كيف يفهم طفلك أنواع العرق البشريّ؟ 
كيف يفهم طفلك أنواع العرق البشريّ؟ 

يحبّ الطفل، بطبيعته وفطرته، الآخر ويتقبّله، من دون تفرقة على أيّ أساس، ولا سيّما إن تربّى الطفل في مجتمع مهاجر يختلط فيه بأطفال من جنسيّات مختلفة وثقافات مغايرة. ولكن، مع توغّل تأثير المواد المرئيّة في تكوين المفاهيم لدى الأطفال، من الممكن أن تنتقل إليهم مفاهيم خاطئة عن التنوّع العرقيّ وأنواع العرق البشريّ، ممّا يؤثِّر في قيم التسامح وتقبّل الاختلاف لديهم.  

تشرح هذه المقالة لطفلك أنواع العرق البشريّ والاختلافات بينها، بصورة تُقرِّب المسافات وتوضِّح المساحات الإنسانيّة المشتركة بين جميع الأطفال، أيًّا كان عرقهم البشريّ.  

 

كيف يفهم طفلك أنواع العرق البشريّ؟  

مع تقبّل طفلك أنواع العرق البشريّ، قد يطرح بعض الأسئلة التي تتعلّق بلون الجلد وشكل العيون، وغيرها من صفات البشر المتنوّعة. وحينها، يمكنك أن تبسّط هذه الأفكار بالطرق الآتية:   

السرد القصصيّ  

تعدّ رواية المعلومات بصيغة قصصيّة من أكثر الطرق فعّاليّة وجذبًا لانتباه الطفل، وغرس قيم التسامح مع الآخر، وتقبّل الاختلاف عنده. فيمكن للمربيّ أن يروي للطفل قصصًا عن أطفال من أعراق بشريّة أخرى، وتنمية فضوله للاطّلاع على هويّتهم الثقافيّة وأنشطة حياتهم، ممّا يسهِم في إذابة الجليد بينه والأعراق المختلفة، وينمّي فضوله للتعرّف إلى أنماط حياتيّة جديدة، قد تكون ممتعة ومفيدة له.  

الطبيعة الفضوليّة  

مع نموّ طفلك، يتعمّق فضولهم عن العالم حولهم. وقد يطرحون أسئلة حول سبب اختلاف الأشخاص عن بعضهم بعضًا. لذلك، من الضروريّ أن تجيب عن أسئلة طفلك بإجابات مناسبة لعمرهم وبطريقة صادقة. قدِّم إجابات بسيطة وواقعيّة وشجِّع فضولهم.  

تكوين الصداقات  

قد يكون هذا الخيار متاحًا أكثر للأطفال الذين يعيشون في مجتمعات المهاجرين، وقد يتوفّر للأطفال في موطنهم الأصليّ تكوين الصداقات مع ذوي الجنسيّات الأخرى. يُعدّ هذا النوع من الصداقات من العلاقات المميّزة التي يمرّ بها أيّ طفل، لأنّها كفيلة أن تنمّي لديه روح الإبداع والانفتاح على أنماط ثقافيّة مختلفة وتبادل الخبرات، ممّا يُنشئ طفلًا مرِنًا وقادرًا على المغامرة وخوض التجارب غير المألوفة، كما يعزّز لديه قيم التعاطف الإنسانيّ مع الآخر.  

نبذ الكراهية 

من أهمّ القيم التي يكتسبها الطفل، بتصالحه مع الاختلاف وفهمه التنوّع العرقيّ، نبذ الكراهية وتقديم نقاط التشابه والمشاعر الإنسانيّة المشتركة على نقاط الاختلاف وتعارض الأفكار والثقافات الناتج عن اختلاف العرق. ذلك أنّ الطفل عندما يستوعب الجانب الإنسانيّ لطفل من عرق آخر، ويكتشف أنّ كليهما طفلان بريئان يحملان الأحلام ذاتها ويحبّان الحلوى ذاتها، وربّما تتشابه شخصيّاتهم في العديد من الجوانب الأخرى. يبدأ الطفل في رؤية الأعراق البشريّة من منظور إنسانيّ، لا كظاهرة مهدِّدة وجوده أو متطلّبة الكراهية أو الرفض.  

التوعية   

التوعية والتثقيف خطوتان مهمّتان في شرح مفهوم التنوّع العرقيّ للطفل، فلا بدّ من نفي الإشاعات المثيرة للكراهية، والعمل على نبذ القناعات المحرِّضة على العنف، أو إقصاء الآخر منذ عُمرٍ مبكِر. فتسهِم القناعات التي يكتسبها الطفل من محيطه في بناء تصوّرات وغرس الانطباعات عن الأشياء لديه، بل يصعب تغيير الأفكار التي تُغرس في عقله في مراحل متقدّمة من العمر إلّا بالتجارب. مقابل ذلك، يستهين بعض الآباء بلهجة حديثهم، باعتبار الطفل لا يزال صغيرًا، ولا يمكنه استيعاب تلك الرسائل السلبيّة.  

التكامل بدل التعارض  

لكي يستطيع الوالدان تنشئة الطفل على تقبّل الاختلاف بمرونة، ونبذ التعصّب العرقيّ، لا بدّ من غرس القناعة لديه بأنّ وجود الاختلاف مصدر عظيم وغنيّ للتكامل بين ثقافته وثقافة الآخر، إذ يساعد التعاون كليهما على المضيّ قدمًا واكتساب آفاق جديدة من المعرفة وأنماط السلوك والاتّجاهات الفنيّة والثقافيّة المختلفة التي تُكسبِه شخصيّة مميّزة، من الصعب أن يتحلّى بها في مجتمع يتّسم بالجمود الفكريّ وينغلق على ثقافته إلى درجة ترفض وجود الآخر.  

الاقتداء بالأهل  

المحيط الذي ينشأ فيه الطفل هو النموذج الأوّل الراسخ في عقله عن الحياة، وهو أوّل ما يحاكيه لا شعوريًّا لاحقًا في حياته المستقلّة. وعليه، يجب أن يتّسم الوالدان بالانفتاح الفكريّ والمرونة في استيعاب الاختلافات، وتعميق الروابط الإنسانيّة المشتركة بين أنواع العرق البشريّ المختلفة.  

من هنا، أيّ سلوك أو فكرة يريد الوالدان غرسها في شخصيّة الطفل، لا بدّ أن تكون ملازمة لهما أوّلًا، وأن تتمثّل في سلوكهم الذي يراقبه الطفل ويحاكيه منذ نعومة أظافره. لذلك، تتمثّل أكثر الطرق فعّاليّة للتأثير في الطفل وتوجيهه سلوكيًّا، في أن يكون المُربّي متسامحًا مع الآخر، وإيجابيًّا تجاه الأشخاص المنتمين إلى أعراق أخرى في محيطه، سواء في حديثه عنهم أم معاملته لهم، أم امتلاكه أصدقاء ينتمون إلى ثقافات مختلفة بالفعل.   

فهم الصور النمطيّة  

قد يواجه الأطفال قوالب نمطيّة أو تحيّزات أو أحكامًا مسبقة بشأن مجموعات عرقيّة مختلفة، سواء في المدرسة أم وسائل الإعلام أم المجتمع. من المهمّ تعليمهم كيفيّة طرح الأسئلة وتحليل هذه الصور النمطيّة تحليلًا نقديًّا، بمناقشة الآثار الضارّة بالتعميمات في عرق بأكمله، وأهمّيّة معاملة الأفراد أشخاصًا فريدين، وليسوا ممثّلين عرقهم. 

قراءة القصص التاريخيّة المصوَّرة  

يمكن للمناقشات التاريخيّة أو القصص التاريخيّة المصوَّرة والمناسبة لعمر طفلك، بما في ذلك المتعلّقة بالتمييز العنصريّ والحقوق المدنيّة، أن تساعده على فهم سياق العلاقات العنصريّة، بشرح هذه الموضوعات بطريقة حسّاسة وواقعيّة. يمكنك مساعدة طفلك على تطوير وعي أعمق بأنواع العرق البشريّ في المجتمع.  

 

* * * 

مساعدة طفلك على إدراك أنواع العرق البشريّ رحلة تربويّة تتطلب صبرًا، ولا سيّما عندما يدفع الفضول بطفلك إلى السؤال عن الاختلافات التي يراها. وبتعزيز منظور إيجابيّ حول الأعراق البشريّة، يمكنك تعليم طفلك تقدير التنوّع الذي يجعل عالمنا غنيًّا وحيويًّا واحترامه. ففي نهاية المطاف، يعدّ تعليم طفلك تقدير الأشخاص، بناءً على هويّتهم بدلًا من لون بشرتهم، خطوة رئيسة في تنشئة طفل متعاطف ومنفتح ومسؤول اجتماعيًّا.  

 

أقرأ أيضًا

كيف أربّي طفلي على احترام الآخرين؟ | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

المراجع 

https://www.open.edu/openlearn/education-development/how-do-children-learn-the-concept-race   

https://www.verywellfamily.com/teaching-kids-about-race-and-cultural-diversity-621099