عن تحدّيات التقويم في المدارس
عن تحدّيات التقويم في المدارس

 

لا خلاف حول التحدّيات التي تواجه عمليّة تقويم الطلّاب في المدارس، ومدى ربطها باحتياجات الطالب من جهة، وبسياسات تعليميّة عادلة وفعّالة من جهة أخرى. فممارسات التقويم لمّا تستطع بعدُ أن تحرّر الطالب من عبء هذه المهمّة وتداعياتها على صحّته النفسيّة وتحصيله الدراسيّ ونجاحه التربويّ، فهو ضحيّة ممارسات تحاكمه على مستواه المعرفيّ الآنيّ، بدلًا من دعمه لتطوير معارفه ومهاراته وربطها بما يحدث خارج سياق المدرسة. وثمّة تحدّيّات واجهت المعلّم وتحكّمت به وبدوره أدوات التقويم والسياسات المدرسيّة وفرضت عليه آليّة عمل ميكانيكيّة أضرّت، في بعض الأحيان، بأسس تدريسه ورؤيته التربويّة، وحدّت كذلك من مرونته، وتركته أسيرًا للمعارف التي لا يسمح الكتاب المدرسيّ بتداول غيرها. لا زالت أدوات التقويم المستخدمة وطرق تطبيقها تعكس منحًى معياريًّا منفصلًا عن العمليّة التعليميّة، بدل أن يكون التقويم بنائيًّا وجزءًا أساسيًّا منها. فضلًا عن تحدّيات واجهت المدرسة، إذ غالبًا ما كانت تَخضع سياساتها التربويّة وأدوات قياسها لسياسات الدولة الاقتصاديّة ومعايير التنمية الخاصّة بها، فنظام التعليم ليس عادلًا ولا يسمح بتكافؤ الفرص بين المتعلّمين. وعليه، يتناول العدد الثامن من منهجيّات هذه التحدّيات من خلال موضوعات متنوّعة.   

 

يبحث ملفّ العدد في "التقويم كممارسات تعليميّة" من خلال سبع مقالات تعرض مفهوم التقييم أو التقويم من زوايا مختلفة. يتركنا المقال الأوّل مع أسئلة تأمّليّة حول دور الطالب في عمليّة تقييم تعلّماته ويطرح إشكاليّة السلطة المعرفيّة التي نمارسها على الطالب من خلال ممارسات التقييم. يقتضي التقويم مسؤوليّة مشتركة، وذلك في الظروف العاديّة، فكيف الحال في الظروف الاستثنائيّة بعد العودة إلى المدارس؟ مقال ثانٍ عن التقييم الشامل لجميع المتعلّمين في المدارس، وتحديدًا التقييم المبنيّ على المنهج، والذي يساعد على تحديد خطط تدخّل بعض المتعلّمين دون أن يتمّ تصنيفهم ضمن فئة ذوي المشكلات التعلّميّة. ألا تقع بعض المدارس في فخّ هذه التصنيفات الناتجة عن إجراءات تقويم غير فعّالة أو مناسبة؟ هذا ما يؤكّد عليه المقال الثالث الذي يتناول كيفيّة تقييم الصعوبات التعلّميّة لدى الطلّاب ثنائيّي اللغة دون الوقوع في نوع من المقاربة "القصوريّة" في تحليل نتائجهم. وكون التغيير في طرق التقويم يجب أن يطال ثقافة المدرسة وسياساتها ومناهجها المتّبعة، ثمّة مقال عن أنموذج لتطبيق التقويم البديل والذي ينبثق من البرنامج المدرسيّ المعتمد واحتياجات المنهج. وفي الإطار ذاته، مقال يليه عن التقويم عن طريق التخطيط باعتماد استراتيجيّة من شأنها دمج المتعلّمين وزيادة دافعيّتهم. وبالانتقال إلى المقالين السادس والسابع، ندخل في تفاصيل أدوات التقويم والممارسات الصفّيّة التي تنطلق من ملاحظة مستمرّة متغيّرة لاحتياجات الطلّاب: مقال عن استراتيجيّة الأسئلة المفتوحة، وآخر عن الألعاب الإلكترونيّة التي حلّت مكان الامتحان التقليديّ.

 

خارج الملفّ، مقال عن التعلّم من خلال المشاريع، يقترح علينا إغلاق الكتب وتطوير المهارات. ومقال عن أهمّيّة التمايز في العمليّة التعليميّة وعن إمكانيّة تطبيق التعليم المتمايز. والتعليم ليس عمليّة بيداغوجيّة تركِّز على الجانب المعرفيّ فحسب، بل تطال الجانب الاجتماعيّ العاطفيّ أيضًا، من هنا نجد مقالًا عن الفاقد التعلّميّ والفاقد الاجتماعيّ العاطفيّ. وحول ربط التعليم بالواقع ليكون حقيقيًّا، "دعوا الواقع يصير أستاذًا"، مقال رابع حول هذا الموضوع. والتعلّم النشط في قلب معادلة التعليم الفعّالة، وهذه رحلة تعلّم نشط من الصفّ إلى المنزل يأخذنا إليها سفراء العلوم. وهل يفهم المعلّم احتياجات طلّابه؟ هل وضع المعلّم نفسه يومًا مكان طلّابه؟ هذا المنظور المختلف يطرحه المقال السادس. وهل تكتمل جوانب العمليّة التعليميّة دون الأهل؟ كيف ندير حوارًا مع أولياء الأمور؟ ثمّ نختم العدد بمقال مترجم حول خمس طرق تجعل التعلّم أولويّة للطلّاب.