حنان كزبر- مدرّبة تعليم رياضيّات- لبنان/ قطر
حنان كزبر- مدرّبة تعليم رياضيّات- لبنان/ قطر
2025/05/30

ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟

استراتيجيّات التفكير المرئيّ هي الأكثر فاعليّة في الغرف الصفّيّة، فهذه الاستراتيجيّات (فكّر، زاوج، شارك، ودوائر وجهات النظر) كلّها تساعد المتعلّمين على الخوض في المفاهيم المطروحة بعمق، في سبيل نقلها في الموادّ الدراسيّة وعبرها.

 

كيف توازنين بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟

التكنولوجيا لا تلغي أهمّيّة الجوانب الإنسانيّة في التعليم، بل يجب أن تكون مكمّلًا لها. لذلك، أحرص على استخدام الأدوات التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ لتحسين تجربة التعلّم، ولكن من دون المساس بتفاعل الطلّاب الشخصيّ. أركّز على بناء بيئة صفّيّة تشبه ورش العمل التفاعليّة، حيث يتبادل الطلّاب الأفكار، يناقشون، ويتعاونون في إيجاد الحلول. هذا يضمن أن يتطوّر الطلّاب ليس فقط من الناحية الأكاديميّة، بل أيضًا من خلال المهارات الاجتماعيّة التي تظلّ أساسيّة في التعلّم الفعّال.

 

في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟

في بداية مساري المهنيّ، اكتشفت أنّني كنت أفصل بين مفاهيم الرياضيّات من دون ربطها ببعضها، أو بالموادّ الأخرى، أو بالحياة اليوميّة. كنت أدرّس كلّ مفهوم بشكل منفصل، ما جعل من الصعب على الطلّاب رؤية كيف تتداخل المفاهيم الرياضيّة مع بعضها من جهة، ومع الموادّ الأخرى من جهة أخرى.

بعدما أدركت هذا، قمت بتعديل طريقة تدريسي لربط المفاهيم الرياضيّة ببعضها، وكذلك بربطها بالموادّ الدراسيّة الأخرى مثل العلوم والفنّ، إضافة إلى ربطها بتطبيقات الحياة اليوميّة. هذا التغيير جعل الطلّاب يرون الرياضيّات جزءًا متكاملًا وملموسًا من العالم الذي يحيط بهم.

 

افترضي أنّك تقومين بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعرين بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟

في ورشة العمل التي سأعدّها للمعلّمين، سيكون التمايز في تدريس الرياضيّات أحد الموضوعات الأساسيّة التي سأركّز عليها. سأناقش كيف يمكن للمعلّمين تكييف أساليب تدريسهم لتلبية احتياجات الطلّاب المختلفة في فهم المفاهيم الرياضيّة. بما أنّ الطلّاب يتفاوتون في أنماط التعلّم والقدرات، فإنّ التمايز في التعليم يوفّر فرصًا للطلّاب بأن يتعلّموا وفقًا لسرعتهم وطريقتهم المفضّلة.

 

هل ترين أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترحين مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟

نعم، أرى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمين والمعلّمات في العالم العربيّ أمر بالغ الأهمّيّة، خصوصًا في ظلّ الأزمات التي يمرّ فيها التعليم، سواء كانت أزمات اقتصاديّة أو اجتماعيّة، أو حتّى التحدّيات المتعلّقة بالجائحة. هذا التشبيك يسهم في تبادل الخبرات والمعرفة بين المعلّمين، ويتيح لهم الفرصة لتعلّم استراتيجيّات جديدة في التدريس، ويساعد في تطوير المهارات المهنيّة لكلّ منهم.

 

كيف تتعاملين مع أولياء الأمور وتشجّعينهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟

للتعامل مع أولياء الأمور وتشجيعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم، أحرص على بناء علاقة شراكة قائمة على التواصل المستمرّ والمفتوح. أبدأ بتوفير قنوات تواصل، مثل الاجتماعات الدوريّة والتواصل بالتطبيقات المدرسيّة، بحيث يكونون دائمًا على اطّلاع على تقدّم أبنائهم. بالإضافة إلى ذلك، أشجّعهم على المشاركة في الأنشطة الصفّيّة، ما يعزّز دورهم في العمليّة التعليميّة. كما أقدّم إليهم أدوات واستراتيجيّات لدعم التعلّم في المنزل، وأستمع دائمًا إلى ملاحظاتهم لتقديم الحلول المناسبة. وأحرص على تقديم ملاحظات بنّاءة ومشجّعة تسهم في تحفيزهم على دعم أبنائهم.

 

كيف تُحافظين على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟

للحفاظ على عافيتي وصحّتي النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة، أحرص على تخصيص وقت لنفسي بعيدًا عن ضغوط العمل والمهامّ اليوميّة. أبدأ يومي بممارسات تساعدني على الاسترخاء، مثل التأمّل أو ممارسة الرياضة الخفيفة، والتي تسهم في تحسين مزاجي وزيادة طاقتي. كما أحرص على تحديد أولويّاتي بوضوح، ما يساعدني في تجنّب الشعور بالإرهاق أو الضغط المستمرّ. التوازن بين العمل والحياة الشخصيّة هو المفتاح، لذلك أخصّص وقتًا للأشياء التي أحبّها، مثل القراءة أو قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، ما يساعدني على تجديد طاقتي.

 

ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟

لتنظيم وقتي بشكل فعّال عند مواجهة الأعباء المتزايدة، أتبنّى بعض الاستراتيجيّات التي تساعدني على تحقيق التوازن بين المهامّ المختلفة. أوّلاً، أبدأ بتحديد الأولويّات، حيث أركّز على المهامّ الأكثر أهمّيّة وعاجلة، وأترك المهامّ الأقلّ أهمّيّة لاحقًا. ثانيًا، أستخدم تقنيّات إدارة الوقت، مثل طريقة "بومودورو" (العمل لمدّة 25 دقيقة مع استراحة قصيرة)، ما يساعدني على الحفاظ على تركيزي وتجنّب الإرهاق. ثالثًا، أقوم بتقسيم المهامّ الكبيرة إلى أجزاء أصغر، وأحدّد لها أوقاتًا محدّدة للإنجاز، ما يجعلها أكثر قابليّة للإدارة. كما إنّني أحرص على تخصيص وقت للراحة بين فترات العمل، لضمان الحفاظ على طاقتي طوال اليوم. أخيرًا، أتعلّم أن أقول لا عندما تتراكم المهامّ بشكل يفوق طاقتي، ما يساعدني في الحفاظ على جودة العمل وتجنّب الإجهاد.

 

اذكري أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.

أثّرت مهنة التعليم إيجابيًّا في حياتي الشخصيّة، فقد منحتني شعورًا عميقًا بالرضا الشخصيّ. إنّ رؤية الطلّاب يحقّقون النجاح والتطوّر بفضل إرشادي واهتمامي، تمنحني شعورًا بالإنجاز والفخر. كما ساعدتني في تطوير مهارات التواصل وحلّ المشكلات، وجعلتني أكثر صبرًا ومرونة في التعامل مع المواقف المختلفة.

أمّا بالنسبة إلى الأثر السلبيّ، فهو أنّ مهنة التعليم قد تؤدّي أحيانًا إلى الإرهاق النفسيّ والبدنيّ، بسبب الأعباء المتزايدة والضغوط المستمرّة. ساعات العمل الطويلة، سواء داخل الفصل أو في التحضير والتصحيح، قد تؤثر في وقتي الشخصيّ وتقلّل من قدرتي على الراحة أو التفاعل مع العائلة والأصدقاء

 

ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟

أثناء درس عن الأعداد السالبة، كنت أطلب من الطلّاب تمثيل  -3 على خطّ الأعداد. فجأة، رفعت إحدى الطالبات يدها وقالت بحيرة: "لكنّ مسطرتي ليس عليها أعداد سالبة!" ابتسمت وسألتها: "وأين يبدأ الصفر على مسطرتك؟" فأشارت إلى بدايتها. عندها قلت: "تخيلي أنّ المسطرة تمتدّ إلى اليسار أيضًا، ولكن بأعداد سالبة!" نظرت إلى مسطرتها للحظة، ثمّ ابتسمت قائلة: "آه، إذًا الأعداد السالبة موجودة، لكنّها غير ظاهرة على المسطرة!" كانت تلك لحظة جميلة جعلت الجميع يفكر بطريقة مختلفة، وأدركت حينها أنّ أبسط التساؤلات قد تقود إلى أعمق لحظات الفهم!