة كورونا، أثّر سلبيًّا في أدائهم ومهاراتهم، فكان من الصعب إعادة تكييف الكثير منهم للتأقلم مع المدرسة، والالتزام بموعد الدوام، كما ظهرت مستويات أداء الطلاب الحقيقيّة، مقارنةً مع مستوياتهم أثناء التعليم عن بُعد، والتي بدت مزيّفة بسبب مشاركة الكثير من أولياء الأمور في تقديم الاختبارات الإلكترونيّة، ومتابعة الدروس بدلًا من أبنائهم، وأيضًا ظهرت فئة من الطلاب الضعفاء في مهارات القراءة والكتابة، وبات من اللازم إعداد خطط علاجيّة، واستدراكيّة تساهم في تأهيلهم، ودمجهم في بيئة التعلّم الوجاهيّ المدرسيّ.

 

اختر شيئًا واحدًا تودّ تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟

أودّ تغيير أو بالأحرى تحسين السبّورة؛ أي أن تستخدم المدارس السبّورات الإلكترونيّة أو المعروفة بالألواح التفاعليّة، مع أنني من الأجيال التي تعلّمت من خلال سبّورة الطبشور، والتي لها ذكريات كثيرة لا تنسى، ولكن صار مهمًّا توفير سبّورات أكثر قدرة على التفاعل مع الطلاب، بسبب احتوائها على مميّزات وخصائص تجمعُ بين الأجهزة الذكيّة والسبّورة العاديّة، والذي يواكبُ القفزات الرقميّة المتسارعة، والمؤثّرة في التعليم.

 

برأيك، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟

عندما قرأتُ هذا السؤال تذكّرتُ مقطعًا مُصوّرًا لمعلّمٍ، استخدم آلة موسيقيّة في تدريس مادّته؛ عن طريق تلحين المطلوب من الدرس، وترديده أمام الطلاب الذين تفاعلوا معهُ لأنه نجح في الخروج من قالب التعلّم التقليديّ، ووظّفَ موهبته الفنّيّة في تدريس الطلاب بطريقة إبداعية وبسيطة، وأرى أن الموسيقى بصفتها أداة من أدوات الذكاء السمعيّ، من الممكن أن تُوظّفَ في تدريس بعض المفاهيم الجامدة بغرض إنشاء بيئة تعلّم تفاعليّة.

 

إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟

أرى أنني سأبتكر طريقة التقييم الإبداعيّ المبني على النتاجات؛ أي يترتبُ على الطالب إتقان نتاجٍ معيّن من نتاجات الدرس، ثم يُنفّذهُ وفق خطواته أو متطلّباته، وتزداد علامة تقييمه عندما يبتكرُ طريقة إبداعيّة وغير تقليديّة في تنفيذِهِ، فمثلًا قد يكتشفُ أحد الطلاب طريقة جديدة لحلّ مُعادلة رياضيات أو يُقدّم تصميمًا فريدًا لقطعة أثاث باستخدام الخشب، وهكذا يحصلُ على علامة التقييم؛ لأنه استطاع تحقيق المطلوب من النتاج التعليميّ.

 

كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟

من الممكن توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التعليم؛ من خلال استخدام المواقف الحياتيّة التي تحدثُ مع الطلاب أو النّاس عامّةً، كأمثلةٍ توضيحيّة في تدريس بعض الدروس، والمعروفة بالأدبيّات التربويّة باسم ربط المعرفة بالحياة، فمثلًا يمكنُ شرح درس قواعد المرور؛ عن طريق مشاهدة الطلاب لفيديوهات تحاكي أولويات التعامل مع اللافتات المروريّة، سواء من قبل المشاة أو سائقي المركبات.

 

ما هو التعبير الذي تُحبّ أن تراه على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّ أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟

أُحبّ أن أرى تعابير الدهشة والمفاجـأة لديهم بعد أن حصلوا على معلومات جديدة، أو تعلّموا مهارات لم يكونوا على معرفةٍ سابقة فيها، وأكون قد ساهمتُ بتعليمهم واكتسابهم لها، كما يُسعدني أن يشعروا بالرضا والسعادة أثناء مغادرتهم المدرسة، وأن ينقلوا المعارف التي تعلّموها إلى عائلاتهم وزملائهم.

 

من هو الطالب المُلهم؟

الطالب الملهم، برأيي، هو صاحب قصّة نجاح، فكثيرون الطلّاب الذين استطاعوا تحقيق النجاح في مادةٍ أو هواية أو موهبة، وكانوا ملهمين لزملائهم وأقرانهم، إذ شكّل نجاحهم حافزًا لدى الكثيرين من الطلاب، ليحقّقوا النجاح أيضًا، وكثيرةٌ الأمثلة عن طلابٍ نجحوا في مجالٍ ما، وصاروا من أصحاب الإنجازات المميّزة فيه.

 

كصديقٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟

أنصحهم بعدم التخلّي عن تحقيق أهدافهم، تحديدًا عند اختيارهم لتخصّصاتهم الدراسيّة، سواء في المرحلتين الثانويّة أو الجامعيّة، وأُؤكّد على أن يسمعوا لآراء والديهم، ومن هم أكبر منهم سنًّا وخبرةً، ولكن يجبُ في النهاية أن يختارَ الطالب المجال الذي يُحبّ ويُفضل، فيكونُ ناجحًا عندما ينجحُ في تحقيق هدفه، ويختار الطريق الذي يراهُ مناسبًا لمستقبله.

 

إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختار؟

سأختارُ أن تكون الرحلة عبارة عن مجموعة من المحطّات، التي سنتوقّف فيها، مثل: زيارة مكتبة عامّة تحتوي على كتبٍ قيّمة، وزيارة المتحف للاطلاع على الآثار والمقتنيات التاريخيّة، وهكذا يتمكّن الطلاب من مشاهدة أكثر من مكان في وقتٍ واحد.