حسين الزاوي- معلّم اجتماعيّات- الجزائر
حسين الزاوي- معلّم اجتماعيّات- الجزائر
2021/09/06

كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟ 

تُعدّ المدرسة القاعدة الأساسيّة في تلقّي ونهل مختلف المعارف والمكتسبات، وهي أحد أهمّ الهياكل القاعديّة لأيّ مجتمع من المجتمعات في حاضرنا ومستقبلنا، ولكن لو رجعنا بالزمن للوراء سنجد بأنه لم تكن هناك مدارس بهذا الطابع والأسلوب والشكل بكلّ تأكيد، إذ كانت عبارة عن مجلس بسيط والطلاب يتعلّمون الكثير من الأشياء دون وجود كتب ووسائل تعليميّة أو، على الأقلّ، دون وجودها بالشّكل التي هي عليه اليوم.

كانت المعلومات تؤخذ مباشرة من المعلّم، وإن أراد الطالب تعلُّم شيئًا جديدًا، توجّب عليه البحث عن معلّم جديد، وهو ما كان يُعرف بالرحلات والهجرات العلميّة، لدرجة أنه في بعض المجتمعات قديمًا تجدهم يتدارسون العلم تحت الخيام وأثناء السفر وهم يسيرون بقوافلهم وفوق أظهر الإبل والنوق كما كان يحدث في موريتانيا آنذاك، وكانوا يسمّونها بالمحضرة والجامعة المتنقّلة، وهذا ما ذكره الشاعر الموريتانيّ المختار بن بُونَ الجنكي:

"ونحن ركبُ من الأشراف منتظمُ
أجل ذا الخَلْق قدرًا دونَ أدنانا

ننمي لحمير والأقوامُ شــــاهدةُ
أسلافُنا الغر من آل قحطانا

قد اتخذنا ظهور العيس مدرسةً
بــــها نبينُ دينَ الله تبيانا"

أمّا عن المدارس في وقتنا الحاضر فقد تطوّرت، وأصبح التدريس يتمّ في حجرات مخصّصة ونموذجيّة، كما تم إدراج التعليم عن بُعد، والتعليم الهجين الذي يُمازِج بين التعليم الحضوريّ والتعليم عن بُعد، لكن، وبكلّ صراحة وموضوعيّة، مهما تطوّر نوع التدريس إلّا أنه يبقى التعليم المدرسيّ الحضوريّ هو الأفضل لما له من أثر ومردود وفعاليّة.

 

ما هي أوّل نصيحة تنصح بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟ 

1. لا بدّ على المعلّم الجديد في بداية مشواره التعليميّ التعرّف على البيئة المدرسيّة التي يتواجد ضمنها، كما يجب عليه العمل على معرفة طبيعة وخصوصيّات المتعلّمين، وعلى خصوصيّات المنطقة، ذلك لتأسيس بيئة تعلّم نابعة من محلّيّة المنطقة بين المعلّم والمجتمع المدرسيّ. 

2. التمكّن من التخصّص، وأن يكون مُلمًّا بالمادّة التي يدرّسها.

3. حفظ ومعرفة أسماء التلاميذ ومناداتهم بأسمائهم لما له من أثر إيجابيّ على نفسيّاتهم.

4. الاتسام بالحُلم والصبر والتحكّم بمشاعره مهما كانت الظروف، وألّا يُبالغ بإبداء انفعالاته أمام التلاميذ.

 

ما هو تعريفك للدهشة؟ وكيف وصلت إلى هذا التّعريف؟

الدهشة هي إثارة الانفعال النفسيّ والعقليّ نتيجة الاصطدام بموقفٍ لم تكن مخيّلتنا أو توقّعاتنا مُعتادة عليه، أو نقول عنه الذهول العقليّ.
وقد توصّلت إلى هذا التعريف من خلال مقولات الباحثين والفلاسفة وعلماء النفس، بحيث تعتبر الدهشة أحد دوافع إثارة التساؤلات وطرح الإشكاليّات.

 

ما هي مصادر الإلهام في مسيرتك التعليميّة؟ لماذا؟

هناك عدّة مصادر للإلهام في مسيرتي التعليميّة، أوّلها بعض من أساتذتي الأفاضل الذين درّسوني ثم وجدت نفسي أُدرّس معهم، وثانيها طبيعة عملي كمُعلّم ما جعلني شغوفًا لمحاولة تقديم الأفضل والأحسن والعمل على ممارسة التعليم بأفضل جودة وأسلوب.

 

من هو الطّالب المُتميّز برأيك؟ لماذا؟ 

الطالب المميّز هو ذلك الذي دائمًا ما تجده مولعًا شغوفًا بالدرس، ويتفاعل مع كل الإشكاليّات والتساؤلات المطروحة في الدرس وفي أغلب المواد، ويثير النشاط والحيويّة في الصفّ، ويوظّف معلومات من مكتسباته القبليّة ويسأل عن جزئيّات دقيقة وتفاصيل لا تجذب انتباه أحد، وفي بعض الأحيان يستحضر معلومات جديدة لم تعد موجودة في المقرّر الدراسيّ لكنَّها تصبُّ في صالح الدرس.

 

حسب معاييرك، كيف تصف المُعلّم المُلهم؟  

المعلّم الملهم هو الذي يعمل على احتواء التلاميذ، ويجعل منهم أعضاء فاعلين في المدرسة، من خلال التأثير فيهم أسلوبًا وسلوكًا وأداءً. والمعلّم الملهم يهتمّ بتلاميذه، فتجده من حين لآخر يناصحهم ويرشدهم ويعمل على توعيتهم وإثارتهم ويبعث فيهم روح التطلّعات والرؤى المستقبليّة، بما يتمازج وقول الفيلسوف اليونانيّ سقراط: "التعليم هو إيقاد شعلة وليس ملئ وعاء".

 

ما هو الموقف الذي تندم عليه في مسيرتك التعليميّة؟

الحكم المُسبق على سلوكيّات وتصرفات بعض التلاميذ دون معرفة خصوصيّاتهم وذهنيّاتهم وبيئاتهم الاجتماعيّة، باعتبار أنّ التلاميذ لديهم فروقات فرديّة (معرفيّة - اجتماعيّة - نفسيّة).

 

برأيك، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟

العلاقة بين الإدارة والمعلّم هي علاقة تكامليّة تناسقيّة، للحفاظ على سيرورة النشاط والعمل والنظام المدرسيّ ما يُعزّز العمل على خلق وتوفير الجوّ المناسب الذي يُمكّن الإدارة والمعلّمين والتلاميذ من العمل والدراسة في أفضل الأحوال، أضف إلى ذلك أنّ كلّ هذا يجعل المعلّم مُبادرًا من تلقاء نفسه عبر تقديمه كلّ ما لديه من معارف ومهارات وخدمات تصبّ في صالح المدرسة وبالخصوص التلاميذ، لكن لو كانت العلاقة عكس ذلك فإنها ستؤثّر عليهم سلبًا.

 

ما الذي تُريد أن تمحوهُ من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟

1. إلغاء أسلوب القراءة المباشرة والمتكرّرة التي قد تُسبِّب مللًا لدى المتعلّمين.

2. الكتاب المدرسيّ الذي يحتوي على الحلول الجاهزة، والتي تجعل التلميذ يعتمد عليها في حلول مسائله وواجباته.

3. عدم استعمال السياق الذي لا يتلاءم وبيئة التلاميذ.

 

ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليك وعلى تجربتك في الحياة؟  

كتاب "رسالة إلى ولدي" لمؤلّفه أحمد أمين. الكتاب عبارة عن مجموعة من الرسائل، تحوي في طيّاتها نصائح جمّة وحكم بليغة وواقع معاش، ينصح فيها أب ابنه الذي يدرس في المهجر، ويحدّثه فيها عن اختلاف أساليب العيش والحياة والفرق بين جيل الأب الماضي، وجيل الابن الحاضر.