كيفيّة تقوية شخصيّة الطفل الحسّاس وتنمية مهاراته الاجتماعيّة
كيفيّة تقوية شخصيّة الطفل الحسّاس وتنمية مهاراته الاجتماعيّة

هل تشعر أنّ طفلك أكثر حساسيّة من الأطفال الآخرين؟ يمتلك الأطفال ذوو الحساسيّة العالية مزاجًا فطريًّا يجعلهم أكثر عرضة للمثيرات والعواطف الخارجيّة. وفي هذه الحالة، يكمن دور الوالدين في فهم طبع طفلهم ودعمه ومساعدته على الازدهار في عالم قد يشعر فيه أحيانًا بالإرهاق. تكشف هذه المقالة استراتيجيّات الوالديّة الفعّالة لتربية الأطفال ذوي الحساسيّة العالية، وتمكينهم من تطوير نقاط قوّتهم الفريدة والتعامل مع التحدّيات. 

 

ما سمات شخصيّة الطفل الحسّاس؟ 

قبل أن نتحدّث عن بعض استراتيجيّات تربية الطفل الحسّاس، من المهمّ أن نفهم سمات شخصيّته:

شدّة الملاحظة 

تتميّز شخصيّة الطفل الحسّاس بالملاحظة الشديدة، حيث يستقبل معلومات حسّيّة أكثر من الأطفال الآخرين. قد تجده يلاحظ التفاصيل الدقيقة والتغييرات التي لا يلاحظها الأطفال الآخرون. على سبيل المثال، قد يشعر الطفل الحسّاس بالانزعاج الشديد تجاه الأصوات الخافتة، أو الأصوات الصاخبة، أو قد تزعجه الرطوبة الطفيفة على ملابسه، أو الروائح والنكهات المخفيّة في الطعام. 

المراقبة والإدراك 

سمة أخرى من سمات شخصيّة الطفل الحسّاس هي معالجة المعلومات والأحداث المحيطة به بهدوء. فهو يفضّل المراقبة والتفكير قبل أن يقدم على أي تصرّف، لأنّه يعمل بوعي شديد. لذلك، بالرغم من حقيقة كون الطفل هادئًا أو خجولًا، إلّا أنّه مبدع جدًّا نتيجة عمليّات التفكير المستمرّة التي تحدث داخل عقله. 

التعاطف الشديد مع الآخرين 

يتمتّع الطفل الحسّاس بشعور قويّ ومستمرّ من التعاطف مع الآخرين، فهو يأخذ وقتًا طويلًا في التفكير في الإشارات الاجتماعيّة لمن يحيط به، كتعابير الوجه ونبرة الصوت والعواطف. 

الانفعالات العاطفيّة  

نظرًا إلى سهولة تأثّر الطفل الحسّاس بالمؤثرّات والعوامل المحيطة، يتأثّر بسهولة بالمواقف التي يتعرّض إليها وتحفّز الانفعالات والمشاعر العاطفيّة لديه، مثل التوتّر والحزن والبكاء الشديد.  

التعرّض إلى نوبات الغضب 

نظرًا إلى المستويات العالية من الملاحظة والتفكير، تكون شخصيّة الطفل الحسّاس أكثر عرضة إلى نوبات الغضب والانهيارات. وعادة ما ينتج ذلك عن تحليل المعلومات أو العبء العاطفيّ. 

 

كيف تتعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس؟ 

عندما يتعلّق الأمر بالتعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس، يعبِّر العديد من الوالدين عن تحدّيات في معرفة كيفيّة التصرّف معه. تعدّ شخصيّة الطفل الحسّاس أكثر حساسيّة تجاه النقد الذي يلقيه عليه من حوله. وفي الوقت الذي يكون فيه الوالدان أكثر حذرًا عند التعامل مع طفلهم الحسّاس، فهم يودّون أيضًا العثور على الطريقة المثاليّة لتنمية مهاراته الاجتماعيّة وتشجيعه على التعلّم والنموّ. إليك أهمّ استراتيجيّات التعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس:  

قدّر مشاعر طفلك  

ساعد طفلك على الاعتراف بمشاعره بفهمك لها وتقديرها. يساعده ذلك على الشعور بأنّه مسموع ومفهوم، كما يساعده على فهم مشاعره فهمًا أفضل، ويصبح أكثر تقبّلًا للانتقادات البنّاءة. 

اتّبع قاعدة "اقترب قبل أن تنتقد"  

عند التعامل مع شخصيّة الطفل الحسّاس، فكّر بإيجابيّة تجاه مشاعره، وعزّز التواصل بينكما، وامدح إيجابيّات تصرّفاته قبل أن تذمّ السلبيّات. 

استخدم نبرة صوت محايدة 

يفهم طفلك الحسّاس النبرة الهادئة أكثر من غيرها، فالتحدّث بنبرة محايدة يجعل من السهل على طفلك الحسّاس تقبّل ملاحظاتك وفهمها. يمكن أن تساعده نبرة الصوت الهادئة في التركيز على الرسالة، بدلاً من الشعور بالارتباك. 

كن مباشرًا 

على الرغم من أنّك قد تفكّر بتغيير بعض قواعدك، لتجنّب إزعاج طفلك الحسّاس، إلّا أنّ الاستثناءات الكثيرة تجعل من الصعب عليه التعلّم على المدى الطويل. لذلك، لا تغيّر شيئًا في قواعدك، وكن واضحًا في تطبيقها.

اخلق له بيئة هادئة وآمنة 

تفضّل شخصيّة الطفل الحسّاس البيئات الهادئة والمنظّمة. لذلك، أنشئ مساحة منزليّة آمنة وخالية من الضوضاء والأضواء الساطعة والفوضى، وضع روتينًا يمكن التنبّؤ به وحدودًا واضحة لتوفير الشعور بالاستقرار والأمان، ممّا يسمح له بإدارة عواطفه بفاعليّة.

علّمه الذكاء العاطفيّ

إنّ مساعدة الطفل الحسّاس على فهم عواطفه وتنظيمها أمر بالغ الأهمّيّة. علّمه الذكاء العاطفيّ وساعده على التعرّف إلى مشاعره والتعبير عنها تعبيرًا بنّاءً، وشجّعه على التواصل المفتوح والاستماع الفعّال، بما يسمح له بالتعبير عن مشاعره من دون إصدار أحكام. كما يمكنك تعزيز وعيه الذاتيّ ومرونته العاطفيّة، بتزويده بمفردات مناسبة لعمره، تساعده على التعبير عن تجاربه وعواطفه. 

شجِّعه على ممارسات الرعاية الذاتيّة 

يفيد الأطفال ذوو الحساسيّة العالية كثيرًا من ممارسات الرعاية الذاتيّة التي تعزِّز الاسترخاء والتوازن العاطفيّ. شجِّع طفلك على ممارسة الأنشطة المختلفة، مثل القراءة أو الرسم أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو الهوايات التي يستمتع بها. وعلّمه تقنيات التنفّس العميق أو التأمّل، لمساعدته على إدارة مشاعر التوتّر والقلق لديه. تستطيع أن تمكِّن طفلك من تحمّل كامل مسؤوليّة رفاهه العاطفيّ، بتعزيز عادات الرعاية الذاتيّة.

 

* * *

تتطلّب معاملة شخصيّة الطفل الحسّاس الكثير من الصبر والتفهّم والرعاية. إنّك تمكِّن طفلك الحسّاس من الازدهار بخلق مساحة هادئة وآمنة، وتعليمه الذكاء العاطفيّ، ودعم ممارسات الرعاية الذاتيّة لديه. ولكن، تذكّر أنّ كلّ طفل فريد من نوعه، ومن الضروريّ تصميم استراتيجيّات الوالديّة وفق احتياجات الطفل الفرديّة. يمكن للطفل الحسّاس أن يتبنّى حساسيّته مصدر قوّة تمكنّه من التواجد بين أقرانه بثقة، بالاستراتيجيّات الملائمة والدعم المناسب.

 

اقرأ أيضًا:

الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

كيفيّة التعامل مع الطفل العصبيّ وكثير البكاء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)

المراجع

https://www.atlaspsychologycollective.com/blog/highly-sensitive-child-parenting-strategies  

https://www.annajah.net/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D8%B3-%D8%B5%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9%D9%87-article-32434