لور عبد الخالق الأعور- منسّقة ومعلّمة لُغة عربيّة- لبنان
لور عبد الخالق الأعور- منسّقة ومعلّمة لُغة عربيّة- لبنان
2021/12/07

كيف تتخيّلين شكل التعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التعليم عن بُعد؟ 

إنّ من يريد التّعلّم والمعرفة لا يحتاج إلى مكان معيّن أو إلى ما يسمّى مدرسة، ولكن يحتاج إلى شخصيّة مستقلّة قادرة على السّعي الحثيث باتجاه المعارف. وبعد تجربتي مع طلّابي خلال جائحة كورونا، وجدت أنّنا بأمسّ الحاجة إلى المدرسة كمكانٍ إن لم تكن الأسرة قادرة على تأمين الزمان الملائم والمكان الملائم للطالب. والحقيقة أن الطلّاب بعد عودتهم إلى المدرسة، بعد كورونا، بدا عليهم القصور الأكاديميّ والسّلوكيّ، لكنّ هذا لا يتنافى مع أهمّيّة التكنولوجيا وما أثبتته من فعاليّة في استمرار عمليه التّعلّم والتّعليم، خاصّة أنّه لا يمكن العودة إلى التعليم كالسّابق حتى وإن اختفت كورونا.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلّمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

لعلّ أفضل نصيحة هي أن يعتبر المعلّم نفسه دائمًا طالب علمٍ، ألّا يتوقّف عن طرح الأسئلة ومناقشتها، وعن البحث في كلّ جديد ومفيد له ولطلّابه، فمن لا يتطوّر يتهوّر. وأقصد بكل جديد، الأساليب والاستراتيجيّات وطرائق التدريس والتقنيّات وغيرها. كذلك أن يكون قائدًا مرنًا متفاعلًا متفائلًا وقيَميًّا.

 

ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟

الدّهشة هي ذلك الشّعور الذي ينتابني كلّما حقّقت نجاحًا مع طلّابي، خاصّة حين يكونون بحاجة إليّ إنسانيًّا واجتماعيًّا وأكاديميًّا، كذلك حين أعرف، من أُسَرهم، أنني أمدّهم بالفرح والأمل والتفاؤل خلال رحلتهم التعليميّة، وأنني بمثابة المرشد والمساعد بالنّسبة إليهم.

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟

إنّ كلّ ناجح، وكلّ مثابر، وكلّ أديب وشاعر وفيلسوف وناقد وباحث وعالم، هو مصدر إلهام بالنسبة إليّ، فأنا آخذ إلهامي من أي نبع صافٍ، ونهرٍ جارٍ، وحبرٍ مشّعٍ بما فيه انعكاس لصالح تلامذتي. فأرسطو ملهمي، وسقراط ملهمي، وجبران خليل جبران، ونزار قبّاني، ومحمود درويش وغيرهم.

 

من هو الطالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟ 

حسب ما أرى، أعتقد أن الطّالب المتميّز هو الذي يتمتّع بقدرة التخطيط ووضع الأهداف والعمل على تحقيقها حسب مبادئ وقوانين معيّنة. كما أعتقد أنّه المتمتّع بالذكاء العاطفيّ، الواعي لذاته، والقادر على الصمود بوجه أي صعوبة يواجهها، وصاحب التفكير النّاقد، وهو الذي يبحث عن حلول بطريقة مبتكرة للاستمرار في مسيرته التعليميّة، والقادر على ربط علمه بواقعه وبمجتمعه ووطنه.

 

حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟  

إنّ أهم ما يجب أن يكون عليه المعلّم الملهم هو أن يتمتع بالثقة بنفسه وبطلّابه، فثقتهم به تسهّل عليه اكتشافه قدراتهم الدفينة لأسباب كثيرة، فيأخذ بأيديهم ويخرجهم من جهل الذات والحياة إلى نور المعرفة والحقيقة ليكونوا هم أيضًا مؤثّرين بمحيطهم. ولا ننسى أنّ المعلّم الملهم هو الشّغوف بعمله والصّابر على حصد النتائج المرجوّة.  

 

ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟ 

خلال الأعوام الأولى في مسيرتي التعليميّة ما كنت أضع هدفًا خاصًّا بي أحقّقه مع تلامذتي بعيدًا عن الأهداف الأكاديميّة. لكن حاليًّا، ومنذ سنوات، أُحدّد هدفي بالنسبة إلى شخصيّة الطّالب، كأن أريده أن يكون مواطنًا يتمتّع بمواطنة عالية، أو طالبًا مستقلًّا، أو طالبًا يعمل على الاستدامة في بيئته ومجتمعه ووطنه والأرض كافّة.

 

برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟  

لعلّ سياسة المدرسة القائمة على رؤية واضحة، ومهمّة واضحة تجعل العلاقة قويّة ومتينة، أمّا بالنسبة إلى القوانين والأنظمة والعدل والمساواة والاحترام فهي مفاتيح لا غنى عنها لتحقيق التقدّم في العلاقة وتوطيدها. فعلى الإدارة أن تكون متابعة لكل ما يحتاج المعلّمون من تدريبات، وعليها تقديم الدّعم النفسيّ والمادّيّ، فعدم توفّر الرّاحة النفسيّة والمادّيّة لا بدّ سينعكس سلبًا.

 

ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟  

أعتقد أنّه يجب إلغاء طرائق التّدريس القائمة على جهد المعلّم فقط، كالمحاضرة، والإلقاء، واعتماد تلك القائمة على جهد المعلّم والمتعلّم كالتعلّم التّعاونيّ، والتدريس المصغّر، والعروض العلميّة والمشاريع.

أمّا على صعيد التّقييم فيجب إلغاء كلمة امتحان واستبدالها بكلمة تقييم مُستمرّ يتبعه تقويم، ثمّ إعادة التقييم من خلال قياس المهارات المكتسبة وتطبيقها في الحياة. فكم من متفوّق في المدرسة فشِل في حياته العمليّة والاجتماعيّة.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟  

إنّ المطالعة غذاء العقل والقلب والرّوح، ولي معها سعادة لا توصف. حتّى أنني أشعر بأنّ لكل كتاب عطرًا فريدًا يميّزه عن غيره تمامًا كرائحة الزهور مهما اختلفت الفصول. فـَ "نبيّ" جبران يعبق هنا وهناك، و"قوّة الآن" لــِ "إيكهارت تولي" حضور اللحظة، ودواوين جبران خليل جبران جمالٌ ما بعده جمال، و"سبعون" ميخائيل نعيمة، وروائع "أحلام مستغانمي"، و"باولو كويلو" و"العادات السبع" لــِ ستيفن كوفي لها تأثير ما بعده تأثير في القارئ.

 

 

Tags