الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه
الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه

يُعرَف الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال غالبًا باسم اضطراب القلق الاجتماعيّ، إذ يتجاوز مجرّد الخوف من تكوين الأصدقاء أو التواصل معهم. كما يوصَف بالخوف العميق الذي يصيب الطفل ممّا يصدره الآخرون من أحكام عليه في الظروف الاجتماعيّة المختلفة. وتعدّ حالات، مثل التحدّث أمام الآخرين، والقراءة بصوت عالٍ، والدخول في محادثة مع الغرباء، بعضًا من مثيرات القلق الشديد عند الأطفال الذين يعانون اضطراب القلق الاجتماعيّ.  

 

كيف تعرف أنّ طفلك مصاب بالرهاب الاجتماعيّ؟  

قد يكون طفلك خجولًا بطبيعته، ولا سيّما في بداية طفولته، ولكن إذا كان يعاني من الرهاب الاجتماعيّ، فمن المفترض أن تظهر عليه بعض الأعراض الآتية، أو كلّها:

1- الخوف من التجمّعات 

تظهر علامات الرهاب الاجتماعيّ عند طفلك في حالة القلق الشديد عند دخول الأماكن الاجتماعيّة. وقد يعبِّر طفلك عن هذا الخوف بزيادة تشبّثه بك، أو بدخوله في نوبات غضب شديدة، أو بتلعثمه بالكلام.  

2- صعوبة التحدّث مع أقرانه 

يجد الطفل المصاب بالرهاب الاجتماعيّ صعوبة في مقابلة الأطفال الآخرين، أو الانضمام إلى مجموعاتهم. وغالبًا ما ينتهي به المطاف إلى اتّخاذ زاوية يراقب منها كلّ ما يحدث عن بعد.  

3- قلّة الأصدقاء 

يستصعب الطفل الذي يعاني الرهاب الاجتماعيّ أن يكوّن صداقات عديدة، فهو يكتفي بصديق واحد أو اثنين. كما يخشى محاولة التحدّث مع زملائه الذين لا يعرفهم.   

4- يمتلك شخصيّة منسحبة وانطوائيّة 

الانطوائيّة دليل على كلّ ما سبق ذكره من أعراض الرهاب الاجتماعيّ، والتي قد يعانيها طفلك؛ فتجده معظم الأحيان يقضي وقتًا بمفرده، محاولًا تسلية نفسه بنفسه دون الانخراط في محيطه.  

 

ما أسباب الرهاب الاجتماعيّ عند الطفل؟ 

إليك أهمّ الأسباب التي تجعل طفلك قَلِقًا اجتماعيًّا:  

1- مروره في تجربة محرجة 

قد يكون سبب الرهاب الاجتماعيّ الذي يعانيه طفلك تعرّضَه إلى موقف ما أثّر فيه نفسيًّا، ولا سيّما إذا تعرّض للإحراج بين جموع من الأشخاص الذين لا يعرفهم.  

2- قضاء وقت طويل أمام الأجهزة الإلكترونيّة 

تشكّل الهواتف الذكيّة عادةً مجموعة من التحدّيات أمام الأهالي، من تطبيقات الوسائل الاجتماعيّة إلى الألعاب وارتباطها بالمشكلات العقليّة والمهارات الاجتماعيّة، حيث إنّ للعالم الرقميّ تهديدًا موازيًا لتهديد العالم الماديّ.

3- العامل الوراثيّ

من الشائع جدًّا انتشار اضطرابات القلق في العائلات، إلّا أنّه لا يمكن التمييز بسهولة بين كون السلوك متوارثًا بسبب الجينات، أم مكتسَبًا من المواقف والمشاعر المختلفة. 

4- البيئة المحيطة 

قد يكون اضطراب القلق الاجتماعيّ سلوكًا مكتسَبًا، كما من الممكن أن يكون هناك ارتباط بين اضطراب القلق الاجتماعيّ وتحكّم الآباء بأطفالهم، ما يجعلهم أكثر التصاقًا بالمحيط العائليّ الذي ينتمون إليه.  

 

كيف تتعامل مع طفلك المصاب بالرهاب الاجتماعيّ؟   

1- أشعر طفلك بالدعم 

جهّز طفلك للمواقف التي تجعله يشعر بالقلق أو الخوف. مثِّل الموقف في المنزل ومارس الأشياء المتوقَّع حدوثها، لتقبّلها وتسهيل التعامل معها.  

2- شجّع طفلك على البوح بمشاعره  

أخبر طفلك عن الأوقات التي شعرت فيها بالقلق في المواقف الاجتماعيّة، وكيف استطعت مواجهة مخاوفك. يساعد هذا طفلك على تقبّل التحدث عن مشاعر القلق، موقنًا أنّك تفهمه وتدعمه.  

3- حثّه على الانخراط في المجتمع 

لا تكفّ عن تشجيع طفلك على المشاركة في المواقف الاجتماعيّة، والتصرّف بأريحيّة أمام الآخرين، والقيام بنشاطات جديدة مشتركة مع أقرانه. 

4- أعطه وقته  

الضغط على طفلك لن يأتي بنتيجة مرضية. إذا كان طفلك قلقًا من موقف ما، أشعره بالأمان دون أن تضغط عليه، وحاوِل معه مرّة أخرى باستعداد أفضل. 

5- لا تأخذ دور طفلك 

التحدّث نيابةً عن طفلك في كلّ موقف يجعله اتّكاليًّا، كما يفقده هذا التصرّف قوّة شخصيّته الكامنة خلف هدوئه. اسمح له بإطلاق العنان لقوّته في التعبير عن امتعاضه أو استحسانه لما حوله بشكل مباشر وصريح.   

6- لا تنتقده 

مهما شعرت بالإحباط، تجنّب انتقاد طفلك أو التصرّف معه تصرّفًا سلبيًّا بشأن الصعوبة التي يواجهها في المواقف الاجتماعيّة، لأنّ ذلك يزيد الوضع سوءًا.  

7- تجنّب وصفه بالخجل 

تجنّب وصف طفلك بأنّه "خجول" إذا علّق أشخاص آخرون على سلوك طفلك في المواقف الاجتماعيّة، فيمكنك أن تستبدلها بقولك: "في الحقيقة، ابني منفتح تمامًا مع الأشخاص الذين يعرفهم جيّدًا"، بتركيزك على الجانب الإيجابيّ في شخصيته، لأنّ لاختلاف بعض الصفات تأثيرًا كبيرًا في نفسيّة طفلك.  

8- الجأ إلى مختصّ

إن لم تنجح جميع الاستراتيجيّات التي سبق ذكرها في التعامل مع طفلك الانطوائيّ، يمكنك اللجوء إلى مختصّ نفسيّ، يعرف تمامًا كيف يتعامل مع هذا النوع من الحالات، من وجهة نظر نفسيّة طبّيّة بحتة.  

 

رسالة منهجيّات لك 

نقدّر جهودك المبذولة في تنشئة طفلك في ظلّ التحدّيات التي تواجهها كلّ يوم، خصوصًا بعد تأثير القيود الوبائيّة في الصحّة النفسيّة للأطفال والبالغين على حدّ سواء، ولا سيّما المعرّضون للقلق الاجتماعيّ. قد لا تدرك مدى أهمّيّة جلوسك مع طفلك والتحدّث معه ومحاولة فهمه، ولكن كلّ يوم تجلس فيه مع طفلك تصبح مشاركته في الفصل أقلّ رهبة، ويصبح إجراؤه محادثة مع أصدقائه أكثر متعة. أتح الفرصة له للتعلّم والنموّ واكتشاف قدرته على التعامل مع المواقف الاجتماعيّة غير المريحة، ودعونا نكن جميعنا مصدر أمان وملجأ حقيقيًّا لملائكتنا الصغار. 

 

اقرأ أيضًا: 

أبرز أسباب الكذب عند الأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com

أسس تنشئة الطفل الاجتماعيّة | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com

المراجع

https://raisingchildren.net.au/toddlers/health-daily-care/mental-health/social-anxiety  

https://www.psycom.net/social-anxiety-how-to-help-kids  

https://www.anxietycanada.com/disorders/social-anxiety-in-children/  

https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/social-anxiety-disorder/symptoms-causes/syc-20353561