ريم حسّان أحمد- معلّمة لُغة عربيّة- لبنان
ريم حسّان أحمد- معلّمة لُغة عربيّة- لبنان
2021/01/05

لو اختفى المعلّمون والمتخصّصون التربويّون من العالم، فإلى من يجب أن توكل مهمّة التعليم؟ لماذا؟ كيف سيكون شكل المدرسة لو تحقّق ذلك؟

الأمُّ مدرسةُ الكون. انتهيتُ من الجامعة ومن زوّدني بالثّقافة هي أمي، تأتي بالحرف فينيقيًّا من أرض اللّغة وتحفظ شكله وصوته. أمّي ليست أميّة، وحتّى لو كانت، أعرف أنّها ستعلّمني الأبجديّة بثمانيةٍ وعشرين حرفًا تُحسّهم في قلبها.

ولمَن يسألُ عن شكلِ المدرسة لو كانتْ الأم هي المعلّمة الأولى. وليست البديلة، فهو ليسَ صفًّا وطبشورًا.

عندما تكونُ الأمُّ مدرسةً، تأكّد أنّك أعددتَ شعبًا طيّب الأعراق.

 

لو ملكت القدرة على محو أشياء من ذاكرتك إلى الأبد، ما الذي تودّين محوه؟ وما الموقف الذي تخشين أن يُمحى؟

أمحو احتلال فلسطين، أمحو مجزرة قانا. قد لا يكون ما أريد له أن يُمحى شخصيًّا. وقد أكون حديثة على هذا الكمِّ من التّاريخ، لكنّني عندما قرأت فلسطين وبيروت والجزائر، وغيرها، آلمتني القراءة ألمًا لا يُطاق.

أخشى أمرين في الدّنيا، موقفين، رؤيتين؛ أن تُنسى اللّغة العربيّة، وأن تموت القضيّة.

 

ما هي أكثر عشر كلمات تتكرّر على مسمعك يوميًّا بوصفك معلّمة؟

آنسة. الأجانب. العرب. فهمت. الدرس. اللّغة. من هو. كيف. أحبّ.

 

لديك القدرة على التخفّي ليوم واحد، ماذا ستفعلين؟

لو حالفني الحظُّ لأن أتخفّى يومًا، أتخفّى في مكان يعبد فيه الإنسان ربّه، لأفهم ما حدُّ الإنسان في صدقه مع نفسه.

أريدُ أن أعرف شكل الخشوع، كيف يكون الإنسان بلا أقنعة!

 

كيف تردّين على تلميذ يظلّ يطلب منك مزيدًا من الشرح؟

أحبُّ التّجربة، عندما نتحسّس الأشياء نفهمها. وهذا أجملُ ما قد أدرّب تلاميذي عليهِ. على صعيد اللّغة العربيّة، إنّ البحث في التّاريخ والحضارة والأدب يجيب على كلِّ أسئلة الإلحاح المبهمة.

 

ما شخصيّة الرواية أو الفيلم أو المسرحيّة التي تحبينها؟

لا يمكنني أن أظلمَ الجمال بأن أختار شخصيّة حملت فنًّا أيّا كان نوعه، وحوّلته إلى رسالة سامية.

لا أعرف كيف يختار الإنسان بين الأنماط، هل أختارُ مثلًا بين محمود درويش لأنّ قضيّته الأولى فلسطين، وأنا مع كلّ جوارحي يعنيني ألم العراق؟ وبين دافنشي الموناليزا أو لوحة العشاء الأخير ومسرحيّة العبث "في انتظار غودو"؟

أنا أحبّ الرّسالة أيًّا كانت الشخصيّة الّتي تقوم بها.

 

ما هي مواصفات الصفّ الذي ترغبين بتدريسه؟

أحبُّ أن يتكوّن صفّي من قُبّعات ستّ، لأنّ النَّاس على ضروبها تفكّر بواحدة من هذه القبّعات: "العقل. العاطفة. الخيال. الحياد. الأمل. الابتكار".

كلّ طريقة تفكير وسلوك تشكّل حافزًا لي بأن أتحدّى ما هو معترض وما هو مبدع وما هو حياديّ.

 

ما هي أغرب نصيحة سمعتها من زميل عمل؟ ماذا كان الموقف؟

عادةً أختار النّصيحة من الشّخص الأكبر، لا من زميل، فأغرب ما قد نُصحتُ به هو أن أتوقّف عن البحث، أتوقف عن المعرفة لأنّني سأكون تعيسة جدًّا.

المعرفة آلمتني، لكنّها أسعدُ اطمئنان قد أعيشه في الحياة.

 

عندما كنت طالبة في المدرسة، كيف كان يرى المعلّمون جيلكم؟

راهن معلّمونا علينا، وضعوا نِتاج المعرفة والتّجربة والقيم من جيلهم فينا، ودائمًا كانوا يروننا جيلًا حُرًّا.

أريد لهذه الحريّة أن تُفهم بما يعنيه المصطلح حقيقةً.

 

ما عنوان آخر كتاب قرأته؟ وعن ماذا يتحدّث؟

"امرأة عند نقطة الصفر" نوال السّعداوي.

تتحدّث الرواية عن أشكال قهر الرجل للمرأة جسديًّا ونفسيًّا، ذلك من خلال شخصيّة محوريّة هي فردوس، التي امضت حياتها متخبّطة بين شخصيّات مشوّهة ومريضة ومزدوجة المعايير في كلّ ما يخصّ العلاقات الإنسانيّة على كل مستوياتها، لتكون فردوس في النّهاية شخصيّة مريضة مُثيرة للشفقة، في وحدتها وقهرها، آلامها وانفصال روحها عن جسدها، حيرتها وبحثها في العيون عن ضوء تتشبّث بهِ، وفي الظلام وخلف البوابات عن أمانٍ افتقدته. كانت مقاومتها سلبيّة وثورتها اختلط بها الأبيض بالأسود، لتكون ثورتها على النظام الظالم والقهر، الذي تعرضت له، هي ثورة على كلّ ما يربط المرأة بالرَّجل.

 

Tags